خبير نووي: العالم في خطر أعظم من أزمة الصواريخ الكوبية
حذر المؤرخ والخبير النووي الأوكراني سيرهي بلوخي من أن العالم اليوم يواجه خطرا نوويا أعظم من أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962، مستندا في ذلك إلى التطورات العسكرية والسياسية الحالية، وارتفاع عدد الدول النووية، وتغير طبيعة الصراعات الدولية.
وذكر بلوخي، وهو أستاذ لتاريخ أوكرانيا بجامعة هارفارد، أن التحليلات تشير إلى أن التهديد اليوم لم يعد محصورا في الثنائية القطبية بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، كما كان الحال خلال الحرب الباردة، بل أصبح متعدد الأطراف ومتفرع المخاطر.
فقد توسعت دائرة القوى النووية، يوضح بلوخي، لتشمل دولا جديدة مثل الصين، الهند، باكستان، إسرائيل، وكوريا الشمالية، في حين أن دولا أخرى تسعى لتطوير قدراتها النووية، مما يزيد من احتمالات سوء التقدير أو الاستخدام غير المقصود للأسلحة النووية.
خطر استرضاء بوتين
وأضاف أن دور أوكرانيا يبرز كعامل مباشر في ارتفاع خطر التصعيد. فالحرب القائمة هناك جعلت من التهديد النووي الروسي أداة سياسية للردع، حيث لوح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرارا باستخدام الترسانة النووية إن تدخل حلف الناتو، مما دفع الغرب إلى الحذر وتجنب التدخل الكامل، وهو ما وصفه بلوخي بأنه استرضاء كلاسيكي يزيد من احتمالات تصعيد الحرب بدل احتوائها.
ومما ساهم في تعميق الخطر، وفقا لبلوخي، هو تآكل منظومة الردع التقليدي. فبعد انهيار اتفاقيات الحد من الأسلحة النووية مثل "معاهدة القوات النووية متوسطة المدى"، وانحسار تأثير معاهدة ستارت الجديدة، فقدت القوى الكبرى قنوات شفافة للرقابة والتنسيق، مما أضعف السيطرة على الترسانات النووية.
كذلك، تقليص التكنولوجيا الحديثة، بما فيها الذكاء الاصطناعي والأسلحة فائقة السرعة، والوقت المتاح لاتخاذ القرار، مما يزيد من احتمال الأخطاء البشرية أو التقنية التي قد تؤدي إلى مواجهة نووية.
دروس التاريخ
من ناحية أخرى، يرى بلوخي أن دروس التاريخ تلعب دورا أساسيا في فهم الأزمة الحالية. فالاتفاقيات التي أجبرت أوكرانيا على التخلي عن ترسانتها النووية في مذكرة بودابست عام 1994، رغم أنها اعتبرت نجاحا في مجال عدم الانتشار النووي، خلقت فراغا أمنيا شجّع روسيا على الغزو بعد 28 عاما، وأثبتت أن التنازل عن السلاح النووي بدون ضمانات فعالة يمثل تهديدا حقيقيا للسيادة.
إعلان
كما يشير بلوخي إلى أن تراجع الثقافة الدبلوماسية وضبط النفس في إدارة الأزمات النووية يزيد من الخطورة، خاصة مع انتشار الخطاب الإعلامي العدواني وإظهار السلاح النووي كجزء من السياسة اليومية.
سيرهي بلوخي: الحاجة اليوم ملحة لإعادة بناء قنوات الاتصال والتفاهم بين القوى النووية
بالإضافة إلى ذلك، فقد أصبح الحديث عن امتلاك السلاح النووي أمرا طبيعيا، مما يقلل من الحواجز النفسية والأخلاقية أمام استخدامه.
ويخلص بلوخي إلى أن كل هذه العوامل تجعل العالم اليوم أكثر عرضة للكارثة النووية من أي وقت مضى.
ويؤكد أن الحل يعتمد على توحيد الغرب وتفعيل الضمانات الدولية لحماية الدول المستهدفة ومنع أي تصعيد نووي، مع الحفاظ على سياسات الحد من الانتشار النووي بما يخدم مصلحة المجتمع الدولي.
وفي ضوء هذه التحذيرات، تبدو الحاجة اليوم ملحة ليس فقط لتعزيز التوازن الإستراتيجي، بل أيضا لإعادة بناء قنوات الاتصال والتفاهم بين القوى النووية، ومنع تكرار أخطاء الماضي التي قد تقود إلى كارثة لا يمكن احتواؤها.
| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp)
.اضغط هنا
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram
(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)
:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي