وأشارت الصحيفة إلى أن التوتر بلغ ذروته هذا الأسبوع، بعدما أوقفت شركة “أمازون” مهندس البرمجيات أحمد شحرور عن العمل، عقب مطالبته العلنية بإنهاء عقود الشركة مع الحكومة الإسرائيلية.

وكان شحرور، موظف فلسطيني، قد نشر رسائل داخلية دعا فيها إلى قطع العلاقات مع “إسرائيل”، ما أدى إلى تعطيل حساباته داخلية في الشركة وإيقافه عن العمل، بحسب ما نقلته الصحيفة.

وقال المتحدث باسم الشركة “أمازون”، إنّه “لا تتسامح مع التمييز أو التحرش أو أي سلوك تهديدي”، مشيراً إلى أن الشركة تحقق في هذه الحالات وتتخذ ما تراه مناسباً من إجراءات.

وفي سياقٍ مُنفصل، اعتُقل موظفون في “مايكروسوفت” و”غوغل” مؤخراً خلال احتجاجات نُظمت داخل مقار هذه الشركات، اعتراضاً على التعاون التكنولوجي مع المؤسسة العسكرية والحكومية لكيان الاحتلال.

وكان عدد من موظفي “غوغل” قد أبدوا رفضهم لاتفاقية إعلانية مع الاحتلال، فيما تستمر “مايكروسوفت” بتقديم خدماتها في مجالات البرمجيات والحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي لوزارة الأمن الإسرائيلية.

وبحسب الصحيفة، يرى بعض الموظفين أن استمرار هذه العقود يجعلهم شركاء بشكل غير مباشر في السياسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين، وخاصة في ظل ما يشهده قطاع غزة من عدوان مستمر.

في المقابل، تتمسك الشركات بتنفيذ التزاماتها التعاقدية، وتواجه الاحتجاجات الداخلية بإجراءات تأديبية وصلت في بعض الحالات إلى فصل الموظفين واستدعاء الشرطة.

وأفادت الصحيفة في وقت سابق من هذا العام أن موظفي “غوغل” سارعوا إلى توفير المزيد من أدوات الذكاء الاصطناعي لـ “الجيش” الإسرائيلي في الأسابيع التي تلت عملية طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.

يتواصل الاستياء داخل كبرى شركات التكنولوجيا الأميركية، مع كشف وثائق جديدة وتسليط الضوء على احتجاجات موظفين يعارضون التعاون مع الحكومة الإسرائيلية في ظل الحرب المتواصلة على قطاع غزة.

بحسب ما أفادت “واشنطن بوست”، اطّلع موظفو “غوغل” هذا الشهر على وثيقة حكومية إسرائيلية نُشرت في حزيران/يونيو، تتضمن تفاصيل إنفاق إعلاني بقيمة 45 مليون دولار عبر منصة الشركة.

وقد نقل موقع “Drop Site News” هذه الوثيقة لأول مرة.

وعلّق متحدث باسم “غوغل” بالقول، إن الحكومة الإسرائيلية تُعلن على “يوتيوب”، لكن الوثيقة “ليست اتفاقية مباشرة بين الطرفين”.

وفي سياق متصل، أصدرت مجموعة “لا للتكنولوجيا من أجل الفصل العنصري” والتي تضم موظفين حاليين وسابقين في “غوغل” و”أمازون”، بيانًا، رفضت فيه ما وصفته بـ”تواطؤ شركاتهم في الإبادة الجماعية”، مطالبة بإنهاء جميع العقود مع الحكومة الإسرائيلية، سواء القديمة منها أو الجديدة.

وكانت “غوغل” قد فصلت أكثر من 50 موظفاً العام الماضي على خلفية مشاركتهم في احتجاجات نظّمتها المجموعة داخل مكاتب الشركة.

أما في “مايكروسوفت”، فقد تطرّق رئيس الشركة براد سميث خلال اجتماع عُقد يوم الخميس إلى واقعة اعتقال متظاهرين في مقر الشركة، من بينهم موظفون طالبوا بإنهاء عقد الحوسبة السحابية مع الاحتلال، وقد أُقيل بعضهم لاحقاً.

وأقرّ سميث، وفق ما نقلته الصحيفة، بوجود مخاوف من إمكانية استخدام الاحتلال أدوات “مايكروسوفت” في مراقبة الفلسطينيين، لافتاً إلى أن الشركة اطّلعت على معلومات جديدة بعد تقرير نشرته “الغارديان” في آب/أغسطس، كشف استخدام “الجيش” الإسرائيلي لخدمة “Azure” لتخزين مكالمات هاتفية فلسطينية سُجّلت سراً.

وقال سميث: “لا نسمح باستخدام خدماتنا للمراقبة الجماعية للمدنيين”، وأكد أن الشركة تعاقدت مع مكتب محاماة للتحقيق في هذه المزاعم، كما ستعزز آليات الإبلاغ عن المخاوف المتعلقة بحقوق الإنسان.

ورغم إقراره بأهمية طرح هذه القضايا، شدّد سميث على أن “فصل الموظفين الذين يشغلون المكاتب أمر منطقي”، مشيراً إلى أن العاملين يدركون ذلك.

وفي نيسان/أبريل 2024، أُلقي القبض على تسعة موظفين في شركة “غوغل” خلال اعتصام نظّمته حركة “لا للتكنولوجيا من أجل الفصل العنصري” داخل أحد مكاتب الشركة في نيويورك، وهو تحرّك تبعته موجة من قرارات الفصل.

ولا تزال دعوى قضائية قائمة رفعها بعض الموظفين المفصولين، يتهمون فيها “غوغل” بالانتقام منهم بشكل غير قانوني.من جهتها، قالت المتحدثة باسم “غوغل”، كورتيناي مينسيني، إن الشركة كانت “واضحة للغاية” بشأن قواعد استخدام التكنولوجيا الخاصة بها، والتي تشمل عقد “نيمبوس” مع حكومة الاحتلال.

وفيما يتعلق بالاعتصام، أضافت أن الموظفين المتورطين “جعلوا زملاءهم يشعرون بالتهديد وعدم الأمان”، معتبرة سلوكهم “غير مقبول”، ومؤكدة أن الشركة “متمسكة بقرار فصلهم”.

وفي شركة “مايكروسوفت”، قال الرئيس براد سميث خلال اجتماع للشركة الأسبوع الماضي، إن الشرطة اعتقلت 20 شخصاً في احتجاج نُظّم في آب/أغسطس، داخل المقر الرئيسي للشركة في مدينة ريدموند بولاية واشنطن.

ونشرت مجموعة “لا للتكنولوجيا من أجل الفصل العنصري” مشاهد تُظهر عملية الاعتقال ونصب خيام داخل المقر. كما وجهت رسالة إلى سميث والرئيس التنفيذي ساتيا ناديلا، تتهم فيها الشركة بـ”التحريض على الإبادة الجماعية والتجويع”، متعهدة بمواصلة التحركات الاحتجاجية.

وأوضح سميث أن سبعة متظاهرين تحصّنوا في مكتبه بعد تلك الحادثة، وقاموا ببث مباشر على الإنترنت، تم خلاله توثيق لحظة تدخل الشرطة واعتقالهم، وبينهم موظفان في “مايكروسوفت”.

أما داخل “أمازون”، فكان رد فعل الموظفين على علاقات الشركة بـ”إسرائيل” أقل وضوحاً، ويُعزى ذلك جزئياً إلى التوتر القائم بين مجموعة موارد الموظفين العرب وبعض الموظفين المؤيدين لها.

وذكر موظفان في “أمازون” أن قناة التواصل الخاصة بالمجموعة العربية على تطبيق “سلاك” اختفت مؤقتاً خلال الصيف، بعدما أخفاها موظف مقيم في “إسرائيل” عمداً.وقال المهندس أحمد شحرور، الذي أُوقف عن العمل، إن هذه الحادثة دفعته إلى نشر رسالته الاحتجاجية داخل الشركة، ما أثار تفاعلًا واسعًا تراوح بين الدعم والنقد قبل أن يتم تعطيل حساباته.

وفيما كان شحرور يوزّع منشورات أمام مقر “أمازون” في سياتل، أشار إلى أن بعض الموظفين تواصلوا معه لمناقشة آرائه. كما أفاد موظف في الشركة بأنه تم إلغاء فعالية كان من المقرر تنظيمها لدعم الفلسطينيين في اللحظة الأخيرة.

وقال الموظف إنه تلقى تحذيراً رسمياً بعد نشره مقالاً على “سلاك” من شبكة “سي إن إن” عن أطباء متطوعين في غزة دعوا إلى وقف إطلاق النار، موضحاً أن إدارة الموارد البشرية أخطرته بأن التحذير سُجّل في ملفه الدائم.

وأضاف: “منذ ذلك الحين، أصبحت أكثر حذراً في التعبير، كما أصبح زملائي أكثر تحفظاً في الكتابة أو التعليق”.

وفي هذا السياق، قال شحرور إن قدرة الموظفين العرب على مناقشة الحرب في غزة باتت مقيّدة، وأن أي منشور يتعلق بفلسطين قد يؤدي إلى الإبلاغ والتحقيق.

وكشف أنه كان من بين الذين تم اعتقالهم في احتجاجات “مايكروسوفت” في آب/أغسطس، معبّراً عن أمله في أن تُلهم تحركاته زملاءه داخل “أمازون” لخلق “مقاومة محلية” مشابهة لتلك التي ظهرت في “مايكروسوفت”.