افتتاحيات الصحف المحلية ليوم الأربعاء 4 آب 2021

افتتاحيات الصحف المحلية ليوم الأربعاء 4  آب 2021

Whats up

Telegram

 

افتتاحية صحيفة البناء:

 

حبس أنفاس في إحياء 4 آب مع التلويح بحدث كبير …وأهالي الشهداء يتبرأون الانقسام السياسي حول عدم تحمّل مسؤولية الفشل في الحكومة والتحقيق الجيش يقبض على مطلوبين في خلدة …ونصرالله يتحدّث السبت عن كل شيء

 

 انقسامان يحكمان المشهد اللبناني عشية إحياء السنة الأولى على تفجير الرابع من آب واقتراب مرور سنتين على انتفاضة 17 تشرين ، والشعب ضائع بين ضفاف الإنقسامات ، فمن جهة هيئات وجمعيات علن الحرب على الطاقم السياسي الممسك بالسلطة والعاجز عن اعداة تكوين مؤسساتها انطلاقا من تشكيل حكومة جديدة ، ويصف اركان هذا الطاقم بأبشع الأوصاف ، من الفاسدين الى المجرمين والقتلة ، لكنه يتكئ على اثارة كل هذا الغضب ، سواء بعنوان الإنهيار الإقتصادي أو بعنوان تفجير المرفأ ، حيث تجد هذه الإتهامات مصداقيتها ، ليأخذ اللبنانيين بإتجاهين ، الأول نحو المزيد من الإلتحاق بالغرب ودول الخليج العربي الذين كانوا حتى الأمس رعاة هذا الطاقم الحاكم ، والثاني نحو توجيه كل الغضب نحو المقاومة التي بقيت على مسافة من الطاقم الحاكم وفساده ، وذلك تلبية لطلبات الغرب والخليج التي عجز الطاقم الحاكم عن تلبيتها خشية الوقوع في مخاطر الفتن والحرب الأهلية التي كانت حادثة خلدة المدبرة أحد روافدها ، ولو قام اطراف الطاقم الحاكم بالتلبية لما كان الغرب والخليج خلعهم وخلع اعتماده عندهم ، بما يوحي من بوادر ما ظهر في خلدة ان هذه الهيئات والجمعيات التي تتصدر اليوم دعوات الإحياء الخاص لذكرى 4 آب وتحتكر حق التحدث بلسان اسر الشهداء والضحايا ، الذين تبرأوا من كل ما يسبب الفوضى ، قد التزمت للغرب والخليج بالقيام بما رفضت التشكيلات السياسية للطوائف القيام به من مجازفة بالسلم الأهلي ، واستهداف للمقاومة ، جامعة تناقضات غريبة عجيبة ، بما تضم جبهتها من مدننيين يدافعون عن الثأر العشائري ، ويساريين يدافعون عن الغرب وسياساته ، وعلمانيين يدافعون عن السلفيين والتكفيريين .
الإنقسام الثاني هو الذي بدا غير قابل للترميم بين اركان الطاقام الحاكم ، وتجذره وفقا لخطوط الانقسام الطائفي ، فالبلد عشية انتخابات ، والمنافسة مع الخصوم الجدد لا تصدها الا العصبيات الطائفية ، واستنهاض العصبيات بخطاب الحقوق والصلاحيات يعقد فرص اعادة بناء المؤسسات ، وفي طليعتها الحكومة ، كما يعقد انجاز تحقيق قضائي شفاف في تفجير المرفأ ، ومعالجات مالية حقيقية تعالج جذور الأزمة الكبرى للإقتصاد ولا تتعامل بالمسكنات مع نتائجها فقط ، وبمثل ما يطغى التسابق على رفع السقوف الطائفية ، يتحول التباري من اثبات التفوق في توفير شروط الحلول الناجحة ، للملفات القضائية والمالية والحكومية ، الى التنافس على التبرؤ من المسؤولية عن الفشل ، فتتم مقاربة الحصانات بهذه الخلفية ، لرمي مسؤولية الفشل على الآخر ، وتتم مقاربة ملفات الحكومة والحقائب والمداورة بالطريقة ذاتها .
اللبنانيون ثلاثة أقسام ، قسم يدور في فلك التشكيلات والخطابات الطائفية ، لايزال هو الطاغي ، ويزداد استقطابا وتوترا ، وقسم يبتعد عن الشأن العام هجرة وقرفا وتتسع صفوفه كل يوم ، وقسم منظم حول مشروع التصعيد الذي يشكل اخر فرص الغرب لإختبار مشروع إسقاط لبنان أملا بسقوطه فوق رأس المقاومة ، سواء من بوابة المرفأ أو بوابة خلدة ، أو بوابة التجويع والحصار وفقدان السلع الغذاء والدواء ، وتبدو المقاومة التي تدير بعناية توزانات علاقتها بمكونات الطاقم الحاكم طلبا لتسريع ولادة الحكومة ، تقارب ملفات الأمن والقضاء بالسعي لتعزيز منطق المؤسسات ، كما قالت احداث خلدة ، وتقارب الملفات الإجتماعية بمعادلة عدم التخلي اذا اقفلت الأبواب امام تحمل مؤسسات الدولة لمسؤولياتها ، كما نقل عن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في لقاء تحضيري لمناسبة عاشوراء لجهة اكمال الاستعدادات لتامين البنزين والمازوت والدواء من ايران ، بإنتظار الإطلالة التي ستيحدث خلالها نصرالله كما قالت مصادر مطلعة "عن كل شيئ" يوم السبت بمناسبة النصر في حرب تموز ، من خلدة الى المرفأ الى الحكومة وصولا للأزمات الإقتصادية ، فيما اعلن الجيش اللبناني عن القاء القبض عن عدد من المطلوبين في احداث خلدة ومواصلته البحث عن آخرين ، وعزمه على حسم الملف والسير به حتى النهاية ،
وفيما غاب الملف الحكومي عن الاهتمام الرسمي بعد اللقاء الرابع بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي والذي لم يخرق المراوحة القائمة، خطفت الذكرى السنوية الأولى لتفجير مرفأ بيروت المشهد الداخلي بالتوازي مع تداعيات أحداث خلدة الأمنية في ظلّ حملة الملاحقة والمداهمات والتوقيفات التي تقوم بها استخبارات الجيش اللبناني للمتورّطين في جريمة القتل والكمين المدبر يومي السبت والأحد الماضيين.
وينشغل لبنان الشعبي والرسمي اليوم بإحياء ذكرى التفجير الذي قضى بنتيجته مئات الضحايا والجرحى وسط مخاوف عبّرت عنها مراجع أمنية رسمية بحسب معلومات "البناء" حيال حصول أحداث وفوضى أمنية في عدد من المناطق لا سيما في المنطقة المحيطة بالمرفأ وساحة الشهداء ودخول الطابور الخامس على خط التظاهرات واستغلال غضب أهالي الشهداء والجرحى والمتضرّرين لافتعال فوضى خدمة لمشاريع سياسية خارجية.
وحذرت مصادر مطلعة لـ "البناء" من محاولة استغلال بعض الجهات الخارجية والداخلية هذه الذكرى على المستوى الإعلامي والشعبي لتحقيق أهداف معينة لا سيما التصويب على الطبقة السياسية ومن خلفها على حزب الله والإيحاء بأنّ الحزب هو يغطي هذه الطبقة السياسية وفسادها فضلاً عن تحميله مسؤولية الانهيار الاقتصادي والمالي للحزب من خلال سياساته الخارجية ودوره الإقليمي العسكري والأمني والسياسي". وربطت المصادر بين ما يعد من أحداث وفوضى اليوم وبين كمين خلدة المدبّر من جهات استخبارية وسفارات معينة، لافتة الى أنّ حادثة خلدة لخلق فتنة مذهبية كبيرة تعمّم في مناطق أخرى هي مقدمة لما يعد خلال احياء ذكرى التفجير. كما نبّهت المصادر من العبث الأمني وتهديد الاستقرار الداخلي في ظلّ تعثر تأليف الحكومة مع ظروف الانهيار الاقتصادي والاجتماعي والمالي ما يعني وجود مخطط خارجي واسع النطاق لتفجير لبنان تدريجياً الى حين لحظة فرض الشروط السياسية والأمنية والمالية على الدولة اللبنانية وعلى حزب الله.
وعلمت "البناء" أنّ قاضي التحقيق العدلي في جريمة المرفأ القاضي طارق البيطار أنهى تحقيقاته القضائية وبات يملك تصوّراً لكيفية حصول التفجير والمراحل التي مرّ فيها والأشخاص المتورّطين بالإهمال الوظيفي والإداري من وزراء وقضاة وكبار الموظفين الإداريين والعسكريين والأمنيين، لكنه اصطدم بالحصانات النيابية والوزارية ما يعرقل التحقيق واكتمال الصورة وإعلان النتائج. وتوقعت مصادر مطلعة على الملف لـ "البناء" مزيداً من السجال والصراع بين المجلس النيابي وبين القاضي بيطار الذي يصرّ على استدعاء النواب الوزراء المشمولين بقراره القضائي، وفي المقابل تصرّ رئاسة مجلس النواب على مثول الوزراء النواب أمام المحقق العدلي للاستماع لهم لكن من دون رفع الحصانة عنهم. واستبعدت المصادر أن يوافق مجلس النواب على رفع الحصانة عن كلّ الوزراء والنواب كما طالب رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل. كما استبعدت المصادر أن تكشف حقيقة التفجير وألغازه المعقدة والمتشابكة والتي لم يلجها القاضي البيطار حتى الآن لا سيما كيف دخلت باخرة النيترات الى لبنان ومن أدخلها ومن أبقاها لمدة 7 سنوات، متوقعة أن يتكرّر مشهد ما بعد اغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري.
واستبق أركان الدولة إحياء الذكرى، بمواقف سياسية أجمعت على ضرورة كشف الحقيقة، فأكد رئيس الجمهورية في الرسالة التي وجهها إلى اللبنانيين مساء أمس أنه "عندما يضع رئيس الدولة نفسه بتصرف القضاء لسماع إفادته فلا عذر لأحد بأن يمنح نفسه أي حصانة، أو يتسلح بأي حجة، قانونية كانت أم سياسية، كي لا يوفّر للتحقيق كل المعلومات المطلوبة لمساعدته في الوصول إلى مبتغاه". ودعا الى ان يكون إحياء الذكرى غداً محطة نستذكر فيها الشهداء والمصابين والمشردين بعيداً عن أي تصرّف يمكن استغلاله للعبث بالأمن والاستقرار ويسيء إلى معاني هذه الذكرى. وأكد الرئيس عون انه سيسعى مع الرئيس المكلف، "ووفقاً لمقتضيات الدستور، إلى تذليل كل العراقيل في وجه تشكيل حكومة إنقاذية، قادرة بخبرات أعضائها وكفاءَاتهم ونزاهتهم أن تنفّذ برنامج الإصلاحات المطلوبة والمعروفة". وشدّد على "اننا قادرون معاً بتعاوننا، وصبرنا، ومن خلال وضع آليات الحل على السكة الصحيحة، عبر تشكيل حكومة واعدة، والتحضير لانتخابات نيابية ترسي بذور التغيير الحقيقي، تساعد على تجاوز الحاضر المؤلم، والنهوض تدريجياً من الأزمة التي تمزق وطننا وقلوبنا وهناء حياتنا".
بدوره، لفت رئيس مجلس النواب نبيه بري في بيان فقال: "لن تطمئن أنفس الشهداء وترجع الى باريها راضية مرضية. ولن يلتئم الجرح الوطني الذي أحدثه إنفجار المرفأ الّا بإحقاق الحق وكشف الحقيقة كاملة دون زيادة او نقصان. العدالة ليست عريضة او عراضة، العدالة إستحقاق يومي تتكرّس باستقلالية القضاء وتطبيق الدستور والقانون والسمو بقضية الشهداء ودمائهم فوق أي إعتبار سياسي او إنتخابي أو طائفي بغيض". وأضاف "مجدداً من موقعنا السياسي والتشريعي لن نرضى بأقل من العدالة والإقتصاص من المتورطين بأي موقع كانوا ولأي جهة إنتموا، والمدخل الى ذلك معرفة الجهة التي أدخلت نيترات الموت الى عاصمتنا بيروت، والاسباب الكامنة وراء الإنفجار. وختم الرئيس بري: مراراً وتكراراً وحتى إنقطاع النفس لا حصانة ولا حماية ولا غطاء الاّ للشهداء وللقانون والدستور".
وشدد حزب الله في بيان: على ضرورة تكاتف اللبنانيين وتماسكهم لتجاوز المحنة الأليمة، والعمل الجاد ‏للوصول إلى الحقيقة الكاملة غير المنقوصة بكل شفافية وصدق، بعيداً عن الاستغلال ‏السياسي الرخيص وتصفية الحسابات والصراعات الداخلية الضيقة التي تخفي في طياتها ‏الكثير من الأهداف الخبيثة وأهمها تغييب الحقيقة وتضييع المسؤوليات، وبالتالي منع ‏المحاسبة ومحاكمة المقصرين والمرتكبين لهذه الجريمة البشعة". كما طالب "الجهات القضائية المعنية أن تتعامل مع هذه المسألة الوطنية الكبرى بما ‏تستحق من العناية والجدية والمسؤولية بعيداً عن الاستنساب والضغوط والمصالح، وأن ‏تكشف الحقائق بكل شفافية أمام الرأي العام اللبناني وأمام العالم، وأن نضع بالتالي حداً ‏نهائياً وقاطعاً أمام التلاعب الداخلي والاستغلال الخارجي وتوجيه الاتهامات وتشويه ‏الحقائق على حساب الحقيقة والعدالة وآلام اللبنانيين ومصيرهم". ‏
كما أكد تكتل لبنان القوي بعد اجتماعه برئاسة باسيل أن "رفع الحصانات فوراً للوصول الى الحقيقة هو المدخل الأساسي المذنبين في الإنفجار، إهمالاً أو تغطية أو إرتكابا. كذلك لا تستوي أية عملية تهرّب أو مماطلة أمام هول الإنفجار وتداعياته، مما يفترض تسهيل مهمة المحقق العدلي بدءًا من الإستماع الى من يريد من سياسيين وأمنيين وصولاً الى الإدعاء على من يتمّ الإشتباه بمسؤوليته وإحالته الى المحاكمة". وأمل "لو أنّ رئاسة مجلس النواب تجاوبت مع الكتاب الذي وجّهه التكتل والدعوة التي وجهها رئيسه لعقد إجتماع عاجل في 4 آب للتصويت على رفع الحصانات".
وفي الشأن الحكومي جدد التكتل دعوته "الى ضرورة الإسراع في تأليف حكومة برئاسة دولة الرئيس نجيب ميقاتي بالإتفاق مع رئيس الجمهورية، على أن تكون قادرة على الاصلاح والنهوض وعلى إطلاق مسار التعافي الاقتصادي والمالي. ويأمل في استمرار الأجواء الإيجابية محيطة بهذا الملف لتذليل أي عقبات أو عقد، بروح من التعاون الإيجابي".
كما أشار الرئيس سعد الحريري، إلى أنّ "البركان الذي عصف ببيروت ليس منصة للاستثمار السياسي في أحزان المواطنين"، لافتاً إلى أنّ "? آب يوم لتحرير العدالة من المبارزات وليس لإطلاق الحملات الانتخابية".
وعشية مؤتمر الدعم، اجتمعت مجموعة الدعم الدولية من اجل لبنان. وفي بيان أعرب جميع الأعضاء "عن تضامنهم مع عائلات الضحايا ومع كلّ من تضرّرت حياتهم وسبل عيشهم. وحثوا السلطات على الإسراع في استكمال التحقيق في انفجار المرفأ من أجل كشف الحقيقة وتحقيق العدالة. واضافت المجموعة: تتابع مجموعة الدعم بقلق شديد التدهور الاقتصادي المتسارع الذي تسبّب في ضرر بالغ لجميع شرائح المجتمع اللبناني ومؤسساته وخدماته. ودعت مجموعة الدعم الدولية السلطات اللبنانية إلى تحمّل مسؤولياتها الوطنية واتخاذ جميع الخطوات الممكنة على وجه السرعة لتحسين الظروف المعيشية للشعب اللبناني. كما رحبت بالمؤتمر القادم الذي ستترأسه كل من فرنسا والأمم المتحدة لتلبية الاحتياجات الإنسانية للفئات الأكثر هشاشة في لبنان".
ودعا الاتحاد الأوروبي إلى "الإسراع في تشكيل حكومة لبنانية ذات تفويض قوي لمعالجة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية"
وبرز موقف أميركي على لسان وزير الخارجية أنتوني بلينكن الذي جدّد في تصريح على مواقع التواصل الاجتماعي "التزام بلاده بالوقوف إلى جانب الشعب اللبناني في سعيه لتحقيق المستقبل المشرق الذي يستحقه".
في غضون ذلك يتحدّث الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصراللّه السبت المُقبل، في الساعة الثامنة والنصف مساءً بمناسبة ذكرى الانتصار في حرب تموز، ومن المتوقع أن يتطرق خلالها الى المناسبة وأهميتها وربطها بالواقع الحاضر في لبنان والمنطقة كما يعرّج على موضوع تفجير مرفأ بيروت والتأخر بكشف الحقيقة ومحاولات تسييس التحقيق وتحويلها الى محطة لاستهداف جهات وقوى سياسية معينة كحزب الله استمراراً لاستهدافه منذ عقود سابقة، كما سيتطرق السيد نصرالله الى واقعة خلدة والكمين المدبّر وخلفياته وأهدافه في خلق فتنة شيعية سنية وأهمية موقف حزب الله وأهالي الشهداء وجمهور المقاومة في تفويت الفرصة على المتربصين بلبنان واجهاض مخطط الفتنة. كما سيطالب السيد نصرالله الاجهزة الامنية والقضائية بتحمّل مسؤولياتها وإلقاء القبض على جميع المتورّطين واحالتهم للمحاكمة كجزء أساسي لإجهاض الفتنة وتهدئة أهالي الشهداء للحؤول دون حصول ردود فعل ثأرية وما لا يحمد عقباه وحينها لا يمكن لأحد ضبط الوضع.
وأوقف فرع جبل لبنان في مخابرات الجيش بعملية أمنية نوعية، المدعو سهيل حسين نوفل المتورّط مع مجموعته في قتل علي محمد حوري وإصابة الشقيقين كنعان وصوان في أحداث خلدة الأخيرة.
على الصعيد الحكومي لم يبرز ايّ جديد بانتظار اللقاء المرتقب بين الرئيسين عون وميقاتي يوم غدٍ لاستكمال البحث بنقاط الخلاف وعقدتي المداورة وتوزيع الحقائب السيادية لا سيما وزارتي الداخلية والعدل في ظل تمسك عون بالداخلية التي يتمسك بها ايضاً ميقاتي بدعم نادي رؤساء الحكومات والحريري تحديداً، ورجحت مصادر "البناء" أن تتعقد عملية التأليف ويبقى ميقاتي رئيساً مكلفاً حتى يبادر الى تقديم اعتذاره إلا إذا حصل تدخل دولي لا سيما فرنسي أميركي لإنقاذ الموقف وتسهيل التأليف لدوافع وأسباب خارجية. وشدّدت مصادر مطلعة على عملية تأليف الحكومة لقناة "OTV" على أن "اعتماد المداورة الشاملة في توزيع الحقائب لا يستجيب فقط للمبادرة الفرنسية التي وافقت عليها كلّ الأطراف السياسية في لقاء قصر الصنوبر بل يهدف الى عدم تكريس أعراف جديدة مخالفة للدستور عبر تخصيص حقائب معينة لطوائف معينة ما يؤثر سلباً على الميثاقية ويضرب الشراكة الوطنية". ولفتت المصادر الى أنّ "وثيقة الوفاق الوطني لم تلحظ حصرية في توزيع الحقائب على الطوائف والمذاهب، وما حصل خلال السنوات الأخيرة من تخصيص حقيبة أو أكثر لمكوّن أو أكثر سبّب خلافات سياسية أعاقت في أحيان كثيرة عمليات تشكيل الحكومات ومن غير الجائز ان يستمرّ هذا الخلل".
وزار عضوا "كتلة الوسط المستقل" النائبان نقولا نحاس وعلي درويش البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في الديمان. وقال نحاس بعدها "بتكليف من ميقاتي اطلعنا الراعي على الأجواء السائدة في عملية التأليف الحكومي وتمنّينا ان يستمرّ التواصل من اجل الوصول الى الغاية التي نريدها جميعاً". اضاف: "البطريرك مهتم جدا بأن تبصر الحكومة النور سريعا من اجل الوطن والناس والبلد، وباذن الله فان التواصل سيستمر والامور مرهونة باوقاتها، والمهم، كما يقول غبطته، ان نتعلم من عبر الماضي، ونسعى للبحث في ازالة كل المعوقات، لأن الوصول الى تشكيل حكومة أمر اساسي من اجل مستقبل اللبنانيين واستمرار لبنان".
أما تيار المستقبل فأعلن على لسان النائب محمد الحجار "أنّ تيار المستقبل مع المداورة، لكن الذي يحصل اليوم هو إصرار من فريق رئيس الجمهورية على التعاطي مع الرئيس نجيب ميقاتي بالطريقة عينها التي تم التعاطي فيها مع الرئيس سعد الحريري". أضاف "إن فريق العهد مصر على الثلث المعطل، ويلجأ الى رفع شعارات مثال المداورة للتغطية على الهدف الأساسي المتعلق بالثلث المعطل، فما شغل رئيس الجمهورية هو توريث صهره باسيل رئاسة الجمهورية".
 

************************************************************************

 

 افتتاحية صحيفة الأخبار:

 

4 آب يستعيد مشاهد 17 تشرين: أحزاب تتسلّق على الركام

 

غرقت الذكرى الأولى لانفجار 4 آب بالاستغلال السياسي، وهرع كل طرف للاستفادة منها بما يناسبه. حزب القوات أرادها مناسبة لإطلاق مهرجانه الانتخابي والتسويق "لإنجازاته"، مستحضراً شعاراته الميليشيوية. أما فارس سعيد، فوجدها مناسبة لـ"تحرير لبنان من الاحتلال الإيراني". ولم يفوّت سامي الجميل هذه الفرصة للاستعراض كما يُحّب، فيما أطلق التيار الوطني الحر المناطيد وأضاء الشموع. أما بعض مجموعات الانتفاضة فتوافقت على نقطة التقاء واحدة لمسيراتها رغم اختلاف برامجها، الأمر الذي اعتبرته مجموعات أخرى "تطبيعاً" مع منطق الذكرى والنوستالجيا بينما المطلوب هو يوم شغب وعصيان و"سحل" لمعارضي رفع الحصانات


بتاريخ 4 آب 2020، انفجرت شُحنة من نيترات الأمونيوم المُخزّن في العنبر 12 في مرفأ بيروت، فذهب ضحيتها أكثر من 200 شهيد، و6500 جريح فضلاً عن حزام الدمار الذي لفّ العاصمة وضواحيها وسوّى منازلها بالأرض. بتاريخ 4 آب 2021، لم يتغيّر المشهد كثيراً. الردم ما زال على حاله في المرفأ كما في الأحياء الموازية له، قسم كبير من السكان لا يزال مُهجّراً بغياب أي خطة إعادة إعمار من الدولة، فيما التحقيق بهذه الجريمة لم يصل إلى أي خيط بعد. ثمة من استساغ هذا المشهد ورأى فيه فرصة سانحة للمتاجرة بالدماء طمعاً بأصوات انتخابية وشعبوية يتوق إليها منذ 17 تشرين 2019. يومها، سعى حزب القوات جاهداً إلى تسلّق الانتفاضة وقيادتها. عجز عن إيجاد أرضية ملائمة لأجندته رغم التوترات التي افتعلها عبر قطع الطرقات في جبل لبنان. وها هو رئيس الحزب سمير جعجع يحاول مجدّداً التسلّق... تسلّق ذكرى انفجار المرفأ حتى يسوّق لحزبه في الكلمة التي ألقاها يوم أول من أمس عبر الفيديو أثناء تجمع مناصريه في باحة موازية للمرفأ تحت عنوان: "وحياة اللي راحوا رح تتحاكموا". فالقوات، بحسب جعجع، رائدة الإصلاح ومكافحة الفساد والإنجازات في الصحة والشؤون الاجتماعية والتنمية الإدارية وكل مكان "دعست" فيه رِجل قواتية. وكان لا بدّ لمهرجان القوات الانتخابي أن يبدأ بما يمتهنه جعجع جيّداً كقائد ميليشيا سابق: أعلام فرقة "الصدم" القواتية الميليشيوية، وأناشيد حزبية حربية، سيارات رباعية الدفع زيتية، مع نكهة احتفالية تمثلّـت بالرقص والتصفيق داخل الباصات ورفع الشارات القواتية. وأن ينتهي بشعر مُعدّ خصيصاً للتبجيل بـ"الحكيم" الذي "اشترى بلاده بشطبة صليب". وما بين هذا وذاك، تكرار جعجع لضرورة إجراء انتخابات نيابية.
عجز جعجع عن تسلّق الثورة فحاول تسلّق ذكرى تفجير المرفأ لتحقيق مصالح انتخابية وشعبوية


ليست القوات الوحيدة هنا في استغلالها السياسي لذكرى أليمة لم يجف دماء ضحاياها بعد. ثمة مجموعة يقودها النائب السابق فارس سعيد تسير وراء القوات بالشعار نفسه، لكن أكثر وضوحاً. فدعوة سعيد للتجمع في المرفأ، بحسب الإعلان المنشور، تستعير من القوات جزءاً من الشعار الأول (وحياة لي راحوا) مع تعديل بسيط يكمن بأن ثوار "لقاء سيدة الجبل" وجمهوره العابر للقارات "لن يسكت عن جريمة العصر مجزرة نيترات حزب الله"، وسيتوجه اليوم إلى بيروت ليقول "للاحتلال الإيراني ارحل". لقائد لقاء سيدة الجبل هنا نظرية كان يفترض بقاضي التحقيق أن يستخدمها فوراً لإغلاق القضية: "لولا إقحام لبنان في صراع المنطقة، لما حصل تفجير المرفأ، المجرم الكبير هو حزب الله، الباقي يتبع ولا يقرّر". عملياً، سعيد هو النسخة الأجرأ من جعجع في تسييس التفجير واستغلاله من دون أي لبس، وإلى جانبه المجموعات التي تسمي نفسها سيادية وهي عبارة عن حزب الأحرار و مجموعات قواتية ناشئة حديثاً كأفنجرز و128وجبيل تحاسب، وأخرى تدور في فلك 14 آذار والتي سبق لها أن دعمت البطريرك بشارة الراعي يوم تنظيمه مهرجان الحياد في بكركي؛ إلى جانب "عكار تنتفض" و"ثوار عكار" و"بوسطة الثورة". هؤلاء، وبشكل خاص حزب القوات وسعيد، ضغطا على البطريرك الماروني بشارة الراعي لتنظيم قدّاس في المرفأ رغم تردّده. فور شيوع الخبر، برزت عدة اعتراضات من مجموعات الانتفاضة حول القداس، فتواصل المسؤول الإعلامي في بكركي معهم للتأكيد على تقيّد الراعي بالقداس فقط وعدم تطرقه إلى أي أحداث سياسية. واعترض البعض الآخر على تلوين الحدث بصبغة طائفية مسيحية، فكان أن اقترح بعض "الخوارنة" استباق القداس بأدعية إسلامية لإضفاء "توازن طائفي". على غرار القوات، بدأ حزب الكتائب هو الآخر "إحياء" المناسبات قبيل يومين من 4 آب، فنظم قسم كتائب كفرذبيان ماراثون رياضي إحياء لذكرى الشهيد جو عقيقي بحضور نائب حزب الكتائب سليم الصايغ. ويقول الخبر إن رئيس الحزب سامي الجميل فاجأ أبناء البلدة بحضوره وإعطائه إشارة الانطلاق للسباق. كذلك التحق التيار الوطني بالركب السياسي، فأقام في الأشرفية الصلاة وأضاء والشموع وأطلق المناطيد بالمناسبة!
على خطّ الانتفاضة، ستشهد شوارع بيروت 4 مسيرات رئيسية اليوم، مفروزة سياسياً بشكل أو بآخر:
- القوات وسعيد و"بيراميد" وأخواتها ينطلقون من ساحة ساسين.
- "الوسطيون" كحركة مستقلون وتقدُّم وجزء من أهالي الضحايا يبدأون مسيرتهم من مركز الإطفاء في الكرنتينا.
- "اليساريون" كمواطنون ومواطنات في دولة والحزب الشيوعي وجزء من أهالي الضحايا ينطلقون من خليج السان جورج.
- دُعاة "التغيير الجذري ورافضو التحالف مع قوى السلطة الممثلة بالمجمعات السابقة"، كالمرصد الشعبي لمحاربة الفساد ولِحَقّي ومدى ومسيرة وطن وجبهة 17 تشرين يبدأون مسيرتهم من مؤسسة كهرباء لبنان حيث يتلون بياناً سياسياً حول موقفهم مما يجري.
على المقلب الآخر ثمة مجموعات كـ"الكتلة الوطنية" و"خط أحمر" و"تحالف وطني" و"العسكريون المتقاعدون" ينتظرون بقية المجموعات عند تمثال المغترب ثم التوجه سوياً إلى مجلس النواب. علماً أن Act، المجموعة المنشقة عن "خط أحمر"، ستُدشّن مجسماً على شكل مطرقة للمطالبة بالعدالة. اللافت هنا أن المطرقة لا تقلّ بشاعة عن تمثال "مارد من رماد"، لكن الأول هو نصب مرضي عنه "ثورياً"، فيما الثاني يُمثّل "تمثال السلطة" وانتقدته غالبية المجموعات التي تجتمع اليوم لإزاحة الستار عن المطرقة.
في المقابل، جرى التنسيق بين المجموعات حول نقطة الالتقاء في نهاية برنامج إحياء الذكرى. ويتوقع البعض أن الساعة صفر ستكون بعد الساعة السادسة و7 دقائق، في استعادة لتوقيت انفجار النيترات في المرفأ. على أن بعض المجموعات ترى في هذه المسيرات "تطبيعاً" مع الانفجار ورضى ضمنياً على مسار الأحداث خلال سنة، "فيما المطلوب هو أن يكون يوم شغب وعصيان واقتصاص من النواب الذين وقعوا على عريضة عدم رفع الحصانات وصولاً إلى سحلهم في الطرقات".
ومن هذا المنطلق، من المتوقع أن تسعى مجموعات كثيرة إلى اقتحام مجلس النواب، في استعادة لمشاهد ما بعد 17 تشرين الأول 2019. كذلك من المنتظر أن تنقسم بعض المجموعات إلى فرقٍ يتولى كل منها محاصرة منزل مسؤول سياسي أو أمني، وتحديداً منازل كل من رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، الرئيس المكلف نجيب ميقاتي، وزير الداخلية محمد فهمي، النائب نهاد المشنوق، النائب علي حسن خليل، الوزير السابق يوسف فنيانوس، المدير العام لأمن الدولة طوني صليبا، القائد السابق للجيش جان قهوجي، إضافة إلى مكتب المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم.
 

***********************************************************************

 

افتتاحية صحيفة النهار

 

4 آب 2021 دولة مشبوهة تخطف الحقيقة

 

سنة على زلزال انفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020، لعل العبارة وحدها تكفي لاختصار مجلدات عما حلّ بلبنان واللبنانيين منذ ذاك الموعد التاريخي بشؤمه القياسي بلوغاَ الى اليوم تحديداً أي الذكرى السنوية الأولى للانفجار. لعلّ ما قيل داخلياً وخارجياً في مجزرة انفجار المرفأ التي اعادت لبنان الى عناوين الكوارث العالمية بما زاحم عنوان جائحة كورونا الموازية عالمياً فاق وتجاوز كل ما سبق المساحات الإعلامية والسياسية والديبلوماسية والقضائية وحتى الحربية التي انشغل بها العالم بلبنان طوال حقبات حروبه وازماته في الأربعة عقود الأخيرة. ومع ذلك، لا مغالاة في القول في ان أسوأ الأسوأ في حصيلة السنة ما بين الانفجار والذكرى السنوية الأولى لاحياء ذكرى شهدائه وجرحاه ومتضرريه مع كل تداعياته على المستوى الوطني والقضائي والإنساني والاجتماعي يختصر في اجتماع يكاد يصبح “كونياً” على ان هذا الزلزال وما تسبب به، لم يكن أولا وأخيرا وأياً تكن أسبابه وملابساته وظروفه المباشرة وغير المباشرة الا نتيجة حاسمة لا جدال حولها لرزوح لبنان تحت وطأة دولة فاشلة فاسدة ومشبوهة بكل المعايير. ولم يكن أدل على ثبوت وثبات هذه الحقيقة المفجعة المدوية من مرور سنة تناوب خلالها على التحقيق العدلي في مجزرة الانفجار محققان عدليان فيما لا تزال الدولة الفاشلة إياها تعاند وتكابر وتعرقل مهمة التحقيق وتأسر تالياً الحقيقة التي كان يتعين ان تكون كشفت المجرمين او المتواطئين او المتخاذلين او المقصرين او المهملين في “سر الاسرار” الدفين المتصل أولاً بمن احضر الاف أطنان نيترات الامونيوم الى مرفأ بيروت وخزنها في ذاك العنبر سنوات وسنوات قبل ان ينفجر جزء من الكمية مزلزلا بيروت، وكيف انفجر وبأي طريقة وظروف وملابسات. أما الطبقة السياسية، فلم تكن بمعظم قواها بصورة افضل من الدولة والسلطة وسط هبوط مخيف في المهابات جعل المجزرة تتحول ساحة مباراة معيبة ومخجلة وهابطة للمزايدات واللعب على العواطف والاستثمار السياسي الرخيص الامر الذي فجر أخيرا ملف الحصانات ولم يقفل بعد على أي نهاية.

 

وسط هذه الأجواء القاتمة ستتجه الأنظار اليوم الى مرفأ بيروت وسط استعدادات شعبية كثيفة للمشاركة في الذكرى توازي حجم الجريمة التي حصلت وأودت بحياة 218 شخصا واكثر من 6500 جريح وتشريد عشرات الألوف من منازلهم ومؤسساتهم  وإحداث دمار هائل في بيروت. وفي إدانة صارمة جديدة للسلطة عشية احياء الذكرى أصدرت منظمة “هيومن رايتس واتش” الدولية تقريرا دلّ مجدداً الى تقصير الطبقة الحاكمة بدءاً برئيس الجمهورية نفسه، في حماية المدنيين من الانفجار . وأشار التقرير إلى وجود أدلة قوية تشير إلى أن بعض المسؤولين اللبنانيين علموا وقبلوا ضمنيا بالمخاطر التي تشكلها مادة نيترات الأمونيوم التي كانت مخزنة في مرفأ بيروت قبل الانفجار المروع . ويخلص التقرير الذي يقع أكثر من 127 صفحة ويشمل نتائج ووثائق إلى أن هناك أدلة الى أن عددا من المسؤولين اللبنانيين ارتكبوا جريمة الإهمال الجنائي بموجب القانون اللبناني. وتتبع التحقيق أحداثا ترجع إلى عام 2014 وما بعده في أعقاب جلب الشحنة إلى مرفأ بيروت، كما رصد تحذيرات متعاقبة بشأن خطورة هذه الشحنة إلى جهات عدة رسمية. ودعت المنظمة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى إجراء تحقيق في الانفجار وحثت الحكومات الأجنبية على فرض عقوبات على المسؤولين تتعلق بحقوق الإنسان والفساد. وقال تقرير هيومن رايتس إن الرئيس #ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب والمدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا ووزراء سابقين طلب القاضي بيطار إفادات منهم، تقاعسوا في اتخاذ إجراءات لحماية الناس على الرغم من إبلاغهم بالمخاطر.

 

 

عون  والوعود

ولكن الكلمة التي القاها الرئيس عون مساء امس في المناسبة غلب عليها طابع المحاولات الاحتوائية للغضب العارم من خلال وعود بتبديل الأحوال. وقال “أشعر بآلام الأهل والأصدقاء الذين فقدوا أحباءهم في هذا الانفجار، وأنا واحد من الذين فقدوا غالياً يومها…لهذا أقولها بالفم الملآن، من أجل جروحات اللبنانيين المفتوحة، ومن أجل التاريخ: نعم للتحقيق النزيه والجريء وصولاً إلى المحاكمات العادلة.

 

نعم للقضاء القوي، الذي لا يتراجع أمام صاحب سلطة مهما علا شأنه، ولا يهاب الحصانات والحمايات، من أجل تحقيق العدل، ومحاسبة المتسببين بهذا الانفجار.

فليذهب القضاء إلى النهاية في التحقيق والمحاكمات، وأنا معه، وإلى جانبه، حتى انجلاء الحقائق وتحقيق العدالة. وعندما يضع رئيس الدولة نفسه بتصرف القضاء لسماع إفادته فلا عذر لأحد بأن يمنح نفسه أي حصانة، أو يتسلح بأي حجة، قانونية كانت أم سياسية ،  كي لا يوفّر للتحقيق كل المعلومات المطلوبة لمساعدته في الوصول إلى مبتغاه… إنني إذ ألتزم الدستور وأحترم فصل السلطات، لا أرى ما يمنع على المحقّق العدلي أن يستجوب من يعتبره مفيداً للتحقيق، لا سيما وأن المحاكمة العادلة هي التي لا تبَرّئ ظالماً ولا تظلُم بريئاً، لذلك من المناسب ترك التحقيق يأخذ مجراه بعيداً عن الضغوط من أي جهة أتت”.

وتطرق عون الى الملف الحكومي فقال “كم كنت أتمنى أن تصدر مراسيم التشكيل في أسرع وقت ممكن، لكني أعاهدكم أني سأسعى، يداً بيد مع الرئيس المكلف، ووفقاً لمقتضيات الدستور، إلى تذليل كل العراقيل في وجه تشكيل حكومة إنقاذية، قادرة بخبرات أعضائها وكفاءَاتهم ونزاهتهم أن تنفّذ برنامج الإصلاحات المطلوبة والمعروفة”.

 

 

#مجموعة الدعم الدولية

وعلى الصعيد الديبلوماسي والسياسي الدولي وعشية مؤتمر الدعم الدولي الثالث الذي تنظمه فرنسا اليوم لحشد المساعدات للبنان ، حضت مجموعة الدعم الدولية من اجل لبنان  بعد اجتماعها امس “السلطات اللبنانية على الإسراع في استكمال التحقيق في انفجار المرفأ من اجل كشف الحقيقة وتحقيق العدالة”. وأعربت عن “قلقها الشديد للتدهور الاقتصادي المتسارع الذي تسبب في ضرر بالغ لجميع شرائح المجتمع اللبناني ومؤسساته وخدماته”. ودعت المجموعة السلطات اللبنانية “إلى تحمل مسؤولياتها الوطنية واتخاذ جميع الخطوات الممكنة على وجه السرعة لتحسين الظروف المعيشية للشعب اللبناني” كما دعت “القادة اللبنانيين إلى أن يبادروا دون تأخير الى تقديم الدعم لتشكيل حكومة ذات صلاحيات تمكنها من تطبيق إصلاحات مجدية.”

 

 

التأزم الحكومي

اما على الصعيد الحكومي، فلم يطرأ أي جديد في انتظار اللقاء الخامس غداً بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف #نجيب ميقاتي علما ان الاجواء والمعلومات التي انتشرت على نطاق واسع بعد الاجتماع الرابع الذي لم يدم اكثر من 25 دقيقة اثارت الكثير من الشكوك في نيات العهد لجهة إعادة تفخيخ طريق التأليف بالتعقيدات . وبدا واضحا حتى الان ان العهد يرفض ان تذهب حقيبة الداخلية الى غير فريقه كما انه يصر على المداورة في الحقائب السيادية وذكر ان نبرة عون خلال اللقاء الأخير مع ميقاتي جسدت تحفزه لاستعادة التعامل بشروط سلبية مع ميقاتي اسوة بتعامله سابقا مع الرئيس سعد الحريري الامر الذي يثير الشكوك العميقة عما اذا كان العهد يرغب فعلا في تسهيل مهمة ميقاتي .

 

وما يؤكد ذلك ان مصادر مطلعة على موقف بعبدا بررت أمس طرح مسألة اعتماد المداورة الشاملة في توزيع الحقائب الوزارية “بأنه لا يستجيب للمبادرة الفرنسية التي وافقت عليها جميع الاطراف فحسب، بل كذلك يهدف الى عدم تكريس اعراف جديدة مخالفة للدستور لجهة تخصيص حقائب وزارية الى طوائف محددة وحجبها عن طوائف اخرى ما يحدث تمييزاً بين الطوائف اللبنانية من جهة ويخالف مبدأ المساواة بين اللبنانيين ويجعل طوائف معينة تحتكر وزارات محددة وتمنعها عن طوائف اخرى، ما يؤثر سلباً على الميثاقية ويضرب الشراكة الوطنية في الصميم”. واعتبرت هذه المصادر “ان وثيقة الوفاق الوطني لم تلحظ حصرية في توزيع الحقائب الوزارية على الطوائف بدليل انه منذ البدء بتطبيق اتفاق الطائف توزعت كل الطوائف على الوزارات كافة لاسيما منها الوزارات السيادية التي لم تكن حكراً على طائفة محددة ، وان ما حصل خلال السنوات الاخيرة من تخصيص حقيبة وزارية او اكثر لطائفة محددة او طائفتين، أحدث حالات تتناقض ومبدأ التوازن الوطني الذي اختل وسبّب خلافات سياسية اعاقت في حالات كثيرة عمليات تشكيل الحكومات وفي احسن الاحوال تأخيرها، ومن غير الجائز ان يستمر هذا الخلل”.

 

******************************************************************

 

افتتاحية صحيفة نداء الوطن

 

بين 4 آب 2020 و4 آب 2021

الإرتطام الكبير يُحاكي الإنفجار الكبير

 

في 3 آب 2020 كان يمكن لمنظومة السلطة أن تتلافى تفجير مرفأ بيروت. كانوا يعلمون ولكنهم لم يفعلوا شيئاً. بعضهم كان على علم منذ دخول شحنة نيترات الأمونيوم إلى مرفأ بيروت في آخر العام 2013 ومنذ تفريغها في العنبر رقم 12 في العام 2014، وحتى قبل شهر أو ايام من حصول الإنفجار ولكنهم لم يفعلوا شيئاً. غطوا على الجريمة المتمادية وتركوا الإنفجار الكبير يحصل في 4 آب.

 

في 3 آب 2021 كان يمكن لمنظومة السلطة أيضاً أن تتلافى الإرتطام الكبير وهي تعلم بكل مكوناتها أن العد العكسي له بدأ وأن مسألة الإنفجار والإنهيار لم تعد إلا مسألة وقت ومع ذلك لم يفعلوا شيئاً. كما تركوا النيترات ينفجر يتركون البلد ينفجر. كأن لبنان كله اليوم محجوز في العنبر رقم 12. العنبر الذي يملك مفاتيحه الممسكون بعملية تأليف الحكومة. حكومة الإنقاذ لا حكومة المحاصصة. حكومة الإختصاصيين لا حكومة المحاسيب. حكومة على قياس ثورة 17 تشرين لا حكومة على قياس وزير لي ووزير لك. حكومة تحاكي تطلعات المجتمع الدولي لإنقاذ لبنان الذي يلتقي اليوم بدعوة فرنسية فيما نامت نواطير لبنان عن ثعالبها. حكومة تحاكي تطلعات اللبنانيين إلى قيامة جديدة وخلاص من حكم النيترات.

 

أطاحت ثورة 17 تشرين بحكومة الرئيس سعد الحريري في 20 تشرين الأول 2020 وأطاح تفجير مرفأ بيروت بحكومة الرئيس حسان دياب في 10 آب. منذ ذلك التاريخ ولبنان يبحث عن حكومة فيما الممسكون بالسلطة يبحثون عن إنقاذ أنفسهم حتى لو انفجر الوطن.

 

يعمل المحقق العدلي القاضي طارق بيطار على تحقيق العدالة والسلطة تعمل على عرقلته. لا يكفي أن يخرج رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ليضع نفسه بتصرف التحقيق والمحاكمة أمام المرجع المختص، ولا يكفي أن يدعو المتحصنين بالحصانات تهرّباً من التحقيق للمثول أمام المحقق العدلي، بل كان على الرئيس أن يفسر للبنانيين لماذا لم يفعل شيئاً على رغم تبلغه بأمر النيترات واحتمال انفجارها. ولا يكفي أن يخرج تماسيح السلطة للبكاء على الأطلال والوقوف في الصف لتقبل التعازي بدل أن يذهبوا للإدلاء بإفاداتهم أمام المحقق بيطار لإفادة التحقيق بدل تعطيله. ولا يكفي أن ينقل عن القاضي بيطار أنه لا خيار أمامه إلا أن ينجح في مهمته وأنه لن يخرج من المبارزة، إلا إذا أخرجته السلطة التي عينته وارتعبت عندما أراد أن يحاكمها. لا يكفي أن يبقى بيطار وحده في المعركة. هي ليست معركة القاضي وحده بل معركة كل الضحايا وأهل الضحايا وكل لبنان صار اليوم ضحايا ممزقة. ولا يكفي أن يكون هناك يوم 4 آب كبير بعد عام على 4 آب الكبير والخطير. السؤال هو ماذا عن 5 آب 2021 بعدما كان 5 آب 2020 موعداً مع كذب السلطة على الناس بوعد إنجاز التحقيق خلال خمسة أيام؟ إلى متى ستبقى مهمة القاضي بيطار معلقة ومؤجلة ومعرقلة؟ وكيف يستطيع من يلتقون اليوم في ساحة 4 آب مساعدة القاضي بيطار؟ اليوم في 4 آب 2021 تنطق الساحات بالحكم باسم الشعب قبل أن يصدر القاضي بيطار قراره الإتهامي وقبل أن يلتئم المجلس العدلي للمحاكمة من أجل أن يحكم باسم الشعب. وهو قد لا يلتئم وإذا صدر القرار الإتهامي والتأم فقد لا يتمكن من أن يحكم. الشعب اليوم يتهم قبل القاضي بيطار. فهل يستطيع القاضي أن يخرج عن مآل الإتهام؟

 

يحصل كل ذلك بينما الرئيس عون والرئيس ميقاتي يختلفان على جنس الحكومة والوزراء. وبينما ترفض سلطة الأمر الواقع التي سمت الرئيس سعد الحريري وبعده الرئيس ميقاتي، الإعتراف بالهزيمة أمام الشعب وأمام هول جريمة تفجير المرفأ وأمام تحقيقات القاضي بيطار. يحصل كل ذلك ولا يزال بعض من في هذه السلطة يحاول أن ينصب نفسه محققاً عدلياً بينما لا يوجد إلا محقق عدلي واحد هو طارق بيطار.

 

يحصل كل ذلك بينما تعلن مصادر قريبة من قصر بعبدا ان طرح مسألة اعتماد المداورة الشاملة في توزيع الحقائب الوزارية، لا يستجيب للمبادرة الفرنسية التي وافقت عليها جميع الاطراف فحسب، بل كذلك يهدف الى عدم تكريس اعراف جديدة مخالفة للدستور لجهة تخصيص حقائب وزارية لطوائف محددة، ما يؤثر سلباً على الميثاقية ويضرب الشراكة الوطنية في الصميم. ولاحظت هذه المصادر ان وثيقة الوفاق الوطني التي انبثقت عن اتفاق الطائف لم تلحظ حصرية في توزيع الحقائب الوزارية على الطوائف، بدليل انه منذ البدء بتطبيق اتفاق الطائف توزعت كل الطوائف على الوزارات كافة، لا سيما منها الوزارات السيادية التي لم تكن حكراً على طائفة محددة، وان ما حصل خلال السنوات الاخيرة من تخصيص حقيبة وزارية او اكثر لطائفة محددة او طائفتين، احدث حالات تتناقض ومبدأ التوازن الوطني الذي اختل وسبّب خلافات سياسية اعاقت في حالات كثيرة عمليات تشكيل الحكومات وفي احسن الاحوال تأخيرها، ومن غير الجائز ان يستمر هذا الخلل. ودعت المصادر الى العودة الى مبدأ المداورة في توزيع الحقائب الوزارية كافة احقاقاً للعدالة والمساواة بين اللبنانيين وحفاظاً على الشراكة الوطنية التي هي عماد الوحدة والعيش المشترك، ما يسهل عملية تشكيل الحكومة العتيدة لمواجهة الظروف الدقيقة التي يمر بها الوطن. فهل هناك من يستطيع أن يكسر الحلقة المفرغة وهي ليست متعلقة بوزارة المالية فقط بل بكل التركيبة السياسية؟

 

يحصل كل ذلك بينما يلتقي اليوم في مؤتمر دعم لبنان رؤساء العالم من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرس إلى الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وغيرهم، بحضور ممثل للمملكة العربية السعودية. لا يكفي أن يخصص هذا المؤتمر مساعدات لمنع موت اللبنانيين، بل أن يكون تدخل المجتمع الدولي عملية إنقاذ كاملة وشاملة تبدأ من احتضان يوم 4 آب 2021 كرد على 4 آب 2020، ومن اكتمال تحقيق القاضي طارق بيطار وسوق المجرمين إلى العدالة. قبل اكتمال هذا التحقيق تكفي قراءة مضبطة الإتهام التي أطلقتها منظمة “هيومن رايتس ووتش” بحق السلطة محملة إياها مسؤولية التفجير وعرقلة التحقيق.

 

**********************************************

 

افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط

 

الحصانات السياسية تحاصر التحقيقات في انفجار المرفأ

 

بيروت: يوسف دياب

يرتفع يوماً بعد يوم منسوب القلق على مصير التحقيق القضائي بملف انفجار مرفأ بيروت، ليس لأن المحقق العدلي القاضي طارق بيطار عاجز عن الوصول إلى النهايات السعيدة، وكشف الحقيقة التي يتوخاها اللبنانيون عموماً وأهالي الضحايا خصوصاً، بل لأن الحصار الذي يفرضه المتضررون من المسار القضائي على بيطار وإجراءاته عشية الذكرى السنوية الأولى للجريمة الزلزال، بدأت تكبل القاضي، وتنذر بإدخال الملف القضائي في حقل الألغام السياسي الذي يهدد بنسف الملف، أو بالحد الأدنى حرفه عن مساره الحقيقي، بفعل الحمايات السياسية والدستورية للمدعى عليهم من نواب ووزراء وقادة أمنيين وعسكريين، وتحاول قطع الطريق على لائحة ادعاءات جديدة يتوقع أن تبصر النور قريباً.

 

جولات التحقيق المكثفة التي أجراها بيطار على مدى خمسة أشهر، منذ تسلمه الملف خلفاً للقاضي فادي صوان، قادته إلى كشف خيوط مهمة ومكنته من تحديد المسؤولين الذين أهملوا عن قصد وجود آلاف الأطنان من نترات الأمونيوم في مرفأ بيروت، من سياسيين وأمنيين وعسكريين وإداريين، كما أماطت اللثام عن ملابسات الرحلة الغامضة لباخرة الأمونيوم من جورجيا إلى بيروت، ومن يقف وراء العملية المشبوهة ولحساب من حصلت.

 

وتؤكد مصادر قضائية مواكبة لمسار الملف لـ«الشرق الأوسط»، أن قاضي التحقيق العدلي «اقترب من إسدال الستار على الشق الداخلي من التحقيق، بعد وضوح الصورة، وتوافر كل المعطيات والمعلومات بهذا الشأن». وأشارت إلى أن «ما يؤخر ختم التحقيق في شقه المحلي، يكمن في امتناع مجلس النواب حتى الآن عن رفع الحصانة النيابية عن الوزراء السابقين والنواب الحاليين علي حسن خليل وغازي زعيتر ونهاد المشنوق، وفي عدم الاستجابة لطلب بيطار بإعطاء الإذن لملاحقة مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم والمدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا». وبما أن التحقيق يبقى مقيداً بجواب مجلس النواب الذي يشكل ممراً إلزامياً لملاحقة النواب المذكورين، ينتظر القاضي بيطار جواب مجلس الدفاع الأعلى على طلبه بإعطاء الإذن لملاحقة اللواء طوني صليبا، ولفتت المصادر إلى أنه «في ضوء رد المجلس، سيحدد بيطار الخيارات الأخرى التي قد يلجأ إليها عندئذٍ».

 

وتوج المحقق العدلي جلسات الاستجواب الطويلة، ومرحلة سماع الشهود وإصدار الاستنابات القضائية، بكشفه لائحة السياسيين والأمنيين الذين وضعهم تحت سيف الملاحقة، حيث اتخذ في 2 يوليو (تموز) الماضي، جملة من القرارات المفاجئة، تبنى في الجزء الأول منها ادعاء سلفه القاضي فادي صوان على رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، ووزير المال السابق علي حسن خليل ووزيري الأشغال السابقين غازي زعيتر ويوسف فنيانوس، ومدير عام أمن الدولة اللواء طوني صليبا، أما الجزء الثاني منها فتمثل بقائمة ادعاءات جديدة وغير متوقعة، شملت وزير الداخلية السابق نهاد المشنوق، المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، قائد الجيش السابق العماد جان قهوجي، مدير المخابرات السابق العميد كميل ضاهر، والعميدين السابقين في مخابرات الجيش جودت عويدات وغسان غرز الدين، وطلب من البرلمان اللبناني رفع الحصانة عن خليل وزعيتر والمشنوق كونهم من النواب، كما تضمنت القائمة اسمي قاضيي الأمور المستعجلة في بيروت جاد معلوف وكارلا شواح، وطلب من النيابة العامة التمييزية الشروع بملاحقتهما.

 

وإذا كانت المسؤولية الجزائية عن الإهمال والتقصير مكتملة العناصر، وصورة الاتهام بها شبه مكتملة، فإن المسؤوليات في الشق الخارجي باتت متقدمة، وتشير المصادر القضائية، إلى أن المحقق العدلي «بات يمتلك تصوراً واضحاً عن كيفية شراء شحنة نترات الأمونيوم وأصحابها الحقيقيين، وأسباب دخول شركات وهمية على خط شراء النترات من جورجيا، ومن يقف وراء هذه الصفقة، والأسباب الكامنة وراء تحويل وجهة الباخرة (روسوس) من موزمبيق إلى مرفأ بيروت».

 

وبانتظار حسم حصانات النواب، والبت بإمكانية الموافقة على ملاحقة اللواء عباس إبراهيم واللواء طوني صليبا، يستكمل بيطار إجراءات التحقيق باستجواب الأشخاص غير المشمولين بالحصانات، وأبرزهم العماد جان قهوجي والعمداء: كميل ضاهر وجودت عويدات وغسان غرز الدين، بالإضافة إلى مدعى عليهم آخرين، وتترقب الأوساط القانونية والسياسية ما إذا كان بيطار سيتخذ قرارات بتوقيف هؤلاء أو البعض منهم، أو استبدال التوقيف بواسطة تدابير أخرى.

 

ولا يزال 18 شخصاً موقوفين في هذا الملف منذ سنة، أبرزهم مدير عام الجمارك بدري ضاهر، مدير عام مرفأ بيروت المهندس حسن قريطم، مدير عام النقل البري والبحري المهندس عبد الحفيظ القيسي والعميد في مخابرات الجيش اللبناني طوني سلوم، بعدما قرر بيطار إطلاق سراح ثمانية موقوفين بينهم ضابطان في الأمن العام وآخر من أمن الدولة، بعد مرور أكثر من ثمانية أشهر على توقيفهم.

 

وبموازاة التحقيق المتصل بالنواب والأمنيين والعسكريين المقيد بتعقيدات الحصانات والأذونات المسبقة، بدأت النيابة العامة التمييزية إجراءاتها المتعلقة بالقاضيين المطلوب ملاحقتهما، الموضوعين في دائرة الشبهة، وكشف مصدر بارز في النيابة العامة التمييزية لـ«الشرق الأوسط»، أن المحامي العام التمييزي القاضي غسان الخوري «حدد موعداً لاستجواب القاضيين معلوف وشواح، وأبلغ مجلس القضاء الأعلى بالخطوات التي سيلجأ إليها، باعتبار أن استجواب القضاة يخضع لمعايير محددة، تستدعي موافقة مجلس القضاء الأعلى عليها». وشدد على أن «التحقيق في هذا الجانب لن يقتصر على استجواب القاضيين المذكورين، بل سيشمل كل الأشخاص المرتبطين بمسؤولية القضاة في هذا الملف».

 

وعبر رئيس مجلس شورى الدولة السابق القاضي شكري صادر، عن خشيته من إفشال التحقيق وضياع الحقيقة في هذا الملف، وأكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن القاضي بيطار «يتعرض لحرب مكشوفة ومفضوحة من السلطات الشرعية اللبنانية، وتحديداً من مجلس النواب والحكومة». وأضاف صادر «للأسف كلما طرح المحقق العدلي مسألة قانونية، تجري مواجهته بمنطق المافيا»، مذكراً بأن «نصوص الدستور والقوانين واضحة ولا تحتاج إدخالها بمتاهات التفسير والتأويل، وليكن معلوماً أن الوزراء لا يتمتعون بالحصانة في الجرم الجزائي».

 

وفي معرض الحديث عن الاجتهادات القانونية التي تلجأ إليها السلطة السياسية، للتغطية على عدم إعطاء الإذن لملاحقة بعض المسؤولين الأمنيين، شدد القاضي شكري صادر على أن «اللجوء إلى طلب استشارات قانونية من هيئة التشريع والاستشارات، بشأن الجهة المخولة بإعطاء الإذن لملاحقة رؤساء أجهزة أمنية أمر مضحك». وقال: «لقد ترأست هيئة التشريع والاستشارات مدة عشر سنوات، وليعلم القاصي والداني أن رأيها غير ملزم، ويكفي التذكير بأن من يتناوب على رأس هذه الهيئة في السنوات الأخيرة معروفو الانتماء السياسي ومن يعينهم بهذا المنصب». في إشارة واضحة إلى رئيس الجمهورية ميشال عون وفريقه السياسي.

 

**********************************************

 

افتتاحية صحيفة الجمهورية

 

4 آب اليوم: حزن وحقيقة غائبة… وتحــضيرات لإنجاح لقاء التأليف الخامس

 

تتركّز الأنظار اليوم على وقائع إحياء الذكرى السنوية الأولى لانفجار مرفأ بيروت ومجرياتها ومحطاتها، حيث انّ ذكرى هذا الحدث الكارثي ستطغى على كل شيء تقريباً في ظل هواء مفتوح ومواقف على مدار الساعة وتحركات شعبية وأنشطة من وحي المناسبة. وبالتالي، ستطغى حتى على وقائع المؤتمر الدولي الثالث الذي تنظمه باريس دعماً للشعب اللبناني على رغم أهميته وحاجة اللبنانيين إليه، إلا انّ الصورة ستكون للأرض والناس الغاضبة من كل شيء وسط فشل متواصل في تأليف الحكومة. ومع ذلك توجّه رئيس الجمهورية ميشال عون الى اللبنانيين في هذه المناسبة قائلاً: «أعرف أنّ انتظاركم طال لحكومةٍ جديدة. واليوم لدينا الفرصة لذلك، مع تكليف رئيس جديد لتشكيلها».

 

خالفَ الاجتماع الرابع بين عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي الانطباعات الإيجابية التي صدرت عن الاجتماعات التي سبقت، وجاءت مصارحة الرئيس المكلف للبنانيين بأنّ «مهمته غير مفتوحة» لِتُدلّل الى حجم الصعوبات التي تعترض التأليف، وتبعث برسالة واضحة إلى رئيس الجمهورية مفادها انّ الاعتذار لن يتأخّر في حال عدم التأليف سريعاً، فيما أي اعتذار من هذا القبيل يعني الآتي:

ـ أولاً، انّ المعطِّل لتأليف الحكومة هو العهد، لأنه عندما لا يتفق مع اي رئيس مكلف، فهذا يعني انّ المشكلة منه ومعه وليست من الرئيس المكلف ومعه.

ـ ثانياً، انّ رئيس الجمهورية يريد رئيساً للحكومة من ضمن فريقه السياسي وليس رئيساً شريكاً على المستوى الوطني.

ـ ثالثاً، انّ العهد يريد حكومة وفق مواصفاته ومعاييره لا حكومة بمعايير المرحلة ومتطلباتها الوطنية.

ـ رابعاً، انّ العهد لا يبحث عن تسوية حكومية، إنما عن حكومة للعهد في الربع الأخير من ولايته الرئاسية.

ـ خامساً، انّ العهد، ومن دون ان يدري، قدّم هدية للرئيس سعد الحريري في أنه كان على حق لجهة انّ العرقلة يتحمّل المسؤولية عنها العهد وحده.

ـ سادساً، انّ العُقَد التي تحول دون التأليف لا علاقة لها بالمداورة ووزارتي الداخلية والعدل، إنما تتعلّق بما هو أكبر من ذلك، والتي تبدأ من «الثلث المعطل» ولا تنتهي بمحاولة انتزاع ضمانات سياسية حول الخلف الرئاسي.

ولا شك في انّ اعتذار ميقاتي في حال حصل سريعاً لا يشبه اعتذار الحريري، كونه سيُلقي تَبِعات العرقلة بنحوٍ واضح على العهد، ويمكن ان تترتّب عليه الانعكاسات الآتية:

ـ أولاً، من الصعوبة على اي شخصية سنية ان تقبل بالتكليف في حال اعتذار ميقاتي، ما يعني انّ الحكومة المستقيلة غير القادرة على لجم التدهور ستبقى إلى نهاية العهد.

ـ ثانياً، يرجّح ان يرتفع منسوب الاحتقان الشعبي بعد ان يتثبَّت من استحالة التأليف، كما انّ هذا الاحتقان سيصبّ جام غضبه على العهد الذي حال ويحول دون تأليف حكومة.

ـ ثالثاً، سيضع العهد نفسه في مواجهة مباشرة مع المجتمع الدولي عموماً والاتحاد الأوروبي خصوصاً، وستكون العقوبات من نصيبه، وسيزيد في عزلة لبنان.

ـ رابعاً، إنّ وتيرة الانهيار ستتسارَع والدولار سيتجاوز كل السقوف، ويصبح متعذراً ضبط الأوضاع.

فحيال هذه الانعكاسات بالذات، لن يكون سهلاً أمام العهد دفع ميقاتي إلى الاعتذار، بل سيحاول الوصول معه إلى تسوية، ويرجّح في هذا السياق ان يختلف شكل الاجتماع الخامس بينهما ومضمونه عن الاجتماع الرابع.

 

حكومة أسيرة السقوف

غي غضون ذلك، قال مصدر رفيع مطّلع على ملف التشكيل لـ«الجمهورية» انه «لا يبدو انّ هناك نية لتأليف الحكومة لأنها عادت مجدداً الى مربّع الشروط والشروط المضادة والسقوف العالية». وكشف انّ الرئيس المكلف لن يتراجع عن قراره في ما خَص الحقائب السيادية. إمّا المداورة الكلية وإمّا لا مداورة، وهو يعلم تماماً أنّ الطائفة الشيعية والثنائي الشيعي لن يتنازلا عن وزارة المال فيضمن بذلك عدم تنازل الطائفة السنية عن وزارة الداخلية. واكد المصدر انّ الرئيس عون ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل يصرّان الآن اكثر من اي وقت مضى على وزارة الداخلية، ليس من اجل الانتخابات النيابية فحسب، فبالاضافة الى أهميتها في هذا الاستحقاق، فإنّ هناك دوراً كبيراً لها في البلديات وصلاحيات رؤساء البلديات وقرارات شورى الدولة، وغيرها من الملفات المتعددة المهمة التي يعتبر عون انّ مرجعيتها هي وزارة الداخلية.

وقال المصدر انه اذا لم يحصل تدخّل دولي كبير لحل هذه النقطة الخلافية الجوهرية التي تقف عائقاً كبيراً امام تقدّم مفاوضات التشكيل في الايام المقبلة، فإنّ ميقاتي ذاهب الى الاعتذار قريباً جداً إلا اذا حصل تطور في موقف رئيس الجمهورية بهذا الخصوص. والى حين اتخاذ قرار الاعتذار اذا ما وصلت الامور الى حائط مسدود سينصَبّ الاهتمام على تَلقّف «السقطة» الجديدة، فالجميع يعلم انّ اعتذار ميقاتي، اذا حصل، سيعني الانتقال من الاسوأ الى «الأسوأ -»، وأيّ رئيس مكلّف جديد لن يشكل حكومة الّا تحت هذا السقف الذي وضعه رؤساء الحكومات السابقين.

 

بعبدا والمداورة

الى ذلك، وعشيّة اللقاء الخامس بين عون وميقاتي، جددت مصادر قريبة من رئيس الجمهورية التأكيد، عبر «الجمهورية»، «انّ وثيقة الوفاق الوطني التي انبثقت عن اتفاق الطائف لم تَلحَظ حصريةً في توزيع الحقائب الوزارية على الطوائف»، بدليل انه «منذ البدء بتطبيق «اتفاق الطائف» توزّعت كل الطوائف على الوزارات كافة، ولا سيما منها الوزارات السيادية التي لم تكن حكراً على طائفة محددة». وانّ «ما حصل خلال السنوات الاخيرة من تخصيص حقيبة وزارية او اكثر لطائفة محددة او طائفتين، أحدَثَ حالاتٍ تتناقَض ومبدأ التوازن الوطني الذي اختلّ وتسبّب بخلافات سياسية أعاقَت في حالات كثيرة عمليات تشكيل الحكومات وفي أحسن الحالات تأخيرها، ومن غير الجائز ان يستمر هذا الخلل».

وأوضحت المصادر المتابِعة لمسار تشكيل الحكومة الجديدة «انّ طرح مسألة اعتماد المداورة الشاملة في توزيع الحقائب الوزارية لا يستجيب للمبادرة الفرنسية التي وافقَ عليها جميع الاطراف فحسب، بل كذلك يَهدف الى عدم تكريس أعراف جديدة مخالِفة للدستور لجهة تخصيص حقائب وزارية لطوائف محددة وحَجبها عن طوائف اخرى، ما يُحدِث تمييزاً بين الطوائف اللبنانية من جهة ويُخالف مبدأ المساواة بين اللبنانيين ويجعل طوائف معينة تحتكر وزارات محددة وتمنعها عن طوائف اخرى، ما يؤثّر سلباً في الميثاقية ويضرب الشراكة الوطنية في الصميم».

ودعت المصادر للعودة الى مبدأ المداورة في توزيع الحقائب الوزارية كافة «إحقاقاً للعدالة والمساواة بين اللبنانيين وحفاظاً على الشراكة الوطنية التي هي عماد الوحدة والعيش المشترك، ما يسهّل عملية تشكيل الحكومة العتيدة لمواجهة الظروف الدقيقة التي يمر بها الوطن».

 

برنامج مؤتمر 4 آب

وعلى صعيد مؤتمر دعم لبنان، وفي المعلومات الرسمية التي حصلت عليها «الجمهورية»، فإنه سيُفتَتح عند الثانية عشرة ظهر اليوم (الأولى بعد الظهر بتوقيت باريس)، وستكون كلمة الافتتاح للرئيس الفرنسي ماكرون على ان تليها كلمات لكلّ من: الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتييريس، الرئيس العماد ميشال عون، الرئيس الاميركي جو بايدن. ثم كلمات لممثلي الدول: الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ملك الأردن عبدالله الثاني، رئيس وزراء اليونان، رئيس الوزراء العراقي، المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، رئيس وزراء كندا، رئيس الاتحاد الأوروبي شارل ميشال، فرئيس وزراء الكويت.

وسيشارك في المؤتمر وزراء خارجية: ألمانيا، النمسا، هولندا، قبرص، بريطانيا، ايطاليا، بلجيكا، فنلندا، كرواتيا، اسبانيا، قطر، سويسرا.

وكذلك سيشارك أيضاً: المملكة العربية السعودية، دولة الامارات العربية المتحدة، الصين، جامعة الدول العربية. على ان تُعلِن دول أخرى عن مشاركتها في الساعات المقبلة الفاصلة عن موعد افتتاحه.

وفي المعلومات، بحسب ما تبلّغ الجانب اللبناني، انّ بياناً سيصدر في نهاية المؤتمر باسم فرنسا والأمم المتحدة، وسيتمّ نقل كلمتَي ماكرون وعون مباشرة عبر شاشة «تلفزيون لبنان» الرسمي.

 

مواقف

وعشية إحياء الذكرى الاولى لانفجار المرفأ، صدرت مواقف للمناسبة، فقال عون في كلمةٍ الى اللبنانيين: «من عمق وجداني أقول لعاصمتنا الحبيبة بيروت ستظهر الحقيقة وسينال كل مُذنب جزاءَه، وستَنهَضين من جديد». أضاف: «المحاسبة قد بدأت، والمحاكمات ستقتَصّ من المشاركين في التسبّب بالانفجار». وتابع: «نعم للقضاء القوي الذي لا يتراجع أمام صاحب سلطة مهما علا شأنه، ولا يَهاب الحصانات والحمايات من أجل تحقيق العدل، ومحاسبة المتسبّبين بهذا الانفجار». وأكّد أن «التحدّي الذي يواجهه المحقق العدلي، ومعه القضاء لاحقاً، هو كَشف الحقيقة وإجراء المحاكمة وإصدار الحُكم العادل في فترة زمنية مقبولة لأنّ العدالة المتأخرة ليست بعدالة».

واعتبر رئيس مجلس النواب نبيه بري، في بيان، أنّ «العدالة ليست عريضة او عَراضة، العدالة استحقاق يومي تتكرّس باستقلالية القضاء وتطبيق الدستور والقانون والسُموّ بقضية الشهداء ودمائهم فوق أي اعتبار سياسي او انتخابي أو طائفي بَغيض». وأكد أنه «من موقعه السياسي والتشريعي لن يرضى بأقلّ من العدالة والاقتصاص من المتورطين في أيّ موقع كانوا ولأي جهة انتموا»، ورأى أنّ «المدخل الى ذلك هو معرفة الجهة التي أدخلَت نيترات الموت الى العاصمة بيروت، والاسباب الكامنة وراء الانفجار». وقال: «مراراً وتكراراً وحتى انقطاع النفس، لا حصانة ولا حماية ولا غطاء الّا للشهداء والقانون والدستور».

وأعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب انه «في 4 آب، انفجَر أحد عنابر الفساد المتراكم، وكانت نتائجه مدمّرة على كل المستويات». وأضاف: «لن تكون عدالة حقيقية في لبنان إن لم تتحقق العدالة الحقيقية في انفجار مرفأ بيروت».

وأشار رئيس الحكومة السابق سعد الحريري إلى أنّ «البركان الذي عصفَ ببيروت ليس منصة للاستثمار السياسي في أحزان المواطنين»، لافتاً إلى أنّ «4 آب يوم لتحرير العدالة من المبارزات وليس لإطلاق الحملات الانتخابية».

من جهته، أكد الرئيس تمام سلام أنّ «جميع اللبنانيين الاحرار الرافضين لهذا الواقع ولممارسات أهل السياسة التي أوصلت البلاد الى ما وصلت اليه، مدعوون للاستمرار في سياسة الضغط لمعرفة المخطّط والمنفّذ والشريك والمتدخّل في جريمة المرفأ، وعدم حَرف التحقيق القضائي في اتجاهات ثانوية». ودعا الى المضيّ في الانتفاضة «لتحقيق التغيير بوجوه جديدة وطاقات واعدة وأيدٍ نظيفة، لكي يعود النصاب الى نظامنا الديموقراطي وآليّاته وتستقيم الحياة السياسية ويَتفعّل عمل المؤسسات في إطار احترام القوانين والدستور».

وشدّد «حزب الله»، في ذكرى انفجار المرفأ، على «ضرورة تكاتف اللبنانيين وتماسكهم لتجاوز المحنة الأليمة، والعمل الجاد ‏للوصول إلى الحقيقة الكاملة غير المنقوصة بكل شفافية وصدق، بعيداً عن الاستغلال ‏السياسي الرخيص وتصفية الحسابات والنزاعات الداخلية الضيقة التي تُخفي في طيّاتها ‏كثيراً من الأهداف الخبيثة، وأهمها تغييب الحقيقة وتضييع المسؤوليات. وبالتالي، منع ‏المحاسبة ومحاكمة المقصّرين والمرتكبين لهذه الجريمة البشعة». وطلبَ من الجهات القضائية المعنية «أن ‏تكشف الحقائق بكل شفافية أمام الرأي العام اللبناني وأمام العالم، وأن نضع بالتالي حداً ‏نهائياً وقاطعاً أمام التلاعب الداخلي والاستغلال الخارجي وتوجيه الاتهامات وتشويه ‏الحقائق على حساب الحقيقة والعدالة وآلام اللبنانيين ومصيرهم».

 

«لبنان القوي»

وشدّد تكتل «لبنان القوي»، خلال اجتماعه الدوري إلكترونياً، على أنّ «رفع الحصانات فوراً للوصول الى الحقيقة هو المدخل الأساسي لمحاسبة المذنبين في الإنفجار، إهمالاً أو تغطية أو ارتكاباً».

وأمِل «لو أنّ رئاسة مجلس النواب تجاوبَت مع الكتاب الذي وجّهه التكتل والدعوة التي وجّهها رئيسه لعقد اجتماع عاجل في 4 آب للتصويت على رفع الحصانات». وشدّد على «ضرورة الإسراع في تأليف حكومة برئاسة دولة الرئيس نجيب ميقاتي بالاتفاق مع رئيس الجمهورية، على أن تكون قادرة على الاصلاح والنهوض وعلى إطلاق مسار التعافي الاقتصادي والمالي»، آملاً «استمرار الأجواء الإيجابية المحيطة بهذا الملف لتذليل أي عقبات أو عُقَد، بروح من التعاون الإيجابي».

 

*********************************************************************************

 

افتتاحية صحيفة اللواء

 

ذكرى المأساة: غليان في بيروت وتضامن دولي في باريس

عون يتعهّد بالسعي مع ميقاتي لتذليل عراقيل حكومة إنقاذية.. والوقائع مغايرة بانتظار الغد

 

مضى عام على «المأساة الوطنية» الكبرى التي ضربت قلب بيروت عند الساعة السادسة من مساء 4 آب، قبل سنة خلت، وخلفت أحزاناً لا تتوقف على الشهداء الـ214، والجرحى الذين تجاوزوا الـ6500 جريح، وتدمير المنازل والعنابر، والمقاهي والمطاعم، وروح الحياة في الأحياء المجاورة، فضلاً عن توقف الشريان ذي السمعة والوظيفة العالية لجهة التواصل بين ضفتي المتوسط، وربط الشرق بالغرب.

 

انكسرت بيروت، لكن دماء الحياة بقيت تسري في قلبها، وصارت الذكرى السنوية الأولى محطة لإعادة وضع الأمور في نصابها: تحقيق بدأ ليصل إلى «نتائج عادلة»، لا تبرئة بلا دليل ولا اتهام بلا وقائع وشواهد تسمح بالاتهام، مع تحميل الجهات المسؤولة مسؤولية ما حصل، كي تأخذ العدالة مجراها: محكمة جايي المحكمة!

 

خاب ظن اللبنانيين بتلك الطبقة السياسية التي تقبض على زمام الأمور، فهم يحيون ذكرى المأساة بالتنديد بالأداء، والمضي قدماً في رفع الحصانات والمثول أمام المحاكمة، واطلاق سراح البلد بتأليف حكومة قادرة على لملمة الجراح والاستفادة من المؤتمر الدولي للمساعدات الذي ينعقد في باريس بالشراكة بين فرنسا والأمم المتحدة.

 

المؤتمر

 

الساعة 12 بتوقيت باريس، الواحدة بتوقيت بيروت، يفتتح مؤتمر دعم لبنان الذي تنظمه فرنسا افتراضيا بكلمة للرئيس ماكرون، تليه كلمة للامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريس، كما ستكون كلمة للرئيس ميشال عون وكلمة للرئيس الاميركي جو بايدن.

 

اما كلمات الدول المشاركة فيه، وهي حتى الان حسب المصادر الفرنسية ستكون لكل من: الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ملك الاردن عبدالله الثاني، رئيس وزراء اليونان، رئيس الوزراء العراقي، المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، رئيس وزراء كندا، رئيس الاتحاد الاوروبي شارل ميشال، رئيس وزراء الكويت.

 

كما يشارك وزراء خارجية: المانيا، النمسا، هولندا، قبرص، بريطانيا، ايطاليا، بلجيكا، فنلندا، كرواتيا، اسبانيا، قطر، سويسرا.

 

كما تشارك: المملكة العربية السعودية، الامارات، الصين، الجامعة العربية، وهناك دول اخرى ستعلن عن مشاركتها لاحقاً.

 

ومن المتوقع أن يصدر بيان في نهاية المؤتمر باسم فرنسا والامم المتحدة.

 

مجموعة الدعم

 

وعشية انعفاد مؤتمر باريس، أكدت مجموعة الدعم الدولية من اجل لبنان، «تضامنها مع عائلات ضحايا تفجير مرفأ بيروت ومع كل من تضررت حياتهم وسبل عيشهم، وحثت في بيان، السلطات على الإسراع في استكمال التحقيق في انفجار المرفأ من اجل كشف الحقيقة وتحقيق العدالة».

 

واشارت إلى أنها «تتابع بقلق شديد التدهور الاقتصادي المتسارع الذي تسبب في ضرر بالغ لجميع شرائح المجتمع اللبناني ومؤسساته وخدماته، داعية السلطات اللبنانية إلى تحمل مسؤولياتها الوطنية واتخاذ جميع الخطوات الممكنة على وجه السرعة لتحسين الظروف المعيشية للشعب اللبناني».

 

كما رحبت مجموعة الدعم الدولية من اجل لبنان بالمؤتمر القادم الذي ستترأسه كل من فرنسا والأمم المتحدة لتلبية الاحتياجات الإنسانية للفئات الأكثر هشاشة في لبنان.

 

وافاد البيان: ان مجموعة الدعم الدولية إذ تلاحظ مرور عام دون تشكيل حكومة وتأخذ علما بتكليف رئيس وزراء جديد، ودعت القادة اللبنانيين إلى أن يبادروا من دون تأخير الى تقديم الدعم لتشكيل حكومة ذات صلاحيات تمكنها من تطبيق إصلاحات مجدية، مشددة على أهمية إجراء الانتخابات في مواعيدها حفاظا على ديموقراطية لبنان ولاستعادة ثقة وامل الشعب اللبناني.

 

يذكر ان مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان تضم كلا من: الامم المتحدة وحكومات الصين وفرنسا وألمانيا وايطاليا والاتحاد الروسي والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الاميركية مع الاتحاد الاوروبي وجامعة الدول العربية.

 

وعشية الذكرى وجه الرئيس عون رسالة إلى اللبنانيين وصف ما حصل في 4 آب بالزلزال غير المسبوق في تاريخ لبنان. معلناً عن مشاطرته اهالي الضحايا «غضبهم المشروع»، ومراراتهم العميقة، معلناً: نعم للتحقيق النزيه وصولاً إلى المحاكمات العادلة. ولقضاء «لا يتراجع امام صاحب سلطة مهما علا شأنه، ولا يهاب الحصانات والحمايات، من اجل محاسبة المتسببين بهذا الانفجار».

 

وقال: عندما يضع رئيس الدولة نفسه بتصرف القضاة لسماع إفادته، فلا عذر لأحد أن يمنح نفسه أي حصانة.

 

الحكومة التي طال انتظارها

 

وحضرت في كلمة عون مسألة الحكومة وجاء فيها: اعرف ان انتظاركم طال لحكومة جديدة، واليوم لدينا فرصة لذلك، مع تكليف رئيس جديد لتشكيلها، وكم كنت اتمنى ان تصدر مراسيم التشكيل في اسرع وقت ممكن، لكني اعاهدكم أني سأسعى، يداً بيد مع الرئيس المكلف، ووفقاً لمقتضيات الدستور، إلى تذليل كل العراقيل في وجه تشكيل حكومة انقاذية قادرة بخبرات اعضائها وكفاءاتهم ونزاهتهم ان تنفذ برنامج الاصلاحات المطلوبة والمعروفة.

 

نوايا التأليف

 

أما في الوقائع، فقد لاحظت مصادر متابعة لعملية تشكيل الحكومة الجديدة، خلو جدول نشاطات الرئيس عون بالامس من المواعيد واللقاءات المعتادة، باستثناء الكلمة التي ألقاها مساء بمناسبة الذكرى الاولى لانفجار مرفأ بيروت، خلافا لما نقله عنه الرئيس المكلف نجيب ميقاتي اول امس، بتعذر اللقاء بينهما امس الثلاثاء لمتابعة المشاورات بينهما لتسريع عملية التشكيل، بسبب هذه الانشغالات غير الملحوظة. من ناحية ثانية ما يزال الكلام الذي اعلنه ميقاتي عقب لقائه الاخير مع عون يتفاعل سلبا في الوسط السياسي، على خلفية الاجواء التشاؤمية التي عبّر عنها امام الصحفيين والاستياء الظاهري الذي غلّف اجاباته على أسئلتهم. وبرغم انتفاء ردود الفعل من الوسط السياسي على نتائج الاجتماع الاخير بين عون وميقاتي، بانتظار جولة جديدة من المشاورات بينهما غدا، الا ان معظم الوسط السياسي، يعتبر ان رئيس الجمهورية، ليس جديا ولا متعاونا مع الرئيس المكلف، لتسريع تشكيل الحكومة، برغم الاجواء الايجابية التي يروّج لها، وهو ما عكسه بتأجيل واطالة امد المشاورات، لاسباب غير مقنعة، ما يعني عدم وجود نوايا حقيقة لتشكيل الحكومة حتى الساعة، في حين ان ما نقله مقربون من الرئيس المكلف نجيب ميقاتي وقوله لهم «ما ماشي الحال»، ابلغ تعبير عما وصلت اليه مهمته بتشكيل الحكومة الجديدة.

 

وقالت  مصادر متابعة لمسار تشكيل الحكومة الجديدة لصحيفة اللواء أن موضوع المداورة في الحقائب الوزارية لا يزال موضع أخذ ورد وأشارت إلى أنه لا يمكن تكريس معادلات جديدة   وخلق واقع غير دستوري موضحة ان  طرح  مسألة اعتماد المداورة الشاملة في توزيع الحقائب الوزارية لا يستجيب للمبادرة الفرنسية التي وافقت عليها جميع الاطراف فحسب ، بل كذلك يهدف الى عدم تكريس اعراف جديدة مخالفة للدستور لجهة تخصيص حقائب وزارية الى طوائف محددة وحجبها عن طوائف اخرى ما يحدث تمييزا بين الطوائف اللبنانية من جهة ويخالف مبدأ المساواة بين اللبنانيين ويجعل طوائف معينة تحتكر وزارات محددة وتمنعها عن طوائف اخرى ، ما يؤثر سلبا على الميثاقية ويضرب الشراكة الوطنية في الصميم . وشددت  هذه المصادر على  ان وثيقة الوفاق الوطني التي انبثقت عن اتفاق الطائف لم تلحظ حصرية في توزيع الحقائب الوزارية على الطوائف بدليل انه منذ البدء بتطبيق اتفاق الطائف توزعت كل الطوائف على الوزارات كافة لاسيما منها الوزارات السيادية التي لم تكن حكرا على طائفة محددة، وان ما حصل خلال السنوات الاخيرة من تخصيص حقيبة وزارية او اكثر لطائفة محددة او طائفتين، احدث حالات تتناقض ومبدأ التوازن الوطني الذي اختل وسبًّب خلافات سياسية اعاقت في حالات كثيرة عمليات تشكيل الحكومات وفي احسن الاحوال تأخيرها ، ومن غير الجائز ان يستمر هذا الخلل. ودعت المصادر الى العودة الى مبدأ المداورة في توزيع الحقائب الوزارية كافة احقاقا للعدالة والمساوة بين اللبنانيين وحفاظا على الشراكة الوطنية التي هي عماد الوحدة والعيش المشترك، ما يسهل عملية تشكيل الحكومة العتيدة لمواجهة الظروف الدقيقة التي يمر بها الوطن. وأعادت التأكيد أن العودة إلى المبادرة الفرنسية تشكل الحل كاشفة أنه في الصيغة الأولى التي قدمها الرئيس الحريري تضمنت أسناد حقيبة الخارجية إلى درزي والداخلية لأرثوذكسي والدفاع لأرمني. ولفتت إلى أن المداورة من شأنها أن تشكل مخرجا لتحقيق العدالة .

 

طرح المداورة

 

وذكرت مصادر متابعة لإتصالات تشكيل الحكومة لـ «اللواء» ان هناك مقترحات يتم التداول بها للخروج من ازمة تشكيل الحكومة، تقوم إحداها على العودة الى جوهر وروح المبادرة الفرنسية التي تدعو في احد بنودها الى اعتماد المداورة الشاملة في توزيع الحقائب.بعدما فشلت فكرة تبادل حقيبتي الداخلية والعدل بين السنة والمسيحيين.

 

واوضحت المصادر ان تمسك بعض الاطراف بحقائب وزارية محددة من دون اخرى كالمال والداخلية، يتناقض مع المبادرة الفرنسية التي اتفق عليها جميع الاطراف بعد طرحها من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ، مشيرة الى ان تجاهل مسألة المداورة خلق اشكاليات في مسار تشكيل الحكومة ما يسبب في تأخير ولادتها . من هذا المنطلق يطلب عون ان تكون حقيبة الداخلية من حصة المسيحيين هذه المرة ولا يتمسك بحقيبة العدل معها التي يمكن ان تذهب للسنّة، طالما ان اركان السنة والشيعة متمسكون كلٌّ منهم بحقيبة سيادية لا يتنازل عنها.

 

واشارت المصادر إلى أن الصيغة الاولى للتشكيلة الحكومية التي قدمها الرئيس سعد الحريري للرئيس ميشال عون اعتمدت مبدأ المداورة في الحقائب ما عدا حقيبة المالية ، فأعطى وزارة الخارجية لدرزي ، والداخلية للروم الارثوذكس، واقترح وزيرا ارمنيا للدفاع ، اضافة الى تغيير في وزارات اخرى . الا ان الامر تغير في الصيغة الاخيرة للحكومة التي قدمها للرئيس عون قبل ان يعتذر.

 

ويتحدّث الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصراللّه السبت المُقبل، في الساعة الثامنة والنصف مساءً بمناسبة ذكرى الانتصار في حرب تموز حيث يحدد مواقف الحزب من مجمل القضايا.

 

وفي الانتظار، زار عضوا «كتلة الوسط المستقل» النائبان نقولا نحاس وعلي درويش البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في الديمان. وقال نحاس على الاثر: بتكليف من دولة الرئيس نجيب ميقاتي، قمنا بزيارة البطريرك الراعي واطلعناه على الاجواء السائدة في عملية التأليف الحكومي، واطلعنا على ارائه، وتمنينا ان يستمر التواصل من اجل الوصول الى الغاية التي نريدها جميعاً.

 

اضاف: البطريرك مهتم جدا بأن تبصر الحكومة النور سريعا من اجل الوطن والناس والبلد، وباذن الله فان التواصل سيستمر والامور مرهونة باوقاتها، والمهم، كما يقول غبطته، ان نتعلم من عبر الماضي، ونسعى للبحث في ازالة كل المعوقات، لأن الوصول الى تشكيل حكومة أمر اساسي من اجل مستقبل اللبنانيين واستمرار لبنان.

 

احياء الذكرى

 

ويُحيي لبنان الرسمي والشعبي اليوم ذكرى مرور سنة على كارثة إنفجار مرفأ بيروت التي لم تصل التحقيقات فيها بعد الى نتائج نهائية، فيما مزيج الحزن والغضب يخيم على ذوي الضحايا والمتضررين الذين لم تصل اليهم حقوقهم بعد، سواء لجهة معرفة المسؤول عن كارثة مقتل وجرح افراد عائلاتهم او الحصول على التعويضات الكافية لترميم ما هدمته الكارثة.

 

وفيما اعلن لبنان الرسمي يوم 4 آب يوماً وطنياً وتقفل كل الادرات والمرافق العامة والخاصة، يتحرك ذوو الضحايا ومجموعات من المجتمع المدني في طول البلاد وعرضها في مسيرات ووقفات واعتصامات طلباً لكشف الحقيقة والمتسببين الفعليين بالكارثة.فيما لوحّت بعض المجموعات بمفاجأة السياسيين بتحركاتها.

 

وللمناسبة رأى الرئيس سعد الحريري ان المناسبة ليست منصة للمزايدات والاستثمار السياسي. وقال للعدالة قاعدتان: لجنة تحقيق دولية تضع يدها على الملف وساحة الجريمة، أو تعليق القيود التي ينص عليها الدستور والقوانين وما ينشأ عنها من محاكم خاصة تتوزع الصلاحية والأحكام في الجريمة الواحدة.

 

المحكمة الدولية لاجل لبنان كشفت الحقيقة بجريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وحددت هوية المجرم. ولكن اين الحقيقة بجرائم اغتيال كمال جنبلاط ورشيد كرامي ورينيه معوض وداني شمعون وايلي حبيقة والمفتي حسن خالد وناظم القادري ومسجي السلام والتقوى؟

 

لكن النائب فيصل كرامي اصدر بياناً ذكره فيه ان المجلس العدلي اصدر احكاماً في قضية الرئيس كرامي.

 

ويجتمع تكتل الجمهورية القوية قبل ظهر اليوم في معراب لاصدار موقف في مناسبة 4 آب.

 

عقوبات وتحقيق دولي

 

واتهمت منظمة «هيومن رايتس ووتش» السلطات اللبنانية بالإهمال «جنائياً» وانتهاك الحق بالحياة بعدما أظهرت في تحقيق تقصير مسؤولين سياسيين وأمنيين في متابعة قضية شحنة نيترات الأمونيوم التي أدت إلى وقوع انفجار مرفأ بيروت قبل عام في العنبر رقم 12.

 

وأوصت المنظمة بفرض عقوبات على المسؤولين وبإجراء الأمم المتحدة تحقيقا مستقلا في الكارثة.

 

ووثقت المنظمة في تقرير مفصل من 126 صفحة عرضته في مؤتمر صحافي في بيروت أمس، الأخطاء والإغفالات التي ارتكبها موظفون ومسؤولون سياسيون وأمنيون في إدارتهم لشحنة نيترات الأمونيوم منذ وصولها إلى المرفأ على متن سفينة روسوس في 2013 وحتى وقوع الانفجار.

 

وقالت مديرة قسم الأزمات والنزاعات في هيومن رايتس ووتش لما فقيه في بيان تلي خلال المؤتمر، « تُظهر الأدلة بشكل كاسح أن انفجار آب 2020 في مرفأ بيروت نتج عن أفعال كبار المسؤولين اللبنانيين وتقصيرهم، إذ لم يبلّغوا بدقة عن المخاطر التي تشكلها نيترات الأمونيوم، وخزّنوا المواد عن سابق علم في ظروف غير آمنة، وتقاعسوا عن حماية الناس».

 

وأوردت هيومن رايتس ووتش أن « الأدلة تشير إلى أن العديد من المسؤولين اللبنانيين كانوا، على أقل تقدير، مهملين جنائياً بموجب القانون اللبناني في تعاملهم مع الشحنة، ما أوجد خطرا غير معقول على الحياة».

 

وأضافت «تُظهر الوثائق الرسمية أن بعض المسؤولين الحكوميين توقعوا وقبلوا ضمنياً مخاطر الوفاة التي يشكلها وجود نيترات الأمونيوم في المرفأ» ، و» بموجب القانون المحلي، يمكن أن يرقى هذا الفعل إلى جريمة القتل قصداً و/ أو القتل بغير قصد».

 

وتابع التقرير « بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، فإن تقاعس الدولة عن التحرك لمنع المخاطر المتوقعة على الحياة ينتهك الحق في الحياة».

 

وإن كانت وثائق عدة بينت مخاطر نيترات الأمونيوم على السلامة العامة، فشلت بعض المراسلات في توضيحها، مكتفية بالإشارة إلى التأثير البيئي. كما تُبين وثائق عدة تقصير جهات مختصة وإغفالها خطوات ضرورية كان من الممكن اتخاذها لضمان سلامة المواد أو تدميرها.

 

وتم تخزين المواد إلى جانب مواد « قابلة للاشتعال أو متفجرة» ، وفق ما أظهر التحقيق.

 

واكتفت قيادة الجيش بالإبلاغ عن عدم حاجتها لتلك المواد، وإن كانت تقع على عاتقها مسؤولية الموافقة على استيراد وتصدير وإعادة تصدير مادة نيترات الأمونيوم في حال كانت نسبة الأزوت فيها تتجاوز 33,5 في المئة، كما كان الحال في الشحنة المخزنة.

 

واتهمت المنظمة وزارتي المالية والأشغال العامة والنقل بـ» الفشل في التواصل او إجراء التحقيق الملائم» في الشحنة ومخاطرها، كما لم تتخذ « أي من الأجهزة الأمنية العاملة في المرفأ خطوات مناسبة لضمان سلامة المواد أو وضع خطة طوارئ أو إجراءات احترازية في حال اندلاع حريق».

 

واعتبرت المنظمة أن جهاز أمن الدولة تأخر في إبلاغ المسؤولين عن نتائج تحقيقه، مشيرة إلى أن إدارة الجمارك كان بإمكانها التخلص من المواد لكنها فشلت في اتخاذ الإجراءات المناسبة.

 

ووجهت هيومن رايتس ووتش أصابع الاتهام في تقريرها لكل من عون ودياب ومدير عام جهاز أمن الدولة طوني صليبا وقائد الجيش السابق جان قهوجي ووزير المالية السابق علي حسن خليل ووزيري الأشغال العامة السابقين غازي زعيتر ويوسف فنيانوس.

 

واعتبرت أن هؤلاء، وغيرهم، « فشلوا في اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية الناس».

 

واستعادت مجلة «لوبس» الفرنسية في مقال مشترك مع وكالة الصحافة الفرنسية، معلومات تتعلق بانفجار 4 آب 2020، الذي دمر احياء بأكملها في بيروت، اضافة الى 214 شهيداً، وأكثر من 6500 جريح. وأشارت الى العراقيل السياسية التي تمنع التحقيق او الوصول الى الحقيقة.

 

564364 إصابة

 

صحياً، اعلنت وزارة الصحة العامة في تقريرها اليومي عن تسجيل 1240 اصابة جديدة بفايروس كورونا، في الساعات الـ24 الماضية مع تسجيل 5 حالات وفاة ليرتفع العدد التراكمي الى 564364 حالة مثبتة مخبرياً منذ 21 شباط 2020.

 

 

******************************************************************************

 

افتتاحية صحيفة الديار

 

عام على انفجار المرفأ: تحقيقات تتخبط بالحصانات وترقب صدور القرار الظني قبل نهاية العام

 سخط شعبي عارم يطبع تحركات اليوم وتصعيد ليلي مرتقب وخوف من «طابور خامس»

3 أشهر صعبة جدا على لبنان…ومصادر تحذر: بدأ اللعب الدولي على الوتر الأمني! – بولا مراد

 

عام كامل مضى على الانفجار الكارثي في مرفأ بيروت، لا يزال يشعر معظمنا انه حصل بالأمس. فالأيام الـ5 التي وعدت بها حكومة تصريف الاعمال للانتهاء من التحقيق الاداري وتحديد المسؤوليات تحولت اشهرا وهي ستتحول لسنوات في حال بقيت التحقيقات القضائية تتخبط بالفيتوات السياسية وآخرها بملف الحصانات. ولعل ما يزيد قتامة المشهد وخيبة أهالي الضحايا ان اي مطالبة بتحقيق دولي قد لا تكون مجدية طالما ان المحققين الفرنسيين كما الاميركيين والذين تواجدوا لاسابيع في المرفأ بعد الانفجار لم يقدموا لهم ما يشفي غليلهم. فلا صور الأقمار الاصطناعية التي طالب بها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وصلت، ولا التعاون القضائي الدولي مع المحقق العدلي اللبناني لتحديد من يقف وراء الشحنة ومن المستفيد منها حصل. والأنكى من كل هذا خروج المسؤولين السياسيين الذين لم يحركوا ساكنا قبل التفجير لتفاديه، ولم يحركوا ساكنا بعده لتحمل مسؤولياتهم، في الساعات الماضية للمطالبة بالحقيقة والعدالة وكأن من اقترف الجريمة الضحايا وأهاليهم ومئات الذي أعيقوا ودمرت منازلهم وأرزاقهم…فبات الاقتصاص منهم واجبا!

  4 آب: ترقب الغضب المسائي

 

ويبدو ان الاستعدادات ليوم الرابع من آب ستكون على مستوى الحدث – الكارثة. فبعد ان تم اعلانه يوم حداد وطني، من المفترض ان تتحول بيروت خلال ساعات بعد الظهر الى محج للبنانيين من جميع المناطق سيشاركون في عشرات المسيرات التي ستنطلق من عدد كبير من النقاط لتصب جميعها في منطقة المرفأ التي ستشهد على اكثر من نشاط وأبرزها القداس الجامع الذي سيرأسه البطريرك الماروني بشارة الراعي.

 

وبات محسوما ان التحركات لن تبقى في اطارها السلمي، اذ تشير معلومات «الديار» ان اهالي الضحايا اتفقوا في ما بينهم على الحفاظ على سلمية نشاطات فترة ما بعد الظهر مع مجموعات «الحراك المدني» على ان يبدأ التصعيد في فترة المساء وبالتحديد بعد القداس. وتقول مصادر مطلعة على الحراك المرتقب ان الوجهة بعد المرفأ ستكون على الارجح محيط مجلس النواب وعدد من منازل السياسيين المشمولين في لائحة المحقق العدلي، مضيفة:»حتى الساعة لا اتفاق نهائيا بين مجموعات الحراك حول الاهداف الواجب التوجه اليها، لذلك قد يتم تقسيم المجموعات ما يؤدي لتخفيف الضغط الامني والعسكري عليها».

 

وتخشى مصادر أمنية انفلات الوضع في الشارع، لافتة الى حالة استنفار اعلنت منذ ساعات ما بعد ظهر يوم امس ستستمر حتى صباح يوم الخميس،مضيفة لـ»الديار»:»لا شك نخشى الفتنة ونخشى دخول طابور خامس على الخط..لكننا في جهوزية تامة للتعاطي مع كل السيناريوهات».

 

ولفت يوم أمس التقرير الصادر عن «هيومن رايتس ووتش» الذي تحدث بوضوح عن تقصير الطبقة الحاكمة في حماية المدنيين من الانفجار. وقد خلص التقرير الذي أصدرته المنظمة الدولية إلى وجود أدلة قوية تشير إلى أن بعض المسؤولين اللبنانيين علموا وقبلوا ضمنيا بالمخاطر التي تشكلها مادة نترات الأمونيوم التي كانت مخزنة في مرفأ بيروت قبل الانفجار المروع الذي دمره في الرابع من آب من العام الماضي. وتتبع التحقيق أحداثا تعود إلى عام 2014 وما بعده في أعقاب جلب الشحنة إلى مرفأ بيروت، كما رصد تحذيرات متعاقبة بشأن خطورة هذه الشحنة إلى عدة جهات رسمية. ودعت المنظمة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى إجراء تحقيق في الانفجار وحثت الحكومات الأجنبية على فرض عقوبات على المسؤولين تتعلق بحقوق الإنسان والفساد. وقالت «هيومن رايتس» إن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب والمدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا ووزراء سابقين طلب القاضي بيطار إفادات منهم، تقاعسوا في اتخاذ إجراءات لحماية الناس على الرغم من إبلاغهم بالمخاطر.

 

وقالت مصادر قضائية لـ»الديار» انه ورغم الضغوط التي يتعرض لها المحقق العدلي فهو ماض في تحقيقاته، على ان يصدر قراره الظني قبل نهاية العام الحالي. واضافت:»كان يخطط لاصداره في ايلول لكن تأخر المحققين الفرنسيين الذين شاركوا في التحقيقات الاولية في ارسال تقريرهم الفني والذي يفترض أن يصدر في ايلول جعله يؤجله حتى رأس السنة».

  عون: بتصرف القضاء للاستماع لافادتي

 

وتسابق يوم أمس المسؤولون اللبنانيون في كتابة رسائل وجدانية للمواطنين الذين تمنوا لو تسابقوا قبل 4 آب لتفادي المجزرة. وأظهرت هذه الرسائل التناقض في مقاربة الفرقاء السياسيين للملف، وان كان معظمهم ينتقد تركيز المحقق العدلي على شق الاهمال القضائي على حساب التحقيق بمن ادخل النيترات ولماذا. وفي رسالة وجهها الى اللبنانيين في ذكرى 4 آب، دعا رئيس الجهورية العماد ميشال عون القضاء إلى ان يذهب الى النهاية في التحقيق والمحاكمات، «وأنا معه، وإلى جانبه، حتى انجلاء الحقائق وتحقيق العدالة». وقال:» عندما يضع رئيس الدولة نفسه بتصرف القضاء لسماع إفادته فلا عذر لأحد بأن يمنح نفسه أي حصانة، أو يتسلح بأي حجة، قانونية كانت أم سياسية،  كي لا يوفّر للتحقيق كل المعلومات المطلوبة لمساعدته في الوصول إلى مبتغاه».

 

وفيما شدد رئيس مجلس النواب نبيه بري على ان «العدالة ليست عريضة او عراضة بل هي إستحقاق يومي تتكرس باستقلالية القضاء وتطبيق الدستور والقانون»، مشددا على انه «لن نرضى بأقل من العدالة والاقتصاص من المتورطين بأي موقع كانوا ولأي جهة انتموا، والمدخل إلى ذلك معرفة الجهة التي أدخلت نيترات الموت إلى عاصمتنا بيروت»، دعا حزب الله الى ضرورة «العمل الجاد ‏للوصول إلى الحقيقة الكاملة غير المنقوصة بكل شفافية وصدق، بعيداً عن الاستغلال ‏السياسي الرخيص وتصفية الحسابات والصراعات الداخلية الضيقة التي تخفي في طياتها ‏الكثير من الأهداف الخبيثة وأهمها تغييب الحقيقة وتضييع المسؤوليات، وبالتالي منع ‏المحاسبة ومحاكمة المقصرين والمرتكبين».

 

أما رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب فشدد على أنه «لا يمكن أن تنكشف الحقائق الكاملة لتلك الكارثة من دون أجوبة واضحة على أسئلة جوهرية: من أتى بهذه المواد؟ ولماذا؟ كيف ولماذا بقيت 7 سنوات؟ كيف حصل الانفجار؟»

 

من جهته، اعتبر رئيس «المستقبل» سعد الحريري ان للعدالة قاعدتين، «لجنة تحقيق دولية تضع يدها على الملف وساحة الجريمة او تعليق القيود التي ينص عليها الدستور والقوانين وما ينشأ عنها من محاكم خاصة تتوزع الصلاحية والأحكام في الجريمة الواحدة».

 

في هذا الوقت، وفي ظل تلاشي كل الاجواء الحكومية الايجابية، نبهت مصادر مطلعة على موقف حزب الله من 3 أشهر صعبة جدا قد تمتد حتى رأس السنة، مرجحة في تصريح لـ»الديار» ان تتواصل الازمة السياسية ما ينعكس تلقائيا على كل القطاعات وعلى وضع البلد برمته. واضافت:»لكن الخوف الاكبر من انتقال اللاعبين الدوليين لتحريك الامن في البلد لاعتقادهم اننا وصلنا الى مرحلة من الاستواء تجعل اللعب على وتر الاستقرار الامني مفيدا لها وبالتحديد في مجال حصار حزب الله استعدادا لتوجيه ضربة له».

 

وعلى الخط الحكومي، لا يتوقع ان يتحقق اي خرق يذكر قبل الاجتماع الجديد المرتقب بين عون وميقاتي الخميس. ولفت يوم امس اللقاء الذي جمع عضوي كتلة «الوسط المستقل» النائبين نقولا نحاس وعلي درويش بالبطريرك الراعي في الديمان. وقال نحاس على الاثر: «بتكليف من دولة الرئيس نجيب ميقاتي، قمنا بزيارة البطريرك الراعي واطلعناه على الاجواء السائدة في عملية التأليف الحكومي، واطلعنا على ارائه، وتمنينا ان يستمر التواصل من اجل الوصول الى الغاية التي نريدها جميعا». اضاف: «البطريرك مهتم جدا بأن تبصر الحكومة النور سريعا من اجل الوطن والناس والبلد، وباذن الله فان التواصل سيستمر والامور مرهونة باوقاتها، والمهم، كما يقول غبطته، ان نتعلم من عبر الماضي، ونسعى للبحث في ازالة كل المعوقات، لأن الوصول الى تشكيل حكومة أمر اساسي من اجل مستقبل اللبنانيين واستمرار لبنان».

 

وقالت مصادر مطلعة لـ الديار» ان هذا اللقاء يأتي باطار وضع ميقاتي البطريرك اولا بأول في نتائج المشاورات الحاصلة حرصا منه على موقع البطريركية ودورها وكي يكون على بينة على كل ما يحصل.

 

وعشية مؤتمر الدعم الذي تعقده الاسرة الدولية افتراضيا لدعم الشعب اللبناني والذي دعت اليه  فرنسا بالتعاون مع الامم المتحدة، اجتمعت مجموعة الدعم الدولية من اجل لبنان أمس وأعربت في بيان صادر عنها، عن تضامنها مع عائلات الضحايا ومع كل من تضررت حياتهم وسبل عيشهم.

 

وحثت السلطات على الإسراع في استكمال التحقيق في انفجار المرفأ من اجل كشف الحقيقة وتحقيق العدالة.

 

واضافت المجموعة:»نتابع بقلق شديد التدهور الاقتصادي المتسارع الذي تسبب في ضرر بالغ لجميع شرائح المجتمع اللبناني ومؤسساته وخدماته».وإذ لاحظت «مرور عام دون تشكيل حكومة» وأخذت علماً «بتكليف رئيس وزراء جديد»، فإنها دعت «القادة اللبنانيين إلى أن يبادروا دون تأخير الى تقديم الدعم لتشكيل حكومة ذات صلاحيات تمكنها من تطبيق إصلاحات مجدية.

 

ودعت مجدداً إلى أهمية إجراء الانتخابات في مواعيدها حفاظا على ديمقراطية لبنان ولاستعادة ثقة وامل الشعب اللبناني.

 

 

**************************************************************************

 

افتتاحية صحيفة الشرق

 

لبنان يحيي ذكرى الفاجعة…متى تظهر الحقيقة ؟  

 

ليس في الاجندة اللبنانية التي باتت مواعيدها السياسية مقتصرة على تعداد زيارات الرئيس الثالث المكلف تشكيل حكومة الى قصر بعبدا، فيما البلاد ماضية في سرعة جنونية نحو الفوضى والانهيار، سوى يوم 4 آب وذكراه الاليمة في نفوس واجساد اللبنانيين اليوم  سيستذكر الشعب بحرقة من امام عنابر الموت التي خزّن فيها السياسيون نيتراتهم المشؤوم، حجم معاناة لم تفلح الايام الـ365 في التخفيف منها، ويعاين وجع ذوي شهداء ممنوعة عليهم العدالة ومحجوبة الحقيقة، والآم مصابين تشهد ندوبهم على فداحة كارثة ارتكبها كل من تولى منصبا مسؤولا منذ العام 2014 حتى لحظة الانفجار.

 

بحجم الكارثة هذه، لا بدّ ستكون انتفاضة الشعب وصرخته اليوم في وجه «عديمي المسؤولية» ممن لم يكلفوا انفسهم عناء الاستقالة من مناصب لازالت هي نفسها تمنع تأليف حكومة تشكل حبل الخلاص الاخير من جهنمهم الموعودة، وكأن شيئاً لم يكن.  ولئن أعدت المنظومة الفاسدة عدة المواجهة الامنية بإتقان لقمع اصواتهم التي ستصدح مطالبة بالحقيقة ورفع الحصانات عن المدعى عليهم، فإن اللبنانيين الشرفاء لن يأبهوا للنظام القمعي ولا للممارسات «البلطجية» المعهودة لأجهزة السلطة ولا لقنابلهم المُسيّلة للدموع، فدموعهم جفت لكثرة ما ذرفوا منها. سيتحركون ويملأون الطرق والساحات ويرفعون الصلوات، علّها توقظ الضمائر الغائبة، ان تبقى لديهم منها.

 

الانظار الى المرفأ

 

الانظار كلّها تتجه اذا اليوم الى المرفأ. فإحياء الذكرى السنوية الاولى على انفجاره يبدو ستكون كبيرة شعبيا، توازي حجم الجريمة التي حصلت واودت بحياة 218 شخصا في ثوان فيما اصابت المئات بجروح وشردت الآلاف. وبالتزامن مع الحدث «الميداني» في بيروت، ستجتمع افتراضيا الاسرة الدولية حول الشعب اللبناني في مؤتمر دعم مخصص له تقيمه فرنسا بالتعاون مع الامم المتحدة.

 

كانوا يعلمون

 

في الاثناء، برز تقرير صادر عن هيومن رايتس واتش دلّ مجددا الى تقصير الطبقة الحاكمة في حماية المدنيين من الانفجار. فقد خلص تقرير أصدرته المنظمة الدولية امس إلى وجود أدلة قوية تشير إلى أن بعض المسؤولين اللبنانيين علموا وقبلوا ضمنيا بالمخاطر التي تشكلها مادة نيترات الأمونيوم التي كانت مخزنة في مرفأ بيروت قبل الانفجار المروع الذي دمره في الرابع من آب من العام الماضي. ويقع تقرير المنظمة الدولية في أكثر من 127 صفحة ويشمل نتائج ووثائق. وخلص إلى أن هناك أدلة الى أن عددا من المسؤولين اللبنانيين ارتكبوا جريمة الإهمال الجنائي بموجب القانون اللبناني.  وتتبع التحقيق أحداثا ترجع إلى عام 2014 وما بعده في أعقاب جلب الشحنة إلى مرفأ بيروت، كما رصد تحذيرات متعاقبة بشأن خطورة هذه الشحنة إلى عدة جهات رسمية. وجاء في التقرير «تشير الأدلة بقوة إلى أن بعض مسؤولي الحكومة توقعوا الموت الذي قد ينجم عن وجود نيترات الأمونيوم في المرفأ وقبلوا ضمنيا باحتمال حدوث وفيات».

 

ودعت المنظمة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى إجراء تحقيق في الانفجار وحثت الحكومات الأجنبية على فرض عقوبات على المسؤولين تتعلق بحقوق الإنسان والفساد. وقال تقرير هيومن رايتس إن الرئيس ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب والمدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا ووزراء سابقين طلب القاضي بيطار إفادات منهم، تقاعسوا في اتخاذ إجراءات لحماية الناس على الرغم من إبلاغهم بالمخاطر. وأفادت وثيقة اطلعت عليها رويترز وأُرسلت قبل أسبوعين تقريبا من الانفجار بتحذير الرئيس ورئيس الوزراء من المخاطر الأمنية التي تشكلها الكيماويات المخزنة في المرفأ ومن أنها قد تدمر العاصمة.

 

مجموعة الدعم

 

الى ذلك، وعشية مؤتمر الدعم، اجتمعت مجموعة الدعم الدولية من اجل لبنان  امس وفي بيان صادر عنهم، أعرب جميع الأعضاء عن تضامنهم مع عائلات الضحايا ومع كل من تضررت حياتهم وسبل عيشهم. وحثوا السلطات على الإسراع في استكمال التحقيق في انفجار المرفأ من اجل كشف الحقيقة وتحقيق العدالة.

 

وأخذت علماً «بتكليف رئيس وزراء جديد»، فإنها دعت «القادة اللبنانيين إلى أن يبادروا دون تأخير الى تقديم الدعم لتشكيل حكومة ذات صلاحيات تمكنها من تطبيق إصلاحات مجدية. ودعت المجموعة مجدداً إلى أهمية إجراء الانتخابات في مواعيدها حفاظا على ديموقراطية لبنان ولاستعادة ثقة وامل الشعب اللبناني».

 

تلبّد الاجواء

 

على الخط الحكومي، لا جديد غداة تلبّد اجواء التأليف اثر اللقاء الرابع بين عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي. وعشية اجتماعهما الخامس الخميس، وبينما يتحدّث الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصراللّه السبت المُقبل، في الساعة الثامنة والنصف مساءً بمناسبة ذكرى حرب تموز، زار عضوا «كتلة الوسط المستقل» النائبان نقولا نحاس وعلي درويش البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في الديمان. وقال نحاس على الاثر: «بتكليف من دولة الرئيس نجيب ميقاتي، قمنا بزيارة البطريرك الراعي واطلعناه على الاجواء السائدة في عملية التأليف الحكومي، واطلعنا على ارائه، وتمنينا ان يستمر التواصل من اجل الوصول الى الغاية التي نريدها جميعا». اضاف: «البطريرك مهتم جدا بأن تبصر الحكومة النور سريعا من اجل الوطن والناس والبلد، وباذن الله فان التواصل سيستمر والامور مرهونة باوقاتها، والمهم، كما يقول غبطته، ان نتعلم من عبر الماضي، ونسعى للبحث في ازالة كل المعوقات، لأن الوصول الى تشكيل حكومة أمر اساسي من اجل مستقبل اللبنانيين واستمرار لبنان».

 

الاعتذار..مسألة ايام

 

من جهته، أعلن عضو كتلة المستقبل النائب محمد الحجار في حديث الى اذاعة «صوت لبنان»، أن «كلام ميقاتي عن أن المهلة غير مفتوحة تدل بتقديري الى أن القصة مسألة أيام». وردا على سؤال عن بديل لميقاتي، لفت إلى أن «مع رئيس الجمهورية ميشال عون، إما الإتيان برئيس يبصم فقط أو لا رئيس».

 

************************************************************************

 

 

صحيفة الأنباء الإلكترونية :

 

عام على التفجير وإعادة إعمار رئة لبنان لم تنطلق... والخسائر تبلغ 5 مليار دولار

 

عام مرّ على أحد أضخم الانفجارات التي شهدها التاريخ، انفجار مرفأ بيروت. عام والجراح لم تندمل بعد، في حين أن الحقيقة لم تنكشف، والمجرمون لم تتم محاسبتهم، وعملية إعادة إعمار المرفأ لم تنطلق. عام مرّ، ويمكن القول أننا ما زلنا نراوح مكاننا، دون أي تقدم على أي صعيد يُذكر.


عام مرّ على تاريخ الرابع من آب، وعام مرّ على الوعود التي أطلقتها السلطة الحاكمة لكشف حقيقة ما حصل عند الساعة السادسة والسبع دقائق من ذلك اليوم، ولا نتيجة بعد ولا محاسبة. يدور الملف حالياً في دوائر القضاء العدلي الذي سرّع من وتيرة العمل قبل أسابيع معدودة من الذكرى السنوية الأولى للانفجار.


كل المطلوب لتسهيل عمل المحقق العدلي هو رفع الحصانات عن المطلوب الاستماع لشهاداتهم، الأمر الذي لم يحصل بعد. الملف أخذ جدلاً واسعاً ويشكّل التهديد الأكبر لسلامة مسار التحقيقات، خاصة وأنه وفق القانون لا حصانات فوق أحد، كما يكشف النائب السابق والمحامي صلاح حنين.


وفي حديث مع جريدة "الأنباء" الإلكترونية، يوضح حنين أن "الحصانة غير متوفرة بالنسبة لرؤساء الحكومات أو الوزراء عند اقترافهم جرماً جزائياً، كجريمة تفجير مرفأ بيروت، لأن المادة 70 من الدستور تقول، لمجلس النواب أن يتهم رئيس مجلس الوزراء والوزراء في حال ارتكابهم الخيانة العظمى أو اخلالهم بالواجبات المترتبة عليهم فقط، لكنها لا تشمل أبداً الجرم الجزائي الذي يبقى خارج حلقة الإتهام من قبل مجلس النواب، وبالتالي يمكن محاكمتهم أمام القضاء العدلي بشكل طبيعي دون العودة إلى المجلس المذكور".


ويضيف: "كما أن الجرم الجزائي لا يخضع للمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، إذ أن المادة 71 تقول إن محاكمة رئيس مجلس الوزراء والوزير المتهم أمام المجلس الأعلى متعلقة بحالتين لا ثالث لهما، الخيانة العظمى والاخلال بالواجبات، وهذه المادة معطوفة على المادة 70، وبالتالي من المفترض محاكمتهم أمام المجلس العدلي بحكم أن الجرمَ جزائيٌ دون إذن مجلس النواب".


ويتابع: "أما بالنسبة لرئيس الجمهورية، المادة 60 من الدستور تقول لا تبعة على رئيس الجمهورية في حال قيامه بوظيفته إلا عند خرق الدستور أو في حال الخيانة العظمى، أما التبعة في ما يختص بالجرائم العادية فهي خاضعة للقوانين العامة، لكن لا يمكن اتهامه بسبب هذه الجرائم أو بسبب خرق الدستور والخيانة العظمى إلّا من قبل مجلس النواب، ويُحاكم أمام المجلس الأعلى، وهذه المادة خاصة برئيس الجمهورية فقط وتؤكد أن لا حصانة للآخرين بالنسبة للجريمة العادية".


أما وبالنسبة للنواب الذين تولوا مهاماً وزارية سابقاً ويريد المحقق العدلي استدعاءهم، يشير حنين إلى ان "المادة 40 تقول لا يجوز أثناء دور الانعقاد (مجلس النواب) اتخاذ اجراءات جزائية أو القاء القبض عليهم إذا اقترفوا جرماً جزائياً إلّا بإذنٍ من مجلس النواب، ما خلا حالة التلبّس بالجريمة، أي الجرم المشهود. لكن هذه المادة تحد الموضوع بالاجراءات الجزائية، أي التوقيف أو حجز الحرية، إنما هذا لا يمنع اتخاذ اجراءات قانونية بحقهم، كالاستماع إلى الشهادة أو المحاكمة والاتهام".


"صفر حصانة للجميع" يختم حنين حديثه. قد يكون الخبر المنتظر من قِبل أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت، وهم الذين ينتظرون العدالة بفارغ الصبر، ويؤرقهم قلق افلات المسؤولين عن استقدام وتخزين نيترات الامونيوم في مرفأ بيروت، وسط العاصمة، بين الناس، معرضين حياة الآلاف للخطر، من الحساب.


من جهة أخرى، يعود ملف إعادة اعمار المرفأ وبيروت إلى الواجهة في الذكرى السنوية للتفجير، نسبةً لأهمية المرفأ الاقتصادية، كونه يشكل رئة لبنان، والمنشأة الأكبر على صعيد الحركة التجارية بالنسبة للاستيراد والتصدير، وسيكون له دور كبير في المستقبل، كما ووجوب إعادة تأهيل المنطقة المحيطة لاعادة السكان إلى منازلهم.


الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة يشير إلى أن "80% من مرفأ بيروت تدمّر، أما المناطق المتضررة، فهي تنقسم إلى ثلاث مناطق، الأولى هي المناطق الملاصقة للمرفأ، والتي تضررت بشكل كبير جداً، حيث تهدّمت الأبنية بشكل تام أو جزئي، أما المنطقة الثانية فهي ذات الأضرار المتوسطة، والثالثة هي التي تبعد نسبياً عن موقع الانفجار، واقتصرت الأضرار على تكسير الزجاج أو الأبواب".


وفي اتصال له مع "الأنباء" الإلكترونية، يذكر عجاقة نوعين من الخسائر، المباشرة وغير المباشرة. "بالنسبة لتلك المباشرة، فانها تتمثل بتدمير المرفأ والآليات والمباني المحيطة والسيارات وغيرها من الماديات، أما تلك غير المباشرة، فتتمثل بغياب الفرص الاقتصادية، فالاقتصاد اللبناني مبني على الاستيراد، و70% من هذه الحركة تتم عبر المرفأ، وبالتالي هذه أحد الفرص الاقتصادية التي خسرها لبنان، بالاضافة إلى خسارة الوظائف واقفال المؤسسات المحيطة وغيرها".


وحول اعادة اعمار المرفأ، يلفت عجّاقة إلى ان "تكلفة عملية اعادة اعمار مرفأ بيروت واعادته إلى شكله قبل الانفجار، دون التغيير في هيكليته أو توسيعه، تتراوح بين 200 مليون و500 مليون دولار، وهذا الفارق بين الرقمين هو نسبةً لتضرر وتصدّع أرض المرفأ، ومدى امكانية البناء عليها دون اعادة بناؤها. أما وفي حال نيّة توسيع المرفأ لتكبير حجم الاستثمارات، فذلك سيعني ارتفاع الكلفة".


أما وبالنسبة للمناطق المحيطة، فيشير عجاقة إلى أن "الكلفة تتراوح بين 500 مليون دولار والمليار دولار. وعلى صعيد الخسائر غير المباشرة التي ذكرناها سابقاً، فهي تُقدر بما بين المليارين والأربعة مليار دولار، وبالتالي اجمالي خسائر الانفجار يكون ما بين 4 و5 مليار دولار"، وهنا، يذكر عجاقة "العرض الالماني والذي تبلغ كلفته 10 مليار دولار، وهو مشروع ضخم يهدف لاعادة اعمار المنطقة بأكملها وادخال التقنيات المتطورة اليها والى المرفأ"، مع تشديده على وجوب ابقاء ملكية المرفأ للدولة اللبنانية لأنه مرفق سيادي.


ويرى عجاقة أن "إعادة اعمار المرفأ أمر ضروري بالنسبة للبنان، فإلى جانب الدور الداخلي الذي يلعبه على صعيد الاستيراد والتصدير، سيكون له دور استراتيجي مع اطلاق عملية إعادة اعمار سوريا، إلى جانب مرفأ طرابلس، إذ المرافئ السورية وحدها لن تكون قادرة على القيام بالمهمة وحدها".


إلّا أن عجاقة يلفت إلى أن "عملية اعادة الاعمار تتطلب بالدرجة الأولى وجود حكومة أصيلة، كما استقدام الاستثمارات الخارجية، لأنه يستحيل على الاستثمارات الداخلية القيام بالدور المطلوب، كما ويحتاج اللأمر إلى ضوء أخضر جيوسياسي من الخارج، إذ عادةً تتمتع البنى التحتية والاستثمارات الضخمة بحمايات معنوية دولية لضمان أمنها".
 

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

Whats up

Telegram