الوطن... بين وعظ المنابر وجرح الذاكرة

الوطن... بين وعظ المنابر وجرح الذاكرة

 

Telegram

الوطن ليس خطبة عابرة ولا صلاة على نية الغفران السياسي. الوطن ذاكرة، والذاكرة لا تُنسى لمجرد أن أحدهم قرّر أن يعتلي منبرًا ليرتدي قناع التوبة. في لبنان، ما زال الجرح مفتوحًا، ليس لأننا نهوى الألم، بل لأن من زرع الخنجر ما زال يُلقي علينا المواعظ.
حين يقف رجل دين أو زعيم سياسي على المنبر ليرسم حدود الوطنية، دون أن يخلع عن صوته رائحة المجازر القديمة، فإن في الذاكرة من الدم ما يكفي ليغرق كل تلك الكلمات بالماء البارد.
وسمير جعجع، مقال كما وصفه المفتي قبلان، هو ليس صفحة بيضاء، بل بمفهوم اللبنانيين على تنوعهم يمثل تاريخ من الطعن، لا يمكن شطبه ببضع عبارات عن التوبة والتعايش. فـ"الذئب لا يتوب"، قالها الإمام علي، لأنها ليست مسألة كلام، بل مسألة جلد
فالشيعة، كما قال المفتي، ليسوا "هويّة طائفية"، بل مشروع أخلاقي تاريخي. صورة من صور المحبة التي بشر بها المسيح، وجهاد الحق الذي نادى به النبي محمد، وهذا ما لا يمكن أن يفهمه من لم يذق طعم الشهادة أو مرارة الحصار أو لذة الانتصار النظيف.
الوطن ليس بيانًا انتخابيًا، ولا منبرًا يُستغل للمزايدة. الوطن لا يغفر حتى يُعترف بالذنب. فالمصالحة الحقيقية لا تبدأ من التصريحات بل من تغيير المسار، من خلع "جلد الذئب" لا تلميعه.
 في وطن جُبل ترابه بدماء الشهداء، لا مكان لمَن يحاضر في الأخلاق ويداه لم تُطهّرا بعد من أثر الخيانة. فإما أن يكون المنبر صدى لضمير نقي، أو ليصمت... لأن الذاكرة لا تنام، وإن نام الوطن قليلًا.
 
 
بقلم : د . محمد هاني هزيمة محلل سياسي وخبير استراتيجي.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram