من المتوقع أن تعاود جمعيات المودعين تحركاتها قريباً تحت عنوان رفض الحلول الترقيعية. ودعت 4 جمعيات للمودعين لتحرك يوم الجمعة المقبل أمام مصرف لبنان. سبب هذا الحراك المتجدد هو الفراغ الذي يتخبط فيه المودعون بانتظار ايجاد حل لاعادة ودائعهم. فعلى أرض الواقع حالياً لا خطة حكومية حقيقية للخروج من الازمة أو اعادة هيكلة المصارف. فمجلس الوزراء الآن في حالة انتظار للملاحظات التي سيضعها الوزراء على مشروع قانون اعادة هيكلة المصارف، الذي شنت عليه حملة شعواء لاسقاطه من جمعيات المصارف والمودعين والاحزاب السياسية. ومن المتوقع أن تنسف هذه الملاحظات المشروع برمته بحيث يبقى الوضع على ما هو عليه من تجاذبات وعدم اتفاق على اي صيغة، فضلاً عن أن مجلس النواب شبه مقفل على التشريع، أما المصارف فـ»مرتاحة على وضعها» تعيش حالة «زومبي» من دون حسيب ولا رقيب، والأنكى أنها تتقاضى رسوماً باهظة على ودائع لا تريد اعادتها الى أصحابها.
لذلك تؤكد مصادر معنية، ان على المودعين أن يعرفوا أن ما يجري حول مشروع قانون اعادة هيكلة المصارف، هو «إضاعة للوقت» وتطيير للحلول، وانهم في نقطة الصفر. فنحن اليوم في حالة اللاخطة واللامشروع لاعادة هيكلة المصارف خصوصاً بعد أن تنصل حاكم مصرف لبنان بالانابة وسيم منصوري من مشروع القانون الموجود بين أيدي الوزراء حالياً، وبحسب تغريدة لـ»جمعية صرخة المودعين» بعد لقائهم به مؤخراً، فقد أخبرهم بأن لديه الحل للودائع، وهم ينتظرون.
فهل يمكن تصديق منصوري أو الرهان على ملاحظات الوزراء المتوقعة على مشروع قانون اعادة هيكلة المصارف لاعادة الودائع الى أصحابها، خصوصاً أن المودعين غارقين في دوامة الوعود واقتراحات القوانين منذ ما يقارب الـ5 سنوات؟
يؤكد أمين عام حركة «مواطنون ومواطنات في دولة» الوزير السابق شربل نحاس لـ»نداء الوطن»، أن قانون اعادة هيكلة المصارف الموجود بين أيدي الوزراء لدراسته «ما إلو عازة»، فقوانين معالجة أوضاع القطاع والمصارف موجودة، سواء قانون النقد والتسليف أو تلك التي صدرت في اوائل التسعينات والتي تعطي لحاكم مصرف لبنان شخصياً المسؤولية في معاينة المصرف أو المصارف التي توقفت عن الدفع للمودعين المبالغ المتوجبة عليها وفق العقود معهم»، مشدداً على أن «هناك قوانين لمعالجة أوضاع المصارف بشكل قانوني ولا خلاف عليها. ومعاينة هذه الحالات المصرفية واضحة وبديهية، فأي مصرف توقف عن الدفع يعاينه حاكم مصرف لبنان، ويحيله الى الهيئات الرقابية الخاصة للتعامل معه بالتدريج، فالأمر يبدأ بتعيين مدير مسؤول عن المصرف المتعثر ثم دراسة وضعه تمهيداً للانقاذ او الدمج أو التصفية».
يرى نحاس أن «كل الاختراعات الجارية اليوم لايجاد قانون يعيد هيكلة المصارف هدفها واضح بأن لا تتم معالجة أوضاعها بشكل جدي وحقيقي، بل التلاعب بأعصاب الناس وقطع وعود فارغة لهم. القانون الذي يدرس حالياً في مجلس الوزراء لا فائدة منه بتاتاً. ونقل المشكلة من خانة تحمل المسؤولية الى خانة مناقشة قوانين لا تزيد شيئاً على القوانين الموجودة، هي مناورات مفضوحة من أول وقوع الازمة»، مشدداً على أن «المنظومة السياسية - المصرفية تتاجر بمآسي الناس منذ 5 سنوات. وهذا امر واضح، والدليل يكمن في سؤال: اين حاكم مصرف لبنان السابق والحالي ولجنة الرقابة على المصارف؟ لماذا لا يقومون بدورهم الذي نصّ عليه القانون وهو معاينة اي مصرف متوقف عن الدفع؟ المطلوب هو تحمل هؤلاء مسؤوليتهم لا أكثر ولا أقل».
من جهته، يجزم رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمجموعة I&C جان رياشي لـ»نداء الوطن» أن «المودعين لن يشهدوا أي خطوة اصلاحية تعيد لهم أموالهم، وكل الاطراف المعنية باعادة هيكلة المصارف لا مصلحة لها باصلاح النظام المصرفي»، مؤكداً «استمرار الضحك على المودعين واطلاق الوعود من دون تنفيذها، ورفع شعارات بأنهم يرفضون مشروع اعادة هيكلة المصارف لأن الودائع مقدسة، في حين ان الحقيقة هي أن لا مصلحة لهم بذلك سواء الطبقة السياسية أو المصرفيين، وسنبقى بهذه الدوامة الى ما لا نهاية». ويختم قائلا: «أقصى ما سيحصل عليه المودعون هو مبلغ بين 300 و 150 دولاراً شهرياً، بحسب تعاميم مصرف لبنان الاخيرة. وانتهت القصة».
باسمة عطوي-نداء الوطن
أكدت معلومات حكومية «أنّ ملاحظات عدد من الوزراء على مشروع قانون هيكلة المصارف تنسف المشروع من أساسه، ويستحيل دمجها للخروج بنصٍ جديد متوافق مع المعايير الدولية، ولا سيما توصيات صندوق النقد الدولي».
وأضافت: «يمكن القول إننا صفر اليدين بلا مشروع في ظل تنصّل جهات مثل مصرف لبنان مما اتفق عليه واعتراض عدد كبير من الوزراء على النص المقترح». أما وعد الحاكم بالإنابة وسيم منصوري بأنّ لديه خطة بديلة، فلا تحمله المصادر الحكومية على محمل الجد «لأنها لو بدها تشتي كانت غيّمت»، وفقاً للمصادر عينها، التي تؤكد أنّ في البنك المركزي آراء مختلفة لا يمكنها انتاج نص شامل متفق عليه ومتوافق مع توصيات صندوق النقد التي يعرفها منصوري جيداً. يذكر أنّ الأخير يريد الأخذ بشعار رئيس مجلس النواب نبيه بري بأنّ الودائع مقدسة، ويحرص على مراعاة جمعية المصارف في شروطها ما يضعه في موقف لا يحسد عليه أمام صندوق النقد.
وجزمت المصادر بأنّه «ليس أمام المودعين من الآن حتى سنتين على الأقل إلا الإفادة الهزيلة من التعاميم القائمة، والتي تسمح بسحب 150 الى 400 دولار شهرياً. والفترة الإضافية المرشحة للضياع تبدأ من تجربة فشل الحكومة الحالية في إمرار مشروع اشتغلت عليه منذ صيف 2022 وسقط في الأسابيع الأخيرة تحت ضربات المصرفيين وبعض الجهات السياسية الوازنة. لذا، أضحت المسألة معلّقة على حكومة جديدة تأتي بعد انتخاب رئيس للجمهورية. وتوقعت المصادر أن «تطلب الحكومة الجديدة إعادة التفاوض مع صندوق النقد الدولي المتشدّد بعدم التوسع في استخدام أصول الدولة لإطفاء الخسائر (ردّ الودائع)، ويصعب جداً إقناع الصندوق بتغيير رأيه، وفقاً لشبه إجماع خبراء محليين ودوليين.
وفي هذه الأثناء، بدأت تعلو أصوات مودعين يطالبون بسعر للدولار المصرفي بعدما ألغى مصرف لبنان سعر الـ 15 الف ليرة، وطلب من الحكومة إقرار سعر جديد. وإلى الآن تتردّد وزارة المال في إصدار السعر المنتظر من شرائح واسعة من مودعين في أمس الحاجة الى السحوبات حتى لو باقتطاع (هيركات) 70 الى 75% باعتبار أنّ السعر المرّجح هو 25 ألف ليرة للدولار المصرفي (أو اللولار).
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :