ربما نشعر بألمٍ ما في المفاصل عندما يكون الطقس باردًا، ما قد يمنعنا من ممارسة أنشطتنا اليومية أو حتى النهوض من السرير، لكن دراسة حديثة كشفت، أنه قد لا يكون البرد سببًا للألم.
بما أن أمراض المفاصل والعضلات الهيكلية تؤثر في الكثيرين، شرع الباحثون لمعرفة ما إذا كان الطقس هو السبب الحقيقي وراء نوبات آلامهم.
بحثت هذه الدراسة -التي تعد الأولى من نوعها- في العلاقة بين التغيرات المناخية وآلام المفاصل والعضلات، بعد ما جُمعت البيانات من أكثر من 15000 شخص من جميع أنحاء العالم أبلغوا عن الكثير من نوبات الألم، كانت معظمها آلامًا في الظهر أو آلام هشاشة العظام في مفصلي الركبة والورك، وأيضًا دخل كل من التهاب المفاصل الروماتويدي والنقرس في الدراسة.
قارن الباحثون تواتر تقارير الألم هذه في أنواع مختلفة من الطقس: الحار والبارد، الرطب والجاف، وكذلك جمعوا بين نوعين مختلفين من الطقس معًا في آن واحد.
وجدوا أن هذه التغيرات في درجة حرارة الهواء والرطوبة، وكذلك ضغط الهواء والأمطار لا تزيد خطر الإصابة بآلام الركبة أو الورك أو أسفل الظهر ولا ترتبط بهجمات التهاب المفاصل، أي أنه ليس هناك علاقة مباشرة بين الجو البارد وآلام المفاصل، ولن تزيد تغيرات الطقس أي منها.
لكن من الجدير بالذكر أن الدرجات شديدة البرودة (أقل من 10 درجات مثلًا) لم تُدرس، لذلك لا يمكننا التوصل إلى استنتاجات حول تفاقم الأعراض في التغيرات الأكثر تطرفًا في درجات حرارة الطقس.
كان الاستثناء الوحيد للنتائج التي توصلوا إليها هو النقرس -وهو نوع من التهابات المفاصل يأتي بشكل هجمات- الذي يتفاقم ألمه في الأجواء الدافئة والجافة.
للنقرس آلية بيولوجية أساسية للألم مختلفة تمامًا عن آلام الظهر أو هشاشة العظام في المفاصل، ويسبب الجمع بين الطقس الدافئ والجاف نقص إماهة الجسم ومنه زيادة تركيز حمض البول في الدم وترسب بلوراته في المفاصل لدى المصابين بالنقرس وحدوث هجمة الألم، الذي قد يفسر النتائج .
ربط الأشخاص لآلام المفاصل والطقس البارد قد يعزى لأسباب مختلفة، على سبيل المثال، قد تفاقم درجات الحرارة الباردة أعراض الربو، وبالمقابل تزيد درجات الحرارة المرتفعة من خطر الإصابة بأمراض القلب مثل اضطرابات النظم والسكتة وأمراض القلب التاجية.
لذلك يقتنع العديد من الناس أن الطقس مرتبط بأوجاعهم وآلامهم.
يبلّغ اثنان من كل ثلاثة أشخاص مصابين بالتهاب المفاصل -مثل الركبة أو الورك أو اليد- أن درجات الحرارة الباردة تسبب ظهور أعراضهم، والاعتقاد بأن الألم سوف يزداد سوءًا في الجو البارد، قد يجعلنا نشعر بالسوء وهو المعروف باسم تأثير نوسيبو nocebo effect.
من جهة أخرى قد يؤثر الطقس في كيفية إدراكنا للألم والتعامل معه، فقد يقلل بعض الأشخاص نشاطهم البدني خلال فصل الشتاء ويجلسون فترات أطول، ومن المعروف أن الجلوس لفترات طويلة يرتبط ارتباطًا مباشرًا بآلام أسفل الظهر. ويغير آخرون روتين نومهم أو ينامون أقل في الجو البارد أو الحار جدًا ومنه جودة نوم سيئة وآلام في مفاصل الظهر والركبة.
بالإضافة إلى التغيرات المزاجية مع تغير الفصول فقد تسبب آلامًا في الركبة والورك أيضًا، لذا فإن هذه التغييرات في السلوك خلال فصل الشتاء تساهم في مفاقمة الأوجاع والآلام المفصلية، وليس الطقس بحد ذاته.
في الختام، قد نستطيع السيطرة على بعض العوامل التي تفاقم الألم ويمكن التحكم فيها وتعديلها، بدلًا من التركيز على العوامل غير القابلة للتعديل مثل الطقس، وإليكم بعض الاقتراحات:
الإكثار من ممارسة النشاطات البدنية في الشتاء وعلى مدار العام، مثل المشي والسباحة وبعض التمارين البسيطة في المنزل أو النادي الرياضي.
تخفيف الوزن في حالة السمنة، ما يساعد على تقليل آلام المفاصل وتحسين الوظيفة البدنية.
الحفاظ على تدفئة الجسم في الشتاء والنوم في الغرف الدافئة لأننا نميل إلى النوم أقل في الغرف الباردة.
اتباع نظام غذائي صحي وتجنب التدخين وشرب كميات كبيرة من الكحول.
كل ما سبق قد يساهم في اتباع أسلوب حياة جيد وصحي، ومنه صحة أفضل وخطورة أقل للإصابة بآلام المفاصل.
نسخ الرابط :