المعلّمون ومدرسة 2026: كيف يتحوّل الذكاء الاصطناعي إلى فرصة؟

المعلّمون ومدرسة 2026: كيف يتحوّل الذكاء الاصطناعي إلى فرصة؟

 

Telegram

لم يعد الحديث عن الذكاء الاصطناعي في التعليم مجرّد ترفٍ أو رفاهية تقنية، بل أصبح واقعاً يفرض نفسه في الصفوف العربية والعالمية.
 
في زمن تتسارع فيه الابتكارات الرقمية وتتشابك التحديات الاقتصادية والتربوية، يجد المعلّم نفسه أمام سؤال وجودي: كيف يمكن أن يصمد، ويستمر في أداء رسالته، ويحوّل التكنولوجيا إلى فرصة بدل أن تكون تهديداً؟
 
حاورنا المستشارة التربوية، ومؤسسة أكاديمية MOT، لتمكين المعلّمين من خلال الذكاء الاصطناعي ومهارات القرن الحادي والعشرين تهاني ياسين، وكذلك المعالجة النفسية نايلة عاكوري، لمقاربة كيفية مواجهة هذا التحوّل، تربوياً ونفسياً.
 
ترى ياسين أنّ دمج الذكاء الاصطناعي في التعليم بشكل فعّال ومستدام يتطلّب رؤية شاملة تبدأ من بناء الوعي الرقمي لدى المعلمين والإداريين، وتمرّ بتوفير بنية تحتية مناسبة، وصولًا إلى إدماج الأدوات الذكية ضمن الاستراتيجيات التربوية اليومية.
 
وتوضح أنّ “الفعالية تأتي من ربط استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي بأهداف التعلم، مثل استخدام تحليل البيانات لتتبع تقدم الطالب، أو توليد محتوى تعليمي مخصص حسب قدرات المتعلم. أما الاستدامة، فتُبنى على التمكين التدريجي للمعلمين، وتطوير سياسات تعليمية وطنية تدعم الابتكار وتوفّر الموارد المناسبة، خصوصاً في ظل الظروف الاقتصادية والتربوية الصعبة في لبنان”.
 
لإشراك المعلمين والطلاب معاً، تنصح ياسين بالاعتماد على أدوات ذكية تركز على التفاعل:
 
– أدوات توليد المحتوى التفاعلي مثل Canva، Nearpod، Gamma.app، Eduaide، MagicschoolAI.
 
– منصات المحادثة التوليدية مثل ChatGPT، DeepSeek، Gemini، Copilot، Poe.
 
– أدوات حلّ المسائل والتصوّر البياني مثل Desmos وPhotomath في الرياضيات، وKENHUB في الأحياء، وPhET Colorado في الفيزياء والعلوم، وChemCollective في الكيمياء.
 
أما على مستوى الاستراتيجيات، فتشدّد على اعتماد نماذج التعلّم النشط (كالـ5E Model) والدمج التشاركي الذي يجعل من المعلم والطالب شريكين في استكشاف الأداة ومناقشة نتائجها.
 
تؤكد ياسين أنّ المعلّم في لبنان يواجه سلسلة تحديات حقيقية، أبرزها:
 
– نقص التدريب المهني المستمر على أدوات الذكاء الاصطناعي.
 
– ضعف البنية التحتية الرقمية في المدارس.
 
– القلق من فقدان الدور التربوي أو استبداله بالتكنولوجيا.
 
– غياب السياسات التربوية الداعمة.
 
وهنا تتقاطع النظرة النفسية مع التربوية، إذ تشير المعالجة النفسية نايلة عاكوري إلى أنّ “المعلّم ليس مضطراً إلى النظر للتطوّر بسلبية أو خوف. عليه أن يتذكّر أنّ طلب الدعم عند الحاجة ليس ضعفاً، بل جزء أساسي من الحل”.
 
وتضيف عاكوري: “الكثير من المعلّمين الذين تخرّجوا قبل عشرين أو ثلاثين عاماً يعيشون شعوراً بالتهديد أمام تسارع التطوّر الرقمي، فيظنّون أن خبرتهم الطويلة لم تعد كافية. لكن هذا الاعتقاد غير صحيح.
 
وترى أنّ الحلّ لا يقتصر على تطوير المهارات التقنية فقط، بل يتطلّب أيضاً بناء مرونة نفسية تمكّن المعلّم من التكيّف مع التغيير بدل اعتباره تهديداً شخصياً. “من الطبيعي أن يشعر المعلّم بالقلق أو حتى بالإرباك، لكن الأهم هو تحويل هذا القلق إلى دافع للتعلّم. لذلك، يجب أن نوفّر للمعلمين مساحات حوار آمنة، ودعماً نفسياً متخصّصاً يساعدهم على التعبير عن مخاوفهم ومواجهتها بوعي”.
 
في السياق نفسه، تشدد ياسين على أنّ على المعلّم أن يتطوّر ليصبح قائداً في التعلّم الرقمي لا مجرّد ناقل للمعلومة، ما يستلزم:
 
مهارات التفكير النقدي تجاه استخدام التكنولوجيا.
 
– مهارات تحليل البيانات التربوية لتخصيص التعليم.
 
– المعرفة بأساسيات الأمان الرقمي وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي.
 
– مهارات الإبداع في تصميم الأنشطة التفاعلية المستندة إلى الذكاء الاصطناعي.
 
وتتفق كل من ياسين وعاكوري على أنّ المعلّم في لبنان لا يُفترض أن يخشى الذكاء الاصطناعي، بل أن يقوده ويوظّفه لخدمة رسالته. فالتغيير حتمي، لكن طريقة استقبالنا له هي ما يحدّد نتائجه.
 
تنصح ياسين: “ابدأوا بخطوات بسيطة، اختاروا أداة واحدة تناسب صفوفكم، جرّبوها، وشاركوا تجربتكم مع زملائكم. المستقبل الرقمي لن ينتظر أحداً”.
 
في حين تضيف عاكوري: “وازِنوا بين تطوير معارفكم الرقمية والاهتمام بسلامتكم النفسية. لا تسمحوا للخوف أن يشلّكم، بل حوّلوه إلى فرصة للنمو”.
 
سألنا الذكاء الاصطناعي: كيف يصمد المعلّم في 2025؟ فكانت الإجابة:
 
“أنا أرى أنّ الذكاء الاصطناعي ليس تهديداً للمعلم البشري إذا استُخدم بالشكل الصحيح. فهو أداة قوية لتسهيل العمل التربوي، لكن لا يمكنه أبداً أن يحل محل العلاقة الإنسانية، أو القدرة على تحفيز الطلاب، أو قراءة المشاعر، أو التكيّف الفوري مع مواقف الصف المتغيرة.
 
برأيي، على المعلم أن يرى الذكاء الاصطناعي كشريك تكميلي وليس منافساً:
 
يمكن أن يساعد في إعداد المحتوى، توليد الأفكار، وتصميم أنشطة تفاعلية.
 
يمكن أن يوفّر وقت المعلم ليتركز على توجيه الطلاب، بناء مهارات التفكير النقدي لديهم، وتقديم الدعم النفسي والعاطفي.
 
يتيح متابعة تقدم الطلاب وتحليل البيانات، ما يساعد على تخصيص التعليم بشكل أفضل.
 
نصيحتي للمعلمين (الذكاء الاصطناعي): “لا تنظروا إلى الذكاء الاصطناعي على أنه تهديد، بل كفرصة لإعادة ابتكار أسلوبكم التعليمي.
 
– احرصوا على أن تكونوا دائماً المتحكمين بالتكنولوجيا، لا العكس.
 
– استخدموا الأدوات الرقمية لتسهيل المهام الروتينية، لتوفير الوقت للتفاعل الإنساني مع الطلاب، ولابتكار أنشطة تجعل التعلم ممتعاً وذا معنى.
 
تجعل التعلم ممتعاً وذا معنى.
 
تذكروا أن قيمتكم الحقيقية تكمن في قدرتكم على الإلهام، الإرشاد، وتحفيز الفضول، وهي مهارات لا يستطيع أي برنامج تقني أن يحل محلها”.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram