لا قانونية الألعاب على الإنترنت لا تُخفي الصراعات السياسية: حروب أركان السلطة وملوك القمار في لبنان!

لا قانونية الألعاب على الإنترنت لا تُخفي الصراعات السياسية: حروب أركان السلطة وملوك القمار في لبنان!

 

Telegram

 

في 29 كانون الثاني الفائت، وأثناء زيارة رئيس مجلس إدارة كازينو لبنان رولان خوري إلى قصر بعبدا لتهنئة رئيس الجمهورية جوزيف عون، وضع خوري نفسه بالتّصرف، ليطلب منه عون الاستمرار بمهماته، من دون أن يصدر عنه ما يوحي بأنّه سينبشُ ملفات الكازينو.

وخلاصة اللقاء كانت أن عون يُولي أهمية لملفات أكثر إلحاحاً مثل ملء الشواغر الإدارية والأمنية، قبل إجراء «نفضة» في الكازينو.

بعد أربعة أشهر، فتحت المُدّعية العامة المالية بالإنابة، القاضية دورا الخازن، تحقيقاً في ملف تشغيل الكازينو ألعاب الميسر والمراهنات عبر الإنترنت.

وتبيّن أنها بادرت إلى ذلك بطلب من نافذين في القصر الجمهوري، أصرّوا على أن تُسند التحقيقات إلى جهاز أمن الدولة الذي يديره فريق يوالي رئاسة الجمهورية، بمعزلٍ عمّا إذا كان لديه القدرة الكافية على التحقيق به والإحاطة بأبعاده.

وكان حجم التسريبات الإعلامية من قبل المعنيين أمنياً وقضائياً بالتحقيق لافتاً. وهي دلّت على أن الملف يُدار في جانبٍ منه بكيدية شخصية وسياسية، تحديداً عند تَقصُّد إشاعة أجواء عن أن الخازن قررت توقيف خوري قبل 24 ساعة من بدء التحقيق معه.

وبما أنّ ما يُسرّب، قريب جداً إلى حقيقة ما يرد في محاضر التحقيق، فقد تعززت فرضية وجود قوى نافذة قد تكون صاحبة مصلحة في تصفية حسابات مُحدّدة، وهو أمر يُنسب إلى فريق عون، الذي بَكَّر أحد مساعديه في القول بعد انتخابه، إن إدارة الكازينو، يٌفترض أن تكون من حصة رئيس الجمهورية. ثم انتشرت بعدها المعلومات، عن استدعاء خوري إلى القصر، والطلب إليه أن يُقدم استقالته من منصبه، وهو ما قوبل بالرفض.

وتبيّن أيضاً أنّ أحد المديرين في الكازينو، هو من «حرّض» مستشارين في القصر، زاعماً أن الكازينو لا يحصل على كامل حصّته من المراهنات وألعاب الميسر «أونلاين»، وأن شركة «OSS (Olive Support Systems)»، التي لزّمتها إدارة الكازينو تشغيل الألعاب تسطو على جزءٍ من حصتي الكازينو ووزارة المالية.

طُلب من رولان خوري الاستقالة لأنّ المنصب يجب أن يؤول إلى مقرّب من القصر، ثُمّ انطلقت التحقيقات بعد سُبات

بالتوازي تقدّمت مجموعة من موظفي الكازينو بإخبارٍ أمام النيابة العامة المالية، حول المسألة عينها، واعتبروا أن قضم «OSS» لجزء من حصة الكازينو والدولة، يحرمهم من إمكانية تحسين أوضاعهم المالية كموظفين.

ومعلوم أن هؤلاء، كانوا قد طالبوا خوري مراراً بتحسين أجورهم، من باب أن الكازينو بات يُحقّق مداخيل إضافية عن طريق تشغيل القمار عبر الإنترنت.

أما الخازن، فتُجيب من يسألها عن توقيت فتح ملف الميسر «أونلاين» بعد مرور ثلاث سنوات على المباشرة به بطريقة غير قانونية، بأن «مجموعة ملفات نامت في درج المدعي العام المالي السابق علي إبراهيم، وتعمل هي على التحقيق بها». وتنطلق الخازن من الرأي الاستشاري لديوان المحاسبة الذي نسف أي صفة قانونية للكازينو، لتسيير ألعاب الميسر عبر الإنترنت، ومن إخباراتٍ بعضها مُقدّم سابقاً استناداً إلى رأي الديوان، وبعضها جديد قدّمه موظفون.

عند بدء التحقيقات، جرت الإشارة إلى أن فرق أمن الدولة، داهمت المكاتب من أجل الحصول على داتا تظهر البيانات المالية الموجودة، وسط اتهام لإدارة الكازينو، بأنه يُخفي «الصندوق الأسود» الذي دائماً ما اشتهر الكازينو بخلقه لمصلحة أركان الدولة.

وفي زمن سابق، كان الكل يتحدث عن أن الكازينو، هو أحد مصادر التمويل للأجهزة الأمنية المحيطة بكبار المسؤولين، ولا سيما ما كان يُعرف في حينه بـ«المكتب الثاني»، أي استخبارات الجيش.

حتى اللحظة، لم تثبت التحقيقات وجود أدلة على تورّط خوري، بأيٍّ من جرائم التهرب الضريبي أو تبييض الأموال أو المسّ بالمال العام. ومع ذلك، جرى توقيفه بناءً على شبهة «الإهمال الإداري»، ما عزّز الشكوك مرّة أخرى، في خلفية وأبعاد التحقيق نفسه، الذي يفتح الباب أمام ممارسات قضائية انتقائية، لا تخدم تحقيق هدف المحاسبة.

وتسأل مصادر متابعة: «كيف لوزارة المالية، التي كانت على علم كامل بمنظومة التشغيل والإيرادات الشهرية الناتجة منها، ولم تبادر يوماً إلى تسجيل أي اعتراض على هذه الإيرادات، أن تصمت طوال المدة الماضية، ثم يُفتح فجأة هذا الملف بالتسريبات قبل أي موقف رسمي منها؟».

ثمة رواية مخالفة لكل ما يُشاع عن التوقيفات في ملف ألعاب القمار الإلكترونية، ومفادها أن حصّة ما يُسمّى «السوق السوداء» تدنّت إلى 50%، وأنه رغم كل الضغوط التي مُورست على (ج. ب.)، «ملك» ألعاب القمار غير الشرعية (يُشار إليها بأنها غير شرعية لأنها خارج إطار كازينو لبنان)، إلّا أنه لا يزال نافذاً جداً وتمكّن من إقناع مسؤولي القصر الجمهوري بأن هذه الألعاب تدرّ عائدت بقيمة 140 مليون دولار، وأن الكازينو لا يُصرّح عن أكثر من 50 مليون دولار، أي إن هناك نحو 90 مليون دولار يتم سرقتها وتقاسمها.

عملياً، هناك شركة «BetArabia» المملوكة بالكامل من الكازينو ومهمتها إدارة ألعاب القمار الإلكترونية.

وهي تعاقدت مع شركة «OSS» لتشغيل البرامج الإلكترونية، التي تحصل على 8% من العائدات، فيما تحصل الأولى على 82% منها.

وتبلغ قيمة العائدات المُصرّح عنها نحو مليوني دولار شهرياً بالمتوسط، علماً أن الإيرادات من شركات القمار الإكتروني ومنها «BetArabia» و«Poker Arabia»، أكبر من ذلك بكثير.

كثافة في التسريبات من أجل إخفاء أرقام عائدات القطاع، وما يصل منها إلى خزينة الدولة، وسط صمت وزارة المالية

ويُردّد أصحاب هذه السردية أن الهدف الأساسي وراء فتح ملف ألعاب القمار الإلكترونية هو إلغاء ما يُسمّى بـ«الألعاب الشرعية من خلال الكازينو»، وهو ما يُسهم تلقائياً بزيادة حصّة القيّمين على ألعاب القمار غير الشرعية أو ما يسمّى بـ«السوق السوداء»، لتعود هذه الأخيرة مهيمنة على كل الأرباح في السوق، بمعزل عمّا يُقال عن إن عقود الكازينو وممارساته في هذا المجال فوتت على الدولة عائدات مالية.

وثمة غاية أخرى من هذا الأمر، وفقاً لهذه الرواية، تتعلق بتبديل الأسماء، وهذا أمر سهل بعد إتمام الخطوة الأولى، إذ لا يمكن ترك الكازينو بلا رأس تنفيذي بعد توقيف خوري.

ولهذا السبب عقد مجلس إدارة الكازينو اجتماعاً أول من أمس خُصّص للبحث في تعيين بديل مؤقت.

لكن المسألة لا تحتاج إلى الكثير من التأويل والتفسير، فالمساهم الأكبر في الكازينو هي شركة «إنترا» التي تملك 53% أو 367 ألف سهم، ولا كلمة تعلو فوق كلمتها في كل الجمعيات العمومية.

وشركة «إنترا» التي يرأسها محمد شعيب، معروفة بأنها من «حصّة» الرئيس نبيه بري، وأن الاسم الذي يختاره بري سواء أُرسلَ إليه من القصر الجمهوري، أو من أي جهة أخرى، سيكون هو الرئيس الجديد للكازينو، سواء كان مؤقتاً أو دائماً.

هذا الأمر، يُعيدنا إلى المربع الأول، لجهة أن الحسابات التي تحكم عملية الاختيار هي حسابات المحاصصة السياسية، وهو أمر لا يتعلق بالفساد.

وإلّا فإن مجلس إدارة الكازينو هو مسؤول بكامل أعضائه عن علاقة الكازينو التعاقدية مع شركتي «BetArabia» و«OSS»، كون جميع الأعضاء أُطلعوا على العقد ووافقوا عليه، بمن فيهم ممثلي المساهم الأكبر في الكازينو، أي شركة «إنترا»، وسائر الأعضاء الذين يتم تعيينهم واختيارهم من قبل نافذين سياسيين ومن مصرف لبنان أيضاً.

وهذا الأمر يثير سؤالاً أساسياً: لماذا لم يتم استدعاء أي من هؤلاء للتحقيق بعد طالما أن كل هؤلاء وافقوا على أن يكون الكازينو مركز ألعاب القمار الإلكترونية؟

ومردّ السؤال أن الكثير من النقاشات دارت حول حقّ الكازينو في أن يعتبر أن الحصر القانوني لألعاب القمار به، ينطبق على تلك التي يتمّ تشغيلها إلكترونياً، وهذه هي النقطة المركزية التي يتم الاستناد إليها في كل التحقيقات.

في ما عدا ذلك، يتردّد أن (ج. ب.) المعروف بـ«ملك» السوق السوداء أسّس شركة اسمها «BSS» من أجل تولي إدارة برامج ألعاب القمار الإلكترونية، التي ستزيد حصّتها في السوق. وبناء على كل ذلك، تبدو القضية أقرب إلى نزاع سوقي متشابك عضوياً مع المحاصصة السياسية.

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram