الفوضى الأمنية سمة المرحلة الحالية في سوريا

الفوضى الأمنية سمة المرحلة الحالية في سوريا

 

Telegram

 

تعيش أنحاء مختلفة من سوريا فوضى أمنية، في ظل عمليات قتل واعتقالات واختطاف تحمل أبعادا انتقامية وأخرى طائفية، وتستهدف أساسا ضباط من النظام السابق ومواطنين شيعة أو من الطائفة العلوية.

ويرى نشطاء سوريون أن ما يجري في سوريا مؤشر خطير يهدد الاستقرار الهش في البلاد، وأن توصيف الإدارة السورية الجديدة التي تقودها هيئة تحرير الشام لتلك العمليات بالفردية، لم يعد مقبولا، وهو بمثابة غطاء للتجاوزات المرتكبة.

ويشير النشطاء إلى أن الحملات الجارية من قبل القوات الأمنية التابعة لسلطة الأمر الواقع، في بعض المناطق والمدن، واستهداف أشخاص فقط لشبهة أنهم موالون سابقون لنظام الرئيس السابق بشار الأسد، هو تعد خطير في غياب القانون والعدالة.

ودخلت أرتال عسكرية ضخمة، تضم ما يقارب 1400 إلى 1500 عنصر، تابعة لإدارة العمليات العسكرية، الأحد إلى مدينة طرطوس الساحلية.

وأثارت التحركات العسكرية تساؤلات واسعة بين الأهالي، وسط حالة من الذعر والترقب تسود المدينة.

ورصد المرصد السوري لحقوق الإنسان بتاريخ 24 يناير الجاري، قيام إدارة العمليات العسكرية وقوات الأمن بحملة مداهمة واعتقالات في مناطق متفرقة من مدن وقرى الساحل السوري، واستمرت الحملة حتى فجر السبت.

وداهمت قوات الأمن العام المنازل، وفتشت عن الأسلحة واعتقلت العشرات ممن عثر لديهم على قطع سلاح. وطلبت قوات الأمن العام من الرجال الخروج من المنازل المستهدفة بالحملة الأمنية، مع إبقاء النساء داخلها لإجراء التفتيش وفق التعليمات.

وإلى جانب الاستهدافات الجماعية تم من خلال المرصد توثيق حالات فردية تتمثل في قيام أفراد بقتل آخرين، حيث يتم نشر صور الضحايا على مواقع التواصل الاجتماعي كنوع من التحدي أو الانتقام، هذه الظواهر تعكس واقعاً مؤلماً يغيب فيه القانون والرقابة، مما يثير القلق بشأن مستقبل الأمن والاستقرار في سوريا.

وقال المرصد السوري إنه ومنذ بداية عام 2025، شهدت سوريا تصاعداً خطيراً في جرائم التصفية والعمليات الانتقامية في مختلف المحافظات السورية، وهي تأتي في إطار التصفيات الانتقامية التي تُمارسها مجموعات مسلحة، بعضها يدّعي تبعيته لإدارات العمليات العسكرية، مستهدفة المدنيين بدوافع سياسية وطائفية، ما يعكس غياباً تاماً للاستقرار الأمني.

ولفت المرصد في تقرير الأحد إلى أن جرائم القتل على الهوية والدوافع الطائفية، بلغت ذروتها في محافظات مثل حمص، حماة، واللاذقية، وهي تؤكد عمق الأزمة الأمنية والاجتماعية التي تعيشها البلاد. مع تصاعد القلق الشعبي من تدهور الأوضاع الأمنية إلى مستويات أكثر خطورة.

وحذر من أن استمرار جرائم التصفية والانتقام يشكّل تهديداً واضحاً لحياة المدنيين ويعمّق الانقسامات في النسيج السوري. وتظل المطالبة بإجراءات صارمة لوقف هذه الانتهاكات ومحاسبة مرتكبيها أولوية قصوى لاستعادة الأمن والاستقرار في البلاد.

وبلغ إجمالي العمليات المرتكبة منذ بداية العام الجاري 91 عملية، راح ضحيتها 190 أشخاص، هم: 185 رجل، و5 سيدات، بينهم 91 شخصا في حمص، و49 شخصا في حماة.

ولم تسلم كفاءات من أعمال العنف فقبل أيام، تم اختطاف الأستاذة الجامعية، رشا ناصر العلي، في مدينة حمص وسط البلاد، وانتشرت أنباء تم نفيها لاحقا بالعثور على جثتها مقطعة الأصابع.

وأكدت إدارة الأمن العام في حمص، أن البحث عن رشا لا يزال مستمرا، واصفة المزاعم بالعثور عليها مقتولة بـ “الإشاعات”.

وناشد اتحاد الكتاب العرب، في بيان الأجهزة الأمنية والعسكرية في حمص للمساعدة في العثور على أستاذة اللغة العربية في جامعة حمص، رشا، وطالبوا بإفراج المختطفين عنها.

وسبق وأن تم اختطاف طبيب من عيادته في العاصمة السورية دمشق، من قبل مسلحين قالوا إنهم من “هيئة تحرير الشام” وهي التنظيم الذي قاد العملية العسكرية الواسعة التي أطاحت بنظام الرئيس الأسد في 8 ديسمبر الماضي، وتسيطر حاليا على السلطة، وإلى الآن لا يعرف مصيره.

وأثارت الواقعة ردود فعل متباينة بين السوريين، حيث عبّر الكثيرون ممن يعرفون الطبيب عن استنكارهم لما حدث في المقابل، ظهرت أصوات شامتة تعتبر أن ما جرى له هو نتيجة طبيعية، مشيرة إلى أنه ينتمي إلى “فلول النظام” السابق.

وقبل أيام تم اعتقال نائب عميد كلية الصيدلة في جامعة الشام الخاصة، سلطان الصلخدي، من قبل مسلحين، وأفرج عنه بعد ساعات، ليتبين أن شكوى كيدية كانت السبب.

وتثير الظاهرة قلق المجتمع الأكاديمي والطبي، وأن استمرار اختطاف الكفاءات قد يؤدي إلى تدهور الخدمات الصحية والتعليمية، ويزيد من هجرة العقول إلى الخارج بحثًا عن بيئة أكثر أمانًا واستقرارًا.

إن هذه الحالة من الفوضى لن تظل دون عواقب، إذ من المحتمل أن تترتب عليها ردة فعل في المستقبل القريب، ما لم يتم محاسبة المتورطين في الجرائم والانتهاكات، ولا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال وجود آلية للعدالة الانتقالية المستقلة، بالإضافة إلى دور فعال لمحكمة جنايات دولية تهدف إلى الكشف عن الحقائق والتحقيق في هذه الانتهاكات ومحاسبة المسؤولين عنها، الذين يُتهمون بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

ودعا المرصد السوري الجهات المسؤولة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لوقف هذه الجرائم التي وصفهات بالمروعة، والعمل على حماية المدنيين من دوامة العنف والتصفيات، كما يناشد جميع الأطراف بضرورة الالتزام بالقوانين الإنسانية الدولية، ومحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات التي تُعمّق الأزمة وتزيد من معاناة الشعب السوري.

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram