نتنياهو ونبوءة "حارس الأسوار

نتنياهو ونبوءة

 

Telegram

لم يكن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، زعيم حزب الليكود، ولا إيتمار بن غفير وزير الأمن القومي، ولا وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، هم فقط الذين صرحوا بنوايا إسرائيل في ضم أراضٍ عربية؛ تلبية لنداء التوراة، ولن يكونوا آخر من يتمسك بهذه المزاعم الصهيو-دينية، ما دامت الأسس الدينية لقيام دولة إسرائيل تحظى بإجماع معظم اليهود، خاصة يهود إسرائيل، إذا استثنينا يهود الشتات في العالم ممن هم ضد الصهيونية أساسا، ورفضوا الهجرة أو التهجير لإسرائيل.
 
 
ذلك أن الخلفية الدينية لـ"مملكة إسرائيل الكبرى"، أو "أرض الميعاد"، أو "أرض كعنان"، وهي تسميات لمخطط صهيوني لاستيطان منطقة الشرق الأوسط، كانت واضحة من خلال تصريحات زعماء إسرائيل العسكريين والسياسيين منذ حرب 1967، بل ومن قبل ذلك بعقود، حتى إننا نجد هذه الخلفيات مبثوثة في تصريحات زعماء الصهيونية منذ مؤتمرها الأول، وهي ذات الخلفيات التي شكلت مرجعية لـ"صفقة القرن"، أو ما تسمّيه الإدارة الأميركية، وكذلك الإسرائيلية "الشرق الأوسط الجديد".
 
ويتذكر العالم خطاب نتنياهو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 27 سبتمبر/أيلول 2024، حين عرض خريطة لُونت باللون الأخضر لما يسمّيه "الشرق الأوسط الجديد"، والذي يضم منطقة عربية تمتد من الخليج إلى مصر، وطبعا لم يكن معظم العالم يدري أن تلك الخريطة ليست خريطة السلام في المنطقة، ولا خريطة التطبيع الأبراهامي، الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية، في سياق تبييض صورة الكيان المغتصب والموسوم بإبادة الشعب الفلسطيني في المحكمة الجنائية الدولية، بل خريطة إسرائيل الكبرى.
 
 
وهو ما كشفته بوضوح تصريحات نتنياهو الأخيرة حول إسرائيل الكبرى للقناة الإسرائيلية "i24News"، حيث عبر بصريح العبارة عن رغبته في تحقيق حلم ورؤية إسرائيل الكبرى، معتبرا نفسه في مهمة تاريخية وروحية.
ولذلك فقيام إسرائيل وحروبها في المنطقة يتخذان في المخيال الإسرائيلي أبعادا دينية مقدسة، حيث مفاهيم أرض الميعاد- مملكة إسرائيل- شعب الله المختار- هيكل سليمان- عودة المسيح المنتظر… إلخ، مفاهيم مؤسسة للسردية الدينية- الصهيونية لإسرائيل.
 
القتل المقدس من أجل أرض الميعاد
 
لا يخفي معظم اليهود إيمانهم بأن أرض كنعان، وهي فلسطين التاريخية، منذ ما قبل العصر الروماني، هي أرض بني إسرائيل التي وعدها الله النبي إبراهيم وذريته من إسحاق ويعقوب، وهو ما يشكل التبرير الأيديولوجي والديني لقيام إسرائيل على أرض فلسطين في حدود 1948، ولحروبها الاستيطانية في 1956-1967-1973… إلخ، والتي ما تزال مستمرة في الزمان والمكان، بما في ذلك الحروب الاستيطانية على لبنان، وسوريا، وكذلك إيران.
 
حيث إن تبرير الحكومات الإسرائيلية لهذه الحروب، هو التبرير نفسه الذي ساقه الصهاينة عند تأسيس الدولة، على أرض يملكها شعب تاريخي، بدعوى أنها "أرض بلا شعب"، ما دام أن هذه الأرض كانت منذ البداية هدية وهبة من الله لليهود: شعب الله المختار.
 
 
حسب سفر التكوين، (الإصحاح 12:7): " لنَسلك أُعطي هذه الأرض"، وحسب سفر الخروج (الإصحاح 6:8): "وأدخلكم إلى الأرض التي رفعت يدي أن أعطيها لإبراهيم وإسحاق ويعقوب".
 
وبناء على هذه النصوص يعتبر اليهود أرض فلسطين التاريخية، والتي تضم أجزاء من العراق، وسوريا، ولبنان، والأردن ومصر، حقا شرعيا لإسرائيل، وهو حق لا يتقادم، ولا يقبل المساس به، باعتباره أقدس المقدسات.
 
من هذا المنطلق، أطلق جيش الاحتلال على أكبر عملياته العسكرية على أرض فلسطين في أكتوبر/تشرين الأول 1948 اسم "يوآف"؛ أي " يوآف بن صرويا"، وهو قائد جيش داود الموصوف في الكتابات الصهيونية بالشجاعة غير المسبوقة والتضحية من أجل أرض الميعاد.
 
 
فيما شكلت حرب "يوشع بن نون" التوراتية مرجعية رمزية لصعود اليمين المتطرف بزعامة بنيامين نتنياهو، ذلك أن هذا الأخير يشبه نفسه بالقائد يوشع الذي خلف النبي موسى في قيادة بني إسرائيل، وقادهم لدخول "أرض الميعاد" بعد أربعين سنة من التيه، الذي جاء عقوبة من الله على عصيانهم أمره بدخول الأرض المقدسة مباشرة بعد خروجهم من مصر، ولذلك تاهوا في الصحراء، وقضى معظمهم نحبه، إلى أن جاء هذا القائد ليقود الجيل الجديد المؤمن حقا، وهو ما يسمى بقصة الفتح في سفر "يشوع" التوراتية، حيث أمرهم الله بغزو فلسطين وإبادة سكانها.
 
على هذا الأساس التوراتي المرجعي سمّت إسرائيل حروب الاحتلال لأرض فلسطين- بالإحالة المرجعية على سفر "يشوع" في الكتاب المقدس- حروبَ "يشوع" الجديدة لشحن همم وعزائم اليهود الإسرائيليين وشحذ الذاكرة التاريخية من أجل تبرير كل البشاعة التي تقترفها في حملاتها العسكرية، بوصفها ليست سوى مجرد استمرار واستكمال لمهمة يوشع بن نون المقدسة ضد الكنعانيين، بل بوصف اليهود "الورثة الأصليين والشرعيين" للأراضي المقدسة.
 
 
ولذلك، ليس عبثا أن تشكل أسماء واستعارات حروب إسرائيل على غزة، ولبنان، وسوريا، وإيران، نماذج مستوحاة من التوراة بشكل حرفي مثل: "عملية السور الواقي "، وهو اسم عملية اجتياح غزة 2002، وهو مستوحى من "هذا السور لنا"، كما جاء في " سفر نشيد الإنشاد، (الإصحاح 8:9)، فيما حملت العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة لسنة 2004، اسم "قوس قزح"، الذي يستدعي لدى الإسرائيليين قصة قوس النبي نوح في التوراة للتبشير بالولادة الجديدة
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram