لم يعد خافياً على المستوى السياسي والرسمي، أن الضغط السياسي والعسكري الأميركي والإسرائيلي على لبنان بخصوص ترتيب أوضاع الجنوب اللبناني ووقف العدوان المتمادي، بات مرتبطاً بما يجري على صعيد المنطقة كلها، من مساعٍ أميركية لوضع اليد على كل توجهات الدول فيها، وبما يخدم المصالح الأميركية والإسرائيلية طبعاً. وكانت ملفتة للانتباه المواقف الأميركية الصادرة عن الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس والناطق باسم الخارجية الأميركية، وأيضاً ما نقله موقع “إكسيوس” الأميركي عن مسؤول أميركي، عن ضرورة نزع سلاح “حزب الله”، وتحميل الدولة اللبنانية وجيشها بالتحديد مسؤولية “هذه المهمة” القذرة، وتبرير العدوان الإسرائيلي الواسع المتكرر على لبنان بحجة ضعف إجراءات الجيش اللبناني في تنفيذ مندرجات الآلية التنفيذية لاتفاق وقف إطلاق النار.
لكن، كان اللافت للانتباه أكثر ما يتردد من معلومات عن رغبة القيادة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع، بترتيب العلاقة السورية ـ اللبنانية بما يتماهى مع المطالب الأميركية والإسرائيلية حول نزع سلاح “حزب الله”، ليس في مناطق الجنوب اللبناني فقط من جنوب وشمال نهر الليطاني، إنما في مناطق البقاع الحدودية مع سوريا، والتي تعتبر الجهات الأميركية والاسرائيلية والسورية أنها تحت سيطرة “حزب الله”.
وفي المعلومات أيضاً، أن النظام السوري الجديد المدعوم أميركياً وأوروبياً ومن بعض الدول العربية التي تدور في الفلك الأميركي، ما زال يربط أي اتفاق حدودي مع لبنان وأي تهدئة في الشرق، بموضوع سلاح “حزب الله”، كما هو الحال في ربط الأميركي والإسرائيلي التهدئة وترتيب الحدود في الجنوب بموضوع نزع السلاح. وهذا ما يبرر التصعيد العسكري الأخير في “الجبهة الشرقية” بحجة وقف التهريب وتفلّت السلاح، بالتوازي مع تصعيد العدوان الاسرائيلي في “الجبهة الجنوبية” بحجة إطلاق الصواريخ على المستعمرات، وكلها حجج تخفي هدفاً واحداً هو نزع عامل القوة الوحيد الذي يملكه لبنان لحماية أرضه وناسه والمتمثل بسلاح المقاومة.
الموقفان الأميركي ـ الإسرائيلي والسوري وجدا في الداخل اللبناني بعض الاحتضان من مستويات رسمية وسياسية، ولو اختلفت الاسباب، لا سيما أن الجهات الرسمية والسياسية سلّمت بأن لا مساعدات ولا دعماً مالياً للإقتصاد اللبناني المنهار، ولإعادة إعمار ما هدمته الحرب الإسرائيلية، من دون معالجة مسألة السلاح، وتغطية هذا المطلب بموضوع الإصلاحات المطلوبة من الدولة. حتى أن مطلب الاصلاحات ارتبط بشرط سياسي تحت عنوان حصرية السلاح وقرار الحرب والسلم بيد الدولة اللبنانية، مع علم كل الأطراف أن مثل هذا الشرط تعجيزي وغير قابل للتطبيق نتيجة التعقيدات والتوازنات اللبنانية الكثيرة، السياسية والطائفية والأمنية والاجتماعية. ومع ذلك ثمة إصرار على هذه الشروط ولو أدت إلى توترات داخلية تعرقل انطلاقة العهد الجديد والحكومة الجديدة.
ولعل ذلك يندرج أيضاً ضمن التوجه الأميركي لإبقاء نار لبنان تحت الرماد، وإبقاء هذا الكيان الهش في حالة عجز وضعف، بما يمكّن الإدارة الأميركية ـ الاسرائيلية من فرض ما تريده من لبنان على كل المستويات.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :