كتب إسماعيل النجار،،
لبنان بين رياح التغيير وصمود المقاومة: مشهد سياسي مأزوم ومعركة مفتوحة
.تعيش الساحة اللبنانية اليوم على وقع تحولات دراماتيكية، لم تترك مجالاً للعودة إلى الوراء. رياح التغيير التي عصفت بالبلاد لم تمسّ فقط البنية السياسية التقليدية، بل امتدت إلى قلب التحالفات التي صمدت لسنوات، لتكشف هشاشة الولاءات ومحدودية القيم التي حكمت علاقة كثير من القوى بـ "حزب الله" والمقاومة.
نبدأ بارتداد الحلفاء نحو المال السياسي!
فلم يكن مستغرباً أن يتبدّد رصيد الثقة بين "حزب الله" وبعض حلفائه السنّة الذين طالما استفادوا من دعم المقاومة سياسياً ومادياً. أسماء مثل أسامة سعد، وفيصل كرامي، ومصطفى حمدان وغيرهم، وجدوا أنفسهم مؤخراً تحت عباءة المال السعودي، حيث اجتمعوا في دارة آل كرامي في الضنية رافضين بقاء سلاح المقاومة!. بهذا الموقف، وجّه هؤلاء رسالة خطيرة إلى فلسطين عموماً، وغزة خصوصاً، مضمونها أن أي قوة تقف إلى جانب القضية الفلسطينية ستُحاصر وتُحارب وتُجرد من سلاحها. المفارقة أن من ارتدّوا اليوم على المقاومة، لم يكونوا أوفياء معها حتى بقدر ما قبضوا منها من دعم مادي لمؤسساتهم وحركاتهم، فإذا بهم يبيعون الموقف بثمن بخس مقابل الدولار النفطي. ما يؤكد فعلاً أن المقاومة الإسلامية في لبنان دفعت وحدها ثمن وفائها لفلسطين ،وقد يكون "حزب الله" اليوم يسدد ضريبة التزامه العقائدي والسياسي تجاه فلسطين وغزة، لكن التجارب تؤكد أن هذا الحزب لم يُبْنَ على المساومات، بل على التضحيات. فهو ماضٍ في قراره التاريخي بعدم التخلي عن سلاحه أو شرفه، مهما كان الثمن ومهما تعددت الضغوط. لقد تحوّل إلى ما يشبه خط الدفاع الأخير عن كرامة المنطقة في مواجهة إسرائيل، وعن فلسطين في زمن الخذلان العربي.
من هنا بدأ الاستعداد العسكري للحزب مجدداً والجهوزية الأمنية العالية التأهب، فعلى الصعيد الأمني والعسكري، يدرك "حزب الله" أن المرحلة المقبلة ستشهد مزيداً من الاستهدافات، سواء عبر إسرائيل التي تتربص بالجبهة الجنوبية، أو عبر حملات داخلية تسعى لتجريده من سلاحه. ومع ذلك، تؤكد قياداته أن المقاومة اليوم أكثر استعداداً من أي وقت مضى لخوض المواجهة، وأن أي مغامرة عسكرية إسرائيلية ستُواجَه بصلابة ميدانية غير مسبوقة.
أما ورقة "توم براك" التي روّج لها البعض كوسيلة لتقييد المقاومة ونزع سلاحها، فقد باتت خاوية من أي مضمون حقيقي، بعدما فشلت محاولات إخضاعها أو محاصرتها سياسياً وأمنياً.
لذلك إن ارتداد الحلفاء في هذا الوقت بالذات اعتبرته المقاومة طعنه في ظهرها وأن موعد الحساب ليس ببعيد.
فإن الذين انقلبوا على المقاومة اليوم، متذرعين بالمصالح السياسية والضغوط الخارجية، سيجدون أنفسهم غداً في موقع الندم. سيأتي اليوم الذي يعودون فيه زحفاً على بطونهم متوسلين السماح من حزب الله، بعدما يتبين لهم أن رهانهم على المال والسلطة كان مقامرة خاسرة، وأن المقاومة وحدها هي التي تمتلك القدرة على حماية لبنان وردع إسرائيل،
في المحصلة، لبنان يعيش لحظة سياسية وأمنية دقيقة، حيث تنكشف التحالفات الزائفة وتظهر المعادن الحقيقية للقوى. وفي حين ينجرف البعض وراء بريق الدولار والمصالح، يثبت "حزب الله" أنه الرقم الصعب الذي لا يمكن تجاوزه، وأنه مستعد للقتال على الجبهات كافة، دفاعاً عن شرف المقاومة وحق فلسطين، مهما كانت التكلفة.
أما إسرائيل، التي اعتادت الرهان على تصدعات الداخل اللبناني، فلن تنال من هذه المقاومة التي خرجت من كل اختبار أقوى وأرسخ. ولبنان، برغم أزماته، لا يزال يملك في سلاح المقاومة ضمانة وجوده وحصانته في وجه العدو والمتآمرين معاً.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram
نسخ الرابط :