افتتاحية صحيفة البناء:
تفاهم بين واشنطن وطهران على تبادل خمسة معتقلين لكل من الطرفين… والإفراج عن أموال إيرانية الأسد: هناك محادثات جدية مع الأمم المتحدة حول عودة النازحين… ولا أمل من الحوار مع الأميركي الكتائب قادت الحملة في الكحالة ولحقتها القوات فأحرج التيار… وعون رسم السقف محذراً من الفتنة
أعلنت واشنطن عن التوصل مع طهران إلى اتفاق على الإفراج عن خمسة أميركيين معتقلين في إيران، بينما كشفت طهران عن أن الاتفاق يتضمن الإفراج عن خمسة معتقلين لدى كل من الطرفين، بالإضافة إلى الإفراج عن أموال إيرانية محتجزة في كوريا الجنوبية واليابان والعراق، بفعل العقوبات الأميركية، والاتفاق الذي جرى الحديث عنه خلال شهور ماضية، وكان التوصل إليه يصطدم بمفردات الخلاف حول الملف النووي. ويبدو وفق مصادر تتابع عن كثب مجريات مفاوضات مسقط التي لعبت دور الوسيط في هذا الاتفاق، وتستضيف المفاوضات الجارية حول الملف النووي، أن التوصل الى هذا الاتفاق يتم على إيقاع تقدم كبير في مفاوضات الملف النووي يقوم على قاعدة تخفيض إيران لنسبة تخصيب اليورانيوم، مقابل رفع العقوبات الاقتصادية عن المصارف والشركات الإيرانية.
في المشهد الإقليمي أيضاً، كلام للرئيس السوري الدكتور بشار الأسد لقناة سكاي نيوز عربية التي تتخذ من أبو ظبي مقراً لها، قال فيه إن سورية لا تتدخل في الشؤون اللبنانية، ولا تؤيد ولا تعارض مرشحاً معيناً للرئاسة. وعن المفاوضات مع الجانب الأميركي قال الأسد إن لا أمل يرتجى منها رغم امتدادها بصورة متقطعة لسنوات، لأن الأميركي يريد أن يأخذ دون أن يعطي، وقال الأسد إن لا جدوى من أي حديث عن فرضية تفاوض مع كيان الاحتلال، طالما أن الكيان غير جاهز لإعادة الأراضي المحتلة، مضيفاً أن سورية تجاوزت آثار عقوبات قانون قيصر، لكن العقبة التي تعترض عودة النازحين ونهضة الاقتصاد تتمثل بتدمير الإرهابيين للبنية التحتية، كاشفاً عن بحث مع الأمم المتحدة يتناول قضية عودة النازحين والشروط المطلوبة لضمان نجاح هذه العودة وفاعليتها، خصوصاً أن الذين عادوا وهم أقل من نصف مليون سوري نازح بقليل، شهادة على صحة التزام سورية بقوانين العفو، وفتح الطريق لطيّ صفحة الماضي، وطي صفحة الماضي هو ما كرّره الأسد في النظرة نحو العلاقات السورية بالدول العربية، مع اعتقاده بأن هذه العلاقات العربية العربية عموماً تعاني من بقائها شكلية بعيدة عن القدرة على معالجة الأزمات ومواجهة التحديات، وطي صفحة الماضي هو عنوان إعادة العلاقة مع حركة حماس، طالما هي حركة مقاومة، رغم اعتبار الموقف السابق لقيادتها تجاه ما جرى في سورية، مزيجاً من النفاق والغدر، مجدداً موقفه بأن الإرهاب صناعة تركية، وأن لا لقاء مع الرئيس التركي رجب اردوغان دون انسحاب الاحتلال التركي من سورية، لأن اللقاء دون ذلك شرعنة لهذا الاحتلال.
لبنانياً، تجاوز لبنان الكوع الذي تربّص عنده الذين أرادوا أخذ لبنان إلى الفتنة تحت شعار أولوية حسم مصير سلاح المقاومة، من بوابة انقلاب شاحنة السلاح والذخائر التابعة لحزب الله والتي انقلبت أول أمس عند كوع بلدة الكحالة، وبعدما نجح الجيش والقوة الأمنية بالسيطرة على الوضع وفتح الطريق، وتوضحت الصورة، قالت مصادر سياسية تابعت الأحداث إن حزب الكتائب هو من قام بالتحضير لدفع عدد من شباب وشابات بلدة الكحالة الى الصدام مع الشباب المرافقين للشاحنة، وإن مرور ساعتين بين انقلاب الشاحنة وبدء التعدي على الشباب المرافقين، ينفي رواية الغضب والانفعال ورد الفعل، وإن شعار نريد أن نعرف ماهية الحمولة ونكشف عنها كان مريباً ولا يزال، وقد تردد من عدد من هؤلاء الشباب كذريعة للتهجم على المرافقة، وردّده مسؤولون كتائبيون بينهم نواب. وقالت المصادر إن القوات اللبنانية لحقت بالكتائب، وإن التيار الوطني الحر تحرك متضامناً تحت ضغط الإحراج كما قال تصريح النائب سيزار أبي خليل، بخلاف مواقف عاقلة لكوادر التيار في الكحالة، إلى حين خرج موقف الرئيس العماد ميشال عون محذراً من خطر الفتنة واضعاً الأولوية للتهدئة، متحدثاً عن خطر سقوط الهيكل على الجميع، فوضعت الأمور في نصابها، أكثر مما فعلت بيانات التيار.
وفيما تجاوز لبنان قطوع فتنة الكحالة التي حاولت بعض الجهات السياسية والميليشياوية أخذ البلد إليها من خلال الحملات السياسية والإعلامية الممنهجة والموجّهة، شهدت مسلسل الأحداث الأمنية حدثاً جديداً أمس، تمثل بتعرّض سيارة وزير الدفاع موريس سليم لإطلاق نار في جسر الباشا، لم تحدّد الجهات الأمنية مصدره وما إذا كان محاولة اغتيال كما تردّد بداية، أم رصاص طائش.
وأثناء انتقال موكب وزير الدفاع من مكتبه في وزارة الدفاع، ولدى وصوله إلى منطقة جسر الباشا، تعرّضت السيارة التي تُقله لرصاصة بالزجاج الأيسر الأمامي. لم يُصَب الوزير بأي أذى ولا أي من العسكريين المرافقين. وفق بيان مكتب وزير الدفاع الذي لفت الى أن الشرطة العسكرية والأجهزة الأمنية تقوم بإجراء التحقيق اللازم والكشف على السيارة ومكان الحادث، بالتنسيق مع القضاء العسكري المختص.
وكشف وزير الدفاع في حديث تلفزيوني أن «هناك سيارة كانت تلاحقنا حسبما لاحظت المرافقة، فكانت على نفس مسارنا وعلى نفس السرعة وتبين أنها من دون لوحات»، وشدّد على «أنني لم أقل أنها محاولة اغتيال بل السيارة تعرضت لإصابة بالرصاص».
وفي غضون ذلك، لا تزال البلاد تحت تأثير التداعيات الأليمة لحادثة الكحالة، حيث تكشف المزيد من المعلومات والحقائق من مقاطع الفيديوات المسرّبة والتي التقطت من بعض المواطنين في مكان الحادثة، وسط استمرار حملات التحريض والاستغلال السياسي من قبل حزبي القوات والكتائب، فيما تتكثف الاتصالات السياسية لاحتواء الاحتقان والتوتر الطائفي في المنطقة ويبذل رئيس مجلس النواب نبيه بري جهوداً حثيثة عبر سلسلة اتصالات أجراها بالمراجع السياسية والأمنية والعسكرية لتطويق ذيول الحادثة وعدم الانجرار الى الفتنة، وفق ما علمت «البناء».
ونقل نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب عن الرئيس بري قوله إن «الأحداث الأمنية الخطيرة التي تحصل والتي نرفضها ونستنكرها قد تأخذ البلد الى مكان لا نتمنى أن نراه فيه».
ولفتت أوساط سياسية الى ترابط وثيق بين الأحداث الأمنية التي بدأت مع إشعال المعارك في مخيم عين الحلوة، لافتة لـ»البناء» الى أنه يبدو أن بيان السفارة السعودية استند الى تقارير استخبارية أميركية ما يؤشر الى قرار أميركي لتصعيد الوضع الأمني في لبنان للضغط السياسي باتجاه انتخاب رئيس للجمهورية وفق الرؤية الأميركية لخدمة المصالح والمشاريع الأميركية الإسرائيلية في المنطقة. واتهمت الأوساط قوى سياسية وحزبية ووسائل إعلامية بـ»التحرك وفق التعليمات والتوجيهات الأميركية»، متوقعة المزيد من التوترات والأحداث الأمنية المتنقلة لا سيما تلك التي تقع على خطوط تماس طائفية ومذهبية. كما تربط الأوساط بين أحداث لبنان وبين التطورات على الساحة الإقليمية والدولية من التصعيد الإسرائيلي والإرهابي في سورية الى التصعيد في البحر الأحمر ضد إيران الى تسعير الحرب في أوكرانيا ضد روسيا. معتبرة أن واشنطن تريد تحريك كل أدواتها وأوراقها الأمنية والعسكرية والاقتصادية في المنطقة لتحسين موقعها في المفاوضات غير المباشرة الدائرة مع سورية وإيران وحزب الله على ملفات استراتيجية وكبرى في المنطقة.
وبدأ مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي التحقيق في حادث الكحالة. وأفيد بحسب تقرير الطبيب الشرعي أن فادي بجاني قضى بثلاث طلقات وأحمد علي قصاص بسبع طلقات.
وأشارت مصادر مطلعة لـ»البناء» أن «الشاحنة لم تكن تحمل أسلحة ولا صواريخ كما أشيع، بل ذخائر وعتاد تحتاجه المقاومة في أعمالها العسكرية في الجنوب ضد الاحتلال الإسرائيلي الذي يهدد ويتوعد لبنان بالحرب كل يوم ويعزز ترسانته العسكرية بشكل دائم». وأكدت المصادر أن «الشاحنة انقلبت بشكل عرضي وطبيعي بسبب الكوع الضيق في المنطقة، لكن فور علم جهات حزبية في المنطقة بأن الشاحنة تعود لحزب الله قامت بتحريض بعض الأهالي لرمي الحجارة عليها، كما تلقت هذه الجهات الحزبية أمر عمليات للاستنفار بالسلاح وإطلاق النار على عناصر حماية الشاحنة الذين ردوا بالمثل للدفاع عن أنفسهم، وبالتالي إطلاق النار بدأ من عناصر القوات والكتائب وليس من عناصر الحماية. وهذا ما تكشفه الفيديوهات وستكشفه التحقيقات الأمنية لاحقاً». كما كشفت المصادر تعرّض الجيش اللبناني الى وابل من الحجارة والشتم ودعوات للطرد من قبل عناصر حزبية.
وأعلنت قيادة الجيش أنه «لدى انقلاب شاحنة تحمل ذخائر على طريق عام الكحالة، حصل إشكال بين مرافقي الشاحنة والأهالي ما أدّى إلى سقوط قتيلين. وقد حضرت قوة من الجيش إلى المكان وعملت على تطويق الإشكال، وتم نقل حمولة الشاحنة إلى أحد المراكز العسكرية، وبوشر التحقيق بإشراف القضاء المختص. بتاريخ 10 / 8 /2023 عند الساعة الرابعة فجرًا، قامت القوة برفع الشاحنة وفتح الطريق بالاتجاهين، فيما يواصل الجيش متابعة الوضع واتخاذ التدابير الأمنية المناسبة».
ولم يرق البيان للنائب نديم الجميع الذي شنّ هجوماً عنيفاً على الجيش اللبناني متهماً اياه بالتخاذل في حادثة الكحالة.
وتواصلت المواقف السياسية الداعية الى درء الفتنة والتحذير من محاولة أخذ لبنان الى آتون الفوضى والحرب.
وأدانت كتلة الوفاء للمقاومة بشدّة «التوتير المبرمج والظهور الميليشاوي المسلح الذي شهدته بلدة الكحالة عقب انقلاب شاحنة عند أحد منعطفاتها، وتعرض أفرادها للاعتداء في محاولة للسيطرة عليها وإطلاق النار الموجّه الذي أدّى إلى استشهاد أحد الإخوة، وإعاقة تدخّل الجيش اللبناني ومحاولة منعه من ضبط الاستفزاز».
ورأت الكتلة أنّ «ذلك هو نتاج التحريض والتعبئة الغبيّة والحاقدة التي تشكّل مادّة فتنويّة يعمد إلى توظيفها قاصرو النظر أو المتورطون في المشاريع المعادية لمصالح لبنان واللبنانيين. معتبرة أنّ «هذا التوتير وما نجم عنه هو بعهدة التحقيقات الجارية لتأكيد الوقائع وكشف المتورطين والمحرّضين وسوقهم الى العدالة. وتوجهت الكتلة بأحرّ التعازي والتبريكات لذوي الشهيد المغدور المجاهد أحمد علي قصاص المتميّز برباطة جأشه ومناقبيّته وشجاعته، راجيةً له من الله عظيم الأجر والثواب وعلو الدرجات في جنان الخلد والنعيم الدائم ولأهله جميل الصبر والسلوان».
وكان حزب الله شيع الشهيد قصاص الى مثواه الأخير في مأتم مهيب في روضة الشهيدين في الضاحية الجنوبية.
بدوره، استغرب الحزب السوري القومي الاجتماعي التحريض الذي أعقب انقلاب شاحنة عند كوع بلدة الكحالة، ويرى أن استنفار الغرائز واستحضار محطات فتنوية، إنما ينطوي على تهديد للسلم الأهلي والوحدة الوطنية، وهذا أمر مستغرب ومرفوض، ولا تبرير له على الاطلاق.
ولفت الى أن «حمولة الشاحنة، ليست شأن أي مواطن، بل هي مسؤولية الدولة اللبنانية، ومؤسسة الجيش اللبناني وسائر الأجهزة الأمنية القضائية، والتي تبت في هذا الأمر، وليس من حق أيّ أحد أن يصدر أحكاماً حول قانونيتها أو عدمها، فالمقاومة شرعية وقانونية شاء من شاء وأبى من أبى».
كما استغرب الحزب حجم الاستفزاز الذي طاول ضباط وعناصر الجيش اللبناني، والذي بدا وكأنه أمر عمليات يستهدف هذه المؤسسة التي تشكل ضمانة وحدة لبنان واستقراره وسلمه الأهلي، واننا في هذا الصدد نحيي الجيش اللبناني قائداً وقيادة وضباطاً وأفراداً على ما تحلوا به من حكمة ومسؤولية، وندعو الى فتح تحقيق لمعرفة الأسباب الكامنة وراء استفزاز الجيش اللبناني، ومعاقبة المتورطين.
وأكد الحزب القومي ثقته بمؤسسة الجيش اللبناني وبكل إجراء تقوم به حيال ما حصل، مع التأكيد على حكمة حزب الله الذي نأى بنفسه عن الانجرار وراء ما يسعى له البعض ووضع الأمر في عهدة الجيش اللبناني، وذلك على الرغم مما تعرّض له من إطلاق رصاص وحملات التحريض، لا تفسّر إلا في سياق ما يتهدّد لبنان من مخاطر وتحديات.
وأشار وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال محمد وسام المرتضى، إلى أنّ «سلاح المقاومة يفرضه وجود إسرائيل عدوة لبنان وكل اللبنانيين. هو حصراً لردع غدرها ومواجهة أطماعها لأنها لن ترتاح الا برؤية وطننا يسقط او يشتعل بحرب اهلية». وقال: «لماذا التحريض على هذا السلاح؟ ومن غير «إسرائيل» يرضيه ويفرحه ان يسقط مقاوم ومواطن؟ من الذي ينفخ في بوق الفتنة؟ ومن يسعى لجعل المسيحيين وقوداً لمواجهة مع المقاومة نيابة عن «إسرائيل» لأن الأخيرة لا تستطيع خوضها؟».
وقال رئيس الجمهورية السابق ميشال عون: «شاء القضاء والقدر أن تقع حادثة الأمس في الكحالة، وتطوّرت تداعياتها، وكاد التحريض والاستثمار أن يجعلا منها مدخلاً لفتنة نعرف كيف تبدأ ولا نعرف كيف تنتهي. لقد دفع لبنان مجدداً من دماء شبابه، فالرحمة لروح الضحايا والعزاء لعائلاتهم».
وشدّد في تصريح على مواقع التواصل الاجتماعي، على أنّ «المطلوب اليوم هو التهدئة بدل التحريض، ومدّ جسور الثقة بدل بثّ سموم الكراهية، وانتظار نتائج التحقيق. الهيكل إذا سقط فلن يسلم أحد، خصوصًا في الظروف التي تحيط بنا، وما من منقذ في الأزمات سوى الوحدة الوطنية فتمسّكوا بها».
وأعلنت لجنة الإعلام والتواصل في «التيار الوطني الحر»، «رفض كلّ انفعال واستغلال للحادثة المؤلمة بهدف توتير الأجواء والتسبب بفتنة يسعى اليها كثيرون في الداخل والخارج»، مشيرة الى ان «أي استغلال للأحداث، طارئة كانت أو مفتعلة، يدعونا كلبنانيين إلى الإسراع في حلّ مشاكلنا، فقط بالحوار البنّاء والهادف، لأن أي فتنة هي بمثابة انتحار جماعي سيعمل التيار مع العقلاء على منعها».
على صعيد آخر، سلّمت الأمانة العامة لمجلس الوزراء أمس، النسخة النهائية للتقرير الاولي للتدقيق الجنائي وعلى الفور وبناء لطلب رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أبلغت الأمانة العامة لمجلس الوزراء هذه النسخة الى الوزراء، والى الأمانة العامة لمجلس النواب والمديرية العامة لرئاسة الجمهورية.
وكان وزير المال في حكومة تصريف الأعمال يوسف الخليل تسلم النسخة النهائية الرسمية من التقرير الذي أعدّته شركة «ألفاريز أند مارسال» المتعلق بالتدقيق الجنائي بحسابات مصرف لبنان، لصالح الدولة اللبنانية بموجب عقد موقع بين الطرفين، وقد رفعه الوزير الخليل مباشرة ووفق الأصول وشروط العقد الى مقام رئاسة مجلس الوزراء.
بموازاة ذلك، تقدّمت الدولة اللبنانية ممثلة برئيسة هيئة القضايا القاضية هيلانة اسكندر بطلب ضد الدولة اللبنانية، طالبة مداعاة الدولة طعناً بتصرّفات قاضي التحقيق الاول في بيروت القاضي شربل ابو سمرا، لا سيما لناحية القرار الصادر عنه بتاريخ 2-8-2023، ما سيؤدي عمليّا وفعليّا إلى تجميد ملف التحقيق مع حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة برمّته، في ظل غياب اكتمال الهيئة العامة لمحكمة التمييز بسبب عدم صدور التشكيلات القضائية.
على مقلب آخر، رأس الرئيس بري في عين التينة اجتماعاً لهيئة مكتب مجلس النواب. وناقش اقتراح قانون إنشاء صندوق سيادي مخصص لعائدات النفط والغاز الذي أُقرّ في اللجان. وبعد الاجتماع، دعا بري إلى جلسة تشريعية الخميس في 17 من آب الحالي.
وكان بري استقبل رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الايراني وحيد جلال زادة والوفد المرافق، في حضور السفير الإيراني مجتبى اماني، وزار الوفد أيضاً وزير الخارجية عبدالله بو حبيب.
*************************************
افتتاحية صحيفة الأخبار:
نص التدقيق الجنائي: سلامة أدار «دكانة»
بدأت الحقائق التي أخفاها الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة لسنوات طويلة بالظهور. فبحسب تقرير التدقيق الجنائي الذي أعدّته «ألفاريز أند مارسال»، وحصلت «الأخبار» على نسخة منه، كان سلامة إمبراطوراً يسيطر على المصرف المركزي بلا نقاش وبلا اعتراض. فهو يرسم السياسة النقدية، ويحدّد المعايير المحاسبية التي سيتم استخدامها لإخفاء الخسائر المتراكمة، ويقرّر أي المصارف تستفيد من قروض وهندسات مالية، ويوزّع المال العام على رعايات أو بالأحرى تنفيعات لأفراد وشركات ومؤسسات إعلامية... ووسط كل ذلك، لم ينسَ نفسه وعائلته، فلجأ عبر شقيقه رجا سلامة إلى تأسيس شركة اسمها «فوري»، ووقّع رياض مع شقيقه رجا عقداً درّ على شركتهما ملايين الدولارات، رغم أن التقرير لم يجد لهذا العقد أي تبرير وظيفي. أما اللاعبون في «دكانة» مصرف لبنان بإدارة رياض سلامة، فكانوا عبارة عن أصنام في المجلس المركزي يكتفون بما يقدّمه لهم من شروحات مختصرة حول عمليات يريد القيام بها، وهم لا يناقشون فيها، ولا يتابعون أي تفاصيل متّصلة بها. لا رقابة داخلية في المصرف، وبياناته المالية لا تعبّر عن الوضع المالي الحقيقي، أي عن الخسائر، بل يكاد التقرير يقول إنه كان يزوّر القيود المحاسبية ليظهر المصرف المركزي رابحاً ويوزّع أرباحاً للدولة بقيمة 40 مليون دولار سنوياً. كلّ ذلك، كان يتم بتعليمات مباشرة منه لموظفي المحاسبة في المصرف المركزي لإبقاء الخسائر مجمّعة في بند واحد يسمى «pool». سمّوها ما شئتم، «بركة»، «تجمّع»، «حوض»... المهم أن كل القذارات المالية المرتكبة كانت تُخفى هناك.
في ما يلي بعض مما ورد في تقرير «ألفاريز أند مارسال» عن خسائر مصرف لبنان، وعن شركة «فوري» وعن أصنام المجلس المركزي، وعن الهندسات المالية. التقرير مؤلّف من 332 صفحة موزّعة على 14 باباً فيها الكثير من التفاصيل الوصفية للعمليات المحاسبية والمصرفية والإدارية المعقّدة التي تشير بوضوح إلى مسؤولية رياض سلامة في إدارة «دكانة» هائلة كانت تحفّز النموّ الاقتصادي بتنقيد الديون والخسائر المتراكمة، لا بل كانت تضع هذه الخسائر باعتبارها أرباحاً مؤجّلة. معظم ما ورد في التقرير كان معروفاً، أو لدى العامة فكرة مختصرة عنه، إنما التقرير جاء ليوثّق هذه العمليات على مدى فترة زمنية محدّدة، أي إنه لم يدقّق في كل فترة حكم سلامة، وهو لا يقدّم سوى توصيف تقني عما يحصل، أي إنه لا يتطرّق مطلقاً إلى الشراكة السياسية التي تركت سلامة يهيمن من موقع القائم على السياسات النقدية، على كل الاقتصاد وعلى عمل الحكومات. خلاصة التقرير أن مصرف لبنان كان يدير أكبر عملية توزيع انتقائي وبأهداف غير اقتصادية للأموال العامة.
بدع محاسبية
استخدم مصرف لبنان معايير محاسبية «غير تقليدية» لتحضير بياناته المالية. هو إجراء تستخدمه العديد من المصارف المركزية عالمياً، لكنه في العادة يكون طبقاً لمعايير بديلة ثابتة وواضحة، وهو أمر تفتقر إليه المعايير التي اعتمدها مصرف لبنان. هذه الإجراءات سمحت لمصرف لبنان بنشر بياناته المالية بشكل غير شفّاف وإخفاء الكثير من المعلومات. المعايير المحاسبية التي بنى عليها مصرف لبنان بياناته المالية تعود إلى «الدليل المحاسبي» الخاص بمصرف لبنان، الذي يوافق عليه المجلس المركزي. هذا الدليل عُدّل في عدّة مناسبات، منها في عام 2016 وعام 2018.
بعض الإجراءات «غير التقليدية» التي قام بها المصرف تتضمّن:
- تأجيل أكلاف الفوائد لزيادة الربحية في البيانات المالية بشكل وهمي.
- خلق حسابات لأرباح سكّ العملة لتغطية الخسائر التي تمّ تأجيلها، أيضاً بهدف زيادة الربحية.
- تضخيم قيمة سندات الدين الحكومية من خلال عدم احتساب التراجع في قيمتها.
- تسجيل ارتفاعات/انخفاضات غير محقّقة في حساب الذهب في الميزانية، وهو ما تسبّب في تضخيم/تقليل قيمة أصول ورأس مال المصرف.
- مقاصّة مطلوبات وزارة المالية على مصرف لبنان بالدولار الأميركي، مقابل ودائع الخزينة، ما أدّى إلى خفض قيمة الموجودات والمطلوبات في ميزانية المصرف.
- مقاصّة القروض والودائع المصرفية بموجب عقود أدّت إلى تقليل قيمة الموجودات والمطلوبات.
التزامات غبّ الطلب
كان لدى مصرف لبنان فائض في العملات الأجنبية بقيمة 7.2 مليارات دولار في نهاية 2015، إلا أن الأمر انقلب إلى عجز بقيمة 50.7 مليار دولار في نهاية 2020. سبّب ذلك زيادة الودائع لديه بالعملة الأجنبية بنسبة 119% والتي جرى تمويلها بواسطة عمليات الهندسات المالية، مقابل انخفاض في قيمة الأصول الأجنبية بنسبة 18%. (عملياً يتحدث التقرير عن استقطاب الودائع من الخارج وتحويلها إلى أصول محلية). هناك نسبة كبيرة ومتزايدة من الأصول بالعملات الأجنبية هي عبارة عن أصول محلية، وهذه المبالغ، إذا تم ردّها، ستشكّل ضغطاً هائلاً على الدولة اللبنانية والشعب والاقتصاد. وازداد النقص في الاحتياطات بالعملة الأجنبية إلى 71.9 مليار دولار في نهاية 2020، مقارنة مع الناتج المحلي الإجمالي بقيمة 31.2 مليار دولار، أي إن نسبة النقص بالعملة الأجنبية نسبة إلى الناتج بلغت 230%.
الوضعية المالية لمصرف لبنان تدهورت سريعاً، لكن لم يعبّر عن ذلك في الميزانية والبيانات المالية التي تم تحضيرها وفق معايير محاسبية غير تقليدية تتيح لمصرف لبنان المبالغة في تقييم أصوله وأرباحه بشكل كبير. اللافت أن الحاكم حدّد الالتزامات المترتبة على مصرف لبنان من دون أي تفسير. وقد بلغ العجز في رأس مال مصرف لبنان 51.3 مليار دولار. ردّ مصرف لبنان على ذلك في تموز 2023، بالقول إن «ذلك هو جزء من سياسات محاسبية أقرّها المجلس المركزي لمصرف لبنان. غالبية المصارف المركزية تتبنّى معايير محاسبية مصمّمة بحسب حاجاتها والسياسات النقدية المتّبعة. الفوائد المدفوعة على شهادات الإيداع والودائع تنسجم مع تطوّر العائد على سندات اليوروبوندز».
فشل مصرف لبنان
السياسات والمعايير المحاسبية التي اتّبعها مصرف لبنان، في سياق تنفيذ الهندسات المالية كانت استثنائية قياساً على العوامل الشخصية والدقّة والسرية التي اتّسم بها عمل الحاكم. حتى مع السياسات غير التقليدية، فإنه في سياق كونها سياسات، يجب أن تكون قابلة للتدقيق وواضحة وقابلة للتدقيق والفهم من قبل طرف آخر. سياسات مصرف لبنان في هذا الإطار فشلت.
الهندسات المالية كانت مكلفة جداً وتتضمن: علاوات مدفوعة لشراء سندات الخزينة وإطفاء شهادات إيداع، فوائد على الودائع وشهادات الإيداع، فروقات مرتفعة في سعر الصرف.
لاحظنا، أنه من أجل تفادي الخسائر الدفترية، حوّل مصرف لبنان الكلفة إلى الميزانية، وفي النتيجة كان المصرف قادراً على إظهار ربح في كل السنوات، وتوزيع أرباح بقيمة 40 مليون دولار لوزارة المال. كلفة الفوائد التي أبقيت في الميزانية سُجّلت كالتزامات بعنوان «مصاريف فوائد متفرقة وأكلاف شهادات الإيداع» المعروفة باسم «البركة». الكلفة الإجمالية للهندسات المالية تُقدّر بنحو 115 تريليون ليرة في نهاية 2020.
أصنام المجلس المركزي
قرارات المجلس المركزي حول الهندسات المالية لم تكن عقلانية، أو مبنية على الواقع الاقتصادي والفوائد والأكلاف والمخاطر والبدائل، بل إن محاضر المجلس تتضمّن تفسيراً سريعاً من الحاكم الذي تجنّب الحديث عن أي مخاطر. لم يتبين وجود أي تبرير مكتوب في المجلس يتيح اتخاذ قرار. طلبنا مثل هذا المستند، إذا كان موجوداً، لكن لم يتم تزويدنا به. مصرف لبنان ردّ على مطلبنا بالإشارة إلى مقالة أعدّها نائب الحاكم الأول (رائد شرف الدين) وأوراق بحثية عن الهندسات المالية. وفق تحليلنا، هذه المستندات لا توضح أسس اتخاذ القرار بتنفيذ هذه الهندسات ولا تدعم أو تسمح بأن يتّخذ المجلس قراره بناءً عليها.
قرارات المجلس المركزي المتعلقة بالهندسات المالية تمنح، بشكل مبطّن، تقديراً غير مقيّد للحاكم لا يظهر توزيع العمليات على المصارف وليس هناك تدقيق في الأمر. لم نلحظ متابعة كافية من المجلس لهذه العمليات بما يتيح فهم، أو التدقيق، في هذا التقدير الممنوح للحاكم. برأينا، فشل المجلس المركزي قياساً على معايير الحوكمة المفترض اتّباعها في الممارسات الدولية للمصارف المركزية. ولاحظنا أيضاً نقصاً في الحوكمة الجيدة تجاه التدقيق في عمليات السوق المفتوحة المتعلقة بالهندسات المالية. كان يفترض بالمجلس المركزي أن يناقش ويراقب هذه العمليات، لكنه اكتفى بالتفسيرات السريعة وغير الكافية التي قدّمها الحاكم في سياق اتخاذ قراره.
بحسب محاضر المجلس المركزي، نرى أن الحاكم سيطر على النقاشات والقرارات.
لا أرقام لا شفافية
في نهاية كل سنة، كان الحاكم يعطي تعليمات لقسم المحاسبة لإطفاء أكلاف العمليات المالية. لذا، فإن البيانات المالية التي يصدرها لم تكن تعبّر بصورة دقيقة عن الوضع المالي للمصرف. الوضعية المالية والخسائر كانت تظهر على شكل عمليات تصفير بين الأصول والالتزامات ويتم تسجيلها في حسابات عامة غير واضحة مثل «الأصول الأخرى»، و«حسابات تسوية». لم تُظهر الميزانية أي خسائر. ولم تقدّم أي معلومات للعموم مثل حساب الأرباح والخسائر من عام 2015 لغاية 2020، ولا عن الفوائد المدفوعة للمودعين الكبار أو الممنوحة للمقترضين الكبار، ولا منهجية تقرير هذه الفوائد، فضلاً عن الامتناع عن نشر تمركز الودائع بحسب الشرائح، ولا عن كلفة الهندسات المالية والقرارات المرتبطة بها، بل استعمل مصرف لبنان عمليات التنقيد لزيادة عرض الليرة، والتي أدّت إلى زيادة النفقات الإجمالية للبلد بما فيها نفقات الحكومة. قد تقوم المصارف المركزية بهذا الأمر، إنما زيادة هذا النوع من العمليات تخلق مشكلة تضخم، كما تؤثر على القدرة على تثبيت سعر الصرف. لكن مصرف لبنان استعمل الهندسات المالية لإبقاء الدولارات في النظام المصرفي. وبمجرد نهاية تثبيت سعر الصرف، أصبح من غير التقليدي وغير المستقرّ أن تكون هناك عمليات ربح من عمليات التنقيد. عرض الليرة في السوق أدّى إلى نموّ الناتج الاقتصادي، ولا سيما في القطاعات التي تحقق أرباحاً بالعملة الأجنبية. استعمال التنقيد لم يكن حكيماً بالمطلق، وهو الأمر الذي لم يُكشف للعموم.
مختصر عن «فوري»
هناك عمليات دُفعت من مصرف لبنان لشركة «فوري» بين عامَي 2002 و2015 بقيمة 333 مليون دولار عبر مصرف HSBC. هذه المدفوعات مبنية على اتفاق موقّع بين الطرفين في 6 نيسان 2002، وبموجبه تتصرف «فوري» كأنها وسيط لترويج منتجات مصرف لبنان وتحصل في المقابل على عمولة 3/8 من 1% من قيمة العمليات على سندات اليوروبوندز وسندات الخزينة وشهادات الإيداع التي يحملها مصرف لبنان. حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وقّع هذا العقد نيابة عن مصرف لبنان، وكيفن والتر نيابة عن «فوري». لكن بحسب مؤسسة «Swiss MLAR» فإن نسخة ثانية من العقد يملكها HSBC موقّعة من رياض سلامة عن مصرف لبنان، ومن شقيقه رجا سلامة عن «فوري». جرى تحديد مدفوعات 2015 - 2020 التي تمّت، والتعرف إلى 111 مليون دولار خلال فترة البحث، دُفعت من حساب واحد لسبعة مصارف لبنانية، ومصرف سويسري: bank misr liban, IBL, AM, bank, BLC, Audi bank, fransabank, HSBC private bank, ministry of finance. لا يمكننا التأكد من سجلّ هذه المدفوعات لمصلحة من تمّت في النهاية لأن مصرف لبنان أزال اسم المستفيد من تفاصيل «السويفت»، وقال إن هذه التفاصيل تخضع للسرية المصرفية. المبالغ والتحويلات حُدّدت من قبل الحاكم، ولم يتم تأمين أي مستندات بهذا الخصوص، ولم يتم التأكد من حصول خدمات استشارية، أو إنه حتى جرى تقديم أي خدمة تبرر دفع العمولة.
غالبية ما طلبناه بخصوص إدارة المخاطر لم يتم تزويدنا بها.
77 تريليون عجز رأسمال «المركزي»
يُظهر التقرير الجنائي أنه بعد تعديل الحسابات التي تلاعب فيها مصرف لبنان بحسب معاييره «غير التقليدية»، يُصبح حساب رأس المال الخاص بالمصرف سالباً منذ عام 2015 ويتراكم العجز في حساب رأس المال مع السنوات وصولاً إلى عام 2020. ففي عام 2015 بلغت أصول المصرف 104 تريليونات ليرة مقابل مطلوبات بقيمة 124.9 تريليون ليرة، أي إن العجز أو رأس المال السلبي سجّل 22 تريليون ليرة.
وفي عام 2020، صارت الأصول 166 تريليون ليرة مقابل مطلوبات بقيمة 239 تريليون ليرة، أي إن رأس مال المصرف سالب بمبلغ 77 تريليون ليرة (مقوّم على أساس 1507.5 ليرات مقابل الدولار الواحد).
سخاء التقاعد المبكر
عند تحليل ميزانية الأجور في مصرف لبنان تبيّن أن هناك تقلّبات غير مفهومة في المبالغ التي سُجّلت تحت عنوان «التعويضات والمكافآت» وتحت عنوان «خدمات الرعاية الصحية». خلق رياض سلامة برنامج التقاعد المبكر ودفع للموظفين تعويضات أكبر من التي يسمح بها القانون الداخلي لموظفي «المركزي». بين عامَي 2015 و2017 لوحظ ارتفاع في المبالغ المخصّصة لبرنامج التقاعد المبكر. وفي بيانات الأرباح والخسائر كان مصرف لبنان يسجّل تعويضات نهاية الخدمة في حساب منفصل تحت اسم «تعويضات نهاية الخدمة للموظفين، صافي المبالغ المستردّة» إلا أن هذا الحساب لم يعد يسجّل أي مبالغ بعد عام 2015. من غير المعروف لماذا أصبحت هذه المبالغ تُسجّل في حساب الأجور.
نفقات «غير مناسبة»
خلال فترة المراجعة، شهدت النفقات التشغيلية تراجعاً طفيفاً من 41 مليار ليرة في عام 2015 إلى 38.7 مليار ليرة في عام 2016، تلاها ارتفاع ثابت عاماً بعد آخر، لتصل إلى 63.5 مليار ليرة في عام 2020، بزيادة تصل نسبتها إلى نحو 55% عن عام 2015. وأظهرت النفقات دفع مبالغ كبيرة مقابل أغراض قد لا تُعتبر مناسبة نظراً إلى الموقف المالي لمصرف لبنان، ومنها:
1) استخدام أسماء أشخاص مزوّدين متنوّعين لتسجيل تحويلات تصل إلى نحو 331.4 مليار ليرة.
2) دفع مساعدات وتبرّعات بقيمة 30.7 مليار ليرة. علماً أنه ليست هناك سياسة محدّدة لدفع المساعدات والتبرعات. ويعتمد القرار في ذلك كلياً على تقدير المجلس المركزي.
3) تقديم المصرف المركزي الرعاية لأنشطة ومؤتمرات وجمعيات خيرية بقيمة 11.4 مليار ليرة. وليست هناك سياسة محدّدة تحكم هذا النوع من الإنفاق، ويعود القرار كلياً في ذلك إلى تقدير المجلس المركزي.
4) استئجار مكتب لمصرف لبنان في باريس باليورو بما يعادل 5.79 مليارات ليرة.
5) اقتناء لوحات وأعمال فنية بقيمة 2.7 مليار ليرة. وليست هناك سياسة معيّنة لهذا النوع من الإنفاق، ويعود تقديره إلى المجلس المركزي.
6) دفع 2.1 مليار ليرة نقداً للحاكم بدل نفقات سفر وحضور مؤتمرات.
7) شراء أثاث وتجهيزات لمكتب الحاكم في مبنى هيئة الأسواق المالية ومكاتب مدراء تنفيذيين بقيمة 1.5 مليار ليرة.
**************************************
افتتاحية صحيفة النهار
تداعيات اعتداء الكحالة إلى “ملف التقصير”… تطويق سلامة بعقوبات أميركية بريطانية كندية
بدا واقعا شديد الغموض والتعقيد ان تتحول تداعيات الاعتداء الموصوف على #الكحالة، وهو الوصف الموضوعي لما جرى مساء الأربعاء على الكوع الشهير للبلدة مهما تشاطر “#حزب الله” في تحريف الوقائع، الى “ملف التقصير” الأمني والعسكري والقضائي الذي واكب واعقب الصدام الذي أدى الى سقوط قتيلين من الكحالة ومن المجموعة المسلحة ل”حزب الله”. اذ ان التداعيات السياسية تصاعدت بقوة على وقع توترات مثيرة للمخاوف لم يعد ممكنا تجاهلها ولو اقترنت مواقف القوى والأحزاب بالتشديد على صون السلم الأهلي والاستقرار الأمني اذ ان ذلك لم يحجب الفجوة الكبيرة التي برزت بين القوى السياسية والمدنية المعنية باهالي الكحالة والجيش والقوى الأمنية والقضاء في ظل تصاعد موشرات ما اعتبر “تقصيرا” وتاخيرا في المعالجات والممارسات التي كانت منتظرة في لحظة الحادث. وما زاد الطين بلة ان رجال الأدلة الجنائية قاموا صباح امس بالكشف على مسرح المواجهة والأدلة المتوافرة أي بعد اكثر من 13 ساعة من حصول الصدام بين مجموعة من أهالي الكحالة والمسلحين المواكبين لشاحنة الذخيرة التابعة ل”حزب الله” عقب انقلابها على الطريق العام الدولية. وهو الامر الذي اثار مزيدا من الشكوك والاستغراب ووسع الفجوة وأزمة الثقة بين شريحة واسعة أهلية وسياسية والجهات المسؤولة عسكريا وامنيا وقضائيا.
ولعل الأشد اثارة للاهتمام في يوم رصد تداعيات حادث الكحالة ان برزت فجأة رزمة عقوبات أميركية بريطانية كندية منسقة على حاكم #مصرف لبنان السابق #رياض سلامة بعد عشرة أيام من نهاية ولايته بما يكمل الحصار الغربي عليه ان قضائيا عبر الملاحقات المقامة ضده في دول أوروبية عدة وان في فرض العقوبات الثلاثية الجديدة ضده البارحة. ويبدو واضحا ان استئخار فرض العقوبات الثلاثية ضد سلامة الى ما بعد خروجه من المسؤولية كان يهدف الى عدم تعريض الاستقرار المالي في لبنان لمزيد من الهزات ولكن فرض العقوبات المنسقة عكس تثبيت تسديد الاتهامات لسلامة بالفساد .
ملف اعتداء الكحالة
اذن شهدت الكحالة امس هدوءا حذرا غداة اشتباكات بين اهالي البلدة وعناصر “حزب الله” وتركت الساحة للتحقيقات ولمواقف الاستنكار. وبحسب التحقيقات الأولية التي ارتكزت على كاميرات المراقبة ، لم يتم تحديد هوية من بدأ باطلاق النار بعد وان الشاحنة انقلبت بحادث عرضي وسيحدد مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي الذي بدأ التحقيق في حادث الكحالة الجهة المخولة متابعة التحقيق لاحقاً في ضوء النتيجة. وافيد بحسب تقرير الطبيب الشرعي ان فادي بجاني قضى بثلاث طلقات وأحمد علي قصاص بسبع طلقات.
وصدر عن قيادة الجيش أول بيان حول الحادث اكد ان الشاحنة المنقلبة كانت تحمل ذخائر وتم نقل حمولتها إلى أحد المراكز العسكرية . وتصاعدت الاصداء السياسية للحادث اذ أعتبر رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل بعد اجتماع للمكتب السياسي الكتائبي في الكحالة أن “السلاح غير الشّرعي يحظى بغطاء من دولة مخطوفة ولهذا السبب لن نتوجّه إلى أركان الدولة لأنّ قرارهم ليس بأيديهم”. وشدد على “أننا سنبقى إلى جانب أهالي الكحالة ولهم الإمرة بشأن ما سيحصل في الأيام المقبلة وأيّ قرار يتّخذونه نحن إلى جانبهم” . كما أشار إلى “أننا نعرف أنّ الجيش يُنفّذ الأوامر وأنّ السلطة السياسية مخطوفة وأنّ هناك معادلة مفروضة على اللبنانيين إسمها “جيش وشعب ومقاومة”. واعتبر أنه “يجب أن تعرف قيادة الجيش أنّ أسلوب حزب الله في التعاطي سيوصل البلد إلى أماكن خطرة وإذا لم يتحمّل الجيش مسؤوليّته ولم يضع حدًّا لكلّ الممارسات يكون بدوره شاهد زور على ما يُمكن أن يصل إليه البلد”.
كما شدد النائب أشرف ريفي على أن “عمليات نقل وتهريب السلاح والنيترات لم تتوقف على مساحة لبنان حيث أنّ لبنان ينسف ليس فقط الاستقرار اللبناني بل القرارات الدولية أيضاً قبل التجديد لقوات اليونيفيل”. وتلا ريفي بيان “الجبهة السيادية” معتبرًا أن “الحكومة سقطت شرعيّتها والسلاح ليس سلاح مقاومة فهو يرتدّ على صدورنا ويقتلنا كلّ يوم وسنناضل لسحب كلّ سلاح غير شرعي من أيدي أصحابه”.
في المقابل، حملت “كتلة الوفاء للمقاومة” على ما وصفته ب”التوتير المبرمج والظهور الميليشاوي المسلح الذي شهدته بلدة الكحالة وهو نتاج التحريض والتعبئة” وقال ”التيار الوطني الحر” “رحم الله فادي بجاني وكلّ ضحية سقطت نتيجة قصور من حزب الله أو القوى الأمنية ومحاولة استغلال من المزايدين من سياسيين واعلاميين”. وأكد أن “التيار يرفض كلّ انفعال واستغلال للحادثة المؤلمة بهدف توتير الاجواء والتسبب بفتنة يسعى اليها كثيرون في الداخل والخارج”.
اما التطور اللافت الاخر امس فتمثل في توزيع معلومات عن استهداف وزير الدفاع موريس سليم عبر رواية عن “محاولة اغتياله” لم تصمد طويلا اذ ان الوزير نفسه علق على إصابة زجاج سيارته برصاصة بقوله : “التحقيق سيبيّن اذا كان الرصاص الذي أصاب السيارة طائشا أم لا وكان هناك سيارة تطاردنا والرصاصة لم تخترق السيارة والأجهزة الأمنية تقوم بواجباتها”.
واصدر مكتب وزير الدفاع بيانا افاد انه “اثناء انتقال موكب وزير الدفاع الوطني موريس سليم من مكتبه في وزارة الدفاع ولدى وصوله الى منطقة جسر الباشا تعرضت السيارة التي تُقل الوزير سليم لرصاصة بالزجاج الأيسر الأمامي. لم يُصب الوزير بأي أذى ولا أي من العسكريين المرافقين. وتقوم الشرطة العسكرية والأجهزة الأمنية بإجراء التحقيق اللازم والكشف على السيارة ومكان الحادث بالتنسيق مع القضاء العسكري المختص”.
العقوبات على سلامة
ووسط هذه الأجواء برز الإعلان عن فرض عقوبات على حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة من الولايات المتحدة بريطانيا وكندا. وقد فرضت وزارة الخزانة الأميركية قيوداً على إجراء التحويلات المالية على كل من رياض ورجا وندي سلامة وماريان حويك وأنا كازاكوفا. وأضافت الحكومة البريطانية في وقت متزامن سلامة والآخرين إلى نظام عقوباتها العالمي لمكافحة الفساد، “لدورهم في تحويل ما يربو على 300 مليون دولار من المصرف المركزي”.
وأفادت السفارة البريطانية ان “بريطانيا لفتت إلى أن أفعال رياض سلامة استفاد منها هو شخصيا والمقربون منه على حساب الشعب اللبناني، فقد استفاد من عملية الفساد هذه أخوه رجاء سلامة، ومساعدته سابقا ماريان حويك، وآنا كوساكوفا، حيث ملأوا جيوبهم بأموال تعود للشعب اللبناني. وقد فُرض على هؤلاء الأربعة عقوبات تشمل تجميد أرصدتهم وممتلكاتهم ومنع سفرهم”. وأكّدت أن “هذه العقوبات نسقتها المملكة المتحدة مع اثنتين من شركائنا الأساسيين، الولايات المتحدة وكندا. وهي تدل على التزام المملكة المتحدة بمكافحة الفساد في لبنان”.
في السياق، قال وزير شؤون الشرق الأوسط، لورد أحمد، إن “رياض سلامة والمقربين منه سرقوا أموال شعب لبنان وحرموا بلدهم من موارد ضرورية لأجل استقراره الاقتصادي والاجتماعي”. وهذه المرة الأولى التي تطبق فيها المملكة المتحدة عقوبات بموجب النظام العالمي لمكافحة الفساد ضد أشخاص ضالعين بالفساد في لبنان. فمنذ بدء العمل بهذا النظام في نيسان 2021، فرضت المملكة المتحدة عقوبات بموجبه ضد 39 من الأشخاص والكيانات في العالم لمكافحة الفساد في أنحاء العالم.
وأعلنت بريطانيا أن “هذه العقوبات لا صلة لها بمصرف لبنان كمؤسسة، ولا علاقات التراسل المصرفي مع البنوك البريطانية”.
ووفق بريطانيا فانه “تبعا لتحقيق أُجرِي في سويسرا، ارتكب رياض سلامة، بحكم منصبه حاكما لمصرف لبنان، وأخوه رجاء سلامة منذ نيسان 2021 على أقل تقدير “عمليات اختلاس منظمة” في مصرف لبنان لمبلغ “يفوق 300 مليون دولار”، وفق بريطانيا.
من جهتها، قالت وزارة الخارجية الكندية امس إن كندا فرضت عقوبات على ثلاثة لبنانيين بينهم حاكم المصرف المركزي السابق رياض سلامة، وذلك في تحرك منسق مع الولايات المتحدة وبريطانيا لاستهداف فساد مزعوم.
وقالت الوزارة إن هؤلاء الأفراد تم استهدافهم لتورطهم في “أعمال فساد كبيرة تشمل اختلاس أصول عامة لتحقيق مكاسب شخصية وتحويل الربح من الفساد إلى دول أجنبية”.
*************************************
افتتاحية صحيفة نداء الوطن
معطيات جريمة عين إبل تُسقط القناع عن محاولات طمسها
تشييع شعبي في الكحالة اليوم والمعارضة: “لمواجهة منظومة الحزب”
بعد الأربعاء العاصف في الكحالة الذي تحوّل مركز استقطاب وطني لبناني واسع النطاق، تستعد البلدة اليوم لتشييع ابنها فادي بجاني. وقد أرادت عائلته أن يكون المأتم شعبياً لا يتخلله إطلاق الرصاص. في المقابل، شيّع «حزب الله» أمس عنصره أحمد علي قصاص الذي قتل في الكحالة، وأمطر مسلّحو «الحزب» خلال التشييع مناطق واسعة من ضواحي العاصمة بالرصاص الطائش. وقد سقطت إحدى الرصاصات على سيارة وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم، وكان في داخلها. وحاول «الحزب» الذي خرج من حادث الكحالة مكشوفاً على كل المستويات أن يهاجم معارضيه، ووصل به الأمر، أنه دان «بشدة التوتير المبرمج والظهور الميليشيوي المسلح» في الكحالة، في بيان أصدرته كتلة «الوفاء للمقاومة» النيابية، وتجاهلت كلياً أن الظهور المسلح في الكحالة، لغير الجيش، كان لـ»الحزب» وهو موثق بالصورة والصوت.
في المقابل، أعلن 12 نائباً يمثلون المعارضة بعد زيارة تعزية بفقيد الكحالة، في بيان أصدروه أنهم في صدد «التواصل الواسع مع قوى الاعتراض لإعادة النظر بشكل شامل في مسار المواجهة مع منظومة «الحزب» وحلفائه». ودعا البيان الى «إطلاق مرحلة جديدة لمواجهة وطنية سياسية شعبية مكتملة العناصر والقوى».
كيف قرأت مصادر سياسية واسعة الاطلاع لـ»نداء الوطن» ما جرى الأربعاء؟
قالت المصادر: «إن حادث الكحالة ما كان ليقع لو لم تمر شاحنة «حزب الله» المحملة بالذخائر. وعلى الرغم من مأسوية الحادث، فإن ردة فعل الناس العفوية أظهرت انهم غير خاضعين ولا مستسلمين، ويقولون «لا» للفريق الممانع ويرفضون الأمر الواقع، فقد تصدّوا، مؤكدين رفضهم «حزب الله». وتجرأوا عليه بأن حاولوا تفتيش الشاحنة لمعرفة ماذا تنقل. كما وقف الناس في مواجهة الجيش الذي يعتبرونه حامياً لهم، عندما بدا أنه يحمي المسلحين والشاحنة. إن هذه الجرأة نجمت عن قرف اللبنانيين ويأسهم من الواقع الذي أوصل «حزب الله» البلد اليه، وبالتالي فإن «الحزب»، «مرفوض في شويا وخلدة وعين الرمانة والكحالة وفي سائر المناطق اللبنانية».
وأضافت: «إن ما حصل، يدل في السياسة على ان «الحزب» غير قادر على أن يفرض مرشحه ويأتي برئيس للجمهورية. كما يدلّ أن «الحزب» غير قادر أيضاً على ان يأخذ القوى السياسية الى حوار، وأن ينال دعم الموقف الخارجي الذي انتقل من مؤيد له مع المبادرة الفرنسية الى موقف متشدد ضده في اللجنة الخماسية. وهذا يعني ان الأمور دولياً مقفلة بوجه «الحزب». كما هي مقفلة في وجهه شعبياً. وتتزايد النقمة عليه، كما تتزايد على رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل الذي يعاود الجلوس مع «الحزب» سعياً وراء مقايضة قائمة على تغطية السلاح مقابل السلطة والنفوذ».
وخلصت المصادر: «في النهاية، إن الأمور سياسياً تجسّد واقع ميزان القوى الراهن، ما يعني أنها مستمرة على ما هي عليه».
ومن الكحالة الى عين إبل، التي شهدت جريمة اغتيال عضو المجلس المركزي في حزب «القوات اللبنانية» الياس الحصروني. وفي انتظار نتائج التحقيق في الجريمة، أفادت معلومات «نداء الوطن» أن «خطورة جريمة عين إبل أن الفريق المسلح الذي نفذها كمَن بخمس سيارات فخطف وقتل. كما تكمن الخطورة في أن المغدور الحصروني لم يُقتل بالرصاص. فالقاتل المحترف الذي نفذ الجريمة أظهرها انها نتيجة حادث. وهذا الفريق هو في منطقة يسيطر فيها على قوى الأمن والطبيب الشرعي، واللذَين أصدرا بيانَين يفيدان ان وفاة الحصروني كانت نتيجة حادث سير. وكان الفريق الجاني قد ضمن أن المنطقة خالية من كاميرات المراقبة. لكن كانت هناك كاميرا فاتته فكشفت الجريمة».
*************************************
افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط
تصعيد سياسي بين «حزب الله» وخصومه عقب حادث «شاحنة الذخيرة»
رئيس «الكتائب»: لسنا مستعدين للتعايش مع ميليشيا مسلحة
عكست المواقف السياسية وردود الفعل على حادث الشاحنة المحملة بذخيرة عائدة لـ«حزب الله» في الكحالة في جبل لبنان، تصعيداً بين الحزب وخصومه وانتقادات متزايدة لسلاح الحزب وتمدده في المناطق اللبنانية. أكد رئيس حزب «الكتائب» سامي الجميل «إننا غير مستعدين للتعايش مع ميليشيا مسلّحة في لبنان» ولوّح بخطوات عملية وقرارات ستتخذ، في حين وصف الحزب خصومه بـ«فتنويي الداخل»، متهماً إياهم بـ«افتعال توتر خطير»، وسط إجراءات رسمية، عسكرية وقضائية، لتطويق تداعيات الحادث.
وأعلن الجيش اللبناني، الخميس، مصادرة حمولة ذخائر كانت في شاحنة تابعة لـ«حزب الله» انقلبت ليل الأربعاء على طريق عام بيروت – دمشق في بلدة قريبة من بيروت؛ ما أثار توتراً واشتباكاً بين سكان البلدة وعناصر الحزب أديّا إلى سقوط قتيلين. وقال الجيش: إن تحقيقاً «بإشراف القضاء المختص» فُتح في «الإشكال» الذي وقع في بلدة الكحالة، وطوّقته قوة من الجيش أقدمت على نقل حمولة «ذخائر» من شاحنة كانت انقلبت في المكان «إلى أحد المراكز العسكرية».
وقالت مصادر قضائية لـ«الشرق الأوسط»: إن النيابة العامة التمييزية ومفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية يشرفان على التحقيقات الأولية، مضيفة أن لا تطورات قضائية بعد بانتظار التحقيقات، وأكدت أن الذخيرة تمت مصادرتها ولا تزال بعهدة الجيش من غير أن يتم اتخاذ أي قرار حولها.
وبدأ الإشكال مساء الأربعاء بعد انقلاب شاحنة تابعة لـ«حزب الله» على طريق يُعدّ المدخل الرئيسي إلى العاصمة من منطقة البقاع (شرق) الحدودية مع سوريا، قبل أن يحاول سكان المنطقة الكشف عن محتويات الشاحنة، وحاول حراسها من عناصر الحزب بملابس مدنية منعهم بالقوة، فانزلق الأمر إلى إشكال وإطلاق نار بين الطرفين، قُتل على أثره شخصان.
وتجمّع عدد من أهالي بلدة الكحالة والقرى المجاورة قرب مكان انقلاب الشاحنة وقطعوا الطريق ومنعوا الجيش من إخراج الحمولة والشاحنة احتجاجاً على عبور السلاح في منطقتهم ومقتل مواطن من البلدة. وحمل بعضهم لافتات منددة بـ«الاحتلال الإيراني» للبنان، وأطلقوا هتافات مناهضة لـ«حزب الله».
وتمكّن الجيش اللبناني فجراً من رفع الشاحنة وفتح الطريق. وأورد في بيانه، أنه يواصل «متابعة الوضع واتخاذ التدابير الأمنية المناسبة».
ويعد هذا الحادث، الثاني من نوعه خلال عامين؛ إذ تسبب مرور شاحنة محملة براجمات صواريخ، بعد وقت قصير من إطلاق صواريخ على إسرائيل في أغسطس (آب) 2021، في قرية شويا ذات الغالبية الدرزية في جنوب البلاد، بتوتر بين الحزب وسكان رفضوا إطلاق الصواريخ من مناطق سكنية.
انقسام سياسي
ولم يمر الحادث دون تداعيات سياسية وسط انقسام حول سلاح الحزب، ومخاوف من انزلاق إلى توترات أمنية، وأكد رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميّل، أن «لبنان في موقع خطر ولا يُمكن أن نكمل على هذا النحو فنحن نصل إلى نقطة اللاعودة والمشاكل المتنقّلة في كلّ المناطق مترابطة مع بعضها وهي نتيجة وجود سلاح خارج إطار الدولة».
ورأى الجميّل خلال مؤتمر صحافي عقده في الكحالة، أن «السلاح غير الشّرعي يحظى بغطاء من دولة مخطوفة ولهذا السبب لن نتوجّه إلى أركان الدولة لأنّ قرارهم ليس بأيديهم». وقال: «نعرف قيمة الشهادة والحرب وقسوتها، وهذا ما نحذّر منه كي لا نقع فيها مرّة جديدة، ولكن هذا يتطلّب أن يُدرك الفريق الذي يقوم بهذه الممارسات أنّ اللبنانيين ليسوا لقمة سهلة».
كما أشار رئيس «الكتائب» إلى «أنّ السلطة السياسية مخطوفة وأنّ هناك معادلة مفروضة على اللبنانيين اسمها «جيش وشعب ومقاومة». وعدّ أن «يجب أن تعرف قيادة الجيش أنّ أسلوب (حزب الله) في التعاطي سيوصل البلد إلى أماكن خطرة وإذا لم يتحمّل الجيش مسؤوليّته ولم يضع حدًّاً لكلّ الممارسات يكون بدوره شاهد زور على ما يُمكن أن يصل إليه البلد».
وفي المقابل، وصفت كتلة «حزب الله» النيابية (الوفاء للمقاومة) مقتل عنصر من الحزب بأنه «اعتداء موصوف نفذه موتورون ينتمون إلى ميليشيا مسلّحة في بلدة الكحّالة». وأدانت الكتلة «التوتير المبرمج والظهور الميليشاوي المسلح الذي شهدته بلدة الكحالة عقب انقلاب شاحنة عند أحد منعطفاتها، وتعرض أفرادها للاعتداء في محاولة للسيطرة عليها وإطلاق النار الموجّه الذي أدّى إلى استشهاد أحد الإخوة، وإعاقة تدخّل الجيش اللبناني ومحاولة منعه من ضبط الاستفزاز».
ورأت الكتلة أنّ ذلك «هو نتاج التحريض والتعبئة الغبيّة والحاقدة التي تشكّل مادّة فتنويّة»، مضيفة أن «هذا التوتير وما نجم عنه هو بعهدة التحقيقات الجارية لتأكيد الوقائع وكشف المتورطين والمحرضين وسوقهم إلى العدالة».
إلى ذلك، رأى الرئيس السابق ميشال سليمان في تصريح أن «المعادلة الثلاثية _جيش وشعب ومقاومة) ولدت ميتة وقد أسقطها (حزب الله)؛ كونه لم يعدّ أن الجيش والشعب (الذي تمثله الدولة برئيسها وبحكومتها) هما متساويان به بل يطلب منهما تأييد خطواته وقراراته دون الحاجة حتى إلى التنسيق معهما قبل الفعل».وكتب الرئيس السابق ميشال عون على حسابه على منصة «إكس»: شاء القضاء والقدر أن تقع حادث الأمس في الكحالة، وتطوّرت تداعياتها، وكاد التحريض والاستثمار أن يجعلا منها مدخلاً لفتنة نعرف كيف تبدأ ولا نعرف كيف تنتهي. وأضاف: المطلوب اليوم هو التهدئة بدل التحريض، ومدّ جسور الثقة بدل بثّ سموم الكراهية، وانتظار نتائج التحقيق.
*************************************
افتتاحية صحيفة الجمهورية
الجمهورية : الرئاسة لا تصرف على الكوع.. وجلسة الخميس على نيّة “التيار”
تجاوزَ لبنان، العالِق منذ نحو عشرة اشهر على «كوع» الفراغ الرئاسي، قطوعا خطيرا على «كوع» الكحالة، على رغم من تسابق كثيرين الى الاستثمار السياسي والشعبوي في ما حصل قبل ان يكتشفوا ان هذا الاستثمار لا ربحية فيه ولا يمكن ان يغير في المعادلات القائمة لا رئاسيا ولا سياسيا. وقد نقلت اوساط قريبة من رئيس مجلس النواب نبيه بري لـ»الجمهورية» عنه تأكيده ان لبنان تجاوز «قطوعا كبيرا» في الكحالة. فيما أبلغت اوساط سياسية واسعة الاطلاع الى «الجمهورية» ان «ما حصل في الكحالة وما تلاه من استثمار سياسي وطائفي هو نتاج نَزَق بعض الأطراف الداخلية والتنافس على الاستقطاب والشعبوية». وأشارت الى ان «المزايدات بين بعض القوى الحزبية كادت تؤدي إلى فتنة لا تحمد عقباها»، مشددة على «ان المرحلة الحرجة تتطلب التحلي بأعلى درجات الحكمة».
لم يستفق لبنان بعد من هول المشهد الذي كاد ان ينزلق على كوع الكحالة الى فتنة اصبحت تتنقل من منطقة الى اخرى ويُكمنها غياب القرار تحت الرماد. وقد وصفه مصدر سياسي رفيع بأنه تفصيل ضمن مشهدية ابعد، قائلا لـ»الجمهورية»: «سنطوي سريعاً صفحة كوع الكحالة كما طوي ما قبلها، لأن لا قرار بإشعال فتنة انما توظيف واستثمار لأحداث بعضها مقصود وبعضها مصادفة بغض النظر عن الضغوط الخارجية التي تمارس على القوى السياسية لحضها على انتخاب رئيس للجمهورية». ورأى المصدر «ان ما حصل في الكحالة ليس غريبا فالبلد منقسم وهناك من لا يضيع اي فرصة للانقضاض على «حزب الله» وسلاحه فكيف اذا اتت هذه الفرصة اليه «عالبارد» قبل ان يحولها ناراً».
وعما اذا كان قائد الجيش هو الذي تأثر بهذا الحادث سلبا او ايجابا قال المصدر: «لا مقياس لفرص نجاحه على هذا الامر لان المعركة الرئاسية لا تصرف على كوع وباتت ابعد بكثير، ومن يقول غير ذلك انما يبسّط الامور، لا طلعة ولا نزلة في بورصة قائد الجيش واذا أصرّ البعض على الاحتساب فيمكن ان تكون نقص نقاط عند القوى المسيحية التي كانت تدعم ترشيحه والذين طمحوا لأن يقف الجيش في وجه الحزب لكن هذا الامر يتبدل مع الايام».
وفي الوقت الذي تمكن الجيش من ضبط الوضع ومنع الفتنة على رغم مما شنه بعض القوى السياسية من حملات عليه، نشطت الاتصالات في كل الاتجاهات لتطويق ذيول الحادثة. وفيما واظب بعض الاحزاب على اعلان خطاب تصعيدي ضد «حزب الله» وحلفائه من دون انتظار ما ستكشفه التحقيقات من حقائق ووقائع حول ما حصل، اعلن الحزب خلال تشييع احد عناصر مواكبة الشاحنة التي كانت تنقل ذخائر للمقاومة عندما انقلبت عند كوع الكحالة انه لن ينجر الى الفتنة.
وكتب الرئيس ميشال عون عبر منصة «أكس»: «شاء القضاء والقدر أن تقع حادثة الأمس في الكحالة، وتطورت تداعياتها، وكاد التحريض والاستثمار أن يجعلا منها مدخلا لفتنة نعرف كيف تبدأ ولا نعرف كيف تنتهي». ورأى ان «المطلوب اليوم هو التهدئة، بدل التحريض، ومد جسور الثقة بدل بث سموم الكراهية، وانتظار نتائج التحقيق». محذرا من ان «الهيكل إذا سقط فلن يسلم أحد، خصوصا في الظروف التي تحيط بنا، وما من منقذ في الأزمات سوى الوحدة الوطنية فتمسكوا بها».
ودانت كتلة «الوفاء للمقاومة» في اجتماعها الدوري برئاسة النائب محمد رعد «التوتير المبرمج والظهور الميليشياوي المسلح الذي شهدته بلدة الكحالة». ورأت «أنّ ذلك هو نتاج التحريض والتعبئة الغبيّة والحاقدة التي تشكّل مادّة فتنويّة يعمد إلى توظيفها قاصرو النظر أو المتورطون في المشاريع المعادية لمصالح لبنان واللبنانيين». وقالت «أنّ هذا التوتير وما نجم عنه هو بعهدة التحقيقات الجارية لتأكيد الوقائع وكشف المتورطين والمحرضين وسوقهم الى العدالة».
تحقيقات حادثة الكحالة؟
وبعد نحو 16 ساعة تقريبا على حادث الكحالة باشَر مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي التحقيق فيها موجها الأجهزة المختصة الى مكان الحادث بعدما ازيلت مظاهره ونقلت شاحنة الاسلحة بحمولتها الى أحد المراكز العسكرية، كما قال بيان لقيادة الجيش. وهو ما تسبب بسيل من المواقف التي انتقدت بقوة التاخير في حضور الاجهزة وخصوصا القضاء العسكري الذي كان عليه ان يكون اول الحاضرين الى مسرح الحادث وهو ما دفع بوزير الداخلية القاضي مولوي الى التعبير صراحة عن عدم حضوره منذ اللحظة الأولى لوقوع الحادث.
وتزامنا باشرت عناصر من فصيلة بعبدا في قوى الامن الداخلي تحقيقاتها منذ ليل الأربعاء في الحادثة وقامت العناصر بجمع الادلة والكشف على مسرح الجريمة. وهو إجراء تلاقى وموعد تسريب التقرير الذي أعده الطبيب الشرعي الذي قال بعد الكشف على جثتي الضحيتين فقال «أنّ فادي بجاني الذي قتل في مكان الحادث قضى بثلاث طلقات وان أحمد علي قصاص قضى بسبع طلقات».
وكشفت التحقيقات الأولية التي ارتكزت على كاميرات المراقبة، أن الشاحنة انقلبت بحادث عرضي، وسيحدد القاضي عقيقي الجهة المخولة متابعة التحقيق لاحقاً على ضوء النتيجة، في حين لم يتم تحديد هوية من بدأ بإطلاق النار حتى اللحظة.
وقالت مصادر اعلامية ان المحضر بوقائع الجريمة وما جمع من معلومات أحيل الى مديرية المخابرات في الجيش اللبناني بناء على اشارة مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية لاستكمال التحقيقات.
وكانت الكحالة، قد شهدت منذ صباح أمس هدوءا حذرا ولفها الحزن غداة ليلة صاخبة حزنا على فقدان أحد ابنائها فادي بجاني الذي يشيع عند الرابعة بعد ظهر اليوم إثر نقل جثمانه من المستشفى الى صالون كنيسة مار مطانيوس الكبير في الكحالة عند الحادية عشرة قبل الظهر.
رواية لم تكتمل
وتزامنا مع مجموعة التطورات القضائية والامنية التي رافقت اليوم التالي لحادثة الكحالة تسرب خبر عند الثالثة عصر أمس عن محاولة اغتيال تعرض لها وزير الدفاع العميد موريس سليم اثناء عبوره الطريق من الحازمية في اتجاه جسر الباشا لحظة وصوله مقابل «افران كيروز» فأصيبت سيارته برصاصة في الزجاج الأيسر الأمامي من دون أن تخرقه لانه مصفح ولم يصب الوزير بأي أذى ولا أي من العسكريين المرافقين.
وعقب هذه الرواية وما نقل عن الوزير ان هناك سيارة كانت تلاحق موكبه، اكد سليم انه بخير وينتظر التحقيقات الجارية بمشاركة الاجهزة الامنية. وافيد لاحقا انه لم يكن هناك محاولة اغتيال ولا من يطارده بعد الكشف الذي أجرته الشرطة العسكرية للمنطقة باشراف القضاء العسكري للمنطقة التي وقع فيها الحادث حيث تم العثور على رصاصات عدة سقطت في المنطقة وقدر مصدرها الضاحية الجنوبية لبيروت حيث تزامن الحادث مع اطلاق نار في الهواء إبّان تشييع عنصر حزب الله في روضة الشهيدين وهو ما تردد صداه في المناطق المجاورة وافيد عن أضرار لحقت بمناطق سكنية بين جسر الباشا وأطراف الحازمية .
ولاحقا صدر عن المكتب الإعلامي لوزير الدفاع بيان افاد أن الحادث وقع في الساعة الثانية و48 دقيقة أثناء انتقال موكبه من مكتبه في وزارة الدفاع، ولدى وصوله إلى منطقة جسر الباشا، تعرضت السيارة التي تُقله لرصاصة بالزجاج الأيسر الأمامي. لم يصب الوزير بأي أذى ولا أي من العسكريين المرافقين». ولفت الى ان «الشرطة العسكرية والأجهزة الأمنية تقوم بإجراء التحقيق اللازم والكشف على السيارة ومكان الحادث، بالتنسيق مع القضاء العسكري المختص».
كذلك اكد وزير الداخلية القاضي بسام مولوي «أن ما تعرضت له سيارة وزير الدفاع كان في الغالب نتيجة رصاص طائش لكننا ننتظر نتائج التحقيقات، والجيش ملجأ اللبنانيين وهو يقوم بواجباته ويتطلع الى السلم الأهلي وسلامة الشعب اللبناني كأولوية».
جلسة تشريعية
تشريعياً، على اثر ترؤسه إجتماعاً لهيئة مكتب المجلس دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري الى جلسة تشريعية، تعقد الحادية عشرة قبل ظهر الخميس المقبل، وذلك لمناقشة المشاريع والإقتراحات المدرجة على جدول الأعمال، ويتقدمها،حسب نائب رئيس المجلس الياس بوصعب، مشروع قانون الصندوق السيادي اللبناني ومشروع القانون الوارد بالمرسوم 9910 الذي له علاقة بالجمهورية للبنانية والاتحاد الدولي لجمعية الصليب الاحمر والهلال الاحمر، وانتاج الطاقة المتجددة الموزعة، لأن هناك قرضاً من البنك الدولي بحوالي 200 الى 300 مليون دولار سوف يعطى. وقانون الكابيتال كونترول الذي صار لدى الهيئة العامة وهناك فرصة للاستماع للحاكمية الجديدة لمصرف لبنان. وقد طلب بري من الامين العام لمجلس النواب التواصل مع نواب الحاكم لمعرفة ما اذا كان لديهم اي ملاحظات او معطيات جديدة لاخذها في الاعتبار. بالاضافة الى ان هناك عريضة نيابية بموضوع النازحين السوريين لمناقشة القرار الاوروبي المتصل بطبيعة النازحين والموقف النيابي اللبناني حياله.
وحول الجلسة التشريعية قال مصدر سياسي رفيع لـ»الجمهورية»: «اذا ارادوها ستعقد واذا لا يريدونها لا تعقد. هكذا ببساطة وليتحمل كل طرف مسؤوليته تجاه جدول اعمالها». وكشف ان عضو تكتل «لبنان القوي» النائب الان عون قال انه سيتواصل مع رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل لمعرفة موقفه خصوصا ان الجلسة ستناقش الصندوق السيادي الذي يعتبره معركته الخاصة.
رواتب القطاع العام
وعلى الصعيدين المالي والمصرفي علمت «الجمهورية» ان التعامل السياسي مع طلب حاكم المصرف بالإنابة وسيم منصوري بتشريع الصرف المالي يوحي بأن لا تجاوب معه، ما يطرح سؤالاً عن رواتب القطاع العام وحاجات الجيش والقوى الامنية: هل ستكون بالليرة اللبنانية؟
وفيما يبدو ان الحاكم بالإنابة لن يتراجع عن التزامه بعدم المس بالإحتياطي، كشفت اوساط مطلعة لـ»الجمهورية» ان هناك مخرجاً وحيداً صعباً جداً امام منصوري وهو اللجوء الى السوق لشراء الدولار، مع الالتزام بمبدأ: لا مس بالودائع ولا اغراق للسوق بالعملة اللبنانية.
واذا نجح منصوري في تأمين الرواتب بالعملة الصعبة من خارج التوظيفات الالزامية لمصرف لبنان، سيحقق انجازاً عظيماً، خصوصاً انه حافظ منذ تسلّمه مهماته في حاكمية المصرف على سعر صرف الليرة اللبنانية. ويمكن له ان ينطلق من قانون النقد والتسليف الذي اعلن الالتزام به، لإبقاء الانضباط النقدي من جهة، وتأمين الدولار لزوم الرواتب وحاجات القوى الامنية والعسكرية من جهة ثانية، من خلال التعامل مع السوق وفق حجم ايرادات الدولة، من دون اي زيادة في ضخ الليرة. وعندها ستكون منصة صيرفة مخصصة حصراً للموظفين في القطاع العام.
على ان الفارق هنا بين عمل الحاكم السابق رياض سلامة والحالي بالإنابة وسيم منصوري هو ان لا مَس بالودائع حالياً، ولا خسائر مالية عبر صيرفة. ولذلك يبدو منصوري امام التحدي الاصعب، لتحقيق ما عجزت عنه الحكومة في تعاطيها مع رواتب الموظفين وحاجات الدولة.
عقوبات على سلامة
من جهة ثانية وزّعت سفارة بريطانيا في لبنان أمس بيانا أشار الى أن المملكة المتحدة والولايات المتحدة وكندا أعلنت امس «فرض عقوبات منسقة ضد سلامة، وثلاثة من القريبين منه لدورهم في تحويل ما يربو على 300 مليون دولار من المصرف».
ولفت البيان الى أن «أفعال رياض سلامة استفاد منها هو شخصيا والقريبون منه على حساب الشعب اللبناني. فقد استفاد من عملية الفساد هذه أخوه رجا سلامة، ومساعدته سابقا ماريان حويك، وآنا كوساكوفا، حيث ملأوا جيوبهم بأموال تعود للشعب اللبناني. وقد فُرضت على هؤلاء الأربعة عقوبات تشمل تجميد أرصدتهم وممتلكاتهم ومنع سفرهم». وأوضح أن «هذه العقوبات نسقتها المملكة المتحدة مع اثنتين من شركائنا الأساسيين، الولايات المتحدة وكندا. وهي تدل الى التزام المملكة المتحدة بمكافحة الفساد في لبنان».
وذكر البيان أن «الفساد وانعدام الإصلاح أدّيا إلى أزمة اقتصادية مدمرة في لبنان، وهي أزمة يعتبرها البنك الدولي واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في التاريخ المعاصر. وقد أدت هذه الأزمة إلى وقوع أكثر من 80 % من سكان لبنان في براثن الفقر. بينما لبنان مرتبته 154 من 180 على مؤشر مدركات الفساد العالمي لمنظمة الشفافية الدولية».
ونقلت وكالة «رويترز» عن إشعار نُشر امس على موقع وزارة الخزانة الأميركية على الإنترنت بأن الولايات المتحدة أصدرت عقوبات متعلقة بلبنان تستهدف سلامة وآخرين. وقد نفى سلامة، بحسب ما ذكرت قناة «سكاي نيوز»، الاتهامات الواردة في قرار العقوبات الأميركية والبريطانية والكندية، متعهداً بمواجهتها.
التدقيق الجنائي
في غضون ذلك تسلّم وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال يوسف الخليل النسخة النهائية الرسمية من التقرير الذي أعدّته شركة الفاريز أند مارسال المتعلق بالتدقيق الجنائي بحسابات مصرف لبنان، لصالح الدولة اللبنانية بموجب عقد موقع بين الطرفين، وقد رفعه الوزير الخليل مباشرة ووفق الأصول وشروط العقد الى مقام رئاسة مجلس الوزراء.
ولاحقا اعلنت الامانة العامة لمجلس الوزراء انها تسلمت النسخة النهائية للتقرير الاولي للتدقيق الجنائي وعلى الفور وبناء لطلب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أبلغت هذه النسخة «الى السادة الوزراء، والى الامانة العامة لمجلس النواب والمديرية العامة لرئاسة الجمهورية».
*************************************
افتتاحية صحيفة اللواء
«مشهد الجنائز»: مَنْ يُلجم الغرائز ويعيد اللُّحمة إلى التعايش!
جلسة تشريعية الخميس.. ولندن تنجح بإقناع واشنطن بفرض عقوبات على سلامة
هدأت، نسبياً الأوضاع في منطقة الكحالة والمناطق المحيطة بها، وأعيد فتح الاوستراد الذي يربط البقاع (شرقاً) ببيروت (غرباً)، ولم يشُبها سوى الكشف عن إصابة رصاصة أو أكثر سيارة وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم، لكن النفوس لم تهدأ، واشتدت العصبيات، وبدا المشهد الإنقسامي، والانتقامي موزعاً بين حزب الله وبيئته والاحزاب المسيحية، لا سيما حزبي «القوات اللبنانية» و«الكتائب»، ومحاولة التيار الوطني الحر مراعاة أجواء شارعه، من دون الوصول الى قطيعة مجدداً، تهدّد الحوار السياسي- المستقبلي الجاري مع الحزب.
وعند حدود مراجعة المواقف، وارتفاع أصوات نيابية وسياسية من المعارضة، لا سيما المسيحية منها لتنظيم مواجهة سياسية وطنية شاملة مع حزب الله ومشروعه، حدث خرق في الجمود السياسي، والتشريعي، اذ دعا الرئيس نبيه بري الى جلسة تشريعية عند الحادية عشرة من قبل ظهر الخميس المقبل (17 الجاري) لمناقشة مشاريع واقتراحات قوانين، ابرزها الصندوق السيادي الذي هو حاجة، من المهم اقراره قبل وصول باخرة التنقيب والحفر في منتصف الجاري، وهو يولّد الثقة لدى المجتمع الدولي بلبنان، وقانون الكابيتال كونترول الموجود في الهيئة العامة، وبند يتعلق بانتاج الطاقة المتجددة عبر قرض من البنك الدولي بين 200 و300 مليون دولار، فضلا عن عريضة في موضوع النازحين السوريين لمناقش القرار الاوروبي، حول بقائهم في لبنان.
وتأتي هذه الجلسة، بالتزامن مع موقف ايجابي لجمعية المصارف، قيّم فيه اللقاء مع حاكم مصرف لبنان بالانابة وسيم منصوري، لجهة السعي لاقرار القوانين اللازمة لحل الازمة المصرفية النظامية، وفي طليعتها الكابيتال كونترول، وإعادة هيكلة المصارف.
وفي «مشهد الجنائز» المحزن، طرحت في الأوساط المتابعة مسألة التعايش الوطني مجدداً، وسط اسئلة متناقلة عن كيفية لجم الغرائز المذهبية، التي تخرج من عقالها بين وقت وآخر، وتهدد أواصر التواصل والتعايش بين المجموعات اللبنانية او الطوائف لبعضها خيارات، خارج الاطار الشرعي والدستوري.
تقرير التدقيق الجنائي
اقتصاديا، تسلّم وزير المال في حكومة تصريف الأعمال يوسف الخليل النسخة النهائية الرسمية من التقرير الذي أعدّته شركة «ألفاريز أند مارسال» المتعلق بالتدقيق الجنائي بحسابات مصرف لبنان، لصالح الدولة اللبنانية بموجب عقد موقع بين الطرفين، وقد رفعه الوزير الخليل مباشرة ووفق الأصول وشروط العقد الى مقام رئاسة مجلس الوزراء.
وسلمت الامانة العامة لمجلس الوزراء بعد ظهر امس، النسخة النهائية للتقرير الاولي للتدقيق الجنائي، وعلى الفور. وبناء لطلب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ابلغت الامانه العامة لمجلس الوزراء هذه النسخة الى الوزراء، والى الامانة العامة لمجلس النواب والمديرية العامة لرئاسة الجمهورية.
لندن تقود تحركاً لعقوبات على سلامة
وسط هذه الاجواء المضطربة، كشفت بريطانيا انها قادت تحركاً قضى بأن تنضم اليها الولايات المتحدة الاميركية وكندا، في الحملة على محاربة، وفرض عقوبات منسقة ضد حاكم صرف لبنان السابق رياض سلامة، وثلاثة من المقربين منه، لاقدامهم على تحويل ما يربو على 300 مليون دولار من المصرف.
وجاء الاعلان البريطاني، عبر بيان سفارة بريطانيا في لبنان قالت فيه: أن المملكة المتحدة والولايات المتحدة وكندا أعلنت اليوم، فرض عقوبات منسقة ضد رياض سلامة حاكم مصرف لبنان السابق، وثلاثة من المقربين منه لدورهم في تحويل ما يربو على 300 مليون دولار من المصرف.
واضافت: أن أفعال رياض سلامة استفاد منها هو شخصيا والمقربون منه على حساب الشعب اللبناني. فقد استفاد من عملية الفساد هذه أخوه رجاء سلامة، ومساعدته سابقا ماريان حويك، وآنا كوساكوفا، حيث ملأوا جيوبهم بأموال تعود للشعب اللبناني. وقد فُرض على هؤلاء الأربعة عقوبات تشمل تجميد أرصدتهم وممتلكاتهم ومنع سفرهم.
وأوضح البيان: أن هذه العقوبات نسقتها المملكة المتحدة مع اثنتين من شركائنا الأساسيين، الولايات المتحدة وكندا. وهي تدل على التزام المملكة المتحدة بمكافحة الفساد في لبنان.
وقال وزير شؤون الشرق الأوسط البريطاني لورد أحمد: رياض سلامة والمقربون منه سرقوا أموال شعب لبنان وحرموا بلدهم من موارد ضرورية لأجل استقراره الاقتصادي والاجتماعي.
أضاف: ان المملكة المتحدة ملتزمة بالكفاح لأجل تحقيق العدالة والمساءلة للبنان والشعب اللبناني. والسبيل الوحيد لوضع لبنان على مسار التعافي الاقتصادي الذي هو في أمس حاجة إليه هو أن يعمل قادته للقضاء على الفساد وتطبيق إصلاحات فعلية.
وتابع: أن الفساد وانعدام الإصلاح أديا إلى أزمة اقتصادية مدمرة في لبنان – وهي أزمة يعتبرها البنك الدولي واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في التاريخ المعاصر. وقد أدت هذه الأزمة إلى وقوع أكثر من 80% من سكان لبنان في براثن الفقر. بينما لبنان مرتبته 154 من 180 على مؤشر مدركات الفساد العالمي لمنظمة الشفافية الدولية.
وبالفعل، قام مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية (OFAC) بتصنيف الحاكم السابق لمصرف لبنان المركزي، رياض سلامة، الذي ساهمت أفعاله الفاسدة وغير القانونية في انهيار سيادة القانون في لبنان.
وبحسب مكتب مراقبة الأصول الأجنبية، استغل سلامة منصبه في السلطة، على الأرجح، في انتهاك للقانون اللبناني، لإثراء نفسه وشركائه من خلال تحويل مئات الملايين من الدولارات عبر شركات وهمية للاستثمار في العقارات الأوروبية.
ويقوم مكتب مراقبة الأصول الأجنبية أيضًا بتصنيف أربعة شركاء مقربين من سلامة، بما في ذلك أفراد من عائلة سلامة ومساعده الأساسي، الذين ساعدوا في إخفاء وتسهيل هذا النشاط الفاسد.
وتتخذ الولايات المتحدة هذا الإجراء جنبًا إلى جنب مع المملكة المتحدة وكندا، الشركاء الذين يشاركون الولايات المتحدة رؤيتها للبنان كدولة تحكم لصالح الشعب اللبناني وليس لثروة وطموح الطبقة.
قضائيا، تقدّمت الدولة اللبنانية ممثلة برئيسة هيئة القضايا القاضية هيلانة اسكندر بطلب ضد الدولة اللبنانية، طالبة مداعاة الدولة طعنا بتصرفات قاضي التحقيق الاول في بيروت القاضي شربل ابو سمرا، لا سيما لناحية القرار الصادر عنه بتاريخ 2-8-2023، ما سيؤدي عمليّا وفعليّا إلى تجميد ملف التحقيق مع حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة برمّته، في ظل غياب اكتمال الهيئة العامة لمحكمة التمييز بسبب عدم صدور التشكيلات القضائية.
رصاص على سيارة سليم
وفي وقت نام البلد على فتنة عين إبل وبعدها الكحالة، استفاق امس على محاولة فتنة اخرى اثر تعرض سيارة وزير الدفاع موريس سليم لاستهداف بالرصاص في منطقة جسر الباشا خلال توجهه الى منزله في سن الفيل. وقد أُصيبت السيارة بعدة طلقات، وكشف الوزير انه بخير وأصيب الزجاج الخلفي لسيارتي بالرصاص.
وقال المكتب الإعلامي للوزير سليم: لا نجزم بأن إطلاق النار على السيارة هو محاولة اغتيال أو رصاص طائش.فيما اعلنت مديرية مخابرات الجيش: اننا نتابع ونحقق في حادث تعرض السيارة للرصاص.
ولاحقا صدر عن مكتب الوزير سليم ان الشرطة العسكرية والأجهزة الأمنية تقوم بإجراء التحقيق اللازم والكشف على السيارة ومكان الحادث بالتنسيق مع القضاء العسكري المختص».
وليلاً، قال سليم ان المرافقة لاحظت سيارة سوداء من دون لوحات تتبع الموكب او تسير على نفس مساره وفي داخلها شخصان:أحدهما يتلفت كأنه في وضع مراقبة، في لحظة إصابة السيارة بالرصاصة، فتابع الموكب سيره ولم يحصل اي حادث اخر. لذلك الأمور متروكة للتحقيق.
وفي مشهد الجنائز هذا، برز صوت هادئ للعماد ميشال عون دعا فيه الى التهدئة بدل التحريض، ومدّ جسور الثقة بدل سموم الكراهية، بالتزامن مع إعادة فتح الطريق الدولية بين البقاع وبيروت، ومباشرة الأجهزة الأمنيّة إلى بلدة الكحالة لإجراء مسح أمنيّ لأخذ العيّنات والأدلّة اللازمة حيث انزلقت شاحنة حزب الله ودار اشتباك اسفر عن مصرع شخصين.
كما بدأت النيابة العامة العسكرية التحقيقات، على أن تُحدد لاحقا الجهة المخوّلة استكمال التحقيق وفق الاختصاص. واستُأنفت التحقيقات بمحاولة جمع كاميرات المراقبة في المنطقة وتحديد الجهة التي أطلقت النار والجهة التي بدأت بالاطلاق. أما بالنسبة إلى مضمون الشحنة، فالامر ما زال قيد التحقيق.
ولاحقاً بدأ مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي التحقيق في حادثة الكحالة، وقد تبين بحسب تقرير الطبيب الشرعي أنّ فادي بجاني قضى بثلاث طلقات وأحمد علي قصاص قضى بسبع طلقات.
وكشفت التحقيقات الأولية التي ارتكزت على كاميرات المراقبة، عن أن الشاحنة انقلبت بحادث عرضي، وسيحدد عقيقي الجهة المخولة في متابعة التحقيق لاحقاً على ضوء النتيجة، في حين لم يتم تحديد هوية من بدأ بإطلاق النار حتى اللحظة.
وفي اول موقف، اعلنت قيادة الجيش ان لدى انقلاب شاحنة تحمل ذخائر على طريق عام الكحالة، حصل إشكال بين مرافقي الشاحنة والأهالي ما أدى إلى سقوط قتيلين. وقد حضرت قوة من الجيش إلى المكان وعملت على تطويق الإشكال، وتم نقل حمولة الشاحنة إلى أحد المراكز العسكرية، وبوشر التحقيق بإشراف القضاء المختص. وبتاريخ 10/8/2023 عند الساعة الرابعة فجرًا، قامت القوة برفع الشاحنة وفتح الطريق بالاتجاهين، فيما يواصل الجيش متابعة الوضع واتخاذ التدابير الأمنية المناسبة».
وانتشرت العناصر الأمنية وآليات الجيش في نقاط مختلفة قريبة من الكحالة في مناطق مجاورة مثل القماطية والطريق المؤدّية من بسوس إلى عاليه.
وقد باشرت عائلة فادي بجاني تقبل التعازي في كنيسة مار انطونيوس في البلدة، على ان يتم تشييعه اليوم بعد إحضار جثمانه من المستشفى. وتمنت عائلته في بيان عدم اطلاق النار خلال التشييع مشيرة الى ان لا مراسم برتوكولية للتشييع والحضور شعبي لكل الناس. ونعى رئيس «حزب الوعد» جو إيلي حبيقة على صفحات التواصل الإجتماعي فادي بجاني.
وقد شيّع حزب الله في مأتم حاشد أحمد قصاص في الضاحية الجنوبية بعدما قضى يوم أمس في حادث الكحالة. ورفع المشيّعون لافتات كتب عليها: «المقاومة خيارنا».
وقال مسؤول قسم التبليغ والأنشطة الثقافية في حزب الله السيد علي فحص خلال مراسم التشيييع: شهداؤنا حملوا السلاح للدفاع عن لبنان وحماية كل اللبنانييين باختلاف طوائفهم. وأحمد شارك الى جانب اخوانه المقــاومين في الدفاع عن بلدة معلولا وأضاء شمعة أمام كنيستها، لا ليكافأ بالاعتداء عليه بالرصاص والقتل من قبل مسلـحين أمام كنيسة الكحالة.
واضاف: أنّ ما حصل هو اعتداء واضح، حيث كان بالامكان أن تمر الشاحنة بعد اصلاحها بشكل طبيعي لكن تدخل المسـلحين بهذه الطريقة هو الذي أدى لحصول هذا الحادث المؤسف. تدخل المسلحين هو عـدوان فاضح. من الذي أعطاهم الحق في اعتراض الشاحنة؟ شهـيدنا قـتل مظلوما في هذا الاعتـداء السافر وغير المبرر.
وتابع قائلا: الموضوع اليوم بالكامل بين أيدي القوى الأمنية المختصة ونحن بانتظار التحقيقات والاجراءات التي ستصدر عنهم.
*************************************
افتتاحية صحيفة الديار
الجيش ينجح بسحب فتيل التفجير في الكحالة والتحقيقات مفتوحة على كافة الاحتمالات
حزب الله يرفض الانجرار الى الفتنة… «التيار» يدعو للتهدئة والمعارضة تصعّد
عقوبات اميركية «مفاجئة» على سلامة… «اسرائيل» تخشى من «المفاجآت» على الحدود – ابراهيم ناصرالدين
من المرجح ان تطوى حادثة الكحالة كما غيرها من الاحداث في بلد تبقى فيه الحقيقة دائما الضحية الاولى. ثمة من اراد افتعال فتنة كادت تجر البلاد الى مواجهة دموية مفتوحة، فمن اراد عن قصد او عن فعل مدبر المس بسلاح المقاومة يعرف مسبقا انه يتجاوز «خطوطا حمراء» لا يمكن لحزب الله ان يسمح بها مهما كانت النتائج والتضحيات. ومن حاول الاستثمار بحادثة انقلاب الشاحنة يعرف جيدا عن سابق تصور وتصميم ما يريده من وراء التحريض على الحزب في توقيت مشبوه باتت فيه الاسئلة مشروعة ومفتوحة على كل الاحتمالات. التحقيقات لا تزال في بدايتها وهي لا تستبعد اي سيناريو، وجمع المعطيات يحصل بدقة متناهية للوصول الى الحقائق بالسرعة المطلوبة بعد نجاح الجيش بسحب فتيل التوتر من الشارع متعاليا عن اتهامات سيقت بحقه من قبل قوى المعارضة التي رفعت سقف التصعيد واعلنت عن اجندة مختلفة للمواجهة مع حزب الله الذي شيع المقاوم الشاب احمد قصاص واختار عن قناعة عدم الانجرار الى اجندات تسعى الى هز السلم الاهلي مراعيا الكثير من الحساسيات الداخلية، دون ان يتخلى عن مطلب التوسع في التحقيقات ومحاسبة كل من شارك في الاعتداء وحرض عليه. اما الكحالة فهي تشيع ابنها فادي بجاني وطلب العائلة ان يكون شعبيا على وقع استمرار التصعيد من قبل بعض القوى، فيما اختار التيار الوطني الحر»صوت العقل» ورفض كل انفعال واستغلال للحادثة المؤلمة بهدف توتير الاجواء والتسبب بفتنة يسعى اليها الكثيرون في الداخل والخارج. وهو امر دعا اليه ايضا رئيس الجمهورية السابق ميشال عون الذي طالب بمد جسور الثقة بدل سموم الكراهية. ومع تقدم الاحداث الامنية الى الواجهة داخليا، تخشى اسرائيل من مفاجآت على الحدود، فيما غابت السياسية، لكن اللافت قضائيا قيام الولايات المتحدة الاميركية وبريطانيا وكندا وبشكل متزامن بوضع حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة على لائحة العقوبات بتهمة الفساد،ما يطرح ايضا اكثر من علامة استفهام حول التوقيت؟
هدوء ميداني
في هذا الوقت نجحت قيادة الجيش في احتواء الازمة، وسحب فتيل التفجير من الشارع، وباشرت استخبارات الجيش تحقيقاتها في الحادث، وتم مقاطعة الفيديوهات والاستماع الى بعض الشهود. وقد اتضح من خلال تحرك الجيش على الارض ان التنسيق قائم بين المقاومة والقيادة العسكرية التي تعرف جيدا طبيعة وجهة هذه الاسلحة. وقد شهدت الكحالة منذ صباح امس هدوءا حذرا وتركت الساحة امس للتحقيقات التي ارتكزت على كاميرات المراقبة، حيث يتم التركيز على تحديد هوية من بدأ باطلاق النار، وما اذا كانت الشاحنة قد انقلبت بحادث عرضي، وسيحدد مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي الذي بدأ التحقيق في الحادثة الجهة المخولة متابعة التحقيق لاحقاً في ضوء النتيجة.
الذخيرة لن تصادر
وكانت قيادة الجيش اعلنت أنّ الشاحنة التي انقلبت على طريق عام الكحالة كانت تحمل ذخائر، وقد تمّ رفعها ونقل حمولتها إلى أحد المراكز العسكرية. وأوضحت، في بيان انه لدى انقلاب الشاحنة، حصل إشكال بين مرافقي الشاحنة والأهالي ما أدّى إلى سقوط قتيلين. وقد حضرت قوة من الجيش إلى المكان وعملت على تطويق الإشكال، وتم نقل حمولة الشاحنة إلى أحد المراكز العسكرية، وبوشر التحقيق بإشراف القضاء المختص. وأشارت إلى أنّه عند الساعة الرابعة من فجر امس، قامت القوة برفع الشاحنة وفتح الطريق بالاتجاهين، فيما يواصل الجيش متابعة الوضع واتخاذ التدابير الأمنية المناسبة.ووفقا للمعلومات، فان الذخيرة لن تصادر بل سيجري تسليمها لحزب الله باعتبارها مشرعة عبر البيانات الوزارية المتعاقبة التي تسمح بمقاومة الاحتلال بكافة الاساليب المشروعة.
هواجس وعلامات استفهام؟
ووفقا لمصادر مقربة من حزب الله بات واضحا ان بعض الجهات اللبنانية تعمد إلى استغلال كلّ حدث أمني أو سياسي، واستباق أيّ تحقيقات، لتوجيه الاتهامات بحق الحزب، ولفتت الى ان تدخل الجيش الحاسم منع انزلاق البلاد الى ما لا تحمد عقباه بعدما قامت مجموعة مسلحة تتبع جهة سياسية معروفة، بالاعتداء على فريق الحماية الذي كان يعالج مشكلة انقلاب شاحنة تابعة للمقاومة أثناء انتقالها من البقاع إلى بيروت. وتطرح حملات التحريض التي تبثّها بعض الجهات، واللعب على وتر إشعال فتيل حرب أهلية، اكثر من علامة استفهام. ولفتت الى ان رد فعل الحزب في الكحالة كان مسؤولا وراعى الحساسيات الداخلية، بهدف الحفاظ على السلم الأهلي وعدم السماح لهذه القوى بتحقيق أجندتها لجر المقاومة الى ساحة الاقتتال الداخلي،وهي خدمة مجانية لدولة الاحتلال الاسرائيلي. ولهذا ينتظر حزب الله التحقيقات لمعرفة ما اذا كان التوظيف السريع لما حصل من تحريض على المقاومة، يؤكد أن ما جرى في الكحالة كان مدبّرا لان التوقيت مشبوه والاستهداف واضح، وهناك من يحاول أن يستثمر في الفراغ الذي يعيشه لبنان، والتحريض على المقاومة، واللافت كان ظهور لافتات كبيرة كتبت عليها شعارات ضد ايران وحزب الله. وهذا يثير شكوك حول خلفيات الحادث.
حزب الله: لن ننجر للفتنة
في هذا الوقت، رفض حزب الله الانجرار الى الفتنة، وبمشاركة شعبية حاشدة، شيّع الحزب الشهيد أحمد علي قصاص في «روضة الحوراء زينب» في الغبيري. وخلال مراسم التشييع، قال مسؤول قسم التبليغ والأنشطة الثقافية في حزب الله، علي فحص، إنّ الشهيد شارك إلى جانب إخوانه المقاومين في الدفاع عن بلدة معلولا وأضاء شمعة أمام كنيستها لا ليُكافأ بالاعتداء عليه بالرصاص والقتل من قبل مسلحين أمام كنيسة الكحالة. ورأى أن ما جرى في الكحالة هو اعتداء فاضح في وقت كان يتواصل الأخوة مع الجهات الأمنية لسحب الشاحنة التي كان بالامكان أن تمر بعد اصلاحها بشكل طبيعي لكن تدخل المسـلحين بهذه الطريقة هو الذي أدى لحصول هذا الحادث المؤسف. وقال «من الذي أعطاهم الحق في اعتراض الشاحنة؟ شهـيدنا قـتل مظلومًا في هذا الاعتـداء السافر وغير المبرر، لكن لم ولن ننجر الى الفتنة. ولن نحقّق مساعي من يريد أخذ البلد إلى الفتنة وكلّ اللبنانيين يعرفون من يمتهن التحريض والمتاجرة بالدم واثارة الفتن بين اللبنانيين.
انتظار التحقيقات
بدورها، دانت كتلة الوفاء للمقاومة الظهور المليشياوي الذي شهدته منطقة الكحالة عقب انقلاب شاحنة للمقاومة والاعتداء على أفرادها في محاولة للاستيلاء عليها، معتبرةً ذلك نتاجَ التحريض والتعبئة الغبية والحاقدة التي تشكل مادة فتنوية يعمل على توظيفها المتورطون بمشاريع معادية للبنان. ولفتت إلى أنّ التوتير وما نجم عنه بعهدة التحقيقات الجارية لتأكيد الوقائع وكشف المتورطين والحاقدين وسوقهم للعدالة.
تصعيد وانتقاد الجيش!
في المقابل واصل رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل، التصعيد ورأى الجميل خلال مؤتمر صحافي استثنائي بعد اجتماع للمكتب السياسي الكاتئبي في الكحالة، أن ما اسماه السلاح غير الشّرعي يحظى بغطاء من دولة مخطوفة ولهذا السبب لن نتوجّه إلى أركان الدولة لأنّ قرارهم ليس بأيديهم. وانتقد الجميل قيادة الجيش قائلا « نعرف أنّ الجيش يُنفّذ الأوامر وأنّ السلطة السياسية مخطوفة وأنّ هناك معادلة مفروضة على اللبنانيين إسمها «جيش وشعب ومقاومة». واعتبر أنه يجب أن تعرف قيادة الجيش أنّ أسلوب حزب الله في التعاطي سيوصل البلد إلى أماكن خطرة وإذا لم يتحمّل الجيش مسؤوليّته ولم يضع حدًّا لكلّ الممارسات يكون بدوره شاهد زور على ما يُمكن أن يصل إليه البلد». وطالب الجميّل المعارضة «بالانتقال من الأسلوب التقليدي في العمل السياسي إلى موقع آخر وجوديّ وكيانيّ وهو اتّخاذ قرارات وخطوات استثنائيّة».
المعارضة الى «المواجهة در»
وقد زار وفد من النواب كنيسة مار انطونيوس الكحالة لتقديم واجب العزاء بفادي بجاني. وضم الوفد النواب مارك ضو، سامي الجميل، غسان حاصباني، ميشال معوض، جورج عقيص، سليم الصايغ، ميشال الدويهي، سعيد الاسمر، اديب عبد المسيح، الياس حنكش، نديم الجميل، نزيه متى، ودان النواب، ما اسموه الاعتداء السافر والميليشياوي تحت نظر الأجهزة الأمنية والعسكرية الذين تقاعسوا عن ممارسة دورهم الحازم والمطمئن. واعتبرالنواب إن ما جرى شكل مفترقا سياسيا وأمنيا خطيرا، واكدوا إنهم بصدد التواصل الواسع مع قوى الاعتراض لإعادة النظر بشكل شامل بمسار المواجهة مع منظومة الحزب وحلفائه، ليتم إطلاق مرحلة جديدة لمواجهة وطنية سياسية شعبية مكتملة العناصر والقوى؟!
«التيار» يدعو للتهدئة
في المقابل تبنى التيار الوطني الحر خطابا عقلانيا، وقال الرئيس السابق ميشال عون عبر حسابه على «إكس»: شاء القضاء والقدر أن تقع الحادثة في الكحالة، وتطوّرت تداعياتها، وكاد التحريض والاستثمار أن يجعلا منها مدخلاً لفتنة نعرف كيف تبدأ ولا نعرف كيف تنتهي. لقد دفع لبنان مجدداً من دماء شبابه، فالرحمة لروح الضحايا والعزاء لعائلاتهم. وقال» المطلوب اليوم هو التهدئة بدل التحريض، ومدّ جسور الثقة بدل بثّ سموم الكراهية، وانتظار نتائج التحقيق. الهيكل إذا سقط فلن يسلم أحد، خصوصاً في الظروف التي تحيط بنا، وما من منقذ في الأزمات سوى الوحدة الوطنية فتمسّكوا بها. بدورها اعتبرت لجنة الإعلام والتواصل في التيار الوطني الحر أن ما حصل جرس إنذار للخطر المحدق بدولة تتحلّل ومجتمع يتشنّج. وأكدت اللجنة أن التيار يرفض كلّ انفعال واستغلال للحادثة المؤلمة بهدف توتير الاجواء والتسبب بفتنة يسعى اليها كثيرون في الداخل والخارج، مشيرة الى ان أي إستغلال للأحداث، طارئة كانت أو مفتعلة، يدعونا كلبنانيين إلى الإسراع في حلّ مشاكلنا، فقط بالحوار البنّاء والهادف، لأن أي فتنة هي بمثابة انتحار جماعي سيعمل التيار مع العقلاء على منعها.
«رصاصة طائشة»؟
في هذا الوقت، أكد وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال، موريس سليم، أنه بخير بعد تعرّض موكبه امس لإطلاق نار في منطقة جسر الباشا. وأعلن مكتبه الإعلامي ان سيارته أصيبت برصاصة، ووفقا لمراجع امنية فان الترجيحات تشير الى ان ما جرى رصاصة طائشة ولا استهداف مباشر للوزير، ومن الوارد بحسب مصادر امنية،ان يكون الرصاص الذي طال سيارة وزير الدفاع سببه النار الذي أطلق خلال مراسم تشييع أحمد قصاص. لكن وزير الدفاع قال «كان هناك سيارة تتابعنا على المسار وتبين أنها بدون لوحات ومن بداخلها يتلفت بشكل يثير الشكوك»، وما تزال التحقيقات مستمرة!
اسرائيل تخشى المفاجآت
هذا داخليا، اما على الحدود، فقد حذّرت قيادات امنية اسرائيلية من مفاجآت يعدها حزب الله، وعلى خلفية التأهّب في الشمال، قال العميد أوري أغمون، ان الوضع الحالي ذكرنا بالشعور الذي كان سائداً قبل حرب يوم الغفران عام 1973 يومها قام قادة إسرائيل بطمأنتنا وقالوا لنا: لا شيء، إنه تدريب، ولن يحدث شيء. وفي نفس السياق، قال أغمون إن الناس تنتظر نتائج زيارات رئيس الأركان ووزير الأمن ورئيس الوزراء إلى الشمال، واجتماعهم مع قائد الفرقة 91، الأربعاء. وقال أنّ «الناس في توتر ويريدون إجابات. كما لفت إلى أن الناس يريدون تطمينات حول جاهزية الأجهزة الأمنية والعسكرية والأجواء التي نعيشها اليوم متوترة بشكلٍ كبير، معقباً أنّ الوضع السياسي في «إسرائيل» يُشير إلى عدم تفرغ المؤسسة «لإعطاء الإجابات للسكان. وشرح أغمون أنّ التهديد الذي يأتي من لبنان منقسم إلى قسمين: الأول هو تهديد القصف الصاروخي، أما التهديد الثاني فهو «التهديد المسطّح»، والذي يقوم على احتمال قيام عناصر من حزب الله بالتسلل إلى داخل الجليل.وختم تصريحاته بقوله إنّ المشكلة الأكثر خطورة التي نعيشها في هذه الحرب، هي عنصر المفاجأة. وكانت صحيفة»إسرائيل اليوم» قد تحدثت عن سيناريو يرسم خريطة مواجهة محتملة مع حزب الله ، مشيرةً إلى أنّ الجيش يستعد لإمكانية تصعيد على الحدود مع لبنان.
عقوبات ثلاثية على سلامة
في هذا الوقت، وفي خطوة لافتة، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة وأربعة آخرين مقرّبين منه، بحسب ما أفاد إشعار نُشر امس على موقع وزارة الخزانة الأميركية. فرضت الخزانة قيوداً على إجراء التحويلات المالية على كلّ من رياض ورجا وندي سلامة وماريان حويك وأنا كازاكوفا. وأضافت الوزارة أنّ سلامة أساء استغلال منصبه في السلطة بما ينتهك على الأرجح القانون اللبناني من أجل إثراء نفسه وشركائه من خلال تحويل مئات الملايين من الدولارات عبر شركات وهمية من الباطن للاستثمار في عقارات في أوروبا. بدورها، أضافت الحكومة البريطانية رياض سلامة إلى نظام عقوباتها العالمي لمكافحة الفساد. وفرضت كندا عقوبات على ثلاثة لبنانيين، بينهم سلامة، وذلك في تحرّك منسق مع الولايات المتحدة وبريطانيا لاستهداف فساد مزعوم، بحسب ما أعلنت وزارة الخارجية الكندية.وقد رد سلامة على هذه الاتهامات بالقول انه سيواجه الاجراءات بالاطر المناسبة.
التدقيق الجنائي
في هذا الوقت وفيما دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى جلسة تشريعية عند الساعة 11 من قبل ظهر الخميس في 17 من آب الحالي، تسلّم وزير المال في حكومة تصريف الأعمال يوسف الخليل النسخة النهائية الرسمية من التقرير الذي أعدّته شركة «ألفاريز أند مارسال» المتعلق بالتدقيق الجنائي بحسابات مصرف لبنان، لصالح الدولة اللبنانية بموجب عقد موقع بين الطرفين،وقد رفعه الوزير الخليل مباشرة ووفق الأصول وشروط العقد الى رئاسة مجلس الوزراء. وقد اعلنت الامانة العامة لمجلس الوزراء بعد ظهر امس تسلم النسخة النهائية وعلى الفور وبناء لطلب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ابلغت الامانه العامة لمجلس الوزراء هذه النسخة الى السادة الوزراء، والى الامانة العامة لمجلس النواب والمديرية العامة لرئاسة الجمهورية.
*************************************
افتتاحية صحيفة الشرق
الاهتزاز الأمني مستمر من الكحالة الى جسر الباشا
الحكومة تسلّمت تقرير لـ”الفاريز” .. وجلسة تشريعية الخميس
هناك، على كوع الكحالة سقطت الدولة مجددا في امتحان مواجهة الدويلة. دويلة السلاح المتجوّل الفتّاك ترهّب اللبنانيين وتقتلهم من اقصى الجنوب الى عمق الجبل بعدما قضت عليهم في بيروت. كارثة الكحالة التي اودت بشابين لبنانيين، بغض النظر عن انتماءاتهما الحزبية ، تتحمل مسؤوليتها الدولة العاجزة عن بسط سيادتها وقرارها على اراضيها فتترك المتفجرات والاسلحة تتجول بين اللبنانيين، تسير معهم على الطرقات وتزورهم قرب منازلهم. هي الدولة اياها ترفض تطبيق قرارات الشرعية الدولية وتستنفر دبلوماسيتها بأكملها لتعديل قرار التمديد لقوات الطوارئ الدولية للحد من حرية حركتها جنوبا، فيما ليس من يُسائِل الدويلة عن حرية قتل اللبنانيين العزّل في قراهم وداخل منازلهم. هي الدويلة التي انتفت منذ اكثر من ثلاثة عقود وظيفتها المقاوِمة في لبنان وتحولت الى ذراع لايران خدمة لاهدافها التوسعية ونفوذها المتمدد بين العرب.
نجت الكحالة برمتها من مأساة جماعية و”انقضت” بمأساة فردية لعائلة فادي بجاني، الذي افتدى بلدته، ولسان حال معظم اللبنانيين المتطلعين الى العيش في دولة، بما تفترض الكلمة من معنى، ماذا لو انفجرت الاسلحة التي كانت تنقلها شاحنة حزب الله جراء ارتطامها بالارض، وما ادراك ماذا في الشاحنة، لا بل في الشاحنات التي يستبيح بها الحزب حرمة اللبنانيين وامنهم وسلامهم. هي واحدة من الاف الشاحنات على الارجح تتجول بيننا ولا من يدري ماذا خلف شوادر تغطي حمولاتها، تماما كما لم يكن اي لبناني يعلم ما كان يُخبأ في العنبر رقم 12 في مرفأ بيروت قبل تفجيره.
اما الجيش، وقد نال نصيبه من الانتقاد لغيابه بداية عن مسرح الحادث والجريمة ثم لإفراغ شاحنة الحزب ونقلها وسلاحها الى مكان مجهول، تبين اليوم انه احد المراكز العسكرية،بحسب بيان القيادة امس، فيقتضي ان يتصرف على غرار ما فعل عام 2006 ، حينما صادر شاحنة اسلحة لحزب الله في منطقة الحازمية، في عز حرب تموز، بشفافية وحرفية فينأى بنفسه عن تداعيات ما يجري لئلا يوَظَف الحادث في الموسم الرئاسي.
وفيما لم تُشيّع الكحالة شهيدها بعد، انتقلت البلبلة الامنية الى الحازمية مع تعرض سيارة وزير الدفاع موريس سليم لاطلاق نار، لم تحدد الجهات الامنية مصدره وما اذا كان محاولة اغتيال كما تردد بداية، ام رصاص طائش اطلق ابان تشييع عنصر حزب الله أحمد قصاص، والفرضية الثانية هي الاكثر ترجيحا، علما ان الوزير لم يتعرض لأي اذى.
تحقيقات الكحالة
شهدت الكحالة منذ صباح امس هدوءا حذرا ولفها الحزن غداة ليلة صاخبة فقدت خلالها احد ابنائها الذي يشيع غدا، اثر اشتباكات بين اهالي البلدة وعناصر حزب الله. وتركت الساحة للتحقيقات ولمواقف الاستنكار. في السياق، وبحسب التحقيقات الأولية التي ارتكزت على كاميرات المراقبة ، لم يتم تحديد هوية من بدأ باطلاق النار بعد وان الشاحنة انقلبت بحادث عرضي وسيحدد مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي الذي بدأ التحقيق في حادث الكحالة الجهة المخولة متابعة التحقيق لاحقاً في ضوء النتيجة. وافيد بحسب تقرير الطبيب الشرعي ان فادي بجاني قضى بثلاث طلقات وأحمد علي قصاص بسبع طلقات.
وفد ايراني
سياسيا، التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة، رئيس لجنة الامن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الايراني وحيد جلال زادة والوفد المرافق ، في حضور السفير الايراني مجتبى اماني، وزار الوفد ايضا وزير الخارجية عبدالله بو حبيب.
جلسة تشريعية
من جهة ثانية، رأس بري في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة إجتماعا لهيئة مكتب مجلس النواب . وناقش اقتراح قانون إنشاء صندوق سيادي مخصص لعائدات النفط والغاز الذي أُقر في اللجان. وبعد الاجتماع، دعا بري إلى جلسة تشريعية عند الساعة 11 من قبل ظهر الخميس في 17 من آب الجاري.
تسلم التقرير
اقتصاديا، تسلّم وزير المال في حكومة تصريف الأعمال يوسف الخليل النسخة النهائية الرسمية من التقرير الذي أعدّته شركة “ألفاريز أند مارسال” المتعلق بالتدقيق الجنائي بحسابات مصرف لبنان، لصالح الدولة اللبنانية بموجب عقد موقع بين الطرفين،
وقد رفعه الوزير الخليل مباشرة ووفق الأصول وشروط العقد الى مقام رئاسة مجلس الوزراء.
و تسلّمت الامانة العامة لمجلس الوزراء التقرير، وبناء لطلب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ابلغت الامانه العامة لمجلس الوزراء هذه النسخة الى السادة الوزراء، والى الامانة العامة لمجلس النواب والمديرية العامة لرئاسة الجمهورية.
مداعاة الدولة
قضائيا، تقدّمت الدولة اللبنانية ممثلة برئيسة هيئة القضايا القاضية هيلانة اسكندر بطلب ضد الدولة اللبنانية، طالبة مداعاة الدولة طعنا بتصرفات قاضي التحقيق الاول في بيروت القاضي شربل ابو سمرا، لا سيما لناحية القرار الصادر عنه بتاريخ 2-8-2023، ما سيؤدي عمليّا وفعليّا إلى تجميد ملف التحقيق مع حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة برمّته، في ظل غياب اكتمال الهيئة العامة لمحكمة التمييز بسبب عدم صدور التشكيلات القضائية.
سلامة ينفي
في هذا الوقت نفى حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، بحسب ما ذكرت قناة “سكاي نيوز”، الاتهامات الواردة في قرار العقوبات الأميركية والبريطانية والكندية، متعهداً بمواجهتها.
وكانت السلطات البريطانية قد أعلنت أنها فرضت، بالتنسيق مع الولايات المتحدة وكندا، عقوبات على الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة و3 من مساعديه (ماريان الحويك وآنا كوساكوفا)، بينهم شقيقه رجا سلامة، لتهريبهم أكثر من 300 مليون دولار من أموال البنك المركزي لتحقيق مكاسب شخصية.
ودعا وزير شؤون الشرق الأوسط البريطاني اللورد طارق محمود أحمد قادة لبنان إلى إجراء إصلاح حقيقي على وجه السرعة ومحاربة الفساد، لوضع لبنان على طريق الانتعاش الاقتصادي.
وأشار إلى أن “سلامة وأعوانه المقربين سرقوا اللبنانيين وحرموهم من الموارد الضرورية لاستقراره الاقتصادي والاجتماعي”، موضحاً أن “هذه هي المرة الأولى التي تستخدم فيها حكومة المملكة المتحدة نظام العقوبات العالمي لمكافحة الفساد ضد الأفراد المتورطين في الفساد في لبنان”.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :