"ستارغيت": مشروع استثماري أم محاولة لترويض الخيال العلمي

 

Telegram

 

خلال يوم التنصيب ومحاطا بشخصيات بارزة مثل ماسايوشي سون، رئيس شركة سوفت بانك، وسام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة أوبن إيه آي، ولاري إليسون، الرئيس التنفيذي لشركة أوراكل، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب إطلاق مشروع “ستارغيت” (Stargate)، وهو مبادرة ضخمة تهدف إلى إنشاء بنية تحتية للذكاء الاصطناعي بقيمة 500 مليار دولار بشراكة بين أوبن إيه آي وأوراكل وشركة الاستثمار اليابانية سوفت بانك وجهات أخرى.

وأوضح ترامب في حفل أُقيم في البيت الأبيض أن هذا المشروع يشكّل “أكبر مشروع للبنية التحتية للذكاء الاصطناعي في التاريخ،” ويهدف إلى الحفاظ على ريادة الولايات المتحدة في هذا المجال.

وتعني كلمة ستارغيت التي تُطلق على المشروع “بوابة النجوم” بالعربية. وهي في الأساس مصطلح مرتبط بسلسلة أفلام خيال علمي شهيرة تحمل الاسم نفسه. ولم يكن استخدام هذا الاسم لمشروع استثماري ضخم في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي مجرد اختيار عشوائي، بل يحمل دلالات عميقة تتعلق بالتقدم التكنولوجي الواعد لتقنيات الذكاء الاصطناعي، ويعكس رغبة الولايات المتحدة في الطموح والتوسع والتأثير العالمي في هذا المجال.

وكانت أوبن إيه آي قد أكدت سابقًا الحاجة إلى تسريع عملية التخطيط والبناء لتلبية الإقبال المتزايد على البنية التحتية للطاقة نتيجة التوسع في بناء مراكز البيانات واستهلاكها المفرط للطاقة.

ومن المتوقع أن يوفر المشروع نحو 100 ألف فرصة عمل خلال فترة التنفيذ. وتأتي هذه المبادرة في وقت يشهد استثمارًا متزايدًا في مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي، مع توقعات بنمو الإقبال العالمي على هذه المراكز بأكثر من ثلاثة أضعاف بحلول عام 2030، لكن محللين حذروا من أن مشكلات تتعلق بالطاقة والأراضي والتصاريح قد تعيق تنفيذ مثل هذه المشاريع.

وأكد سام ألتمان خلال الإعلان عن المشروع أن “ستارغيت سيكون المشروع الأهم في هذا العصر.”

وتمتلك الشركات الأميركية مراكز البيانات الكُبرى اللازمة لتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي وتشغيلها، كما تمتلك نماذج الذكاء الاصطناعي الأكثر تطورًا، وتسيطر على سوق تصميم الرقاقات المتطورة وتصنيعها لاستخدامها في تشغيل مراكز البيانات، وتطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي.

وتحاول الولايات المتحدة بمشروع ستارغيت تعزيز تفوقها على منافسيها، وفي مقدمتهم الصين التي ترى في امتلاكها تقنيات ذكاء اصطناعي متقدمة خطرًا وجوديًا عليها، فضلًا عن بريطانيا والدول الأوروبية.

وبالإضافة إلى ضخ الاستثمارات الضخمة في الذكاء الاصطناعي، تحاول الولايات المتحدة أيضًا من جهة أخرى فرض قيود صارمة على تصدير رقاقات الذكاء الاصطناعي إلى دول مثل الصين، بجانب تقييد وصولها إلى أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تطوّرها الشركات الأميركية.

وكانت قواعد لتصدير تقنيات الذكاء الاصطناعي الأميركية قد أثارت جدلا ورأى فيها البعض رغبة من واشنطن في استخدام صادرات رقائق الذكاء الاصطناعي كأداة دبلوماسية تستطيع من خلالها الحصول على تنازلات تكنولوجية وجيوسياسية من الدول الأخرى الراغبة في الحصول عليها.

وفي تحليل نشره موقع مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي الأميركية قال سام وينتر ليفي زميل برنامج التكنولوجيا والشؤون الدولية في المؤسسة إن القواعد التي أصدرتها الإدارة الأميركية تحت عنوان “إطار عمل نشر الذكاء الاصطناعي” تعكس رغبة الإدارة في إعادة تشكيل المشهد الدولي للذكاء الاصطناعي ووضع شروط أمنية وتصديرية لسوق هذا الذكاء الذي سيؤدي إلى تطوير أقوى الأنظمة التكنولوجية خلال السنوات المقبلة.

في الوقت نفسه فإن تأثير هذه القواعد التي أصدرتها الإدارة المنتهية ولايتها يظل غير واضح. المؤكد أن إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب ستدرس كيفية أو إمكانية تنظيم صادرات تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي المتقدمة الأميركية، لكن أثناء قيامها بدراسة الأمر سيتعين عليها أيضا أن تأخذ في الاعتبار ضغوط الأمن القومي الأساسية والحوافز الاقتصادية التي دفعت إدارة بايدن إلى تطوير هذه السياسة.

وتستهدف القاعدة الأميركية الجديدة إقامة نظام ترخيص عالمي لصادرات رقائق الذكاء الاصطناعي المتقدمة ومعايير تقييم الذكاء الأساسي لأي نظام ذكاء اصطناعي. كما تستهدف تشجيع تطوير الذكاء الاصطناعي في “الدول الصديقة” وتحفيز الشركات في العالم على تبني المعايير الأميركية.

ولتحقيق ذلك فإنها قسمت دول العالم إلى ثلاث فئات وفقا لقدرات الرقائق وأوزان نماذج الذكاء الاصطناعي التي يمكن أن تحصل عليها، بهدف التحكم في بيع رقائق الذكاء الاصطناعي التي تستخدم في مراكز البيانات.

ويخشى بعض الخبراء من توجه إدارة ترامب باندفاع نحو الاستثمار في الذكاء الاصطناعي دون مستوى مناسب من الرقابة والمسؤولية، وقد زادت تلك المخاوف بعد إلغاء ترامب أمرًا تنفيذيًا سابقًا وضعه بايدن عام 2023، يهدف إلى وضع معايير أمان، ومراقبة المحتوى الناتج عن الذكاء الاصطناعي.

ومع ذلك، يرى المؤيدون أن هذا المشروع يعكس التزام الولايات المتحدة بتعزيز ريادتها التقنية عالميًا، خاصةً أن استثمارات الذكاء الاصطناعي قد تكون المحرك الأساسي للاقتصاد الرقمي المستقبلي.

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram