المصارف تخوض “معركة وجود” لإسقاط “الهيكلة”!
لا مؤشر واضحاً حول الانعكاسات المفترضة لمشروع قانون “إصلاح وضع المصارف في لبنان وإعادة تنظيمها”، والذي يعني ـ نظرياً ـ إعادة هيكلة قطاع المصارف في لبنان، والذي أقرّته الحكومة في 12 نيسان 2025.
وتعني “هيكلة” المصارف، إعادة النظر بعدد المصارف الموجودة، وتصفية المفلس منها ودمج المتعثّر منها، وتعزيز وضع المصارف الكبرى التي تستطيع استعادة دورها من خلال زيادة رأسمالها.
لكن، هل ستكون هذه العملية سهلة على الحكومة؟ وهل سترضخ المصارف ـ أو بعضها ـ لوضع رقبتها على “المقصلة”؟
على مدى عقود طويلة من الزمن، شكّلت المصارف اللبنانية ملاذاً آمناً للودائع الخارجية، ولذلك كان يطلق عليه لقب “سويسراً الشرق”، ليس فقط بسبب جمال طبيعته وتنوّعه، وإنما أيضاً وبشكل رئيس بسبب السرية المصرفية التي شجعت أصحاب رؤوس الأموال على إيداع أجزاء من ثرواتهم في مصارف لبنان هرباً من الضرائب في بلادهم أو لإخفاء مصادر هذه الثروات، حيث شكّلت بعض مصارف لبنان “خزنة” لعمليات “تبييض” الأموال.
هناك من فسّر مشروع قانون إعادة هيكلة المصارف بأنه “غير مكتمل”، لكنه أحد الشروط المطلوبة للتفاوض الذي يبدأ مع صندوق النقدي الدولي في 21 نيسان الحالي 2025.
عملياً، لا يجيب مشروع القانون على 5 أسئلة رئيسية:
ـ كم هو عدد المصارف المطلوب أن يبقى في لبنان؟
ـ ما هي المعايير التي ستعتمد لتصفية أو دمج بعض المصارف؟
ـ هل سيتأثّر توزيع الخسائر بين الدولة ومصرف لبنان والمصارف والمودعين، بعملية إعادة هيكلة المصارف؟
ـ ما هو مصير أموال المودعين في ظل عملية إعادة هيكلة المصارف؟
ـ هل سيتأثّر توزيع الخسائر بين الدولة ومصرف لبنان والمصارف والمودعين، بعملية إعادة هيكلة المصارف؟
ـ ما هو مصير أموال المودعين في ظل عملية إعادة هيكلة المصارف؟
ـ هل تكفي إعادة هيكلة المصارف استعادة الثقة بالنظام المصرفي في لبنان؟
وفي ظل الأجوبة المبهمة على هذه الأسئلة، تبرز معضلة رئيسة أيضاً تكمن في تفاعل المصارف اللبنانية مع هذه الخطة، وكيفية تعاملها معها، واحتمالات قبول نتائجها، خصوصاً لجهة عمليات التصفية أو الدمج.
يوجد في لبنان 60 مصرفاً، من بينهم نحو 9 مصارف تصنّف على أنها “مصارف أجنبية”، و4 مصارف تصنّف على أنها “مصارف إسلامية”، إضافة إلى مصارف استثمارية من بينها “مصرف الإسكان”.
ويبلغ عدد المصارف في بريطانيا 10 مصارف فقط، في حين أن عدد المصارف في سويسرا يبلغ نحو 250 مصرفاً من بينهم نحو 60 مصرفاً أجنبياً.
تشير بعض المعطيات المتسرّبة أن الجهات المالية الدولية تفضّل أن يبقى في لبنان نحو 15 مصرفاً وطنياً فقط، بينما يرفض أصحاب المصارف أي خطة تحدّد مسبقاً عدد المصارف، على أن تخضع عملية إعادة الهيكلة لقرار أصحاب المصارف أنفسهم، أي أن يكون التقييم استناداً إلى قرارات مالس إدارات المصارف التي تقرّر بنفسها التصفية أو الدمج. وفي هذه الحالة، ترجح مصادر مصرفية أن لا تتجاوز عمليات التصفية والدمج أكثر من 10 مصارف، من بينها 4 مصارف متعثّرة حالياً هي: بنك البركة الإسلامي، فيدرال بنك، الاعتماد الوطني، بنك الاعتماد المصرفي. لكن المصادر المصرفية تشير إلى أن هناك مصارف تواجه صعوبات كبيرة في تطبيق المعايير المطلوبة قبل عملية إعادة الهيكلة، من بينها: مصرف الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MEAB )، البنك اللبناني ـ السويسري، بنك لبنان والخليج…
مع ذلك، لا يبدو أن هناك حماسة لدى المصارف الكبرى لشراء أو دمج مصرف متعثّر، لأن ذلك يعني أن المصرف الشاري سيحمل خسائر المصرف المتعثّر وكذلك نقل مشكل المودعين من المصرف المتعثّر إلى المصرف الشاري، ما يضيف من الأعباء عليه.
من هنا، تجنّبت الحكومة، في مشروع قانون ملف إعادة هيكلة المصارف، الخوض في نقاط رئيسة من بين أبرزها توزيع الخسائر وتحديد معايير تصفية ودمج المصارف، خصوصاً أن كل المصارف هي متعثّرة فعلياً منذ 5 سنوات.
الواضح أن مشروع قانون إعادة الهيكلة بصيغته الحالية هو بمثابة “فيزا” للتفاوض مع صندوق الدولي، أما عملية إعادة الهيكلة الفعلية فهي مؤجلة إلى حين نضوج الظروف والتفاهم مع المصارف التي بدأت بوضع خطة المواجهة للدفاع عن وجودها باعتبارها “معركة حياة أو موت”!
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram
(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)
:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي