افتتاحية صحيفة الأخبار:
الفاتيكان يعيّن مطراناً «رئيساً» لبطاركة الشرق
ميشال جلخ: لا حياد
ليس تفصيلاً أو حدثاً عادياً ما أقدم عليه الكرسي الرسولي أخيراً، وتُرجم لبنانياً يومَي السبت والأحد الماضيين.فهمُ ما حصل يستوجب العودة إلى عام 2011، عندما توّجت دوائر الفاتيكان سعيها لوقف النزيف المسيحي المشرقي بانتخاب مار بشارة بطرس الراعي بطريركاً. كان في اعتقاد الفاتيكان أن في وسع الراعي أن يكون بطريركاً لإنطاكيا وسائر المشرق، وأن تلعب الكنيسة المارونية معه الدور الذي تسوّقه لنفسها في الفاتيكان منذ عقود بوصفها الرافعة والضامنة لمسيحيي الشرق، لا مسيحيي «المدفون - كفرشيما» فقط، فتبذل أقصى جهدها لوقف الهجرة المسيحية من سوريا والعراق وفلسطين، وبدل التقاط الصور والتسويق للمصارف وتوزيع المناصب الفخرية، تستحدث لجاناً اقتصادية واجتماعية لإقامة مشاريع تبقي مسيحيي الشرق في أرضهم فيتوقف النزوح من الأرياف إلى المدن ومن المدن إلى الخارج.
سبقت انتخاب الراعي وتلته تدخلات فاتيكانية مباشرة في غالبية الرهبانيات والبطريركيات التي يمكن للكرسي الرسولي التدخل فيها. وإذا كان الهم المشرقيّ في الفاتيكان عام 2011 تركّز على كل ما أدى إليه الاحتلال الأميركي للعراق من تهجير خيالي لسريان الشرق وأشورييه وكلدانه، فقد ضاعفت الحرب السورية القلق الفاتيكاني بعد ما شهدته من هجرة مسيحية، فيما موارنة لبنان منشغلون بخلافاتهم ويواصل بعضهم الاستعلاء على سائر المسيحيين في المنطقة. كل ذلك ذهب بالزخم الذي رافق انتخاب الراعي بطريركاً عام 2011، من دون تحقيق المرتجى لأسباب كثيرة، بعضها يتحمّل الراعي مسؤوليته وغالبيتها خارجة عن سيطرته.
... إلى أن قرّر الكرسي الرسولي المبادرة مجدّداً عبر تعيين الأب ميشال جلخ أمين سر لـ«دائرة الكنائس الشرقية» في الفاتيكان المعني بكل الأمور «الكنسية والتنظيمية التي تتعلق بالكنائس الشرقية الكاثوليكية وأبرشياتها وأساقفتها والإكليروس والرهبان والراهبات والعلمانيين كافة»، كما جاء في بيان التكليف. وبالتالي، ما زال البطريرك الراعي أعلى من جلخ كنسياً، أما إدارياً فيتقدم الأخير على كل البطاركة الكاثوليك في الشرق بمن فيهم البطريرك الراعي، وتمتد سلطته «الكنسية والتنظيمية» من أرمينيا وأوكرانيا إلى الهند، مروراً بالقدس ولبنان وسوريا والعراق. بعبارة أخرى، هو أشبه برئيس مجلس إدارة لمؤسسة يضمّ أكثر من عشرين مديراً.
كالعادة، توقف كثيرون عند الحدث باعتبار أنها المرة الأولى التي يُعيّن فيها لبناني وماروني في هذا المركز منذ تأسيس هذه الدائرة عام 1917. غير أن المطّلعين يتوقّفون عند من عُيّن في هذا المركز، ليس من باب تواضع جلخ وخصاله الشخصية التي تخرج عن المألوف لجهة «عاديته»، وإنما لدور ومكانة الرهبنة الأنطونية التي ينطلق منها، وما راكمه من «تفاهمات» طوال سنوات عمله كأمين عام لمجلس كنائس الشرق الأوسط بين عامي 2013 و2018، وكمدير للجامعة الأنطونية، وما قاله بنفسه في احتفال سيامته رئيساً للأساقفة في بكركي، وما قاله رئيس الكنائس الشرقيّة في الفاتيكان الكاردينال كلاوديو غودجيروتي في احتفال الأنطونية أمس.
ففي كلمته، أمس، خلال قداس الشكر في مقر الرئاسة العامة للرهبانية الأنطونية في دير مار روكز في الدكوانة، رسم غودجيروتي بحزم وجزم خارطة طريق ليس للجلخ، وإنما لكنائس الشرق الكاثوليكية، سواء المارونية أو السريانية أو الأرمنية أو غيرها، عندما خاطب جلخ قائلاً: «انتقلت من كونك ابن الكنيسة الشرقية لتصبح أباً لهذه الكنيسة» بما يعنيه ذلك من التزام الكنائس الكاثوليكية الشرقية وفي مقدّمها الكنيسة المارونية واعترافها بهذه السلطة الأبوية المعنوية. بكلام آخر: من يمثل هذه الكنائس في الفاتيكان هو جلخ ولا أحد غيره، ولئلا يستمر التواصل بالفاتيكان من هنا وهناك، قال غودجيروتي بوضوح: «أنت - من دون أحد آخر - صوت الكنائس الشرقية الصارخ عند ملاكها الحارس خليفة بطرس (الكرسي الرسولي)»، و«تأتي من خارج أسوار الفاتيكان لتكون صوت الشرق عند البابا». هكذا يكون الفاتيكان قد جيّر الكثير من صلاحياته للجلخ حين وضعه في خانة الأب لكل الكنائس الكاثوليكية في الشرق، وحين أبلغ المعنيين أنه «صوت كنائس الشرق» في الفاتيكان، وبالتالي على من يريدون إيصال أي شيء إلى الكرسي الرسولي الاستعاضة عن الوسائل الجانبية المعتادة بالقناة الرسمية الوحيدة: الأب ميشال جلخ.
أما جلخ، فقد انتقل في كلمته، خلال رسمه في بكركي عصر السبت، من «العائلة التي علّمتني أن أحب الله، إلى الرهبانية التي علّمتني أن أحب رهبانيته، فإيطاليا التي علّمتني أن أحب الكنيسة الجامعة بتنوّعها والرهبانيّات الأخرى، فمجلس كنائس الشرق الأوسط الذي علّمني أن أحب الأرثوذكسيّ والإنجيليّ»، وأخيراً الجامعة الأنطونيّة التي عرفته وعلّمته أن «أحب وأخدم أخي الشيعيّ والسنِّيّ والدرزي. وفي خطاب جامع للأوجاع وغير مألوف، قال جلخ إن صلاته باتت مجبولة بصلاة «أخي الضعيف الأرثوذكسيّ في الحرب الروسيّة - الأوكرانيّة، وأخي الأرمنيّ المهجّر قسراً من ناغورنو - كراباخ، وأخي الأرثوذكسيّ الشرقيّ المستضعف في إريتريا وإثيوبيا، وأخي الكاثوليكيّ المقهور في سوريا، وأخي المسلم المشرّد والمقتول في غزّة». وهو لم يسع في أيّ من هذه إلى الوقوف على الحياد أو المساواة بين الجلاد - المحتل وضحاياه. وفي توسيع للآفاق أبعد من حدود الأحقاد التاريخية، قال جلخ: «كلّ قضيّة محِقّة تعنيني لأنّ المسيح يعنيني، وهو الحقّ والحقيقة والعدل والعدالة». وفي استفاضة هنا، تابع: «في أوكرانيا، كما في غزة وسوريا والعراق، وكما في كلّ الحروب، إنسانيّتنا هي التي على المحك. الإنسان الذي فينا لا يمكنه أن يغلق عينيه عمّا يدور حوله».
وفي ردّ غير مباشر على المنطق الاتكاليّ على الخارج الذي يستسهل تسوّل الحماية، قال جلخ إن خبرته علّمته أن «لا مفر من الاتكال على النفس». وأشار إلى أن هذه القضايا، لا تنسيه قضيّة وطنه الذي يمكن أن يتخطى أزمته وصعوباته «إذا تمتعنا بقليل من التواضع والتراجع عن تعنّتنا وأنانيّتنا حتى نجد مكاناً مشتركاً نلتقي فيه». وفي وقت تستعر النزعات الصدامية عند غالبية الأفرقاء المسيحيين، حدّد «أبو الكنائس الكاثوليكية في الشرق» و«صوتها في الفاتيكان»، ثلاث ضرورات لتجاوز لبنان لأزماته:
أولاً، التواضع. ثانياً، التراجع عن التعنت والأنانية (بعدما حوّل البعض العناد إلى فضيلة). ثالثاً، التفاهم مع الآخر. وهو ما ينسجم مع ما راكمته الرهبنة الأنطونية من عمل على الأرض، بعيد كل البعد عن ثقافة «يشبهنا ولا يشبهنا» و«مناطقكم ومناطقنا»، وغيرهما من الوصفات الانتحارية. وشدّد جلخ على أن هذا الوطن فريد بتكاتفه الإنساني وما يحضنه من هويات متنوّعة، ولا يمكن أن يتغنّى البعض بهذا التنوع تارة ويتذمر من خصوصيات الآخر الثقافية والدينية طوراً ويحوّلها إلى «فزّاعة»، متهماً من يدعو إلى احترام الهويات المتنوعة بالذمية أو التبعية أو غيرهما. وإذا كانت المناسبة لا تسمح بالاستفاضة، فإن المطّلعين عن كثب على أفكار جلخ يؤكدون أن المواقع التي سبق أن شغلها مكّنته من التعرف إلى الآخر بغالبية أطيافه، مدركاً أن مد الجسور أصعب بكثير من تهديمها، وهو لا يقارب الملفات بخلفية جامدة، وينفر فوراً من السلوكيات الميليشيوية، والأهم من هذا كله أن مارونيته أولاً ولبنانيته ثانياً لا تمنعانه من أن يكون مع «القضايا المحقّة والحقيقة والعدل والعدالة» أو أن «يغلق عينيه على ما يدور حوله»، مجارياً من يفترضون أنهم في جزيرة معزولة عن كل ما حولها.
عليه، فتح الكرسي الرسولي بتعيينه جلخ (الذي أخّرت بكركي مراسم سيامته بحجة تأمين أكبر حضور كنسي ممكن) صفحة جديدة من دون أي تكهنات بشأنها، خصوصاً أن عدد الملفات الإدارية والقانونية المتراكمة منذ سنوات في أروقة دائرته في الفاتيكان قد يشغله عن التحديات الأساسية إذا استسلم لوطأتها. وقد أشار الكاردينال غودجيروتي بطريقة غير مباشرة إلى أن مهمة جلخ في الفاتيكان ليست سهلة، حيث يتعيّن عليه الصراخ والتذكير بأن التأخير يعرّض حياة الناس في الشرق للخطر. وقال: «أزعجنا حين نتكاسل. وعندما نصبح حذرين، قل لنا إن إخوتك يموتون في لبنان وغزة وأوكرانيا وأرمينيا وسوريا».
مع ذلك، فإن التعيين بحد ذاته يؤكد أن الكرسي الرسولي ثابت في مقاربته: للبنان وموارنته دور مقدّر وأساسي، لكنهما لا يختزلان «مسيحيي الشرق» بعدما لامس الوجود في كل من سوريا والعراق وفلسطين النهايات، ولا يمكن الاستمرار في القول إن مسيحيي الشرق سيكونون بخير حين يكون موارنة لبنان بخير، إذ يمكن أن يكون العكس هو الصحيح. والأهم، وفق خطابات اليومين الماضيين والأحاديث الجانبية، هو المقاربة الشاملة وعدم التقوقع واعتبار العناد والأنانية فضائل واحترام التعددية: احترام الآخر الذي أطلب منه أن يحترمني، والاعتراف بخصوصياته قبل أن أطلب منه الاعتراف بخصوصياتي.
آباء لبنانيون
سبق للكرسي الرسولي أن استعان بكثير من الآباء اللبنانيين لتكليفهم بمهام إدارية حساسة، خصوصاً في السلك الدبلوماسي، أبرزهم:
• السفير البابوي إدمون فرحات الذي مثّل الكرسي الرسولي في الجزائر ثم ليبيا فسلوفينيا ومقدونيا وتركيا وتركمانستان وأخيراً النمسا بين عامي 2005 و2009. وقد حرص البابا فرنسيس على تعيينه واعظاً في كاتدرائية القدّيس بطرس التي يعتبرها الكاثوليك من أكثر المواقع قداسة في الفاتيكان والعالم.
• السفير البابوي بولس منجد الهاشم الذي مثّل الكرسي الرسولي في الكويت والبحرين وقطر والإمارات واليمن والسعودية. وهو متخصّص في الصحافة والعلاقات الدولية والعلوم الاجتماعية واللاهوت والقانون الكنسي، ويتقن العربية والفرنسية والإيطالية والإنكليزية والسريانية واللاتينية واليونانية والآرامية، وكان من أبرز أساتذة الشريعة الإسلامية في جامعة لاتران البابوية، ورئيس مكتب الشؤون العامة في أمانة الفاتيكان.
• السفير البابوي بول تابت الذي لعب دوراً رئيسياً بوصفه السفير البابوي في اليونان في المصالحة بين كنيستَي روما واليونان، ورتّب الزيارة التاريخية الأولى منذ الانشقاق الكنسي عام 1054، للبابا يوحنا بولس الثاني إلى أثينا عام 2001.
منصب خارج شبكات المصالح
يطلق الفاتيكان على الوزارات وصف الدوائر، وأبرزها «دائرة الكنائس الشرقية» التي تعزّزت صلاحياتها عام 2022 لجهة التدخل الإداري والمالي في شؤون البطريركيات والرهبانيات، وتحوّلت إلى صلة الوصل الرسمية بين الكنائس الكاثوليكية في الشرق والكرسي الرسولي، مع إعطائها صلاحية الاطّلاع على المرشحين للمهام الأسقفية (المطارنة) للتأكد من أهليتهم قبل انتخابهم أو تعيينهم. وتضم الدائرة أربعة مناصب أساسية هي: رئيس الدائرة الذي يُفترض أن يكون كاردينالاً، سكرتير الدائرة الذي يُفترض أن يكون مطراناً، ومساعدان يساعدهما عدد من الآباء، يتولى كل منهم مسؤولية ملف خاص بإحدى الكنائس الكاثوليكية الشرقية. وقد جرت العادة أن يكون السكرتير شرقياً حين يكون رئيس الدائرة غربياً، والعكس صحيح. فبعيد تقاعده، عُيّن بطريرك السريان الكاثوليك موسى داود رئيساً فخرياً للدائرة، ليعيّن السفير البابوي السابق في لبنان طونيو ماريا فاليو أميناً للسر. ولاحقاً عُيّن الكاردينال ليوناردو ساندري رئيساً بين عامي 2007 و2022، وعُيّن معه المطران سيريل فازيل أميناً للسر وهو أوكراني (تقع أوكرانيا ضمن الشرق). وبعد تعيين الكاردينال كلاوديو غودجيروتي رئيساً للدائرة عام 2022، تقرر أن يكون أمين السر الأب ميشال جلخ. وسبق أن عمل غودجيروتي في هذه الدائرة بين عامي 1985 و2001 حين كان جلخ أحد الآباء الذين يُكلفون بمتابعة ملف إحدى الكنائس، ونشأت بينهما صداقة استمرت حتى بعد تعيين غودجيروتي سفيراً للفاتيكان في بريطانيا وجلخ رئيساً للجامعة الأنطونية في لبنان. ولا شك في أن هذه الصداقة بما يتبعها من تفاهمات لعبت دوراً أساسياً في تعيين جلخ أميناً للسر من دون استشارة أحد من المسؤولين في الكنائس الكاثوليكية الشرقية، فيما كانت إحدى المرجعيات الأساسية تماطل في إعطائه موعداً حتى أيام قليلة قبل تعيينه، شاكية من عدم إعطاء غودجيروتي مواعيد لها (المرجعية) ولآخرين بعد تعيينه رئيساً لدائرة الكنائس الشرقية وتحويل مراجعيه إلى جلخ قبل تعيينه رسمياً. وهو ما يقود إلى أن غودجيروتي وجلخ يعرفان بعضهما جيداً، كما يعرفان جيداً جداً الدائرة التي يتوليان مسؤولياتها، بموازاة اطّلاع جلخ على أدق التفاصيل في ما يتعلق بالتحديات التي تواجه المسيحيين في لبنان والمنطقة، إلى جانب معرفته بالأشخاص. وهو قبل بلوغه الستين (مواليد 1966) وصل إلى ما لم يسبقه إليه أي لبنانيّ أو ماروني آخر، بما يسمح له بالتصرف على أساس من لا يريد شيئاً لنفسه، بما يؤمّنه له ذلك من استقلالية، إذ إنه لا يدين لأحد أيضاً غير البابا فرنسيس وصديقه غودجيروتي بتعيينه في هذا المنصب الذي لا يقيّده بأي شبكة من شبكات المصالح، ويسمح له بتحقيق الكثير للمجموعات المسيحية في المنطقة إذا وفّق بين تصوّره والقدرات الفاتيكانية.
أبرشية نصيبين
أن يكون شخص مسؤولاً عن كنائس الشرق الكاثوليكية بوصفه رئيساً للأساقفة في أبرشية سحقتها الأحداث هو تحدّ في حد ذاته. ففي موقعه الفخري كرئيس أساقفة نصيبين، يخلف المطران ميشال جلخ المطران بطرس جواد صفير الذي توفي عام 1974. ونصيبين أكبر من قرية وأصغر من بلدة عند الحدود التركية – السورية، بين نهرَي دجلة والفرات، من الجهة التركية المتاخمة للقامشلي السورية؛ هجرها معظم أهلها بين عامي 1914 و1918 هرباً من المجازر، مخلّفين أطلال كنائس سريانية فخمة وأديرة جميلة وكبيرة، أبرزها دير مار يعقوب الأثري الذي بناه مار يعقوب النصيبيني (325 م) وكان يعلّم فيه العلوم الفلسفية واللاهوتية والطبية والرياضيات وغيرها من العلوم الإنسانية، باللغتين السريانية واليونانية، وقد أصاب الدير - المدرسة شهرة إلى حد وصف المدينة في تلك المرحلة السريانية المزدهرة بـ«أم المعارف» و«أم المعلمين». وهو ما يعطي جلخ بتعيينه من قبل البابا فرنسيس مباشرة مطراناً فخرياً لتلك الأبرشية التي لم تعد موجودة رمزية كبيرة ومسؤولية معنوية ضخمة تجاه من لا يزال موجوداً على امتداد الخارطة الشرقية المزدحمة بالأسماء الآرامية والسريانية لمدن وقرى وبلدات غادرها أهلها على عجل لأسباب مختلفة وفي مراحل زمنية مختلفة أيضاً، في ظل الإصرار على تكرار التاريخ نفسه.
**************************
افتتاحية صحيفة البناء:
مجزرة تحصد 274 شهيداً في النصيرات وتقتل 3 أسرى لاستعادة 4 أسرى
غانتس وآيزنكوت يغادران الحكومة ومجلس الحرب تعبيراً عن اليأس من النصر
المقاومة تفعّل سلاح الدفاع الجوي وتبدأ بردع الطيران الحربي من دخول الأجواء
في عملية عسكرية مشتركة أميركية اسرائيلية، شاركت فيها أسلحة البر والبحر والجو، واستخدم فيها الميناء الأميركي العائم على ساحل غزة، قام آلاف الجنود وعشرات الدبابات وعشرات الطائرات بالإغارة على مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، وتسبّبوا بمقتل 274 شهيدا وجرح أكثر من 400 من المدنيين، و تسببوا بقتل 3 من الأسرى من المستوطنين يحمل أحدهم الجنسية الأميركية، لاستعادة 4 أسرى من احدى العائلات الفلسطينية في غزة، كانت تحتجزهم منذ عملية طوفان الأقصى، وتقول بعض التقارير الاعلامية انّ العملية سبقتها تحضيرات لأسابيع بين القوات المشاركة من جهة، ومفاوضات تمّت في احدى عواصم الدول الخليجية بين مخابرات الاحتلال في جهاز الشاباك ومسؤول فلسطيني سابق وعائلات تحتجز الأسرى تمّ خلالها الاتفاق على بدل مالي لتسهيل العملية، من جهة مقابلة، والعملية التي خطفت الأضواء عن مبادرة الرئيس الأميركي التفاوضية، منحت المقاومة مزيداً من اليقين بصحة شكوكها لعدم الأخذ بنظرية النوايا الطيبة للرئيس الأميركي وضماناته الشفهية، وأهمية تمسكها بموقفها الرافض لأي اتفاق لا ينص صراحة على إنهاء الحرب والحصار وتحقيق الانسحاب الكامل من قطاع غزة.
على المسار التفاوضي توقفت واشنطن عن توصيف مبادرة رئيسها جو بايدن بالمقترح الاسرائيلي واستبداله بتوصيف مقترح الرئيس الأميركي، وهو ما دفع المقاومة للتساؤل لماذا إذن لا يتمّ ضمّ الكلام الشفهي لبايدن عن إنهاء الحرب والحصار وتحقيق الانسحاب إلى الجزء الخطي من المشروع طالما انه كله صار اقتراحاً أميركياً، وفي مجلس الأمن الدولي تواصل الممثلة الأميركية تقديم نسخ معدلة من مشروع القرار الذي تقدّمت به طلباً لدعم مشروع بايدن، آملاً بالتوصل إلى نسخة مقبولة من روسيا والصين لا تستخدمان الفيتو بوجهه، بينما حذرت حركة حماس من إصدار قرار عن مجلس الأمن قبل التوصل إلى اتفاق.
في كيان الاحتلال الخبر هو تنفيذ لعضوي مجلس الحرب في الكيان بيني غانتس وغادي آيزنكوت لتهديدهما بالانسحاب من الحكومة ومجلس الحرب، رغم المناشدات الأميركية ومحاولات رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو لهما لعدم الانسحاب، وقد رأت مصادر متابعة للوضع في الكيان أنّ هذا الانسحاب يؤكد أنّ المسار المعاكس الذي بدأ بعد طوفان الأقصى وجلب الوزيرين الى الحكومة ومجلس الحرب قد انتهى، سواء شعبياً وسياسياً لجهة اتجاهات الرأي العام الذي انقلب عن تأييد الحرب إلى معارضتها والشك بجدوى استمرارها، أو تفاوضياً وعدم الثقة بجدية نتنياهو بالتوصل إلى اتفاق تبادل الأسرى، وأن الحكومة التي مثلت المركب الآمن قبل تسعة شهور قد صارت مركباً غارقاً يفوز من يقفز منه باكراً، وقالت المصادر انه لو كان لدى الأميركيين أو لدى نتنياهو أي تصور لكيفية إنقاذ المشهد من السواد والفشل كما يروّج الاعلام لكنا رأينا غانتس اول الذين يستجيبون لمنح هذا التصور فرصة؟
على جبهة لبنان الحدودية تنتقل المقاومة الى مرتبة أعلى في مفاجآتها، وسياستها الردعية، حيث تم الكشف عن تفعيل سلاح الدفاع الجوي لدى المقاومة وقيامها بمنع طائرة حربية مقاتلة من دخول الأجواء اللبنانية، وتعقب الخطوة نجاح المقاومة بفرض سيطرة طائراتها المُسيّرة على الأجواء في شمال فلسطين المحتلة، ونجاحها بإسقاط الطائرات المُسيّرة المتطورة لجيش الاحتلال، خصوصا طائرات هرمس 900، قبل الانتقال إلى التعامل مع الطائرات الحربية، في سياق تكريس الردع لمنع التفكير بشن حرب من جانب جيش يعتمد على التفوق الجوي المفترض.
فيما شهدت الحكومة الإسرائيلية انفجاراً سياسياً مدوياً باستقالة وزراء الحرب ما سيترك تداعيات كبرى على مسار الحرب في غزة، صعّدت المقاومة في لبنان من عملياتها النوعية ضد مواقع الاحتلال في شمال فلسطين المحتلة، وكان أبرزها تصدّي وحدات الدفاع الجوي في المقاومة الإسلامية بصواريخ أرض – جو لطائرة حربية «إسرائيلية» انتهكت الأجواء اللبنانية في منطقة الجنوب وأجبرتها على الفرار والتراجع خلف الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة.
كما أعلنت المقاومة في سلسلة بيانات متلاحقة استهداف موقع الرمثا في تلال كفرشوبا اللبنانية المحتلة بالأسلحة الصاروخية وأصابته إصابةً مباشرة.
ورداً على اعتداءات العدو الإسرائيلي على القرى الجنوبية الصامدة والمنازل الآمنة وخصوصاً في بلدتي عيترون ومركبا، قصف مجاهدو المقاومة مرابض مدفعية العدو في الزاعورة في الجولان السوري المحتل وانتشار الجنود في محيطها براجمة صواريخ كاتيوشا.
ورداً على اعتداءات العدو على بلدة الخيام، شنت المقاومة هجوماً جوياً بِسرب من المسيرات الانقضاضية على مقر قيادة كتيبة المدفعية في أودم، حيث استهدفت أماكن استقرار وتموضع ضباطها وجنودها وأصابت أهدافها بدقة.
كما قصفت المقاومة موقع بركة ريشا وحاميته وتجهيزاته التجسسية بقذائف المدفعية والصواريخ الموجهة وأصابتها إصابةً مباشرة، حيث تمّ تدمير التجهيزات المستهدفة. واستهدفت التجهيزات التجسسية في موقع رويسات العلم في تلال كفرشوبا اللبنانية المحتلة بالأسلحة المناسبة وأصابتها إصابةً مباشرة، مما أدى إلى تدميرها. كما استهدف المجاهدون موقع السماقة في تلال كفرشوبا اللبنانية المحتلة بالأسلحة الصاروخية وأصابوه إصابةً مباشرة.
وتصدّت وحدات الدفاع الجوي في المقاومة الاسلامية بصواريخ أرض – جو لطائرة حربية “إسرائيلية” انتهكت الأجواء اللبنانية في منطقة الجنوب وأجبرتها على الفرار والتراجع خلف الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة.
ولفتت مصادر ميدانية لـ “البناء” الى ان “المقاومة مستمرة في عملياتها العسكرية ولديها قدرة كبيرة على تحديد الأهداف والمعلومات التفصيلية عنها وقصفها بالأسلحة المناسبة”، مؤكدة بأن “المقاومة تستطيع الوصول الى اي هدف في شمال فلسطين المحتلة وفي حال وسع العدو عدوانه ستوسّع المقاومة من عملياتها بالتناسب واكثر ولديها بنك أهداف سيفاجئ العدو”، مشددة على ان “المقاومة مستمرة في عملياتها مهما طالت الحرب في غزة كما أنها أعدت العدة لكافة السيناريوات ومنها الحرب الشاملة والمفتوحة والتي ستكون الحرب التي تحقق المقاومة في لبنان والمنطقة النصر التاريخي على العدو الاسرائيلي”.
وفي السياق نفسه، رأى عضو المجلس المركزي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق، أنّ “جبهة إسناد غزة تحقّق أهدافها وهذه المرحلة تُظهر نتائجها أكثر فأكثر”، لافتاً إلى أنّ “جبهة الإسناد تشكّل ضغطاً واسعاً وقوياً لوقف العدوان على غزة وتحصّن الأمن القومي وتُحدد مستقبل المنطقة”.
وأكد أنّ “”إسرائيل” خسرت الحرب ولن تعود إلى ما كانت عليه قبل الحرب”، وأشار إلى أنّ “جيش العدوّ يُكافح ليبقى لا ليصنع الانتصارات”، مشدداً على أنّ “المقاومة في لبنان ازدادت قوة وكمًّا ونوعاً، وقوة العدو تراجعت كمًّا ونوعاً وعلى كل المستويات”.
ولفت إلى أنّ “كثرة تهديدات العدوّ تُعبّر عن وجعه ويأسه ونتنياهو يُهدّد وهو يرتجف من بين الحرائق المشتعلة في الشمال”، مؤكداً أنّ “المقاومة أعدّت لكلّ مرحلة سلاحها ومفاجآتها”.
واعتبر أن “صاروخ ألماس تفوّق وتغلّب على القبة الحديدية الإسرائيلية وأصاب كبرياء “إسرائيل” في الصميم وغيّر الكثير من المعادلات وموازين القوى”.
بدوره أشار المفتي الشيخ أحمد قبلان في بيان الى أن ما تقوم به المقاومة على الجبهة الجنوبية يضع لبنان على رأس لائحة المفاخر الوطنية والسياديّة، على أمل أن ننتهي مِن تسوية رئاسية تحفظ العيش المشترك وتليق بعظمة السيادة الجنوبية وتضحياتها.
ورأى أن الخلاف السياسي ممكن لكن الخلاف السياديّ عار، وموقفنا من التسوية الرئاسية يرتبط بحماية القرار الوطني عبر تسوية رئاسية، لأنّ أصابع واشنطن موجودة بشدّة والإنكار لا يغيّر الحقيقة، وتجب حماية البلد من السرطان الأميركي الذي يعمل على إبادة السيادة الوطنية والمصالح اللبنانية، وبهذا المجال حماية ظهر المقاومة أكبر واجب وطني على الإطلاق، وبالموضوع السياديّ حركة أمل وحزب الله أُمّ الصبي، ولولا حركة أمل وحزب الله ولولا انتفاضة 6 شباط وما تلاها لكان البلد اليوم أشبه بمستعمرة صهيونيّة.
وحضر الملف اللبناني بشقيه الحدودي والرئاسي في القمة الفرنسية – الأميركية التي عقدت في باريس السبت الماضي بين الرئيسين الفرنسي ايمانويل ماكرون والأميركي جو بايدن، في أعقاب إحياء ذكرى إنزال النورماندي.
ونقلت جهات صحافية عن مصادر دبلوماسية مطّلعة أن الرئيسين اللذين اجتمعا في قصر الايليزيه بحثا في مسألتي الحدود والرئاسة وان باريس وواشنطن تنسّقان منذ أشهر في هاتين النقطتين، في الخماسية، وايضاً عبر الموفد الرئاسي جان ايف لودريان والمبعوث الأميركي اموس هوكشتاين، وقد باتتا في الآونة الأخيرة على الموجة ذاتها تقريباً.
وأوضحت المصادر انه يمكن الحديث عن ترابط بين الحل الرئاسي الذي يسعى اليه لودريان والخماسية، والحدودي الذي يعمل من اجله هوكشتاين، بما ان انتخاب رئيس ضروري لمواكبة “التسوية البرية”.
وأعلن لودريان أنه زار الفاتيكان أمس الأول، أي عشية القمة الرئاسية بين ماكرون وبايدن. وقال عبر “اكس”: كنتُ في الفاتيكان كمبعوث شخصيّ لرئيس الجمهورية الفرنسية لمناقشة موضوع لبنان مع الكاردينال بارولين، وزير خارجية الكرسي الرسولي ومع المونسنيور بول ريتشارد غالاغير، أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان للعلاقات مع الدول.
وفي المواقف الداخلية اشار البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، في عظته خلال قداس الاحد الى ان “شعبنا يصلي من أجل خلاص لبنان من الحرب وانتخاب رئيس هو الضامن الوحيد للدستور”. وشدّد الراعي على أنه “لا يمكن التلاعب بلبنان بعدم انتخاب رئيس، لأن ذلك يضرب ميثاقية العيش المشترك فمقدّمة الدستور تنص على أن لا شرعية لأي سلطة تناقض العيش المشترك فيا ليت المسؤولين عندنا يضعون قضية لبنان فوق كل اعتبار”.
وأطلق رئيس تيار المردّة سليمان فرنجية سلسلة مواقف بارزة من القضايا المطروحة على الساحة وقال خلال الاحتفال بالذكرى الـ 46 لـ 13 حزيران 1978، “إن الأزمة السياسية في لبنان لن تحلّ إلّا بحل مشاكل المنطقة، وفي لبنان تعلّمنا أن التسوية بالإجمال تأتي من الخارج وتترجم بالمعادلة الداخلية، والاحتمالات المطروحة للتسوية هي بنظرنا ثلاثة: اما ان يخسر فريقنا لا سمح الله، او ينتصر أو تنتهي تقريباً على قاعدة “لا غالب ولا مغلوب”، مع ان احتمال انتصار فريقنا هو المرجّح، الا ان فريقنا لن يقبل أن تنعكس التسوية بالداخل على قاعدة “غالب ومغلوب” لأن فريقنا لا يقبل إلغاء أحد”.
واعتبر فرنجية أن التسوية تعني أن كل فريق يختار من عنده أفضل الأسماء، ولا تكون على حجم أحد بل على حجم البلد، ولا يكون هناك “ڤيتو” على احد، وبالتسوية لا احد قادر على الغاء احد، ولكن كلما شاركنا كلبنانيين بالتسوية نحدّ كثيراً من تأثير الخارج فيها، ويمكن اليوم لم تنضج بعد ظروف التسوية، ولكن لسنا بعيدين عنها.
وشدد على أن “المطروح اليوم خياران سياسيان بالبلد، فإما ان نذهب الى الحوار ونتوافق على سلة متكاملة تحفظ حقوق الجميع، وإما الذهاب الى جلسة انتخاب على أساس الخيارين، والسؤال اليوم لماذا لا يترشح كلّ من يمثل اليوم الاتجاهات السياسية الكبيرة عند المسيحيين؟ ونذهب الى جلسة انتخاب الرئيس ونهنئ الفائز؟”.
وتابع “بكل إيمان وثقة اقول للمسيحيين واللبنانيين بان التسوية مقبلة وأصبحت قريبة جداً ولا لزوم للخوف واليأس”.
الى ذلك افادت مصادر اعلامية أن “رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل يسعى الى استقطاب عدد من الكتل على رأسها اللقاء الديمقراطي والاعتدال والمستقلين في محاولة ليصل عددهم إلى 65 نائباً بهدف تخطي الأسماء المطروحة على رأسها فرنجية”.
وذكرت مصادر كتلة الاعتدال أننا “نستبعد نجاح مبادرة باسيل على اعتباره طرفاً وليس وسطياً أو حيادياً، خصوصاً أنه لا يزال من محور المقاومة وهو يختلف معه فقط على ملف رئاسة الجمهورية”.
ولفتت الى أنه “في حال عدم التوافق على التشاور تعوّل الكتلة على اتفاق المسيحيين على لائحة من الأسماء الرئاسية وتعمل حينها من خلال دورها الوسطي على تأمين إجماع وطني أو توافق على أحد الأسماء المدرجة”، مضيفةً أن “الجواب على مبادرة باسيل يتلخص بالتعويل على التوافق من خلال التشاور للوصول الى انتخاب رئيس لا يعارضه الثنائي الشيعي ولا الثنائي المسيحي”.
من جهته قال رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، في تصريح له بعد لقائه البطريرك الراعي، “إننا نقوم بجهد للتوافق على رئيس توافقي بناء على شرطين: بناء الدولة وحماية لبنان وهؤلاء الاشخاص موجودون إذا كنا فعلاً نريد انتخاب رئيس”.
تابع :”فلنضع الشكليات جانباً، إذا كانت هناك نتيجة مضمونة من موضوع الجلسات والدورات المتتالية يجب أن نسهّل لا أن نصعّب، وهناك فريقان يعطلان ويجب سحب الذرائع وأوجه دعوة جديدة للقوى المعنية وعلى رأسها المسيحيون ليوحّدوا موقفهم».
وقال: “نحن سنتواصل مع الجميع لطرح ورقة بأفكار محددة اذا التزمنا بها تكون لدينا فرصة جدية لجلسات انتخاب فعلية، والخوف ليس من الأعراف الجديدة لأننا نسقطها بعدم اعتبارها عرفاً… فالعرف الأخطر هو استسهال الفراغ الرئاسي، وبكل الاحوال التنافس الديموقراطي يبقى افضل من الفراغ ويجب فصل ملف الرئاسة عن اي معطى آخر خارجي او داخلي”.
***************************
افتتاحية صحيفة النهار
ماكرون وبايدن يستنفران الجهود لحلٍّ لبناني مزدوج
باريس – رندة تقي الدين
شكل الحيّز اللبناني من القمة الفرنسية – الأميركية التي جمعت الرئيسين إيمانويل ماكرون وجو بايدن في قصر الإليزيه في باريس السبت الماضي، مؤشراً بارزاً الى تقدم الملف اللبناني في أولويات الدولتين لا سيما لجهة الموازاة والتساوي بين السعي الى منع الحريق الإقليمي من الامتداد الى لبنان والإلحاح على انتخاب رئيس للجمهورية، وهو أمر بالغ الدلالات لجهة اقتران الجهود المشتركة للتوصل الى حل مزدوج للملف اللبناني بهذين الشقين.
وحفاوة استقبال الرئيس ماكرون وزوجته بريجيت لـ”الصديق” الأميركي وزوجته جيل، عكست رغبة فرنسية في التنسيق والعمل على ملفات عدة من بينها #الشرق الأوسط والحرب ال#إسرائيلية على #غزة وأيضاً الملف اللبناني. وأكدت خريطة العمل الفرنسية – الأميركية بشأن الشرق الأوسط ولبنان هذا التوجه، إذ دعا الرئيسان إلى وقف اطلاق نار فوري في غزة مع تحرير جميع الرهائن، وأعربا عن قلق بالغ من الوضع الإنساني في غزة، داعيين إلى توزيع واسع للمساعدات الإنسانية وفتح كل المعابر لدخولها. وأكد ماكرون أنه يدعم خطة بايدن لوقف الحرب في غزة.
أما في خصوص لبنان، فأهم ما جاء في خريطة الطريق المشتركة أن “حماية استقرار لبنان ونزع التوترات على #الخط الأزرق لهما أهمية قصوى للبلدين اللذين يعملان معاً من أجل ذلك، ويدعوان جميع الأطراف إلى ممارسة أكبر قدر من ضبط النفس والمسؤولية في اطار احترام قرار مجلس الأمن 1701 وتنفيذه”.
وفي الموضوع اللبناني أيضاً، أكدت #فرنسا و#الولايات المتحدة “الضرورة الملحة لإنهاء الفراغ الرئاسي المستمر منذ 18 شهراً وانتخاب رئيس للجمهورية من دون انتظار، وتشكيل حكومة وتنفيذ إصلاحات ضرورية لتحقيق استقرار الاقتصاد اللبناني وإرساء اسس التعافي والنمو الاقتصادي الشامل للبلد”.
أما بالنسبة إلى #إيران، فالتزمت خريطة الطريق المشتركة “زيادة الضغط على هذا البلد من أجل إزالة نشاطاته التي تزعزع استقرار المنطقة والتصعيد النووي فيها، ووقف مساعدته روسيا في حربها على أوكرانيا وحضّ ايران على التعاون مع وكالة الطاقة الذرية”. وأعربا في هذا الاطار عن استعدادهما لتبني عقوبات جديدة على ايران لمنعها من تحويل الصواريخ الى روسيا، كما أعربا عن القلق البالغ من “خرق إيران حقوق الإنسان، ومن بينها حقوق المرأة والأقليات”، ويطالبانها بإنهاء “الاعتقالات التعسفية”.
فرصة للانتخاب ؟
وقالت مصادر رفيعة المستوى لـ”النهار” إن باريس ترى أن ثمة فرصة متاحة الآن للتوصل الى اتفاق بشأن الانتخاب الرئاسي في لبنان، خصوصاً في ضوء اجتماع المبعوث الرئاسي جان إيف لودريان مع رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري ورئيس كتلة نواب “الحزب” محمد رعد، مستدركة بأن جواب الاثنين كان بمثابة موافقة مبدئية على اجراء انتخاب مع نوع من التحفظ (oui mais) وبأن الجانبين الأميركي والفرنسي سيستمران في دفع المسار حتى يتم الانتخاب.
وأفادت المصادر أن عودة لودريان الى لبنان ليست مطروحة حالياً، ومن المنتظر أن يتم التطرق إلى هذا الملف في باري في إيطاليا على هامش قمة مجموعة السبع من 13 حزيران (يونيو) الجاري إلى 15 منه، إذ من المتوقع حضور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
وتوقعت المصادر أن يلتقي ماكرون بن سلمان في حال حضوره، وسيثير معه الملف اللبناني، إذ أن فرنسا والولايات المتحدة تعوّلان على اهتمام السعودية بالملف الرئاسي اللبناني.
لكن المصادر لفتت في هذا السياق إلى أن مزيداً من الضغوط الأميركية والأوروبية على إيران قد يهدد إمكان انتخاب رئيس أو وقف القصف من الجنوب اللبناني على المواقع والمستوطنات الإسرائيلية، لأن إيران تستخدم ورقة حلفائها في إطار مواجهة الضغوط الغربية عليها.
لودريان وهوكشتاين
وبعدما كشف المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان أول من أمس عن قيامه بزيارة للفاتيكان خصصت للبحث في الملف اللبناني، عُلم أن لودريان أجرى بعد عودته من بيروت اتصالاً بالفيديو من باريس مع المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين لوضعه في صورة مشاوراته في لبنان وكان ذلك قبيل القمة الأميركية الفرنسية التي جمعت الرئيسين ماكرون وبايدن. كما أجرى هوكشتاين اتصالاً بالمسؤولين عن الملف في الرئاسة الفرنسية آن كلير لوجندر المستشارة للشرق الأوسط وشمال إفريقيا والسفير إيمانويل بون رئيس المستشارين في الاليزيه الذي شارك إلى جانب رئيسه في أعمال القمة مع بايدن. وهدف الاتصالات بهوكشتاين كان وضع الرئيس بايدن قبل القمة الفرنسية – الأميركية في صورة الملف اللبناني بالنسبة إلى الحرب القائمة في الجنوب وبالنسبة للملف الرئاسي. وعلمت “النهار” أن الجانب الفرنسي اعتبر أن هناك نوعاً من الانفتاح لدى “الحزب” استناداً إلى أنه أكد للمبعوث الفرنسي أن الحزب لا يربط بين الانتخاب الرئاسي وحرب غزة ولكنه يريد ان يكون هنالك حوار يقوده رئيس مجلس النواب نبيه بري.
واكدت المصادر أن الفرصة التي يتحدث عنها لودريان لانتخاب رئيس سببها أن هناك اموراً تتحرك على هذا الصعيد مع مبادرة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي تيمور جنبلاط وأن هناك شعوراً لدى الجميع بضرورة انتخاب رئيس، ولكن ما يحول دون التوصل الى نتيجة حالياً هو أن “الحزب” لا يريد رئيساً يزعجه بالنسبة إلى حربه مع إسرائيل، ومن الجانب الآخر فإن المعارضة لا تريد رئيساً قريباً جداً من “الحزب”، فالمعادلة ما زالت معقدة. وأكدت المصادر أن لودريان لن يزور حالياً لبنان ولكنه سيتصل بممثلي المجموعة الخماسية وفرنسا تتشاور باستمرار مع الجانب السعودي، وإذا شارك ولي العهد في قمة مجموعة السبع سيحضر ملف لبنان بين ماكرون وولي العهد السعودي. ونفت المصادر ما تردد في الاعلام اللبناني من أن لودريان طالب المرشح سليمان فرنجية بسحب ترشيحه .
تشابك الوساطات
ومع أن البيان الفرنسي- الأميركي المشترك في شأن الملف اللبناني أرخى ذيولاً مهدئة على المشهد الداخلي في لبنان، فإن ذلك لم يحجب تصاعد معالم التشابك في الوساطات والمبادرات الخارجية والتحركات الداخلية في شأن الملف الرئاسي بما يتسبب بمزيد من الإرباكات والتعقيدات ولا يوفر تسهيلاً لمسارات الحلول. وقد انضم في الساعات الأخيرة رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل إلى التحركات الداخلية في حين لم ينه بعد “اللقاء الديموقراطي” والحزب التقدمي الاشتراكي تحركه الرئاسي، كما تتصاعد معالم تهيئة لتحرك قطري متجدد من خلال الزيارات التي تقوم بها وفود حزبية لبنانية للدوحة بناء على دعوات قطرية.
وتستبعد أوساط على صلة بمجمل هذه الوساطات والتحركات أن يكون “محركاً” واحداً يحفزها على التحرك بما يوحي بان ثمة فرصة حقيقية متاحة لحصول اختراق في جدار الأزمة الرئاسية، بل ان مجمل المعطيات تشير إلى أن لا توقعات متفائلة باقتراب أي اختراق وجلّ ما يجري راهناً هو ملء فراغ المرحلة قبل أن تتعقد الأوضاع أكثر مع خطر تصعيد المواجهات الميدانية في الجنوب كما مع بداية الاشهر الساخنة للانتخابات الرئاسية الأميركية في مطلع الصيف.
وعشية استقباله للنائب جبران باسيل اليوم في عين التينة وزع تصريح صحافي لرئيس مجلس النواب نبيه بري اكد فيه “ألا عودة عن التشاور كشرط لدعوة النواب لجلسة لانتخاب رئيس للجمهورية”. وأضاف “أقول لمن يعنيهم الأمر إن التشاور هو الممر الإلزامي لإنجاز الاستحقاق، وإنه لا بد منه أولاً وثانياً وثالثاً، وأحد عشر كوكباً. وذرائع البعض في رفضه للتشاور ليست في مكانها، وإلا فما هو السبيل لإخراج انتخاب الرئيس من الدوران في حلقة مفرغة، في حين يتمسك البعض بموقفه ولا يبدي استعداداً لتسهيل العملية الانتخابية؟”.
وفي مناسبة احياء الذكرى الـ46 لمجزرة اهدن ألقى رئيس تيار المردة سليمان فرنجية كلمة غلب عليها الطابع التصالحي في ملف الرئاسة كما بالتشديد على تمسك المسيحيين واللبنانيين باتفاق الطائف. واعتبر أن ثمة خيارين سياسيين مطروحين، فإما نذهب الى الحوار ونتوافق على سلة كاملة تحفظ حقوق الجميع، وإما نذهب الى جلسة انتخاب على أساس هذين الخيارين. واذا ذهبنا الى الاحتمال الثاني فأنا اجدد طرحي وهو ترشح كل الذين يمثلون الاتجاهات السياسية الكبرى عند المسيحيين وننزل الى جلسة انتخاب الرئيس ونهنئ من يربح.
وشدد فرنجية على وجوب أن يتمسك جميع اللبنانيين لا سيما منهم المسيحيين بكل جدية باتفاق الطائف لأن أي مسّ به سيكون مساً بحقوق المسيحيين وضرباً لصيغة العيش الواحد في لبنان.
***************************
افتتاحية صحيفة نداء الوطن
واشنطن تستعجل الرئاسة والرياض متأنّية
باسيل يُهدي بري الحوار… فيتشدّد وتيمور يُلاقي المعارضة رفضاً لفرنجية
يمضي رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل في مبادرة حوارية استهلها أمس في بكركي وتشمل اليوم عين التينة. وتعتبر هذه المبادرة الثالثة خلال أشهر، بعد تحرك مماثل لتكتل «الاعتدال» النيابي، ثم مبادرة «اللقاء الديموقرطي» برئاسة النائب تيمور جنبلاط الذي سيزور اليوم رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل، وبعض الكتل النيابية.
ووفق معلومات «نداء الوطن»، قرّر باسيل التمايز عن أطراف المعارضة التي رفضت دعوة بري الى الحوار، لأنها تشكل سابقة غير دستورية. وهو سيعلن موافقته على هذه الدعوة خلال استقبال بري له اليوم على رغم محاولته التنبيه من هذه السابقة التي تتصل بانتخابات الرئاسة الاولى.
وكان لافتاً أنّ بري استبق تحرك باسيل، فأكد في تصريح صحافي ينشر اليوم أن لا عودة عن التشاور كشرط لدعوة النواب الى جلسة لانتخاب رئيس الجمهورية. وقال: «أقول لمن يعنيهم الأمر إنّ التشاور هو الممر الإلزامي لإنجاز الاستحقاق، وإنه لا بدّ منه أولاً وثانياً وثالثاً، وأحد عشر كوكباً… وذرائع البعض في رفضه التشاور ليست في مكانها، وإلا فما هو السبيل لإخراج انتخاب الرئيس من الدوران في حلقة مفرغة، في حين يتمسك البعض بموقفه ولا يبدي استعداداً لتسهيل العملية الانتخابية؟».
وعلمت «نداء الوطن» أنّ أوساط الثنائي الشيعي أكدت أنّ التشاور أو الحوار أياً تكن التسمية، لن يغيّر موقفه إذا تبيّن أنّ جلسة الانتخاب ستؤدي الى فوز مرشح غير رئيس «تيار المرده» سليمان فرنجية. وسيعمد الثنائي الى تعطيل نصاب الجلسة في الوقت المناسب.
وفي السياق نفسه، أبلغ النائب تيمور جنبلاط في اتصالاته الأسبوع الماضي أنه حاسم في عدم تأييد فرنجية لرئاسة الجمهورية.
وأتت هذه المعلومات لتؤكد اتساع رقعة المعارضة لوصول مرشح الثنائي الشيعي الى قصر بعبدا، بالتزامن مع مواقف جديدة لفرنجية الذي أعلن أمس خلال الاحتفال بالذكرى الـ 46 لـ 13 حزيران 1978( مقتل والده) أنّ جده الرئيس الراحل سليمان فرنجيه «ما كان الأقوى مسيحياً عام 1970، ومن كانت لديه الأكثرية الشعبية حينها الشيخ بيار الجميل والرئيس كميل شمعون، ومع ذلك انتخب النواب سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية». واستناداً الى ما أورده قال: «إذا اردنا الاستمرار في نظرية الرئيس عون و»التيار الوطني الحر» يجب أن يكون رئيس «القوات» سمير جعجع المرشح الطبيعي لـ»التيار» للرئاسة». واقترح النزول الى مجلس النواب للاقتراع على أساس خياريْن، أحدهما هو (كما المح) والثاني جعجع.
وفي الاطار نفسه، علمت «نداء الوطن» أن الاجتماع الذي جمع امس البطريرك مار بشارة بطرس الراعي وباسيل تمحور حول نقاط المبادرة التي يطلقها باسيل حيث شرح للراعي الاهداف وطريقة العمل، وركز على عدم استثناء أحد والحديث مع الجميع. والأهم هو عدم الدخول في اصطفافات جديدة او استغلال اي فريق للمبادرة من اجل فرض مرشحه. وكان اتفاق على ان الخيار الثالث اصبح الوحيد على الساحة، ومن الممكن ان يسهل اتفاق القوى المسيحية على المرشحين عملية انتخاب رئيس، فلا يجوز ان ينتخب رئيس من دون حصوله على دعم القوى المسيحية.
وفي حين حاول باسيل اقناع الراعي بعدم معارضة ترؤس بري لجلسات الحوار اذا كانت ستترافق مع دورات متتالية او انتخاب رئيس، ظل الراعي على موقفه الرافض لتكريس اعراف جديدة ومؤكداً ان الدستور واضح وهو ينص على الانتخاب وفق آليات حددها.
وفي الخلاصة تمنى الراعي التوفيق لباسيل في جولته الجديدة على ان يضعه في الصورة عندما ينتهي من جولته.
وتشير المعلومات الى أنّ الاتصالات الخارجية المتعلقة بالاستحقاق الرئاسي، كشفت عن توجه أميركي يستعجل إنجاز الاستحقاق. لكن المملكة العربية السعودية التي تشارك في عضوية اللجنة الخماسية الى جانب واشنطن بدت متأنية. وتبيّن أنّ هذا التوجه السعودي يماثل توجه فريق وازن من نواب السنّة.
***************************
افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط
لبنان أمام زحمة مبادرات رئاسية
بري لـ«الشرق الأوسط»: التشاور أولاً وثانياً وثالثاً قبل الدعوة لجلسة انتخاب
بيروت: محمد شقير
يقف لبنان حالياً أمام زحمة من المبادرات السياسية، بعد أن انضم إليها مؤخراً رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل. وتأتي هذه المبادرات في سياق المحاولات الرامية لإخراج انتخاب رئيس الجمهورية من المراوحة القاتلة، لعلها تعيد فتح الأبواب لإحداث خرق لا بد من التعويل عليه لمنع تمديد تعطيل انتخاب الرئيس، استجابة لدعوة المجتمع الدولي للكتل النيابية لإنهاء الشغور الرئاسي، الذي من شأنه أن يعيد إدراج لبنان على لائحة اهتمامه، كشرط لمساعدته للعبور به إلى مرحلة التعافي الاقتصادي والتهيُّؤ لمواجهة التحديات في المنطقة، مع احتمال إعادة النظر في الخريطة السياسية الإقليمية، لئلا تأتي التسوية على حسابه.
بري: ممر إلزامي
فتحريك الملف الرئاسي برافعة لبنانية، يتطلع من خلالها النواب لتبرئة ذمتهم من تعطيل انتخاب الرئيس، سيبقى مرهوناً بالخلاف بين المعارضة ورئيس المجلس النيابي نبيه بري حول مَنْ يدعو للتشاور ويرعاه ويترأس جلساته، مع تأكيد بري لـ«الشرق الأوسط» أن لا عودة عن التشاور كشرط لدعوة النواب لجلسة لانتخاب الرئيس. وأضاف: «أقول لمن يعنيهم الأمر إن التشاور هو الممر الإلزامي لإنجاز الاستحقاق، وإنه لا بد منه أولاً وثانياً وثالثاً، وأحد عشر كوكباً… وذرائع البعض في رفضه للتشاور ليست في مكانها، وإلا فما هو السبيل لإخراج انتخاب الرئيس من الدوران في حلقة مفرغة، في حين يتمسك البعض بموقفه ولا يبدي استعداداً لتسهيل العملية الانتخابية؟».
وسأل بري: «أين هي مصلحة لبنان في انقطاع البعض عن التواصل الذي يمكن أن يوصلنا إلى توافق حول اسم الرئيس، في ظل الانقسام السياسي الذي بلغ ذروته، وتصاعُد المواجهة جنوباً؟»، مبدياً ارتياحه للبيان الذي صدر عن القمة التي عُقدت بين الرئيسين الفرنسي إيمانويل ماكرون والأميركي جو بايدن حول التهدئة في الجنوب.
تقاطع الظروف
وعليه، فإن زحمة المبادرات والتحركات لن تحقق أي تقدم لتعبيد الطريق سياسياً أمام انتخاب الرئيس، الذي لا يعود إلى الهوة القائمة بين المعارضة وبري حول التشاور، وإنما ربما لعدم نضوج الظروف الخارجية لانتخابه، ما يعني أن تقطيع الوقت لملء الفراغ سيبقى قائماً إلى أن تتقاطع الظروف المحلية والخارجية على ضرورة إنهاء الشغور الرئاسي، علماً أن الحديث عن استعداد قطر لإطلاق مبادرة رئاسية ليس في محله، والتحرك القطري يأتي تحت سقف السعي لمنع إسرائيل من توسعة الحرب جنوباً، كما يقول مصدر نيابي بارز لـ«الشرق الأوسط».
وكشف المصدر أن الجهد القطري ينصب على تهدئة الوضع في الجنوب؛ كونه أكثر من ضروري لتهيئة الأجواء السياسية لتطبيق القرار «1701»، وأن الوسيط الأميركي أموس هوكستين سيحضر فوراً إلى بيروت بعد 24 ساعة على وقف إطلاق النار في غزة، سعياً لتطبيقه.
باسيل نحو الوسطية؟
لذلك، فاستعداد باسيل لإطلاق مبادرته الرئاسية لا يزال في طور الإعداد والتأسيس لها، رغم أنه يبدي استعداده للاستدارة في تموضعه السياسي نحو الوسطية، وهذا ما أبلغه إلى النواب الأعضاء في كتلة «الاعتدال الوطني» عندما استضافهم الأسبوع الماضي إلى مائدته في دارته في اللقلوق، من دون أن يدخل معهم في التفاصيل أو في أسماء المرشحين للرئاسة، باستثناء استبعاده لرئيس تيار «المردة» النائب السابق سليمان فرنجية من السباق الرئاسي، في موقف غلب عليه التشدُّد ويتعارض مع تبني الثنائي الشيعي («الحزب» و«حركة أمل») لترشيح فرنجية.
ومع أن باسيل حرص على أن يفتتح تحركه بحثاً عن تسوية رئاسية بلقاء البطريرك الماروني بشارة الراعي، على أن يدشنه الاثنين بلقاء يجمعه برئيس المجلس النيابي نبيه بري، فإنه ينطلق في تحركه بالتموضع في منتصف الطريق بين محور الممانعة والمعارضة التي كان تقاطع معها على ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور في وجه المرشح فرنجية، وكأنه يقول إنه على استعداد لطي صفحة تقاطعه في هذا الخصوص.
«تطبيع سياسي»
ويحاول باسيل في لقائه ببري أن يستكشف الأجواء، وإنما هذه المرة على قاعدة تعبيد الطريق أمام دخوله في تطبيع سياسي معه، ولو من موقع الاختلاف حول ترشيح فرنجية.
وتستبق مصادر نيابية بارزة لقاء بري – باسيل بتسجيل ارتياحها لمواقف الأخير، وإن كانت تتريث في إطلاق أحكامها النهائية إلى ما بعد انتهاء الاجتماع، ليكون في وسعها أن تبني على الشيء مقتضاه، خصوصاً أنه لا يعترض على التشاور برعاية بري، وإن كان يشترط توفير الضمانات لإعادة فتح أبواب البرلمان أمام انتخاب رئيس للجمهورية.
ويحاول باسيل أن يربط حراكه السياسي بدعوة القوى المسيحية للتوافق على مرشح لرئاسة الجمهورية، رغم أن مصادر في المعارضة تؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن دعوته للتوافق تهدف إلى توفيره للغطاء السياسي الأوسع لتحركه نحو بري؛ لأن ما يهمه هو التوصل إلى تسوية بالتفاهم معه، من شأنها أن تؤمن الاستمرارية للإرث السياسي لرئيس الجمهورية السابق ميشال عون، الذي أطلق يده في الإجراءات التي يتخذها لـ«تنظيف» (بالمعنى السياسي للكلمة) «التيار الوطني» من خصومه.
كسب ود «الثنائي الشيعي»
ومع أن أحداً لا يتنكر لدور «التيار الوطني» في انتخاب الرئيس، فإن باسيل يتصرف حالياً في مقاربته للملف الرئاسي، كما تقول المصادر في المعارضة، على أساس كسب ود الثنائي الشيعي تحسباً لدوره في المستقبل، بعد أن أظهرت الانتخابات النيابية الأخيرة أن تحالفه معه كان وراء تكبير كتلته النيابية. لكن لا بد من السؤال عمّا إذا كان تحرك باسيل سينتهي إلى تقطيع الوقت على غرار ما انتهت إليه مبادرة كتلة «الاعتدال» التي ستعاود تحركها، في حين يواصل «اللقاء الديمقراطي»، برئاسة تيمور جنبلاط، مسعاه لإخراج انتخاب الرئيس من المراوحة، وهو سيلتقي اليوم رئيس حزب «الكتائب» سامي الجميل، على أن يتحدث رئيسه النائب تيمور جنبلاط عن خلاصة ما توصل إليه تحركه، علماً أن اللقاء الذي جمعه برئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع تمحور حول ضرورة خفض منسوب التوتر بينه وبين بري؛ لما لذلك من دور في التوصل إلى تسوية، ما يستدعي ضرورة التهدئة على جبهة عين التينة – معراب، في ضوء قول جعجع إن «الجرّة لم تنكسر مع بري».
**********************
افتتاحية صحيفة اللواء
اختبار قوة بين الحزب والاحتلال تحت مظلة ضبط النفس الدولية
فرنجية يكرّس القطيعة مع باسيل ولمنافسة مع جعجع.. والأليزيه ينشغل بالانتخابات التشريعية
تحت مظلة ضبط «النفس الدولية» وعدم انهيار الاستقرار في لبنان، في ضوء البيان الفرنسي- الأميركي، شهد الجنوب، نوعاً من اختبار القوة بين الحزب وجيش الاحتلال في ضوء تداعيات الهجمات في غزة، والتفكك الحاصل في مجلس حرب بنيامين نتنياهو.
وبعد القمة التي عقدت في الاليزيه بين الرئيسين ايمانويل ماكرون وجو بايدن، قال ماكرون: إن فرنسا والولايات المتحدة ستكثفان جهودهما لتجنب تفاقم الصراع في الشرق الأوسط، مع إعطاء الأولوية لتهدئة الوضع بين إسرائيل و الحزب.
وأضاف ماكرون في بيان مشترك مع نظيره الأميركي جو بايدن الذي يزور فرنسا: «إننا نضاعف من جهودنا لتجنب انفجار الوضع في المنطقة، ولا سيما في لبنان».
وذكر ماكرون أن الجانبين يعملان على «تحسين» الوضع لخفض حدة التوتر وإنهاء الفراغ المؤسسي في لبنان.
وقال ماكرون إن البلدين وضعا آلية «تنسيق وثيقة» في المناقشات «مع إسرائيل من جهة ومع لبنان وجميع الأطراف المعنية من الجانب الآخر».
وقبل ان يهضم اللبنانيون مندرجات البيان الفرنسي- الاميركي حول لبنان، لجهة ضبط النفس جنوباً، والانصياع الى القرار 1701، والسعي الى انهاء الشغور الرئاسي كمقدمة لاعادة النشاط الاقتصادي وتثبيت دعائم الدولة،دفع رئيس تيار المردة، وهو المرشح الرئاسي، المدعوم من «الثنائي الشيعي» (امل والحزب) بالموقف خطوات الى الامام، فبرز كشخصية مسيحية مارونية، ذات جذور في المشهد التاريخي الرئاسي للبلد لمرحلة ما قبل الطائف، وبرز ايضا كصاحب مشروع لحماية الوحدة والتنوع وتطبيق، اتفاق الطائف وتعديل ما يلزم من تعديلات ادارية عليه، كما برز كلاعب سياسي، كان هدفه تسجيل نقطة او نقاط في ملعب رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، الذي يتحرك تحت اجنحة الليل ، وضوء النهار، لإبعاد فرنجية عن الرئاسة الاولى.
وفي السياق وصفت مصادر سياسية حركة باسيل، التي يطلق عليها مبادرة جديدة لحل ازمة الانتخابات الرئاسية، بأنها ليست سوى محاولة مكشوفة، تهدف الى التشويش والالتفاف على مبادرة كتلة اللقاء الديموقراطي بداية، وقطع الطريق عليها، قبل ان تشق طريقها، الى الامام ولو ببطء شديد، انطلاقا من العلاقة الجيدة، التي تربط رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وثانيا، ابراز الوزن السياسي للتيار الوطني الحر في الخارطة السياسية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وتلميع صورة رئيسه جبران باسيل.
وكشفت المصادر ان تحديد بداية اللقاءات التي يعقدها باسيل مع بري ، يعتبر بمثابة تشويش على مبادرة اللقاء الديموقراطي وعلى جنبلاط شخصيا، في حين ان تحديد موعد مع رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل، مع تجمع نواب ٣١ نائبا وبينهم نواب من القوات اللبنانية، معناه، تجنب باسيل اللقاء مع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع.
وقالت مصادر سياسية مطلعة لـ «اللواء» أن الحراك الرئاسي الذي انطلق به التيار الوطني الحر من بكركي، لا يهدف إلى الوقوف بوجه أي حراك آخر أو حتى للإلتفاف عليه أشارت إلى أنه يقوم على محور واحد وهو جلسات الانتخاب، ملاحظة أن التيار لن يُقدم على وضع خيار بالأسماء كمرحلة أولى. اما الاجتماع مع القوات اللبنانية،فليس واضحا ما إذا كان يتم من خلال وفد التيار إلى معراب، معلنة أن الحراك لا يزال في أوله، في حين أن حراك الاشتراكي ينتظر أن تظهر نتائجه..
اما بالنسبة إلى دخول قطري في هذا الملف، فإن المصادر أوضحت أن القطريين لم يسحبوا يدهم من الملف أبدا وما من مبادرة جديدة لاسيما أن مسعى الاشتراكي لم ينتهِ بعد.
وتوقع مصدر دبلوماسي ان تستغل الادارة الفرنسية المعركة الانتخابية المقبلة في ضوء تراجع حزب ماكرون وتقدم اليمين في الانتخابات وهذا من شأنه ان يُبقى الحركة الدبلوماسية في ما خص التسوية الرئاسية في لبنان.
وأهمية موقف فرنجية انه اتى لمناسبة احياء الذكرى الـ46 لمجزرة اهدن، التي ذهب ضحيتها والده النائب طوني فرنجية ووالدته وشقيقته، والمتهم بها رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع، عندما كان مقاتلاً في حزب الكتائب اللبنانية من ضمن القوات اللبنانية التي نفذت الهجوم ضد قصر آل فرنجية.
كما أتت مواقف فرنجية في خضم مبادرة او تحرك اطلقه رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل امس من بكركي، وسيقوده اليوم الى عين التينة للقاء الرئيس نبيه بري، بعد ان يكون التقى بوفد من اللقاء الديمقراطي، ليصوب لرئيس التيار «لكلمات سياسية ورئاسية»، الامر الذي يطرح البحث عن مستجدات العلاقة المقطوعة بين الرجلين، والتي قد تذهب الى خط اللاعودة، مع استثناء فرنجية من حركة التيار، او رفض فرنجية اللقاء مع باسيل تحت اي عنوان او مناسبة.
وحسب المصادر السياسية ذات الصلة، فإن فرنجية، اجهض مبادرة باسيل، في مهدها» مع الاشارة الى ان رئيس التيار يتحرك بين كتلة الاعتدال واللقاء الديمقراطي لجمع ما يمكن اعتباره كتلة قوية، لا تقل عن65 نائبا تحمل مشروع ترجيح الخيار الثالث، بإبعاد فرنجية عن الرئاسة، او حتى عن معركة الرئاسة.
وفي السياق، اعتبر فرنجية ان جعجع، بمنطق التيار الوطني الحر «الأكثر تمثيلا في بيئته» يستحق ان يكون مرشح التيار، ويتبنى التيار العوني ترشيحه كشخصية هي الاقوى على الساحة المسيحية، داعيا الى جلسة يتنافس فيها فرنجية مع جعجع، وليفز من يفوز.
وقال فرنجية: اذا اردنا الاستمرار بنظرية ومنطق الرئيس عون والتيار الوطني الحر لناحية ان يكون رئيس الجمهورية الاكثر تمثيلا للمسيحيين، فيجب ان يكون جعجع المرشح الطبيعي للتيار رئاسياً.
واشار فرنجية الى اسماء رؤساء جمهوريات سابقين حين حكموا لبنان، ولم تكن لديهم الاكثرية المسيحية، مؤكدا ان «التسوية جايي» ويمكن صارت قريبة، وبالتسوية لا احد يستطيع ان يلغي احداً، لافتا الى انه مع احتمال ان ينتصر فريقنا، فنحن لن نقبل ان تنعكس التسوية، بالداخل على قاعدة غالب ومغلوب.
وسأل فرنجية: لماذا لا يعمل التيار بنظرية الاقوى، او نبرم دينة الجرة مثل ما بدا مصلحتنا»، وقال التسوية يمكن صارت قريبة، وما في لزوم للخوف واليأس.
ويأتي تحرك باسيل الذي يستمر حتى الخميس، قبل 4 ايام من إتمام سنة على الجلسة رقم 12 التي عقدها مجلس النواب على نيّة انتخاب رئيس جديد للجمهورية، ثم توقفت الجلسات، وتزايدت المبادرات من دون جدوى.
وبعد زيارة عين التينة، ظهر اليوم، ينضم باسيل عند السادسة الى اجتماع موسع في الصيفي مع قيادة حزب الكتائب.
وكان باسل اعلن من بكركي بعد لقاء البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ان جولته تهدف على حث الاطراف على تسهيل التوافق على رئيس جديد يكون قادرا علىالجمع بين منطقي بناء الدولة وحماية لبنان لا سيما الاحزاب المسيحية.
عون في واشنطن
وفي واشنطن، يتابع قائد الجيش العماد جوزاف عون اتصالاته على خلفية الدعوة التي تلقاها للبحث في احتياجات الجيش اللبناني من قبل المسؤولين العسكريين في الولايات المتحدة.
مناصرة عون
ويقوم مناصرو التيار الوطني الحر لمناصرة القاضية غادة عون، حيث يتجمع محامو التيار وبعض المحازبين امام قصر العدل عند الساعة الثالثة من بعد ظهر اليوم، في الوقت الذي تمثل فيه عون امام المجلس التأديبي على ان يعلن التيار عن برنامج تحرك داعم يوم غد بعد اجتماع التكتل النيابي.
الوضع الميداني
ميدانياً، تصدّت مضادات المقاومة (صواريخ ارض- جو) للطائرات الاسرائيلية المعادية التي تتحرك في سماء لبنان من الجنوب الى كسروان، بالتزامن مع استهدافات للمواقع العسكرية الاسرائيلية بالمسيرات الانقضاضية ردا على الاعتداءات التي طاولت القرى الحدودية من حولا الى الناقورة، فالخيام، ومركبا وعيترون وشبعا، كما نفذ الطيران الحربي غارة على وادي هونين.
***********************
افتتاحية صحيفة الديار
باسيل يعرض ورقة على القوى السياسيّة تروّج لمرشح ثالث
واشنطن تتبرأ من مجزرة «النصيرات» – بولا مراد
بدأ رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل يوم أمس الأحد من بكركي حراكه الرئاسي، الذي يستكمله اليوم بلقاء رئيس المجلس النيابي نبيه بري. وفيما اعلن باسيل
انه سيتواصل مع الجميع لـ «طرح ورقة بأفكار محددة، اذا التزمنا بها تكون لدينا فرصة جدية لجلسات انتخاب فعلية»، كشفت معلومات «الديار» ان بري سيكون حاسما بربط الدعوة لجلسة لانتخاب رئيس بعقد جلسة او جلسات تشاور، للسعي للتفاهم على اسم رئيس او على اسمين او 3، يتم التوجه بعدها لانتخاب احدهم في الهيئة العامة.
فريقان يعطلان الانتخابات الرئاسية
وبعد لقائه البطريرك الماروني بشارة الراعي قال باسيل: «الخوف ليس من الاعراف الجديدة لأننا نسقطها بعدم اعتبارها عرفا… فالعرف الاخطر هو استسهال الفراغ الرئاسي… وبكل الاحوال التنافس الديموقراطي يبقى افضل من الفراغ ، ويجب فصل ملف الرئاسة عن اي معطى آخر خارجي او داخلي» ، لافتا الى ان الجهد الذي يقوم فيه هدفه التفاهم على «رئيس توافقي بناء على شرطين: بناء الدولة وحماية لبنان… وهؤلاء الاشخاص موجودون اذا كنا فعلا نريد انتخاب رئيس». واضاف: «فلنضع الشكليات جانبا، اذا كانت هناك نتيجة مضمونة من موضوع الجلسات والدورات المتتالية، يجب ان نسهل لا ان نصعب. هناك فريقان يعطلان ويجب سحب الذرائع ، واوجه دعوة جديدة للقوى المعنية وعلى رأسها المسيحيون ليوحدوا موقفهم».
وقالت مصادر واسعة الاطلاع لـ «الديار» ان «ما يسعى اليه باسيل هو الترويج علنا لمرشح ثالث»، لافتة الى انه «من غير المستبعد ان يدخل في الاسماء ويعرض على القوى اسمين او ثلاثة». واشارت المصادر الى ان «المخرج الذي يطرحه باسيل لحل عقدة التشاور الذي يسبق الانتخابات، هو عدم ضرورة ان يشارك حزب «القوات» فيها، فيكون «الوطني الحر» هو ممثل القوى المسيحية في جلسة التشاور، بعد ان يكون تفاهم مع القوى التي ترفض التشاور على اسم او اسمين يتم وضعهما على الطاولة».
ويعتقد باسيل انه يستطيع هذه المرة احراج «الثنائي الشيعي» بطرحه هذا الذي سيكون برأيه مضطرا للقول في حال رفض المرشح الثالث، انه بات يعتمد علنا معادلة «فرنجية او لا انتخابات «، كما انه سيحرج «القوات اللبنانية» من خلال اخراجه بقرار منه من اي تسوية مقبلة، لاقتناعه بأن معراب لن تتجاوب مع مساعيه. اضف الى انه سيسعى لضم «الكتائب اللبنانية»ا لى صفه لابقاء جعجع وحيدا.
جبهة الجنوب مشتعلة
هذا على جبهة الرئاسة، اما على جبهة الجنوب فتواصلت المواجهات بين الحزب والعدو الاسرائيلي، واعلن الحزب في بيان انه «رداً على اعتداءات العدو الإسرائيلي على القرى الجنوبية الصامدة والمنازل الآمنة، وآخرها الاعتداء على بلدة الخيام، شنت المقاومة الإسلامية هجوماً جوياً بِسرب من المسيرات الانقضاضية على مقر قيادة كتيبة المدفعية في أودم، حيث استهدفت أماكن استقرار وتموضع ضباطها وجنودها، وأصابت أهدافها بدقة».
كذلك استهدفت المقاومة مرابض مدفعية العدو في الزاعورة في الجولان السوري المحتل وانتشار الجنود في محيطها، براجمة صواريخ كاتيوشا. كما استهدف قصف المقاومة موقع بركة ريشا وحاميته والتجهيزات التجسسية، وموقع رويسات العلم في تلال كفرشوبا اللبنانية المحتلة كما موقع السماقة.
بالمقابل، قصف العدو منطقة كفردجال جنوبي بلدة جبشيت وبلدتي حولا والخيام، اضافة الى اطراف بلدة الجبين.
واشنطن تتبرأ من المجزرة!
في هذا الوقت، حاولت واشنطن يوم امس ان تتبرأ من المجزرة التي ارتكبها العدو الاسرائيلي في مخيم النصيرات، وأسفرت عن استشهاد أكثر من 274 فلسطينيا وإصابة 698 آخرين، أثناء استعادة 4 محتجزين «إسرائيليين».
وقال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان لشبكة»CNN» ان الولايات المتحدة الاميركية قدمت دعماً «لإسرائيل» في تحديد موقع الأسرى في غزة، «ولكن لم نشارك في العملية على الأرض». وتابع «الفلسطينيون ونحن جميعا بحاجة إلى الصفقة، ويجب الضغط على “حركة ح ” لتحقيق ذلك». واضاف «نريد وقفا لإطلاق النار، لكن ذلك لن يتحقق دون موافقة “حركة ح ” على الصفقة، ونحن ندعم «إسرائيل» في استعادة الاسرى من غزة منذ أشهر، وليس فقط خلال هذه العملية».
بالمقابل، كشفت كتائب القسام أن جيش الاحتلال الاسرائيلي قتل 3 أسرى أحدهم أميركي، خلال عملية تحرير الأسرى الأربعة في مخيم النصيرات بوسط غزة. وتوجهت القسام «للإسرائيليين» بالقول: «لن يخرج أسراكم إلا بتحرير أسرانا، والوقت ينفد».
وقالت مصادر واسعة الاطلاع ان «مجزرة النصيرات ستشكل عقبة اضافية بوجه نجاح محاولات الوصول الى هدنة في غزة»، معتبرة انه «كلما شعر نتنياهو ان هناك احتمالا بنجاح مفاوضات الهدنة، سعى لنسفها تماما من خلال زيادة حدة اجرامه». واضافت المصادر»هو اراد القول من خلال ما قام به في النصيرات، انه قادر على تحرير الاسرى دون تقدمة تنازلات لمصلحة “حركة ح “، التي لا تزال تتروى بالرد على مقترح الهدنة الاخير الذي وصلها، مع العلم انها ستضع شرطين اساسيين للسير بأي مقترح ، وهما وقف نهائي لاطلاق النار قبل اطلاق الاسرى، اضافة الى انسحاب جيش العدو الاسرائيلي من القطاع».
***********************
افتتاحية صحيفة الشرق
بعد 8 أشهر من العدوان: إسرائيل تحرر 4 أسرى وتقتل 3
ندّد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان بشدة بالمجزرة التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي في مخيم النصيرات للاجئين وسط القطاع، وتطرق إلى تقارير عن احتمال استخدام إسرائيل الرصيف الأميركي العائم المخصص لنقل إمدادات إنسانية إلى غزة لأغراض عسكرية.
وقال الأورومتوسطي، في بيان صحافي، إن أكثر من مائتي فلسطيني قتلوا وأصيب مئات آخرين بجروح، غالبيتهم من النساء والأطفال في إحصائية أولية قابلة للزيادة مع استمرار عمليات الانتشال، بفعل هجمات جوية وبرية وبحرية شنها الجيش الإسرائيلي بشكل مكثف وعنيف على مدار نحو ساعتين على منطقة “السوق المركزي”، الذي يضج بالآلاف من السكان يومياً في مخيم النصيرات والمناطق المحيطة، وطالت لاحقاً أغلب مناطق وسط قطاع غزة.
وأكد المرصد الأورومتوسطي أن التظاهر باستخدام وسائل النقل المخصصة للمساعدات الإنسانية، وارتداء لباس العاملين في مجال الإغاثة الإنسانية كغطاء، يشكل جريمة غدر.
وعقب الهجمات واسعة النطاق، أعلن الجيش الإسرائيلي أن قواته، بالتنسيق مع جهاز الأمن العام (الشاباك)، والشرطة الإسرائيلية (اليمام)، تمكّنت من استعادة أربعة محتجزين إسرائيليين، في عملية نفذتها قوات خاصة في مخيم النصيرات.
وتعليقا على ذلك، قال المتحدث باسم الكتائب أبو عبيدة، في منشور عبر منصة تلغرام: “ما نفذه العدو الصهيوني في منطقة النصيرات وسط القطاع هو جريمة حرب مركبة، وأول من تضرر بها هم أسراه”.
وأضاف أن “العدو تمكن عبر ارتكاب مجازر مروعة من تحرير بعض أسراه، لكنه في نفس الوقت قتل بعضهم أثناء العملية”، دون ذكر عدد معين. لكن”حركة ح “ ذكرت لاحقا انهم 3 واكدت ان اسرى الاحتلال لن يخرجوا إلا بتحرير الاسرى الفلسطينيين، مؤكدة نفاذ الوقت.
وقال الأورومتوسطي إن العملية المذكورة للجيش الإسرائيلي اتسمت بشن هجمات جوية ومدفعية عشوائية كثيفة للتغطية على انسحاب القوات الإسرائيلية التي أسفرت عن خسائر مفرطة في أرواح المدنيين وإيقاع عدد كبير من الإصابات بينهم، وإلحاقها أضراراً واسعة بالأعيان المدنية، بما يشكل مخالفة جسيمة لقواعد القانون الدولي الإنساني، وبما يشمل مبادئ الإنسانية والتمييز والضرورة العسكرية والتناسب واتخاذ الاحتياطات الواجبة.
وتطرق الأورومتوسطي إلى إعلان مسؤول أميركي، بحسب ما نشره موقع (Axios) الأميركي، بأن “خلية الرهائن” الأميركية في إسرائيل دعمت جهود استعادة المحتجزين الأربعة من قطاع غزة وتحديد مكانهم لكنها لم تشارك في انقاذهم، فيما أوردت وسائل إعلام إسرائيلية أن شاحنة إسرائيلية انطلقت من منطقة الرصيف الأميركي العائم قبالة ساحل بحر قطاع غزة، تحت ستار نقل إمدادات إنسانية، بينما كانت تقل قوات إسرائيلية خاصة نفذت عملية استعادة المحتجزين الأربعة.
وطالب “الأورومتوسطي” بمساءلة ومحاسبة واشنطن باعتبارها شريكاً رئيسياً في ارتكاب الجرائم ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، بما في ذلك جريمة الإبادة الجماعية
ونقل التقرير الحقوقي ما ذكرته إذاعة الجيش الإسرائيلي بأن “الخلية الأميركية لعبت دوراً حاسماً في تخليص الرهائن، وتم استخدام تكنولوجيا أميركية فائقة الدقة لم تستخدم قبل ذلك في عملية تحرير الرهائن”، وقد نشرت مقاطع فيديو للشاحنة، وسيارة من نوع “كادي” لحظة التسلّل قبل الحادثة.
وجدد التأكيد على الهجمات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، وما تخلّفه من نتائج وآثار بإحصائيات مفزعة من أعداد الضحايا وشدة التدمير تؤكد أنّ ما فعلته إسرائيل ولا تزال يشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية قائمة بحد ذاتها، وتأتي في إطار جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها ضد السكان الفلسطينيين في قطاع غزة منذ تسعة أشهر، بما يتطلب تفعيل مستويات التحقيقات الدولية والقانونية والقضائية كافة وآليات المساءلة والعمل الجدي على محاسبة القادة والجنود الإسرائيليين وعدم السماح لهم بالإفلات من العقاب، وتعويض الضحايا وعائلاتهم وفقاً لقواعد القانون الدولي.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :