قال الكاتب والمحلل السياسي سهيل كيوان إن توقيع 1200 جندي وضابط احتياط في جيش الاحتلال على رسالة تطالب بوقف الحرب في غزة يعكس انقساماً عميقاً داخل المؤسسة العسكرية والمجتمع “الإسرائيلي” ككل، معتبراً أن هذه المطالبات ليست جديدة، لكنها باتت أكثر إلحاحاً في ظل الواقع السياسي والعسكري الراهن.
وأكد كيوان أن الحرب المستمرة على قطاع غزة ألحقت ضرراً بالغاً بصورة “إسرائيل” على الساحة الدولية، مشيراً إلى أن دولاً حليفة لها مثل بريطانيا وكندا وعدة دول أوروبية بدأت تصرح علناً بأن ما تقوم به حكومة نتنياهو يرقى إلى جرائم حرب، فيما يطالب بعضها بوقف التعاون التجاري والعسكري مع “تل أبيب”.
وأضاف: “هناك دعوات متزايدة لمقاطعة البضائع “الإسرائيلية” ووقف تصدير الأسلحة إليها. هذه الأصوات لم تعد محصورة في أروقة النشطاء بل باتت تخرج من داخل البرلمانات الأوروبية”.
وفي السياق العربي، يرى كيوان أن الشعوب العربية باتت مستاءة بشدة من الأوضاع في غزة، رغم محاولات بعض الأنظمة احتواء الغضب الشعبي، مضيفاً أن هذا الغضب لا يمكن تجاهله في الحسابات “الإسرائيلية” حيث يرى جزء كبير من “الإسرائيليين” أن استمرار العدوان يهدد مستقبل علاقات “السلام والتطبيع”.
واعتبر كيوان أن حكومة نتنياهو الحالية تعمل على تدمير ما تبقى من ما يسمى بـ”مسار السلام”، وتُمعن في تعميق الانقسام الداخلي، مضيفاً أن توسيع الحرب أدى إلى إنهاك “الجيش الإسرائيلي” حيث يتم استدعاء الجنود مرات متكررة، ما خلق حالة من الإرهاق والرفض لدى الجنود أنفسهم.
وأوضح أن مشاهد المجاعة والدمار في غزة باتت موثقة أمام العالم، وستكون دليلاً في ملفات جرائم الحرب التي تلاحق حكومة الاحتلال، مشيراً إلى أن المحكمة الجنائية الدولية بدأت بالفعل توجيه طلبات اعتقال ضد وزراء “إسرائيليين” وعلى رأسهم إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، بالإضافة إلى رئيس الحكومة نتنياهو ووزير الحرب السابق يؤاف غالانت.
وأشار كيوان إلى أن أزمة الجنود الأسرى داخل غزة أصبحت قضية ضغط داخلي حقيقي، إذ تزداد مطالبات عائلاتهم بتحميل نتنياهو المسؤولية عن الفشل في التوصل إلى صفقة تبادل.
وشدد كيوان على أن التناقضات الداخلية في “إسرائيل” آخذة في التصاعد، لافتا إلى أزمة تجنيد “الحريديم” الذين يرفضون الخدمة العسكرية لكنهم يشاركون في اتخاذ قرارات الحكومة، ما يُعد إجحافاً صارخاً بحق العلمانيين والمؤمنين بالمساواة.
وفي ختام حديثه، قال كيوان: “العدو الإسرائيلي اليوم أمام لحظة حرجة جداً، تشبه في بعض جوانبها نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا قبل سقوطه، والخيارات أمامها باتت محدودة، فإما أن تتجه نحو مزيد من التصعيد والفوضى، أو أن تعيد النظر في سياساتها قبل فوات الأوان”.