وقف إطلاق النار في غزة خطوة أولى على طريق طويل

وقف إطلاق النار في غزة خطوة أولى على طريق طويل

 

Telegram

 

رغم موجة التفاؤل والتهليل الدولي والإقليمي لبدء تنفيذ المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس أمس الأحد، لا يزال الاتفاق الهش يواجه تحديات تهدد استكماله وصولا إلى هدنة طويلة الأمد.

غزة - استغرق التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في الخامس عشر من يناير أكثر من عام، ومن المؤكد أن الأمر سيستغرق وقتاً أطول كثيراً من الأشهر الأربعة أو أكثر المنصوص عليها في الاتفاق. ويقول محللون إنه كان من الصعب بناء هذا الاتفاق وسوف يكون من السهل هدمه.

وواجه الاتفاق بالفعل بعض المشاكل حتى قبل أن يدخل حيز التنفيذ أمس الأحد التاسع عشر من يناير، حيث أدى نزاع داخل مجلس الوزراء الإسرائيلي إلى تأجيل التصويت عليه حتى السابع عشر من يناير.

ويرى بريان كاتوليس، و هو زميل بارز في السياسة الخارجية الأميركية في معهد الشرق الأوسط أن العامل المركزي في التنفيذ الناجح للاتفاق سوف يكون تهميش المفسدين الذين يستعدون لإفشال أي تقدم ــ كما حدث في صفقات أخرى على مراحل على الجبهة الإسرائيلية الفلسطينية.

وكانت إحدى العقبات التي حالت دون تحقيق الاتفاق في وقت أقرب هي حقيقة بسيطة مفادها أن إسرائيل، الطرف الأقوى في الصراع، واجهت هجمات على جبهات متعددة منذ بدأت حماس الحرب بهجومها على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023. ولم تأت هذه الهجمات شبه اليومية من حماس في غزة فحسب، بل وأيضاً من حزب الله في لبنان، وميليشيات مختلفة في سوريا والعراق، والحوثيين في اليمن، وإيران.

وجعلت تحركات إسرائيل لاستعادة ما يشبه الردع الإستراتيجي في حملاتها العسكرية متعددة الجبهات في غزة ولبنان وسوريا واليمن وإيران منذ صيف عام 2024 وحتى اليوم هذه الصفقة ممكنة.

وأخطأت بعض الأصوات التي زعمت العام الماضي أن الولايات المتحدة وغيرها من الدول يجب أن تضغط على إسرائيل لوقف حملتها في غزة لتجنب حرب إقليمية أوسع نطاقاً في قراءة ديناميكيات الصراعات والتوترات في جميع أنحاء المنطقة، والتي كانت مدفوعة في الغالب بـ”محور المقاومة” المدعوم من إيران.

وبمجرد أن تكبد هذا المحور خسائر مدمرة وأصبحت إسرائيل أقل عرضة للخطر، والبيئة أكثر ملاءمة للتوصل إلى اتفاق. وعندما انتهى وقف إطلاق النار الأول في حرب إسرائيل وحماس في ديسمبر 2023، لم تنته الجهود الدبلوماسية للتوصل إلى اتفاق آخر وإطلاق سراح الرهائن. وفي نقاط معينة، تلاشت المحاولات، لكن المناقشات استمرت، حتى مع تكبد حماس وقيادتها خسائر مدمرة.

وحدد الرئيس الأميركي جو بايدن نموذجًا في مايو 2024 يقترح ثلاث مراحل لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن مما يؤدي إلى جهود دبلوماسية أوسع نطاقًا، وعملت الولايات المتحدة بإصرار مع مصر وقطر لعدة أشهر لتحقيق هذه الصفقة.

وعلى الرغم من كل التهديد والاستعراض في السياسة الأميركية وحملاتها التي لا تنتهي، عملت إدارة بايدن المنتهية ولايتها وإدارة دونالد ترامب الحالية معًا بشكل وثيق لتشكيل هذه المناقشات والتأثير عليها لإنتاج النتيجة. وهذا التعاون البراغماتي هو تذكير بأنه على الرغم من الانقسامات الحادة داخل الولايات المتحدة، يمكن للأحزاب المختلفة أن تتحد لتحقيق أهداف مهمة على جبهة السياسة الخارجية.

وجعل التقاء الأحداث في هذا الوقت – البيئة الأمنية المتغيرة، والدبلوماسية العنيدة لأكثر من عام، والتحول السياسي في الولايات المتحدة جعل هذا الاتفاق ممكنًا. ويقول كاتوليس إن ملامح هذا الاتفاق معقدة وتتضمن ثلاث مراحل مختلفة وسيكون الوصول إلى التنفيذ الكامل صعبًا للغاية. ويشير الباحث أن هناك حاجة إلى ثلاث خطوات كبيرة لضمان التنفيذ أولها حماية الاتفاق من المفسدين.

وسيستمر العديد من الجهات الفاعلة الفلسطينية والإسرائيلية، فضلاً عن جهات أخرى في المنطقة على نطاق أوسع، في معارضة وقف إطلاق النار هذا لأسباب خاصة بهم. إذ أن العديد من هذه الأصوات متطرفة ولا تدرك الواقع المعقد للوضع والضرورة طويلة الأمد للتعايش. وقد تسعى بعض الجماعات المتطرفة بين الفلسطينيين إلى استخدام القوة لتقويض الصفقة، كما حدث في تسعينيات القرن العشرين مع عملية أوسلو.

ومن المرجح أن يعارض المتطرفون اليمينيون في الائتلاف الحاكم الحالي في إسرائيل المضي قدماً إلى ما هو أبعد من المرحلة الأولى من الصفقة، وخاصة بعد إطلاق سراح الرهائن، لأنهم يعارضون حل الدولتين. وأفضل طريقة للحماية من هذه العناصر هي إنشاء وتعزيز تحالف إقليمي من الجهات الفاعلة لدعم الصفقة وبناء جسر إلى تسوية أكثر استدامة.

وهناك تحدٍ رئيسي آخر في تنفيذ هذه الاتفاق وهو عملي: كيف يتم ترتيب انسحاب القوات الإسرائيلية مع إدخال قوات أخرى قادرة على استعادة القانون والنظام والحفاظ على مظهر من مظاهر الأمن. وهناك حاجة إلى ظروف أمنية أفضل لزيادة المساعدات الإنسانية الإضافية المنصوص عليها في هذه الصفقة، ولن تكون هذه مهمة سهلة، حيث تعمل العصابات الإجرامية بالفعل في غزة بطرق تلحق الضرر بالأمن وتعوق تسليم المساعدات بشكل عادل.

وفي هذه القضايا، تستطيع الولايات المتحدة أن تلعب دوراً مهماً في مجال الأمن والمساعدات الإنمائية، وذلك من خلال العمل بالتنسيق الوثيق مع إسرائيل ومصر وغيرهما من البلدان الرئيسية. ويعتبر تحديد الأدوار والمسؤوليات بشكل واضح في الجهود الجماعية لتنفيذ الاتفاق أمرا ضروريا.

وإذا كان من المقرر أن يمضي هذا الاتفاق قدما، فسوف يتطلب قدرا كبيرا من الوقت والاهتمام من جانب إدارة ترامب، والتي أشارت بالفعل إلى قائمة طويلة من الإجراءات الطموحة والاستفزازية المتعمدة في بعض الحالات على جبهات سياسية أخرى في أجندتها الشاملة، بما في ذلك الهجرة، والتعريفات الجمركية، والتغييرات الكبرى في كيفية عمل الحكومة الأميركية.

ومن المرجح أن تتوقع إدارة ترامب من شركاء الولايات المتحدة الإقليميين أن يتقاسموا الكثير من العبء، ويبدو أن بعضهم على استعداد للقيام بذلك. ولكن هذا سوف يتطلب خطة إدارة واضحة تحدد الأدوار والمسؤوليات لكل من يشارك في التنفيذ. وإذا تم المضي قدما في اتفاق وقف إطلاق النار هذا، فسوف يتطلب ذلك عملا ثقيلا ومشاركة أعمق وأكثر ثباتا من جانب الولايات المتحدة لتحقيق إمكاناتها الكاملة.

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram