..وفي الجلسة 13 ،انتخب الرئيس 14 للجمهورية وهو العماد جوزاف عون، وهو الرابع الذي يصل من قيادة الجيش وما زال في الخدمة، والخامس كقائد جيش، فجرى ما كان متوقعا وهو ان رئاسة الجمهورية ليست صناعة لبنانية، وكلمة السر تأتي دائما من الخارج، وتتقاطع مع الداخل اللبناني، وهذا ما ترجم في غالبية الاستحقاقات الرئاسية منذ العام 1943 ، فكان رئيس الجمهورية يسمى في الخارج ويتلقى مجلس النواب اسم المرشح، وهذا ما جرى في انتخاب الرئيس الجديد الذي توافقت على اسمه دول ثلاث هي اميركا وفرنسا والسعودية، وهم كانوا اول من التقوا في ايلول 2022 على وضع مواصفات رئيس الجمهورية ، وقبل انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، وتشكلت لجنة من سفراء هذه الدول لمتابعة الملف الرئاسي ،وتوسعت لتنضم اليها كل من مصر وقطر وتصبح خماسية، ولم تضع الاخيرتان "فيتو" على عون.
فانتخاب العماد عون توافقت عليه دول خارجية وتجاوبت معها ارادة لبنانية ، فحصلت العملية الانتخابية لينتهي الشغور الرئاسي بعد عامين وثلاثة اشهر، وفي ظل ظروف حصلت خلالها تطورات سياسية وعسكرية، وتحولات في انظمة وتغيرات جيو- سياسية، بدأت مع عملية طوفان الاقصى في 7 تشرين الاول 2023 التي نفذتها حركة حماس، فاندلعت حرب غزة التي شنها العدو "الاسرائيلي"، فدخل حزب الله من لبنان مساندا، ليتحول الاشتباك مع قوات الاحتلال "الاسرائيلي" جنوبا الى حرب واسعة شنها العدو على مدى شهرين وانتهت باتفاق وقف اطلاق النار في 27 تشرين الثاني 2024 على ان تنجز اجراءات القرار 1701 خلال شهرين تنتهي في 27 كانون الثاني الحالي، ويقوم الجيش اللبناني بالانتشار في المناطق التي ينسحب منها الاحتلال ويتمركز جنوب الليطاني دون اي وجود مسلح.
تحت هذا الظرف ولم تنته مهلة الانسحاب "الاسرائيلي"، انتخب قائد الجيش رئيسا للجمهورية في جلسة حددها رئيس مجلس النواب نبيه بري، فور الاعلان عن وقف اطلاق النار، وكان ثابتا على موعده، ومؤكدا ان في هذه الجلسة سينتخب رئيس الجمهورية، ودعا اليها السلك الديبلوماسي. فشكك الكثيرون في ان يكون الرئيس بري جادا في ان انتخاب رئيس الجمهورية سيحصل في هذه الجلسة، فكان يردّ بانه لن يعلق الجلسات وستكون متتالية، وهذا ما حصل في الجلسة التي عقدت امس، ولم يكن من مرشح سوى قائد الجيش، بعد ان انسحب له رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية معلنا تأييده له، وهو كان مرشح الثنائي "امل" وحزب الله حتى يقرر هو انسحابه، وعندما اعلنه ذهب الثنائي الى البحث عن المرشح البديل، ولم يكن امامهما الا قائد الجيش، الذي ارسلت له تحيات تقدير من حزب الله على لسان امينه العام الشيخ نعيم قاسم، الذي اشاد بدور الجيش في اثناء الحرب، مثنيا على مقولة الجيش والشعب والمقاومة المتمسك بها حزب الله ، والذي اعلن رئيس لجنة الامن والارتباط فيه وفيق صفا ان لا "فيتو" على قائد الجيش، فكان حزب الله بذلك يرسل رسالة دعمه انتخاب العماد عون في وقت كانت حركة "امل" تؤكد انها مع الرئيس التوافقي، فالتزم الطرفان ما اعلناه، لكن لم يترجما ذلك في الدورة الاولى لجلسة الانتخاب، التي وضعوا فيها اوراقا بيضاء، وكان لدى الثنائي خشية من ان يكون العماد عون تعهد لدى داعمي ترشيحه، لا سيما الاميركي"، بما يتعلق بالمقاومة وسلاحها شمال الليطاني، والذهاب الى ما يريده العدو "الاسرائيلي" بان يقوم الجيش بالتفتيش عن السلاح في كل لبنان، ومصادرته ولو بالقوة، وكان لا بد لحزب الله من ان يسمع تطمينات مباشرة من قائد الجيش ،بانه لن يكون على صدام مع المقاومة ، فحصل اللقاء بعد الدورة الاولى من الانتخاب بين المرشح عون ورئيس "كتلة الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد، الذي تربطه علاقة جيدة مع قائد الجيش، الذي سبق والتقى به مرات عديدة، حيث قام العماد عون بتعزيته باستشهاد ابنه في اعتداء "اسرائيلي" في الجنوب.
وفي وقت كان المعاون السياسي للرئيس بري النائب علي حسن خليل يلتقي الموفد السعودي الامير يزيد بن فرحان ،الذي واكب الاستحقاق الرئاسي وحصل منه على دور للمملكة بالمساعدة في الاعمار، لما تسبب به العدو اثناء حربه الاخيرة على لبنان، ولاقى خليل كل تجاوب . وتقول المعلومات انها دعمت العماد عون لرئاسة الجمهورية، لانها تريد ممارسة جديدة في لبنان من قبل المسؤولين، تقوم على الاصلاح ومحاربة الفساد وبناء الدولة، وهذا ما ورد في خطاب القسم للرئيس المنتخب في مجلس النواب كرؤية وبرنامج عمل لعهده.
ولم يكن الثنائي "امل" وحزب الله خارج التسوية التي اوصلت قائد الجيش لرئاسة الجمهورية، وتركا موقفهما حتى الربع الساعة الاخير، وتحداهما رئيس حزب "القوات اللبنانية" ان ينتخبا قائد الجيش ولم تكن حساباته دقيقة، فخذلاه هو وحلفاؤه، فلم يحصل العماد عون على اصوات الثنائي وغيرهما في الدورة الاولى فنالها في الثانية. وبذلك سقطت نظرية بان "الثنائي الشيعي" لم يعودا فاعلين في السياسة الداخلية مع سقوط المحور الذي ينتميان اليه ،وفتحت الساحة اكثر وافعل للدور الاميركي وحلفائه في المنطقة.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :