ريتّا الصيّاح
انتقادات كثيرة تطال نادي برشلونة هذا الموسم، فبطل النسخة الأخيرة من الدّوري الإسباني لا يبدو في أفضل أيّامه على الإطلاق، إذا يحتلّ المركز الثّالث في ترتيب جدول الدّوري وبفارق سبع نقاط عن المتصدّر ريال مدريد ووصيفه، مفاجأة الموسم، جيرونا.
في دوري الأبطال نجح برشلونة بالتأهّل إلى ثمن النهائي لكنّ أداءه لم يكن مطمئنًا، وهو إن كان قد نجح بالفوز بأربع مباريات، لكنّ تلك الانتصارات أتى معظمها بشقّ الأنفس، كما وأنّ النادي الكتالوني مُني بخسارتين ضدّ شختار دونتسك الأوكراني ورويال أنتويرب البلجيكي، وهما ناديان "متواضعان" أمام اسم برشلونة وإرثه.
أمّا في كأس الملك فلم يكن أداء برشلونة أكثر إقناعًا، إذ فاز على بارباسترو من الدرجة الثانية بثلاثة أهداف لهدفين، وما اهتزاز شباكه مرتين من النادي القادم من درجة أدنى إلّا دليل على الكوارث الدفاعية التي يعاني منها الكتلان.
وينقسم منتقدو برشلونة إلى قسمين، الأوّل هو المشجّعون الذين يُبدون عدم رضاهم عن الحالة الّتي وصل إليها النادي، خاصّة بعد أن فاز باللقب المحلّي العام الماضي، وهم كانوا يتوقّعون تطوّرًا في الأداء، والقسم الثاني هو مشجعو الأندية الأخرى، خاصّة ريال مدريد، والذين يستغلّون فترة التّعثّر هذه ليس فقط للانتقاد بل حتّى للسخريّة.
ولكن ما يجب الالتفات له أنّ هذه الانتقادات وهذا الهجوم على النّادي هي دليل على قيمة برشلونة ورفض مشجّعيه الاستسلام لفكرة تراجع الفريق، وهي أيضًا دليل على مركزه بين الكبار وهو المطالب دائمًا بالسيطرة والهيمنة، حتّى أصبح يُنتقد حتّى في حال الفوز إن لم يكن مقنعًا وبفارق كبير، الأمر الّذي لا يحصل مع بعض الفرق الّتي تمتلك أسماءً أفضل من تلك الموجودة في برشلونة، لمجرّد أنّها غير مصنّفة كفرق "صفّ أوّل".
وكما هو الحال عند تراجع معظم الفرق الكبيرة، فإنّ القسم الأكبر من الانتقاد يوجّه نحو المدرّب في المقام الأوّل. وفي حالة برشلونة فإنّ تشافي غير معفى من الذّنب، فهو، مع انقضاء قرابة الخمسة أشهر من الموسم لم يستطع بعد إيجاد الحلول لمشاكل فريقه، والّتي يدرك طبيعتها جيّدًا، وهو ما يظهر جليًّا في مؤتمراته الصحفيّة وتصريحاته.
فالمدرّب اعترف بأنّ ناديه يعاني على مستوى ترجمة الفرص إلى أهداف، وهو ما أكّدته الإحصائيات، فبرشلونة يمتلك النسبة الأسوأ بين الأندية الأوروبية إذ لا يسجّل لاعبوه سوى ما نسبته 31% من الفرص والتسديدات التي يحصلون عليها، وهنا طبعًا لا يمكن إلقاء اللوم كاملًا على المدرّب، فالذنب الأكبر يتحمّله اللاعبون.
مشكلة برشلونة لا تكمن فقط في خطّ الهجوم، ففي الدّفاع يبدو الوضع كارثيًّا، ففي الدوري الإسباني تلقّت شباكه 22 هدفًا في 19 مباراة مقابل 20 هدفًا في الموسم الماضي، وهي مشكلة يتحمّل قسمًا منها أيضًا خطّ الوسط الذي يفشل أحيانًا كثيرة في تخليص الكرة وإخراجها من منطقته بطريقة سليمة.
خلاصة القول أنّ برشلونة يمرّ بفترة لا يُحسد عليها، وطبعًا لا يبدو تشافي الرّجل المناسب للمرحلة، ولكن هل هو الملام الوحيد؟ طبعًا لا! فأسطورة النادي كلاعب وصل إلى دكّة البدلاء في مرحلة انتقالية كان فيها على النادي التعامل مع فكرة رحيل نجومه الواحد تلو الآخر، وتراجع مستوى من بقي منهم، وهو لا يملك أيّ خبرة في التدريب الأوروبي، فما بالكم بتدريب برشلونة وهو ليس بأفضل أحواله. وهذا لا يدلّ أبدًا على أنّ "زرقاء اليمامة" فاشل كمدرّب، فمن يعيد النظر بمسيرته كلاعب سيدرك مدى قدرته على قراءة الملعب واستغلال ضعف خصومه. لكن ما يجب ألّا يغفله المتابعون هو أنّ برشلونة اليوم، بالأسماء، ليس برشلونة 2009 و2011 ولا حتّى برشلونة 2015، بل هو فريق قوامه لاعبون شباب ما زالوا يفتقدون للنضج والكمال الكرويين، أو لاعبون شارفوا على نهاية مسيرتهم فكان من الطبيعي أن يتراجع مستواهم أو يفقدوا قدرتهم، أو رغبتهم، على العطاء.
تشافي حقّق مع لاعبين شبّان مراهقين لقب الدوري الإسباني على حساب أندية متكاملة أكثر منه بمراحل، كريال مدريد وأتليتيكو مدريد، وهو ما زال ينافس على البطولات هذا الموسم.
ومن يطالب برحيل تشافي، هل فكّر للحظة أيّ مدرّب أفضل يستطيع النادي انتدابه وتحمّل راتبه؟ ولو قدِم مدرّب "مرموق" هل سيرضى بعدم تدعيم الفريق كما يجب بسبب المشاكل المادية؟
الانتقاد دليل صحة، ولكن ليبقَ ضمن المنطق والمعقول، فالأولويّة هي لتصحيح الخلل الاقتصادي... وبعدها لكلّ حادث حديث ومدرّب ولاعبون جدد.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram
نسخ الرابط :