لماذا الاستهداف الإسرائيلي المتكرر لـ”اليونيفيل” والجيش؟

لماذا الاستهداف الإسرائيلي المتكرر لـ”اليونيفيل” والجيش؟

Whats up

Telegram

أمرٌ لا يمكن اعتباره خطأ في الميدان ان تتساقط القذائف الاسرائيلية على مواقع القوة الدولية العاملة في الجنوب “اليونيفيل”، وتستهدف ايضاً مواقع للجيش اللبناني ونقاطاً تابعة له في البقعة إياها. فالمعلوم ان مواقع “اليونيفيل” تعرضت منذ الثامن من تشرين الاول الماضي ثلاث مرات متتالية للقصف الاسرائيلي. المرة الاولى كانت بعد أقل من أسبوع على اشتعال جبهة الحدود الجنوبية عندما فوجئت القوة الدولية بأكثر من خمس قذائف من مدفعية ميدان تتساقط فجأة على المقر الرئيسي لقيادة هذه القوة في بلدة الناقورة الحدودية البحرية.

وبعدها بنحو أربعة ايام سقطت أكثر من قذيفة اسرائيلية على آلية لهذه القوة كانت تسلك طريقاً في الجانب اللبناني من الحدود بالقرب من بلدة بليدا، وبقدرة قادر نجا عناصر الآلية العابرة.

وقبل أقل من 48 ساعة تواترت الأنباء عن استهداف قذائف اسرائيلية برج المراقبة التابع لمركز دولي يقع على مقربة من مزرعة سردا بالقرب من بلدة الخيام في منطقة مرجعيون – حاصبيا.
يستبعد الخبير الاستراتيجي العميد المتقاعد الياس فرحات تماما فرضية الخطأ في مثل هذه الحال عند الجانب الاسرائيلي. ويقول لـ”النهار”: “ان هامش الخطأ، خصوصا في منطقة مثل منطقة الحدود الجنوبية، التي هي منطقة نشاط عسكري قديم، يكاد يكون منعدماً تماماً. فعلى طول الحدود بين لبنان والاراضي الفلسطينية المحتلة من الناقورة ساحلاً صعوداً حتى اعالي منطقة العرقوب والتي تقدَّر بنحو 105 كيلومترات، هي منطقة مستطلعة ومعلَّمة على خرائط غرفة العمليات الاسرائيلية، خصوصا عندما يتعلق الامر بنقاط مكشوفة وواضحة وثابتة الى حد بعيد”.

وعليه، يضيف العميد فرحات: “يتضح من هذا السياق العسكري ان القصف الاسرائيلي المتكرر للقوة الدولية هو وإنْ كانت أضراره مادية محدودة، إلا انه لا يمكن التعامل معه إلا على اساس انه عبارة عن رسائل ذات اهداف مكثفة وموجهة الى اكثر من جهة لا يمكن عزلها ابدا عن الحديث المتعاظم عن مستقبل الوضع على الحدود الجنوبية، خصوصا في ضوء الكلام عن ترتيبات جديدة بناء على ما يسمى تفعيل القرار الدولي 1701 وادخال تعديلات عليه، ولن يطول الوقت حتى تتضح محتويات الرسالة الاسرائيلية ومؤدّاها”.

ومع ذلك، ثمة مصادر على صلة وثيقة بـ”حزب الله” تربط بين الاستهداف الاسرائيلي المتكرر لقوة “اليونيفيل” والاستهداف المحدود الى الآن لمواقع الجيش اللبناني على الحدود. ومعلوم ان قذيفة مدفعية بعيدة المدى سقطت قبل ايام على موقع ثابت للجيش اللبناني بالقرب من بلدة عيتا الشعب الحدودية ما أدى الى استشهاد رتيب وجرح ثلاثة آخرين من رفاقه في الموقع اياه. وبعدها بأقل من 36 ساعة استهدفت قذيفة اسرائيلية مركز استشفاء ميداني أقامه الجيش عند تخوم بلدة عين ابل ما أسفر عن احتراقه بالكامل على رغم ان اسرائيل كانت اعتذرت عن قصف الموقع الاول للجيش.

والواضح، وفق المصادر عينها، ان ثمة قاسماً مشتركاً بين “رسالتي” اسرائيل الى كل من قوة “اليونيفيل” والجيش، يتصل بمستقبل الوضع على الحدود الذي تعتبر اسرائيل انه لا يمكن ان يحافظ بعد اليوم على “الستاتيكو” الذي كان عليه قبل 8 تشرين الاول الماضي، ولكن بطبيعة الحال ثمة فارق في مضمون الرسالتين، اذ إن الجليّ ان البعض يجد في طوايا الرسالة الاسرائيلية الى الجيش احتجاجاً شديد اللهجة على ادائه الحالي على الحدود وعدم وقوفه في وجه تحركات “حزب الله” والقوى المتحالفة معه، وهي تخوض معاً منازلة يومية بالنار بدأت كحرب مشاغلة لتنتهي بحرب استنزاف. وليس خافيا ان الجيش هو جزء اساسي من إنفاذ القرار الاممي الرقم 1701 إذ يُفترض به وفق القرار ان يكون هو والقوة الدولية متحفّزين للحيلولة دون اي وجود مسلح في بقعة جغرافية حددها القرار جنوب نهر الليطاني وتدرجه اسرائيل بطبيعة الحال في خانة الوجود المرفوض.

ومعلوم ايضا ان القرار 1701 نص على انتشار ما لا يقل عن 5 آلاف عنصر من الجيش اللبناني على طول الحدود لتكون مع القوة الدولية التي يفترض مبدئيا ان يتعدى عديدها الـ 15 الف عنصر، ولكن يبدو ان ظروف الجيش لم تسمح له بنشر إلا نحو 3500 عنصر، في حين ان القوة الدولية لم تستطع تجميع أكثر من 12 ألف عنصر أممي.

وفي السياق عينه، تتحدث المصادر اياها عن تعارض في النظرة الى مستقبل الترتيبات على الحدود بين الجانبين الفرنسي والاميركي. ونُقل عن بعض الموفدين الفرنسيين الذين توافدوا الى بيروت في الفترة الماضية حديثهم للذين التقوهم في العاصمة اللبنانية عن توجه جديد يقوم على فكرة اعادة صوغ جديد لدور “اليونيفيل” على نحو يسمح بتطبيق القرار 1701. وعليه، فان الجانب الفرنسي يعتبر ان هذا القرار مؤلف من عشرة بنود، وان 3 بنود فقط بقيت من دون تنفيذ، واحد منها يتعلق بإخلاء بقعة عمليات “اليونيفيل” من أي وجود وأي مظاهر مسلحة.

في حين ان الموفدين الاميركيين وفي مقدمهم آموس هوكشتاين ركزوا في لقاءاتهم المتكررة في بيروت على منطلق اساسي هو ترسيم الحدود البرية على نحو يضمن معالجة النقاط الـ 13 المتحفظ عنها بما فيها النقطة B1 (الناقورة)، ويضمن ايضا إخلاء القوات الاسرائيلية لمنطقة شمال الغجر (خراج بلدة الماري اللبنانية) وقسم من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، لتكون كل تلك الاجراءات مقدمة لتطبيق مختلف للقرار 1701. وعندما سئل الموفدون الاميركيون عن رؤيتهم للتطبيق المختلف للقرار 1701 أسهبوا في الحديث عن مزايا تجربة قوة “الاندوف” العاملة على الحدود بين سوريا واسرائيل، وهي اساسا قوة مراقبة محدودة العدد لكن اداءها كان فعالا وايجابيا. وعليه، وجد المعنيون بالامر في بيروت ان الاميركيين ربما يضمرون رغبة في انهاء دور “اليونيفيل” كقوة كبيرة.

وفي كل الاحوال، فان هؤلاء المعنيين لا يرون واقعية في أي طرح عن مستقبل الوضع على الحدود وفي مسألة الترتيبات المحتملة التي ستفرض عليه لاحقا والحرب على اشدها في غزة وعلى الحدود الجنوبية، أي ان الكلمة هي الآن للميدان. ومع ذلك، فان تل ابيب تسارع الى فرض أمر واقع في الميدان لفرض شروطها لاحقا. وعليه، فان ما من ضمان يضمن عدم تكرار اسرائيل استهدافاتها للجيش والقوة الدولية لاحقا ما دامت المواجهات مستمرة.

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

Whats up

Telegram