كانت تلك المستويات السياسية تحاول أن تحجب سوء التفاهم في ما بينها، تارة بالحديث عن لقاءات وشيكة لم تحصل، وتارة أخرى بتسريب كلام من نوع «الاختلاف في الرأي لا يفسد في الودّ قضية»، إلّا أنّ مظاهر الجفاء تخبّر عن نفسها بنفسها، أولاً في ما يتسرّب من دواخلها من كلام صريح عن «علاقات معوكرة»، وثانياً في خطوط التواصل المباشر وغير المباشر التي اعتادت قبل «ثلاثاء السلاح» و«خميس الورقة الأميركية» ان تكون ساخنة، وشغّالة على نحو شبه متواصل بين تلك المستويات، والتي لفحتها برودة، أو بمعنى أدقّ وأوضح، صقيع غطّاها بالكامل بعد القرارين، بطبقة سميكة من الجليد الذي تصعب إذابته بالمجاملات وتبويس اللحى على الطريقة اللبنانيّة. قراءة المشهد بعد قراري الحكومة تزداد تعقيداً، ومن يراقب الأرض، والصراع المحتدم بين مؤيدي القرارين ومعارضيهما، الذي تبدّت فيه ألوان متنوّعة من الاستفزاز السياسي والإعلامي والشارعي المتفلّت من أي روادع او ضوابط، لا يصرف كثير عناء ليدرك عمق المأزق الذي دخل فيه البلد، ويستهول مخاطر التدحرج الخطير للارتدادات، نحو منحدر مجهول، وخصوصاً أنّ هذا الصراع مذخّر بعوامل كثيرة ترشّحه أكثر فأكثر لأن يزداد احتداماً، ربطاً بما يتسارع من أحداث وحراكات، تتوازى بدورها مع تصلّب واضح على ضفتي الاشتباك، حيث تموضع كل طرف خلف متراسه، وصار أسير موقفه، فلا الحكومة، وكما يؤّكد أهل القرارين، في وارد التراجع عنهما، ولا الثنائي؛ حركة «أمل» و«حزب الله» كما بات أكيداً، في وارد القبول بالقرارين وتمريرهما. والحزب تحديداً، قال كلمته الأخيرة في هذا الأمر، بلسان رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد: «الموت ولا تسليم السلاح». واتبع هذا الكلام بتأكيد متجدّد بأنّ «الحزب لن يسلّم حتى مجرّد إبرة!».
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :