بالـ«الإنفوديناميكا».. هل نعيش في عالم افتراضي مثل فيلم «ذا ماتريكس»؟!
في فيلم «ذا ماتريكس» الذي صدر عام 1999، يكتشف توماس أندرسون، الذي كان يطلق عليه في الفيلم اسم "نيو"، حقيقة تتجاوز كل الحقائق: الكون الذي يعيش فيه ليس سوى محاكاة رقمية، وبينما يبدو هذا السيناريو مجرد حبكة خيالية في عالم الخيال العلمي (ويُبرر كيف يتقن نيو الكونغ فو في خمس ثوانٍ فقط بإدخال برمجة اللعبة)، فإن الفكرة نفسها لم تعد مقتصرة تمامًا على عالم السينما، كما قد يُظن، ووفقاً لعالم بريطاني.. فالفيلم هو حقيقة نعيشها.. فكيف ذلك؟
العالِم ميلفن فوبسون من جامعة بورتسموث البريطانية، والذي يدرس احتمال أن يكون الكون فعلاً نسخة رقمية، يستعين بالفيلم الشهير في شرح فرضيته، ففي مقال نشره على موقع «The Conversation» في أكتوبر الماضي، أشار فوبسون صراحةً إلى أن تحفة الأخوين واتشوفسكي السينمائية ربما تكون حقيقية، كما أصدر بالتوازي كتابًا بعنوان «Reality Reloaded»، في إشارة ذكية إلى اسم الجزء الثاني من السلسلة.
فوبسون، الذي ينضم إلى قائمة طويلة من العلماء الذين تأملوا فكرة "الكون المحاكاة"، يدّعي امتلاك ما لم يسبقه إليه أحد، وأن لديه أدلة علمية على كون العالم الذي نعيش فيه عبارة عن محاكاة كمبيوترية.
وقال فوبسون في تصريحات عام 2022: "في الفيزياء، هناك قوانين تحكم كل ما يحدث في الكون، كحركة الأجسام وتدفق الطاقة، وأحد أقوى هذه القوانين هو القانون الثاني للديناميكا الحرارية، الذي ينص على أن الإنتروبيا (وهي مقياس الفوضى في نظام معزول) لا يمكن أن تنخفض، بل ترتفع أو تظل كما هي".
وانطلاقًا من هذا القانون، كان فوبسون يتوقع أن الإنتروبيا في الأنظمة المعلوماتية، والتي سبق أن وصفها في أبحاثه بأنها "الحالة الخامسة للمادة"، يجب أن تزداد أيضًا مع مرور الوقت، لكن ما وجده كان العكس: الإنتروبيا المعلوماتية تبقى ثابتة أو حتى تنخفض إلى أدنى حد عند التوازن، وهذا التناقض مع القانون الثاني ألهم فوبسون لوضع ما سماه "القانون الثاني لديناميكا المعلومات" أو "الإنفوديناميكا".
وكتب فوبسون: «نعلم أن الكون يتمدد دون فقد أو اكتساب حرارة، ما يتطلب ثبات الإنتروبيا الكلية، لكننا نعلم أيضًا من الديناميكا الحرارية أن الإنتروبيا دائمًا في ارتفاع، وأؤكد أن ذلك دفعني للاعتقاد بأن هناك نوعًا آخر من الإنتروبيا «إنتروبيا المعلومات» يوازن هذا الارتفاع».
ويعتقد فوبسون أن قانونه الجديد يلعب دورًا في فيزياء الذرات (مثل ترتيب الإلكترونات)، والكونيات، وحتى في الأنظمة البيولوجية، وفي هذا السياق، يطرح فرضية تتحدى نظرية داروين: الطفرات الجينية لا تحدث عشوائيًا، بل تحدث بهدف تقليل إنتروبيا المعلومات، وقد أجرى فوبسون تحليلاً لطفرات فيروس كورونا، ونشر نتائجه في مجلة AIP Advances في أكتوبر الماضي، مشيرًا إلى «ترابط فريد بين المعلومات وديناميكيات الطفرات الجينية».
وبحسب فوبسون، فإن كل هذه المؤشرات قد تقود إلى استنتاج مذهل: «نحن نعيش فعلاً في محاكاة».
ويكتب في مقاله: «كونٌ معقد للغاية مثل كوننا، لو كان محاكاة، سيتطلب نظامًا مدمجًا لضغط وتحسين البيانات لتقليل استهلاك القدرة الحاسوبية ومساحة التخزين اللازمة لتشغيل المحاكاة، وهذا ما نراه من حولنا، سواء في البيانات الرقمية أو الأنظمة البيولوجية أو التماثلات الرياضية وحتى في الكون بأسره».
ورغم جرأة هذه الادعاءات، إلا أنها ما زالت تحتاج إلى الكثير من الاختبارات والتحقق العلمي لتُعتبر محتملة، وكما تشير منصة IFLScience، فعدد الدراسات التي تدحض فكرة "الوجود الرقمي" يعادل تقريبًا تلك التي تدافع عن حتميته العلمية.
وقد تفتح "الإنفوديناميكا" الباب أمام اكتشافات مثيرة في المستقبل، لكن السؤال الفلسفي العميق الذي طرحه أفلاطون قبل آلاف السنين.. هل ما نراه هو الحقيقة؟ لا يزال من دون إجابة.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram
(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)
:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي