تُعدّ حيوانات الرنة، أو الكاريبو كما تُعرف في أمريكا الشمالية، من الكائنات المذهلة التي تتكيف مع أقسى البيئات على وجه الأرض. من بين تكيفاتها الفريدة، يبرز ادعاء مثير للاهتمام: تغير لون أعينها موسميًا. فهل هذه الحقيقة العلمية صحيحة بالكامل؟
آلية الرؤية الليلية المذهلة
تمتلك حيوانات الرنة، شأنها شأن العديد من الحيوانات الليلية أو التي تنشط عند الفجر والغسق، طبقة خاصة خلف شبكية العين تُعرف باسم البساط الشفاف (Tapetum Lucidum). تعمل هذه الطبقة كمرآة عاكسة، فتعكس الضوء مرة أخرى عبر الشبكية، مما يعزز قدرة الحيوان على الرؤية في ظروف الإضاءة المنخفضة جدًا.
تحول الألوان: من الذهبي إلى الأزرق
المدهش حقًا هو أن لون انعكاس البساط الشفاف لدى الرنة يتغير بالفعل مع الفصول:
* في الصيف المشرق: عندما تكون ساعات النهار طويلة وقد يصل الضوء إلى 24 ساعة في القطب الشمالي، يعكس البساط الشفاف لونًا ذهبيًا مصفرًا. يعتقد العلماء أن هذا اللون يساعد الرنة على رؤية واضحة في ظروف الإضاءة الساطعة نسبيًا.
* في الشتاء المظلم: مع حلول أشهر الشتاء القطبية حيث يغرق المشهد في ظلام شبه دائم، يتحول لون الانعكاس ليصبح أزرق اللون. هذا التغير ليس نتيجة لـ "ارتفاع ضغط العين بسبب اتساع البؤبؤ" كما قد يُشاع.
بل يعود إلى تغيرات في تباعد ألياف الكولاجين داخل البساط الشفاف نفسه. مع تناقص الضوء وقصر الأيام، تتقارب ألياف الكولاجين في هذه الطبقة. هذا التقارب يقلل المسافة بين الألياف، مما يجعلها تعكس الأطوال الموجية الأقصر من الضوء (مثل الأزرق) بشكل أكثر كفاءة.
تعزيز حساسية الرؤية
يُعدّ هذا التحول إلى اللون الأزرق تكيفًا بالغ الأهمية. فالضوء الأزرق هو اللون الأكثر انتشارًا وتشتتًا في ظروف الإضاءة الخافتة جدًا، مثل ضوء الشفق أو ضوء القمر الخافت المنعكس على الثلج. من خلال تحويل انعكاس أعينها ليتوافق مع هذا الضوء، تستطيع الرنة زيادة حساسيتها للرؤية في الظلام الدامس. ورغم أن بعض المصادر قد تبالغ في مدى الزيادة (مثل الادعاء بزيادة "تصل إلى 1000 مرة")، إلا أن الفائدة في تحسين الرؤية الليلية لا جدال فيها.
.
نسخ الرابط :