من تعدّيات يزبك الى فضائح بركات ودرغام وجعجع... حكايات نفوذ وفساد بلا حدود على شاطئ كفرعبيدا - تحوم!

من تعدّيات يزبك الى فضائح بركات ودرغام وجعجع... حكايات نفوذ وفساد بلا حدود على شاطئ كفرعبيدا - تحوم!

 

Telegram

 

تنتشر على سواحل لبنان مئات المنشآت بدءًا من الشمال وصولاً إلى الجنوب، تمثل جزءًا كبيرًا منها "التعديات غير القانونية". ورغم أن بعضها حصل على موافقات رسمية من وزارة الأشغال، فإنها تثير الشكوك والتساؤلات بين الخبراء، الذين يصفونها بأنها نتاج لـ "التنفيعات السياسية" القوية.

منذ عقود طويلة، يعد ملف "الأملاك البحرية العامة" واحدًا من أكبر الملفات المتعلقة بالفساد والهدر في لبنان. ويُنظر إليه على أنه إرث ممتد من عمليات "السطو الممنهجة" التي شهدتها البلاد خلال الحرب الأهلية (1975-1989)، وفتح لنافذة محتملة لاسترداد مبالغ ضخمة من الأموال المهدورة.

بالإضافة إلى ذلك، فان 93% من المنشآت البحرية تعمل دون تراخيص قانونية وتتجنب دفع الرسوم المطلوبة، مما يجعلها محوراً للجدل العام حول العدالة المالية وضرورة تفعيل القوانين المعمول بها. وفي خطوة استباقية، تحرك وزير الأشغال علي حمية ، معلناً عن "دولرة" الرسوم السنوية على الإشغالات المؤقتة، والتي وصفها بأنها خطوة ضرورية ومنتظرة منذ فترة طويلة.

فضيحة فيلا درغام: انتهاكات ساحلية تشعل كفرعبيدا

وأشعلت قضية فيلا راغدة درغام، وهي صحافية تعنى بالشؤون الدولية، الرأي العام البتروني واللبناني، حيث تواجه تُهما  بتعديات على تراجعات الأملاك البحرية العامة في منطقة كفرعبيدا-البترون، ببناء فيلا على العقار رقم 298 حيث حصلت على كامل الموافقات اللازمة لكنها خالفتها مسببة تعديات غير قانونية. هذه التعديات أدت إلى قطع التواصل الحر إلى الشاطئ ومنع المرور الآمن، مما أثر سلبًا في البيئة وحرم السكان المحليين من الوصول إلى المنطقة الساحلية.

شباب وشابات من كفرعبيدا أعربوا عن رفضهم القاطع لهذه التعديات، مؤكدين أن الشاطئ يمثل جزءًا من هويتهم البيئية والسياحية. قادوا حملات منذ عام 2016 للدفاع عن المساحات العامة، وأكدوا عدم وجود خلافات شخصية مع راغدة درغام.

وبعد اكتشاف مخالفات كبيرة، زار أهالي المنطقة رئيس بلدية كفرعبيدا للمطالبة باتخاذ إجراءات. وبالرغم من تعامل البلدية مع الموضوع ببطء، تدخلت السلطات المحلية وأصدرت قرارات بوقف الأعمال وإزالة المخالفات، لكن راغدة درغام استمرت في العمل دون الامتثال.

استجابة لذلك، طلب أهالي المنطقة تدخل المجلس الأعلى للتنظيم المدني، الذي أكد وجود مخالفات وأصدر قرارات بالإزالة. وعلى الرغم من ذلك، استمرت راغدة في العمل، ما أدى إلى تصاعد التوتر وتقديم شكاوى للمفارقة من قبل درغام ضد البعض من أهالي المنطقة  تتهمهم بالقدح والذم.

بينما استمرت المعركة القانونية، تعهد أهالي المنطقة بمواصلة النضال من أجل استعادة حقوقهم في الوصول إلى الشاطئ بحرية وأمان.

فقد قامت راغدة درغام بعدة تعديات ومخالفات في منطقة كفرعبيدا-البترون. ومنها:

أولاً، قامت بإنشاء بناء يتضمن زيادة في عدد الطوابق وإضافة مسبح، دون الحصول على التصاريح اللازمة من السلطات المعنية، ما يعتبر خرقًا للتشريعات البنائية والتراخيص المطلوبة.

ثانياً، استخدمت مساحات التراجعات العامة البحرية بطريقة لا تتفق مع القوانين المحلية واللوائح المتعلقة بالحفاظ على البيئة الساحلية والمناطق العامة، مما أثر سلبًا في الحياة البحرية والمناظر الطبيعية الساحلية.

ثالثاً، تمثلت التعديات أيضًا في إنشاء تصاوير وصب باطون ضمن التراجعات العامة البحرية، دون إجراء دراسات بيئية محددة لتقييم تأثيرات هذه الأعمال في البيئة والمجتمع المحلي.

رابعاً، قامت بزرع أشجار نخل وصبير لإقفال الطريق العام أمام العموم، مما أدى إلى قطع التواصل الحر والآمن إلى الأملاك العامة البحرية، ومنع السكان المحليين من الوصول الحر إلى المنطقة الساحلية التي تعد جزءًا أساسيًا من هويتهم وحياتهم اليومية.

خلف كواليس تحوم: تعديات يزبك على الشاطئ والبحر

وفي طريقنا إلى "تحوم"، يُلفت الأنظار مشروع غريب يدعى "أزور بلو" Azur Bleu  التابع للمستثمر مالك جورج يزبك، حيث تحثّ ورشه الخُطى من أجل إتمام الإنشاءات، وبناءه أعداد من "الشاليهات او ما يعرف بالبانغالو" الجاهزة للتركيب، بالإضافة إلى ورشة إقامة مسبح على الشاطئ، وصبّ باطون على الشاطئ أيضًا.

فمن جانبٍ، تقع أعمال البناء على الأملاك العامة البحرية دون وجود مرسوم يجيز ذلك، إذ تم الاعتماد فقط على رخصة ممنوحة من وزير الأشغال السابق يوسف فنيانوس بموجب الكتاب رقم 1550 بتاريخ 25 حزيران 2019 (وهي رخصة تُعتبر غير صالحة لعدم صلاحية وزير الأشغال في منح رخص خارج إطار مرسوم). ويدّعي صاحب الشركة أن أحد التعديات حدث قبل عام 1994 (أي قبل صدور قانون تسوية مخالفات البناء التي حصلت قبل هذا العام)، إلا أن هذا الادعاء غير مثبت، بالإضافة إلى أن معالجة التعدي في هذه الحالة تتطلب القيام بإجراءات وصدور مرسوم يحدد بدل إشغال، وهي أمور لم تتم.

ومن جانب آخر، بغض النظر عن قانونية الرخصة، فان مالك "أزور" قد تجاوز حدود الرخصة التي منحت له من قبل وزير الأشغال السابق يوسف فنيانوس. وتنص الرخصة على "الموافقة على ترميم وصيانة إنشاءات غير ثابتة موسمية على الأملاك العامة البحرية مقابل العقارين رقم 177 و202"، وتشمل الأعمال المسموح بها: وضع بار على الشاطئ من الخشب والحديد مع سقف وجوانب مفتوحة، وضع أربعة أكشاك بحرية من الحديد والخشب، تركيب سلم خشبيين يربطان المستويات ببعضها، إزالة بعض الصخور من كاسر الأمواج، وتنظيف الأرض والشاطئ. كما تحتوي الرخصة على نص صريح بعدم استخدام مادة الخرسانة لتثبيت أي إنشاءات، والاقتصار على استخدام المواد القابلة للتفكيك وغير الثابتة، بالإضافة إلى عدم التعدي على الأملاك العامة البحرية المجاورة. وقد حددت آليات الرقابة بحيث "تتم الأعمال تحت إشراف مفرزة شواطئ لبنان الشمالي والأجهزة المختصة في وزارة الأشغال، وكذلك رئيس مرفأ شكا".

وهنالك مخالفات قام بها المعتدي نفسه في منطقة تحوم، حيث خالف القانون بشكل واضح بعدم التراجع عن الشارع العام والأملاك البحرية، كما قام بتغيير ديكور المبنى الموجود قرب الشاطئ دون الحصول على رخصة. بالإضافة إلى ذلك، قام بردم البحر باستخدام الصخور وصبها بطبقات متعددة من الخرسانة، دون أن تتطابق الأعمال الميدانية مع خريطة "الرخصة". كما شملت المخالفات هدم مبنى ملاصق للفيلا الموجودة سابقًا وإعادة بنائه مع إضافة 5 أمتار في العرض و15 مترًا في الطول ، بالإضافة إلى تركيب عدد من الـ "بنغلو" أمام العقار 203، وبناء مسبح أمام الفيلا، وصب الخرسانة على مساحة تقارب 400 متر مربع.

لكن ما الذي دفع يزبك إلى هذا الجرأة؟ بدأت القصة بخيمة بسيطة كان يمتلكها على الشاطئ قبل عقود، ثم جاء قانون عام 2017 كما يزعم، لتسوية وضع هذه التعديات وتقنينها، لكن هل هو فعلاً حل للتسهيل أم منصة للمزيد من التجاوزات؟ الأمر يبدو وكأنه دعوة للمستثمرين للاستثمار في الإبداع بلا حدود، وبدون تكلفة على حساب المجتمع والبيئة.

بدءًا من "Azur bleu" وصولاً إلى مطعم "مرشاق عالبحر"، تستمر القصة المذهلة للتعديات في منطقة "تحوم". فإن صاحبا العقار رقم 5، اسطفان خليل وجوزيف شارل ابراهيم الخباز، لم يكتفيا بالحصول على ملكياتهما الساحلية فقط، بل أنشأا أيضًا مسبح "Bonita Bay" على العقار رقم 6 المجاور، عبر طريق خشبي يمتد 7 أمتار داخل البحر، مما أدى إلى قطع جزء من الشاطئ العام والتعدي على حدود المياه بمرونة شديدة.

ملاحظة: يعتبر يزبك من الشخصيات المقربة لرئيس تيار الوطني الحر جبران باسيل

فرنسوا بركات: تعديات ساحلية تعود للواجهة في تحوم

وفي نفس المنطقة، حيث تتوالى أحداث التعديات الشائنة، يبرز شخصية فرنسوا بركات كمركز للجدل والتجاوزات. اقتنى بركات عقارين، الأرقام 204 و205، لكنه لم يكتفِ بالحصول على هذه الملكيات. ففي عام 2017، تم إجبار المالك السابق على إزالة خيمة مخالفة بقرار قضائي، إلا أن بركات عاد بكل حدة ووضع الخيمة مجدداً، مع صبّ الباطون بموافقة من السلطات المحلية والإدارية. كما رفض بركات التراجع عن تعديه بمقدار 10 أمتار على البحر و7 أمتار على الطريق العام. وقد استقدم أخيراً جرافة إلى حدود عقاره المتاخم مباشرة للبحر بحجة "تسوية الردم الموجود منذ زمن الحرب الأهلية" رغم أن الصور التي حصلت عليها "الديار" تظهر أن الردم وُضع حديثاً.

ملاحظة: فرنسوا بركات هو صهر رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل.

غسان جعجع... معركة الفيلا المحصنة على شاطئ البحر

أما على ما يعرف بـ"البلاطة" والتي تعود الى غسان جعجع، الذي يملك فيلا في منطقة كفرعبيدا، فقد تحولت إلى "ساحة حرب" مع وضع شريط شائك وحبال على الصخور المعتاد استخدامها للتشمّس، بالإضافة إلى تواجد حراس مجهزين وكلاب حراسة، مما أدى إلى تحويلها إلى منطقة محصنة لاستبعاد أي شخص يحاول الوصول إلى البحر.

وهنا يبرز دور السياسة بوضوح في قضايا التجاوزات البحرية في منطقة كفرعبيدا وغيرها. فالتحديات البيئية والاجتماعية التي تثيرها هذه التجاوزات تتطلب استجابة حاسمة من السياسيين والمسؤولين. ومع ذلك، فإن سكوت نواب المنطقة وعدم تدخلهم الفعال في مثل هذه القضايا يثير تساؤلات هامة حول أبعاد العلاقات السياسية والاقتصادية في المنطقة. مع العلم ان نائب قضاء البترون غياث يزبك المنضوي في تكتل الجمهورية القوية التابع لحزب القوات اللبنانية، يترأس لجنة البيئة في البرلمان ولم يحرك ساكناً، لا معترضاً ولا متضامناً مع أبناء قضائه وبيئته حفاظاً على مصالحهم العامة وحقوقهم في الأملاك العامة والبحرية. بالإضافة إلى ذلك تسأل الناس عن دور النائب جبران باسيل في حماية أبناء منطقته كما اللبنانيين وحقهم في الوصول الحر وغير المشروط إلى الشاطئ، بالإضافة إلى منع تشويه شاطئ قضاء البترون.

فلماذا يظل السكوت سائدًا بينما تتزايد التعديات على الأملاك البحرية؟ هل يعود الأمر إلى ضعف القوانين واللوائح أم إلى تأثير القوى المحلية والمصالح الشخصية؟ وما هي التدابير التي يمكن اتخاذها لضمان حماية البيئة الساحلية وتعزيز حقوق المواطنين في الوصول إلى البحر بحرية؟

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram