افتتاحيات الصحف المحلية الصادرة اليوم الاثنين 14 آب 2023

افتتاحيات الصحف المحلية الصادرة اليوم الاثنين 14 آب 2023

 

Telegram

 

افتتاحية صحيفة البناء:

صواريخ روسية استراتيجية على داعش في سورية… والمقاومة السورية: قصفنا المواقع الأميركية الراعي: نتألم لسقوط الضحايا… ويجب تطبيق الطائف والوقوف وراء الجيش… وانتخاب رئيس نصرالله اليوم… ورعد: من لا يريد المقاومة لا يريد الطائف والمسألة في الشحن وليست في الشاحنة

كما في لبنان في سورية، يجمع الأميركي أوراقه للتخريب والضغط، وفجأة يستعيد تنظيم داعش حضوره العسكري، وقدرته على تنظيم عمليات قرب القواعد الأميركية، وبالقرب من القواعد الأميركية تستأنف الميليشيات الإرهابية نشاطها على الحدود السورية العراقية، لكن كما في لبنان في سورية أيضاً، حيث قوى المقاومة والدولة السورية وحلفاؤها روسيا وإيران ليسوا ضعفاء ولا غافلين عما يجري، فكان الرد سريعاً على عمليات داعش بقصف تدميري من البوارج الروسية بصواريخ استراتيجية دقيقة استهدفت معاقل التنظيم الإرهابي في بادية الشام، بينما كانت المقاومة الشعبية السورية تصدر بياناً تقول فيه، إنها استهدفت القواعد العسكرية الأميركية في منطقة شرق الفرات، بعدة ضربات صاروخية.
وأوضحت المقاومة الشعبية في بيان أن الضربات، استهدفت قاعدة حقل العمر بـ 4 قذائف صاروخية، وقاعدة حقل كونيكو بـ 5 قذائف صاروخية، وقاعدة الشدادي بقذيفة صاروخية واحدة. كما قامت المقاومة الشعبية بإطلاق عدة مسيرات متفجرة، أصابت ضرباتها المتتالية قاعدة مطار الشدادي العسكري، الذي تتمركز فيه قوات الاحتلال الأميركي. ونقلت مجموعات الرصد التابعة للمقاومة أخباراً أن النيران تشاهد من المراكز المستهدفة، في ظل سماع أصوات سيارات الإسعاف والطيران المروحي الأميركي. وأكدت المقاومة الشعبية في سورية، أنها مستمرة في دكّ معاقل القوات الأميركية المحتلة أينما وجدت، حتى تطهير كامل التراب السوري من المحتل الأميركي.
لبنانياً، تواصلت المواقف المتصلة بحادثة الكحالة، حيث جاء موقف البطريرك بشارة الراعي بعد موقف المطران بولس عبد الساتر يؤكد أن الكنيسة متنبهة لخطورة التحريض الطائفي، وأنها تدرك أن وضع البلد الدقيق لا يحتمل المخاطرة برفع مستوى التصعيد السياسي والطائفي بوجه سلاح المقاومة، والسعي لنقله الى الشارع، فدعا البطريرك الراعي الى التهدئة ونبذ الأحقاد الطائفية، مؤكداً على الحاجة لتطبيق اتفاق الطائف وإعطاء الأولوية لانتخاب رئيس للجمهورية، معلنا الأسف لسقوط الضحايا.
من جهة مقابلة يطل الليلة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في ذكرى الانتصار في حرب تموز 2006، ويتناول القضايا المتصلة بالصراع مع كيان الاحتلال من جهة، والأوضاع الداخلية من جهة مقابلة، بينما تحدّث رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد عن حادثة الكحالة فقال إن المسألة ليست في الشاحنة بل في الشحن السياسي والإعلامي الذي تحركه الغرف السوداء، معتبراً أن من لا يُرِد المقاومة لا يُرِد اتفاق الطائف.

فيما لا تزال حادثة الكحالة ترخي بظلالها على المشهد السياسي، في ظل سلسلة مواقف محلية صدرت في عطلة الاسبوع فإن الترقب سيد الموقف لإطلالة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله لمناسبة الذكرى السنوية السابعة عشرة للانتصار في حرب تموز، وستكون له مواقف إقليمية ومحلية داخلية يتصل ابرزها بحادثة الكحالة وبالعلاقة مع التيار الوطني وما يمكن ان يبنى عليها في الملف الرئاسي.
رأى رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد أن «تداعيات الحادث المؤسف الذي حصل في الكحالة كان بسبب التحريض والحقد الذي ينفثه الآخرون، والتزامهم طريقا غير طريق الاستقامة الذي يصلح للبلد وللوطن ولمجتمعنا بكل طوائفه ومناطقه».
وبينما اعتبر رئيس مجلس النواب نبيه برّي تعليقا على حادثة الكحالة أن «لبنان اجتاز قطوعاً كبيراً إثر هذا الحادث»، طالب البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي خلال تدشين مذبحي كنيسة أم المراحم وكابيلا القديس شربل في القعقور، كل مكونات البلد والأحزاب الانتظام تحت لواء الدولة خصوصا بشأن استخدام السلاح، وشدد على أنه لا يمكن العيش على ارض واحدة فيها اكثر من دولة وجيش وسلطة.
وكشف مدير التحالف الأميركي – الشرق أوسطي توم حرب، عن موقف أميركي مرتقب، في الأيام القليلة المقبلة، للضغط من اجل عدم تسليم الجيش الاسلحة والذخائر التي كانت تنقلها «شاحنة الكحالة» الى «حزب الله».
وتوعد حرب بموقف عالي السقف للكونغرس الأميركي من هذه المسألة، ومن المساعدات الأميركية للجيش اللبناني، عندما يستأنف الكونغرس اجتماعاته، أوائل الشهر المقبل.
وتخشى أوساط ديبلوماسية من انعكاس هذه التطورات على الموقف اللبناني، عندما يجتمع مجلس الأمن في 31 آب لبحث التمديد للقوات الدولية في الجنوب «اليونيفيل».
ويترأس وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي، اجتماعًا لمجلس الأمن الداخلي المركزي، في ظل الأحداث المستجدة، وذلك عند الساعة 12:00 من قبل ظهر اليوم في مكتبه بالوزارة.
الى ذلك، يعقد مجلس الوزراء في السراي الحكومي جلستين الاولى الاربعاء، مخصصة لاستكمال دراسة مشروع قانون موازنة العام الحالي والثانية الخميس لدرس جدول أعمال عادي من ضمنه بنود كان قد تم ارجاؤها من الجلسة الماضية.
وخلال هذا الاسبوع ايضا يعقد مجلس النواب جلسة تشريعية عند الساعة الحادية عشرة من قبل ظهر الخميس لمناقشة اقتراح قانون الصندوق السيادي الذي أنجزته لجنة المال والموازنة النيابية مع تسجيل عودة اقتراح الكابيتال كونترول مجددا للبحث فيه. وأكّد رئيس مجلس النواب نبيه برّي أنّ «الجلسة التشريعية قائمة في موعدها، وأنا حاضر وجاهز».
وأشار عضو تكتل «لبنان القوي» النائب أسعد درغام الى ان «القبول برئيس تيار المردة سليمان فرنجية رئيسا وارد جداً إذا قبل الحزب بشروط التيار الوطني الحر الثلاثة، أي الصندوق الائتماني وبناء الدولة واللامركزية ونطمح الى اتفاق مع الحزب قبل أيلول».
ولفت درغام الى ان «التيار لن يقبل إلا بأن تكون اللامركزية الادارية ماليةً أيضاً، ولم نسمع رفضاً مبدئياً من الحزب على هذه النقطة، وننتظر ملاحظاته على ورقتنا المكتوبة».
واستمع وفد مصغر من هيئة العمل الفلسطيني المشترك في لبنان من لجنة التحقيق التي شُكلت برئاسة رئيس هيئة المتقاعدين العسكريين الفلسطينيين معين كعوش إلى آخر ما توصلت له لجنة التحقيق بعملية الاغتيال التي استهدفت قائد قوات الامن الوطني الفلسطيني في صيدا واخوانه ابو اشرف العرموشي، وكذلك عملية الاغتيال التي استهدفت عبد الرحمن فرهود.
وأكدت لجنة التحقيق أنها ماضية في عملها وقطعت شوطاً كبيراً من المهمة الموكلة لها، مشددة على أن هناك تعاونا كبيرا وتسهيلات من جميع الفرقاء.
وكشفت أنها ستقدّم بأقرب وقت تقريرها النهائي إلى هيئة العمل الفلسطيني المشترك في لبنان لتبت بالامر.
وكشفت الشرطة الإسبانية، امس عن تفكيك منظمة إجرامية هرّبت مهاجرين سوريين من لبنان إلى إسبانيا وألمانيا والنروج عبر ثلاث قارات وذلك بالتعاون مع يوروبول والشرطة الفدرالية الألمانية.
وبحسب عناصر التحقيق الأولى، كان المهاجرون ينطلقون من لبنان حيث يمرون من مطار بيروت إلى مصر مقابل 4000 يورو، ومن هناك، يمر السوريون براً إلى ليبيا وتونس والجزائر مقابل 3500 يورو. وثم من مدينتي وهران ومستغانم الجزائريتين، ينقلون في قوارب إلى الساحل الإسباني مقابل 10 آلاف يورو.

   ***************************   

افتتاحية صحيفة الاخبار :

وقيعة الكحالة: عن القاتل والقتيل
 

الخيال امتداد من امتدادات الواقع وصنيعة له. الخيال السقيم الذي رسم لوقيعة الكحالة أحبطه وعي الواقع وحقائقه الصلبة، إذ يبقى الواقع أقوى من الخيال وأبقى منه مهما بلغ "جموح" هذا الأخير ولَاواقعيّته.

مشهد أول
منذ أيام وعَيْنا "السفير" المستعرب، نسبة ونسباً، لا تعرفان النوم. بحسب ما هو متداول، وبهمس مدروس، في الأروقة التابعة أو اللصيقة، في "معراب" و"الصيفي" وغيرهما من الأوكار والجحور، فإن السبب المباشر لتكدّر أحوال هذا الكائن واضطرابها، ضياع "الفرصة الجديدة" التي أتاحتها وقيعة الكحالة. والتي كانت لتوفر له تحقيق ما سعى إليه منذ أن دُفع به نحو البلد، والمقصور على هدف واحد لا غير، وجوهره الثابت: ملاقاة العدو في حربه المفتوحة على المقاومة ولبنان، وذلك من خلال محاولات ضرب ما تبقّى من أسس ومرتكزات "المناعة الوطنية"، والعمل الحثيث لزرع الفتن أو التهديد بها كتقليد سياسي ثابت في أجندة المشيخة القروسطية. وقد تحقّق له النجاح النسبي في إنجاز مهام المرحلة الأولى معتمداً على أشكال مبتكرة من الترهيب والترغيب، وهي المرحلة التي قضت بتوفير الأدوات اللازمة لها، فكانت فبركة التشكيلات السياسية والاجتماعية والثقافية... التي أوهمها، وبدورها أوهمته، بالقدرة على تحقيق المرتجى... وهو المرتجى الذي عجز عنه ولاة الأمر في تل أبيب وواشنطن وباقي امتداداتهم وأذرعهم في الخليج المحتل والمكروه على أمره. إلا أنه رغم كل ما بذله من جهود وما دفعه من أموال وما قدّمه من إغراءات سمّمت الإعلام وعطّلت السياسة ولوّثت الثقافة وخرّبت الاقتصاد، بقيت تشكيلاته المأجورة من "أحزاب" وقوى وشخصيات ونوادٍ وجمعيات... قاصرة عن بلوغ أعتاب المرحلة الثانية التي هي باختصار شديد تعميم الفتنة.

مصادر أخرى لمّحت إلى أن السفير يعيش حال تدهور عصبي يعجز الأطباء عن فهمه ومداواته. فهو، ومنذ اللحظة التي أمكن فيها للبنانيين الحقيقيين، والمقاومة في مقدّمهم، محاصرة الفتنة ووأد مفاعيلها التي أريد لها أن تكون بمثابة شرارة تشعل حريقاً يمتد إلى باقي المناطق، عزل نفسه عن العالم، وأقفل هواتفه الذكية، وأمر موظّفيه أو العاملين عنده بقطع الاتصال مع الخارج وعدم الرد على ما يردهم من اتصالات، حتى ولو كانت من أقرب المقرّبين، وهم في غالبهم الأعم وشاة ومرتزقة وأصحاب مصالح وضيعة لا شأن للناس بها إلا في كونهم ضحايا محتملين لها.
وثمّة من يشير إلى أنه سبق قراره بالانعزال التام، وحبس نفسه في جناحه المترف، أن اجتاحته سَوْرَة عالية من الغضب الشديد نجم عنها تكسيره لمحتويات مكتبه الخاص، ولم توفر قريباً أو بعيداً من الشتائم التي انهال بها على كل الأزلام والتابعين، ووصلت بعض شرارات هذا الغضب ومعه الشتائم المقذعة إلى معراب والصيفي... وغيرهما من متزعّمي وأفراد الخلايا الناشطة من غير أن توفّر تلك النائمة.

المعلومات التي جرت مقاطعتها مع أكثر من جهة أفادت أيضاً بأن السفير المستعرب محبط للغاية، وأنه يدرس جدياً فكرة التنحي والابتعاد. فأرقامه في الفشل المتكرر بلغت مستويات قياسية لا تقل عن مستويات سابقيه ممن عملوا على القضية نفسها. وبعد أن كادت اللقمة تصل إلى الفم، وجد من ينتزعها. فحُرم بذلك من تحقيق ما كرّس له نفسه، وما حلم به ليلَ نهارَ بالوكالة عن أولياء نعمته وبالأصالة عن نفسه. حال الإحباط التي وُصفت بالشديدة لم تنفع معها المسكّنات والعلاجات التي أشير عليه بها، بل إن المعلومات تقول إنها قد فاقمت من حالته. فالرجل الذي لم يتعلم، وحاله في ذلك من حال باقي أقرانه، من "الديبلوماسية" التي يرتدي قناعها إلا الفتنة، ما زال غير مصدّق لما آلت إليه الأحوال اللبنانية. فمن بعد فرحته العارمة والغامرة بقرب الحصاد... فوجئ بالنتائج المخيبة. وهو اليوم تحت وطأة حال من الوجوم والذهول الشديدين، ما ينذر بأزمة وجودية قد لا ينجو منها، إن نجا منها فإنه غير قادر على النجاة من تبعاتها التي يبدو، بحسب التقاليد التي تحكم المشيخة التابع لها، لن تتأخر.
على أن هناك ثمّة من حذّر من إقدامه على إيذاء نفسه بعد تكرار الفشل وعجزه عن الوصول إلى غايته المنشودة. لكنّ آخرين ممن يُشهد لهم بمعرفتهم بالأطباع والميول والماهيات أكّدوا استحالة إقدامه على ذلك. فبالنسبة إليهم، هذه النوعية غير السوية من البشر لا تملك جرأة الإقدام، وإن جرى وامتلكته فإنها لا تملك إلا أن توجّهه إلى من هم في محيطها المباشر، وأن كل ما في الأمر لا يعدو أن يكون سلوكاً طفولياً له تفسيره العلمي في المراجع الطبية ذات الصلة.

ربما يبقى ضرورياً القول إن الإشارات الواردة من "السفارة" مقلقة. فإلى الخطوط الهاتفية التي لا تعمل، سجّل بعض المراقبين احتمال أن تتسبّب ردة الفعل الصحراوية الناجمة عن تمكّن اللبنانيين من محاصرة الحادثة للرجل وللمشرفين على عمله بنكوص طفولي قد لا ينجو منه التابعون اللبنانيون الذين بدأوا بالتسابق على التحلل من مسؤوليات العجز والفشل وتقاذفها في ما بينهم. وما رشح من معلومات لا يبعث على الراحة، طبعاً راحة هؤلاء الذين لا حياة لهم إن فقدوا شريانه الحيوي المتمثل بالرضى الصحراوي، مع كل ما ينطوي عليه من أسن عضوي.

مشهد ثانٍ
كان فادي البجاني قد خطّط ليومه جيداً.
كان قد خطّط لما هو مغاير. لذا فإنه لم يبال كثيراً بمشاعر القلق التي انتابته حين فتح عينيه. وحتى لا تثقل عليه وتحول دون تنفيذه لما عزم عليه، سارع إلى دفعها بعيداً، وانخرط من فوره في ما يشبه الطقوس التي ألفها أو اعتاد أن يبدأ بها صباحاته.
كان قد خطّط ليوم عادي لا شبهة فيه وإن كان لا يخلو من الروتين. فالروتين أقوى من الجميع، قال لنفسه، ثم مضى في التحضير ليوم لبناني آخر لا يراهن فيه على جديد لن يأتي. لكنه فجأة، وفي غمرة تحضيراته الذهنية، انتبه إلى كوابيس الليلة السابقة التي قضاها. وحين حاول، كالعادة، استرجاع شريطها الذي أثقل عليه وأقلق نومه لتفسير قلقه غير المرئي لم ينجح. إلا أنه تذكّر جيداً أنه على قلق نام، وها هو على قلق يستيقظ. صحيح أن لا جديد في القلق. فالقلق هو رفيقه الدائم، وشريك لياليه، ليس منذ إعلامه بحقيقة مرضه فحسب، بل منذ أن وعت عيناه النور. لكنه يدرك أن شراكته القسرية مع القلق تعمّقت حين أبلغه الأطباء بدنو الأجل. لكن لأسباب لم يقدر على تفسيرها أدرك أن قلقه اليوم مختلف، وهو ما يستشعره من دون أن يملك دليلاً عليه غير هذا الانقباض الذي لا تفسير له للقلب.

كان في طريقه نحو المطبخ لإعداد قهوته، عندما خطر له أن يهاتف يوسف. لكنه سرعان ما تراجع عن الفكرة. فهو لا يريد أن يظهر أمام ابنه بمظهر غير متماسك. ثم إن الوقت لا يزال مبكراً، ومن شأن اتصال في مثل هذا الوقت المبكر أن يتسبب ليوسف بقلق أكبر من القلق الذي يعاني منه جرّاء وجوده بعيداً عن الوالد، وهو ما لمسه في محادثته الأخيرة معه. فبالنسبة إلى فادي الذي يفهم قلق الأب على ابنه ويبرّره، يعجز عن تفهّم قلق الابن على والده. وهو وإن كان يتفهّم قلق لينا وجنيفر وغيرهما من الأصدقاء والأصحاب، فإن خشيته عليهم مضاعفة، لكنه يحتفظ بخشيته ولا يبوح لكيلا يزيد عليهم. بل إنه كثيراً ما يقلقه حين يخطر له السؤال عن قدرتهم على تدبير أمورهم من بعده. وهنا يكمن الثقل الذي يعجز عن التحرر منه.
فبالنسبة إليه، تمكّن أخيراً من التعايش مع المرض الذي لم يكن يتوقّعه. صحيح أنه فوجئ في البداية، بل لنقل إن صدمته كانت كبيرة، لكنه سرعان ما درّب نفسه على العيش معه. ومن يومها وهو يتصرف بمسؤولية إضافية تفرضها التزاماته تجاه لينا ويوسف وجنيفر وإيلي وباقي الأسرة التي ينتمي إليها. لكن ثمّة لحظة يفقد فيها المرء قدرة السيطرة على نفسه ويترك للحماسة البلهاء أن تجرّه إلى حيث لا يريد، وهو بالضبط ما حصل مع "أبو يوسف" وقاده إلى ارتكاب ما لا يجدر به البتة ارتكابه في لحظة طيش وتخلٍّ دفعته نحوها مناخات التعبئة المذهبية والتحشيد الطائفي المموّل تمويلاً فائضاً، ولم يملك ساعتها ما يساعده على التبصّر ولو لثانية واحدة.

كان فادي البجاني ينتظر موتاً آخر، موتاً لا صخب فيه، موتاً يشبه هدوء الأيام الأخيرة وسكينتها. لكنّ القتلة الحقيقيين الذين كشفوا وجوههم من خلال التحريض الفتنوي المباشر، وأشكال مبتكرة من الرقص على الدم، كان لهم رأي آخر.
وهنا، من الضروري القول إن من تخصّص في خطف الأحياء على الحواجز وقتلهم، ونظّم مئات المجازر على امتداد زمن الحرب الأهلية وما قبلها، نجح بالأمس، ولو جزئياً، في خطف فادي البجاني وقتله ومن ثم التمثيل بجثته إعلامياً وسياسياً. لكنّ نجاحه بقي محدوداً وإلى حين لم يتجاوز الدقائق. فوعي لينا وجنيفر ويوسف وإيلي و... قد فوّت الفرصة على تجار الدم الذين تكالبوا على الجثة المطروحة، ومنعهم من تحقيق غاياتهم القذرة.

**********************************

افتتاحية صحيفة النهار

 “الطائف مقابل المقاومة” أحدث معادلات “الحزب”!

لم ينحسر الصراخ السياسي والإعلامي على رغم مرور أيام على حادث الكحالة، وانما ارتفع للمرة الأولى تلويح بمعادلة توازي وتوازن بين #الطائف و#سلاح “#المقاومة”، على ما افصح عنها رئيس كتلة “#حزب الله” النيابية محمد #رعد، الامر الذي يذهب بالاصداء الحادة لهذه الحادث الى ابعد مما توقعه المراقبون بدقة لمنسوب التعمق في الصراع السياسي الذي بلغه البلد بعد عشرة اشهر من ازمة الفراغ الرئاسي. وإذ يبدو المشهد الداخلي مع الأسبوع الطالع كأنه شحن بجرعة كبيرة إضافية من التوتر والتعقيد وزيادة الغموض حيال كل الاحتمالات المطروحة لازمة الفراغ الرئاسي الموضوعة في محجر التجميد وانتظار “حوار أيلول” المقترح، تتركز عملية الرصد السياسي في الأيام القليلة المقبلة على ملفين بارزين أولهما يتصل باختبار جديد لـ”لتشريع الضرورة” في ظل الدعوة الموجهة من رئيس مجلس النواب نبيه بري الى النواب لعقد جلسة تشريعية للمجلس الخميس المقبل. اما الملف الثاني الآخذ في توهج تصاعدي فهو رصد التأثير الفوري والاجرائي لتوزيع تقرير التدقيق الجنائي الذي وضعته شركة “الفاريز اند مارسال” على مجريات التحقيق القضائي الجاري في ملف الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة والذي أصابه الجمود الأسبوع الماضي بفعل ما بات يوصف بـ”صراع قضائي” يخشى ان يستعيد تجربة الصراعات التي عرفها التحقيق العدلي في ملف انفجار بيروت عقب دعاوى المداعاة بين القضاة المعنيين. وبات بحكم المؤكد ان التقرير الذي شكل بوقائعه الإدانة الأقوى محليا وخارجيا لسياسات سلامة، ولو انه لا يغطي سوى المرحلة ما بين 2015 و 2020، تحول الى عامل الضغط الأقوى قضائيا وقانونيا ومعنويا على الجهات القضائية المعنية بملاحقة ملف سلامة للإسراع في استكمال الإجراءات المتعلقة بإنجاز التحقيقات الجارية معه ومع شقيقه ومساعدته ومن ضمنها بت ما بات يتم تداوله على نطاق واسع من ترجيح اصدار مذكرة بتوقيفه، ولكن هذا الامر لا يزال عالقا بين الاحتمالات بعدما أدى عدم تبليغ سلامة بموعد مثوله امام المحقق المرة الماضية كما ان نشوء دعوى مقاضاة من ممثلة الدولة في وجه قاضي التحقيق أدى الى تأخير إضافي في بت هذا الاجراء.

 

وتعتقد أوساط متابعة لمجريات هذا الملف قضائيا ان المضمون المتصل بالسياسات والهندسات وأسلوب إدارة المسؤولية الأولى عن مصرف لبنان واوجه الانفاق المالي العام والخاص كما ثبتها تقرير التدقيق الجنائي سيؤدي الى ارغام المعنيين القضائيين والرسميين ( الحكومة وزارة العدل كما مجلس النواب بلجانه المختصة) على الإقلاع عن موقف المتفرج والضغط على القضاء لبت التباينات والتجاذبات بين القضاة المعنيين لادخال مضمون التقرير في صلب الملف الذي يلاحق به سلامة وما يتطلبه ذلك من إجراءات عاجلة لا تحتمل تمييعا .

 

الجلسة

 

اما في موضوع الجلسة التشريعية لمجلس النواب الخميس المقبل، فان المعطيات المتوافرة حتى البارحة لم تكفل بعد انعقاد الجلسة لان “تكتل لبنان القوي” لم يقرر بعد او لم يعلن قراره حيال المشاركة في الجلسة من عدمها، ومعلوم ان مصير الجلسة مرتبط بمشاركته لان كتل المعارضة المسيحية والنواب التغييريين وعدد من النواب المستقلين من مقاطعة الجلسات لم يتبدل. وامس اكد رئيس مجلس النواب نبيه برّي أنّ “الجلسة التشريعية قائمة في موعدها، وأنا حاضر وجاهز”. ولدى سؤاله عما يقوله إزاء إعلان بعض الكتل النيابية رفضها الحضور والمشاركة في الجلسة، أكتفى بالقول “أنا حاضر وجاهز”. وعن رأيه في حادث الكحالة وما خلفه من ردود فعل لفت الرئيس بري إلى أنه سبق أنّ تحدث في هذا الموضوع معتبراً أنّ “لبنان اجتاز قطوعاً كبيراً إثر هذا الحادث”.

 

في غضون ذلك برز “تطوير” لافت ينطوي على دلالات تصعيدية جديدة في موقف “حزب الله” عبر حملاته وردوده على خصومه ومهاجميه في حادث الكحالة. وتمثل ذلك في ما اعلنه رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد من رهن لمصير اتفاق الطائف بسلاح الحزب. وقال رعد في كلمة القاها في الجنوب أن “تداعيات الحادث المؤسف الذي حصل في الكحالة كان بسبب التحريض والحقد الذي ينفثه الآخرون، والتزامهم طريقا غير طريق الاستقامة الذي يصلح للبلد وللوطن ولمجتمعنا بكل طوائفه ومناطقه”. وأكد “أننا لا نقاتل من أجل منصب ولا من أجل موقع سلطة، وبشهادة خصومنا نتنازل في السلطة عن كل ما يعطل عملنا في المقاومة، وهذا هو الثبات على الحق، ولأن المقاومة بهذا المستوى من الجهوزية في الدفاع عن الوطن، يأتي حلفاء إسرائيل، ويشغلون بعض الأغبياء عندنا في البلد ليحرضوا ضد المقاومة، فهؤلاء قاصرو النظر، وعلينا أن نتحملهم لأنهم أهل بلدنا، ولكن عليهم أن ينتبهوا أن الغلط لا يمكنه أن يتكرر، ولا تجعلوننا نفكر أبعد من أنكم قاصرو النظر وأنكم تريدون أن تخرجوا من التزاماتكم باتفاق الطائف، علما أنه من لا يريد المقاومة، فهذا يعني أنه لا يريد اتفاق الطائف، وبالتالي عليكم أن تنتبهوا إلى أين تأخذون وتجرون البلد” .

 

وفي سياق توزيع الأدوار بين اركان الحزب تحدث نائب الأمين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم عن الاستحقاق الرئاسي عازيا الانقسام الى “طبيعة تركيبة هذا المجلس النيابي المشتتة اذ يوجد انقسام في اتجاهات عدة وبهذه الحالة المطلوب أن تقترب بعض الاتجاهات من بعضها لتشكل قدرة على الاتفاق. بالنسبة إلينا نحن نعمل على توفير العدد الملائم بالاتفاق بيننا وبين بعض الكتل، وغيرنا يعمل بهذه الطريقة وقد شهدت جلسة الانتخابات الشهيرة في 14 حزيران 2023 في المجلس النيابي أنه كان مطروح إسمان هما سليمان فرنجية وجهاد أزعور ولم يستطيع أي فريق أن يحصل على النصف زائدا واحدا فضلا عن الثلثين في الدورة الأولى بالأصل، إذا المشكلة لها علاقة بالجميع ولسنا نحن وحدنا من يتحمل المسؤولية فقط، وقد سمعنا تصريحات من الطرف الآخر أنه لو تمكنا كحزب الله وحركة أمل ومن معنا أن نتوفق لجمع 65 نائبا في الدورة الثانية فهم سيعطلون الانتخابات لأنهم لا يريدون لمرشح لدينا أن يصل إلى المجلس النيابي، إذا من المعطل؟.. أننا نريد رئيسا وطنيا جامعا للبنانيين ويتعاون معهم جميعا، وينفتح على الدول العربية والأجنبية ولا يكون تابعا ولا يطعن المقاومة في ظهرها، هذه شروط وطنية وليست خاصة “.

 

#الراعي

 

في غضون ذلك اعرب البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي عن “حزنه وتالمه مع أهالي الكحالة الأحباء لمقتل عزيزهم المناضل في صمودها طيلة الحرب اللبنانية المرحوم فادي بجاني، الذي سقط ضحية شاحنة الأسلحة التي إنقلبت على كوع البلدة التابعة “لحزب الله”. ويؤلمنا ايضا سقوط ضحية من صفوفه. فالحياة هي من الله وعطية ثمينة للبشر”. وقال: “نسلم أمر التحقيق لمؤسسة الجيش والأجهزة الأمنية والقضاء، لإيماننا الدائم بالدولة ومؤسساتها. فإننا لن نخرج عن منطق الدولة، ولن ننزلق إلى العيش بدونها، وإلى الإحتكام لغيرها. وفي الوقت عينه نطالب جميع مكونات البلاد والأحزاب أن ينتظموا تحت لواء الدولة وعلى الأخص بشأن استعمال السلاح. فلا يمكن العيش على أرض واحدة فيها أكثر من دولة، وأكثر من جيش شرعي، وأكثر من سلطة، وأكثر من سيادة. بهذا المنطوق يجب تطبيق إتفاق الطائف بكامل نصه وروحه، وقرارات الشرعية الدولية بشأن سيادة دولة لبنان على كامل أراضيها”.

*********************************

افتتاحية صحيفة نداء الوطن

مصادر فلسطينية: شاحنة الكحّالة كانت متجهة إلى “عين الحلوة”

التوتّر حول “السلاح” يتصاعد… والراعي: لا عيش مع أكثر من دولة

 

صار جلياً، أنّ حادث الكحالة الأربعاء الماضي طوي أمنياً، لكنه لم يطوَ سياسياً. فما قاله البطريرك الماروني بشارة الراعي أمس مقابل ما قاله رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، يدلّ على أنّ هناك تعارضاً كاملاً في الاعتبار بما جرى، حتى أنّ اتفاق الطائف الذي استند اليه البطريرك الراعي والنائب رعد بدا منطقة نزاع مجدداً، بدلاً من أن يكون مساحة تلاقٍ، خصوصاً بعدما أصبح الاتفاق دستوراً. فهل يعني ان هذا الانقسام المتجدد بين أهل الطائف وبين رافضيه أصلاً، كحال «الحزب»، ينذر بأزمة جديدة ينتظرها لبنان؟

 

ما قاله الراعي بعد قداس احتفالي بتكريس مذبحَي كنيسة أم المراحم وكابيلا القديس شربل في بلدة القعقور: «لا يمكن العيش على أرض واحدة فيها أكثر من دولة، وأكثر من جيش شرعي، وأكثر من سلطة، وأكثر من سيادة. بهذا المنطوق يجب تطبيق اتفاق الطائف بكامل نصه وروحه، وقرارات الشرعية الدولية في شأن سيادة دولة لبنان على كامل أراضيها. وفي هذا الظرف حيث نحن أمام نظام إقليمي جديد يثير المخاوف والقلق، يجب الابتعاد عن المغامرات، بل الذهاب إلى انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع ما يمكن، إذ ليس من مبرر لعدم انتخابه منذ أيلول الماضي».

 

في المقابل، اعتبر رعد خلال احتفال تأبيني أنّ «المسألة ليست مسألة شاحنة انقلبت على كوع الكحالة، وإنما المسألة كانت مسألة موقف من المقاومة، لأنهم لا يريدون مقاومة في هذا البلد». وسأل: «أين كانت الكحالة عندما كان الإسرائيلي في قصر بعبدا؟»، وحذّر من «أنّ الغلط لا يمكن أن يتكرر»، وأنّ «من لا يريد المقاومة، يعني أنه لا يريد اتفاق الطائف».

 

كيف قرأت الأوساط السياسية الواسعة الاطلاع لـ»نداء الوطن» هذا التناقض بين كلام الراعي ورعد؟ تقول هذه الأوساط: «إنّ من اشتبك مع «حزب الله» في الكحالة ينتمي الى «التيار الوطني الحر»، ما يعني أنّ البيئة التي ظهرت في الكحالة هي ضده، علماً أنّ البيئة المسيحية بكل تناغمها حتى الحليفة معه، على المستوى الشعبي وبمعزل عن الصفقات التي تحاول قيادات ان تجريها من فوق، هي ضد فريق رعد».

 

ولفتت الى أنّ «أهمية حادث الكحالة تكمن في أنها أعادت طرح المشكلة الأساسية أو ما يسمى مقاومة وهو مشروع خاص بـ»حزب الله». فكان هناك موقفان متناقضان: موقف البطريرك الماروني الذي يتحدث عن اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية، وأعاد الاعتبار الى الدولة والدستور والجيش والسلاح الواحد. وموقف رعد الذي قال إنّ كل من هو ضد المقاومة هو ضد اتفاق الطائف، وهو منافٍ للاتفاق وتزوير له. بينما في الحقيقة، إن كل من هو مع «حزب الله» هو ضد الطائف. فالطائف لم يتحدث إطلاقاً عن المقاومة، بل أعاد الاعتبار الى اتفاقية الهدنة وانتشار الجيش على الحدود، وحسم مسألة السلاح خارج الدولة. ودعا الاتفاق الميليشيات الى تسليم سلاحها، ومن ضمنها سلاح «حزب الله». فعمد النظام السوري الى ترقية «الحزب» الى مقاومة، فكان هذا هو أول انقلاب على الدستور من خلال رفض «الحزب» تسليم سلاحه. ومعلوم أن الطائف يضع التحرير في يد الدولة وليس في يد فئة».

 

واعتبرت أن «كوع الكحالة أعاد النقاش الى مسألة أساسية تتعلق بمفهوم الدولة والطائف. وتبيّن أن «الحزب» طرف مأزوم يخشى معاودة النقاش في جوهر إشكالية سلاحه وخط إمداده من طهران الى بيروت».

 

وخلصت الى القول: «السؤال الأساسي هو: بعد حادثتي الكحالة وعين إبل وفي ظل هذا الجو الذي أوجده «حزب الله» والتسعير السياسي الذي يقوم به بالكلام عن «ميليشيات»، فيما القتيل ينتمي الى «التيار العوني»، كيف يمكن للنائب جبران باسيل مواصلة حواره مع «الحزب»؟».

 

وفي موازاة هذه المعطيات، أبلغت مصادر فلسطينية «نداء الوطن» أن شاحنة «حزب الله» للأسلحة التي انقلبت في الكحالة الاربعاء الماضي كانت تنقل ذخائر هي عبارة عن صناديق طلقات لأسلحة رشاشة ومضادة للطيران. انطلقت من البقاع وكانت وجهتها مخيم عين الحلوة جنوب صيدا. وتأتي هذه الخطوة لتعويض مخازن الأسلحة في المخيم التابعة لحلفاء «الحزب»، والتي نقص مخزونها بعد معارك المخيم الأخيرة.

 

على صعيد آخر، أفادت «الوكالة الوطنية للاعلام» أنّ «أحد المواطنين أقدم على إلقاء قنبلة حارقة على السياج التقني المحيط بمستوطنة المطلة مقابل سهل مرجعيون»، فردّت القوات الاسرائيلية «بطلقة نارية في اتجاه الأراضي اللبنانية، من دون تسجيل أي إصابة».

*********************************

افتتاحية صحيفة الجمهورية

 

  التقرير الجنائي يتفاعل داخلياً وخارجياً .. ونبذ الفتنة يطوي حادثة الكحالة

ينتظر أن يكون الاسبوع الطالع حافلاً بالتطورات التي سيختلط فيها الرئاسي بالحكومي والتشريعي والامني والمالي وتقرير التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان الذي بدأ يتفاعل على كل المستويات، فهناك جلسة لمجلس الوزراء وأخرى لمجلس النواب وعلى جدول أعمالهما مواضيع تأخذ طابع الضرورة، في ظل متابعة للمعالجة الجارية لذيول حادثة الكحالة وقبلها أحداث مخيم عين الحلوة، بالاضافة الى التحركات الجارية علناً او بعيداً عن الاضواء في شأن الاستحقاق الرئاسي استعداداً لعودة الموفد الرئاسي الفرنسي الشهر المقبل، وما سيحمله معه من طروحات للدفع في اتجاه انجاز هذا الاستحقاق.

يتفاعل مضمون التقرير حول التدقيق الجنائي الذي أجرته شركة «الفاريز اند مارسال» في حسابات مصرف لبنان في مختلف الاوساط السياسية والمالية والمصرفية وفي الخارج، متزامناً مع الملاحقات القضائية لحاكم المصرف السابق رياض سلامة، الى نحوٍ يكاد يصرف الانظار عن الملفات الكبرى التي تغطي المرحلة وفي مقدمها الاستحقاق الرئاسي والحوادث الامنية المتنقلة، والمخاوف من حصول مزيد منها، والتي يحاول البعض إدراجها في اطار ضغوط داخلية وخارجية تتعلق بالاستحقاق الرئاسي.

 

وفي هذا الاطار قال المحامي الدكتور بول مرقص، رئيس مؤسسة JUSTICIA الحقوقية والعميد في الجامعة الدولية للأعمال في ستراسبورغ، لـ«الجمهورية» تعليقاً على مضمون التقرير الجنائي: «للأسف، وبالنظر الى مضمون عقد التدقيق الجنائي الموقع بين الدولة اللبنانية وشركة «الفاريز اند مارسال»، والقيود الواردة فيه، فإنه بموجب المادة 5 من العقد، لا يحق للدولة اللبنانية استعمال التقرير امام القضاء الا بعد موافقة الشركة التي يعود إليها في هذه الحال وقبل اجازة الاستعمال، الحَق في تعديله وتكييفه او حذف اسمها عنه وجَعلِه unmarked. الأمر الذي لا يرقى بهذا التقرير إلى مرتبة اعتماده كونه not reliable في حد ذاته. اي انه لا يمكن الارتكاز إلى صيغة التقرير الذي أرسله وزير المال إلى رئيس مجلس النواب ومنه إلى النواب، حيث جاء في أكثر من فقرة من العقد تعبير Report on a non-reliance basis. وإن كان هذا التقرير، في نظري، يمكن الاستفادة منه للمساعدة في إجراء تحقيق جديد أو في استكمال تحقيق قائم. كما أرى انه على رغم مما تقدم يمكن الاستفادة من هذا التقرير كـ«مُرتكَز حكومي» لإجراء إصلاحات في مصرف لبنان او اتخاذ موقف من الحاكم في ما لو كان لا زال في منصبه، او مستندا للمساءلة البرلمانية للسلطة التنفيذية، أكثر منه أداة محاسبة قضائية بالمعنى التنفيذي المباشر. هذا في الشكل. كذلك بالنسبة الى المضمون يجب درس الأفعال الواردة في التقرير والمنسوبة إلى إدارة مصرف لبنان لمعرفة ما اذا كانت تنطبق على الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات اللبناني. هذا من الناحية التقنية البحتة بصرف النظر عن موقفي الشخصي المبدئي المناهض لسياسة الصرف من الأموال العامة احتياطات اموال المودعين على مصاريف تتجاوز دور مصرف لبنان ونطاق عمله».

 

وفي سياق متصل كتب رئيس «التيار الوطني الحر» النائب ‏جبران باسيل عبر منصة «اكس»: «انّ التقرير أظهر كثيراً من المخالفات والسرقات للمال العام واموال المودعين، واخطر ما كشفه ان كلفة الهندسات المالية المباشرة بالاضافة الى العلاوات بلغت ٧٦ مليار دولار، وهي تساوي فجوة مصرف لبنان المالية. هذه جريمة مالية غير مسبوقة في تاريخ البشرية ومسؤولية القضاء التحقيق والمجلس النيابي ان يتحرّك، لأنه من حق اللبنانيين ان يعرفوا من سرق اموالهم». واعتبر ان «المعركة لم تنتهِ بالتقرير، وما بتخلص الّا بتسليم كل المستندات المطلوبة وهذه اليوم مسؤولية النائب الأول للحاكم، وباستكمال التدقيق في المصرف المركزي وبكل مؤسسة او ادارة وخصوصاً وزارة الطاقة لتبيان كل الحقائق والاكاذيب».

 

«التيار» و«الحزب»

 

وعلى صعيد الاستحقاق الرئاسي لم يسجل اي جديد ملموس فيما اهتمامات المعنيين به في الداخل والخارج منصَبّة على الحوار الجاري بين «التيار الوطني الحر» و«حزب الله»، اذ على نتائج هذا الحوار ستحدد المسارات التي سيسلكها هذا الاستحقاق وموازين القوى التي ستحكمه لدى عودة الموفد الفرنسي.

 

وفي الوقت الذي سادت توقعات بأن تتبلور قريباً نتائج الحوار بين «التيار» و«الحزب» في ضوء اوراق العمل المتبادلة بينهما، قال عضو تكتل «لبنان القوي» النائب اسعد درغام في حديث مُتلفز امس ان تأييد التيار لترشيح رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجبة «وارد جداً إذا قبل «الحزب» بشروط «التيار» الثلاثة، أي الصندوق الائتماني وبناء الدولة واللامركزية. ونطمح الى اتفاق مع الحزب قبل أيلول». واضاف «التيار لن يقبل إلا بأن تكون اللامركزية الادارية ماليةً أيضاً، ولم نسمع رفضاً من الحزب على هذه النقطة وننتظر ملاحظاته على ورقتنا المكتوبة». واشار الى ان» الحوار مع الحزب بعد حادثة الكحالة لن يخسرنا مسيحياً، فصحيح أن ما حصل مُدان، لكنّ نظرتنا وطنية. وما النفع اذا ربحنا بالمفرّق وخسرنا بالجملة على الصعيد الوطني».

 

في غضون ذلك، وفيما بَدا انّ الاتصالات نجحت في تطويق ذيول حادثة الكحالة بعد وضعها في عهدة المؤسسات العسكرية والامنية المختصة، تترقب الاوساط المواقف السياسية التي سيعلنها الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله في اطلالته مساء اليوم لمناسبة ذكرى الانتصار في حرب تموز 2006، والتي لن تخرج عن سياق التهدئة والتشديد على الوحدة الوطنية وعدم الانجرار الى الفتنة.

 

ودعا البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في عظةٍ خلال تدشين مذبحي كنيسة أم المراحم وكابيلا القديس شربل في القعقور، الى تسليم امر التحقيق في حادثة الكحالة «لمؤسسة الجيش والأجهزة الأمنية والقضاء، لإيماننا الدائم بالدولة ومؤسساتها». وقال: «لا يمكن العيش على أرض واحدة فيها أكثر من دولة، وأكثر من جيش شرعي، وأكثر من سلطة، وأكثر من سيادة. بهذا المنطوق يجب تطبيق إتفاق الطائف بكامل نصه وروحه، وقرارات الشرعية الدولية بشأن سيادة دولة لبنان على كامل أراضيها». وأضاف: «في هذا الظرف حيث نحن أمام نظام إقليمي جديد يثير المخاوف والقلق، يجب الابتعاد عن المغامرات، بل الذهاب إلى إنتخاب رئيس للجمهورية بأسرع ما يمكن إذ ليس من مبرر لعدم انتخابه منذ أيلول الماضي».

 

من جهته رأى رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد خلال احتفال تأبيني في بلدة حداثا الجنوبية «انّ المسألة ليست مسألة شاحنة انقلبت على كوع الكحالة، واستدعت ردة الفعل الهوجاء لبعض المحرضين الذين استجابوا لتعليمات من الغرف السوداء التي كانت تحركهم».

 

وأضاف: «المسألة كانت مسألة موقف من المقاومة، لأنهم لا يريدون مقاومة في هذا البلد ولا حتى شيئا بسيطا من أثرها، وهذه الشاحنة أثر من آثار المقاومة، ولكن هذه الشاحنة وأمثالها تنقل ما يخدم حراسة المقاومة لأمن المعترضين ولأمن اللبنانيين ولسيادتهم في وطنهم». وقال: «هؤلاء قاصرو النظر، وعلينا أن نتحملهم لأنهم أهل بلدنا، ولكن عليهم أن ينتبهوا الى أن الغلط لا يمكنه أن يتكرر، ولا تجعلوننا نفكر أبعد من أنكم قاصري النظر وأنكم تريدون أن تخرجوا من التزاماتكم باتفاق الطائف، علماً أن من لا يريد المقاومة، يعني أنه لا يريد اتفاق الطائف، وبالتالي عليكم أن تنتبهوا إلى أين تأخذون البلد وتجروه».

 

مجلس الوزراء

 

وفي موازاة الاهتمام الذي ما زال قائما في شأن حادثة الكحالة ومتابعة التحقيقات الجارية، يتوقع ان تؤدي عودة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من الخارج الى استئناف البحث في مشروع قانون الموازنة للعام 2023 في جلسة مجلس الوزراء التي ستنعقد بعد غد الاربعاء، وكذلك للبحث في بعض البنود المؤجلة من الجلسة السابقة وملفات مختلفة.

 

وقالت مصادر وزارية لـ«الجمهورية» ان الجلسة ستناقش بعض القضايا الطارئة، ومن بينها مستحقات موظفي «تلفزيون لبنان» في ظل ايقاف البث ليوم واحد، وما انتهت اليه المفاوضات بين وزير الاعلام ونقابة موظفيه. كما سيتناول البحث نتائج التحقيقات في حادث الكحالة حيث سيقدم وزير الداخلية بسام المولوي تقريراً حول ما حصل في غياب اي تقرير عن التحقيق العسكري أو العدلي في ظل مقاطعة وزيري الدفاع العميد موريس سليم والعدل القاضي هنري خوري اللذين يقاطعان جلسات مجلس الوزراء منذ نهاية ولاية الرئيس ميشال عون.

 

مجلس الأمن

 

وتحضيرا للجلسة من المقرر أن يترأس وزير الداخلية ظهر اليوم اجتماعاً لمجلس الأمن الداخلي المركزي في حضور قادة الاجهزة الامنية لاستكمال البحث في التطورات الامنية، لا سيما منها تلك المتصلة بحادثة الكحالة وكذلك بأحداث عين الحلوة وما آلت اليه الإتصالات الجارية مع القيادات الفلسطينية، وخصوصا تلك التي اجراها المدير العام للامن العام بالوكالة اللواء الياس البيسري. وما قطعته التحقيقات الجارية في حادثة الكحالة حتى اليوم.

 

جلسة تشريعية

 

تزامنا سينتقل الاهتمام يوم الخميس المقبل الى الجلسة التشريعية التي دعا اليها رئيس المجلس نبيه بري لدرس مجموعة من مشاريع القوانين من بينها نسخة منقحة من قانون «الكابيتال كونترول» والصيغة النهائية للصندوق السيادي لعائدات الثروة النفطية الذي انهت لجنة المال والموازنة درسه الأسبوع الماضي.

 

ومن المتوقع أن تبت الجلسة بمشروع قرض يتعلق بالطاقة المتجددة وكيفية قوننته، ومشروع اتفاقية مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر لإنشاء مركز اقليمي في لبنان بالإضافة الى العريضة النيابية المقترحة للرد على القرار الذي اصدره البرلمان الاوروبي قبل نحو شهر تقريبا رفضا للمواقف التي عبر عنها في شأن النازحين السوريين في لبنان.

 

وقبل ايام على الجلسة ما زالت الاتصالات جارية للتثبت من امكان ان تشهد نصابا قانونيا، ذلك أنه من المفترض ان يتوافر نصف أعضاء المجلس زائدا واحدا، وهو رقم لا يتأمن ما لم يشارك نواب كتلة «لبنان القوي» و«اللقاء الديمقراطي». وهو أمر لم يبت به نهائيا في انتظار الاتصالات المرتقبة في الايام الفاصلة عن الموعد المحدد، حيث من المتوقع ان يعقد خلال الساعات المقبلة لقاء بين رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل ومسؤول التنسيق والارتباط في «حزب الله» وفيق صفا، وذلك استكمالاً للاتصالات التي يشارك فيها نواب من الطرفين تتناول، بالإضافة إلى هذا الموضوع، حادثة الكحالة ايضاً.

*********************************

افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط

 

«حزب الله» يستعرض مدرعات عسكرية للمرة الأولى في لبنان

 

واصل «حزب الله» استعراضات القوة، عبر مقاطع فيديو نشرها مناصرون له، تظهر مدرعات وآليات عسكرية يعرضها للمرة الأولى في لبنان، رغم السجال القائم حول سلاحه، وتأكيده أن لا قرار لديه الآن بمواجهة عسكرية شاملة مع إسرائيل.

 

وبعد أيام قليلة فقط على أزمة انقلاب شاحنة أسلحة عائدة له، تناقل مناصرو الحزب (الأحد) صوراً ومقاطع فيديو تظهر مدرعات ومدافع ودبابات مجمعة في مكان لم يحددوه في البقاع في شرق لبنان.

 

وقال مناصرو الحزب، إن تلك الآليات سيجري عرضها في معرض عسكري يقيمه في البقاع، بمناسبة الذكرى السنوية الـ17 لانتهاء حرب تموز 2006، وذلك ضمن احتفالات ينظمها الاثنين، ويتحدث فيها الأمين العام للحزب حسن نصر الله.

 

ويأتي عرض الآليات، بعد 3 أيام على الإعلان عن تطوير منظومة صواريخ موجهة ضد الدروع، وذلك في مقطع فيديو أيضا.

 

ويعدّ عرض المدرعات في لبنان، الأول من نوعه في تاريخ الحزب، حيث اقتصرت العروض السابقة على عروض عسكرية رمزية غير مسلحة، بينما جرى عرض أسلحة عائدة له في مقاطع فيديو غالباً ما يتناقلها جمهوره في مواقع التواصل الاجتماعي. وأقيمت أخيراً في الشهر الماضي، مناورة حية أمام وسائل الإعلام في قرية في الجنوب.

 

ويتزامن هذا الاستعراض مع سجال لبناني حول سلاح الحزب، ودعوات لبنانية لحصر السلاح بالقوى الشرعية اللبنانية، وذلك بعد حادثة انقلاب شاحنة محملة بالذخائر، أدت إلى اندلاع اشتباك مع سكان محليين في بلدة الكحالة بشرق بيروت مساء الأربعاء الماضي.

 

وبموازاة هذا الاستعراض، أكد الحزب على لسان نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، أنه لا يوجد قرار لدى الحزب الآن بمواجهة عسكرية شاملة مع إسرائيل. وقال في تصريح لوكالة «مهر» الإيرانية: «تحاول إسرائيل أن تحقق إنجازات صغيرة ومحدودة في قضم أمتار هنا أو هناك، أو تثبيت احتلالها أو إعطاء صورة بأنها حاضرة من خلال مناوراتها، ولكن هذا كله لا يؤدي إلى حرب مباشرة، ولا يعني أن إسرائيل الآن في حالة استعداد كبرى للحرب».

 

وأضاف: «في المقابل المقاومة تقوم بما عليها من الاستعدادات والمناورات، والتحرك على الأرض، والانتباه إلى ما يجري على الحدود، وكذلك جمع المعلومات والاستمرار في التدريبات. كل هذه الأمور تحدث، ولكن لا يوجد قرار لدى المقاومة الآن بمواجهة عسكرية شاملة مع العدو الإسرائيلي».

 

وتابع: «من جهة الطرفين لا يبدو أن الأجواء مساعدة على حرب في هذه المرحلة، وبناءً عليه لا يحتاج الأمر إلى أكثر من تحذير لحكومة الاحتلال وتذكير لقيادته العسكرية بأنهم إذا أخطأوا في التقدير، فهم يعلمون تماماً جاهزية المقاومة واستعدادها للمواجهة والرد»، وذلك رداً على تهديدات إسرائيلية بإعادة لبنان إلى العصر الحجري.

**********************************

افتتاحية صحيفة اللواء

 

«شاحنة الكحالة» تحوِّل التمديد لليونيفيل إلى معركة قاسية

«مهاترات المثلية» تفضح المستور.. وأول تحدٍّ لمنصوري الرواتب بالدولار

 

أطفأ مطر آب بعضاً من حرارة الطقس «المتمرّد» على ما هو مؤتلف أو مألوف في مثل هذه الأيام على مدى سنوات وعقود، في بعض المناطق اللبنانية، في ما بدا ان حرارة الخلافات، تمرَّدت على محاولات المعالجة، وبقيت «الخندقة» تحفر في الجسم اللبناني، عشية الاسبوع الثالث من آب، ومع اقتراب نهاية شهر السماح الدولي، للأطراف اللبنانية بترتيب اوضاعها، قبل عودة الموفد الفرنسي جان- ايف لودريان بعد العاشر من الشهر المقبل، على وقع توترات أمنية، لم تكن متوقعة، فاقمت من حدَّة الانقسام الداخلي، بعد الموقف التصعيدي للبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، في معرض التعليق على حادثة الكحالة، اذ قال: لا يمكن العيش على ارض واحدة فيها اكثر من دولة، وأكثر من جيش شرعي، وأكثر من سلطة وسيادة، مطالباً بتطبيق اتفاق الطائف بالكامل نصاً وروحاً، وقرارات الشرعية الدولية بشأن سيادة دولة لبنان على كامل أراضيها.

وبانتظار ما سيعلنه الامين العام لحزب الله مساء اليوم إزاء تطورات الوضع الامني، وشاحنة الحزب المحمّلة بالاسلحة، والتي انقلبت بالكحالة الاربعاء الماضي، بدا ان عملية التجديد لليونيفيل تواجه صعوبات جدّية، لجهة كيفية التعامل الدولي مع عملية نقل الاسلحة، حيث بات السلاح بيد الجيش اللبناني، وبالتالي، فلا مشكلة لتاريخه مع حزب الله لجهة بقائه مع الجيش او استرداده..

كشفت مصادر ديبلوماسية النقاب عن صعوبات في الاتصالات التمهيدية التي تسبق انعقاد جلسة الامن الدولي في ٣١ من الشهر الجاري للتمديد لمهمة اليونيفيل في جنوب لبنان بموجب القرار١٧٠١، لشطب الفقرة التي اضيفت اثناء التمديد لهذه القوات العام الماضي،والتي تخوّل اليونيفيل القيام بمهمات التفتيش بمعزل عن مواكبة قوات من الجيش اللبناني.

وقالت المصادر انه خلال الاتصالات لم تُبدِ الدول المعنية اي حماسة للتجاوب مع مطلب لبنان، بهذا الخصوص،ما يعني ان هناك صعوبة في الاستجابة لطلب لبنان خلال جلسة التمديد المرتقبة،اذا بقيت المواقف المبدئية لهذه الدول على حالها.

ولاحظت المصادر ان تأثير التعاطي الميداني على ارض الواقع مع قوات اليونيفيل، والتعامل معها من قبل قوى «الامر الواقع»، وكأنها قوات معادية، وتحريض المواطنين عليها في بعض الاحيان ورشقها بالحجارة،لاعاقة قيامها بالمهام المنوطة بها بموجب القرار المذكور، وحادثة العاقبية في الجنوب،من العوامل السلبية التي تعيق التجاوب مع مطلب التعديل المطلوب، في حين ان حادثة انقلاب شاحنة سلاح حزب الله في بلدة الكحالة،كانت بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير، والتي اظهرت بوضوح  ضعف الدولة اللبنانية بمنع نقل السلاح غير الشرعي، وخرقا فاضحا لقرار مجلس الامن الدولي والذي يمنع نقل السلاح غير الشرعي  على الاراضي اللبنانية .

واستبعدت المصادر ان تؤدي الاتصالات والمشاورات المرتقبة قبيل جلسة مجلس الامن الدولي، والتي من المرتقب ان يتولاها وزير الخارجية عبدالله ابو حبيب شخصيا، الى اي نتائج ايجابية، تقلب الاجواء الديبلوماسية السائدة حاليا بالمجلس.

على صعيد الرواتب، تتجه الانظار ليس فقط الى الجلسة النيابية التشريعية سواء عقدت ام لا، على الرغم من جهوزية الرئيس نبيه بري لكل الخيارات، بل الى خلاصة المشاورات الدائرة بين وزارة المال وحاكمية مصرف لبنان، لا سيما الحاكم بالانابة وسيم منصوري، والذي يواجه اول تحدٍ لدفع رواتب القطاع العام بالدولار الأميركي.

ليس فقط للحفاظ على ما اعتاد عليه الموظفون والمتقاعدون، بل ايضا لمنع التضخم بالليرة، وذهاب الموظفين، لدى قبض رواتبهم بالليرة اللبنانية الى طلب الشراء للدولار من السوق السوداء، الامر الذي يهدّد برفع سعر الصرف، عملاً بقانون العرض والطلب.

أوضحت مصادر سياسية مطلعة لـ «اللواء» أن الأسبوع الحالي يفتتح بنقاش حول مصير الجلسة التشريعية الخميس المقبل وما إذا كانت هناك من مقاطعة لها من قبل المعارضة  التي تعتبر أن مجلس النواب تحول إلى هيئة ناخبة في الوقت الذي تجتمع فيه الكتل النيابية من أجل اتخاذ القرار حول المشاركة من عدمها.

ولفتت المصادر إلى أن كتلة لبنان القوي تتدارس الأمر وربما تعطي موقفا سريعا من هذه الجلسة أو تنتظر عشية انعقادها وذكرت بحضور التكتل الجلسة المتصلة بالرواتب، مشيرة إلى أن البنود الواردة  في جدول أعمالها رئيسية.

إلى ذلك أوضحت المصادر أن حادثة الكحالة لا تزال تخيم على المواقف السياسية ومن المرجح أن تخف وتيرتها إلا اذا كانت هناك من رغبة في التصعيد.

الى ذلك، لاحظت مصادر سياسية أن السلطة السياسية برمتها كانت غائبة عن التعامل بسرعة وتحمل مسؤولياتها لتطويق ومعالجة تداعيات حادث انقلاب شاحنة سلاح حزب الله في بلدة الكحالة الاسبوع الماضي، وظهر للمواطنين وكأن البلد  كله متروك لمصيره، لولا تدخل الجيش اللبناني لاحقا وتولي زمام معالجة الحادث ومنع مضاعفاته.

وتساءلت المصادر هل يجوز ان يغيب كل المسؤولين، بعضهم في الخارج، ومن بالداخل لا يبدي اي حراك، والأمور على غاربها، وبالكاد يصدر موقف من هنا أو تصريح خجول من هناك،  لا تقدم او يؤخر، والمواطنون قلقون من غياب الدولة، وكأن الفراغ انسحب على كل المؤسسات والمسؤولين لا يابهون لما يحدث من مشاكل وازمات تتراكم يوميا.

وفي واجهة الاهتمام ايضاً بقي ما تضمنه، ويكشف تباعا تقرير التدقيق الجنائي، اذ بلغت خسائر مصرف لبنان والكهرباء 47 مليار دولار.

ولكن الامر المثير للدهشة تقدُّم ملف «المهاترات المثلية» بين النواب الى واجهة الاهتمام وكأن البلد بألف خير، على نحو ما هو حاصل في السويد او اي بلد اسكندنافي او اوروبي او حتى في الولايات المتحدة، لينصرف الاهتمام الى محاولات تغيير المزاج الشعبي والرفض المطلق لأي تغيير في نظام العائلة والاسرة، خلافا للنظام الطبيعي.

 

ومعركة «قانون المثلية»

 

وعلى خط آخر وكأن البلد «مرتاح على وضعه وفي حالة استقرار وبحبوحة»، فتحت معركة قانونية نيابية وزارية سياسية حول تشريع المثلية الجنسية، عبر تقديم تسعة نواب من عدة كتل نيابية في 12 تموز الماضي، اقتراح قانون لإلغاء «المادة 534» من قانون العقوبات التي تنص على أن «كل مجامعة على خلاف الطبيعة يعاقب عليها بالحبس سنة واحدة»، وهي المادة التي يستند عليها بعض القضاة لتجريم المثليين، حيث نص الاقتراح على الغاء هذه المادة وعلى «اسقاط كل الدعاوى والاحكام والتعقبات التي اتخذت قبل نفاذ القانون (المقترح) ولا يجوز إحالة اي من هذه القضايا او الدعاوى او الملفات المشمولة بهذا القانون على اي مرجع قضائي»… ووقع على المشروع النواب: مارك ضو وبولا يعقوبيان ونجاة صليبا ووسينتيا زرازير وكميل شمعون وجورج عقيص واديب عبد المسيح والياس حنكش وندى بستاني.

وبالتوزاي، بدأ التحضير لإقتراح قانون يعده فريق قانوني بتكليف من النائب اللواء، أشرف ريفي. وفي حديث لموقع «الحرة» أكد ريفي أن «إنجاز هذا المشروع سيستغرق بين ثلاثة إلى أربعة أسابيع، أما خلفيته فتعود إلى رفض المجتمع اللبناني بمسلميه ومسيحييه المثلية الجنسية واعتبارها ضربا لنواته». لكنه قال: أنه لا يمكننا إنكار تواجد المثليين، لكن في نفس الوقت، لا يمكن اعتبار المثلية ظاهرة طبيعية يجب مساعدتها ومساندتها والوقوف إلى جانبها.

بالمقابل، تم تسريب مشروع قانون حمل عنوان «مناهضة الشذوذ الجنسي في لبنان»، أعده «مركز الاتحاد للأبحاث والتطوير» وأصدره، في 31 تموز، ليتم تداول أن من يقف خلفه ويريد طرحه في المجلس النيابي هي «كتلة الوفاء للمقاومة»، لكن النائب في هذه الكتلة أمين شري، نفى ذلك في اتصال مع موقع «الحرة»، متسائلا: لماذا سيتم طرح مثل هكذا مشروع في ظل تواجد المادة 534 من قانون العقوبات؟

وبعد المعركة القانونية، بدأت في اليومين الماضيين، معركة سياسية بين وزير الثقافة محمد وسام المرتضى الرافض بشدة لتشريع المثلية، وبين النائب مارك ضو، في مواقف متبادلة تحمل عبارات قاسية.

ومما جاء في بيان لمكتب الوزير المرتضى ردا على انتقاد ضو له: وقانا الله شرّ هذا الزمان الذي أصبح لنا فيه «نوائب شذوذ كمثل جنابك أفرزها قانون انتخاب شاذ، والعجب ان يتسنّى لمثلك ان يجلس مجلساً شغله كمال جنبلاط… وبالمناسبة لو كان لمعالي وزير الثقافة ان يسأل الشهيد الكبير في عليائه عن رأيه فيك وفيما كتبت واقترحت  لكان رحمة الله عليه أجاب حتمًا: لا تُعره اهتماماً. فمنذ متى تبالي ثقافة الدرّ المكنوز بالتفهة والموتورين نوّاب الغفلة ومشرّعي الشذوذ».

وختم البيان: وعليه نختم: دع غيظك يقتلك يا نائب الغفلة ومشرّع الشذوذ وثمرة القانون الشاذ فلن نبالي بك ولن نردّ على تفاهات.

ولاحقا رد ضو  على مرتضى عبر منصة «إكس» فقال: يتلطى خلف مكتبه ويختبئ ويتلطى بقامة كمال جنبلاط ليعطي نفسه نقطة قيمة، يتلطى خلف كلام ركيك بالدستور، طالب حقوق سنة اولى يجاوبه ينطق باتهامات وشتائم وصفات مغرضة وباطلة، فتظهر حقيقة ما في نفسه من «بشاعة وقذارة» عندما ينحط ذو صفة رسمية إلى هذا الحضيض، يصبح عندها مشاهدة (فيلم) «باربي» (الممنوع من العرض) أفضل من ضياع الوقت عليه.

وسط ذلك، وعلى الرغم من عودة الهدوء والاستقرار وفتح الطريق الدولية منذ يوم الجمعة الماضي، استمرت السجالات والاتهامات السياسية حول حادثة الكحالة المؤسفة، التي ذهب ضحيتها شخصان من حزب الله واهالي البلدة في الاشتباك الذي تلا انقلاب شاحنة ذخيرة للحزب عند كوع البلدة الشهر، واستمرت لغة التحريض والتعبئة الشعبوية، معطوفة على لغة العقلاء بالدعوة الى الهدوء وعدم اثارة الفتن. فيما استمر ترقب مواقف الكتل النيابية المعارضة وكتلة التيار الوطني الحر من الجلسة التشريعية المقررة يوم الخميس المقبل، فيما شدّد رئيس مجلس النواب نبيه برّي على أنّ «الجلسة التشريعية التي دعا إلى انعقادها يوم الخميس المقبل قائمة في موعدها».

ولدى سؤاله عما يقوله إزاء إعلان بعض الكتل النيابية رفضها الحضور والمشاركة في الجلسة، أجاب على الفور «أنا حاضر وجاهز».

اما رئاسياً، فلا زالت المواقف على حالها، والانتظار سيد الموقف لما سيحمله الموفد العربي– الدولي جان- إيف لودريان في شهر ايلول المقبل.ولم تُفِدْ المعلومات عن اي لقاءات جديدة تتعلق بدرس ما حمله لو دريان في جولته الاخيرة.

 

سجال الكحالة

 

وبغض النظر عمّا يمكن ان تسفر عنه التحقيقات في حادث كوع الكحالة لا سيما حول من اطلق الرصاصات الاولى ولماذا اطلقها ومن حرّض عليها، فإن بعض العقلاء كانوا بالمرصاد لأصحاب الرؤوس الحامية التي اشعلت مواقع التواصل الاجتماعي وشاشات التلفزة بعبارات ومواقف حادة. لا سيما بعد بيانات المعارضة ومواقف بعض نوابها واركانها التي بدأت تتحدث عن تغيير نمط المواجهة السياسية مع حزب الله وحلفائه وصولا إلى توحيد صفوفها بشكل امتن بحيث تكون هذه لمواجهة شاملة كل اطياف المعارضة وبخطاب واحد متشابه العبارات والتوجهات. مشيرة بشكل مباشر احيانا كثيرة الى ترابط ما جرى في الكحالة بالخلاف القائم حول انتخاب رئيس الجمهورية «ورفض الحوار والتوافق ومنع وصول مرشح قوى الممانعة» كما تقول.

لذلك، يتحدث الكثيرون عن انه لا يمكن فصل الاحداث المتتالية عن مسار الضغوط التي تمارس على لبنان بكل الاشكال وبمختلف الاساليب، لا سيما بعد المواقف والتحركات الدولية وبخاصة الاميركية، التي باتت تتحدث عن رسائل من الكونغرس الاميركي الى الرئيس جو بايدن لوقف او تخفيف الدعم الاميركي للجيش اللبناني بحجة «أنه غير قادر على مواجهة حزب الله»، وضغوط على بعض السياسيين اللبنانيين وتلويح بفرض عقوبات او «إجراءات» بحق معرقلي انتخاب رئيس الجمهورية. عدا الضغوط من نوع آخر في مجلس الامن الدولي حول التجديد لقوات اليونيفيل نهاية شهر آب الحالين بهدف إبقاء قواعد الإشتباك الجديدة المعدّلة التي تتيح للقوات الدولية الدخول الى اي منطقة وإجراء عمليات تفتيش في اي منزل من دون التنسيق مع الجيش اللبناني كما كان يحصل سابقاً، مع ان هذا الإجراء لم يطبق عمليا بعد المناوشات التي جرت بين اليونيفيل واهالي العديد من القرى الجنوبية وادت الى مواجهات.

وفي السياق، تفيد مصادر المعلومات بأن وزراء خارجية الدول الخمس المعنية بالوضع اللبناني، سيعقدون اجتماعاً في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، تحضيراً لتحركات ستستأنف في أيلول للوصول إلى تسوية، أو الاتجاه إلى فرض عقوبات في حال عدم توصل اللبنانيين إلى اتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية.

وثمة توقعات يتم تسريبها عبر وسائل اعلام غير لبنانية بممارسة المزيد من الضغوط على لبنان لدخول «بيت الطاعة» الدولي والانضباط تحت مطالبه وشروطه الكثيرة وحول مسائل متعددة، مع انها قد تؤدي الى مزيد من التوتر في الشارع وبين القوى السياسية بما ينعكس سلباً على الرغبة الدولية المعلنة عبر الاعلام في معالجة الازمات اللبنانية ومنع انهيار مؤسسات الدولة اكثر مما هي منهارة، مع ان الوقائع الاميركية تشير الى العكس.

هذا الكلام الداخلي والخارجي اوضح مؤشر على ان معركة رئاسة الجمهورية قد تُخاض في المرحلة المقبلة على ما يبدو «على الحامي لا على البارد»، بغض النظر عمّا يمكن ان يحمله الموفد العربي- الدولي جان إيف لودريان من مقترحات في شهر ايلول المقبل عند عودته الى لبنان، مع ان توجه مجموعة الدول الخمس في اجتماعها الاخير في الدوحة ركزت على موضوع توافق اللبنانيين بإعتبار ان الحل لازمة الرئاسة يجب ان يكون لبنانياً.

رأى رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد أن «تداعيات الحادث المؤسف الذي حصل في الكحالة كان بسبب التحريض والحقد الذي ينفثه الآخرون، والتزامهم طريقا غير طريق الاستقامة الذي يصلح للبلد وللوطن ولمجتمعنا بكل طوائفه ومناطقه» .

وخلال احتفال تأبيني أقيم في حسينية بلدة حداثا الجنوبية، قال النائب رعد: إن المسألة ليست مسألة شاحنة انقلبت على كوع الكحالة، واستدعت ردة الفعل الهوجاء من قبل بعض المحرضين، الذين استجابوا لتعليمات من الغرف السوداء التي كانت تحركهم، وإنما المسألة كانت مسألة موقف من المقاومة، لأنهم لا يريدون مقاومة في هذا البلد ولا حتى شيئا بسيطا من أثرها، وهذه الشاحنة أثر من آثار المقاومة، ولكن هذه الشاحنة وأمثالها تنقل ما يخدم حراسة المقاومة لأمن المعترضين ولأمن اللبنانيين ولسيادتهم في وطنهم، ولولا المقاومة، لكان الإسرائيلي لا يزال في قصر بعبدا، فأين كانت الكحالة عندما كان الإسرائيلي في قصر بعبدا، وأين العزّ والكرامة للبنانيين عندما كانت جزمة الإسرائيلي تحكم على الحواجز بين الطرقات في العاصمة وامتدادا إلى الجنوب، فالذي لا يعرف قيمة المقاومة، يجب أن يعيد النظر بوطنيته.

واليوم، يعقد مجلس الامن الداخلي المركزي، اجتماعاً، لمناقشة الاوضاع الامنية في البلاد، في ضوء الاشتباك في الكحالة، ومقتل شخصين، احدهما من حزب الله، والآخر من بلدة الكحالة، والوضع غير المستقر في مخيم عين الحلوة.

 

*********************************

افتتاحية صحيفة الديار

 

عودة أميركيّة ضاغطة تُعدّل في المسار الرئاسي… والثنائي مُستمرّ بفرنجية

إتفاق مُتوقّع بين التيار الوطني الحرّ وحزب الله قبل مُنتصف أيلول

التدقيق الجنائي إدانة للسلطة… 48 مليار دولار تمويل الدولة من «المركزي»

 

ترافقت العودة الأميركية إلى المنطقة من بابها العريض، مع كثيرٍ من الأحداث التي طالت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من الخليج وصولًا إلى المغرب. وشكّل تجميد مفاعيل الإتفاق السعودي – الإيراني شرارة الإنطلاق للعديد من الأحداث، التي طالت بنوعٍ خاص سوريا ولبنان. وبالتحديد، شكّلت حادثة الكحّالة والعقوبات على حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، مُنعطفًا كبيرًا في المسار الرئاسي والمالي في لبنان، مع تداعيات ستطال الساحة السياسية وستُعدّل من المواقف السياسية.

حزب الله وتعجيل الإستحقاق الرئاسي

 

تقول مصادر سياسية أن الضغوطات الأميركية سترتفع حدّتها في الأسابيع القادمة، حيث من المتوقّع أن تترافق عودة المبعوث الفرنسي في أيلول القادم، مع تهديد واضح من قبل المُجتمع الدولي بفرض عقوبات على كل من يُعطّل جلسات إنتخاب رئيس للجمهورية. وهذه العقوبات تُهدّد بالتحديد كل نائب ينسحب من الجلسة بعد الدورة الأولى، وهو ما يعني في ظل إستمرار الإصطفافات الحالية، وفي ظل ما تعتقده المعارضة، ان مرشحها سيصل إلى سدّة الرئاسة، كما تعتبر المعارضة ان هذا الامر يُشكّل هاجسا لحزب الله من باب طعن المقاومة في ظهرها. ومن هذا المُنطلق، أعاد حزب الله فتح قنوات الإتصال مع التيار الوطني الحرّ بحسب رأي المعارضة، بهدف الحصول على أصواته لصالح النائب السابق سليمان فرنجية.

 

عمليًا، خطّة الحزب تنصّ على حصول فرنجية على 67 صوتًا، بما فيها أصوات التيار الوطني الحرّ الذي، وبحسب المعلومات، أصبحت مضمونة، وبالتالي وفي حال الذهاب في أيلول إلى جلسة لإنتخاب رئيس للجمهورية، سيحصل فرنجية على 67 صوتًا تجعل وصوله إلى سدّة الرئاسة محسومًا في حال إكتمال نصاب الدوّرة الثانية. وهنا ترى المصادر أن قوى المعارضة و»التغييرين»، الذين هددّوا بتعطيل النصاب لمنع إيصال مُرشّح الثنائي إلى سدّة الرئاسة، سيكونون أمام عقوبات مُحتملة – إذا نفذت الولايات المُتحدة الأميركية تهديدها، وبالتالي سيكون هناك إمّا تعامل خاص من قبل الإدارة الأميركية مع هؤلاء عبر إعفائهم من العقوبات، أو أن يُعدّلوا من قرارهم ويؤمّنوا النصاب. وفي كلا الحالتين، يكون حزب الله قدّ طوّق الإستراتيجية الأميركية تجاه الإنتخابات.

 

وتقول المصادر نفسها، أن الوزير السابق جبران باسيل أعطى موافقته على السير بفرنجية، مُقابل العديد من المطالب التي وافق عليها حزب الله، لكن الإعلان عن هذا الإتفاق شبه – المُنتهي – لن يكون إلا ضمن خطّة الإسراع في دعوة إلى إنتخاب رئيس للجمهورية فورًا، بعد الإعلان عن الإتفاق المتوقّع قبل مُنتصف أيلول وهو ما يضّمن فعّالية الخطة.

 

أمّا على صعيد التيار، فتُضيف المصادر أن باسيل يعلم أنه من المُستحيل، لا بل من الخطر جدًا السير بقائد الجيش، نظرًا إلى أنه سيتكرّس زعيمًا على قسم كبير من مناصري التيار، الذين هم بالأساس يؤيدّون الجيش. وبالتالي تبقى زعامة فرنجية بحسب التيار محصورة في الشمال، وضررها أقلّ بكثير على شعبية باسيل. وتُضيف المصادر أن التيار يعلم أن هناك أقلّه 7 نواب تيار أتوا بأصوات الثنائي، وبالتالي لا يُمكن لباسيل إلا السير بخطّة الثنائي تحت طائلة تقليص حجمه إلى بضعة نواب يأتون بأصواته البحتة.

 

في مُقابل هذا الإطار، لا تخفي بعض المصادر أن هناك صعوبات جمّة تواجه ترشيح فرنجية ، خصوصًا بعد حادثة الكحالة، التي قد تدّفع فريق المعارضة و»التغييرين» إلى الإستعانة بالخارج لزيادة الضغوطات على لبنان لمنع إيصاله ، لكن حزب الله لن يخضع ومستمر بترشيح فرنجية.

مخاوف أمنية

 

اللافت، أنه وخلال حفل تشييع الشهيد فادي بجّاني في الكحّالة منذ يومين، كان تصريح رئيس حزب «الكتائب» سامي الجميل لافتا ، اذ قال: «لبنان في موقع خطر، وقد وصلنا إلى نقطة اللاعودة، ولسنا مستعدين للتعايش مع ميليشيات مسلّحة في لبنان، وهذا ستتبعه خطوات عملية واجتماعات للمعارضة وقرارات ، وبالتالي نطلب من المعارضة الانتقال من الأسلوب التقليدي في العمل السياسي إلى موقع آخر وجودي كياني أساسي، فلبنان مطلوب منه أن يأخذ قرارات استثنائية». هذا الكلام تركّ الباب مفتوحًا أمام تحليلات وتفسيرات. فهل تسعى المعارضة لجبهة سياسية؟ أو أن الأمور ذاهبة نحو مواجهات أمنية؟

 

في الواقع ،هناك مخاوف من أن يُترجم التوتر الإقليمي المُستحدث على الأرض اللبنانية كما حدث في مخيّم عين الحلوة، لكن هذه المرّة من باب فتنة أهّلية بين شركاء الوطن، قدّ تتحوّل إلى مواجهات مُسلّحة على الأرض في عدّة مناطق. إلا أن مصادر مُطلعة تقول لـ «الديار» أن المواجهة التي تحدّث عنها الجميّل هي سياسية، وأن الحديث عن جرّ الحزب إلى صراع داخلي غير منطقي، بحكم أن الأخير خياراته معروفة كما وان وجهته معروفة ايضا اي «إسرائيل»، أضف إلى ذلك أن ميزان القوى على الأرض ليس لصالح المعارضة و»التغييرين».

 

وبالتالي تقول المصادر أنه حتى لو كان هناك أحداث أمنية، فإن الحزب لن ينجّر وسيترك الأمر للقوى الأمنية والجيش. من هذا المنُطلق، تؤكّد المصادر أن المواجهة هي سياسية بإمتياز ، حيث سيكون هناك مُحاولة (بدأت منذ الحادثة) لتشكيل جبهة سياسية تجمع قوى المعارضة و»التغييريين»، هدفها الإستعانة بالخارج أكثر منه تشكيل جبهة داخلية ، نظرًا إلى توازن القوى في المجلس النيابي.

التدقيق الجنائي

 

على صعيد آخر، من المتوقّع أن تستمر تداعيات تقرير التقدير الجنائي الذي قامت به شركة «ألفاريز آند مارسال» لوقت طويل. فالتقرير الذي أظهر الكثير من المُخالفات المحاسبية في حسابات المصرف المركزي، شكّل بحسب مصدر قانوني، إدانة واضحة للدولة. ففي هذا التقرير ورد جدول يُظهر أن الدولة اللبنانية ومنذ العام 2010 إلى العام 2021، إقترضت من المصرف المركزي ما مجموعه 47.8 مليار دولار أميركي (بالعملة الصعبة)، وهي الفجوة الموجودة في حسابات المصرف المركزي، بحسب التقرير.

 

ويُضيف المصدر القانوني، ان شركة كهرباء لبنان أخذت من المصرف المركزي عملًا بالقوانين ما مجموعه 19 مليار دولار أميركي ، بالإضافة إلى 5.6 مليار دولار أميركي لوزارة الطاقة والمياه، أضف إلى ذلك ما يُقارب الـ 24 مليار دولار أميركي للقطاع العام! وسأل المصدر هل للحكومة أن تقول للرأي العام أين صُرفت هذه الأموال؟

 

ويُضيف المصدر القانوني أن المسار الطبيعي هو نحو تدقيق جنائي في حسابات الدولة ، لمعرفة أين ذهبت هذه الأموال وأين صرفت، خصوصًا مع الفضائح التي تطال 27 مليار دولار أميركي مجهولة المصير في حسابات الدولة اللبنانية. إلا أن هذا المسار لن يُبصر النور بحسب المصدر ، لأن الجميع يده مُدّت على المال العام، وهو ما سيعني مُحاولة حصر المسؤولية بشخص رياض سلامة من دون تحمّل الآخرين مسؤولياتهم في الإنفاق غير المبرّر. وإذ إعتبر المصدر أن التقرير سيذهب إلى «مقبرة» اللجان النيابية، أشار إلى أنه من المستحيل على السلطة الحالية أن تُحاسب نفسها بنفسها.

أسابيع صعبة مُنتظرة

 

تُعتير الأسابيع القادمة أسابيع حاسمة بالنسبة للوضع في لبنان، سواء على الصعيد السياسي او الأمني او المالي أو النقدي. فعدم إنتخاب رئيس للجمهورية في شهر أيلول، سيؤدّي إلى تفاقم الضغوطات الدولية على لبنان (خصوصًا الأميركية منها)، وهو ما سينعكس على كل المستويات الإجتماعية بحسب مصدر وزاري. ويُضيف أن فرض عقوبات على رياض سلامة أرسل رسائل صارمة بإتجاه الطبقة السياسية الحالية وبإتجاه الطبقة السياسية البديلة التي يتم تحضيرها للمرحلة المُقبلة.

 

وأشار المصدر إلى أن إستعجال طرح تقرير التدقيق الجنائي على الوزراء والرأي العام، هو نتيجة فرض العقوبات الأميركية على سلامة، والتي أرعبت أكثر من سياسي لبنان.

 

إذًا مصير لبنان مُعلّق على أسابيع لا تُظهر المؤشرات أنها ستنتهي بتوافق لبناني – لبناني ، وهو ما سيترك تداعياته المحلّية بدون أدنى شك. إلا أن المخاوف الأساسية من هذه التداعيات، تبقى من ردود فعل محلّية تُترجم بتوترات أمنية غير محسوبة، هدفها شدّ العصب المذهبي وضمان بقاء المسؤولين في مراكز القرار.

*********************************

افتتاحية صحيفة الشرق

 

انحسار عاصفة الكحالة والرهان على مؤسسة الجيش

برّي: الجلسة التشريعية قائمة في موعدها… وأنا جاهز!

 

عاد الهدوء يخيّم على المشهد الداخلي بعد الصخب العنيف الذي ساد في بحر الاسبوع بفعل الحوادث الامنية التي تنقلت بين عين ابل والكحالة مخلّفة عددا من الضحايا والشهداء وعاصفة من المواقف التصعيدية ضد حزب الله وسطوة سلاحه التي تهدد امن اللبنانيين، فيما نجحت الاتصالات المتسارعة المتقاطعة بين الامن والسياسة في وأد الفتنة وانزلاق الاوضاع الى ما لا تحمد عقباه.

 

خيارنا الجيش

 

وفي هذا الاطار اكد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي اننا نسلم أمر التحقيق في حادث الكحالة الى مؤسسة الجيش والأجهزة الأمنية والقضاء، لإيماننا الدائم بالدولة ومؤسساتها. فإننا لن نخرج عن منطق الدولة، ولن ننزلق إلى العيش بدونها، وإلى الإحتكام لغيرها.

 

مواجهة علنية

 

أكد عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب زياد الحواط، أن “المواجهة مع حزب الله أصبحت علنية، وسنقوم بكل ما يلزم لمنع وصول رئيس للجمهورية من محور الممانعة”. وأضاف الحواط في حديث تلفزيوني “على حزب الله أن يفهم أن سلاحه أصبح بلا بيئة حاضنة له، كما أن الحزب لا يمكنه أن يفرض السيطرة والهيمنة بقوة السلاح”.

 

الجلسة التشريعية

 

ومع انحسار عاصفة الكحالة عاد التركيز على الملفات المعيشية والاجماعية والاقتصادية لا سيما مصير الجلسة النيابية التشريعية المقررة يوم الخميس.

 

وأكّد رئيس مجلس النواب نبيه برّي أنّ “الجلسة التشريعية قائمة في موعدها، وأنا حاضر وجاهز”.

 

ولدى سؤاله عما يقوله إزاء إعلان بعض الكتل النيابية رفضها الحضور والمشاركة في الجلسة، أجاب على الفور “أنا حاضر وجاهز”. وعن رأيه في حادث الكحالة وما خلفه من ردود فعل، لفت الرئيس بري إلى أنه سبق أنّ تحدث في هذا الموضوع في أحاديث صحافية، معتبراً أنّ “لبنان اجتاز قطوعاً كبيراً إثر هذا الحادث”.

 

التدقيق الجنائي

 

على خط التدقيق الجنائي وبعد توزيع ونشر تقرير “الفاريز اند مارشال”، كتب رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان عبر حسابه على منصة “اكس”:  “سنتابع المسار المؤسساتي الرقابي لهذا الملف المرتبط بحقوق الدولة واللبنانيين ومن بينهم المودعين وستكون للجنة المال جلسة قريبة كما على القضاء القيام بواجباته… وصولاً للمحاسبة وتكريس حقوق المودعين المسلوبة بدل اعتبارها “خسائر” وهي التزامات بذمة الدولة ومصرف لبنان والمصارف وفضح – كما فعلنا – لعبة الاختلاف على تحديدها بين الحكومات ومصرف لبنان الذين تهربوا بالتكافل والتضامن حتى الساعة ومنذ أربع سنوات من اجراء المسح الشامل على موجودات المصارف ومصرف لبنان والدولة، كما اقرار الصندوق الائتماني الغائب من خطط الحكومة للإجهاز على حقوق اللبنانيين الاساسية والمشروعة”.

 

السجل العقاري

 

في مجال آحر، أعلنت وزارة المالية أنه “وبعد الإقفال القسري الخارج عن إرادتها لعدد من أمانات السجل العقاري في أكثر من منطقة، ستبدأ بمعاودة العمل في الأيام المقبلة، وذلك بعد جهود بذلتها مع المعنيين، إضافة الى إجراءات وظيفية قامت بها بما يتلاءم مع تسيير العمل تباعاً وبشكل منتظم”. وأوضحت في بيان، أن “بدايات العمل ستتركز على إنجاز المعاملات المتراكمة ما قبل فترة الإقفال لتعاود بعدها استقبال المراجعات الجديدة في مرحلة تالية”. وأضافت: “إن وزارة المالية إذ تتفهم التذمر الذي صدر عن أكثر من جهة، جراء التعطيل الذي اصاب واحداً من المرافق الحيوية في الدولة، فهي بدورها تعتبر نفسها من المتضررين نظراً للخسائر التي تتكبدها خزينة المالية العامة إزاء هذا الإقفال، وبالتالي فهي تعوّل على جهود موظفيها وأدائهم ومناقبيتهم اللذين يحظيان من الوزارة بثقة وتقدير عاليين، من أجل إعادة تسيير هذا المرفق الحيوي، واسترجاع دوره الذي تراجع لأكثر من سبب”.

 

هجرة غير شرعية

 

على خط آخر، في إطار مكافحتها لتهريب الأشخاص بطريقة غير شرعية من خلال البحر، وبالتعاون مع القوات البحرية في الجيش اللبناني، أوقفت دورية من مخابرات الجيش المدعو “ش.م.س.” الملقب بالـ “حزوري” بعد مداهمة منزله المتواجد فيه في قرية الشيخ زناد في عكار. تزامنا، أحبطت القوات البحرية عملية تهريب لأكثر من 400 شخص من الجنسية اللبنانية والسورية والفلسطينية، في المنطقة نفسها.

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram