. الغارة على دمشق: رسائل إسرائيلية تتجاوز الحدود العسكرية
عادت سماء دمشق لتشهد تصعيدًا عسكريًا جديدًا مع استهداف إسرائيل لمبنى رئاسة الأركان السورية ومواقع أخرى قرب القصر الجمهوري، في خطوة تعكس عودة التصعيد الإسرائيلي على الأراضي السورية.
في هذا الإطار، يؤكد الكاتب والمحلل السياسي زياد عيتاني أن "التطور الأمني الذي شهدته سوريا، والمتمثل بالغارة الإسرائيلية على وزارة الدفاع ورئاسة الأركان في الجيش السوري، يُعدّ تطورًا خطيرًا ومفصليًا، إذ يشير إلى عودة إسرائيل إلى مخططها القديم، كما عبّر عن ذلك وزير الدفاع الإسرائيلي، والذي يتمثل في السعي للسيطرة على المنطقة الجنوبية من سوريا، الممتدة من السويداء حتى درعا، وتحويلها إلى منطقة منزوعة السلاح".
ويرى عيتاني أن "هذا التصعيد باتجاه العاصمة دمشق يُفهم في سياقه كدفع باتجاه تسوية إسرائيلية قديمة تسعى حكومة نتنياهو إلى فرضها، وقد رأت في الظروف الراهنة فرصة سانحة لتنفيذها".
ويسأل: "هل ستنجح إسرائيل في تحقيق هذا المخطط؟ هذا ما ستكشفه التطورات خلال الساعات القليلة المقبلة، لكن بعيدًا عن النوايا الإسرائيلية وموقف الحكومة السورية، يبقى السؤال الأهم، من سيدفع الثمن؟ وبرأيه، وحدهم أبناء الطائفة الدرزية في سوريا هم من سيدفعون الثمن، فبعض المواقف الصادرة عن قيادات درزية، وعلى رأسها الشيخ الهجري، وضعت دروز سوريا في موقع عمالة مع إسرائيل".
ويشدّد عيتاني على أن "هذا الموقع بالغ الخطورة، ويستدعي حكمة وترويًا كبيرًا من الحكومة السورية والرئيس أحمد الشرع، إضافة إلى تحرك سريع من المجتمع الدرزي في الأردن ولبنان وسوريا، لفك هذا الارتباط القسري والملتبس بين دروز سوريا وإسرائيل".
وينبّه إلى أن "الخطر الحقيقي لا يكمن فقط في العدوان الإسرائيلي، فالكثير من العواصم العربية تواجه تهديدات مماثلة، بل في التبعات الداخلية التي قد تترتب على هذه المرحلة، خصوصًا فيما يتعلق بتعرض النسيج الدرزي السوري لخطر عمليات انتقامية".
ويضيف: "في حال انفلت الوضع الأمني، فإن التحدي الأبرز سيكون قدرة الرئيس أحمد الشرع على ضبط ردود الأفعال، وحماية الاستقرار الأمني داخل دمشق ومحيطها، ولا سيما في منطقتي جرمانا وصحنايا، حيث يُقدّر عدد المواطنين السوريين الدروز بنحو 100 ألف، ورغم أن الحكومة السورية ما زالت تحافظ حتى الآن على السيطرة الكاملة في محافظة السويداء، وتمكنت من دحر الميليشيات المسلحة هناك، إلا أن التحدي الفعلي يكمن اليوم في صون الاستقرار داخل العاصمة ومحيطها، وتجنّب خسارة الحاضنة الاجتماعية بسبب سوء تقدير سياسي أو أمني".
وعن التهديد الذي يطال الشرع، يقول عيتاني: "منذ عودة الشرع إلى سوريا في عام 2015، وهو يواجه تهديدًا دائمًا على حياته، لكن بالنسبة إليه ولرفاقه، لم تكن المسألة يومًا مسألة حياة أو موت، بل كانت ولا تزال رهانًا على نجاح التجربة في إعادة بناء الدولة السورية والحفاظ على مسيرة عودتها إلى الاستقرار والمؤسسات".
ويشير إلى أن "إسرائيل، كما قال بيان وزارة الخارجية التركية، تسعى إلى ضرب الأمن والاستقرار في سوريا، لكن السؤال الجوهري اليوم، هل ستنجح إسرائيل في تحقيق هذا الهدف؟ الجواب لم يعد مرتبطًا فقط بالمواقف الدولية أو ردود الفعل الإقليمية، بل بات رهينًا بقدرة الرئيس أحمد الشرع والحكومة السورية على امتصاص الضربة الإسرائيلية الأخيرة، والمضي قدمًا في ترسيخ الأمن والاستقرار، لا سيما داخل العاصمة دمشق التي تُعد نقطة ارتكاز حساسة ومهمة في حسابات أعداء سوريا".
ويختم عيتاني بالقول: "إذا انجرفت السلطة السورية نحو الفخ الإسرائيلي، فإن الخاسر الأكبر لن تكون فقط الدولة السورية، بل أيضًا الطائفة الدرزية التي تواجه تحديًا وجوديًا داخل النسيج السوري".
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram
(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)
:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي