في ظل صمتٍ مخيف وتعتيم إعلامي مُريب، تشهد بلدة أشرفية صحنايا مأساة إنسانية تصل إلى حد المجازر والانتهاكات المنظمة ضد المدنيين. تقوم فصائل مسلحة تابعة لهيئة تحرير الشام بعمليات اعتقال عشوائي للرجال والشباب، حيث تجاوز عدد المعتقلين المئات، بينما تتعرض العائلات المتبقية للترهيب والتنكيل.
تداهم العناصر المسلحة المنازل، وتقوم بسرقة الممتلكات والمصاغ، وتنهب محتويات البيوت، بل وتحرق بعضها عمداً، كما يتم تدمير السيارات أو الاستيلاء عليها. أما المعتقلون، فمصيرهم مجهول: بعضهم في سجون داريا والمعضمية، والبعض الآخر إما مفقود أو عُثر عليه مقتولاً برصاص أو بطرق وحشية، دون أن يُسمح لأحد بالاقتراب من الجثث.
في السجون، يواجه المعتقلون أبشع أنواع التعذيب الجسدي والنفسي، من ضرب مبرح وإهانات تمس كرامتهم الإنسانية والدينية، إلى حرمانهم من الطعام والماء لأيام متتالية. حتى الجرحى بينهم لا يحصلون على أي رعاية طبية، فيما يُمنعون من استخدام المراحيض إلا تحت تهديد العنف.
أما العائلات التي تحاول الفرار، فلا تجد ملاذاً آمناً، إذ يتعرض الرجال والشباب على الحواجز للاعتقال أو الإذلال لأتفه الأسباب. وفي خضم هذه الكارثة، يبرز سؤال ملحّ: أين المسؤولون المحليون والمشايخ الذين كان من المفترض أن يكونوا حماة لأهلهم؟ لماذا هذا الصمت المريب؟ ولماذا تُرك الناس يواجهون مصيرهم وحدهم؟
الأمر لا يقتصر على الانتهاكات فحسب، بل يتجاوزها إلى خداع الأهالي بوعود كاذبة، مثل زيارة مواقع دينية خارج البلاد، والتي تبين لاحقاً أنها مجرد فخ لاستدراج الأسماء وتسليمها لجهات غير معلومة. كما أن بعض القادة المحليين فروا تاركين وراءهم شباباً التزموا بالدفاع عن المنطقة، بينما يُمارس آخرون ضغوطاً على النازحين للعودة رغم عدم وجود ضمانات لأمنهم.
السؤال الأكبر يبقى: من يتحمل مسؤولية هذه الدماء؟ ومن يضمن أن العائدين إلى منازلهم لن يواجهوا المصير نفسه؟ إن ما يحدث في أشرفية صحنايا جريمة بحق الإنسانية، وتستدعي تدخلاً عاجلاً من المنظمات الحقوقية والدولية لوقف هذه الانتهاكات، وكشف الحقيقة، وإنقاذ ما تبقى من أرواح أبرياء.
الصمت ليس خياراً أمام هذه المأساة، فكل دقيقة صمت تعني المزيد من الضحايا.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :