يقول الناشط الحقوقي والسياسي الأمريكي أميد خان إنه شارك في الجهود الإنسانية بمناطق حروب مختلفة، مثل أفغانستان وأوكرانيا ورواندا وسوريا. لكن هذه التجارب لم تؤهله بدرجة كافية للتحديات التي يتعرض لها إدخال المساعدات إلى قطاع غزة.
وقال خان في مقالة له بموقع The Intercept الأمريكي إنه من السهل توجيه أصابع الاتهام إلى إسرائيل، التي تفرض حصاراً على سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، نصفهم من الأطفال. على أنه في محاولاته المستمرة لدراسة هذه المشكلة من جميع الزوايا لإدخال مساعدات طبية وغذائية عاجلة، تبين لخان أن الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي نظم خان له حملات تبرعات ودعم انتخابه عام 2020، مشارك في تنفيذ هدف إسرائيل الأكبر: التطهير العرقي للفلسطينيين في غزة.
بايدن مشارك في حملة التطهير العرقي في غزة
يقول خان٬ إن إدارة بايدن ليست متواطئة برفضها إدانة الحصار الذي تفرضه إسرائيل على المساعدات الإنسانية فحسب، بل إنها تدعم هدف إسرائيل المعلن المتمثل في القضاء على حركة حماس وتدمير قطاع غزة وتجويع أهلها.
وحين سألت أندريا ميتشل من شبكة MSNBC وزير الخارجية أنتوني بلينكن عن دور الولايات المتحدة المزدوج في تزويد إسرائيل بالأسلحة وقيادة جهود الإنقاذ الدولية في الوقت نفسه، دافع بلينكن عن المساعدات المقدمة لإسرائيل، مشيراً إلى أنها لا تتعارض مع الجهود المبذولة لضمان سلامة المدنيين وتوزيع المساعدات. ورغم تعهده باستصدار قرار من الأمم المتحدة بوقف فوري لإطلاق النار، تواصل الولايات المتحدة إرسال الأسلحة إلى إسرائيل.
بايدن يرسل أسلحة وليس مساعدات
يقول أميد خان إن رفض بايدن ومستشاريه تغيير سياسة المساعدات المقدمة لإسرائيل أو إعادة التفكير في الغطاء الدبلوماسي الذي توفره الولايات المتحدة لإسرائيل في الأمم المتحدة يكشف عن رئاسة أمريكية لا تولي اهتماماً كبيراً للمدنيين في غزة. ولا تفعل الإدارة الأمريكية أكثر من إصدار مجموعة ثابتة من تصريحات التعبير عن القلق على المدنيين الفلسطينيين، وإعراب مسؤولين مجهولين في "الجناح الغربي" عن الإحباط المستمر من سير الحرب.
لم يكن القصف الإسرائيلي المدمر على غزة ليكون ممكناً لولا عشرات الآلاف من القنابل والذخائر الموجهة التي أرسلتها الولايات المتحدة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول. ونظمت إدارة بايدن أكثر من 100 عملية تحويل أسلحة لإسرائيل، لكنها لم تخطر الكونغرس إلا باثنتين فقط، مستخدمة مجموعة متنوعة من الآليات لإخفاء حجم وتواتر نقل الأسلحة.
وفي الوقت الذي لا يتوقف فيه بايدن عن تقديم الأسلحة إلى إسرائيل، حجَب التمويل عن الأونروا، أكبر هيئة مساعدات للاجئين الفلسطينيين، التي استهدفتها إسرائيل بادعاءات لا أساس لها بأن موظفيها شاركوا في هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول في إسرائيل.
ولم تقدم إسرائيل بعد أي دليل يدعم مزاعمها- ووصف السيناتور كريس فان هولين، الديمقراطي عن ولاية ماريلاند، هذه المزاعم بأنها "أكاذيب صريحة"- واستأنفت أستراليا وكندا والسويد والمفوضية الأوروبية تمويلها. لكن إدارة بايدن مستمرة في حجب تمويلها للوكالة، حتى في الوقت الذي تواجه فيه الأونروا عجزاً في الميزانية قدره 450 مليون دولار. واختار بايدن عوضاً عن ذلك الانخراط في مسرحية المساعدات الإنسانية الجوية، فأيد أساليب مكلفة وخطيرة وغير عملية لنقل المساعدات إلى غزة لن تتطلب إجبار إسرائيل على إنهاء حظرها للغذاء والدواء.
بايدن لا يقدم إغاثة ذات معنى للكارثة الإنسانية في غزة
ويقول خان إنه على المدى القصير، لن تقدم سياسات المساعدات التي ينتهجها بايدن أي إغاثة ذات معنى للكارثة الإنسانية في غزة. وكانت أحدث الجهود في هذا الإطار بناء الجيش الأمريكي لجسر قبالة سواحل غزة لإدخال حوالي مليوني وجبة يومياً. وهذه العملية موافقة ضمنية على قرار إسرائيل بمنع مرور الغذاء إلى غزة عبر معابر برية أكثر كفاءة. ومن المتوقع أن يستغرق تنفيذ الجسر شهرين، وهي فترة كافية لتعرض الفئات السكانية الأكثر ضعفاً للموت جوعاً في غزة.
ويقول خان٬ إنه مما يُحسب لإسرائيل أنها كانت أكثر صراحة في أهدافها في غزة. ففي الداخل، تحدثت عن أهدافها بوضوح: إذ كشفت وثائق مسربة من وزارة الاستخبارات الإسرائيلية في 13 تشرين الأول/أكتوبر خططاً لتهجير جماعي للسكان من غزة إلى شبه جزيرة سيناء المصرية.
وعلناً، تُطرح نفس الأجندة بطريقة أكثر وقاحة. فالتصريحات التي أدلى بها كبار الساسة الإسرائيليين في أعقاب 7 أكتوبر/تشرين الأول تضمنت دعوات بتهجير جماعي لسكان غزة، وتجاهلت باستمرار أي تمييز بين مقاتلي حماس والمدنيين الأبرياء. وتحدث أحد وزراء الحكومة صراحة عن تهجير 90% من الفلسطينيين. وقال آخر إن إسرائيل "تحارب حيوانات بشرية". وقال ثالث إنه لا يوجد مدنيون في غزة واقترح استخدام سلاح نووي. وقال عضو بارز في البرلمان من حزب الليكود الحاكم الذي يتزعمه نتنياهو إن هدف إسرائيل "محو قطاع غزة من على وجه الأرض".
وبالنظر إلى تقييد دخول الغذاء إلى غزة، وقصف مخيمات اللاجئين والمباني السكنية والمستشفيات والجامعات ومراكز توزيع المساعدات، فمن الواضح أن إسرائيل تنفذ كلمات قياداتها السياسية المتطرفة.
وفي الوقت نفسه، فإعراب إدارة بايدن بين الحين والآخر عن قلقها المثير للعجب من عدد القتلى المدنيين في غزة أثناء مساعدتها الحرب يثير سؤالاً مزعجاً: هل إدارة بايدن متواطئة عن عمد في قتل أكبر عدد من المدنيين في واحدة من أكثر الحملات العسكرية فتكاً في التاريخ الحديث، أم أنها ساذجة وتنقصها الكفاءة؟
وفي كل الأحوال، فقد توصل مئات الآلاف من ناخبي الحزب الديمقراطي بالفعل إلى نفس النتيجة التي توصلت إليها أندريا ميتشل: أنه ليس منطقياً ادعاء الاهتمام بحياة الفلسطينيين والمشاركة بكل نشاط في إبادتهم في الوقت ذاته.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :