«السلاح مصدر القوة»... إلّا في لبنان

«السلاح مصدر القوة»... إلّا في لبنان

 

Telegram

 

تتوالى التصريحات الغربية والإسرائيلية في الآونة الأخيرة لتُعيد تثبيت معادلة قديمة متجددة: «من لا يملك القوة لا يملك الحرية». هذا ما قاله الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بوضوح في خطابه عشية العيد الوطني في 13 تموز الجاري، حين اعتبر أنّ «من أجل أن نكون أحراراً في هذا العالم، علينا أن نكون مُخيفين، ولكي نكون مُخيفين، علينا أن نكون أقوياء».

أما رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي، إيال زامير، فقد أطلق موقفاً مشابهاً بالتزامن مع الاشتباكات التي شهدتها محافظة السويداء السورية، قائلاً إن «المجازر ضد الدروز في السويداء تثبت أن من ليس قادراً على الدفاع عن نفسه، فلن يكون قادراً على العيش بأمان».

وبغضّ النظر عن السياقين المختلفين، يجتمع التصريحان على تكريس مبدأ واحد: السلاح وسيلة ضرورية للحماية والكرامة والاستقلال، سواء على مستوى الدولة كما في الخطاب الفرنسي، أو على مستوى الجماعات المهددة كما في الموقف الإسرائيلي من دروز سوريا.

هذا المنطق الذي يستند إلى وقائع لا تحليلات، يبدو مرفوضاً كلياً في الحالة اللبنانية، إذ يواصل المسؤولون أنفسهم، من باريس إلى تل أبيب، دعواتهم لنزع سلاح المقاومة، بزعم «حصرية السلاح بيد الدولة»، وهي عبارة أصبحت جزءاً من القاموس السياسي المكرر في كل المحافل الغربية والقرارات الأممية، وآخرها ما يُطرح في إطار النقاشات حول تطبيق أو تعديل القرار 1701.

التناقض لا يقتصر على الشعار، بل يمتد إلى الممارسة. ففرنسا التي ترفع شعار «الردع يحمي السلام»، هي نفسها الراعي المباشر لمشروع توسيع تفويض قوات اليونيفيل في الجنوب اللبناني، بما يضمن حرية الحركة والتدخل من دون الجيش اللبناني. وإسرائيل التي ترى أن السلاح يحمي الأقليات من الفوضى والتهديد الوجودي، لا تعترف بحق لبنان أن يمتلك عناصر القوة في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على سيادته، وتطالب بتجريده منها من دون أي ضمانات للحماية.

ولا يقلّ التناقض حدةً داخل لبنان نفسه. فالأطراف السياسية التي تتماهى مع باريس وواشنطن وتل أبيب، تتعاطى مع هذه التصريحات بعين المصلحة لا المبدأ. فهي تُرحِّب بمنطق القوة عندما يصدر عن حلفائها الخارجيين، لكنها ترفضه كلياً إذا كان مرتبطاً بحق اللبنانيين في الدفاع عن أنفسهم، وتحديداً عبر سلاح المقاومة. هؤلاء أنفسهم يرفعون الصوت للمطالبة بسحب سلاح المقاومة، ويعتبرون أن الحماية لا تأتي من التوازن العسكري أو من تسليح الجيش وتقويته، بل من الديبلوماسية والتوسّل لدى الأميركيين.

بهذا المعنى، لا تنفصل المواقف الغربية والإسرائيلية عن معيار مزدوج تجاه من يملك الحق في امتلاك أدوات القوة ومن لا يملكه. ففي حين يُسمح للأقليات في السويداء بأن «يدافعوا عن أنفسهم»، لا يُسمح لأهل الجنوب اللبناني أن يفعلوا الشيء نفسه، ولو كانوا في مواجهة عدوّ لا يقرّ بسيادة ولا بحدود.

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram