غزة ومصر: الواقع غير الصورة

غزة ومصر: الواقع غير الصورة

 

Telegram

 

خاص "icon news"
 
كتب رشيد حاطوم
 
شريط حدودي ضيّق يفصل بين الأراضي الفلسطينية بقطاع غزة وشبه جزيرة سيناء، ويمثل منطقة إستراتيجية أمنية خاضعة لاتفاقية ثنائية مصرية "إسرائيلية"، وتتنازع السيطرة عليها 3 قوى: الاحتلال الإسرائيلي ومصر وحركة المقاومة الفلسطينية – حماس.
في ذاك الشريط "العازل" تتلخص الاستراتيجيات الكبرى لدول فاعلة كما مصر والولايات المتحدة الاميركية وربيبتها المدللة "اسرائيل"، ودور لكل طامحي الاقليم من ايران والخليج العربي حتى الصين، فهل من المعقول أن تغفل دولة مثل مصر ذات حضور وفاعلية وعمق عن هذه النقطة المشتعلة وتترك القطاع كتلة نار في خاصرتها؟ 
أسئلة لا أجوبة عليها دون قراءة الخريطة الجغرافية وسبر أغوار العقل المصري.
 
الموقع
 
يقع محور فيلادلفيا على الأراضي الفلسطينية بين شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة، على طول الحدود المصرية مع القطاع، ويمتد من البحر الأبيض المتوسط شمالا حتى معبر كرم أبو سالم جنوبا، حيث نقطة التقاء الحدود بين مصر وقطاع غزة ودولة الاحتلال.
ويشكل المحور شريطا عازلا بين مصر والقطاع، ويبلغ طوله نحو 14 كيلومترا، وعرضه بضع مئات من الأمتار، وقد أنشئ عليه معبر رفح البري، الذي يمثل المنفذ الرئيسي للغزيين على العالم الخارجي.
 
"سيطرة إسرائيلية"
 
ظهرت المنطقة العازلة "محور فيلادلفيا"، التي تعرف فلسطينيا باسم "محور صلاح الدين"، على إثر معاهدة كامب ديفيد للسلام بين مصر "وإسرائيل" عام 1979، التي نصت على إنشاء منطقة عازلة على طول الحدود بين الطرفين.
ووفقا للاتفاقية، فإن المنطقة الحدودية التي تقع على الأراضي الفلسطينية، والتي أطلق عليها (د) تخضع لسيطرة "القوات الإسرائيلية" التي حددت بحسب الاتفاقية بكتائب مشاة، تصل إلى 180 مركبة مدرعة من الأنواع كافة، وطاقم مكون من 4 آلاف عنصر، إضافة إلى منشآت عسكرية وتحصينات ميدانية.
ومنعت الاتفاقية وجود أي قوات مسلحة مصرية على الأراضي المصرية المتاخمة للحدود الفلسطينية التي أطلق عليها (ج)، وسمحت فقط للشرطة المدنية المصرية بأداء مهام الشرطة الاعتيادية بأسلحة خفيفة.
وبقيت السيطرة "الإسرائيلية" على المنطقة إلى حين انسحابها من قطاع غزة منتصف آب 2005، وتسليمه للسلطة الفلسطينية التي منحت الإشراف على المناطق الحدودية والمعابر، بوجود مراقبين من الاتحاد الأوروبي.
عام 2007، وبعد سيطرة حماس على غزة فرضت إسرائيل حصارا خانقاً على القطاع، تحول هذا المحور لشريان حياة الغزيين من فوق الارض ومن تحتها، إذ حفر الغزيون مئات الأنفاق أسفل المحور وشكلت الأنفاق شريان حياة للسكان، وبدا ذلك واضحاً عقب عملية "طوفان الأقصى".
 
مصر أم الصبي
 
في كل ما سبق، اشارات ودلالات على سياسة "أم الدنيا" تجاه الخاصرة الجريحة ويمكن تلخيصها بالثوابت التالية:
- في العقل الباطني المصري تشكل غزة خط دفاع أول عن القاهرة، اذ يعتقد ان النصر "الاسرائيلي" هناك سيفتح ابواب سيناء على مصراعيها.
- تاريخياً كان واضحاً أن السلطات المصرية تغض النظر عن الكثير من التحركات على الحدود دون أن تقع في شرك "الجرم المشهود" عن الاسرائيلي والاميركي.
- لعبت السلطات المصرية دوراً اساسياً في حماية الكثير من المكتسبات الفلسطينية في هذه المنطقة دون أن تستفز الاسرائيلي مباشرةً وذلك يبدو جلياً في حماية ظهير المقاومة في غزة.
- تخشى مصر هزيمة حماس في غزة وأمثال "العرجاني" وغيره بمواكبهم بالسيارات المصفحة، ينتظرون على مفارق الطرق في سيناء اشارة الاميركي والاسرائيلي لإطلاق القلاقل وإعلان العزم على طلب استقلال شبه الجزيرة عن الدولة الأم في القاهرة.
- تعتقد السلطات المصرية أن مصائبها تأتي من الاصابع الصهيونية في جنوب السودان واثيوبيا وليبيا وغيرها فلماذا تسمح بإراحة الكيان من منظمة مضبوطة يمكن التعاون معها مستقبلاً وهي التي تمسك بزمام غزة.
- أثبت الشعب المصري عامةً أنه ضد التطبيع ويحمل راية المقاومة والتحرير وإن لم تنضج مرحلة اعلان مثل هذه العناوين ولكن لا مكان للاسرائيلي في شوارع وحواري مصر وضيف ثقيل غير مرحب به.
- على مستوى الاقليم كشفت حرب غزة زيف الدور التركي وضعف الدور الخليجي في تقرير مصير المنطقة، فلماذا تترك حماس وصحبها لقمة سائغة، لن تنهار حماس وهذه الآن مصلحة قومية ووطنية مصرية
ربما يمكن ترتيب المزيد من نقاط قوة مصر وعقلها في التعامل مع الأزمة، لكن الأكيد أن صورة الواقع بين مصر وغزة مغايرة عن صورة الاعلام الممول الهادف،،،
منذ بدء عملية طوفان الأقصى كانت التوقعات تقول بقدرة حماس على لثمانية أشهر كحدٍ أقصى بناءً على قدراتها العسكرية وحجم الذخائر، ولكن المفاجأة حتى الآن انها لم تصرف بعد الا ما هو من الصناعة المحلية مثل العبوات المحلية والياسين 105 وغيرها وهي بحاجة لمواد أولية، وهنا يسأل المراقبون عن دور مصر في تأمين أو تسهيل وصولها؟
مصر دول كبيرة وعميقة لن تترك أمنها القومي ببساطة وسذاجة. 
هي مؤسسة تعرف ما هو السقف والممكن والثابت والمتحول.
 
 
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram