قد يكون لإعلان اتفاق وقف إطلاق النار تأويلات وتفسيرات عديدة، ولكن في معاييرنا وفي ميزاننا التفسير واحد.
من أشبع أهداف الحرب؟
بالنسبة للجانب المعادي، لم يتهجّر أهلنا إلى سيناء، لم يُقضَ على المقاومة بأمارة استمرار إطلاق الصواريخ من الشمال والجنوب وخان يونس وكلّ بقعة أُدخل إليها جيش العدو كي يُفتك بآلياته وبجنوده بالصواريخ والقذائف، ولم يُحرّر أسرى العدو بالقوّة بل قُتل بعضهم ما ضاعف من مآزم الكيان في جبهته الداخلية.
على ضفّتنا، وقف إطلاق النار لن يحصل إلّا وقفًا نهائيًا، فالمقاومة ترفض الوقف الجزئي. أمّا في أهداف الحرب فوقف إطلاق النار كما تجري المفاوضات اليوم، سيطلق بعده عمليّة تبادل كبير للأسرى، ستتمكن بنهايته المقاومة من تحرير أبناء شعبنا من داخل زنازين الاعتقال، في عملية أطلقت عليها عنوانًا واضحًا: تبييض السجون. من ناحية ثانية لا بدّ للمقاومة أن تحصّل رفعًا للأيدي الصهيونية التي تمارس انتهاكًا لحرمة المسجد الأقصى بشكل يومي. تسديد هاتين النقطتان يفيد بأنّ المقاومة حققت هدف عمليّة السابع من تشرين، بينما العدوّ لم يحقّق أيًّا من الأهداف التي رفعها نتنياهو وفريقه وحتّى بعض معارضيه في الأيّام الأولى للحرب. تبقى نقطة إعادة إعمار غزّة في مرحلة ما بعد الحرب هي نقطة أساس في ملف المقاومة التفاوضي والذي يبدو أنّ الجانب الأميركي مستعد للضغط في هذا الإطار كي يساهم بخفض التوتّر تجاه قوّاته في المنطقة!
وبعيدًا عن الأهداف المعلنة للحرب، هناك أهداف حُقّقت للمقاومة تضاعف من هزيمة نتنياهو وكيانه المأزوم فور وقف إطلاق النار. فمراكز الدراسات العبرية شرعت بالتحدّث عن احتمال عدم عودة المستوطنين الذين فرّوا من غلاف غزة والحدود المصطنعة مع لبنان إلى المستوطنات من جديد، فكثر منهم بدأوا بالاستقرار في غوش دان والمناطق المحيطة، بينما كُثر غادروا الكيان نحو بلادهم الأصليّة التي قد يكون بعضها في حالة حرب فضّله المستوطن على “إسرائيل” رمز الأمن والأمان”، وهرب الآلاف عبر مطار العقبة في الأردن الى اوكرانيا هو الدليل الواضح على الأزمة التي ستواجه أي حكومة للاحتلال بعد انتهاء الحرب.
وعليه، يبدو من المستبعد انصياع نتنياهو للرغبة الأميركيّة في وقف إطلاق النار، كون تأجيل الهزيمة أفضل من التسليم بها الآن، لا سيما وأنّ أيّ قوّة يهودية في العالم ليس بوسعها، لا اليوم ولا غدًا، تبديد الخطر الوجودي الذي أحدثه فجر السابع من تشرين.
مؤشّرات الانتصار باتت دامغة، وعمليّة التفاوض لن تُلوَ فيها ذراعنا أبدًا، وإن توقّفت الحرب اليوم، أم بعد سنة من الآن، العين على مطارات الكيان وموانئه ونسب الهجرات المعاكسة من فلسطين إلى العالم!
عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي ماهر الدنا
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :