هل يكون عام 2025، عام استعادة العلاقات الديبلوماسية والاقتصادية، واستئناف التعاون العسكري، والتوقيع على اتفاقية شراكة استراتيجية، بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران؟
وهل تخيب آمال وانتظارات آلاف اللبنانيين بانتخاب الرئيس دونالد ترامب لولاية رئاسية جديدة، إذا أبرم صفقة مع طهران بنظامها الحالي، ومن دون أي اعتبار لحاجات لبنانية ملحّة، تتعلّق بضرورة تحرير لبنان من الأيدي الإيرانية على مستويات عدة؟
في أي حال، ورغم التشنّح الكبير الذي بدأ يخيّم على العلاقات الأميركية - الإيرانية غير المباشرة، بعد عودة ترامب، إلا أن أصواتاً إيرانية متعدّدة، بدأت تدعو الحكومة الإيرانية للتعامل مع الرئيس الأميركي الجديد عندما يتسلّم السلطة. فيما يؤكد مسؤولون إيرانيون أن عدة وزراء في حكومة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان يوافقون على هذا التوجّه، انطلاقاً من أن ترامب يحبّ الصفقات، وهو ما يمكنه أن يشكل فرصة لإحداث تغيير في العلاقات بين أميركا وإيران.
وفي سياق متصل، أجابت المتحدثة بإسم الحكومة الإيرانية فاطمة مهاجراني، على سؤال عن إمكانية إجراء محادثات مباشرة مع إدارة ترامب، بالقول:"سنفعل ما يضمن مصالح البلاد".
فهل تنقلب العداوة القائمة بين واشنطن وطهران منذ عام 1979، وتلك القائمة بين النظام الإيراني الحالي وترامب شخصياً منذ ما قبل سنوات، الى صداقة خلال ولايته (ترامب) الثانية، خصوصاً أن تحسين الأوضاع الاقتصادية في إيران، و(تحسين) الظروف المعيشية للشعب الإيراني، والانفتاح على الغرب تحقيقاً لهذا الهدف، كانت من أبرز النقاط التي أكدها بزشكيان في خطابه "الترشّحي" للانتخابات الرئاسية قبل أشهر، فيما يمكن لترامب أن يكون أكثر من يلبّي تلك التطلّعات وفق صفقة مُكتمِلَة العناصر والشروط؟
شرح مصدر واسع الاطلاع أن "الأمور ما عادت مجرّد تسوية. وإذا أرادت إيران أن تكسب، فعليها أن تعود دولة، وليس بلداً لتصدير ثورة تتضارب مع مصالح الدول الأخرى، ومن ضمنها الولايات المتحدة الأميركية".
وأوضح أن "الأميركيين يتعاملون مع إيران على أساس أنها الحجر الأساسي لمشروع الصين للتمدّد الاقتصادي في الشرق الأوسط، ضمن مبادرة الحزام والطريق. وبالتالي، وصول إيران الى البحر المتوسط، وسيطرتها على مضيق باب المندب، هو جزء من مشروع صيني يتعارض مع المصالح الأميركية، ويجعل أي تسوية أميركية - إيرانية مباشرة غير سهلة تماماً. ولو أراد ترامب إبرام صفقة مع إيران، فسيقول لهم إنه يتوجب عليكم أن تخرجوا من هذا المشروع أولاً، ومن وثيقة التفاهم الاستراتيجي مع الصين، وأنا مُستعدّ لأن أتعامل معكم بموجب صفقة بعد ذلك".
وأكد المصدر أن "وجود السلاح الإيراني في لبنان وسوريا والعراق واليمن بالشكل الحالي، يتضارب مع أي مشروع لصفقة أميركية - إيرانية بشكل كامل، لأن لا مجال لدى إيران في أن تصبح حليفاً اقتصادياً لأميركا والغرب، بموازاة حملها السلاح وإقامة منظومة عسكرية هدفها مواجهة الحليف العسكري الأساسي لواشنطن والغرب في الشرق، التي هي إسرائيل. وبالتالي، لا يمكن للإيرانيين أن يكونوا حليفاً اقتصادياً لأميركا وعدوّاً عسكرياً لإسرائيل، في وقت واحد، وبموازاة الإبقاء على نظام تصدير الثورة. وهنا، لا تسويات ممكنة على هذا الصعيد".
وأضاف:"(الرئيس الأميركي الأسبق باراك) أوباما توصّل الى تسوية مع إيران تُوِّجَت بالاتفاق النووي في عام 2015، انطلاقاً من فكرة أساسية لديه، وهي أن التطرف الشيعي في العالم له قيادة موحّدة موجودة في طهران، بينما التطرّف السنّي لا، وأن اتّفاقاً مع النظام في إيران يمكنه أن يضمن وقف العمليات العسكرية لكل الفصائل الشيعية. وأما الآن، أي بعد ثبات فشل وجهة نظر أوباما بالملموس، إذا أراد ترامب أن يتّفق مع إيران، فسيكون ذلك على حساب المنظمات التي أوجدتها طهران في الشرق الأوسط. وإذا وافق الإيرانيون على ذلك والتزموا به بالكامل، فقد نجد ترامب يقول مثلاً، إنه يجب منح الشيعة مكتسبات بالحكم في لبنان. وهذا ليس لتسليم تلك الفئة بحدّ ذاتها الحكم، بل من ضمن تسوية عامة تجعل كل المناصب في الدولة اللبنانية من خارج الواقع الطائفي والمذهبي، وبما يحوّل الدولة اللبنانية الى ضمانة للجميع والى ضامنة لأي ازدهار اقتصادي، بمعزل عن طائفة أو مذهب رؤساء الجمهورية والحكومة ومجلس النواب، وكل باقي المناصب في البلد".
وختم:"لا مجال لفعل شيء إذا بقيَت إيران مُصِرَّة على تصدير الثورة، وعلى دعم التنظيمات التابعة لها في المنطقة. كما أن التغيير ليس سهلاً أيضاً، نظراً الى أن هناك مواقع قوى اقتصادية وسلطوية داخل إيران نفسها، بُنِيَت على أساس مشروع الثورة. وإذا أراد بزشكيان التحوّل من تلك الحالة الى أخرى، تمهيداً لتأسيس إيران جديدة سياسياً وعسكرياً واقتصادياً، فمن الممكن أن تندلع ثورة داخلية إيرانية مسلّحة. وهذا يعني أن حدود أي صفقة إيرانية مع ترامب محكومة بمشاكل إيران الداخلية أيضاً، بعد عقود من حكم نظام سوّق نفسه ضمن إطار ديني واسع جداً".
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :