خلال العقد الأخير من القرن التاسع عشر، عرف مجال التصوير السينمائي تقدما تكنولوجيا لافتا للانتباه. فعقب العديد من التحديثات التكنولوجية التي تم إدخالها على آلات التصوير، تمكن البشر لأول مرة من تصوير مقاطع فيديو طويلة بعض الشيء.
ويعود الفضل في هذا التقدم التكنولوجي لعدد من المبتكرين بمجال التصوير السينمائي من أمثال توماس إديسون ولويس لو برانس والأخوين لوميار. إلى ذلك، بلغ التصوير السينمائي الفاتيكان أواخر القرن التاسع عشر. فبتلك الفترة، تم تصوير فيديو للبابا ليو الثالث عشر (Leo XIII) الذي أصبح أول بابا يتم تصويره بهذه التكنولوجيا.
تأثيرات ليو الثالث عشر على الصعيد الدولي
يصنف البابا ليو الثالث عشر كصاحب رابع أطول فترة بابوية بتاريخ الكنيسة الكاثوليكية حيث استمرت حبريته ما بين 20 شباط/فبراير 1878 و20 تموز/يوليو 1903 وهو تاريخ وفاته. إلى ذلك، ولد هذا البابا يوم 2 آذار/مارس 1810 وفارق الحياة عن عمر ناهز 93 سنة. وخلال فترة حياته، عاصر الأخير العديد من الأحداث كالسنوات الأخيرة من حكم نابليون بونابرت وصعود لويس نابليون بونابرت وتوليه لمنصب الإمبراطور الفرنسي والحرب الأهلية الأميركية والحرب الفرنسية البروسية والوحدة الألمانية والوحدة الإيطالية. وأثناء فترة بابويته، تابع البابا ليو الثالث عشر العديد من التغييرات على الساحة العالمية كالهزائم العثمانية على يد الروس ومؤتمرات اقتسام القارة الأفريقية بين القوى الأوروبية وتصاعد التوتر بالساحة الأوروبية عقب تولي فيلهلم الثاني لمنصب الإمبراطور الألماني وبداية تشكل التحالفات العسكرية التي تسببت في اندلاع الحرب العالمية الأولى عقب تفعيلها عام 1914.
وإضافة لكل ذلك، صنفت فترة بابوية ليو الثالث عشر كواحدة من أهم الفترات بالتاريخ الحديث. فأثناء سنوات تسييره لشؤون الفاتيكان، أدان البابا الماركسية وشبهها بالطاعون كما انتقد في الآن ذاته كل من كارل ماركس وفريدريش إنجلز (Friedrich Engels) بسبب أفكارهما الساعية لإنهاء الملكية الخاصة وحديثهما عن صراع الطبقات. وبالآن ذاته، انتقد البابا ليو الثالث عشر الليبرالية والعبودية وتواصل استغلال البشر بعدد من المناطق.
وعلى الصعيد الدولي، حافظ ليو الثالث عشر على علاقات جيدة مع معظم الدول. وفي الأثناء، واجه البابا بعض المصاعب والخلافات مع المستشار الألماني أوتو فون بسمارك (Otto Von Bismarck) واضطر بسبب ذلك لقطع العلاقات مع برلين بأكثر من مناسبة.
من ناحية أخرى، عبر البابا عن قلقه من ظهور تحالف ألماني نمساوي إيطالي بأوروبا. ولهذا السبب، استغل ليو الثالث عشر نفوذه ليقرب بين روسيا وفرنسا وهو ما أدى لخلق تحالف بين الدولتين لاحقا.
خلال العام 1896، أصبح الإيطالي المختص بمجال التصوير السينمائي فيتوريو كالسينا (Vittorio Calcina) ممثلا للأخوين لوميار الذين ساهما بشكل هائل في ابتكار التصوير السينمائي. وعقب تقربه للبابا، عرض فيتوريو كالسينا تصوير ليو الثالث عشر بمقطع فيديو بسيط لتخليد صورة الأخير.
وبنفس السنة، تم تصوير مقطع فيديو، تجاوزت مدته الدقيقة، للبابا ليو الثالث عشر بحديقة الفاتيكان ضمن ما قيل أنه قداس قدمه البابا بذلك المكان. وبفضل ذلك، دخل ليو الثالث عشر التاريخ ليصبح أول بابا يتم تصويره اعتمادا على التصوير السينمائي لينضم بذلك للبابا بيوس التاسع (Pius IX) الذي مثل أول بابا تلتقط له صورة فوتوغرافية.
نسخ الرابط :