الوضع في الجنوب لا يُطمئن... الحرب من جديد؟!

الوضع في الجنوب لا يُطمئن... الحرب من جديد؟!

 

Telegram

 

«ما يجري في جنوب لبنان، وتحديدا في القرى والبلدات الحدودية جراء الاحتلال الإسرائيلي وممارساته لا يطمئن، ويحمل في طياته مؤشرات ودلالات خطيرة ومخيفة للحاضر والمستقبل»، بهذه العبارات يلخص أبناء القرى الحدودية المشهد فيها، بعد أن ضرب الاحتلال «عصب الحياة والعمود الفقري» لها، وفجر ما تبقى من منازل، في سابقة لم تشهدها البشرية، إذ أزال قرى بكاملها عن الخارطة العقارية وكلف دباباته وآلياته التي كانت تجول على انقاض وبقايات المنازل بسحق ودهس كل ما تبقى على وجه الأرض، إلا أن هذه الاستهدافات والمحاولات تقابل بإصرار وعزيمة أبناء القرى بالعودة إلى الأرض مهما كانت الظروف.

آلة الحرب الإسرائيلية هذه وعدوانها الوحشي لم تفرق بين بلدة وأخرى، مسيحية كانت أم إسلامية. فبراثن العدوان واضحة، حين طالت الكنائس والمساجد في آن معا، وكان مشهد مفاخرة جنود الاحتلال بالاحتفال بتفجير مساجد البلدات الحدودية وتدنيس الكنائس مشمئزا وكشف حقيقة العدو ومخططاته.

«التآخي والتعايش الواحد، سمة أبناء الجنوب، وهم يتمسكون بهذه الصيغة التي تقلق العدو وترعبه. فالصليب والهلال بقيا شامخين، رغم سقوطهما على الأرض في عمليات تدمير لكناس ومساجد أثناء الحرب، لكنهما لم ينكسرا مهما اشتدت العواصف والأعاصير»، كما قال رئيس بلدية علما الشعب جان غفري، والتي تعتبر من كبرى البلدات المسيحية في قضاء صور، وتقع على الحدود مباشرة.
وأشار غفري لـ«الأنباء»، إلى «أن العدو الإسرائيلي لا يميز بين بلدة مسيحية وأخرى مسلمة، والدليل على ذلك أن استهدافه لم يوفر الكنائس والمساجد».

وأكد «أن البلدة تضررت بشكل كبير أثناء العدوان الإسرائيلي». وقال: «أبناء بلدتنا من الطائفة المسيحية، ولا يوجد فيها سلاح ولا مسلحون، لذا نستغرب هذا الاستهداف لبلدتنا والهجوم عليها وتدميرها بالطيران الإسرائيلي الذي تعرضت له». ولفت إلى تعرض علما الشعب في حرب يوليو 2006 للقصف الإسرائيلي، «لكن ليس بهذا المستوى».
وقال: «جرف جنود الجيش الإسرائيلي كروم الزيتون المعمرة في البلدة، ودمروا المنازل في العديد من القرى الحدودية المجاورة لنا كالضهيرة والناقورة ويارين».

وشدد على «أهمية الوحدة الوطنية والتعايش الأخوي عبر التاريخ بين كل مكونات القرى الجنوبية، مسيحية وإسلامية»، مؤكدا «أن هذا هو وجه لبنان وقيمته ووجوده. فنحن نتشارك مع بعضنا البعض في الأفراح والأتراح وفي كل المناسبات، وسنبقى كذلك ونورثه لأجيالنا».
وفي موضوع البلدة والعودة اليها، قال غقري: «نحن لانزال خارج البلدة، ويبدو ان قصتنا طويلة، فالعدو الإسرائيلي يحتل البلدة، ومع بداية الحرب ترك البلدة حوالي الـ90 في المئة من الأهالي وبقي نحو 10في المئة. وعندما اشتدت الحرب على مدى 66 يوما غادر معظم الأهالي البلدة وباتت خالية، ومنذ ذاك الحين لا نعرف شيئا عن وضع البلدة».
وأضاف: «أظهرت بعض الصور التي تصلنا أن الدمار كبير، إذ تم تدمير 90 منزلا من أصل 350 بشكل كلي نتيجة غارات الطيران الحربي الإسرائيلي، إضافة إلى الأضرار الجسيمة التي أصابت معظم البيوت».

وتابع: «للأسف لقد دمروا في الأسبوع الأول للحرب خزان المياه في البلدة، فأصبحت مقومات الحياة غير متوافرة، وبعدها توالت الاعتداءات. وتم تدمير مشروع الطاقة الشمسية الذي نعتمده لتوليد الكهرباء، كون مولدات الكهرباء في البلدة ملكا للبلدية، وهذا المشروع يخفف من أعباء كلفة المازوت في التشغيل، لكن للأسف دمر كله، بالإضافة إلى تدمير الطرقات والمرافق الأخرى».

وتوجه غفري بالسؤال إلى الحكومة اللبنانية حول «الخطة التي وضعتها لهذه البلدات الحدودية في حال عدنا اليها، خصوصا ان وضع البلديات منهار وصفر ولا تملك الإمكانات».
وأشار إلى «أننا في انتظار أن تسمح لنا الظروف وندخل إلى البلدة. نحن من البلدات التي يهددها الاحتلال ويمنع عودة أهلها. لذا ننتظر انتشار الجيش اللبناني وانسحاب جيش الإحتلال الإسرائيلي لندخل إلى قرانا. هناك مخاوف كبيرة لدى الأهالي من الانتهاكات الإسرائيلية، فكل شيء نتوقعه من العدو». وأعرب عن قلقه من مسار الأمور، آملا «ألا يكون هناك تمديد لفترة الستين يوما (المحددة في اتفاقية وقف إطلاق النار للانسحاب الإسرائيلي)».

وتمنى غفري أن يتم «الانسحاب الإسرائيلي من القرى الحدودية اليوم قبل الغد، فيكفينا مآس ومعاناة ونحن خارج بلدتنا، فقد تركنا أملاكنا وأرزاقنا وأراضينا. كل أحلامنا وذكرياتنا وجذورنا في البلدة لا يمكن أن تنسى. وسنعود إليها حتما ولو اضطررنا ان نسكن في الخيم، فنحن نتمسك بأرضنا وبجذورنا مهما كانت التضحيات والاحتلالات، وسنبقى شوكة في عين الإسرائيلي».

المشهد الحزين والمآسي يكمنان في بلدة الضهيرة، التي دمرت منازلها بالكامل، كما أشار رئيس بلديتها عبدالله الغريب.
ولفت الغريب لـ«الأنباء» إلى أن «العدو نسف كل منازل البلدة، والمدارس والمرافق العامة وحتى المساجد الأربعة والآبار الارتوازية. الضهيرة باتت مدمرة بنسبة 100%».
وأضاف: «دخل جنود الاحتلال الإسرائيلي إلى البلدة في 10 أكتوبر الماضي، وقاموا بتفجير البلدة ولم يتركوا حجرا على حجر، وصبوا جام حقدهم وإجرامهم بحق البلدة».

وأكد الغريب «أن حوالي 95 % من أبناء الضهيرة يعتمدون على زراعة الزيتون»، لكنه أشار إلى «قيام جنود الاحتلال بجرف حقول الزيتون وحرق قسم كبير منها.. حتى انهم اقتلعوا أشجار الزيتون المعمرة وأخذوها إلى داخل الكيان الصهيوني».

واشار إلى «ان الضهيرة هي بلدة واحدة، وقسمها الاحتلال عام 1956، وبات جزء منها داخل فلسطين عبر تلة تعرف «بالجرداح» وهي تعرف اليوم بعرب العرامشة من الجانب الفلسطيني، والضهيرة من الجانب اللبناني».

وأبدى رئيس البلدية تخوفه وقلقه من مسار الأوضاع على الحدود بعد تدمير القرى، وقال: «لا يريد العدو عودة أهالي البلدات الحدودية إلى قراهم، ولديه مخطط أكبر من التهجير، ويريد قتل أي أمل للحياة في تلك القرى، بعد أن حولها أرضا محروقة، وباتت غير صالحة للسكن، حيث لا ماء ولا كهرباء ولا طرقات، لكننا نصر على العودة، على رغم من مخاوفنا من تجدد الحرب، اذ لا نأمن لإسرائيل».
وختم بالقول: «للأسف، تم تدمير قرى الشريط الحدودي بنسبة 90% بشكل كلي كبلدات أم التوت والظلوطية والبستان وطيرحرفا في القطاع الغربي، اضافة إلى قرى القطاع الأوسط والشرقي. ولايزال العدو يفجر المنازل في بلدات الناقورة وشيحين ويارين، لذا نحن نشكك بانسحاب إسرائيل حسب الاتفاق، ونتخوف من المستقبل في ظل الاعتداءات الإسرائيلية.. والدبابات الإسرائيلية تسرح وتمرح أكثر من أيام الحرب وما من أحد يردعها».

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram