الانتخابات النيابية المقبلة: معركة الخرق والابتزاز وسلاح المقاومة بين هيمنة الخارج واحتضار الداخل

الانتخابات النيابية المقبلة: معركة الخرق والابتزاز وسلاح المقاومة بين هيمنة الخارج واحتضار الداخل

"في بلدٍ ينهشه الجوع، يصوّت الناس للخبز قبل الوطن، ولمن يوزّع الأمل على شكل حصص غذائية."

 

Telegram

 

كتب رشيد حاطوم 

تتقدّم الانتخابات النيابية المقبلة في لبنان كواحدة من أكثر المحطات السياسية حساسية منذ نهاية الحرب الأهلية، إذ تتحوّل من مجرّد استحقاق ديموقراطي إلى معركة على هوية الدولة واتجاهها.

في عمق هذا المشهد تتشابك ثلاثة مسارات متداخلة:

محاولة بعض القوى اختراق تماسك الثنائي الشيعي لابتزاز الرئيس نبيه بري في موقعه داخل المجلس، مسعى خارجي لانتزاع ثلثي المقاعد عبر دعم أميركي–سعودي متزايد، وشعار انتخابي يتّخذ من سلاح المقاومة هدفًا معلنًا لمعركةٍ سياسية أوسع.

 

المحور الأول هو الأكثر رمزية: فالرئيس بري، الذي يشكّل ركناً ثابتًا في المعادلة الوطنية، يُستهدف سياسيًا عبر حملات خرق داخلية محسوبة، تحاول إظهار انقسام داخل البيئة الشيعية أملاً في خلق شرخٍ انتخابي–سياسي يمكن استثماره لاحقًا في توازنات المجلس الجديد.

ورغم أن معظم القوى تدرك استحالة إزاحة بري، إلا أن مجرد التلويح بورقة الخرق يُستخدم للضغط عليه في ملفات تتجاوز رئاسة المجلس نحو التسويات الكبرى المقبلة، من تشكيل الحكومة إلى رسم ملامح المرحلة الرئاسية التالية.

 

أما المحور الثاني، فيرتبط مباشرةً بالدعم الخارجي المنظم الذي تسعى واشنطن والرياض من خلاله لتأمين أكثرية نيابية وازنة، بل أقرب إلى الثلثين، بما يتيح إعادة توجيه الدولة من الداخل.

الدعم هنا لا يقتصر على التمويل الانتخابي، بل يتصل بمشاريع اقتصادية وإصلاحية مشروطة، تجعل من “الإصلاح” عنوانًا لتكريس النفوذ المالي والسياسي للغرب والخليج، تحت شعار “إعادة بناء الدولة”.

لكن القراءة المقابلة ترى أن هذا المشروع لا يُعيد بناء الدولة بل يُعيد إنتاج التبعية عبر أدوات جديدة: صندوق النقد، المانحون، والشروط الخارجية التي تصادر القرار الاقتصادي والاجتماعي.

 

أما المعركة الثالثة فهي الأشد وضوحًا في الخطاب العام: سحب سلاح المقاومة.

فالقوى المناهضة لحزب الله تُصوّر السلاح كعقبة أمام قيام الدولة، فيما يرى أنصاره أنه جوهر معادلة الردع والسيادة الوطنية.

وفي المقابل، يقرأ محور المقاومة هذا الصراع كجزء من جدلية أوسع بين الاستقلال الوطني والنظام النيوليبرالي؛ إذ إن نزع السلاح دون بناء دولة عادلة هو تكريسٌ لهيمنة الخارج على الداخل، وتحويل السيادة إلى ملف تفاوضي تُدار من خلاله مصالح الآخرين.

 

الانتخابات المقبلة لا تُقاس بعدد المقاعد ولا بخطابات المنصّات، بل بميزان الوعي الشعبي القادر على كسر  حيتان المال.

ذلك أن الانهيار الاقتصادي الذي دمّر الطبقة الوسطى، وأفقر شرائح واسعة من المجتمع، لم يكن مجرد صدفة مالية، بل نتاج نظام زبائني–مصرفي حمى نفسه لعقود تحت غطاء التحالفات السياسية.

واليوم، يُستعمل هذا الانهيار نفسه كورقة ضغطٍ انتخابية، حيث تُوزّع المساعدات والدعم الغذائي كرشاوى انتخابية، في تحالفٍ فاضح بين الرأسمال المحلي والتمويل الخارجي.

 

من هنا، يرى المحور أن المعركة الحقيقية ليست بين “الثنائي الشيعي” وخصومه، ولا بين مؤيدي السلاح ومعارضيه، بل بين مشروعين للبنان:

مشروعٍ يُدافع عن السيادة الشعبية والعدالة الاجتماعية، وآخر يُعيد إنتاج الاقتصاد الريعي والارتهان السياسي باسم الإصلاح والانفتاح.

 

في النهاية، لن تحسم صناديق الاقتراع وحدها مستقبل لبنان، بل وعي الناس بما يُراد منهم أن يختاروه.

فالسيادة ليست شعارًا ولا السلاح قضية معزولة؛ إنهما وجهان لمسألة واحدة: من يحكم هذا البلد — شعبه أم منظومة المال والسياسة التي لا تزال تقتات على فقره؟

 

 

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) .اضغط هنا

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram