هل تقود مفاوضات دمشق وقوات سوريا الديمقراطية إلى اتفاق أو تصعيد

هل تقود مفاوضات دمشق وقوات سوريا الديمقراطية إلى اتفاق أو تصعيد

 

Telegram

 

تمر المفاوضات بين دمشق وقوات سوريا الديمقراطية بمرحلة حرجة، حيث تواجه تحديات تتعلق بالمطالب حول البنية العسكرية والمطالب الإدارية المتباينة لكلا الطرفين، والضغوط الإقليمية والدولية، والتهديد الوشيك بالتصعيد العسكري.

يتوقف مستقبل شرق سوريا على تشكيل اتفاقيات دولية قادرة على تحقيق الاستقرار الدائم في سياق التحديات الأمنية المعقدة، ومخاوف من عودة ظهور داعش، والتصعيد العسكري المحتمل.

وفي حين تسعى الولايات المتحدة إلى الحفاظ على وجودها وضمان الاستقرار الإقليمي، فإن نجاح هذه الجهود يعتمد على قدرة اللاعبين الرئيسيين على إيجاد أرضية مشتركة وتنفيذ حلول قابلة للتطبيق.

و يرى الباحث في الشأن السوري سامر الأحمد في تقرير نشره معهد الشرق الأوسط أنه مع استمرار الجمود الحالي، تقف المنطقة عند مفترق طرق بين التسوية السياسية الشاملة والصراع المتصاعد الذي قد يؤدي إلى تفاقم الوضع المتدهور بالفعل.

وبعد الإطاحة بنظام بشار الأسد من قبل قوات المعارضة المسلحة السورية بقيادة هيئة تحرير الشام في 8 ديسمبر، تمكنت الإدارة الجديدة في غضون أيام من فرض سيطرتها على ثلثي البلاد. ومع ذلك، لا يزال شرق سوريا تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، حيث اشتدت الاشتباكات بين المجموعة والفصائل المدعومة من تركيا في الشمال.

المفاوضات المباشرة
بدت كل من الإدارة الجديدة في دمشق وقوات سوريا الديمقراطية في البداية غير مهتمتيْن بتصعيد التوترات. وقد تم إرسال إشارات إيجابية، كما يتضح من تصريحات أحمد الشرع، زعيم هيئة تحرير الشام والرئيس الفعلي للدولة السورية، ومظلوم عبدي، قائد قوات سوريا الديمقراطية. فبعد زيارة إلى سوريا قامت بها مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف في ديسمبر، بدأت المفاوضات المباشرة في دمشق في 30 ديسمبر، حيث التقى وفد من قوات سوريا الديمقراطية بقيادة عبدي بالشرع، وقدم الطرفان مطالبهما.

ووفقا لمستشار لإدارة دمشق مطلع على المفاوضات تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته، كان الاجتماع إيجابيا.

وقدم الشرع خارطة طريق لحل قضية شرق سوريا وأكد على ضرورة أن توسع الحكومة الجديدة سيطرتها على الأراضي السورية من خلال نشر قواتها في جميع أنحاء البلاد. كما طالبت الدولة بإخراج مقاتلي حزب العمال الكردستاني غير السوريين من الأراضي السورية.

وعلاوة على ذلك، تعهدت دمشق بدمج أفراد أو وحدات مهنية من قوات سوريا الديمقراطية في الجيش السوري الجديد على أساس الجدارة، ورفضت صراحة فكرة دمج قوات سوريا الديمقراطية ككتلة موحدة أو من خلال نظام الحصص.

وفي المقابل، أعربت دمشق عن استعدادها لاستيعاب مؤسسات الإدارة الذاتية الكردية من خلال إعادة هيكلتها لتتماشى مع الهيئات الحكومية الأخرى. كما التزمت الدولة بضمان عودة جميع النازحين، وخاصة الأكراد المقيمين في عفرين، ومعالجة الظلم التاريخي الذي يواجهه المجتمع الكردي من خلال منحهم حقوق المواطنة الكاملة على قدم المساواة مع جميع السوريين الآخرين.

ومع ذلك، أكدت دمشق أن قوات سوريا الديمقراطية لا تمثل المجتمع الكردي حصريًا بل تشمل مجموعات أخرى أيضًا. كما عرضت دمشق التوسط بين قوات سوريا الديمقراطية وتركيا لحل وضع المقاتلين الأتراك الراغبين في العودة إلى بلادهم. وفي ما يتعلق بقضية سجناء تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) المحتجزين في مرافق مؤقتة في الشمال الشرقي، ذكر المصدر أن الإدارة أعربت عن استعدادها لتولي احتجاز المعتقلين ونقلهم إلى مناطق آمنة وتحمل المسؤولية الكاملة عنهم.

وبالمثل، وصف ماجد الكرو وأعضاء آخرون في مجلس سوريا الديمقراطية، الجناح السياسي لقوات سوريا الديمقراطية، الاجتماع الأولي بأنه إيجابي في المناقشات مع المؤلف. وطرحت قوات سوريا الديمقراطية مطالبها، بما في ذلك ضرورة دمج قوات سوريا الديمقراطية ككتلة موحدة في الجيش السوري الجديد، واللامركزية الإدارية للمناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية، والاستعداد لتسليم حقول النفط، بشرط توزيع العائدات بالتساوي على جميع المناطق السورية. واختتم الاجتماع بالاتفاق على تشكيل لجان متابعة.

وبعد الاجتماع، أكد عبدي علناً التزام قواته بوحدة الأرض والشعب السوري وأعرب عن دعمه لبسط سلطة الدولة على جميع أراضي البلاد. وأعرب عبدي عن استعداد قوات سوريا الديمقراطية لدمج قواتها ومؤسساتها مع قوات الدولة على أساس الشراكة وليس المحاصصة. وشدد على ضرورة وجود خارطة طريق متفق عليها بشكل مشترك مع دمشق لتنفيذ عملية الدمج وإعادة الهيكلة بسرعة وفعالية. لكن عبدي رفض فكرة حل قوات سوريا الديمقراطية لصالح دمجها ككيان واحد في الجيش السوري، محذراً من أن الحل قد يخلق فراغاً أمنياً خطيراً في المناطق الحدودية.

تصاعد التوترات
خلال هذه الفترة، شهدت مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية تصاعد التوترات الأمنية، بما في ذلك الانشقاقات الكبيرة بين أعضاء قوات سوريا الديمقراطية العرب، والاحتجاجات ضد هيمنة قوات سوريا الديمقراطية الأمنية، والتجنيد القسري للشباب، واعتقال ناشطين مناهضين لقوات سوريا الديمقراطية في الرقة ودير الزور والحسكة. وبحسب تقارير إعلامية ونشطاء في المنطقة، فرضت “الشباب الثوري” التابعة لحزب العمال الكردستاني ضرائب كبيرة على أصحاب المحلات التجارية وأجبرت موظفي المناطق الخاضعة للإدارة الذاتية على المشاركة في مظاهرات إجبارية لدعم قوات سوريا الديمقراطية. كما فرضت مناهج قوات سوريا الديمقراطية على السكان العرب والسريان بالقوة وأغلقت المؤسسات الحكومية التابعة لدمشق.

ويخشى سكان شمال سوريا من تصعيد عسكري تركي مماثل لما حدث في عفرين ورأس العين ومنبج، مما يؤدي إلى نزوح جماعي وتدمير البنية التحتية وتورط فصائل مدعومة من تركيا والمعروفة بانتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان في المناطق التي كانت تحت سيطرتها سابقًا.

وأكد عضو المجلس الكرو رغبة قوات سوريا الديمقراطية في استمرار المفاوضات من خلال لجان متخصصة يقدم فيها الطرفان تنازلات للتوصل إلى حل يرضي السوريين دون تدخل خارجي، وخاصة من تركيا.

وبينما ذكرت وكالة رويترز أن المفاوضات مستمرة بوساطة دولية، نفى مصدر حكومي ذلك ، مشيرا إلى أن الحكومة السورية قررت تعليق المحادثات ونقل تعزيزات عسكرية إلى شرق سوريا استعدادا لسيناريوهات مختلفة.

النتائج المحتملة
تبدو المفاوضات المباشرة متوقفة، لكن كل المؤشرات تشير إلى أن مصير قوات سوريا الديمقراطية وشرق سوريا مرهون بالاتفاقيات الإقليمية والدولية. وينتظر الجميع موقف الإدارة الأميركية الجديدة بشأن الشرق الأوسط وسوريا على وجه الخصوص، حيث مارست تركيا ضغوطاً كبيرة لتحقيق مكاسب وفرض حقائق على الأرض قبل تنصيب دونالد ترامب وأي إجراءات سياسية لاحقة. وفي غضون ذلك، يبدو أن قوات سوريا الديمقراطية تماطل على أمل الحصول على دعم دولي لتخفيف الضغوط التركية. ومع ذلك، قد تجبر التحديات الداخلية الأكراد على حل هذه القضية بسرعة. وفي خضم هذا التصعيد، تشمل النتائج المحتملة:

مفاوضات ناجحة: في هذا السيناريو، يؤدي التوصل إلى تسوية بين حكومة دمشق وقوات سوريا الديمقراطية إلى تحقيق الاستقرار في المنطقة دون إقامة نظام فيدرالي خاص، مما يسمح لدمشق بتأكيد السيادة، وخاصة على الحدود وحقول النفط، مع منح قوات سوريا الديمقراطية مناصب عسكرية وإدارية في الهيكل الجديد. كما يتيح هذا السيناريو السيطرة الإدارية والأمنية المشتركة على شرق سوريا، مما يرضي قوات سوريا الديمقراطية والأكراد السوريين والقبائل العربية في المنطقة. لكن فرص نجاح هذا السيناريو تبدو ضئيلة، في ظل تحديات إخراج مقاتلي حزب العمال الكردستاني، واستمرار الضغوط التركية على دمشق، وضرورة التعاون الدولي لضمان الاستقرار في شرق سوريا وتمهيد الطريق لمؤتمر وطني وإعادة هيكلة الجيش وتنشيط الاقتصاد.

مفاوضات فاشلة وتصعيد الصراع: يتضمن هذا السيناريو تصعيد الصراع العسكري في الشمال، ووضع تركيا وفصائلها والجيش الوطني في مواجهة قوات سوريا الديمقراطية. إن هذا من شأنه أن يؤدي إلى خسائر بشرية كبيرة في صفوف المدنيين وأضرار جسيمة في البنية التحتية، مما يزيد من استقطاب الجماعات العرقية ويؤدي إلى حرب أهلية محتملة في الجزيرة، المنطقة الشمالية الشرقية من البلاد، وخاصة مع تزايد التوترات بين القبائل العربية وقوات سوريا الديمقراطية بسبب الممارسات بين الجماعات التابعة لحزب العمال الكردستاني.

وقد يسمح هذا عدم الاستقرار أيضًا لتنظيم داعش بزيادة أنشطته ويؤدي إلى إطلاق سراح أو هروب معتقلي داعش من السجون. من ناحية أخرى، قد تواجه دمشق زعزعة استقرار شديدة في الجنوب والمناطق الساحلية بسبب تركيزها على المعارك في الشرق، مما يفتح الباب أمام زيادة التدخل الإيراني وزيادة زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط.

الجمود المطول والتصعيد التكتيكي: في هذا السيناريو، قد تلجأ إدارة دمشق إلى عمليات عسكرية محدودة في نقاط اتصال رئيسية، بالتزامن مع التصعيد التركي في الشمال. وتهدف هذه الإستراتيجية إلى الضغط على قوات سوريا الديمقراطية للانخراط بشكل أكثر جدية في المفاوضات واسترضاء القبائل العربية، التي انضم بعض أعضائها إلى الجيش السوري الجديد وهيئة تحرير الشام.

ومع ذلك، فإن هذا الجمود المطول قد يؤدي إلى أزمات أمنية طويلة الأمد. وقد تحاول قوات سوريا الديمقراطية تكرار التكتيكات التي استخدمتها في عام 2019 في أعقاب عملية نبع السلام التي شنتها تركيا ضد المقاتلين الأكراد في شمال سوريا، عندما وعدت بسحب مقاتلي حزب العمال الكردستاني واقترحت نشر قوات حكومية على طول الحدود بوساطة روسية. ومع ذلك، قد لا يكون هذا التكتيك فعالاً هذه المرة بسبب الافتقار إلى مساحة كافية للمناورة، وغياب النفوذ الروسي، واحتمال التوصل إلى اتفاق مفاجئ بين إدارة ترامب وأنقرة.

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram