خاص "iconnews"
لمائا تُشارك في التشييع !!
وائل ملاعب* – 18 شباط 2025
قد يُطرَح هذا السؤال من اثنين:
راغِبٌ في المُشاركة ويبحث عن تبرير، أو ناقِمٌ على الفكرة ويسعى للتعميم.
وفي الحالتين، وبما أن التشييع القادم نهار الأحد في 23 شباط ( في حال لم يؤجَّل) اتخذ صفة الحدث – المحطة وليس الحدث العرضي العادي، أصبح من البديهي الإجابة على السؤال أعلاه لِكِلا السائِلين.
نحنُ لنا ارتباط بالنّاس بشكلٍ عام قائم ومبني على المناقب، هذه المناقب التي تجعلنا نتشارك الحزن والمواساة مع من نحب، أو نؤدي الواجب بحد أدنى حيث وجب.
ولنا ارتباط خاص بكُل مَن قاوم اليه/ود يوماً وأسهَمَ في دعم وترسيخ وُجوديّة الصّراع وقدّم لو بشكل جزئي وبسيط إسهاماً في تثبيت وجودنا أمام عدوٍ يُجاهر بمشروعِ إزالتنا منذ مؤتمر بازل عام 1897 وحتى اليوم، هذا الإرتباط يتجاوز ارتباط المناقب ليدخل في دائرة الوجدان القومي والإرتباط العضوي الوجودي.
فهل يحيَ السن/وار يُشبهنا بالشكل؟ الجواب هو حتماً لا، لكننا ارتبطنا به انطلاقاً من معايير ارتباطنا بالناس، ولم نكن لنتردد أن نشارك بتشييعه لو تسنَّ لنا ذلك رغم أنه إبن حركة إخوانية إسلامية جهادية دينية ... في هذه الحالة جوهر الإرتباط الذي أحدثهُ الفعل وتأثيره الوجودي هو أقوى من الشكل.
بماذا يشبهنا كارلوس "الفنزويلي" ؟ لكننا ارتبطنا به ارتباط المناقب، وكذلك كلّ الذين ناصروا حقّنا في الحياة أمام مشاريع الموت المتعددة عبر السّنين.
هذه المقدّمة ليست جواباً على السؤال أعلاه
ففي حالة السيّ/د حس/ن نصر/الله، لا أحد يتمنى أن يُشارك في التشييع!!
هي الناسُ أساساً تُكَذِّبُ عقلها وقلبها وأعينها وتهرُبُ من الوقت والواقع لكي لا تُصدّق أن عليها أن تُشارك في يومٍ كهذا
لوداعٍ رجُلٍ ولو اختلف على وصفه وتقييمهِ الناس، إلا أنه يبقى حالة نادرة في تاريخ الشعوب الساعية للتحرر بالفعل الملموس لا بالشكل والقول.
رجلٌ شكَّلَ على مدى عقودٍ ثلاث ضمانةً للمستضعفين، وعدَّلَ ميزان التسلُّط في العالم ليترك أثراً في أطراف الأرض شرقاً وغرباً.
وإن تمكَّنَت أحداث الأيام والماكينة الإعلامية العالمية من طَمسِ عددٍ كبيرٍ من الحقائق الراهنة، فإن التاريخ سيسجّل للأجيال القادمة أنّ رجُلاً مُسلماً مُعَمّماً في بلدٍ صغيرٍ مُستَباح كَسَرَ قانون "قيصر" الذي وضعته أعتى دولة عالمية واستقدَمَ بواخر المازوت عبر ثلاث مضائق دولية ليُنير بها ديراً في بلدة جبّولة البقاعية وكنيسةً في رأس بعلبك.
وأنَّ رجُلاً مُسلماً مُعَمماً بفئةٍ قليلةٍ من الناس اتخذ قرار مواجهة 70 دولة في سورية ليمنع سقوطها في يد وكلاء اليه/ود وانتصر لراهبات معلولا وكنائس حلب كما انتصر لمقام السيدة زينب والمسجد الأموي في دمشق.
وأنَّ رَجُلاً مُسلماً مُعَمّماً بفئةٍ قليلةٍ من الناس، رفض أن تدفع حركة حم/ا/س "الإخوانية السنيّة" وأبناء فلس/طين وحدهم ثمن مواجهة عدو الأرض، فدفع بجيشه وشعبه ومؤسساته وتاريخه ومن ثم بروحه ثمناً لالتزامه الوطنيّ والقوميّ والأخلاقيّ في الوقت الذي وَقَفَ فيه مليار "مُسلم" مُتفرجاً على بَربريةٍ غير مسبوقة في عالم يدعي الإنسانية والحضارة والحقوق.
الجواب على السؤال أعلاه، هو أننا نتمنى لو أنّنا لا نُشارك في التشييع، ونتمنى لو أن بالإمكان أن لا يكون هناك تشييعٌ في الأساس، فَلَو زحفت الناس على ظهرها في 23 شباط لن تُعيدَ لهذه البلاد ما فقَدَتهُ، ولن تعوّض على هذه الشعوب خسارتها، ولنا شاهِدٌ في ما قاله الزعيم أنطون سعاده يوما: "الأمم الغبية تفعل بأبطالها كما تفعل الأطفال بألعابِها، تكسرها ثم تبكي طالبةً غيرها".
المشاركة في التشييع، إلى جانب بُعدها المناقبي والوجداني والعاطفي، لها بعدٌ سياسيٌّ صراعيٌ شديد الأهميّة
فهي استفتاءٌ على خيار الموت لأجل قضية، وهي الرَّدُ الفعلي على الإغتيال والقتل باستكمال المسيرة.
*شاعر وباحث سياسي
نسخ الرابط :