يا عشّاق فلسطين... كثّفوا مشاركاتكم الافتراضية

يا عشّاق فلسطين... كثّفوا مشاركاتكم الافتراضية

 

Telegram

 

في عصر الديجيتال، صارت الحروب تُخاض على منصات التواصل أيضاً. محاربو الكيبورد، كما يُطلق عليهم، هم جنود خلف الشاشات. استخدام محتوى منصات التواصل، بما في ذلك الصور ومقاطع الفيديو والرسوم البيانية والـ MEMEs، يسمح بإشراك الجماهير العالمية ونقل سردية مباشرة، بعيداً من قنوات الإعلام المهيمنة وبشكل يحاكي لغة الأجيال الشابة. وهذا ما خصّص له الكيان العبري فرقة تدعى «القسم الرقمي» تهدف إلى إيصال سردية الاحتلال على مدار الساعة لاستمالة الرأي العام العالمي
 
وسّعت «إسرائيل» حربها ضد غزة إلى ما هو أبعد من ساحات القتال التقليدية. أفادت من قوة منصات التواصل لتحاول استمالة الآراء والسرديات والتفاعل مع الجماهير في جميع أنحاء العالم وتمرير سرديّتها، تحت حجة «مكافحة المعلومات المضلّلة» (بمعنى التي تضرّ بصورتها). في طليعة هذه الحرب الرقمية الإسرائيلية، يتحدث مدير «القسم الرقمي» في «وزارة الخارجية» الإسرائيلية، ديفيد سارانغا، وهو ديبلوماسي متمرّس يتمتع بخبرة تمتد على عقود في تعزيز مصالح «إسرائيل»، عن وظيفة القسم وعمله في تقرير نشرته صحيفة «جيروزاليم بوست» العبرية في 2 كانون الأول (ديسمبر) الحالي.يسلّط سارانغا الضوء على الأهمية الإستراتيجية للمجال الرقمي في الحرب الحالية التي يخوضها الكيان العبري. يتمثل الهدف الأساسي، برأيه، ليس فقط في «مكافحة المعلومات الخاطئة» لكن أيضاً في الوصول إلى جماهير متنوعة على مستوى العالم، وإيصال وجهة نظر «إسرائيل» بشأن الوضع الحالي. يعتبر أنّ منصات مثل X وتيك توك وفايسبوك وإنستغرام ولينكد من أهم الأدوات في هذه الترسانة الرقمية. ويضيف أنّ «المعركة اليوم ليست فقط على الأرض في غزة». يعمل القسم الرقمي بلا كلل لتشكيل الخطاب وحشد الدعم الدولي، مدركاً أن الفوز في حرب الرأي العام أمر بالغ الأهمية. يعمل القسم الرقمي بستّ لغات: الإنكليزية، العربية، الفارسية، الروسية، الإسبانية، والعبرية. وقريباً، ستُضاف اللغتان الفرنسية والألمانية. يُعد هذا النهج المتعدّد اللغات، خطوةً إستراتيجيةً للتواصل مع جماهير متنوّعة ومخاطبة المجتمع العالمي بشكلٍ فعّال. في الوقت نفسه، يتعاون القسم مع السفارات الإسرائيلية في مختلف أنحاء العالم لمواءمة السردية مع مشاعر السكان المحليين، أي إنّ سفارات كيان الاحتلال في الخارج، تدرس المجتمعات التي تتواجد فيها، ثم تشكّل سرديّتها بأسلوب يصل إلى كل مجتمع بأفضل طريقة.
 
يعترف سارانغا بالتحديات التي تواجهها «إسرائيل» على صعيد الجبهة الرقمية، وخصوصاً بالنظر إلى «العدد الكبير من المسلمين في جميع أنحاء العالم» الذين غالباً ما يشكلون الخطاب حول غزة (المفردات التي يستخدمها تعكس صلب السردية الصهيونية التي تريد تصوير الصراع على أنّه صراع ديني وليس صراعاً بين الاستعمار وأهل الأرض). يقول إنّ «هناك 1.8 مليار مسلم في العالم ينشرون الرسالة القادمة من غزة، مقارنة بـ 15 مليون يهودي في العالم». والتحدي الآخر، وفق زعمه، أنّ «المنشورات والمحتوى الفلسطيني على وسائل التواصل الاجتماعي مضلّلة بغالبيتها»، ويتناقلها ذلك العدد الكبير من المسلمين. محتوى يعمل «القسم الرقمي» بشكل حثيث على مواجهته.
اللافت في كيفية تفكير هذا القسم، أنه بدلاً من محاولة التأثير على من هم ضد «إسرائيل»، يوضح سارانغا أنّ التركيز ينصب على التعامل مع الأفراد الذين هم في خانة الوسط، الذين قد يفتقرون إلى فهم دقيق لخلفية الصراع العربي الإسرائيلي، مضيفاً أنّهم يتواصلون مع هؤلاء الأشخاص وغيرهم ممن يؤيدون «إسرائيل» على منصات التواصل كي ينشروا رسائل إسرائيلية. عملياً، يصبح هؤلاء أبواقاً تنقل الرواية الإسرائيلية، وعبارةً عن دفاعات رقمية تصد حملات الغضب على منصات التواصل بسبب الوحشية الإسرائيلية في التعامل مع الشعب الفلسطيني. يعمل المحاربون الرقميّون الإسرائيليون على مدار الساعة، ومهمتهم ضمان أن صوت «إسرائيل» مسموع على مستوى العالم. يقول سارانغا بفخر إنه منذ بداية الحرب، نُشر أكثر من 10 آلاف محتوى ومشاركات، ما يوضح حجم جهودهم. ويعترف القسم أيضاً بقوة المؤثرين وقادة الرأي في تشكيل الرأي العام على منصات التواصل. لكن عبر الانخراط بشكل استراتيجي مع الأفراد الذين يدعمون «إسرائيل»، يهدف القسم إلى تضخيم الخطاب الإسرائيلي و«موازنة الأصوات المنتقدة لأفعال» الكيان العبري.
 
من جهتها، تؤكد سابير ليفي، التي ترأس «مكتب الإعلام العربي الجديد» في «القسم الرقمي»، على أهمية التواصل مع العالم العربي. يتفاعل المكتب مع الجماهير في المجتمع العربي، بما في ذلك البلدان التي تملك علاقات تطبيعية مع «إسرائيل» كما الدول التي «تريد إزالتها من المنطقة». تقول ليفي إنها تعالج المعلومات «الخاطئة» المنتشرة عبر الإنترنت من خلال التركيز على تقديم «معلومات واقعية». والهدف هو التصدّي «للروايات التي تقدمها بعض وسائل الإعلام العربية».
وفي حين توفر منصات التواصل الاجتماعي أدوات قوية، إلا أنّ التحديات لا تزال قائمة. يسلط سارانغا الضوء على صعوبة «مكافحة الأكاذيب» ويدعو منصات مثل تويتر وفايسبوك وإنستغرام وتيك توك إلى التحرّك ضد المعلومات المضلّلة. إضافة إلى ذلك، يشدد على أهداف القسم في تركيز الجهود على «المفكرين المنطقيين» وقادة الرأي والمؤثرين لتعظيم تأثير سردية «إسرائيل». ومع استمرار حرب الإبادة والتطهير العرقي التي تمارسها «إسرائيل» على غزة، يتوقع القسم الرقمي تغيّراً في الروايات. ويتوقع أن يتحول التركيز على «محنة الرهائن» و«مواجهة إنكار أحداث معينة، مثل مذبحة 7 أكتوبر».
 
في عصر الديجيتال، حيث تشكل الأدوات الرقمية التصورات والفهم والآراء، وبعد مجافاة الناس، وتحديداً الأجيال الشابة، وسائل الإعلام السائدة والتقليدية، لم يعد خافياً على أحد أهمية تعزيز دور منصات التواصل. تكاد جبهة الرأي العام تكون موازية للمعارك على الأرض، فـ«إسرائيل» ابتزّت أجيالاً سابقة عبر قصة «الهولوكوست» عبر أدوات القرن الماضي مثل الراديو والتلفزيون والمناشير والصحف، واكتسبت تعاطفاً غير مسبوق بفعل ذلك في المجتمعات الغربية. في الحرب الحالية، كانت الكفّة الرقمية تميل لمصلحة العدو في بداية عدوانه على غزة، عبر الأكاذيب والفبركات التي نشرها بما في ذلك أكذوبة الـ40 طفلاً مقطوعي الرأس وغيرها من الفبركات. لكن فوزه بهذه الجبهة لم يدم طويلاً بعدما فضح أكاذيبه شعب الإنترنت، وشاهد العالم بأسره همجية الآلة الحربية الإسرائيلية وقتلها الممنهج للأطفال والنساء لتركيع شعب غزة وتأليبه على المقاومة.
هذه الجبهة متحرّكة: لا يعني فوز المقاومة والشعب الفلسطينيين بها اليوم بأنّ الغد مضمون، وخصوصاً أنّ كيان العدو جنّد محاربين رقميين من أجل هذا الهدف. وهم يتسلّلون بيننا على مختلف منصات التواصل. أمر يوجب على الجميع تكثيف المنشورات الداعمة والمناصرة للشعب الفلسطيني. إنه عصرٌ تُقاس فيه القضايا بطول الوقت التي تصدّرت فيه الـ «تريند» وأعلى قائمة «الهاشتاغات». مع الأسف، هكذا هي أدوات هذا العصر، فالعالم الحقيقي ينعكس في العالم الافتراضي بعدما ذاب العالمان في بعضهما. إنّها ساحة افتراضية كبيرة، هكذا أرادتها سياسات وقواعد النظام العالمي، والعالم كله يشاهد ويتأثر ويتفاعل وتتشكل آراؤه، فلا يجب أن يصيبنا الملل ولا أن يتراجع الزخم، فلنملأ عالم الأصفار والآحاد كله بعلم فلسطين، فلتكن ساحة رقمية غالبية بياناتها مناصرة لهذا الشعب الذي قُتل وشُرّد وسُلب منه كل شيء، ما عدا الأمل.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram