"أسير الفاتيكان"... تعرفوا على صاحب أطول فترة بابوية
يستعد الفاتيكان هذه الفترة لاختيار بابا جديد خلفاً للبابا فرنسيس، الذي توفي في 21 نيسان 2025 عن عمر ناهز 88 عاماً، بعد أن أمضى سنوات في قيادة الكنيسة الكاثوليكية في واحدة من أكثر المراحل تعقيداً في تاريخها الحديث. ومع رحيله، يكون عدد الباباوات الذين تولّوا إدارة شؤون الفاتيكان والدولة البابوية سابقاً قد بلغ 266 بابا.
تاريخياً، يُصنّف البابا أوربان السابع، الذي يُعتبر البابا رقم 229، كصاحب أقصر فترة بابوية. فبعد انتخابه، توفي بعد 13 يوماً فقط من دون أن يُتوّج رسمياً، وذلك بسبب إصابته بالملاريا.
في المقابل، يُعتبر البابا بيوس التاسع، الذي قاد الكنيسة بين عامي 1846 و1878، صاحب أطول فترة بابوية بعد القديس بطرس، إذ أمضى في هذا المنصب 31 عاماً و7 أشهر و23 يوماً، شهدت خلالها الكنيسة والدولة البابوية تحوّلات سياسية واجتماعية كبرى، خاصة في ظل بدايات الوحدة الإيطالية وصعود التيارات الليبرالية في أوروبا.
ولد بيوس التاسع في 13 أيار 1792 في منطقة سينيغاليا الإيطالية، وانتُخب بابا في 16 حزيران 1846، بعد وفاة سلفه غريغوري السادس عشر مطلع ذلك الشهر، وتسلّم مهامه رسمياً في 21 حزيران من العام نفسه، وهو في الرابعة والخمسين من عمره.
منذ بداية حبريته، اعتمد بيوس التاسع نهجاً ليبرالياً مختلفاً عن سلفه المحافظ، فأنشأ مجلس الدولة، ووافق على حرية الصحافة، وعيّن هيئة لائكية لتنظيم النشر، وأسس مجلساً لتلقي مطالب الناس والاستماع إلى قضاياهم، كما عمل على تطويب شهداء مذبحة ناغازاكي، واتخذ مواقف مناهضة للتدخل النمساوي في الشؤون الإيطالية.
نال إعجاب العديد من المثقفين الأوروبيين، بمن فيهم الأديب الفرنسي فيكتور هوغو، كما كان أول بابا يتم تصويره فوتوغرافياً.
في عام 1848، ومع بداية "ربيع الشعوب" في أوروبا، عارض البابا بيوس التاسع تدخل النمسا في الدويلات الإيطالية، وسعى للموازنة بين الحفاظ على استقلال الدولة البابوية والتعامل مع تصاعد الحركات القومية، مثل حركة التوحيد الإيطالي بقيادة جيوزيبي مازيني وجيوزيبي غاريبالدي.
ولتفادي ضم الدولة البابوية إلى إيطاليا الموحّدة، اعتمد البابا على تجنيد مرتزقة من فرنسا وهولندا وكيبيك، في محاولة للدفاع عن كيان الدولة البابوية.
لكن في عام 1870، وبعد هزيمة فرنسا، حليفة البابا، أمام بروسيا، تقدّمت قوات إيطالية قوامها 70 ألف جندي بقيادة الجنرال رافايلي كادورنا، واحتلت روما، منهية فعلياً وجود الدولة البابوية ككيان سياسي مستقل. وأصبحت روما عاصمة إيطاليا الموحدة، فيما نص مرسوم صدر عام 1871 على السماح للبابا بالاحتفاظ بسلطته داخل الفاتيكان.
وصف البابا بيوس التاسع نفسه حينها بـ"أسير الفاتيكان"، ورفض الاعتراف بشرعية الدولة الإيطالية. بقي على رأس الكنيسة حتى وفاته في 7 شباط 1878.
الكنيسة اليوم تدخل مرحلة انتقالية دقيقة، في ظل أزمات داخلية وتحديات سياسية وثقافية متصاعدة في العالم. وفاة البابا فرنسيس تُعيد إلى الواجهة النقاش حول دور البابوية في عصر التحديث، خصوصاً بعد سياسات فرنسيس التي اتسمت بالانفتاح على القضايا الاجتماعية وحقوق الأقليات والمهاجرين، والتي أثارت نقاشاً واسعاً داخل الأوساط المحافظة داخل الفاتيكان وخارجها.
المجمع المغلق (Conclave) المتوقع خلال أيار المقبل، سيكون محط أنظار العالم، في ظل غياب شخصية بابوية كارزمية واضحة، وسط التوازنات الدقيقة بين التيارات الليبرالية والمحافظة في الكنيسة الكاثوليكية العالمية.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram
(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)
:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي