حرب أهلية في شوارع سوريا الضيقة.. أم صفقة مربحة بين الشرع و”إسرائيل”

حرب أهلية في شوارع سوريا الضيقة.. أم صفقة مربحة بين الشرع و”إسرائيل”

 

Telegram

 

غرقت منذ أيام، شوارع ريف دمشق، بتيارات طائفية فجّرت جرمانا وأشرفية صحنايا بدماء أبناء الأقليات من الدروز وأبناء السنّة، تحت حجة انتشار مقطع فيديو لدرزي، بحسب المعلومات، يسيء للنبي محمد، ما يطرح تساؤلات جمّة حول مدى تأثير هذه الحجة على ما يحدُث. فهل حقاً ظهر هذا الحنق الطائفي بسبب مقطع؟ أو ممارسات تدأب “الجماعات العسكرية” التابعة للسطات السورية الجديدة أكثر عمقاً، بدأت تظهر ملامحها على شوارع جرمانا وصحنايا؟


الهجوم الذي حدث من قبل جماعة مسلحة من ريف الغوطة، مصحوب بهتافات تحريضية دموية على الدروز، يضع احتمالاً واحداً أقرب إلى التصديق في ظل حكم أحمد الشرع حالياً، وهو غياب التوافق السياسي وتداعياته السلبية على التعايش بين أبناء سوريا، ما يوحي بوجود نية سلطوية بالتخلص من الأقليات التي تشكل تحد حقيقي أمام الشرع اليوم، تبدد كل الأمنيات التي حملها الشعب السوري بعد سقوط نظام بشار الأسد.

من هنا، لا يمكن غض النظر عن اليد “الإسرائيلية” التي تمتد عند الدخان الأول لأي شعلة طائفية في المنطقة. واليوم، أخذ الإحتلال على عاتقه “حماية الدروز” في سوريا، و”إعادة اللحمة” بينهم وبين الدروز في فلسطين المحتلّة، في محاولة بطيئة للدخول بين المجتمعات المقسمة أساساً طائفياً، في سوريا ولبنان.


في هذا الإطار، قال صحافي سوري من السويداء، إن “الدروز يتعرضون لهجمات إرهابية، فقط بسبب إنتمائهم، في استهداف للهوية الثقافية بمعزل عن انتماءاتهم السياسية، إن كانوا مؤيدين أو معارضين للحكم الجديد في سوريا”.

وأشار إلى أن منفذي الهجوم على مدار الأيام السابقة، مرة تربطهم السلطة بها كأمن عام يلاحقون الخارجين عن القانون، ومرة ينفون الإرتباط بها، واصفاً تعامل السلطة معهم بـ”الأرعن”.

ورأى أنه “من الطبيعي” أن تقوم “إسرائيل” باستغلال هذا الانقسام والأحداث لصالحها، نافياً أي ولاء في السويداء للإحتلال.


لكن، علاقة الإحتلال بهذه القضية مرتبطة بعامل أساسي، وهو تعامل السلطة الجديدة في الأساس مع الأقليات، وغياب مفهوم الدولة الموحدة، وهنا تحضر أحداث الساحل السوري، ما يضع مصير هذه الأقليات تحت احتمالات عدة:

– الانجرار إلى حرب أهلية تستهدف العيش المشترك أو محاولة التعايش الديني، وبطبيعة الحال لا طرف رابحاً هنا، لأن النتيجة هي هدم الدولة، فلا جهة ستفوز بإلغاء الأخرى.

– اللجوء إلى العدو الإسرائيلي كحلّ بديل لتأمين “استقرار وجودي”، بوجه تيارات قوية من مفاهيم الإقصاء والإلغاء، وهذا ما يضع السلطة السورية  بموقف حساس، إما تلعبه كدولة حامية، أو تؤمن “راحة البال” بمفهومها بعيداً عن الشرذمات الطائفية.


– “تخدير” الأجواء عبر “إبرة المسكن” التي سبق واستعملتها الأطراف السورية، وتجديد الحكم الذاتي في السويداء، مع تجييش مجموعة خاصة مستقلة، كالتي استخدمها الأكراد.

التوسع بهذه الإحتمالات، يكشف أن الجهات كافة لن تبني دولة سورية بالممارسات الحالية، بل هي تعطي الأفضلية لمصالح  “طائفية” بتسهيل من قبل السلطة لدخول “إسرائيل” حفلة التقسيم.

هناك أيضاً الصورة التي يريد الشرع الظهور بها، أمام الدول الكبرى بشكل خاص، التي ترتكز على إظهار الحاكم المنفتح المتجدد، مع الحفاظ على نزعته القديمة المتشددة، وهذا يضر بالشعب السوري بدرجة كبيرة، ليس فقط لأنه يلغي الإستقرار في الحكم، بل يقتل الثقة بين المواطن والدولة التي زعزعها الأسد مسبقاً، وبين المواطنين المنتمين إلى طوائف مختلفة، ويثير غريزة البقاء التي تعود المواطن السوري على إظهارها في السجون والمعتقلات وخطوط التماس.


من جهة أخرى، صلة الوصل بين الحكام الدروز ورجال الدين منهم في المحيط، تضع قضية الوجود الدرزي في الواجهة، فتصريحات  وليد جنبلاط ووئام وهاب مؤخراً، ليست سوى إنذاراً أولياً للشرع بأن لا سكوت عن المساس بالطائفة، ما ينقل الإحتقان إلى لبنان أيضاً، مع كل القضايا العالقة على الرفوف، خصوصاً في ظل قلق حقيقي يتعلق بطبيعة علاقة الطوائف الأخرى مع “إسرائيل” ككيان إحتلال، في الوقت الذي تخوض فيه الطائفة الشيعية، بممثليها “حزب الله” وحركة “أمل”، “حرب وجود” بحسب اعتبارها، في ظل حديث متطور عن “السلام مع إسرائيل”.

فهل مجريات الأحداث اليوم في جرمانا وصحنايا هي خدمة مجانية يقدمها الشرع، عمداً أو غفلة، لـ”إسرائيل” من خلال عملية تقسيم ممنهجة لسوريا، وهي الأجندة التي تعمل عليها “إسرائيل” ضمن صيغة الشرق الأوسط الجديد؟


أم أن “إسرائيل” هي التي “تخدم” الشرع عبر “إراحته” من همّ الأقليات، وهو الذي يحمل في لا وعيه ـ أو وعيه ـ رغبة بالإقصاء لكل الأقليات في سوريا، وهذا ما أظهرته معركته سابقاً مع العلويين ولاحقاً مع الدروز؟

الواضح أن هناك “تمريرة خفية” لمصالح مشتركة بين السلطة الجديدة في سوريا وبين الإحتلال، هدفها الخلاص من أقلية تشكل توتراً للشرع وتثبّت أرجل “إسرائيل” في الجنوب السوري.

بالتالي، فإن السوريين الذين أقاموا الاحتفالات بسقوط نظام ظالم، وقعوا تحت سطوة نظام يعتمد المبدأ نفسه، وبتبريرات لا تختلف عن سابقه “جماعات مسلحة خارجة عن القانون”!

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram