أخبار
الإعلامي فادي بودية : حز.ب الله كان قريبا من أسر جنود اسرائيليين لكن المسيرات كانت تقصف الجنود التابعين لها منعا لأسرهم مجزرة تعرّض لها جنود العدو في الخيام وتعرض قوة من جيش العدو الى كمين مُحكم وايقاع القوة بين قتيل وجريح وعجز في سحب الاصابات والقتلى بعد زيارته لإسرائيل... إليكم ما نقله هوكشتاين لبري! أنباء جديدة.. هذا ما تبلغه لبنان من أميركا بشأن "التسوية" الصحة تنعى علام: استشهاده خسارة كبيرة هجوم كبير بالمسيرات الإنقضاضية على تحركات القوات في الخيام (الإعلامي علي شعيب) ✳ إعلام عبري: تزامناً مع مطاردة الطائرات الأولى قرب حيفا، أسراب من المسيرات تخترق أجواء الشمال قادمة من لبنان، وصافرات الانذار تدوي مجدداً. المر: تلك النائبة ممثلة إبليس على الأرض جيش العدو يفشل منذ 20 دقيقة في اعتراض مسيّرات للحزب عبرت الحدود من لبنان، مرورًا بالجليل الغربي و"نهاريا" وعكا و"الكريوت" وشرق حيفا "سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر"... حفيدتها تكشف التفاصيل

 

إلى متى سنتردَّى ثقافياً؟

إلى متى سنتردَّى ثقافياً؟

 

Telegram

 

د. ادمون ملحم

إن للثقافة دوراً هاماً في حياة الشعوب وارتقائها. فهي جهد إيجابي خلاّق وأساس حيوي للنهوض وغذاء للفكر والتاريخ ومحرّك لحيوية الأمة وطاقاتها الإبداعية ونور يضيء ظلماتها وقوة تحصِّنُ المجتمع للصمود في وجه الغزوات الثقافية الآتية من الخارج، الساعية لاختراق قيم المجتمع وطمس هويته القومية وتفتيته طائفياً ومذهبياً وعرقياً بهدف السيطرة عليه ونهب خيراته، او تلك الصاعدة من الداخل وتريد التمسك بالقديم والإرتداد بالمجتمع إلى ما كان عليه في فترة من الزمان. والثقافة أداة لفهم مشكلات المجتمع وتحدياته، وأداة للتربية والإصلاح وتنمية المواهب وخدمة المجتمع وترقيته وإبراز مميزاته وترسيخ قيمه وفضائله. فهي معركة دائمة للتحضُّر والتطور والتحديث وطريقها لا نهاية له، لأن غايتها السامية هي تجويد الحياة والإرتقاء بالفكر والمجتمع وصولاً إلى حياة أفضل وأجمل.

وغاية الثقافة القومية متنوعة: أولاً، الكشف عن مقومات الأمة وتبيان سمات شخصيَّتها وإبراز المعالم المضيئة في تراثها للتمثّل بها وتجاوزها إلى الأفضل والأسمى؛ ثانياً، تحقيق يقظة الشعب ووحدته ونهضته الشاملة وترسيخ فكرة المواطنة والولاء للوطن والإعتزاز به والتعبير عن هموم الشعب وآماله وتطلعاته إلى التطوّر والتقدّم؛ ثالثاً، نبذ العنف والكراهية والرذيلة وتعزيز قيم الواجب والحرية والمساواة والإخاء والتسامح والتعاون والتعاضد وصولاً إلى حياة أسمى وإلى عالم أجود عنوانه العدل والسلام والتعاون والجمال. ولا نخطىء القول أنه لو تحققت يقظتنا القومية، لكان لأمتنا دور عظيم في إنهاض العالم العربي وفي إعداده أدبياً وثقافياً وعلمياً.
المعرفة الصحيحة:
والخطوة الأولى للثقافة هي الرغبة في اكتساب المعرفة الصحيحة التي تؤدي إلى الفهم والحكمة والهداية وإلى تكوين العقل الإرادي، المثقف، النقدي والمبدع وبالتالي إلى القوة العقلية. ولكن هل نكتسب المعرفة من دون القراءة النافعة والإطلاع الواسع على مبادىء العلم والفلسفة والفنون، والتعمق الدقيق في علم من العلوم ومتابعة تطوراته…؟
المعرفة الصحيحة تتكّون بإعمال العقل وإستغلاله وبالإطلاع والبحث والإجتهاد واعتماد التفكير الموضوعي المجرّد والمنظّم في استكشاف الحقيقة والتدرج في إجلائها بإعتماد الشك والتدقيق والنقد والتحليل والتعليل والإستنباط والإستنتاج والمرونة الذهنية والإختراع والإبتكار. إن الثقافة، بكونها إلماماً بنواحٍ مختلفة من المعارف والعلوم وبما أنتجه الإنسان من منظومات فكرية وتكنولوجية وغيرها، لا تحصل بالقراءة المسلّية و”الناعسة (اللاواعية)”، بل بالقراءة “المفكرة الواعية”(1) وبالجهد النفسي والفكري والمتابعة والتوغل في مجاهل الفكر والعلوم والفنون. ولا تحصل بتجميع المعلومات المتفرقة على أهميتها، بل بطريقة إدخال هذه المعلومات إلى أذهاننا وبكيفية تعاملنا معها واستفادتنا منها. وهذا يعني تشغيل العقل واستخدامه بكفاءة باعتماد التأمل والتساؤل والترجيح والتفكير العقلاني المنطقي والإبداعي والنقدي وتنقية الأفكار والمعلومات وتحليلها واختيار أصلحها.
ونكتسب المعرفة من خلال فن التربية السليمة الذي ينمّي القوى العقلية والإستعدادات الطبيعية لدى الإنسان تنمية هادفة ومتوازنة ويولِّد المهارة الراسخة والكافية لكلّ الغايات الحسنة التي يمكن أن يسعى إليها ولكي يكون حرَّاً.21) إن التربية السليمة، برأي كانط، هي “الينبوع الذي ينبثق عنه كل خير في هذا العالم.”(3) ونكتسب المعرفة من خلال النشاط الثقافي وإحياء المؤتمرات والندوات والمحاضرات الثقافية التي تبحث في ظواهر المجتمع ومشكلاته الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والنفسية بروح علمية وبتعمق في حقيقة الأشياء، والتي تنزع إلى التحليل والإستنتاج والجهد في التفكير الإبداعي المستقل والمرتكز على العلم. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: أين هي أنشطة المجتمع الثقافية التي تولِّد المعرفة الصحيحة والثقافة القومية المستنيرة – ثقافة الحرية والتسامح والمساواة والانفتاح والحس النقدي والخلق والإبداع؟
نحن مجتمع مقصّر في حق العلم والكفاءات العلمية وفاقدٌ للحيوية الفكرية وغبر مبالٍ بتنمية الثقافة الصحيحة، النافعة، البانية للإنسان، وجعلها من أولويات إهتماماته.. نحن مجتمع تنتشر فيه الخرافات والغيبيات والأوهام والمعتقدات البالية وطرق التفكير العاطفي والتعصبي والاقصائي واللاعلمي واللاعقلاني.. مجتمع خاوٍ ومتصدّع ومُتخم بالفساد والتناقضات وفوضى الإنتماء والنزعات الفئوية والمصلحيَّة.. ثقافاته رجعية – تقليدية، وطائفية، وقبلية، ومتحجّرة، ومستوردة – جاهزة. إن مؤسساتنا التربوية والعلمية، وهي بمعظمها مؤسسات مذهبية مؤدلجة، تهدف إلى إذكاء روح التعصب والإنغلاق والمحافظة على الرموز التقليدية والاجتماعية والتوزيع الطائفي وترسيخ الشلل الذهني والجمود وتثبيت التسلط والقهر الذي يمارس في المجتمع. أما مناهج بحثنا وطرق إنتاجنا ونظمنا السياسية فكلها مهترئة ومتخلفة بالنسبة إلى مثيلاتها في المجتمعات المتقدمة القائمة على الديمقراطية وفصل الدين عن الدولة ونشر العلم والثقافة القومية والعلمية عبر مؤسسات خاصة بها. أين مؤتمراتنا ومنتدياتنا الثقافية وجمعياتنا العلمية؟ أين مؤسساتنا وصحافتنا الفكرية والثقافية والعلمية؟ وأين فعلها في توجيه الرأي العام توجيهاً علمياً وفي خلق التنوير العقلاني والتنمية الثقافية؟ أين الوسائل الإعلامية التي تسهم في تنمية التفكير العلمي وتهتم بمآثرنا العلمية وبما ظهر في ماضينا من نوابغ وعلماء وبتعزيز الثقافة العلمية التي بإمكانها ان تكون عاملاً أساسياً وفعّالاً من عوامل التحوّل الفكري والثقافي في حياة الأفراد والمجتمع؟ يُنتظر من وسائل الإعلام أن تبادر الى نشر المباحث والآراء العلمية ذات القيمة الحقيقية وتبسيط حقائق العلوم على نطاق شعبي واسع وأن تبدي إهتماماً بتقديم برامج ذات توجه علمي تُبرز النماذج والشخصيات العلمية وسيرة حياتها وإبداعها بنفس بمقدار الاهتمام نفسه الذي توليه لإبراز مسيرة حياة السياسيين والفنانين وغيرهم.
حالة القصور:
اعتبر مؤسس “المذهب النقدي” الفيلسوف الإلماني إيمانويل كانط (1724-1804) ان “بلوع الأنوار هو خروج الإنسان من القصور الذي هو مسؤول عنه، والذي يعني عجزه عن استعمال عقله دون إرشاد الغير.”(4) وتكمن المسؤولية عن حالة القصور هذه، حسب كانط، في “الإنسان ذاته، عندما يكون السبب في ذلك ليس نقصاً في العقل، بل نقصاً في التصميم والشجاعة في استعماله دون معونة من الآخرين.. فالكسل والجبن هما السببان في بقاء معظم البشر في حالة القصور طوال حياتهم، مع ان الطبيعة قد حررتهم منذ أمد بعيد من أيّ توجيه من الآخرين.”(5) والسؤال الذي يطرح نفسه: إلى متى سنبقى في حالة القصور والتردّي الثقافي مكبّلين بأغلال التقاليد البالية وقيود الخوف والخمول والرضوخ والانقياد؟ إلى متى سنبقى مقصّرين عن البحث والإستطلاع ومعرفة المجهول والتحليل وإعمال العقل واعتماد منهج التفكير العلمي والمنطقي المنتج والأخذ بأسباب العلم ومناهجه؟ وإلى متى سيبقى سواد المثقَّفين وأَصحاب الكفاءات منكفئين ومتهرِّبين من تبوء مراكزهم الحقيقية ومتنصِّلين من ممارسة دورهم التنويري في تفعيل الحركة الثَّقافيَّة والفكريَّة؟ ألا ندرك أهمية المعرفة كظاهرة إجتماعية – إنسانية ودورها في إحراز التقدم الإنساني؟ ألا ندرك أهمية العلم وفضائله في حياة الشعوب وتقدمها؟ ألا ندرك أنه بالعلم ترتقي الشعوب إلى أعلى القمم، وبدونه تهبط إلى أسفل القعور؟
ثقافة العلم:
إن ثقافة العلم هي ثقافة التقدم إلى الأمام، ثقافة نهمة مولعة بالمعرفة والإستزادة منها. إنها ثقافة الإكتناز المعرفي والثورة المستمرة لإستيعاب الوقائع والسيطرة عليها والإقتراب من الصدق/ الحقيقة والقدرة على الاستشراف بصورة أدق. إنها نقيض الركود والإكتفاء الذاتي أو ثقافةِ الحقيقة المطلقة التي تقتل الفضول المعرفي وتعتمد التفكير الإختزالي. وثقافة العلم هي ثقافة المعرفة البنّاءة المتطورة الخلاّقة، ثقافة التغيير والتطوير، تغيير المجتمع والعالم عن وعي وإرادة وتصميم، وليس مجرد فهم هذا العالم أو تأمله. لذلك فهي ثقافة قوة الإنسان والإيمان بنفسه وبقدرته على البحث والإبتكار والتحدي والتغيير وبناء المستقبل. وهي بالتالي ثقافة الإيمان بقيمة الإنسانية وجمالها.
إن تقدم الدول مرهون بقوتها الفكرية – العلمية والتكنولوجية وإنتاجها العلمي والثقافي وبإهتمامها بحرية الفكر والتعليم وبناء الطاقات البشرية والعلمية القادرة على إحداث تغيير في المجتمع وتنمية المؤسسات والصناعات الثقافية المتحكمة في إنتاج الثقافة ونشرها. يقول سعاده: “العلم بلا غاية شبيه بالجهل. وغاية العلم هي جعل الحياة جميلة مجيدة حلوة.”(6) ويقول ايضاً: “العلم قوة والمعرفة سلاح وعُدة.”(7) ويضيف: “لم تبرز أمة إلى عالم الوجود بعد أن كانت في عالم الغيب إلا بما كان لها من تنبه فكري امتلأت به جرائدها ومجلاتها وكتبها.”(8) فهل نسعى إلى استغلال العلم وفوائد المعرفة لتحسين حياتنا ولصياغة مستقبل مُشِع لأجيالنا القادمة؟

(1) هشام شرابي، النقد الحضاري للمجتمع العربي في نهاية القرن العشرين، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1990، ص 28.
(2) راجع امانويل كانط، ثلاثة نصوص: تأملات في التربية، ما هي الأنوار؟ ما التوجه في التفكير؟ تعريب وتعليق محمود بن جماعة، دار محمد علي للنشر، الطبعة الأولى 2005، تونس، ص 11-82.
(3) المرجع ذاته، ص 19.
(4) المرجع ذاته، ص 85.
(5) المرجع ذاته، ص 85.
(6) كلمة الزعيم في مدرسة الناشئة الوطنية، النشرة الرسمية للحركة القومية الاجتماعية، بيروت، المجلد 1، العدد 6، 15/2/1948.
(7) أنطون سعاده، الآثار الكاملة – الجزء الثاني 1932-1936، عمدة الثقافة، بيروت، 1976، ص 117.
(8) المرجع ذاته.

 

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram