افتتاحيات الصحف ليوم الأربعاء 23 أيلول 2020

افتتاحيات الصحف ليوم الأربعاء 23 أيلول 2020

Whats up

Telegram

 

افتتاحية صحيفة الأخبار :

 

الحريري متراجعاً: هذه الحكومة لي باريس تكثّف اتصالاتها... والثنائي يُصرّ على التسمية

 

كسر الرئيس سعد الحريري حال المراوحة في الملف الحكومي، متراجعاً ‏خطوة الى الوراء، من دون أن تعني موافقته على أن يكون وزير المالية ‏‏"شيعياً" ولادة وشيكة للحكومة. فالثنائي لا يزال مصراً على تسمية الوزير ‏الذي يريده الحريري "مستقلاً"، بينما تنتظِر العقد الأخرى خلفَ الأبواب


وسط الانطباعات بأن لا شيء في الأفق يوحي بإمكانية تحقيق اختراقات فعلية تُتيح الإفراج عن حكومة الرئيس ‏مصطفى أديب، كسر رئيس تيار "المُستقبل" سعد الحريري حالة المراوحة، مقدماً اقتراحاً بشأن وزارة المالية. تراجعَ ‏الحريري خطوة، بعدَ أن خاضَ حرب "المداورة" وعدم حصر أي وزارة في يد أي طائفة. وكعادته، استبقَ إعلانه ‏هذا بتبريرات من النوع الذي يُظهره الأكثر تنازلاً "لصالح اللبنانيين" كما قال، و"للمحافظة على المبادرة الفرنسية". ‏ما أعلنه الحريري في بيانه، ليسَ لمصلحة البلد، ولا تنازلاً كلياً لصالح مطالب الثنائي حزب الله وحركة أمل، أو هدية ‏قدّمها بشكل طوعي الى خصومه. "مُتجرعاً السمّ" كما قال، رضَخ الحريري للضغط الفرنسي، ولواقع أن الحكومة لن ‏تتألف من دون شراكة حقيقية، وأن الثنائي، معه حلفاؤه، لن يسمح بتأليف حكومة أمر واقع. لكن رئيس تيار المستقبل ‏استبقى بعضاً من ماء الوجه، إذ حصرَ تراجعه بمساعدة الرئيس المكلف على "إيجاد مخرج بتسمية وزير مالية مستقل ‏من الطائفة الشيعية، يختاره هو، شأنه شأن سائر الوزراء، على قاعدة الكفاءة والنزاهة وعدم الانتماء الحزبي، من دون ‏أن يعني هذا القرار في أي حال من الأحوال اعترافاً بحصرية وزارة المالية، بالطائفة الشيعية أو بأي طائفة من ‏الطوائف". وشدّد الحريري في بيان صادر عنه على وجوب أن "يكون واضحاً أنّ هذا القرار هو لمرة واحدة ولا ‏يشكّل عرفاً يبنى عليه لتشكيل حكومات في المستقبل، بل هو مشروط بتسهيل تشكيل حكومة الرئيس أديب بالمعايير ‏المتفق عليها، وتسهيل عملها الإصلاحي، من أجل كبح انهيار لبنان ثم إنقاذه وإنقاذ اللبنانيين‎".


‎ما أعلنه الحريري أمس نقطة تسجّل عليه، لا له. وهو إن كانَ قد أعطى إشارة إيجابية في الشكل، لكن البيان في ‏مضمونه، يدين الحريري ويؤّكد أولاً أنه كانَ يتصرّف وكأنه الحاكِم المطلق، يضَع شروطاً للتأليف أمام أديب ويحدّد ‏له مواصفات الحكومة ووزراءها وكيفية توزيع الحقائب، كما يؤكّد أن المعالجة السياسية لهذا الملف لم تتأخر بسبب ‏إصرار الثنائي على تسمية وزير المالية، بل بسبب الحريري نفسه الذي تصرّف منذ تكليف أديب كما لو أنه الوصيّ ‏عليه والمفاوض الحقيقي في ملف التأليف وأن الرئيس المكلف هو مجرّد منفّذ لقرارات رئيس تيار "المستقبل". وأكد ‏بيان الحريري أنه المسؤول عن عدم تواصل أديب مع الكتل التي سمّته، وأخذت عليه عدم تشاوره معها، وإصراره ‏على توزيع الحقائب، وفتح معركة مع الثنائي الشيعي لا معنى لها، ومحاولة فرض حكومة أمر واقِع‎.


وإذا كانَ أي انفراج في مسار الوضع اللبناني باتَ رهناً بمصير المبادرة الفرنسية، فإن ما أعلنه الحريري لا يعني أن ‏البلاد تتجه غداً إلى تأليف الحكومة، وخاصة أن وزارة "المالية" ليسَت وحدها العقدة، لكنّ التصويب عليها جعل العقد ‏الأخرى مخبأة. فبالنسبة الى وزارة "المالية"، أيّد الحريري أن تكون من حصّة الثنائي، على أن يتولاها "وزير شيعي ‏مستقلّ"، وهو ما استغربته مصادر الثنائي التي تؤّكد أن "الطرح ليسَ بجديد، وهو سبقَ أن تقدّم به الفرنسيون ‏ورفضناه، وكانَ موقفنا واضح لجهة التمسّك بتسمية الوزير، أو طرح عدة أسماء يختار منها الرئيس المكلف، وما زلنا ‏عند موقفنا ولا تراجع عنه". ثم "من يظن الحريري نفسه ليخرج ويقول إنه يسمَح بذلك لمرة مرة فقط"؟ تسأل ‏المصادر، و"هل وجدَ في تفاصيل المبادرة الفرنسية التي يقول إنه سيساعد أديب لأجل إنجاحها، هل وجَد فيها بنوداً ‏تتعلق بالمداورة وحقه هو في تسمية الوزراء أو في إدارة ملف التشكيل وحده من دون التشاور مع باقي الأطراف؟ هل ‏أعطته المبادرة الفرنسية حقاً حصرياً في توزيع الحقائب كما يريد وفرض شروطه"؟ وتؤكّد المصادر أن "الثنائي لا ‏يزال عند موقفه في اختيار الوزير الذي يريد بالتشاور مع رئيس الحكومة، ونحن على استعداد لتقديم لائحة طويلة ‏بالأسماء، وليختَر أديب واحداً منها". وعلمت "الأخبار" أن رئيس الجهورية العماد ميشال عون سيستقبل اليوم ‏شخصية قيادية من حزب الله، للتباحث في شأن تأليف الحكومة، علماً بأن التواصل لم ينقطع بين الحزب والنائب ‏جبران باسيل في الأيام الماضية‎.


وفي وقت رأت فيه أوساط سياسية أن "قرار الحريري قد يكون مقدمّة لتذليل العقدة، أي وضع الكرة في ملعب الرئيس ‏المكلف وفتح الباب أمامه للاتفاق مع الثنائي على اسم وزير للمالية، تحت عنوان وزير مستقلّ"، اعتبرت الأوساط أن ‏ذلك لا يعني الإفراج عن الحكومة، فهناك عقبات كثيرة تتعلق "بإدارة التشكيل مع الرئيس ميشال عون والحصة ‏المسيحية، فهل سيقبلَ عون بأقل مما قبِل به الثنائي، أي اختيار الوزارات وتسمية الوزراء"، وهل "سيبقى الوزير ‏جبران باسيل على تعفّفه بالبقاء خارج الحكومة، وسيقبل بأن يُعطي الحريري وزارات لجهة معينة ويمنع وزارات عن ‏جهات أخرى، أم سيفتَح هذا الأمر شهيته من جديد للتفاوض على حصته الى جانب رئيس الجمهورية"؟ خاصة أن ‏خطوة الحريري لم تحظَ بغطاء شركائه في "نقابة" رؤساء الحكومات السابقين الذين أعلنوا "عدم التزامهم بهذه ‏المبادرة الشخصية‎".‎


وفي هذا الإطار، علمت "الأخبار" أن الحريري، وقبل إصداره بيانه الذي سرعان ما تبرّأ منه الرؤساء نجيب ‏ميقاتي وتمام سلام وفؤاد السنيورة، كان قد اجتمع بالثلاثي. ولم يتضح إذا كان ما جرى أمس هو تقسيم للأدوار بين ‏الحريري وشركائه، أم هو خطوة تفرّد بها الحريري من دون موافقة الثلاثي ميقاتي سلام السنيورة. وبدا لافتاً في ‏بيان الثلاثي أنه حيّد أديب عن أي استهداف، مكتفياً بالتصويب على مبادرة الحريري. وفي هذا الإطار، قالت ‏مصادر قريبة من أديب إنه "يدرس خياراته كافة، ولديه مروحة واسعة منها، بدءاً بالمضي في التأليف، وصولاً ‏إلى الاعتذار. وهو سيتشاور مع رؤساء الحكومات السابقين جميعاً، ومع الفرنسيين، كما مع رئيس الجمهورية، ‏لاتخاذ القرار المناسب‎".


لكن ما الذي أرغم الحريري على هذا التراجع المفاجئ، بعدَ أن كانَ رأس حربة في هذه المعركة، مستقوياً ‏بالخارج؟ يقول مطلعون على خطّ تأليف الحكومة والحركة الفرنسية إن "باريس كثفت اتصالاتها في الأيام ‏الأخيرة مع الحريري، وهي مصرّة على نجاح مبادرتها، لأنها تحقق مصلحة استراتيجية وفرنسية داخلية؛ إذ ‏سيكون من الصعب على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن يخسر معركة العودة إلى بسط نفوذٍ لبلاده في لبنان، ‏لأن تلك الخسارة تعني تقدّماً لخصمه في شرق المتوسط، الرئيس التركي رجب طيب اردوغان‎.‎


ومن جهة أخرى، فإن الفشل في حل الأزمة اللبنانية سيمثّل مادة دسمة يستخدمها ضدّه خصومه في الداخل ‏الفرنسي". ولذلك "واصلَ الفرنسيون الحديث مع مختلف الأطراف المعنيين بعملية التأليف عبر الاتصالات أو ‏عبر موفدين الى لبنان، مؤكدين أن المبادرة مستمرة، وأن أديب لن يعتذر إذا لم نطلب منه، ولن نطلب منه ذلك". ‏كما أن باريس "كانت تؤكّد أنه على الرغم من إطلاق النار الأميركي على مبادرتها والعقوبات، فإنها مستمرة في ‏محاولاتها إيجاد حلول مع الولايات المتحدة"، من دون التأكيد "إذا ما كان تراجع الحريري مرتبطاً بموقف ‏أميركي جديد"، خاصة أنه "رفض وساطة النائب وليد جنبلاط بعد عودة الأخير من باريس ولقائه مدير ‏المخابرات الفرنسية الدبلوماسي السابق برنار أيمييه، تقوم على قبول إسناد حقيبة المالية للثنائي هذه المرة، كي لا ‏تكون ذريعة لتعطيل المبادرة الفرنسية". كذلك وصلت إلى الحريري رسائل "شديدة الوضوح" من حزب الله ومن ‏الرئيس نبيه بري، تؤكد له "استحالة التراجع عن مطلب الشراكة في تأليف الحكومة من باب اختيار الوزراء ‏الشيعة، كما استحالة التراجع عن مطلب الحصول على حقيبة المال‎".


في السياق، أعاد تكتل "لبنان القوي"، عقب اجتماعه الأسبوعي، تأكيد وقوفه إلى جانب رئيس الجمهورية ودعمه ‏لإزالة العراقيل أمام ولادة الحكومة. وحذّر التكتل من "تصلُّب المواقف الذي من شأنه أن يُفشل المبادرة الفرنسية ‏ويُدخل البلاد في أزمة مفتوحة، في وقت هي في أشدّ الحاجة إلى حكومة إصلاحية، وإلا فستذهب البلاد فعلاً إلى ‏المجهول". وأشار التكتل إلى أنّ "تسهيل التكتل هدفه منع الانهيار، وليس الخوف من ضغوط قائمة أو عقوبات ‏مفترضة، هو ما يحاول بعض المأزومين الترويج له في مسألة الحكومة بحثاً عن كبش محرقة‎".‎

 

*************************************************

 

افتتاحية صحيفة البناء :

 

الحريري يبادر… ورؤساء الحكومات ‏يرفضون: تلبية مطلب الثنائيّ لمرة واحدة ‏ ‏/ أديب إلى بعبدا… وموفد فرنسيّ إلى ‏بيروت… وحكومة من 18 وزيراً على ‏النار ماكرون يشغّل محرّكاته ويمهّد الطريق مع واشنطن والرياض لانطلاق قطار ‏التأليف

 

 خلال‎ ‎يومين‎ ‎ساد‎ ‎صمت‎ ‎كامل‎ ‎فيها‎ ‎على‎ ‎المستويات‎ ‎الداخلية‎ ‎كافة،‎ ‎كان‎ ‎الرئيس‎ ‎الفرنسي‎ ‎امانويل‎ ‎ماكرون‎ ‎يعيد‎ ‎ترتيب‎ ‎خليته‎ ‎اللبنانية‎ ‎فيستبعد‎ ‎منها‎ ‎صقور‎ ‎وزير‎ ‎الخارجية‎ ‎جان‎ ‎إيف‎ ‎لودريان‎ ‎المتطابقي‎ ‎الرؤية‎ ‎مع‎ ‎وزارة‎ ‎الخارجية‎ ‎الأميركية‎ ‎ووزيرها‎ ‎مايك‎ ‎بومبيو،‎ ‎في‎ ‎استعمال‎ ‎منصة‎ ‎المبادرة‎ ‎الفرنسية‎ ‎لفرض‎ ‎المزيد‎ ‎من‎ ‎التصعيد‎ ‎بوجه‎ ‎المقاومة،‎ ‎عبر‎ ‎بوابة‎ ‎المعركة‎ ‎التي‎ ‎قادها‎ ‎رباعي‎ ‎رؤساء‎ ‎الحكومات‎ ‎السابقين‎ ‎من‎ ‎خلف‎ ‎الرئيس‎ ‎المكلف‎ ‎مصطفى‎ ‎أديب‎ ‎بوجه‎ ‎ثنائي‎ ‎حركة‎ ‎أمل‎ ‎وحزب‎ ‎الله،‎ ‎وصارت‎ ‎فيها‎ ‎وزارة‎ ‎المال‎ ‎رمزاً‎ ‎لموازين‎ ‎القوى‎ ‎المحليّة‎ ‎والإقليميّة‎ ‎والدوليّة،‎ ‎وبعدما‎ ‎اتضحت‎ ‎للرئيس‎ ‎الفرنسي‎ ‎المخاطر‎ ‎التي‎ ‎ستنتج‎ ‎عن‎ ‎سقوط‎ ‎مبادرته،‎ ‎والتي‎ ‎سيكون‎ ‎أقلها‎ ‎دخول‎ ‎لبنان‎ ‎مراحل‎ ‎شديدة‎ ‎التأزم‎ ‎على‎ ‎الأصعدة‎ ‎السياسية‎ ‎والاقتصادية‎ ‎والمالية‎ ‎والأمنية،‎ ‎وفتح‎ ‎الباب‎ ‎أمام‎ ‎حكومة‎ ‎لون‎ ‎واحد‎ ‎تزيد‎ ‎التأزم‎ ‎وتستدرج‎ ‎خيارات‎ ‎إقليمية‎ ‎ودولية‎ ‎منافسة،‎ ‎وربما‎ ‎يتوّج‎ ‎كل‎ ‎التأزم‎ ‎بتصعيد‎ ‎لا‎ ‎تبقى‎ ‎الحدود‎ ‎اللبنانية‎ ‎الجنوبية‎ ‎بعيدة‎ ‎عنه،‎ ‎في‎ ‎ظل‎ ‎مخاطر‎ ‎حرب‎ ‎إقليمية‎ ‎سعى‎ ‎الرئيس‎ ‎امانويل‎ ‎ماكرون‎ ‎لتفاديها‎ ‎من‎ ‎ضمن‎ ‎مسعاه‎ ‎لتحييد‎ ‎ملفات‎ ‎الخلاف‎ ‎السياسية‎ ‎ومنها‎ ‎قضايا‎ ‎النظام‎ ‎السياسي‎ ‎وسلاح‎ ‎المقاومة،‎ ‎عن‎ ‎ملف‎ ‎تشكيل‎ ‎حكومة‎ ‎مهمّة‎ ‎تتولى‎ ‎معالجة‎ ‎الملف‎ ‎المالي‎ ‎برعاية‎ ‎فرنسية‎ ‎ودعم‎ ‎دولي،‎ ‎فوجد‎ ‎مَن‎ ‎أعاد‎ ‎زرعها‎ ‎في‎ ‎قلب‎ ‎مبادرته‎ ‎وحوّلها‎ ‎الى‎ ‎عنوان‎ ‎لها‎.‎


رتب‎ ‎الرئيس‎ ‎ماكرون‎ ‎فريقه‎ ‎المصغر،‎ ‎وفتح‎ ‎قنوات‎ ‎الاتصال‎ ‎بواشنطن‎ ‎والرياض،‎ ‎حيث‎ ‎هناك‎ ‎من‎ ‎يشبه‎ ‎ثنائية‎ ‎التصعيد‎ ‎والتهدئة‎ ‎في‎ ‎الخلية‎ ‎الفرنسية،‎ ‎فنجح‎ ‎بالحصول‎ ‎على‎ ‎ضوء‎ ‎أصفر‎ ‎فرنسي‎ ‎يتيح‎ ‎له‎ ‎الإقلاع‎ ‎مجدداً‎ ‎بقطار‎ ‎المبادرة،‎ ‎مستنداً‎ ‎الى‎ ‎أنه‎ ‎لم‎ ‎يبادر‎ ‎أصلاً‎ ‎من‎ ‎دون‎ ‎الحصول‎ ‎على‎ ‎مباركة‎ ‎أميركية‎ ‎وسعودية،‎ ‎ووصلت‎ ‎الأصداء‎ ‎للرئيس‎ ‎السابق‎ ‎للحكومة‎ ‎سعد‎ ‎الحريري‎ ‎مشفوعة‎ ‎بتمنيات‎ ‎فرنسية‎ ‎بالإقدام‎ ‎على‎ ‎مبادرة‎ ‎إيجابية،‎ ‎تلقفها‎ ‎الرئيس‎ ‎الحريري‎ ‎منفرداً‎ ‎بعدما‎ ‎فشلت‎ ‎محاولاته‎ ‎في‎ ‎إقناع‎ ‎شركائه‎ ‎في‎ ‎نادي‎ ‎رؤساء‎ ‎الحكومة‎ ‎السابقين‎ ‎بمجاراته‎ ‎ومشاركته‎ ‎في‎ ‎المبادرة‎. ‎وفشل‎ ‎الرئيس‎ ‎السابق‎ ‎فؤاد‎ ‎السنيورة‎ ‎في‎ ‎تحريض‎ ‎المجلس‎ ‎الشرعي‎ ‎الإسلامي‎ ‎ودار‎ ‎الفتوى‎ ‎على‎ ‎الحريري،‎ ‎فأصدر‎ ‎الحريري‎ ‎موقفاً‎ ‎أعلن‎ ‎فيه‎ ‎موافقته‎ ‎على‎ ‎تسمية‎ ‎وزير‎ ‎شيعي‎ ‎لحقيبة‎ ‎المالية،‎ ‎على‎ ‎أن‎ ‎يتولى‎ ‎الرئيس‎ ‎المكلف‎ ‎بالمهمة،‎ ‎التنسيق‎ ‎والتعاون‎ ‎مع‎ ‎رئيس‎ ‎الجمهورية،‎ ‎من‎ ‎دون‎ ‎تثبيت‎ ‎ذلك‎ ‎عرفاً‎ ‎أو‎ ‎حقاً‎ ‎مكتسباً،‎ ‎وبدت‎ ‎مبادرة‎ ‎الحريري‎ ‎المدعومة‎ ‎فرنسياً،‎ ‎بداية‎ ‎اختراق‎ ‎نوعيّ‎ ‎كسر‎ ‎جليد‎ ‎الجمود،‎ ‎حيث‎ ‎توقعت‎ ‎مصادر‎ ‎على‎ ‎صلة‎ ‎بالملف‎ ‎الحكومي،‎ ‎أن‎ ‎يتلقف‎ ‎الثنائي‎ ‎مبادرة‎ ‎الحريري‎ ‎بإيجابية‎ ‎تساعده‎ ‎على‎ ‎النزول‎ ‎عن‎ ‎الشجرة‎ ‎التي‎ ‎صعدها،‎ ‎بإلصاق‎ ‎المداورة‎ ‎بالمبادرة‎ ‎الفرنسية،‎ ‎بهدف‎ ‎حشر‎ ‎الثنائي‎ ‎والاعتقاد‎ ‎بفرصة‎ ‎انتزاع‎ ‎تنازل‎ ‎منه‎ ‎يصوّر‎ ‎كهزيمة‎ ‎أنتجتها‎ ‎العقوبات‎ ‎الأميركية‎. ‎وقالت‎ ‎المصادر‎ ‎إن‎ ‎الرئيس‎ ‎الفرنسي‎ ‎سيوفد‎ ‎مندوباً‎ ‎رفيعاً‎ ‎يرجّح‎ ‎أن‎ ‎يكون‎ ‎مدير‎ ‎المخابرات‎ ‎الفرنسية‎ ‎برنار‎ ‎ايميه‎ ‎إلى‎ ‎بيروت‎ ‎لمواكبة‎ ‎الاتصالات‎ ‎الحثيثة‎ ‎لتشكيل‎ ‎الحكومة‎ ‎عن‎ ‎قرب‎. ‎كما‎ ‎توقعت‎ ‎أن‎ ‎يزور‎ ‎الرئيس‎ ‎المكلف‎ ‎مصطفى‎ ‎اديب‎ ‎بعبدا‎ ‎للبدء‎ ‎بخطوات‎ ‎ملموسة‎ ‎بالتشاور‎ ‎مع‎ ‎رئيس‎ ‎الجمهورية‎ ‎حول‎ ‎حكومة‎ ‎جديدة‎ ‎يرجّح‎ ‎أن‎ ‎تكون‎ ‎من‎ ‎ثمانية‎ ‎عشر‎ ‎وزيراً،‎ ‎يتشارك‎ ‎أديب‎ ‎مع‎ ‎الرئيس‎ ‎ميشال‎ ‎عون‎ ‎في‎ ‎التداول‎ ‎بأسماء‎ ‎وزرائها‎ ‎وحقائبهم،‎ ‎بمعونة‎ ‎فرنسية،‎ ‎وصولاً‎ ‎لولادة‎ ‎قريبة‎ ‎لا‎ ‎تتعدى‎ ‎مهلتها‎ ‎نهاية‎ ‎الأسبوع‎ ‎للحكومة‎ ‎الجديدة‎.‎


الحريري‎: ‎قرّرت‎ ‎مساعدة‎ ‎أديب
وفيما‎ ‎كان‎ ‎الملف‎ ‎الحكومي‎ ‎في‎ ‎دائرة‎ ‎الجمود‎ ‎الكلي‎ ‎ويقترب‎ ‎من‎ ‎وضعه‎ ‎على‎ ‎رف‎ ‎انتظار‎ ‎التطورات‎ ‎الاقليمية‎ ‎والدولية،‎ ‎حركت‎ ‎مواقف‎ ‎الرئيس‎ ‎سعد‎ ‎الحريري‎ ‎المياه‎ ‎الحكومية‎ ‎الراكدة‎ ‎بالتزامن‎ ‎مع‎ ‎الجهود‎ ‎الفرنسية‎ ‎المكثفة‎ ‎على‎ ‎الخطوط‎ ‎الداخلية‎ ‎والخارجية‎ ‎لدفع‎ ‎المبادرة‎ ‎الفرنسية‎ ‎إلى‎ ‎الأمام‎.‎


وأعلن‎ ‎الحريري‎ ‎في‎ ‎بيان‎ ‎صدر‎ ‎من‎ ‎مكتبه‎ ‎الإعلامي‎ ‎مساء‎ ‎أمس،‎ ‎بعد‎ ‎اجتماع‎ ‎لكتلة‎ ‎المستقبل‎ ‎النيابية‎ ‎في‎ ‎بيت‎ ‎الوسط،‎ ‎أنه‎ ‎قرّر‎ "‎مساعدة‎ ‎الرئيس‎ ‎مصطفى‎ ‎أديب‎ ‎على‎ ‎إيجاد‎ ‎مخرج‎ ‎بتسمية‎ ‎وزير‎ ‎مالية‎ ‎مستقل‎ ‎من‎ ‎الطائفة‎ ‎الشيعية،‎ ‎يختاره‎ ‎هو،‎ ‎شأنه‎ ‎شأن‎ ‎سائر‎ ‎الوزراء‎ ‎على‎ ‎قاعدة‎ ‎الكفاءة‎ ‎والنزاهة‎ ‎وعدم‎ ‎الانتماء‎ ‎الحزبي،‎ ‎من‎ ‎دون‎ ‎أن‎ ‎يعني‎ ‎هذا‎ ‎القرار‎ ‎في‎ ‎أي‎ ‎حال‎ ‎من‎ ‎الأحوال‎ ‎اعترافاً‎ ‎بحصرية‎ ‎وزارة‎ ‎المالية‎ ‎بالطائفة‎ ‎الشيعيّة‎ ‎أو‎ ‎بأي‎ ‎طائفة‎ ‎من‎ ‎الطوائف‎".‎
وأضاف‎ ‎الحريري‎: ‎‎"‎يجب‎ ‎أن‎ ‎يكون‎ ‎واضحاً‎ ‎أن‎ ‎هذا‎ ‎القرار‎ ‎هو‎ ‎لمرة‎ ‎واحدة‎ ‎ولا‎ ‎يشكل‎ ‎عرفاً‎ ‎يُبنى‎ ‎عليه‎ ‎لتشكيل‎ ‎حكومات‎ ‎في‎ ‎المستقبل،‎ ‎بل‎ ‎هو‎ ‎مشروط‎ ‎بتسهيل‎ ‎تشكيل‎ ‎حكومة‎ ‎الرئيس‎ ‎أديب‎ ‎بالمعايير‎ ‎المتفق‎ ‎عليها،‎ ‎وتسهيل‎ ‎عملها‎ ‎الإصلاحي،‎ ‎من‎ ‎أجل‎ ‎كبح‎ ‎انهيار‎ ‎لبنان‎ ‎ثم‎ ‎إنقاذه‎ ‎وإنقاذ‎ ‎اللبنانيين‎"‎‎.‎


ولفت‎ ‎إلى‎ ‎أنه‎ "‎بهذه‎ ‎الخطوة،‎ ‎تصبح‎ ‎المسؤولية‎ ‎على‎ ‎عاتق‎ ‎الممانعين‎ ‎لتشكيل‎ ‎الحكومة‎. ‎فإذا‎ ‎استجابوا‎ ‎وسهلوا‎ ‎ربحنا‎ ‎لبنان‎ ‎وربح‎ ‎اللبنانيون،‎ ‎واذا‎ ‎تابعوا‎ ‎عرقلتهم‎ ‎يتحملون‎ ‎مسؤولية‎ ‎ضياع‎ ‎فرصة‎ ‎لبنان‎ ‎لوقف‎ ‎الانهيار‎ ‎وإنقاذ‎ ‎اللبنانيين‎ ‎من‎ ‎مآسيهم‎ ‎الحالية‎ ‎والمرشحة‎ ‎للتزايد،‎ ‎لا‎ ‎سمح‎ ‎الله‎".‎


وقال‎ ‎الحريري‎: ‎‎"‎مرة‎ ‎جديدة،‎ ‎أتخذ‎ ‎قراراً‎ ‎بتجرّع‎ ‎السم،‎ ‎وهو‎ ‎قرار‎ ‎اتخذه‎ ‎منفرداً‎ ‎بمعزل‎ ‎عن‎ ‎موقف‎ ‎رؤساء‎ ‎الحكومات‎ ‎السابقين،‎ ‎مع‎ ‎علمي‎ ‎المسبق‎ ‎بأن‎ ‎هذا‎ ‎القرار‎ ‎قد‎ ‎يصفه‎ ‎البعض‎ ‎بأنه‎ ‎بمثابة‎ ‎انتحار‎ ‎سياسي،‎ ‎لكنني‎ ‎اتخذه‎ ‎من‎ ‎أجل‎ ‎اللبنانيين،‎ ‎واثقاً‎ ‎من‎ ‎أنه‎ ‎يمثل‎ ‎قراراً‎ ‎لا‎ ‎بديل‎ ‎عنه‎ ‎لمحاولة‎ ‎إنقاذ‎ ‎آخر‎ ‎فرصة‎ ‎لوقف‎ ‎الانهيار‎ ‎المريع‎ ‎ومنع‎ ‎سقوط‎ ‎لبنان‎ ‎في‎ ‎المجهول‎".‎


وعلّقت‎ ‎مصادر‎ ‎ثنائي‎ ‎أمل‎ ‎وحزب‎ ‎الله‎ ‎على‎ ‎مبادرة‎ ‎الحريري‎ ‎باعتبارها‎ ‎خطوة‎ ‎للإمام‎ ‎على‎ ‎أمل‎ ‎أن‎ ‎يتم‎ ‎التواصل‎ ‎باتجاه‎ ‎رئيس‎ ‎الجمهورية‎ ‎الذي‎ ‎هو‎ ‎شريك‎ ‎في‎ ‎عملية‎ ‎التأليف‎. ‎فيما‎ ‎لفتت‎ ‎مصادر‎ ‎التيار‎ ‎الوطني‎ ‎الحر‎ ‎للـ‎"‎او‎ ‎تي‎ ‎في‎" ‎أنه‎ "‎في‎ ‎حال‎ ‎كانت‎ ‎مبادرة‎ ‎الحريري‎ ‎ستسهم‎ ‎بالحل‎ ‎فلا‎ ‎مشكلة‎ ‎لدينا‎ ‎معها،‎ ‎وما‎ ‎يهمنا‎ ‎تشكيل‎ ‎حكومة‎ ‎مهمة‎ ‎منتجة‎ ‎تنفذ‎ ‎الإصلاحات‎".‎


أما‎ ‎موقف‎ ‎رؤساء‎ ‎الحكومات‎ ‎السابقون‎ ‎من‎ ‎مبادرة‎ ‎الحريري‎ ‎بحسب‎ ‎مصادر‎ ‎سياسية‎ ‎للبناء‎ ‎فكشف‎ ‎نياتهم‎ ‎التعطيلية‎ ‎للمبادرة‎ ‎الفرنسية‎. ‎إذ‎ ‎اعتبروا‎ ‎في‎ ‎بيان‎ ‎لهم‎ ‎تعقيباً‎ ‎على‎ ‎بيان‎ ‎الحريري‎ ‎أن‎ "‎مبادرة‎ ‎الحريري‎ ‎شخصية‎ ‎وليس‎ ‎هناك‎ ‎من‎ ‎حقيبة‎ ‎وزارية‎ ‎يمكن‎ ‎أن‎ ‎تكون‎ ‎حقاً‎ ‎حصرياً‎ ‎لوزراء‎ ‎ممن‎ ‎ينتمون‎ ‎إلى‎ ‎طائفة‎ ‎أو‎ ‎مذهب‎ ‎معين‎". ‎فيما‎ ‎نقلت‎ ‎مصادر‎ ‎إعلامية‎ ‎ان‎ ‎الرئيس‎ ‎المكلف‎ ‎مصطفى‎ ‎أديب‎ ‎سيزور‎ ‎بعبدا‎ ‎اليوم‎ ‎إذا‎ ‎لم‎ ‎يطرأ‎ ‎طارئ،‎ ‎وأشارت‎ ‎إلى‎ ‎أن‎ ‎الحكومة‎ ‎ستولد‎ ‎سريعاً‎.‎‎ ‎ولفتت‎ ‎إلى‎ ‎أن‎ ‎حركة‎ ‎اتصالات‎ ‎ناشطة‎ ‎ليلاً‎ ‎لاختيار‎ ‎اسماء‎ ‎الوزراء‎ ‎ومحاولة‎ ‎تقديم‎ ‎مسودة‎ ‎تشكيلة‎ ‎اليوم‎. ‎كما‎ ‎قالت‎ ‎اوساط‎ ‎الرئيس‎ ‎المكلف‎ ‎أن‎ ‎مبادرة‎ ‎الحريري‎ ‎قيد‎ ‎الدرس‎.‎


السنيورة
وكان‎ ‎لافتاً‎ ‎زيارة‎ ‎الرئيس‎ ‎فؤاد‎ ‎السنيورة‎ ‎الى‎ ‎دار‎ ‎الفتوى‎ ‎ولقائه‎ ‎مفتي‎ ‎الجمهورية‎ ‎الشيخ‎ ‎عبد‎ ‎اللطيف‎ ‎دريان‎ ‎قبيل‎ ‎اجتماع‎ ‎المجلس‎ ‎الإسلامي‎ ‎الشرعي‎ ‎الأعلى‎!‎


ولفت‎ ‎السنيورة‎ ‎بعد‎ ‎اللقاء‎ ‎الى‎ ‎أن‎ ‎هناك‎ ‎حاجة‎ ‎ماسة‎ ‎لحكومة‎ ‎قادرة‎ ‎وفاعلة‎ ‎لإيقاف‎ ‎الانهيار‎ ‎والتصدي‎ ‎للأزمات‎ ‎الكبرى‎ ‎التي‎ ‎اوصلت‎ ‎اللبنانيين‎ ‎الى‎ ‎الهلاك‎ ‎في‎ ‎البر‎ ‎والبحر،‎ ‎متمنياً‎ ‎على‎ ‎جميع‎ ‎المعنيين‎ ‎في‎ ‎لبنان‎ ‎التمسك‎ ‎بوثيقة‎ ‎الوفاق‎ ‎الوطني‎ ‎والدستور‎ ‎نصاً‎ ‎وروحاً‎ ‎والكف‎ ‎عن‎ ‎العبث‎ ‎بهذا‎ ‎النص‎ ‎المرجعي‎ ‎الجامع‎ ‎وذلك‎ ‎بفرض‎ ‎أعراف‎ ‎تخلّ‎ ‎بنصه‎ ‎او‎ ‎تدعو‎ ‎لنظام‎ ‎جديد‎ ‎يراد‎ ‎التفاوض‎ ‎عليه‎. ‎كما‎ ‎دعا‎ ‎السنيورة‎ ‎الى‎ ‎تشكيل‎ ‎حكومة‎ ‎إنقاذ‎ ‎مصغرة‎ ‎تتألف‎ ‎من‎ ‎عدد‎ ‎من‎ ‎المتخصصين‎ ‎الأكفاء‎ ‎لا‎ ‎يكونون‎ ‎أسرى‎ ‎للعصبيات‎ ‎او‎ ‎الالتزامات‎ ‎الطائفية‎. ‎وقال‎ "‎ما‎ ‎عادت‎ ‎البلاد‎ ‎تتحمل‎ ‎ممارسات‎ ‎غير‎ ‎وطنية‎ ‎وغير‎ ‎مسؤولة‎ ‎ولا‎ ‎بد‎ ‎من‎ ‎الإقلاع‎ ‎عن‎ ‎التشبث‎ ‎بالحصص‎".‎


بعبدا
وقبيل‎ ‎بيان‎ ‎الحريري‎ ‎كثف‎ ‎رئيس‎ ‎الجمهورية‎ ‎العماد‎ ‎ميشال‎ ‎عون‎ ‎جهوده‎ ‎لتذليل‎ ‎العقد‎ ‎أمام‎ ‎ولادة‎ ‎الحكومة،‎ ‎وأشارت‎ ‎مصادر‎ ‎مواكبة‎ ‎لجهود‎ ‎بعبدا‎ ‎أنه‎ "‎يتم‎ ‎الآن‎ ‎رصد‎ ‎ردود‎ ‎الفعل‎ ‎على‎ ‎دعوة‎ ‎الرئيس‎ ‎عون‎ ‎التي‎ ‎من‎ ‎المفترض‎ ‎أن‎ ‎تتبلور‎ ‎في‎ ‎الساعات‎ ‎الـ‎ 24 ‎المقبلة‎ ‎ليُبنى‎ ‎على‎ ‎الشيء‎ ‎مقتضاه‎". ‎وكشفت‎ ‎أن‎ ‎الرئيس‎ ‎المكلف‎ ‎أيضاً‎ ‎يقوم‎ ‎باتصالاته‎ ‎ومشاوراته‎ ‎في‎ ‎هذا‎ ‎الإطار‎ ‎مع‎ ‎العلم‎ ‎أن‎ ‎حتى‎ ‎الساعة‎ ‎لم‎ ‎يسجل‎ ‎أي‎ ‎اتصال‎ ‎بين‎ ‎الرئيس‎ ‎عون‎ ‎والرئيس‎ ‎المكلف‎ ‎بعد‎ ‎مبادرة‎ ‎رئيس‎ ‎الجمهورية‎ ‎أمس‎ ‎الأول‎.‎


اما‎ ‎بالنسبة‎ ‎للمبادرة‎ ‎عينها،‎ ‎فأكدت‎ ‎المصادر‎ "‎ان‎ ‎ما‎ ‎قام‎ ‎به‎ ‎الرئيس‎ ‎عون‎ ‎أمس،‎ ‎هو‎ ‎فتح‎ ‎الباب‎ ‎بعدما‎ ‎كنا‎ ‎أمام‎ ‎وضع‎ ‎مقفل،‎ ‎وبعدما‎ ‎قام‎ ‎بخطوات‎ ‎لتذليل‎ ‎العقبات‎ ‎وحاول‎ ‎من‎ ‎خلال‎ ‎الاتصالات‎ ‎المباشرة‎ ‎والمشاورات‎ ‎إيجاد‎ ‎مخرج،‎ ‎وبعدما‎ ‎اصطدمت‎ ‎سلسلة‎ ‎الحلول‎ ‎التي‎ ‎تقدّم‎ ‎بها‎ ‎الرئيس‎ ‎بحائط‎ ‎مسدود‎ ‎أراد‎ ‎التقدم‎ ‎بهذه‎ ‎المبادرة‎. ‎من‎ ‎هنا‎ ‎قدم‎ ‎الاقتراح‎ ‎الذي‎ ‎قدمه‎ ‎من‎ ‎باب‎ ‎حرصه‎ ‎على‎ ‎تشكيل‎ ‎الحكومة‎ ‎وهو‎ ‎يفتح‎ ‎باباً‎ ‎أمام‎ ‎الحل‎ ‎ان‎ ‎كانوا‎ ‎يريدون‎ ‎حلاً‎". ‎واضافت‎: ‎‎"‎حتى‎ ‎الآن‎ ‎لم‎ ‎تتبين‎ ‎ردود‎ ‎الفعل‎ ‎الرسمية‎ ‎ولم‎ ‎تعلن‎ ‎الكتل‎ ‎موقفها‎ ‎الرسمي‎ ‎من‎ ‎مبادرة‎ ‎الرئيس‎ ‎باستثناء‎ ‎بعض‎ ‎التسريبات‎ ‎التي‎ ‎لا‎ ‎يمكن‎ ‎أن‎ ‎يبنى‎ ‎عليها‎".‎
وقالت‎ ‎مصادر‎ ‎مطلعة‎ ‎على‎ ‎أجواء‎ ‎بعبدا‎ ‎إن‎ "‎هناك‎ ‎من‎ ‎تناول‎ ‎كلمة‎ ‎جهنم‎ ‎بسخرية،‎ ‎الرئيس‎ ‎عون‎ ‎عندما‎ ‎تحدّث‎ ‎أمس‎ ‎كان‎ ‎التعبير‎ ‎يهدف‎ ‎الى‎ ‎التحذير‎ ‎من‎ ‎الذهاب‎ ‎نحو‎ ‎الأسوأ‎. ‎وتناول‎ ‎هذه‎ ‎العبارة‎ ‎بغير‎ ‎إطارها‎ ‎يهدف‎ ‎الى‎ ‎حرف‎ ‎النظر‎ ‎عن‎ ‎جوهر‎ ‎المبادرة‎ ‎والهروب‎ ‎من‎ ‎تحديد‎ ‎الموقف‎ ‎من‎ ‎الأساس‎ ‎وهو‎ ‎مبادرة‎ ‎رئيس‎ ‎الجمهورية،‎ ‎مع‎ ‎الإشارة‎ ‎الى‎ ‎ان‎ ‎ما‎ ‎قصده‎ ‎الرئيس‎ ‎عون‎ ‎بكلمة‎ ‎جهنّم‎ ‎لم‎ ‎يكن‎ ‎بالمعنى‎ ‎الروحي‎ ‎للكلمة‎ ‎إنما‎ ‎بمعنى‎ ‎التدهور‎ ‎الخطير،‎ ‎ومن‎ ‎ركز‎ ‎على‎ ‎الأمور‎ ‎الشكلية‎ ‎فهدفه‎ ‎التعتيم‎ ‎وحرف‎ ‎النظر‎ ‎عن‎ ‎أهمية‎ ‎المبادرة‎ ‎والإضاءة‎ ‎على‎ ‎تشبيه‎ ‎ثانوي‎ ‎ليس‎ ‎هو‎ ‎الأساس‎".‎
ولفتت‎ ‎المصادر‎ ‎الى‎ ‎أن‎ "‎ما‎ ‎أشير‎ ‎عن‎ ‎التقاء‎ ‎مبادرة‎ ‎الرئيس‎ ‎عون‎ ‎مع‎ ‎طرح‎ ‎التيار‎ ‎الوطني‎ ‎الحر‎ ‎بالتأكيد‎ ‎أن‎ ‎هذا‎ ‎موقف‎ ‎رئيس‎ ‎الجمهورية‎ ‎وهو‎ ‎طرح‎ ‎يراوده‎ ‎منذ‎ ‎بدء‎ ‎أزمة‎ ‎التأليف‎ ‎وتقدم‎ ‎فيه‎ ‎من‎ ‎باب‎ ‎حرصه‎ ‎على‎ ‎تشكيل‎ ‎الحكومة‎ ‎ولا‎ ‎شيء‎ ‎يمنع‎ ‎من‎ ‎أن‎ ‎يلتقي‎ ‎معه‎ ‎طرف‎ ‎بطرح‎ ‎مشابه‎. ‎أما‎ ‎بالنسبة‎ ‎للاتصال‎ ‎مع‎ ‎الرئيس‎ ‎المكلف‎ ‎مصطفى‎ ‎أديب‎ ‎فأكدت‎ ‎المصادر‎ ‎أنه‎ ‎لم‎ ‎يسجل‎ ‎أي‎ ‎اتصال‎ ‎منذ‎ ‎يومين‎". ‎وعن‎ ‎الكلام‎ ‎حول‎ ‎زيارة‎ ‎مرتقبة‎ ‎لموفد‎ ‎فرنسي،‎ ‎قالت‎ ‎المصادر‎: ‎سمعنا‎ ‎كلاماً‎ ‎كهذا‎ ‎ولكن‎ ‎الدوائر‎ ‎الرسمية‎ ‎لم‎ ‎تتبلغ‎ ‎شيئاً‎ ‎في‎ ‎هذا‎ ‎الإطار‎".‎


اجتماع‎ ‎ماليّ
وواصل‎ ‎رئيس‎ ‎الجمهورية‎ ‎الاجتماعات‎ ‎التي‎ ‎يعقدها‎ ‎لمتابعة‎ ‎عمل‎ ‎الإدارات‎ ‎والمؤسسات‎ ‎الرسمية،‎ ‎فرأس‎ ‎للغاية‎ ‎اجتماعين‎ ‎في‎ ‎قصر‎ ‎بعبدا،‎ ‎بحضور‎ ‎رئيس‎ ‎حكومة‎ ‎تصريف‎ ‎الاعمال‎ ‎حسان‎ ‎دياب‎ ‎وعدد‎ ‎من‎ ‎الوزراء‎ ‎في‎ ‎حكومة‎ ‎تصريف‎ ‎الأعمال‎ ‎والمختصين‎. ‎الأول‎ ‎حضره‎ ‎الى‎ ‎الرئيس‎ ‎دياب‎ ‎وزير‎ ‎المالية‎ ‎في‎ ‎حكومة‎ ‎تصريف‎ ‎الاعمال‎ ‎غازي‎ ‎وزني،‎ ‎حاكم‎ ‎مصرف‎ ‎لبنان‎ ‎رياض‎ ‎سلامة‎. ‎وبحث‎ ‎المجتمعون‎ ‎في‎ ‎السبل‎ ‎الكفيلة‎ ‎بمواصلة‎ ‎الدعم،‎ ‎لا‎ ‎سيما‎ ‎على‎ ‎الأدوية‎ ‎والقمح‎ ‎والمواد‎ ‎والسلع‎ ‎الأساسية‎. ‎كذلك‎ ‎تقرر‎ ‎الطلب‎ ‎من‎ ‎الوزارات‎ ‎المعنية‎ ‎تكثيف‎ ‎اجتماعاتها‎ ‎مع‎ ‎مصرف‎ ‎لبنان‎ ‎بهدف‎ ‎تحقيق‎ ‎ما‎ ‎تقدم‎ ‎ضمن‎ ‎خطة‎ ‎متكاملة‎ ‎توضع‎ ‎لهذه‎ ‎الغاية‎.‎


وأشارت‎ ‎مصادر‎ ‎الاجتماع‎ ‎الى‎ ‎أنه‎ "‎تم‎ ‎البحث‎ ‎باحتياطات‎ ‎المصرف‎ ‎المركزي‎ ‎وتبلغ‎ 19 ‎مليار‎ ‎دولار‎. ‎وتم‎ ‎الاتفاق‎ ‎على‎ ‎استمرار‎ ‎الدعم‎ ‎للمواد‎ ‎والسلع‎ ‎الأساسية‎ ‎وتوجيهه‎ ‎لأطول‎ ‎فترة‎ ‎ممكنة‎ ‎مع‎ ‎المحافظة‎ ‎على‎ ‎الودائع‎ ‎بالعملة‎ ‎الصعبة‎".‎


وأشار‎ ‎كبير‎ ‎المستشارين‎ ‎في‎ ‎بنك‎ ‎بيبلوس‎ ‎الخبير‎ ‎المالي‎ ‎نسيب‎ ‎غبريل‎ ‎لـ‎"‎البناء‎" ‎الى‎ ‎أن‎ "‎نظام‎ ‎الدعم‎ ‎إن‎ ‎كان‎ ‎هدفه‎ ‎استيراد‎ ‎المشتقات‎ ‎النفطية‎ ‎او‎ ‎القمح‎ ‎او‎ ‎الدواء‎ ‎او‎ ‎المعدات‎ ‎الطبية‎ ‎او‎ ‎السلة‎ ‎الغذائية‎ ‎او‎ ‎المواد‎ ‎الأولية‎ ‎للصناعة‎ ‎والزراعة،‎ ‎فهو‎ ‎من‎ ‎اختصاص‎ ‎الاقتصاد‎ ‎الموجّه‎ ‎وطريقة‎ ‎الدعم‎ ‎هذه‎ ‎أثبتت‎ ‎كلفتها‎ ‎وعدم‎ ‎فعاليتها‎ ‎في‎ ‎معظم‎ ‎البلدان‎ ‎التي‎ ‎طبقته‎ ‎قبل‎ ‎أن‎ ‎يثبت‎ ‎ذلك‎ ‎مرة‎ ‎إضافية‎ ‎في‎ ‎لبنان‎". ‎وأضاف‎ ‎غبريل‎: ‎أن‎ "‎احتياطي‎ ‎مصرف‎ ‎لبنان‎ ‎بالعملات‎ ‎الأجنبية‎ ‎هبط‎ 8,43 ‎مليار‎ ‎دولار‎ ‎منذ‎ ‎اول‎ ‎السنة،‎ ‎اي‎ ‎بنسبة‎ 27 ‎في‎ ‎المئة‎ ‎تقريباً،‎ ‎من‎ ‎دون‎ ‎احتساب‎ ‎سندات‎ ‎اليوروبوند‎ ‎التي‎ ‎يحملها‎ ‎في‎ ‎محفظته،‎ ‎وبعد‎ ‎قرار‎ ‎الحكومة‎ ‎الامتناع‎ ‎عن‎ ‎تسديد‎ ‎سندات‎ ‎اليوروبوند‎ ‎في‎ 7 ‎آذار‎ ‎الماضي،‎ ‎جفّت‎ ‎بشبه‎ ‎كامل‎ ‎تدفقات‎ ‎رؤوس‎ ‎الأموال‎ ‎بالعملات‎ ‎الأجنبية‎ ‎الى‎ ‎لبنان‎ ‎وهذان‎ ‎العاملان‎ ‎أدّيا‎ ‎الى‎ ‎استنزاف‎ ‎احتياطي‎ ‎مصرف‎ ‎لبنان‎ ‎بالعملات‎ ‎الأجنبية‎ ‎شهرياً،‎ ‎علماً‎ ‎أن‎ ‎الدعم‎ ‎بحسب‎ ‎غبريل‎ ‎عادة‎ ‎يكون‎ ‎من‎ ‎الخزينة‎ ‎وليس‎ ‎من‎ ‎المصرف‎ ‎المركزي‎. ‎إلا‎ ‎أن‎ ‎قرارات‎ ‎الدعم،‎ ‎وخصوصاً‎ ‎آخر‎ ‎قرار،‎ ‎جاءت‎ ‎من‎ ‎دون‎ ‎تحديد‎ ‎مهلة‎ ‎زمنية‎ ‎لها‎ ‎وتقدير‎ ‎كلفتها‎ ‎بشكل‎ ‎دقيق‎".‎


وبحسب‎ ‎غبريل‎ ‎فإن‎ "‎ضخ‎ ‎سيولة‎ ‎بالعملات‎ ‎الاجنبية‎ ‎في‎ ‎السوق‎ ‎المحلّي‎ ‎يمر‎ ‎من‎ ‎خلال‎ ‎اتفاق‎ ‎تمويلي‎ ‎إصلاحي‎ ‎مع‎ ‎صندوق‎ ‎النقد‎ ‎الدولي،‎ ‎الذي‎ ‎بدوره‎ ‎لا‎ ‎يحبّذ‎ ‎الدعم‎ ‎عموماً‎ ‎فعاجلاً‎ ‎ام‎ ‎آجلاً‎ ‎ستضطر‎ ‎السلطات‎ ‎اللبنانية‎ ‎للرفع‎ ‎التدريجي‎ ‎للدعم‎ ‎عن‎ ‎بعض‎ ‎او‎ ‎كل‎ ‎هذه‎ ‎المواد،‎ ‎ولكن‎ ‎قبل‎ ‎ذلك،‎ ‎من‎ ‎الأجدى‎ ‎رفع‎ ‎الدعم‎ ‎عن‎ ‎قطاع‎ ‎الكهرباء‎ ‎الذي‎ ‎أرهق‎ ‎الخزينة‎ ‎وتسبّب‎ ‎بنصف‎ ‎عجز‎ ‎الموازنات‎ ‎العامة‎ ‎وبارتفاع‎ ‎الدين‎ ‎العام‎ ‎والمعروف‎ ‎أن‎ ‎هناك‎ ‎هدراً‎ ‎مقونناً‎ ‎في‎ ‎قطاع‎ ‎الكهرباء،‎ ‎حيث‎ ‎الخسائر‎ ‎غير‎ ‎التقنية،‎ ‎كما‎ ‎يسمّيها‎ ‎البنك‎ ‎الدولي،‎ ‎أي‎ ‎السرقة‎ ‎والاستخدام‎ ‎غير‎ ‎الشرعي‎ ‎للشبكة،‎ ‎تشكل‎ ‎أبرز‎ ‎تحديات‎ ‎القطاع‎". ‎وأوضح‎ ‎أن‎ "‎رفع‎ ‎الدعم‎ ‎عن‎ ‎تعرفة‎ ‎الكهرباء‎ ‎يجنب‎ ‎رفع‎ ‎الدعم‎ ‎عن‎ ‎المواد‎ ‎والسلع‎ ‎الأخرى‎ ‎ويجبر‎ ‎كبار‎ ‎المستهلكين‎ ‎على‎ ‎دفع‎ ‎فواتيرهم‎ ‎حسب‎ ‎سعر‎ ‎السوق،‎ ‎ويحدّ‎ ‎من‎ ‎استنزاف‎ ‎احتياطي‎ ‎مصرف‎ ‎لبنان،‎ ‎كما‎ ‎يعطي‎ ‎الوقت‎ ‎للسلطات‎ ‎لإيجاد‎ ‎حلّ‎ ‎مقبول‎ ‎للمواطن‎ ‎الفقير‎ ‎من‎ ‎خلال‎ ‎الباقة‎ ‎التموينية‎".‎


في‎ ‎المقابل‎ ‎يقول‎ ‎الخبير‎ ‎المالي‎ ‎وليد‎ ‎ابو‎ ‎سليمان‎ ‎لـ‎"‎البناء‎" ‎إن‎ "‎الوضع‎ ‎سيئ‎ ‎جداً‎ ‎والاحتياطات‎ ‎تراجعت‎ ‎على‎ ‎مدى‎ ‎السنوات‎ ‎الأخيرة‎ ‎بسبب‎ ‎تدخل‎ ‎مصرف‎ ‎لبنان‎ ‎الدائم‎ ‎لتغطية‎ ‎عجز‎ ‎الدولة‎"‎،‎ ‎مشيراً‎ ‎الى‎ ‎أن‎ "‎الخيار‎ ‎الوحيد‎ ‎أمام‎ ‎الدولة‎ ‎هو‎ ‎الاستمرار‎ ‎بالدعم‎ ‎من‎ ‎خلال‎ ‎الاستدانة‎ ‎من‎ ‎الخارج‎ ‎مقابل‎ ‎رهن‎ ‎جزء‎ ‎من‎ ‎الذهب‎ ‎وفقط‎ ‎لدعم‎ ‎السلع‎ ‎الأساسية‎".‎


انفجار‎ ‎عين‎ ‎قانا
على‎ ‎صعيد‎ ‎آخر،‎ ‎لم‎ ‎يُعرَف‎ ‎السبب‎ ‎الحقيقي‎ ‎الذي‎ ‎أدى‎ ‎إلى‎ ‎انفجار‎ ‎في‎ ‎بلدة‎ ‎عين‎ ‎قانا‎ ‎في‎ ‎إقليم‎ ‎التفاح‎ ‎حتى‎ ‎الساعة،‎ ‎وفيما‎ ‎ضرب‎ ‎الجيش‎ ‎اللبناني‎ ‎وعناصر‎ ‎من‎ ‎حزب‎ ‎الله‎ ‎طوقاً‎ ‎أمنياً‎ ‎في‎ ‎مكان‎ ‎الانفجار،‎ ‎اقتصر‎ ‎بيان‎ ‎الجيش‎ ‎على‎ ‎أن‎ ‎الانفجار‎ ‎وقع‎ ‎في‎ ‎أحد‎ ‎المباني‎ ‎في‎ ‎بلدة‎ ‎عين‎ ‎قانا‎ ‎وأن‎ ‎قوة‎ ‎من‎ ‎الجيش‎ ‎حضرت‎ ‎إلى‎ ‎المكان‎ ‎وباشرت‎ ‎التحقيقات‎.‎


واشارت‎ ‎قناة‎ ‎المنار‎ ‎الى‎ ‎أنه‎: ‎‎"‎حوالي‎ ‎الساعة‎ ‎الثانية‎ ‎بعد‎ ‎الظهر‎ ‎سمع‎ ‎دوي‎ ‎انفجار‎ ‎في‎ ‎قرية‎ ‎عين‎ ‎قانا‎ ‎قضاء‎ ‎النبطية‎ ‎قرب‎ ‎المدرسة‎ ‎الرسمية‎ (‎الجبانة‎) ‎والمبنى‎ ‎يعود‎ ‎لمؤسسة‎ ‎تعمل‎ ‎في‎ ‎مجال‎ ‎نزع‎ ‎الألغام‎ ‎ومخلفات‎ ‎الحرب‎ ‎والانفجار‎ ‎جاء‎ ‎نتيجة‎ ‎تخزين‎ ‎المخلفات‎ ‎التي‎ ‎تم‎ ‎نزعها‎".‎

 

***********************************************

 

افتتاحية صحيفة النهار

 

الحريري “يتجرع” التنازل ويحشر “الثنائي” المعطل كابوس الانفجارات يتمدد نحو معاقل “حزب الله”

لا يبدو ان زمن المفارقات المأسوية التي تتوالى على اللبنانيين مرشح للمهادنة اذ وسط إنشداد الأنظار الى الانسداد الذي أصاب ازمة تأليف الحكومة، عادت كوابيس الانفجارات تطارد اللبنانيين وهذه المرة تمددت الى المنطقة الجنوبية في عقر نفوذ “حزب الله” بما يفاقم الخوف من هذه الآفة المخيفة. وكاد الانفجار الذي حصل في مستودع للأسلحة والذخائر تابع لـ”حزب الله” في بلدة عين قانا في إقليم التفاح يستقطب الاهتمامات والأضواء وسط اتساع الذعر من تكرار احداث التفجيرات في فترة قياسية لولا البيان المفاجئ الذي أصدره الرئيس سعد الحريري مساء امس مفجراً عبره قنبلة “تجرع سم” التنازل لدعم الرئيس المكلف مصطفى اديب في تشكيل الحكومة من خلال تسمية اديب وزيراً شيعياً مستقلاً للمال من دون ان تكرس الخطوة عرفا للطائفة الشيعية الامر الذي اطلق ترددات سلبية من جانب حلفاء الحريري رؤساء الحكومات السابقين الثلاثة فؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي وتمام سلام، فيما لاحت ملامح سلبية أولية من جانب الثنائي الشيعي حيال الخطوة الحريرية، بما يعني ان الحريري نجح في حشر الثنائي الشيعي وكشف عرقلته للمبادرة الفرنسية وتشكيل الحكومة الانقاذية ولو ان هذه الخطوة بدت مكلفة جدا له سياسيا.

والحال ان بيان الحريري الذي لم يتردد هو نفسه عن وصفه بانه تجرع للسم متحسبا لاعتباره من حلفائه والآخرين انه بمثابة انتحار سياسي، بدا كأنه المحاولة المتجرئة الأخيرة لاستنقاذ تجربة مصطفى اديب الحكومية من جهة والمبادرة الفرنسية كلا من جهة أخرى. ورمى الحريري حجرا ثقيلا في مستنقع الجمود الذي طبع المأزق الحكومي والذي فشلت مبادرة رئيس الجمهورية ميشال عون اول من امس في أي كسر لجموده. وأصدر الحريري بيانا ذكر فيه بالظروف المتعاقبة لاستحقاق تأليف الحكومة بفعل المبادرة الفرنسية “إلى أن برزت عقبة مباغتة تمثلت بمطالبة حركة أمل وحزب الله بتسميتهما للوزراء الشيعة وحصر حقيبة المال بمن يسميانه من الطائفة الشيعية، انطلاقا من زعم ان هذا الطلب هو حق دستوري منبثق من اتفاق الطائف، بينما هو بدعة لا وجود لها لا في الدستور ولا في الطائف”.

وقال “امام خطر فقدان لبنان لآخر المكابح أمام انهياره، مع ما يعني ذلك من خطر اندلاع فوضى سياسية واقتصادية ومعيشية وامنية… قررت مساعدة الرئيس اديب على ايجاد مخرج بتسمية وزير مال مستقل من الطائفة الشيعية، يختاره هو، شأنه شأن سائر الوزراء على قاعدة الكفاءة والنزاهة وعدم الانتماء الحزبي، من دون أن يعني هذا القرار في اي حال من الاحوال اعترافا بحصرية وزارة المال بالطائفة الشيعية أو باي طائفة من الطوائف. يجب أن يكون واضحا أن هذا القرار هو لمرة واحدة ولا يشكل عرفا يبنى عليه لتشكيل حكومات في المستقبل، بل هو مشروط بتسهيل تشكيل حكومة الرئيس أديب بالمعايير المتفق عليها، وتسهيل عملها الاصلاحي… وبهذه الخطوة، تصبح المسؤولية على عاتق الممانعين لتشكيل الحكومة. فإذا استجابوا وسهلوا ربحنا لبنان وربح اللبنانيون، واذا تابعوا عرقلتهم يتحملون مسؤولية ضياع فرصة لبنان لوقف الانهيار”.

وختم “مرة جديدة، أتخذ قرارا بتجرع السم، وهو قرار اتخذه منفردا بمعزل عن موقف رؤساء الحكومات السابقين، مع علمي المسبق بأن هذا القرار قد يصفه البعض بأنه بمثابة انتحار سياسي، لكنني اتخذه من اجل اللبنانيين، واثقا من أنه يمثل قرارا لا بديل منه لمحاولة انقاذ آخر فرصة لوقف الانهيار المريع”.

ولعل المفارقة اللافتة تمثلت في ان محطة “المنار” سارعت الى نقل أجواء منسوبة الى مصادر الثنائي الشيعي تساءلت عبرها “كيف يسمح الحريري لنفسه بان يحدد ويشترط في تسمية الوزير الشيعي”؟ كما نقل عن مصادر حركة “امل ” ان النقطة التي وردت في بيان الحريري عن مرة واحدة فقط بالنسبة الى اسناد حقيبة المال الى شيعي ليست هي ما يطالب به الثنائي الشيعي.

ثم اصدر الرؤساء السابقون ميقاتي والسنيورة وسلام بيانا اعتبروا فيه ان المبادرة التي تقدم بها الرئيس الحريري “هي مبادرة شخصية”. وأكدوا انه “بعد الضجة المفتعلة التي أثيرت بشأن حقيبة وزارة المال فإننا نعتبر أنفسنا غير ملزمين بهذه المبادرة. وتبقى القضية الأساس بالنسبة لنا كما هي بالنسبة لسائر اللبنانيين في أهمية الالتزام بالاحترام الكامل والثبات على مبدأ الحفاظ على الدستور”.

وقالت مصادر مسؤولة في “التيار الوطني الحر ” لـ”النهار” تعليقا على مبادرة الحريري ان التيار يرحب بكل خطوة تدفع الى المساعدة في تأليف الحكومة اذا كانت قائمة وفق قواعد الدستور ووفقا لوحدة المعايير والتوافق الوطني وليس نتيجة فرض قوة ضغط. واشارت الى “ان موقف التيار ورئيس الجمهورية مع تسهيل الولادة الحكومية وإزالة العراقيل ونتمنى الا تكون خطوة الحريري نصف خطوة الى الأمام”.

انفجار عين قانا

اما انفجار عين قانا فبدا اشبه بتذكير مشؤوم للبنانيين بانفجار مرفأ بيروت بعد اقل من شهرين من حصوله اذ أعاد الانفجار هاجس تمدد هذه الظاهرة المخيفة والمثيرة للقلق الشديد الى مناطق مختلفة ولا سيما منها في الجنوب حيث الوجود المسلح الثقيل لـ”حزب الله “. والمشكلة الأساسية في هذا السياق تتمثل في انعدام الشفافية التي برزت امس في فرض الحزب أولا طوقا حديديا واسعا حول مكان انفجار المستودع في عين قانا حتى انه يعتقد ان الجيش اللبناني نفسه لم يصل الا بعد ساعات من حصول الانفجار، وحال عناصر الحزب دون التغطية الإعلامية ولم تصدر الا رواية واحدة عن الحادث هي روايته. وقد تحدثت المعلومات المستقلة المتوافرة عن الحادث انه حصل في مبنى تابع للحزب مؤلف من ثلاث طبقات حيث دوى بعد الظهر انفجار هائل مطلقا أعمدة كثيفة وقاتمة من سحب الدخان الذي غطى المنطقة. وزعم الحزب ان الانفجار حصل في مركز لتجميع القذائف غير المنفجرة من مخلفات حرب تموز 2006 نافيا سقوط ضحايا او جرحى كما نفى استهداف احد قادته علي سمير الرز او أي قيادي آخر. ولكن الحادث اثار ذعرا واسعا ترجم بمغادرة عدد كبير من الأهالي البلدة ومحيطها الى مناطق ابعد.

*************************************

افتتاحية صحيفة نداء الوطن

“عنبر 12” جديد في عين قانا: “العلمُ عند حزب الله”!

الحريري “يفتدي” ماكرون: وزير مال من “شيعة أديب”

 

في عزّ “حشرة” الثنائي الشيعي حكومياً ووطنياً وإقليمياً ودولياً، وغداة سحب رئيس الجمهورية ميشال عون البساط الدستوري والمسيحي من تحت أقدام مطلب استئثار الثنائي بحقيبة المال، خلع الرئيس سعد الحريري عباءة تشدّد رؤساء الحكومات السابقين وتفرّد بتقديم “فتوى تسووية” مشروطة بعدم تكريسها أي عرف أو واقع دستوري يُؤسَّس عليه في تشكيل الحكومات مستقبلاً، ليقدّم من “كيس” رصيده الشخصي والسياسي فدية “المالية” للثنائي بمفعول مزدوج يفتدي من خلاله مبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون و”حكومة المهمة” الإنقاذية للبنان. المخرج الذي طرحه الحريري لتحرير تشكيلة أديب من قيود التعطيل، قضى أن تكون حقيبة المال من حصة الطائفة الشيعية لكن على أن يتولى الرئيس المكلف نفسه تسمية وزير مستقل لها “على قاعدة الكفاءة والنزاهة وعدم الانتماء الحزبي (…) وبهذه الخطوة، تصبح المسؤولية على عاتق الممانعين لتشكيل الحكومة، فإذا تابعوا عرقلتهم يتحملون مسؤولية ضياع فرصة لبنان لوقف الانهيار وإنقاذ اللبنانيين من مآسيهم الحالية والمرشحة للتزايد”.

 

مرة جديدة اختار الحريري “تجرّع السم” مع علمه المسبق بأنه قرار “قد يصفه البعض بالانتحار السياسي”، لكنه لم ير عنه بديلاً لمحاولة إنقاذ المبادرة الفرنسية بوصفها “آخر فرصة لمنع سقوط لبنان في المجهول”. وأكدت مصادر مواكبة لموقفه أن الحريري يدرك سلفاً أنّ “كلفة تقديمه تنازلاً كهذا ستكون كبيرة عليه أمام جمهوره وأمام الفرقاء السياسيين الذين كان لهم موقف رافض لتخصيص وزارة المال لوزير شيعي، لكنه في الوقت نفسه آثر دفع الثمن سياسياً وشعبياً مقابل عدم تضييع آخر فرصة إنقاذية للبنانيين، خصوصاً وأنّ كل من يعارض موقفه لم يطرح أي حلول بديلة أخرى لأزمة البلد الكارثية التي باتت معالجتها مستحيلة من دون المبادرة الفرنسية وتشكيل حكومة مصطفى أديب”.

 

وكشفت المصادر لـ”نداء الوطن” أنّ بيان الحريري جاء “نتيجة اتصالات مكثفة خلال الساعات الـ48 الماضية بينه وبين الرئيس الفرنسي من دون تنسيق مع أي طرف آخر، وخلصت المشاورات إلى فكرة طرح هذه المبادرة، فتواصل الحريري مع الرئيس المكلف ولمس منه قبولاً وترحيباً بالفكرة مع التأكيد على ضرورة ألا يتحول إسناد حقيبة المال لوزير شيعي إلى عرف دستوري فكان تشديد على وجوب اعتماد هذه المبادرة الإنقاذية “لمرة واحدة” بما يفضي إلى تسمية أديب وزيراً شيعياً لحقيبة المال أسوةً بتسميته سائر الوزراء الآخرين في تشكيلته الوزارية”.

 

وعن موقف رؤساء الحكومات السابقين نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام الرافض لهذه المبادرة، أوضحت المصادر أنّ “الحريري استمزج رأيهم لكنهم عارضوا اقتراحه كل على طريقته واعتبروه تنازلاً غير مفيد، فقرر المضي قدماً في الطرح وأخذه على عاتقه الشخصي لعله يشكل مخرجاً إنقاذياً للبلد”، نافيةً في المقابل أن يكون الحريري قد أعلن مبادرته بالتنسيق مع أي من فريقي الثنائي الشيعي، بل هو تعمّد طرحها ببيان رسمي لكي يتحمل الجميع مسؤولياته في هذه المرحلة البالغة الدقة والحساسية التي يمر بها البلد.

 

وفي حين ساد انطباع مبدئي لدى بعض الأفرقاء مساءً يراهن على تعامل “حزب الله” وحركة “أمل” مع مبادرة الحريري “بعقلانية” فيسارعا إلى تلقفها باعتبارها “مخرجاً معقولاً” للأزمة الحكومية شرط عدم إفساح أي مجال لفتح أي “بازار جديد” يتعلق بالحصص والحقائب بشكل يستنزف مزيداً من الوقت في عملية ولادة الحكومة، نقلت في المقابل أوساط مقربة من الثنائي الشيعي لـ”نداء الوطن” أجواء مناهضة لهذه المبادرة من جانب قيادتي الثنائي مؤكدةً أنهما “لا تزالان متمسكتين بوجوب تسمية وزرائهما الشيعة بنفسيهما، ويعتبران أنّ الحريري بمبادرته هذه إنما تقدم شكلياً خطوة إلى الأمام لكنه في الجوهر لم يقدم جديداً يمكن البناء عليه في سبيل حل إشكالية حقيبة المالية”.

 

ميدانياً، اتجهت الأنظار أمس إلى الجنوب على وقع الانفجار المدوّي الذي هزّ منطقة إقليم التفاح وخلّف أضراراً جسيمة في بلدة عين قانا. فالمشهد الذي ارتسمت وسط سحبه الدخانية السوداء التي غطت سماء المنطقة علامات استفهام كبيرة حول طبيعة المبنى الذي دمّره الانفجار ونوعية الأسلحة والذخائر التي كانت مخزنة داخله، بقيت المعطيات المتصلة به ضبابية تلفها جملة من الأسئلة والسيناريوات والفرضيات لا سيما الإسرائيلية منها في ظل التحليق الكثيف للطيران المعادي في أجواء المنطقة قبيل الانفجار.

 

وإذ سارع “حزب الله” إلى تطويق المكان وعمّم معلومات إعلامية تفيد بأنّ الانفجار ناجم عن ذخائر وعبوات مخزنة من مخلفات حرب تموز 2006، أكدت مصادر مواكبة للتحقيقات الأولية بالحادث أنّ “الأجهزة الرسمية ليست على بيّنة بعد من طبيعة الانفجار وأسبابه وتنتظر استكمال تحقيقاتها في هذا المجال”، واختصرت الإجابة عن سلسلة الاتصالات التي جرت أمس لاستيضاح حقيقة ما جرى بالقول: “عنبر رقم 12 جديد والعِلمُ عند حزب الله الذي وحده يملك الجواب اليقين”.

 

****************************************

 

افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط

 

الحريري يقترح شيعياً مستقلاً لـ«المالية»

السنيورة وميقاتي وسلام اعتبروها «مبادرة شخصية لا تلزمهم»

 

اقترح رئيس الحكومة السابق سعد الحريري مخرجاً للأزمة الحكومية القائمة، يتمثل في مساعدة الرئيس المكلف تشكيل الحكومة مصطفى أديب في تسمية وزير مالية مستقل من الطائفة الشيعية، يختاره هو، شأنه شأن سائر الوزراء على قاعدة الكفاءة والنزاهة وعدم الانتماء الحزبي، مشدداً على أنه «من دون أن يعني هذا القرار في أي حال من الأحوال اعترافا بحصرية وزارة المالية بالطائفة الشيعية أو بأي طائفة من الطوائف».

 

وقال الحريري في بيان أصدره مساء أمس: «يجب أن يكون واضحا أن هذا القرار هو لمرة واحدة ولا يشكل عرفا يبنى عليه لتشكيل حكومات في المستقبل، بل هو مشروط بتسهيل تشكيل حكومة الرئيس أديب بالمعايير المتفق عليها، وتسهيل عملها الإصلاحي، من أجل كبح انهيار لبنان ثم إنقاذه وإنقاذ اللبنانيين».

وأكد الحريري أن «بقاء لبنان، ومعيشة اللبنانيين وكرامتهم تبقى أكبر من الصراعات الطائفية والسياسية، وهي تستأهل تحييد فرصة إنقاذ لبنان عن الخلافات مهما كبرت». وبهذه الخطوة، أضاف الحريري: «تصبح المسؤولية على عاتق الممانعين لتشكيل الحكومة، فإذا استجابوا وسهلوا ربحنا لبنان وربح اللبنانيون، وإذا تابعوا عرقلتهم يتحملون مسؤولية ضياع فرصة لبنان لوقف الانهيار وإنقاذ اللبنانيين من مآسيهم الحالية والمرشحة للتزايد لا سمح الله».

وقال الحريري: «مرة جديدة، أتخذ قرارا بتجرع السم، وهو قرار أتخذه منفردا بمعزل عن موقف رؤساء الحكومات السابقين، مع علمي المسبق أن هذا القرار قد يصفه البعض بأنه بمثابة انتحار سياسي، لكنني أتخذه من أجل اللبنانيين، واثقا من أنه يمثل قرارا لا بديل عنه لمحاولة إنقاذ آخر فرصة لوقف الانهيار المريع ومنع سقوط لبنان في المجهول».

ومساء أمس صدر عن رؤساء الحكومات السابقين نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام بيان أكدوا فيه أن مبادرة الحريري «مبادرة شخصية». وقالوا «إن الدستور شديد الوضوح في أنه ليس هناك من حقيبة وزارية يمكن أن تكون حكراً أو حقاً حصرياً على وزراء ممن ينتمون إلى طائفة أو مذهب معين بعينه، كما أنه لا شيء يحول وحسب الدستور دون أن يتولى أي لبناني، وإلى أي فئة طائفية أو مذهبية ينتمي إليها، أي حقيبة وزارية في لبنان». وأضافوا أنهم يعتبرون أنفسهم «غير ملزمين بهذه المبادرة».

 

****************************************

 

افتتاحية صحيفة الجمهورية

 

 التأليف يتحرك بمبادرة حريرية.. وأديب ينتظر ردّ «الثنائية الشيعيّة»

كَسر الرئيس سعد الحريري، بمبادرته الحكومية، جمود التأليف والتقابل السياسي الذي كاد ان يطيح المبادرة الفرنسية، فيما كانت التقديرات والمؤشرات تفيد انّ الاستحقاق الحكومي رُحِّل إلى ما بعد الانتخابات الأميركية، فأحيَت المبادرة الحريرية المستجدة المبادرة الفرنسية المتعثرة، كذلك أحيَت الآمال بعودة الزخم على خط التأليف على رغم مسارعة رؤساء الحكومات إلى اعتبار هذه المبادرة «شخصية»، لأنّ الكلمة الفصل في نهاية المطاف هي للحريري في اعتباره يترأس تكتل «المستقبل» النيابي.

 

وقد كان لبيان الحريري مساء أمس وَقع المفاجأة لأنه كان غير متوقّع إطلاقاً، علماً انّ حسابات الجميع كانت تميل إلى التأقلم مع الوضع الجديد، وتنتظر اعتذار الرئيس المكلف وسحب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مبادرته، والاستعداد للأسوأ الذي وصفه رئيس الجمهورية ميشال عون بـ«جهنّم»، إلّا أنّ الحريري أعاد خلط الأوراق السياسية واضعاً الكرة في ملعب «الثنائي الشيعي» الذي توجهت الأنظار إليه لمعرفة ما إذا كان سيلتقط مبادرة الحريري التي سلّمت بأحد مطالبه الأساسية، وهو إبقاء وزارة المال للطائفة الشيعية، ولو استتبعها بجملة «لمرة واحدة وأخيرة»، داعياً الرئيس المكلف إلى أن «يختاره هو شأنه شأن سائر الوزراء».

 

وليلاً، صدر بيان لوزارة الخارجية الفرنسية قالت فيه إنها «تأسف لعدم وفاء المسؤولين اللبنانيين إلى حدّ الآن بالتعهّدات التي قطعوها في الأول من أيلول» للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارته إلى لبنان بتشكيل الحكومة في غضون أسبوعين.

 

وتابع البيان: «ندعو إلى التوصّل بدون تأخير لإتّفاق على تشكيل مصطفى أديب حكومة مهمّةٍ تطبّق الإصلاحات اللازمة».

فالثنائي الشيعي كان قد حدّد مطالبه باثنين: الاحتفاظ بوزارة المال، وتسمية الوزراء الشيعة. وفي الوقت الذي كان قد تقاطع رئيس الجمهورية مع الثنائي لجهة حق الكتل النيابية بتسمية الوزراء، وتعارض معه بمبدأ تخصيص وزارات لطوائف ربطاً بالدستور الذي لا ينص على شيء من هذا القبيل، جاء الحريري ليسلِّم بشيعية وزارة المال من دون إعطاء الحق للثنائي بالتسمية.

 

فهل يوافق الثنائي الشيعي على مبادرة الحريري فيقدِّم الرئيس المكلف تشكيلته لرئيس الجمهورية وتولد الحكومة، أم انه سيواصل تمسّكه بشرطه الثاني المتصل بحق تسمية الوزراء الشيعة، ما قد يدفع الافرقاء الآخرين الى تحميله مسؤولية الفراغ الحكومي وإجهاض المبادرة الفرنسية؟ وهل سيعتبر انّ مجرد قبوله بالمبادرة يعني تنازله عن الحق بالتسمية وإقراره بأنّ وزارة المال آلت إليه للمرة الأخيرة؟ وفي الوقت الذي قرر فيه الحريري مَد اليد للثنائي، فهل سيمدّ الأخير يده توصّلاً للتسوية التي تحدث عنها رئيس «الحزب التقدمي الإشتراكي» وليد جنبلاط؟ وهل يمكن أساساً الوصول إلى حل من دون تنازلات متبادلة؟ وما التنازل الذي يمكن ان يقدم عليه الثنائي؟ وهل سيتحرّك ماكرون بعد مبادرة الحريري؟ وهل هذه المبادرة بعيدة أساساً عن ماكرون ام جرت بالتنسيق معه أو بطلب منه؟

 

لا شك انّ الحريري نجح في خلط الأوراق وتحريك الماء الراكدة، وفي انتظار الرد الرسمي للثنائي فكيف سيتعامل عون الذي كان قد شدّد على رفضه تخصيص أي وزارة لأي طائفة؟ وهل هذا التخصيص سيدفع مثلاً رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، الذي كان قد رفض هذا المبدأ، إلى المطالبة بالتعامل بالمثل؟

 

وفي ظل انسداد الافق والتشاؤم السائد إزاء الاستحقاق الحكومي، حملت الساعات الـ24 الماضية مؤشرات على احتمال خروج هذا الاستحقاق من عنق الزجاجة وولادة الحكومة العتيدة. فعلى أثر دخول الفرنسيين في الساعات الماضية على خط التأليف الحكومي، خرج الحريري بـ«مبادرته الشيعية»، إذا جاز التعبير، والتي نفضَ الرؤساء السابقون للحكومة نجيب ميقاتي وفواد السنيورة وتمام سلام أيديهم منها مُعتبرينها «مبادرة شخصية»، ومؤكدين انهم «غير مُلزمين» بها.

 

لكنّ أوساط الثنائي الشيعي لم ترَ في تلك المبادرة الحريرية ايجابية «لأنها ما تزال تمنح الرئيس المكلف حق تسمية الوزير الشيعي، وهو ما يرفضه الثنائي المُصرّ على التسمية من ضمن مجموعة اسماء يقترحها هو». ورأت هذه الاوساط انّ بيان الحريري «يؤكد انه هو من يتولى تأليف الحكومة وليس الرئيس المكلف، إلا انه يقرّ في بيانه بنحو غير مباشر بأن لا تأليف للحكومة إلّا بإسناد وزارة المال الى الطائفة الشيعية».

 

وأكدت مصادر مطلعة على موقف الثنائي الشيعي «أنّ الموقف الشيعي لم يتبدّل بعد كلام الحريري، ولا يمكن للحريري أن يعطي لنفسه او للرئيس المكلف حق تسمية وزير مال شيعي أو أي وزير شيعي آخر. ولذلك، الحل هو بالعودة إلى الشراكة السياسية ونحن من نسمّي وزراءنا، فكما انّ رؤساء الحكومة قدموا أسماء لاختيار رئيس حكومة من بينها، فإنّ هذا الأمر يسري على الوزير الشيعي، نحن نقدّم لائحة أسماء، أو لوائح اذا أرادوا، وهم يختارون من بين من نقترحهم، ونقطة على السطر».

 

وعلّقت المصادر الشيعية على بيان ميقاتي والسنيورة وسلام، قائلة إنه «كلام انفعالي يتجاوز الواقع والتوازنات الداخلية، ولا حل أمامهم إلّا الموافقة على المسار الطبيعي وهو الشراكة، وعليهم ان يعلموا أنّ زمن التفرد والاستئثار انتهى».

 

قال قريبون من الثنائي الشيعي لـ«الجمهورية» انّ هناك ملاحظات عدة على مبادرة الحريري، «إذ كيف له ان يقرر من عنده من يختار اسماء ممثلي الكتل والمكونات السياسية؟ وهل من «يريد خدمة اللبنانيين»، كما ورد في بيان الحريري، يعتبر انّ القبول بمنح حقيبة وزارة المال للشيعة هو كَتجرّع السم؟». ودعا هؤلاء الى «الذهاب نحو الحلول النهائية فوراً وفق المبادرة الفرنسية بعيداً من اي حسابات اخرى».

 

تجرّع السم

 

وفي السياق نفسه، استغربت مصادر «الثنائي» قول الحريري «انّ تسمية وزير المال هي من صلب الورقة الفرنسية، خصوصاً أن الورقة لا تتضمن ذلك». وتساءلت: «كيف يسمح الحريري لنفسه في أن يحدد ويشترط في تسمية الوزير الشيعي؟». وقالت: «لا نريد للحريري أن يتجرّع السم، والثنائي الشيعي لطالما أبعَد عن الحريري مرات متعددة كأس السم الذي أراد أن يجرعه إيّاه حلفاؤه».

 

الخليلان وأديب

 

الى ذلك تتجه الانظار بعد مبادرة الحريري الى ما ستكون عليه حركة الرئيس المكلف في الساعات المقبلة، وهل سيحصل لقاء جديد بينه وبين «الخليلين» النائب علي حسن خليل المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب نبيه بري، وحسين خليل المعاون السياسي للامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله.

 

وفي معلومات «الجمهورية» انّ المسؤولين الفرنسيين تبلغوا امس بموقف الحريري الذي أثار نقمة واستياء كبيرين لدى رؤساء الحكومات السابقين نتيجة حجم «التنازل الكبير» الذي قدّمه بفِعل الضغوط التي مورست على اكثر من مستوى، ولا سيما منها التهديدات التي صدرت عن الثنائي الشيعي وما رافقها من حملات تهويل على البلد ومصيره»، على حد قول أحد المعترضين على موقف الحريري.

 

وفي معلومات لـ«الجمهورية» انّ رئيس مجلس النواب نبيه بري سيقدّم في الساعات المقبلة مجموعة أسماء خبراء ماليين مستقلين شيعة الى الرئيس المكلف لكي يختار أحدهم لوزارة المال، ما قد يفتح الطريق واسعاً الى تأليف الحكومة الذي سيبقى رهناً بفكفكة شروط أخرى إذا وجدت، خصوصاً ان كانت النية استكمال تطبيق المداورة على بقية الوزارات، ولا سيما منها وزارة الطاقة».

 

بيان ـ مبادرة

 

وكان الحريري قد فاجأ الاوساط السياسية والمعنية بالاستحقاق الحكومي المتعثّر ببيان ـ مبادرة، قال فيه انّه «قرّر مساعدة الرئيس أديب على إيجاد مخرج بتسمية وزير مالية مستقل من الطائفة الشيعية، يختاره هو، شأنه شأن سائر الوزراء على قاعدة الكفاءة والنزاهة وعدم الانتماء الحزبي، من دون أن يعني هذا القرار في أي حال من الاحوال اعترافاً بحصرية وزارة المالية بالطائفة الشيعية أو بأي طائفة من الطوائف»، مؤكّداً: «يجب أن يكون واضحاً أنّ هذا القرار هو لمرة واحدة ولا يشكّل عُرفاً يُبنى عليه لتشكيل حكومات في المستقبل، بل هو مشروط بتسهيل تشكيل حكومة الرئيس أديب بالمعايير المتّفق عليها، وتسهيل عملها الاصلاحي، من أجل كبح انهيار لبنان ثم إنقاذه وإنقاذ اللبنانيين».

 

وقال الحريري: «بات واضحاً أنّ عرقلة تشكيل الحكومة تهدّد بالقضاء على فرصة تحقيق الاصلاحات التي يطالب بها جميع اللبنانيين، شرطاً لفتح الطريق امام دعوة الرئيس ماكرون لمؤتمر دولي لدعم لبنان في نهاية الشهر المقبل، وبالتالي على المبادرة الفرنسية برمّتها». وختم: «مرة جديدة، أتخذ قراراً بتجرّع السم، وهو قرار أتخذه منفرداً بمعزل عن موقف رؤساء الحكومة السابقين، مع علمي المسبق بأنّ هذا القرار قد يصفه البعض بأنه بمثابة انتحار سياسي، لكنني أتخذه من اجل اللبنانيين، واثقاً من أنه يمثّل قراراً لا بديل عنه لمحاولة إنقاذ آخر فرصة لوقف الانهيار المريع ومنع سقوط لبنان في المجهول».

 

رؤساء الحكومات

 

وسريعاً، خرج الرؤساء السابقون للحكومات، ميقاتي والسنيورة وسلام، ببيان أكّدوا فيه انّ مبادرة الحريري «هي مبادرة شخصية، وإننا نعتبر أنفسنا غير ملزمين بها». واعتبروا أنّ «الدستور اللبناني شديد الوضوح لناحية ان ليس هناك من حقيبة وزارية يمكن ان تكون حكراً أو حقاً حصرياً على وزراء مِمّن ينتمون الى طائفة او مذهب معيّن بعينه، كما انّه لا شيء يحول، وبحسب الدستور، دون ان يتولّى أي لبناني، والى أي فئة طائفية او مذهبية ينتمي اليها، أي حقيبة وزارية في لبنان».

 

«لبنان القوي»

 

وحذّر تكتل «لبنان القوي» أمس، في بيان بعد اجتماعه الالكتروني برئاسة النائب جبران باسيل، من «أنّ تَصلّب المواقف من شأنه ان يفشل المبادرة الفرنسية ويدخل البلاد في أزمة مفتوحة، في وقت هي بأشد الحاجة الى حكومة اصلاحية منتجة وفاعلة تفتح باب الاتفاق مع صندوق النقد الدولي ومع الدول المستعدة لدعم لبنان وإلّا ستذهب البلاد فعلاً الى المجهول، ولا نظنّ انّ طرفاً سياسياً مستعد لتحمل مسؤولية هذا التفشيل للفرصة المتاحة حالياً»، مكرراً «نصيحته باعتماد اقتراح رئيس الجمهورية في شأن تحرير ما يُعرف بالحقائب السيادية من التوزيع الطائفي، وسحب فتائل المواجهة بين الأطراف المتنازعة حول وزارة المال وحول مسألة الركون الى رأي الكتل النيابية في عملية التشكيل».

 

وأعلن التكتل «بذله الجهود الممكنة لتحييد موضوع الحكومة عمّا هو حاصل من تجاذبات محلية وكباش دولي إقليمي. ويؤكد انّ التسهيل من جانب التكتل هدفه منع الانهيار، وليس الخوف من ضغوطات قائمة أو عقوبات مفترضة. فهذه الحجة التي يحاول البعض الترويج لها سببها انّ المأزومين في مسألة الحكومة يبحثون عن كبش محرقة، لكنهم لن يجدوه لدينا».

 

لقاء إيراني ـ روسي

 

في غضون ذلك، وفي ظل غياب اي موقف فرنسي جديد خارج تمديد المبادرة الى وقت غير محدد، قالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» انّ الإتصالات التي تلقّتها موسكو من باريس طلباً للمساعدة أدّت الى دعوة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الى موسكو غداً للقاء نظيره الروسي سيرغي لافروف.

 

وفي المعلومات، انّ على جدول اعمال الزيارة، بالإضافة الى سلة العقوبات الأميركية الجديدة على ايران، والتي طاولت كيانات وشخصيات على صلة بالملف النووي الايراني، تطورات الملف السوري والوضع في لبنان في ضوء تعثّر مساعي تأليف الحكومة طلباً لدعم المبادرة الفرنسية التي واكَبتها موسكو بلا تحفظ بعدما كانت العاصمتان الفرنسية والروسية قد مهّدتا لها عبر فريق ديبلوماسي فرنسي يتولى الإتصالات مع طهران وموسكو في آن معاً.

 

عون والامم المتحدة

 

على صعيد آخر تترقب الاوساط السياسية والديبلوماسية كلمة رئيس الجمهورية التي سيلقيها ما بين السادسة والنصف والسابعة مساء اليوم في اعمال الدورة الخامسة والسبعين للجمعية العمومية للامم المتحدة، التي افتتحت اعمالها امس بكلمات للامين العام للامم المتحدة والرئيسين الاميركي والروسي وعدد من رؤساء الدول.

 

وقالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» انّ كلمة عون «ستتعمّق في الشؤون الداخلية حول مجموعة من القضايا الاساسية اللبنانية، وسيتحدث فيها عن مختلف الملفات المحلية من الازمة الحكومية ونتائج انفجار المرفأ والنكبة التي حلّت ببيروت، والتي فاقمت من المخاطر التي يواجهها لبنان في ظل تنامي أزمة النازحين السوريين وتداعياتها على مختلف الصعد الإجتماعية والإقتصادية، فضلاً عن تداعياتها في ظل الازمة النقدية والمالية التي يعيشها لبنان.

 

كذلك سيشدّد على حجم الدعم الذي يحتاجه لبنان لإعادة اعمار ما تهدم من بيروت ومرفئها، وتجاوز تداعيات الوضع برمّته من جوانبه المختلفة.

 

إحصاء أموال الدعم للمواد الاساسية

 

وامس، استؤنفت في قصر بعبدا سلسلة الاجتماعات التي يعقدها رئيس الجمهورية لمتابعة عمل الادارات والمؤسسات الرسمية مع رئيس الحكومة المستقيل حسان دياب، ومن بين الاجتماعات ما خصّص للبحث في السبل الكفيلة بمواصلة الدعم، لا سيما منها الادوية والقمح والمواد والسلع الاساسية في حضور وزير المال وحاكم مصرف لبنان ومستشارين.

 

وعلمت «الجمهورية» انّ الاجتماع انتهى الى أن تحدد الوزارات المعنية بهذه القطاعات الاساسية، كوزارات الصحة والاقتصاد والنفط، حجم المواد التي يستهلكها السوق اللبناني، ليحدّد مصرف لبنان المبالغ التي يحتاجها لضمان استمرار الدعم في ضوء الارقام التي تحدث عنها حاكم مصرف لبنان وقدرته على التحمل.

 

إنفجار الجنوب

 

أمنياً، وقع انفجار كبير في بلدة عين قانا الجنوبية، تضاربت المعلومات في شأنه، وسط تكتّم «حزب الله» الذي تحدثت مصادر قريبة منه لوكالة «فرانس برس» عن أنّ المكان الذي وقع فيه الانفجار «يتبع له وهو حادث عرضي».

 

وأشارت رواية المصادر إلى أنّ الانفجار وقع في مركز لتجميع مخلّفات قذائف حرب تموز 2006. وفيما أشار مصدر أمني لوكالة «رويترز» الى انّ الانفجار وقع في مخزن أسلحة لـ«حزب الله» نتيجة خطأ فني، أفاد مندوب «الوكالة الوطنية للاعلام» الرسمية انّ الانفجار الذي وقع في أحد المنازل في بلدة عين قانا، ولم تعرف أسبابه، تَزامَن مع تحليق مكثف للطيران الحربي والتجسسي المعادي، الذي لم يغادر اجواء منطقتي النبطية واقليم التفاح منذ الصباح.

 

ونتج من الانفجار تصاعد دخان اسود كثيف غطّى سماء المنطقة، وأشاع اجواء من الاضطراب والهلع لدى المواطنين، واقتصرت أضراره على تصدّع بعض المنازل وتحطّم الزجاج. وتحدثت معلومات عن نقل جثتين متفحمتين من مكان الانفجار وعشرات السيارات المحترقة في المكان، فيما منع «حزب الله» الأهالي من الخروج من منازلهم، وسمح فقط للهيئة الصحية بالحضور الى المكان، بينما لم يكن هناك اي حضور للأجهزة الأمنية اللبنانية الرسمية في مكان الانفجار، كما مُنعت الأطقم الاعلامية من الوصول أيضاً إلى المكان.

 

قرار استراتيجي

 

على الصعيد الاسرائيلي ذكر الموقع الإلكتروني «واللا»، مساء أمس، أنّ لجنة الخارجية والأمن في الكنيست الإسرائيلي ستناقش اليوم خطة «درع الشمال» لبناء 600 ملجأ في مستوطنات عدة على الحدود اللبنانية السورية.

 

وأفاد الموقع أنّ لجنة الخارجية والأمن ستبحث خطة «درع الشمال»، التي اقترحها رئيس هيئة الأركان الجنرال أفيف كوخافي لتحصين مستوطنات الشمال، والتي تشمل بناء 600 ملجأ محصن في المستوطنات الإسرائيلية، المتاخمة للحدود مع لبنان وسوريا.

 

وأعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية عن نيتها البدء الفوري بتنفيذ الخطة، وبناء الملاجئ، في حال تمّت المصادقة عليها وعلى تمويلها في الكنيست، حيث تقدّر تكاليف هذه الخطة بـ103 ملايين شيكل، لبناء نحو 600 ملجأ ومكان محصن، في 7 مستوطنات على الحدود الشمالية.

 

وأشار الموقع إلى أنّ وزير الدفاع الجنرال بيني غانتس، قد شدّد على «ضرورة الحفاظ على أمن سكان مستوطنات الشمال، في ظل التوتر الحاصل أمام «حزب الله» اللبناني». ولفت إلى أنّ وزير الدفاع السابق، رئيس حزب «يسرائيل بيتنو»، أفيغدور ليبرمان، قد حذّر مراراً من وجود مئات الآلاف من المستوطنين الإسرائيليين في الشمال موجودين بلا «دفاع» أو «تحصين».

 

كورونا

 

وعلى الصعيد الصحي بَدا المشهد أمس غير مطمئن، حيث أعلنت وزارة الصّحة تسجيل 851 اصابة جديدة بوباء كورونا، رفعت العدد التراكمي منذ 21 شباط الماضي الى 30838 حالة، أمّا على صعيد الوفيات فقد سجّلت وزارة الصحّة أمس 8 وفيات.

 

****************************************

افتتاحية صحيفة اللواء

 

« فتور شيعي» إزاء مبادرة الحريري.. وباريس لتأليف الحكومة فوراً

أديب في بعبدا اليوم حاملاً التشكيلة .. وانفجار بمخزن أسلحة يهز «إقليم التفاح»

 

 

حتى ساعة متقدمة من ليل أمس، لم تكن مبادرة الرئيس سعد الحريري، بمساعدة الرئيس المكلف تشكيل الحكومة على تسمية شخصية شيعية مستقلة لوزارة المال، التي اعترض عليها الرؤساء نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام، باعتبارها شخصية تعني من أطلقها، قد فعلت فعلها، لدى «الثنائي الشيعي»، إذ سارعت قناة «المنار» (الناطقة بلسان حزب الله) إلى الاستنتاج من ان بيان الحريري، يفهم منه انه هو الذي يعرقل تشكيل الحكومة وانه هو من يُشكّل الحكومة، معتبرة، نقلاً عن مصادر الثنائي الشيعي انه ما لم يتشاور الرئيس أديب مع الرئيس عون والكتل الأخرى، فلن يحصل تقدّم..

 

وقالت: «البيان (بيان الحريري)، يظهر بالشكل انه خطوة إلى الامام بينما هو خطوة إلى الوراء..».

 

وفي السياق، اياه، تحدثت مصادر «الثنائي» انه يتمسك بتسمية الوزراء الشيعة بالتفاهم مع الرئيس المكلف..

 

إلا إن «الفتور الشيعي» إزاء مبادرة الحريري لم يمنع التحركات الحاصلة من احداث خرق في عملية التأليف، فبدءاً من اليوم، يتعين ان تحدث مقاربة جديدة للموقف المربك، والجامد حكومياً، عبر اتصالات يقوم بها الرئيس المكلف مع الكتل، وعلمت «اللواء» ان حركة إتصالات واسعة جرت ليل امس لبلورة اللمسات الاخيرة للتشكيلة الحكومية، ومن المرتقب ان يزور الرئيس المكلف مصطفى اديب ظهر اليوم رئيس الجمهورية ميشال عون في بعبدا ويقدم اليه التشكيلة الحكومية في حال تم الإنتهاء من وضعها بصيغتها النهائية ليلاً، وسط استعجال فرنسي واوروبي.

 

وكان الرئيس الحريري اتصل بالرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون واطلعه على مبادرته لحل عقدة التمثيل الشيعي.

 

ورأت مصادر سياسية ان مبادرة الرئيس الحريري لحل عقدة تشبث الثنائي الشيعي بحقيبة وزارة المال تحمل في طياتها أكثر من رسالة ومؤشر اولهاواهمها، الحرص على إنقاذ المبادرة الفرنسية من السقوط المحتم بعد تطويقها من قبل حزب الله بهذا الشرط التعجيزي ومبادلة تحرك الرئيس الفرنسي بكل ايجابية وتقدير لاظهار مدى ماتعنيه هذه المبادرة من إهتمام لتأمين كل مقومات نجاحها،وثانيا التصرف بمسؤولية منقطعة النظير حفاظا على مصلحة اللبنانيين ومنع انزلاق لبنان نحو التدهور المريع الذي بات يلوح بالافق جراء تداعيات الأوضاع الاقتصادية والمعيشية نحو الأسوأ بالرغم من كل مايترتب على هذه التنازل من تذمر واستياء بمؤيديه وقاعدته الشعبية عموما وثالثا، قطع الطريق على نوايا حزب الله المبيتة من طرح عقبة التشبث الشيعي بوزارة المال وكيفية تعاطيه مع عملية تشكيل الحكومة الجديدة ككل بعد ذلك  واخيرا والمهم بالمبادرة التاكيد على الالتزام الكامل بالدستور اللبناني والرفض القاطع لتكريس هذه الواقعة كعرف في تشكيل الحكومات المقبلة.

 

واوضحت مصادر مواكبة لعملية تأليف الحكومة لـ«اللواء» ان مبادرة الرئيس الحريري هي ضوء في النفق المظلم دون أن تستبعد ان يكون نسقها مع نادي رؤساء الحكومات السابقين وان اتى ببان هؤلاء ليقول ان مبادرنه شخصية في حين ان ما حصل هو توزيع ادوار لا اكثر ولا اقل ومن الواضح ان خلية الازمة الفرنسية تحركت على خط الحريري ادى الى هذا الموقف وهناك انتظار الموقف الرسمي للثنائي الشيعي ومبادرة الرئيس المكلف وعليه ان يحضر الى قصر بعبدا بتشكيلة حكومية على ما اتى في المداخلة الحكومية لرئيس الجمهورية.

 

وقالت ان التأليف يبقى رهن وفق نصوص الدستور اتفاق رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف وما يمكن التأسيس عليه على مبادرة الحريري قد يكون من السابق لأوانه بأنتظار الترجمة العملية التي سوف يتم التعبير عنها في مشروع التشكيلة الحكومية التي يتقدم بها الرئيس المكلف الى رئيس الجمهورية ومن ثم موقف الثنائي الشيعي الرسمي، ولفتت الى انه لا بد من انقاذ المبادرة الفرنسية وهناك انتظار تبلور المواقف الحاسمة.

 

وكان مستشار الرئيس الحريري النائب السابق غطاس خوري زار فرنسا، وأجرى اتصالات هناك، تتعلق بالمخارج الممكنة.

 

ورأت الخارجية الفرنسية في بيان لها ان على القوى السياسية اللبنانية ان تسارع إلى تشكيل الحكومة اللبنانية دون إبطاء.. وقالت ان على هذه القوى ان تختار بين تعافي لبنان أو انهياره.

 

ودعت مصادر مطلعة إلى التركيز على الاجتماعات التي عقدت في القصر الجمهوري وآخرها الاجتماع المالي في ما خص مواصلة الدعم للمواد الأوّلية. إلى ذلك، أوضحت مصادر قصر بعبدا ان هناك انتظار للخطوة التي تلي مبادرة رئيس الجمهورية أمس وقالت ان هناك اتصالات حكومية لكن لا شيء عملانياً بعد ولم يرصد أي اتصال بين الرئيس عون ورئيس الحكومة المكلف.

 

ولفتت إلى ان ردود الفعل على المبادرة الرئاسية لم تظهر على شكل مواقف رسمية مؤكدة ان الرئيس عون فتح الباب امام حل وهو ترك المجال امام الاتصالات قبل ان يتقدّم بالمبادرة وما قام به يأتي من باب الحرص على تأليف الحكومة والخروج من الأزمة الراهنة والأمر متروك للافرقاء ولرئيس الحكومة المكلف.

 

ونفت المصادر ان يكون ساير فريق على حساب آخر إنما طرح حلاً يعد الأمثل وان أي تشابه بين ما طرحه وما تحدث عنه التيار الوطني الحر لا يُشكّل مانعاً إنما فكرة المبادرة كانت في ذهن رئيس الجمهورية منذ أكثر من أسبوع وخصوصاً عندما بدأت الأزمة الحكومية بالظهور.

 

وتوقفت عند كلمة «جهنم» التي ذكرها رئيس الجمهورية ولفتت إلى انه قصد بها الانهيار والتدهور وأوضحت ان هناك من يريد إطفاء الضوء على المبادرة الرئاسية وتسليط الأمور على الشكليات وهدف هؤلاء الهروب من تحديد الموقف من الأساس أي هذه المبادرة.

 

مبادرة الحريري

 

وبعد ان اقترح الرئيس ميشال عون إسناد الحقائب السيادية لوزراء من اقليات الطوائف والتي لم تلق تجاوباً اعلن الرئيس الحريري في بيان له بعد ظهر امس أنه قرر مساعدة الرئيس مصطفى اديب على ايجاد مخرج بتسمية وزير مالية مستقل من الطائفة الشيعية، يختاره هو، من دون أن يعني هذا القرار في أي حلل من الاحوال اعترافا بحصرية وزارة المالية بالطائفة الشيعية أو بأي طائفة من الطوائف. لكنه أردف قائلاً: مرة جديدة، اتخذ قرارا بتجرع السم، وهو قرار اتخذه منفردا بمعزل عن موقف رؤساء الحكومة السابقين، مع علمي المسبق بأن هذا القرار قد يصفه البعض بأنه بمثابة انتحار سياسي، لكنني اتخذه من اجل اللبنانيين، واثقا من أنه يمثل قرارا لا بديل عنه لمحاولة انقاذ آخر فرصة لوقف الانهيار المريع ومنع سقوط لبنان في المجهول…

 

وفي معطيات الحريري ان مبادرة الرئيس ايمانويل ماكرون، بوصفها آخر «المكابح امام انهيار لبنان»، الأمر الذي يُهدّد بـ«اندلاع فوضى سياسية واقتصادية ومعيشية وأمنية مع الارتفاع الجنوني في سعر صرف الدولار، ومعه التضخم وأسعار الخبز والمحروقات وبداية فقدان الأدوية من الأسواق، بالتزامن مع تطوّر خطير في اعداد الإصابات بجائحة كورونا..».

 

وإذ حمل الحريري في بيانه المعرقلين «مسؤولية ضياع فرصة لبنان لوقف الانهيار وإنقاذ اللبنانيين من مآسيهم الحالية».. معتبراً ان مبادرته تمثل «قراراً لا بديل عنه لمحاولة إنقاذ آخر فرصة لوقف الانهيار المريع ومنع سقوط لبنان في المجهول».

 

وبعد وقت قصير، أصدر الرؤساء ميقاتي والسنيورة وسلام بياناً، وصفوا فيه مبادرة الحريري «بالشخصية» معتبرين أنفسهم «غير ملزمين بها».

 

وقال الرؤساء الثلاثة في بيانهم: تبقى القضية الأساس بالنسبة لنا كما هي بالنسبة لسائر اللبنانيين في أهمية الالتزام بالاحترام الكامل والثبات على مبدأ الحفاظ على الدستور وصونه من أي مخالفة قد يتخذها البعض خطوة باتجاه إرساء ممارسة او عرف مخالف لنص الدستور.

 

وكان المجلس الشرعي الاسلامي الاعلى الذي عقد جلسة عادية برئاسة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان وحضور الرئيس السنيورة أكد «ان تشكيل الحكومة من صلاحيات الرئيس المكلف بالتشاور مع رئيس الجمهورية كما نصّ عليه الدستور».

 

وراى «ان المبادرة الفرنسية قد تكون الفرصة الأخيرة لنا التي يجب التمسّك بها والعمل على إنجاحها».

 

انفجار عين قانا

 

وانشغلت الأوساط الرسمية والأمنية والحزبية  وضجت مواقع التواصل الاجتماعي بانفجار وقع بين قريتي عين قانا وجباع في إقليم التفاح..

 

والتقت مصادر المعلومات ان الانفجار وقع في مركز تابع لحزب الله في الجنوب، وأشار مصدر قريب من الحزب (أ.ف.ب) ان المكان يتبع له متحدثاً عن «حادث عرضي»، وكشف مواطن من قرية «عين قانا» انه مركز لحزب الله على شكل منزل.. وان عناصر حزبية فرضت طوقاً أمنياً على المكان الذي هرعت إليه سيارات الإسعاف. وقال «اهتزت القرية بنا تماماً»، مشيراً إلى تضرر مبان في محيطه. وأشار سكان في القرية إلى وقوع إصابات نقلتها سيارات الإسعاف، فيما أفادت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية أن الأضرار اقتصرت «على تصدع بعض المنازل وتحطم الزجاج».

 

وأكد مصدر عسكري لـ«فرانس برس» أن «المعلومات الأولية تشير إلى أنه مركز لحزب الله يحتوي على ذخيرة»، من دون أن يتمكن من تحديد أسباب ما حصل. وقال المصدر القريب من الحزب أنه «ليس مستودعاً». ولم يصدر أي تعليق رسمي من حزب الله حتى الآن. ووقع الانفجار قرابة الساعة الثالثة عصراً وغطت سحب من الدخان الأسود سماء القرية ومحيطها. وأعلن الجيش اللبناني في بيان مقتضب أن قواته حضرت إلى المكان و«باشرت التحقيقات في أسباب الانفجار».

 

وتناقلت وسائل إعلام محلية رواية قالت إنها «غير رسمية من قبل عناصر حزب الله» أفادت بأن الانفجار وقع «جراء ألغام وقذائف من مخلفات العدوان الإسرائيلي» كانت إحدى المنظمات المحلية تقوم بجمعها.

 

وأفادت الوكالة الرسمية أن الانفجار وقع بالتزامن «مع تحليق مكثف للطيران الحربي والتجسسي المعادي، الذي لم يغادر اجواء منطقتي النبطية واقليم التفاح منذ الصباح». ورداً على سؤال لفرانس برس، قال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي «لن نعلق على تقارير صادرة عن وسائل اعلام أجنبية».

 

وواصل أمس المحقق العدلي في جريمة انفجار المرفأ القاضي فادي صوان تحقيقاته، فاستمع إلى إفادات كل من وزير الاشغال العامة والنقل السابق غازي العريضي، أمين العام المجلس الأعلى للجمارك العميد أسعد طفيلي، وعضو المجلس غراسيا القزي بصفتهم شهوداً.

 

واليوم يستمع إلى افادة وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني.

 

حياتياً، توقع ممثّل الشركات الموزعة للمحروقات في لبنان فادي أبو شقرا ان ترتاح سوق المحروقات الأسبوع المقبل، كاشفاً ان البنزين متوافر في محطات، وغير متوافر في محطات أخرى، وهناك شح وتقنين، وتم التواصل مع وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال ريمون عجر من أجل تأمين الاعتمادات من قبل مصرف لبنان، للحؤول دون الوقوع في أزمة في المستقبل.

 

30838

 

صحياً، سجلت اصابات كورونا 851 حالة و8 وفيات جديدة خلال الـ24 ساعة الماضية، ليرتفع العدد إلى 30838 إصابة مثبتة مخبرياً بدءاً من 21 شباط الماضي.

 

****************************************

افتتاحية صحيفة الديار

الحريري يُبدي تعاوناً مع فرنسا ويقدم مخرجاً لعقدة «الماليّة»

مصادر الثنائي الشيعي: المشهد إيجابي لكن المسألة لم تنتهِ ولم تصل لخواتيمها

مُحققون فرنسيون: «عنبر 12» مُستثنى من الكاميرات وهذا أمر يُـثير الريبة

 

نور نعمة

 

دخل الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون مرة جديدة على خط الاتصالات وسط توفر معلومات عن محاولة اقناعه الرئيس سعد الحريري بالقبول بأن يتولى حقيبة المال شيعي على ان يتولى رئيس مجلس النواب والرئيس المكلف مصطفى أديب مسألة الاسم وان يكون اختصاصياً وغير حزبي. وعليه، ابدى الحريري تجاوبا مع المساعي الفرنسية حيث اعلن في بيان انه سيساعد الرئيس المكلف ايجاد مخرج بتسمية وزير مالية مستقل من الطائفة الشيعية يختاره هو، من دون أن يعني هذا القرار اعترافا بحصرية وزارة المالية بالطائفة الشيعية أو بأي طائفة من الطوائف. وفي حين كانت الاجواء تشير الى جمود سياسي على صعيد تأليف الحكومة، فاجأ الحريري اللبنانيين بمبادرته الجديدة والايجابية ولكن رد الرؤساء السابقين الثلاثة: فؤاد السنيورة وتمام سلام ونجيب ميقاتي بأن مبادرة الحريري شخصية قائلين: «بعد الضجة المفتعلة التي أثيرت بشأن حقيبة وزارة المالية، فإننا نعتبر أنفسنا غير ملزمين بهذه المبادرة». من جانبها، علقت مصادر في الثنائي الشيعي على مبادرة الرئيس سعد الحريري فاشارت: «ان ما حصل في الساعات الاخيرة مشهد قد يكون ايجابيا حكوميا لناحية اعطاء الشيعة ما يريدون لكن المسألة لم تنته بعد ولم تصل الى خواتيمها». واشارت  اوساط مقربة من «الثنائي الشيعي» الى ان الاخير  يدرس المبادرة وجديتها وكيفية تطبيقها قبل اعلان الموافقة او رفضها.

 

الى ذلك، قالت مصادر وزارية لـ«الديار» ان موقف الحريري اتى نتيجة اتصالات مكثفة شارك  فيها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس نبيه بري ورئيس الحكومة السابق سعد الحريري والوزير السابق وليد جنبلاط مع الفرنسيين، وتشير المعلومات الى ان الفرنسيين دخلوا بشكل كبير على الخط  وتمكنوا من اقناع الحريري باتخاذ موقف اكثر ليونة من السابق.  وكشفت هذه المصادر  ان  الرئيس بري قدم منذ يومين للفرنسيين اكثر من 10 اسماء شيعية مستقلة ومن بينهم شاب من آل شمس الدين يعمل مستشارا للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون.

 

اما الجهود الفرنسية فقد  اثمرت في حث كل مسؤول لبناني على التعاون والتلاقي في المسائل الاساسية، ذلك ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قدم حلولاً على قاعدة لا غالب ولا مغلوب، منها ان تكون وزارة المالية للموارنة كحل وسطي كما عرض حل اخر يقضي بالغاء طائفية الحقائب الوزارية السيادية. وهذه الحلول هدفها اعتماد صيغة وسطية لا تجعل الفريق السني يغلب الفريق الشيعي ولا العكس ايضا. وعندما قال الرئيس عون في المؤتمر الصحفي امس ان لبنان ذاهب الى تدهور اقتصادي متسارع الى حد وصفه بجهنم في حال لم تشكل حكومة اراد تحذير الجميع سواء الحلفاء والاخصام في السياسة  من مغبة مواقفهم تجاه عدم تسهيل ولادة الحكومة.

 

تعقيبا على بعض الحلول التي عرضها الرئيس عون، كشفت مصادر في التيار الوطني الحر الى وجود تمايز  بين موقف حزب الله وحركة امل حول طرح الرئيس عون لاستلام الاقليات الحقائب الوزارية السيادية.

 

في غضون ذلك، رأت مصادر ديبلوماسية  ان تخلي الحريري عن اختيار شخصية غير شيعية لوزارة المالية هي بادرة ايجابية تعكس تجاوبا مع الفرنسيين. وهذا الموقف يحيي المبادرة الفرنسية لو كان من طرف واحد حتى الان كما يظهر ان الفرنسيين غير عازمين ان يسلموا بسهولة سقوط مبادرتهم التي طرحوها للبنان.وتابعت هذه المصادر  ان لا يمكن لفريق لبناني ان يحبذ  الفوضى والتدهور الاقتصادي داعيا اياهم الى الاتعاظ من التجربة السورية؟ فسوريا الغارقة في فوضى منذ تسع سنوات تحاول جاهدة الخروج من المأزق الاقتصادي والامني والسياسي رغم ان الادارة الاميركية تواصل تنفيذ اهدافها الخبيثة على الشعب السوري. اما لبنان فلقد توفرت له فرصة ذهبية وهي المبادرة الفرنسية التي هي  حبل الخلاص الوحيد للدولة اللبنانية المهترئة والفرصة الذهبية الوحيدة لانقاذ لبنان فاذا فوتها سياسيو لبنان يكونون قد وقّعوا على ورقة اعدام لبنان.

 

 القوات اللبنانية: رئيس الجمهورية مطالب باتخاذ قرار وليس فقط توصيف الحالة

 

من جهتها، اعتبرت مصادر في حزب القوات اللبنانية ان اكثر ما ينطبق على  كلام رئيس الجمهورية هو الكلام التوصيفي سواء لجهة مصير لبنان وهو جهنم في حال لم تتشكل الحكومة وفقا للمبادرة الفرنسية أو لجهة عرض الرئيس عون العقبات التي تحول دون ولادة الحكومة المرتقبة. وقد حمّل الرئيس عون المسؤولية على طرف من جهة وعلى طرف اخر من جهة اخرى حيث انه تقاطع مع حزب الله في شق تسمية الوزراء وتعارض معه حول ما  يتعلق بان الدستور لا يخصص وزارات لطائفة معينة. وايضا تقاطع عون مع الرئيس المكلف مصطفى اديب في مكان ما وتعارض معه في نواح اخرى. ولكن بحسب المصادر القواتية انه  كان يفترض ان يقوم رئيس الجمهورية وبعد توصيفه الحالة بالجهنمية في حال لم تتشكل حكومة، ان يتخذ قراراً تجنبا للمزيد من الانهيار والانزلاق لحال البلاد وانطلاقا من مسؤوليته الدستورية والوطنية والتاريخية على رغم عدم قناعته في مكان وقناعته في مكان اخر. من هنا، رأت المصادر القواتية ان رئيس الجمهورية لا يجب ان يكتفي بتوصيف الوضع بل يجب ان يدعو  الرئيس عون الرئيس المكلف والقول له «على الرغم من عدم قناعتي بعدم استشارتك للكتل النيابية، انا ادعوك الى ان تتقدم بالتشكيلة التي تراها مناسبة وفق اللحظة المصيرية القائمة». كما أكدت القوات اللبنانية بان الرئيس عون مطالب بالتوقيع على اي تشكيلة وزارية نظرا لادراكه لجهنم الاوضاع الاقتصادية المنتظرة اذا لم تولد الحكومة ولاحقا على المجلس النيابي ان يتحمل مسؤوليته في هذا المجال.

 

اما لجهة ان لبنان بلد التسويات، شددت المصادر في حزب القوات اللبنانية ان  اي تسوية يجب ان تكون منطلقها  الدستور وليس تسوية تتعارض او تخالف الدستور. بيد ان رئيس الجمهورية وهو شريك استراتيجي لحزب الله والذي وقع اتفاقية مار مخائيل وفقا للقوات اللبنانية، قال علنا ان الدستور لا ينص على تخصيص وزارات لطوائف، وعلى هذا الاساس تساءلت المصادر القواتية اي تسوية ستحصل ولا يوجد حليف للثنائي الشيعي يؤيد موقفه من وزارة المالية.

 

 التيارالوطني الحر: لتحييد الحكومة عن الكباش الدولي الاقليمي

 

بدوره، حذر تكتل لبنان القوي عبر بيان اصدره من ان تصلب المواقف من شأنه ان يفشل المبادرة الفرنسية ويدخل البلاد في ازمة مفتوحة في وقت هي باشد الحاجة الى حكومة اصلاحية منتجة وفاعلة تفتح باب الاتفاق مع صندوق النقد الدولي ومع الدول المستعدة لدعم لبنان والا ستذهب البلاد فعلا الى المجهول. وجاء في بيان تكتل لبنان القوي :» لا نظن ان طرفا سياسيا مستعد لتحمل مسؤولية هذا التفشيل للفرصة المتاحة حاليا.

 

كما اعلن تكتل لبنان القوي في البيان دعمه لمواقف رئيس الجمهورية الهادفة الى ازالة العراقيل امام ولادة الحكومة. ودعا ايضا الى تحييد موضوع الحكومة عما هو حاصل من تجاذبات محلية وكباش دولي اقليمي مشيرا الى استعداده لبذل كل الجهود الممكنة لتنفيذ ذلك.

 

واكد التكتل في بيانه على اصراره على ضرورة اقرار القوانين الاصلاحية التي اتفق عليها او الموجودة في مجلس النواب وابرزها ضبط التحويلات المالية وقانون الشراء العام واستقلالية القضاء وقوانين مكافحة الفساد اضافة الى القوانين المتعلقة باعادة اعمار بيروت والتعويضات اللازمة جراء انفجار المرفأ التي طالب بها نواب بيروت في التكتل بوضعها في اول جلسة عامة.

 

محققون فرنسيون: عنبر 12 مستثنى من الكاميرا وهذا امر يثير الريبة

 

على صعيد اخر، في احدث المستجدات حول التحقيقات التي تجرى في مرفأ بيروت، كشف المحققون الفرنسيون ان المرفأ كله مليء بالكاميرات للمراقبة الا  عنبر 12 فلا توجد اي كاميرا مركزة عليه وهذا الامر يثير الريبة وفقا لتقديرهم. ذلك ان المحققين الفرنسيين لا يعتبرون ان عدم وجود كاميرا على هذا العنبر بالتحديد يصب في خانة الصدفة وعلى هذا الاساس  لديهم تساؤلات حول هذا الامر؟

 

وفي سياق متصل، يتم تحليل التربة في المختبرات التي وجدت بعد وقوع انفجار مرفأ بيروت لمعرفة اذا كان هناك ترسبات من مواد متفجرة اخرى على غرار  قذائف يورانيوم مخضب. وهذه من الفرضيات التي طرحت هدفها تبيان سبب الارتفاع القياسي في الحرارة التي ادت الى اشتعال وانفجار نيترات الامونيوم في المرفأ. وقصارى القول، ان هناك جزءاً من التحقيقات يرتكز على تحليل التربة والرواسب وعينات من الحديد او اي عوامل خارجية كانت على خط التفجير لتحديد نوعية العناصر الموجودة في التربة نتيجة الانفجار وبالتالي هذا الامر سيوضح  ما هي المواد التي اختلطت مع الامونيوم والتي احدثت هذا الانفجار المهول انما نتيجة المختبرات تطلب بعض الوقت.

 

اضف الى ذلك، يراد من هذا التحقيق معرفة نسبة التلوث في الشاطئ اللبناني بما ان 70% من انفجار 4 آب حصل في البحر. وعليه، تشير المعلومات ان تداعيات الانفجار ادى الى نسبة تلوث عالية حيث من خلدة الى جبيل لا يوجد  سمك في الشاطئ اللبناني.

 

انفجار في عين قانا جنوب لبنان

 

الى ذلك، وقع انفجار في أحد المباني في بلدة عين قانا – إقليم التفاح، وعلى الفور حضرت إلى المكان قوة من الجيش وباشرت التحقيقات في أسباب الانفجار.

 

 

****************************************

افتتاحية صحيفة الشرق

 

الحريري: سأتجرّع «السم» لمساعدة أديب لإيجاد حل لوزارة المالية  

 

صدر عن الرئيس سعد الحريري البيان الآتي: «بعد الكارثة التي حلت بعاصمتنا بيروت وكل لبنان، نتيجة انفجار المرفأ، وفي خضم الانهيار الذي كان يعيشه بلدنا، وقع اللبنانيون بحالة يأس وضياع مع شعورهم بغياب الحكومة وفشل مؤسسات الدولة ووضع لبنان في عزلة شبه تامة من قبل المجتمعين العربي والدولي».

 

فتح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ثغرة في الجدار المسدود، فقام بزيارتين متتاليتين إلى لبنان، ووضع امام القوى السياسية كافة مبادرة وحيدة واخيرة لمد يد العون لوقف الانهيار واعادة اعمار بيروت، محملا الجميع مسؤولية المشاركة في انقاذ بلدنا من المأساة التي حلت به وبالمواطنين من كافة الطوائف والمناطق.

 

ونزولا عند مطالبة العديد من القوى السياسية والنيابية لي، بأن ارشح رئيسا لتشكيل الحكومة الجديدة، توافقت مع رؤساء الحكومة السابقين على اسم الدكتور مصطفى اديب، الذي حاز على اكثرية كبيرة من النواب لتشكيل حكومة مهمة، حددت معاييرها ومسودة بيانها للاصلاحات الاقتصادية والمالية والادارية العاجلة بشكل صريح، في اجتماع مع صاحب المبادرة الوحيدة والاخيرة لوقف انهيار لبنان، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مطلع الشهر الجاري في قصر الصنوبر.

 

هذه المعايير التي وافق الجميع عليها، بالغة الوضوح بأنها فريق حكومي صغير قوامه اختصاصيون مشهود لهم بالكفاءة والنزاهة، لا ينتمي أي منهم إلى أي حزب سياسي، وان مهمة الحكومة الوحيدة هي اصلاحية اقتصادية مالية وادارية بحت، لاشهر تسمح بوقف الانهيار.

 

وبالفعل، باشر الرئيس المكلف الدكتور مصطفى اديب عمله لتشكيل الحكومة المتفق عليها، وقد ابلغ جميع الكتل السياسية بوضوح أنه يعمل على اختيار فريقه الحكومي من سلة اسماء تنطبق عليها مواصفات الكفاءة والنزاهة وعدم الانتماء الحزبي، اي المواصفات التي طالب بها اللبنانيون خلال التحركات الشعبية، وأنه يرحب بأي اقتراحات اسماء تلبي المواصفات نفسها لاضافتها الى سلته، على أن اختيار الاسماء التي يضمنها التشكيلة التي يعرضها على رئيس الجمهورية ينحصر به، وفقا لاحكام الدستور وكما تفترض المهمة الموكلة اليه، بموافقة الجميع في مطلع الشهر، بحضور الرئيس ماكرون.

 

وقد قطع الرئيس المكلف فعلا شوطا اساسيا في الوصول إلى صيغة حكومية مصغرة ومتكاملة تلتزم المعايير المتفق عليها، إلى أن برزت عقبة مباغتة تمثلت بمطالبة حركة أمل وحزب الله بتسميتهما للوزراء الشيعة وحصر حقيبة المالية بمن يسمونه من الطائفة الشيعية، انطلاقا من زعم ان هذا الطلب هو حق دستوري منبثق من اتفاق الطائف، بينما هو بدعة لا وجود لها لا في الدستور ولا في الطائف.

 

وبعد مرور أكثر من اسبوعين، بات واضحا أن عرقلة تشكيل الحكومة تهدد بالقضاء على فرصة تحقيق الاصلاحات التي يطالب بها جميع اللبنانيين، شرطا لفتح الطريق امام دعوة الرئيس ماكرون لمؤتمر دولي لدعم لبنان في نهاية الشهر المقبل، وبالتالي على المبادرة الفرنسية برمتها.

 

وامام خطر فقدان لبنان لآخر المكابح أمام انهياره، مع ما يعني ذلك من خطر اندلاع فوضى سياسية واقتصادية ومعيشية وامنية مع الارتفاع الجنوني في سعر صرف الدولار، ومعه في التضخم، واسعار الخبز والمحروقات وبداية فقدان الادوية من الاسواق بالتزامن مع تطور خطير في اعداد الاصابات بجائحة كورونا، فإنني قررت مساعدة الرئيس اديب على ايجاد مخرج بتسمية وزير مالية مستقل من الطائفة الشيعية، يختاره هو، شأنه شأن سائر الوزراء على قاعدة الكفاءة والنزاهة وعدم الانتماء الحزبي، من دون أن يعني هذا القرار في اي حال من الاحوال اعترافا بحصرية وزارة المالية بالطائفة الشيعية أو باي طائفة من الطوائف.

 

يجب أن يكون واضحا أن هذا القرار هو لمرة واحدة ولا يشكل عرفا يبنى عليه لتشكيل حكومات في المستقبل، بل هو مشروط بتسهيل تشكيل حكومة الرئيس أديب بالمعايير المتفق عليها، وتسهيل عملها الاصلاحي، من اجل كبح انهيار لبنان ثم انقاذه وانقاذ اللبنانيين.

 

ان بقاء لبنان، ومعيشة اللبنانيين وكرامتهم تبقى أكبر من الصراعات الطائفية والسياسية، وهي تستأهل تحييد فرصة انقاذ لبنان عن الخلافات مهما كبرت. وبهذه الخطوة، تصبح المسؤولية على عاتق الممانعين لتشكيل الحكومة. فإذا استجابوا وسهلوا ربحنا لبنان وربح اللبنانيون، واذا تابعوا عرقلتهم يتحملون مسؤولية ضياع فرصة لبنان لوقف الانهيار وانقاذ اللبنانيين من مآسيهم الحالية والمرشحة للتزايد لا سمح الله.

 

مرة جديدة، أتخذ قرارا بتجرع السم، وهو قرار اتخذه منفردا بمعزل عن موقف رؤساء الحكومة السابقين، مع علمي المسبق بأن هذا القرار قد يصفه البعض بأنه بمثابة انتحار سياسي، لكنني اتخذه من اجل اللبنانيين، واثقا من أنه يمثل قرارا لا بديل عنه لمحاولة انقاذ آخر فرصة لوقف الانهيار المريع ومنع سقوط لبنان في المجهول.

اذا كنت ترغب بمتابعة اخبار موقع " icon News" اضغط على الرابط التالي :

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

Whats up

Telegram