اكد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون “إن القطاع التربوي، العام والخاص يشكل أولوية لنا ومن واجباتنا الوقوف الى جانبه لمعالجة مختلف قضاياه ومشاكله واصبح بإمكان الحكومة التي نالت ثقة المجلس النيابي، الانطلاق بالعمل لخدمة اللبنانيين بكل مسؤولية”. وذكر بما سبق وذكره في خطاب القسم من ضرورة الإستثمار “بالعلم ثم العلم ثم العلم”، مشددا على ان ثروة لبنان هي في شبابه المثقف “الذي يتخرج بمعظمه من مدارسكم. ونحن نريد ان يبقى شبابنا متجذرا بأرضه.”
كلام الرئيس عون جاء خلال استقباله قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا، وفد اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة في لبنان برئاسة رئيس الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية الاب يوسف نصر. ويضمّ الاتحاد عددا كبيرا من المؤسسات التربوية الخاصة من مختلف الطوائف: الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية التي تؤمن التعليم بمفردها لما يقارب المائتي ألف تلميذ، والمدارس الإنجيلية والأرثوذكسية ومدارس العرفان والمقاصد ومؤسسة الحريري للتنمية الدائمة ومدارس المبرات والمهدي والمصطفى وأمل التربوية والعاملية ومؤسسات المعهد العربي ونقابتي المدارس الإفرادية والأكاديمية.
في مستهل اللقاء، تحدث الأب نصر، فتقدم بالتهنئة من الرئيس عون لمناسبة إنتخابه باسم الإتحاد، وقال: “لا شك أنكم كما حافظتم على المؤسسة العسكرية في احلك الظروف واصعبها سوف لن تألوا جهدا للحفاظ على الوطن بتنوعه وميزة العيش المشترك الذي فيه”.
وقال: “إن اتحادنا يضمّ بمعظم مكوناته رسالات دينية ومؤسسات تربوية لا تبغي الربح، إنما اختارت التربية رسالة لها بهدف بناء الإنسان وتربية مواطن صالح. والاتحاد يشكل لنا نموذجاً فريداً وراقياً من الحياة الوطنية والمواطنية الصادقة. إنه مساحةٌ وطنية مشتركة لتبادل الأفكار ورسم المخططات واقتراح المشاريع وتبادل الخبرات، بالتعاون الدائم مع وزارة التربية والتعليم العالي ومع المركز التربوي للبحوث والإنماء وكلّ المعنيين بالشأن التربوي. ونحن نرحب بالمناسبة بالسيدة وزيرة التربية الوطنية الجديدة، الدكتورة ريما كرامي التي نمدّ لها يد العون ونتطلع معها الى مستقبل أفضل للتربية.”
وتابع: “لا بدّ من الإشارة هنا الى أن الاتحاد يضمّ ما لا يقلّ عن 60% من تلامذة لبنان الذين يتراوح عددُهم حوالي مليون وخمسين ألف تلميذ، 75% منهم يتعلمون حالياً في القطاع الخاص وحوالي 25% في القطاع العام ونحن نؤمن بالشراكة والتكامل بين القطاعين. فإذا كان القطاع العام بخير فالقطاع الخاص هو أيضاً بخير والعكس صحيح مئة بالمئة.
أَضاف: “لقد صمدت التربية بوجه الأزمات التي عصفت بالوطن منذ عام 2019 حتى اليوم، ابتداءً من أزمة المصارف وانهيار قيمة العملة اللبنانية، الى انفجار المرفأ، الى أزمة كورونا، الى أزمة الفراغ الرئاسي والى العدوان الإسرائيلي على الأراضي اللبنانية. ونحن نفخر أننا حافظنا، رغم كل ذلك، على مؤسساتنا التربوية في أحلك الظروف وأشدها مرارة. كنا نجترح الحلول بمفردنا ونأخذ المبادرات على صدرنا. ولكن، لا يخفى على أحد، أن هذه الأزمات أنهكت القطاع التربوي واستنزفت قوانا وأفقرت أهلنا وجارت على معلمينا، الحاليين والمتقاعدين. وما زلنا حتى اليوم نعاني من مخلّفات هذه الأزمات وما زال الوضع التربوي غيرَ مستقر وما زالت الحلولُ المعتمدة مؤقتةً وغيرَ مستدامة.”
وقال: “لقد أراحنا خطابُ القسم يا فخامة الرئيس وبلسم جراحنا واعاد الينا الأمل، خاصة عندما عاهدتم اللبنانيين الاستثمار “في العلم، ثمّ العلم، ثمّ العلم، وفي المدرسة الرسميّة والجامعة اللبنانيّة، وفي الحفاظ على التعليم الخاص وحريّته”. إن رئيسًا للجمهوريّة يتعهّد أمام اللبنانيّين والعالم أجمع بأن يستثمر في العلم وفي المدرسة الرسميّة وفي الجامعة اللبنانيّة والجامعة الخاصة وبأن يحافظ على المدرسة الخاصة وحريّتها لهو أمر يدعو الى التفاؤل والأمل بمستقبلٍ زاهرٍ للبنان، يعيد اليه صورته الحضاريّة المشرقة كمنارة للعلم في هذا الشرق، ويحقّق آمال الشباب وتطلّعاتهم. لذلك جئنا اليوم نستودعكم القطاع التربوي بأكمله، عاماً وخاصاً، أكاديمياً ومهنياً، غير مجاني وشبه مجاني، ونسألكم أن تولوه الاهتمام اللازم لكي يخرج به لبنانُ من أزماته، على غرار دول عديدة مثل اليابان وروندا وسنغافورة وغيرها من الدول التي آمنت بالتربية واستثمرت فيها وبفعلها خرجت من أزماتها وحروبها الأهلية وأصبحت اليوم من أكثرِ الدول تمدنا وتطوراً وحضارة. وانطلاقاُ من كل ما تقدم، اننا نضع بين ايديكم طاقاتنا وخبراتنا واستعدادنا للمساهمة في تحقيق هذه الغاية بالتعاون مع كافة الأطراف المعنيين.”
وختم بالقول: “نتطلع اليوم الى الدولة اللبنانية، كسائر الدول المتطورة، أن تضعَ لنا رؤية تربوية متكاملة وأن تقوم بورشة إصلاح تربوية وقانونية وتستكملَ ورشة تحديث المناهج التي ناهز عمرُها الثلاثين من اجل تربية الاجيال التي ستنهض بمرافق الوطن وتبني المجتمع الذي نرجوه. وعلى المدى القصير، نرجو ان تولي المدرسة شبه المجانية اهتماماً خاصاً وأن تبادر الى إصدار سلسلة رتب ورواتب جديدة تعيد الاستقرار المالي الى المؤسسات التربوية وأن تفكّ أسر مجلس الإشراف على صندوق التعويضات لأفراد الهيئة التعليمية في المدارس الخاصة الذي ما زال مرسومه قابعاً في جوارير مجلس الوزراء منذ أكثر من سنة. إن الرأسَ كثيرُ الأوجاع وقد حملكم اللبنانيون مسؤوليةَ قيادة سفينة الوطن وأنتم اهل لهذه الثقة ونحن متفائلون بقيادتكم الحكيمة، وبالحكومة الجديدة ونتمنى أن يكتب التاريخ إنجازات عهدكم بأسطر من ذهب، من أجل خير الوطن والمواطنين.”
ورد الرئيس عون شاكرا الوفد تهنئته، مشددا على أهمية القطاع التربوي بكامل مكوناته، ومؤكدا انه سيبقى على تواصل مع اهله مذكرا بما سبق وذكره في خطاب القسم من ضرورة الإستثمار “بالعلم ثم العلم ثم العلم”، مشددا على ان ثروة لبنان هي في شبابه المثقف “الذي يتخرج بمعظمه من مدارسكم. ونحن نريد ان يبقى شبابنا متجذرا بأرضه.”
وجدد القول “ان الاستثمار بالعلم والثقافة في لبنان أمر أساسي ومستدام. وهذه رسالتنا التي سنعمل على المحافظة عليها، منذ مدرسة تحت السنديانة التي خرجت ادباء ومفكرين وعظماء في شتى المجالات.
أضاف: “إن القطاع التربوي، العام والخاص يشكل أولوية لنا، ومن واجباتنا الوقوف الى جانبه لمعالجة مختلف قضاياه ومشاكله. والحكومة بالأمس نالت ثقة المجلس النيابي، واصبح بإمكانها الانطلاق بالعمل لخدمة اللبنانيين بكل مسؤولية. وبابنا مفتوح للإصغاء اليكم، وللعمل معا على تطوير هذا القطاع لمواكبة العصر، لجهة البرامج وغيرها من الأمور لمصلحة خير اللبنانيين جميعا. وانا اثني على دوركم لا سيما خلال الأزمة. ولولا الإرادة الصلبة والإيمان بلبنان لا سيما من قبل القطاع التربوي، لإنهار كل شيء. ومن يملك هذه الإرادة ومثل هذه العزيمة لا خوف على إستمراريته. فهذا القطاع، العام والخاص خلاق ومبدع. وهذه أساس صفة اللبناني الذي لا يلين ولا يخضع للصعاب.”
نسخ الرابط :