"ريفييرا الشرق الأوسط" حلم أميركي أم إسرائيلي؟!

 

Telegram

 

يفاجىء الرئيس الأميركي دونالد ترامب العالم الأقرب والأبعد بمواقف كثيرة ومتلاحقة منذ تولّيه إدارة شؤون الولايات المتحدة والعالم معاً، لكنّ أغربها وأبعدها عن المتوقّع وغير القابل للتطبيق هو اقتراح سيطرة بلاده على قطاع غزة، بعد تفريغه قسراً من أبنائه وترحيلهم بموجب إقامات دائمة إلى مصر والأردن، الأمر الذي رفضته الدولتان المذكورتان ومعهما السعودية والإمارات العربية وقطر وجامعة الدول العربية، واعتبرته تصفية للقضية الفلسطينية ولحقوق الشعب الفلسطيني بدولة كاملة السيادة.

في البداية كان الترحيل بهدف إعادة الإعمار، لكن زيارة "بيبي" للبيت الأبيض أخرجت من ترامب ما كان غير معلن، وإن كان رئيس الوزراء الإسرائيلي قد فوجئ بموقف الرئيس الأميركي الأقرب إلى قلب إسرائيل، معتبراً أن سيطرة الولايات المتحدة على قطاع غزة وجعله منتجعاً سياحياً فاخراً سينهي التهديدات الفلسطينية لأمن بلاده.

مواقف الرئيس ترامب المتصاعدة حيال غزة والفلسطينيين تعيد إلى الذاكرة القريبة صور المنتجعات السياحية التي كان كبار المتمولين الإسرائيليين قد نشروها حول مشاريع إعمارية وسياحية على شواطىء القطاع المدمّر في عزّ الحرب الإسرائيلية على غزة، هذه المواقف صدمت العالم وحلفاء واشنطن الذين رفضوا ترحيل الفلسطينيين عن أرضهم، وجعل غزة "ريفييرا الشرق الأوسط"، لأن من شأن ذلك إنهاء حل الدولتين المنصوص عليه في قرارات الأمم المتحدة وإتفاق أوسلو الذي رعته الولايات المتحدة نفسها بين السلطة الإسرائيلية ومنظمة التحرير الفلسطينية.

الموقف المستجد للرئيس ترامب يشكّل "وعد بلفور" جديداً، يعزز مواقف اليمين المتطرّف في حكومة "بيبي" الداعي إلى طرد الفلسطينيين من أرضهم في غزة والضفة الغربية وإقامة مستوطنات يهودية فيها، تستقطب اليهود من حول العالم، ولكن لتنفيذ أفكار الرئيس الأميركي سنكون أمام جولة عنف جديدة في غزة والضفة لأن الفلسطينيين لن يرحلوا طواعية، والدول العربية لن تستقبلهم كما أعلنت، فهل يكون الطرح الأميركي الأكثر تطرّفاً ضد القضية الفلسطينية، محاولة للضغط على الفلسطينيين والعرب معاً لخفض سقوف المطالب والشروط للتطبيع مع إسرائيل، وهو الرغبة الكبرى للرئيس ترامب بدأ العمل عليها في ولايته الأولى تحت مسمّى "إتفاقات أبراهام" التي وصلت إلى أبواب الرياض، وسقطت بفعل "طوفان الأقصى" والحرب التدميرية التي شنّها الجيش الإسرائيلي ضد الفلسطينيين العزّل، بحجة إستخدامهم دروعاً بشرية من جانب مقاتلي حماس والجهاد الإسلامي؟! أم أنّ هذا الطرح جدّي يوفّر الغطاء المناسب لطموحات إسرائيل التوسعية والسيطرة على قطاع غزة وشواطئه ومياهه التي تحوي ثروات نفطية وغازية، وتوسّع مساحة الدولة العبرية التي اعتبر ترامب أنها صغيرة جداً على الخارطة العالمية ويجب توسيعها؟

مهما يكن ما تخفيه مواقف الرئيس ترامب الصادمة والمفاجئة، فإن طريق سلوكها نحو التنفيذ مقفلة بفعل المواقف العربية الموحّدة حتى اللحظة، فالأردن لن يغرق بمزيد من أعداد الفلسطينيين ما يهدد نظامه الملكي، ونظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لن يقبل بالمزيد من الإخوان المسلمين، وبإنهاء القضية الفلسطينية على حساب نظامه.

ويبقى أن ننتظر الآتي من الأيام لمعرفة الطرح الذي يتعارض مع القانون الدولي، وكيفية إدارة مبعوث الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط ونائبته ملف المفاوضات حول وقف إطلاق النار في غزة ولبنان معاً، لتحديد بوصلة ترامب حيال المنطقة: سلام دائم أم حرب متجددة؟

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram