افتتاحية صحيفة البناء:
بيانات السفارات الخليجية بطلب مغادرة الرعايا وأخذ الحذر الأمني بقيت لغزاً دون تفسير
بري يستقبل جنبلاط: متمسّك بدعم فرنجية… وعن العقوبات: البري لا يحلو على الرصّ
جنبلاط: لم نجد تفسيراً لخوف السفارات… ومتفائل ببدء الحفر لتظهير ثروات النفط والغاز
في خطوة لم تخلُ من الرسائل المشفرة تزامنت بيانات صادرة عن سفارات السعودية والإمارات والبحرين وقطر وعُمان والكويت، في التحدث عن مخاطر أمنية في لبنان وانتهت بدعوة الرعايا الى المغادرة او أخذ الحيطة والحذر، وفيما لم يصل الى المسؤولين اللبنانيين أيّ تفسير لهذه البيانات، رجحت مصادر سياسية أن تكون حصيلة تحذيرات مبرمجة من مخاطر أمنية محيطة بلبنان أبلغها الأميركيون للعواصم الخليجية مرفقة بطلب دعوة الرعايا الخليجيين لمغادرة لبنان، والهدف هو الإيحاء بأنّ لبنان عشية أحداث أمنية خطيرة، سواء من بوابة الجنوب أو التطورات المحتملة لأحداث عين الحلوة، بينما لم تصدر أيّ من العواصم والسفارات الأوروبية، وحتى السفارة الأميركية نفسها، تجاهلت الأمر، فيما شركة “توتال” الفرنسية وشركة “ايني” الإيطالية تواصلان العمل على حقول النفط والغاز جنوباً تمهيداً لبدء الحفر نهاية الشهر الحالي، بعد ثلاثة أسابيع.
النوايا الأميركية السلبية تجاه لبنان تأتي في ضوء التحسّن المالي الناجم عن موسم اصطياف استثنائي وتضاعف تحويلات اللبنانيين من الخارج، ما أسقط ورقة انهيار سعر الصرف والقدرة الشرائية من بين أوراق الضغط القابلة للاستخدام في السياسة وخصوصاً في الاستحقاق الرئاسي، أو في جلب لبنان الى بيت الطاعة المالي، أيّ صندوق النقد الدولي، فيما يزداد القلق والارتباك من مسار الاستحقاق الرئاسي في ضوء المعلومات عن تقدّم إيجابي في الحوار بين حزب الله والتيار الوطني الحر، سوف يتمكّن مع إنجازه من توظيف الحملة الخارجية والداخلية ضدّ تعطيل النصاب ليتمكن من المجيء برئيس جديد مع امتلاك الأغلبية اللازمة لانتخاب، طالما أنّ أحداً لن يجرؤ على تعطيل النصاب من الخصوم، في ظلّ التهديدات التي تورّط الغرب بالتلويح بها ضدّ تعطيل النصاب رداً على جلسة 14 حزيران التي تعطل نصاب دورتها الثانية، بانسحاب مؤيدي ترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية.
عن العقوبات وترشيح فرنجية، قال رئيس مجلس النواب نبيه بري، “المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان تكلم معي نقلاً عن اللقاء الخماسي طارحاً الحوار الوطني وليس الحوارات المتفرّقة، مؤكدا بأنه “مستمرّ بترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية حتى النهاية “ولما يصير في نتائج بموضوع الحوار بين حزب الله والتيار الوطني الحر اسألوني اذا كنت مرتاح”. ورداً على سؤال حول العقوبات ووصفه بأنّه امتداد لحزب الله، قال: “انا امتداد لكلّ شيء، ومتل ما قلت قبل انا بَري وما بحلاش ع الرصّ”.
كلام بري جاء بعد استقباله النائب السابق وليد جنبلاط، الذي قال بعد اللقاء “لم نفهم سوياً أنا وبري لماذا هذا التخوّف لبيانات السفارات، يبدو هناك أمور نجهلها لكن في موضوع مخيم عين الحلوة تبدو الأمور محصورة الى حدّ ما، والجهود الفلسطينية واللبنانية ربما ستؤدّي الى حلّ”. ونوّه جنبلاط بما وصفه بالبوادر الإيجابية ألا وهي ما سيجري آخر الشهر أو الشهر المقبل في موضوع الحفر في الجنوب حول الثروة اللبنانية، وهي بفضل الجهود الكبيرة التي بذلها برّي بالرغم من العراقيل”.
توسّعت تحذيرات الدول الخليجية للبنان داعية رعاياها للامتناع عن السفر اليه، حيث انضمّت الإمارات وقطر وعُمان والبحرين والكويت الى السعودية في تحذير رعاياها، ما أثار ريبة قوى سياسية مختلفة في البلد من هذه القرارات الخليجية لا سيما أنه يكتنفها الغموض.
ولذلك فإنّ الساعات الماضية ومنذ صدور البيان السعودي، شهدت اتصالات قوى سياسية مع مراجع أمنية من أجل الإطلاع على ما يقارب من تهديد أمني والاستفسار حيال ما يُقال عن حدث أمني قد يحصل، وتلقت جواباً واضحاً بأن لا معلومات لديها حول ما يتمّ التداول به. ولذلك كان لافتاً تأكيد قوى سياسية لـ «البناء» أنّ البيانات الخليجية ابعد من أحداث عين الحلوة، وانّ الأمور ربما تتصل بتشدّد خليجي تجاه المكونات السياسية بالتوازي مع الضغط الأميركي على لبنان والتهديد بالعقوبات على معطلي الانتخابات الرئاسية، وهذا من شأنه أن يكون بمثابة ورقة ضغط على القيادات السياسية للقبول بالتسويق وانتخاب رئيس في أسرع وقت.
وليس بعيداً يجول السفير السعودي في لبنان وليد بخاري في الساعات المقبلة على عدد من القوى السياسية ورؤساء الأحزاب .
وأعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أنه بنتيجة البحث مع القيادات العسكرية والأمنية، أفادت المعطيات المتوافرة أنّ الوضع الأمني بالإجمال لا يستدعي القلق والهلع، وأنّ الاتصالات السياسية والأمنية لمعالجة أحداث مخيم عين الحلوة قطعت أشواطاً متقدمة. وأفاد ميقاتي في بيان بأنه «كلف وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب التواصل مع الأشقاء العرب لطمأنتهم إلى سلامة مواطنيهم في لبنان».
كذلك وصل أمس إلى لبنان عضو اللجنة المركزية لحركة فتح والمشرف على الساحة اللبنانية عزام الأحمد لمتابعة معالجة الوضع في المخيم، فزار الرئيس ميقاتي في حضور المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء إلياس البيسري ومدير المخابرات في الجيش العميد طوني قهوجي ورئيس لجنة الحوار اللبناني ـــ الفلسطيني باسل الحسن، وعن الجانب الفلسطيني أمين سر حركة «فتح» وأمين سر فصائل «منظمة التحرير الفلسطينية» في لبنان فتحي أبو العردات وسفير فلسطين أشرف دبور. وتمّ خلال الاجتماع البحث في الوضع في مخيم عين الحلوة والاجراءات اللازمة لتثبيت وقف إطلاق النار.
وجرى خلال الاجتماع، اتصال هاتفي بين الرئيس ميقاتي ورئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية حول موضوع الاجتماع الذي بحث في الوضع في مخيم عين الحلوة في صيدا، والإجراءات اللازمة لتثبيت وقف إطلاق النار. والدعوة إلى عودة النازحين من المخيم، ومتابعة مسار التحقيق لتسليم المطلوبين بالتنسيق مع الجهات اللبنانية المختصة.
وأكد الرئيس ميقاتي على أهمية التنسيق اللبناني الفلسطيني في حلّ الملفات العالقة، وتحقيق الأمن والاستقرار في لبنان والأراضي الفلسطينية. كما دعا إلى ضرورة عودة النازحين من مخيم «عين الحلوة» إلى منازلهم، ومتابعة مسار التحقيق لتسليم المطلوبين بالتنسيق مع الجهات اللبنانية المختصة.
اما الأحمد فأكد أهمية الدور اللبناني في دعم القضية الفلسطينية، وتحقيق السلام العادل والشامل. كما دعا إلى ضرورة التنسيق بين الفصائل الفلسطينية للحفاظ على الهدوء والاستقرار في مخيم «عين الحلوة».
من جهته استغرب رئيس مجلس النواب نبيه بري بيانات السفارات مؤكداً ان لا شيء أمنياً يستدعي ذلك.
وأشار بري في حديث لقناة «الميادين» إلى أنّ «حصر التحذير بمناطق الاشتباك القريبة من عين الحلوة يمكن تفهّمه ولكن الدعوة لمغادرة الرعايا غير مفهومة».
وتابع: «الوضع في عين الحلوة هادئ منذ 3 أيام فلماذا تلك البيانات التحذيرية؟»
وكشف بري انّ الموفد الفرنسي جان إيف لودريان تكلم معه نقلاً عن اللقاء الخماسي طارحاً الحوار الوطني وليس الحوارات المتفرقة.
وحول العقوبات ووصفه بأنّه امتداد لحزب الله قال بري: «انا امتداد لكلّ شيء ومثل ما قلت قبل «انا بَرّي وبحلاش عالرصّ».
وأشار بري الى انه «مستمر بترشيح فرنجية حتى النهاية، ولما يصير في نتائج بموضوع الحوار بين الحزب والتيار اسألوني اذا كنت مرتاحاً».
وقال النائب السابق وليد جنبلاط من عين التينة: «لم نفهم سوياً أنا والرئيس بري لماذا هذا التخوّف لبيانات السفارات، يبدو هناك أمور نجهلها، لكن في موضوع مخيم عين الحلوة تبدو الأمور محصورة الى حدّ ما، والجهود الفلسطينية واللبنانية ربما ستؤدّي الى حلّ».
وخاطب رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد الأميركيين بأنّ عليهم ان يعرفوا أنّ هناك من لا يستطيعون تجاوزه في هذا البلد، ودعا رعد إلى مزيد من اليقظة والتنبّه لمخاطر ما يُساق إليه لبنان من خلال الضغوط التي تُمارس عليه سواء في الاستحقاق الرئاسي أو بالتهديد بانهياره بمؤسساته كافة.
وأضاف أنّ «هناك الكثير من الأشخاص لم نضع عليهم فيتو لأننا نريد التسويات لكن من دون أن يحشرنا أحد أو يأخذنا إلى مكان، هناك أشخاص لا نقبل بأن يكونوا حكاماً في هذا البلد لأنّ تجربتنا معهم كانت مُرّة (…) نحن ندرك تماماً ماذا نريد، وإلى أين سنصل».
إلى ذلك، يعقد مجلس الوزراء اليوم جلسته الرابعة المخصصة لموازنة 2023 وسط ترقب للمسلك الذي سيسلكه موضوع الاقتراض الحكومي من مصرف لبنان، على ان يعقد غداً لقاء وزاري في المقر البطريركي الصيفي بالديمان. على ما أكد الرئيس ميقاتي الذي وصفه بالتشاوري واستغرب ما أثير حوله سائلاً: أين هو التعدي على الطائف كما ادّعى البعض؟!
ويشهد مصرف لبنان اليوم اجتماعاً للتدقيق الداخلي تحضره المديريات في المصرف، سيخلص الى تحديد رقم الأموال المتبقية في الاحتياطي الإلزامي بالدولار، وما هي الالتزامات المفروضة على المركزي على أن تكون هذه الأرقام في متناول كلّ اللبنانيين مع نهاية الأسبوع على الموقع الرسمي لمصرف لبنان.
***********************************
افتتاحية صحيفة الأخبار:
تحذيرات السفارات: ضغط رئاسيّ أم تهديد أمنيّ؟
حالةٌ من الاستنفار المشوب بكثير من القلق والشائعات خلّفتها دعوة السفارة السعودية، ليل الجمعة - السبت، رعايا بلادها في لبنان إلى تجنّب "الاقتراب من المناطق التي تشهد نزاعات مسلّحة"، ومطالبتهم بـ "مغادرة الأراضي اللبنانية بسرعة، والتقيّد بقرار منع السفر إلى لبنان". وكالعادة، أعادت سفارات خليجية "تغريد" التحذير السعودي، فطلبت الكويت من رعاياها "الابتعاد عن مواقع الاضطرابات الأمنيّة"، ودعت البحرين مواطنيها إلى "مغادرة الأراضي اللبنانية"، وذكّرت الإمارات بـ"التقيد بمنع السفر إلى لبنان"، وطلبت السفارة الألمانية من مواطنيها "تحديث بياناتهم على منصة السفارة والابتعاد عن مناطق الاشتباكات".
خرقت هذه البيانات "الهدنة السياسية الهشّة" مع كثير من الأسئلة حول أسباب هذه الإجراءات "الاحترازية"، رغم أن "لا معلومات حول تصعيد أمني"، كما أن الأوضاع في مخيم عين الحلوة بقيت مضبوطة في اليومين الماضيين بعد الالتزام بوقف إطلاق النار عقب أيام من الاشتباكات. وحتى مساء أمس، بقيت الأسئلة من دون جواب حاسم، وبدأت دوائر مراقبة تربطها بأبعاد تتصل بوضع المنطقة وتصاعد التوتر على أكثر من ساحة، انطلاقاً من اليمن مروراً بالعراق وسوريا وصولاً إلى لبنان.
وإذا كان التواصل مع السفارة الألمانية من أكثر من سفارة أوروبية في بيروت دفعها إلى إصدار بيان نفت فيه أي علاقة بين البيان التحذيري والوضع السياسي، إلا أن المؤكد أن الرسالة الخليجية المفاجئة ليست عابرة. وإلى حين اتّضاح الأسباب الموجبة لهذه التحذيرات، تنوّعت التفسيرات بين حدّين:
- أن تكون استكمالاً لحملة الضغط الخليجية على لبنان، ترجمة لما جاء في بيان اللقاء الخماسي الذي عُقد في الدوحة الشهر الماضي، والذي لوّح بـ"اتخاذ إجراءات ضدّ من يعرقلون إحراز تقدم في موضوع انتخاب رئيس جديد للبلاد". وقد أكّدت مصادر مواكبة للقاء يومها أن من بين الأفكار التي طرحها المستشار في الأمانة العامة لمجلس الوزراء السعودي نزار العلولا منع السياح العرب من السفر إلى لبنان.
- أن تكون هناك خشية حقيقية من تفاقم الأوضاع الأمنية في مخيم عين الحلوة وإمكانية تمدّدها خارج هذه البقعة الجغرافية بما يهدد بانفلات الوضع. وقد نقل أحد المسؤولين البارزين أن لدى المملكة العربية السعودية معطيات حول نية بعض الجهات تفجير الوضع داخل المخيم.
وحتى يوم أمس، بقيت القوى السياسية تؤكد أن لا سبب للبيانات التي صدرت عن الدول الخليجية، إذ أشار رئيـس مجلـس النواب نبيه بري إلى أن "لا شيء أمنياً يستدعي ذلك". وفي حديثٍ لـ "الميادين"، قال إن "حصر التحذير بمناطق الاشتباك القريبة من عين الحلوة يمكن تفهّمه، ولكنّ الدعوة لمغادرة الرعايا غير مفهومة"، وأشار إلى أنّ "الوضع في عين الحلوة هادئ منذ 3 أيام فلماذا تلك البيانات التحذيرية؟". كذلك صرّح النائب السابق وليد جنبلاط بعد لقائه بري بـ"أننا لم نفهم سبب تخوّف السفارات"، لافتاً إلى أنّ "الأمور في عين الحلوة إلى حدّ ما محصورة".
لقاء الديمان
في سياق آخر، يتحضّر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وعدد من الوزراء لعقد لقاء تشاوري في الديمان. وعلمت "الأخبار" أن البطريرك بشارة الراعي أثار مع ميقاتي، لدى استقباله الأربعاء الماضي، "ملف النازحين السوريين ولمّح إلى أن الموضوع يبدو وكأنه قضية المسيحيين فقط، ما نفاه ميقاتي". كما سأل أحد المطارنة عن إدخال قضايا "الشذوذ الجنسي" في المناهج التربوية، واصفاً ذلك بأنه "خطير ويحتاج إلى حل سريع". وقالت مصادر مطّلعة إن هاتين المسألتين ستكونان موضع نقاش، وإنه "لن تكون هناك جلسة لمجلس وزراء بل استكمال للقاء السابق، ولذلك لن تدعو الأمانة العامة لمجلس الوزراء الوزراء إلى حضور اللقاء بل سيتولى بروتوكول السراي ذلك". واتّفق البطريرك مع رئيس الحكومة على أن يلقي البطريرك التحية على المجتمعين قبل أن يغادر اللقاء. علماً أن حماسة البطريرك لمعالجة هذه المواضيع في الصرح لإعطائها بعداً وطنياً تصطدم بمعارضة منحه غطاء للجلسات الحكومية التي تعارضها القوى المسيحية الرئيسية.
**************************************
افتتاحية صحيفة النهار
التحذيرات الخليجية برسم السلطة و”التورط” الإيراني؟
النذر اليسير من التطمينات التي سارعت الحكومة و#الجيش الى تعميمها حيال احتواء التوترات والاشتباكات في #مخيم عين الحلوة والوضع الأمني عموما، لم تكن كافية لتبديد سيل التساؤلات والشكوك التي اثارتها تحذيرات دول مجلس التعاون الخليجي جميعا، وبنبرة موحدة اجماعية، الى رعاياها في #لبنان لتجنب مناطق الاهتزازات الأمنية او لمغادرة لبنان بسرعة. هي تحذيرات رسمت معالم مناخ مشدود بين المعطيات والنظرة التي تملكها الدول الخليجية حيال واقع “الساحة اللبنانية” وسقوط الثقة بالسلطة اللبنانية سقوطا حاسما بدليل ان الدول الخليجية كما المانيا لم تتريث في اطلاق التحذيرات بعد مراجعة الحكومة والسلطات، فسارعت اليها على نحو انكشفت معه السلطة والحكومة اذ اصابتها المفاجأة اسوة بـ”رعاياها اللبنانيين” أيضا !
اما الأخطر في دلالات سلسلة التحذيرات التي تعاقبت بين ليل الجمعة ونهار امس، فهي انها افتقرت الى التوضيحات الابعد من التوجيهات الروتينية الى الرعايا، اذ ان السلطة اللبنانية لم تكلف نفسها عناء الشرح وتقديم الإيضاحات حيال تطور ينذر اقله بتعكير الموسم السياحي “المشتعل” في عز احتدامه، الامر الذي يطرح معه سؤال كبير وجدي هو: هل افصحت الدول صاحبة التحذيرات للسلطة والحكومة او لجهات امنية لبنانية عن معطياتها غير المعلنة التي تبرر اطلاق سلسلة التحذيرات هذه ؟ ام ان تلك الدول اكتفت بما اطلقته ولم تزود السلطة اللبنانية بإيضاحات إضافية بما يكشف حالة انعدام الثقة الخليجية ضمنا بالسلطة او بالتستر على معطيات لا يراد لها ان تنكشف راهنا ؟
مناخ الارتياب في التحذيرات اثاره هاجس وقوع لبنان مجددا في قبضة الصراعات او التجاذبات الإقليمية التي كانت احداث مخيم عين الحلوة نافذة لها من خلال صراع عنيف بين #حركة “فتح” وتنظيمات إسلامية وأصولية لم يكن بعيدا ابدا عن صراع المحاور في المنطقة الذي لم يحط رحاله بعد. وتزامنت الخشية من دلالات التحذيرات مع سجالات وبيانات تارة هادئة وطورا حادة بين “فتح” و”حزب الله” في مسالة التورط في الصراع الامر الذي حتم وجود ريبة في تربص ايران في الحديقة الخلفية للصراع لدعم التنظيمات المعادية لـ”فتح”. وهذا ما قرأه مطلعون في اجماع دول مجلس التعاون على اصدار التحذيرات بما يشكل رسالة ضمنية شديدة الوطأة ضد التورط الإقليمي وتحديدا الإيراني في هذا الصراع الذي كان ينذر بالتمدد وتهديد الاستقرار في لبنان.
وبدا الامر أولا على خلفية احداث مخيم عين الحلوة، لكن الغموض والالتباس غلفا هذا التطور بما اثار الخشية من وجود خلفيات أخرى. ولم يكن خافيا ان حالة ارباك واسعة اصابت الحكومة والسلطة بسبب هذه التحذيرات التي خشي ان تعكر الموسم السياحي الذي يشهد فورة كبيرة يامل منها اللبنانيون بتعزيز بعض العافية التي يفتقدها لبنان بقوة. ولكن هذا الارباك للحكومة لم يقتصر على مسآلة التحذيرات الديبلوماسية وانما زادها احراجا الاشكال العلني الذي تسبب به وزير الاقتصاد امين سلام مع الكويت بفعل “فلتة كلامية” كادت تتسبب بأزمة ديبلوماسية جدية بين لبنان والكويت .
واذا كان هذا الارباك شغل الحكومة والاوساط الرسمية في نهاية الأسبوع، فان الاهتمامات ستتركز من اليوم على المسلك الذي ستسلكه مشكلة تشريع الاقتراض المالي للدولة من مصرف لبنان علما ان هذا المأزق يتجه نحو تداعيات سلبية اذا تمترس الأطراف المعنيون به، وراء المواقف التي اتخذوها في الأيام الأخيرة وهم الحكومة ومجلس النواب وحاكمية مصرف لبنان. فلا الحاكم الجديد بالنيابة سيكون سهلا عليه القبول باستمرار اليات الانفاق المالي على متطلبات الدولة كما كانت جارية أيام الحاكم السابق رياض سلامة في ظل ما تسببت السياسات السابقة من كوارث. ولا سيكون سهلا على الحكومة او المجلس تحمل تبعات تغطية المس بالاحتياطي الالزامي لمصرف لبنان وهو بقايا أموال المودعين. وتبعا لذلك فان المأزق يواجه انسدادا خطيرا تتوجه معه الأنظار الى ما يمكن ان يجرى من مباحثات بين رئاسات الحكومة والمجلس وحاكمية المصرف المركزي والقوى السياسية أيضا لان الازمة الناشئة تهدد بتداعيات حادة في حال عدم اجتراح مخرج لها بسرعة.
وبدا لافتا ان كلا من رئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط اللذين التقيا عصر امس في عين التينة استغربا تحذيرات السفارات .
وقال بري: “استغرب بيان السفارات ولا شيء أمنياً يستدعي ذلك”، لافتا الى ان “حصر التحذير بمناطق الاشتباك القريبة من عين الحلوة يمكن تفهمه ولكن الدعوة لمغادرة الرعايا غير مفهومة”. وسأل بري: “الوضع في عين الحلوة هادىء منذ 3 أيام فلماذا تلك البيانات التحذيرية؟”
وفي الملف السياسي، كشف بري ان الموفد الفرنسي جان إيف لودريان “تكلم معه نقلا عن اللقاء الخماسي طارحا الحوار الوطني وليس الحوارات المتفرقة”. وحول العقوبات ووصفه بأنّه امتداد لـ”حزب الله” قال بري: “انا امتداد لكل شيء ومتل ما قلت قبل “انا بريّ وبحلاش عالرص”.وأشار الى انه “مستمر بترشيح (سليمان) فرنجية حتى النهاية ولما يصير في نتائج بموضوع الحوار بين الحزب والتيار سألوني اذا كنت مرتاح”.
وقال جنبلاط بدوره بعد اللقاء: “لم نفهم انا والرئيس بري سبب تخوّف السفارات يبدو ان هناك أمورا نجهلها لكن في موضوع مخيم عين الحلوة تبدو الأمور محصورة الى حد ما والجهود الفلسطينية واللبنانية ربما ستؤدي الى حل”.
تعاقب التحذيرات
ومعلوم ان سلسلة التحذيرات الخليجية تواصلت امس اذ أكدت وزارة الخارجية الإماراتية “أهمية التقيد بقرار منع سفر مواطني الإمارات إلى لبنان الصادر سابقا”. وشددت على “ضرورة تواصل المواطنين معها في الحالات الطارئة”.
وسبق للبحرين ان حثت رعاياها الموجودين في لبنان على “المغادرة حفاظا على سلامتهم”، فيما دعت سفارة قطر لدى لبنان الرعايا القطريين “لتوخي الحيطة والحذر وتجنب مناطق الأحداث الحالية والتقيد بالتعليمات الصادرة عن السلطات المحلية المختصة”. كما دعت سفارة سلطنة عمان مواطنيها الموجودين على الأراضي اللبنانية إلى “ضرورة توخي الحذر والتقيّد بالإجراءات الأمنية اللازمة بالابتعاد عن المناطق التي تشهد صراعات مسلّحة، مع اتّباع الإرشادات الأمنية الصادرة من جهات الإختصاص”. وكانت سفارة دولة الكويت “اهابت بمواطني دولة الكويت إلتزام الحيطة والحذر والإبتعاد عن مواقع الإضطرابات الأمنية في بعض المناطق والتقيد بالتعليمات الصادرة عن السلطات المحلية المختصة”. بدورها طالبت السفارة السعودية، “المواطنين السعوديين بمغادرة الأراضي اللبنانية بسرعة، محذرة إياهم من الاقتراب من المناطق التي تشهد نزاعات مسلحة”. ولم تحدد السفارة المناطق التي يجب الامتناع عن الاقتراب منها، إلا أن المملكة قامت، في أول آب الجاري، بتحديث توجيهات السفر إلى لبنان ونصحت بتجنب “كافة أنواع السفر غير الضروري” إلى مناطق في جنوب لبنان قرب مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين.
“يخططون لعمل وحشي اخر”
في السياق الداخلي تواصلت أصداء الذكرى الثالثة لانفجار مرفأ بيروت وكان ابرزها لمتروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة الذي قال في عظة الاحد :
“ما زال المسؤولون عن الكارثة يسرحون وربما يخططون لعمل وحشي آخر، وما زال الزعماء والمسؤولون عاجزين عن القيام بأية خطوة إنقاذية للبلد قد تفرج عن انتخاب رئيس يليه تشكيل حكومة تمنع تدخل السياسيين في عمل القضاء عله يفك أسر التحقيق ويطلق يد المحقق من أجل جلاء الحقيقة وإحقاق العدالة ومعاقبة المسؤولين عن تفجير بيروت وقهر أبنائها”. أضاف: “هل كان هذا التفجير الأبوكاليبتي قتلا لبيروت وأهلها أم إغتيالا للقضاء بغية نشر الفوضى والإطباق على البلد؟ وهل يعقل أن ينتظر ذوو الضحايا مع أهل بيروت وكل اللبنانيين ثلاث سنوات دون نتيجة؟ ثلاث سنوات من الألم والصبر والمطالبة ولم تنجل الحقيقة رغم بشاعة الإنفجار وجسامة نتائجه. هل هي لامبالاة أم استهانة بحياة بشر أحبوا لبنان ولم يهجروه سعيا وراء حياة كريمة، أم هو عجز أو طمس مقصود لحقيقة لا يريدون لها الظهور خوفا منها؟ وإلا لم عرقلة عمل المحقق؟ وإلى متى يفلت المجرمون من العقاب، كل المجرمين الذين اغتالوا بيروت، وكل الذين اغتالوا أشخاصا كل ذنبهم أنهم أرادوا التعبير عن آرائهم بحرية، وكل الذين أوصلوا هذا البلد الجميل إلى الإنهيار، وكل الذين أساءوا إلى البلد وأهله واغتصبوا حقوقهم أو تخطوا القوانين أو تحدوا الدولة أو قاموا بأي عمل سيء؟ كيف يفلت من العقاب القاتلون والمضاربون والمحتكرون ومغتصبو الأطفال والمتعدون على حياة الأبرياء برصاصهم الطائش؟”
الى ذلك وفي اطار التحركات السياسية اللافتة من المقرر ان يزور اليوم وفد من “تيار المردة” مقر حزب الوطنيين الاحرار في السوديكو. وعلم ان هذا اللقاء يندرج في اطار رغبة ابداها “تيار المردة” في الانفتاح على بعض القوى المعارضة وان حزب الاحرار رحب باللقاء من دون ان يعني ذلك في أي شكل أي تراجع عن موقفه وتحالفاته في شأن الاستحقاق الرئاسي وسيصدر الحزب بيانا في هذا الصدد بعد زيارة وفد “المردة”.
***********************************
افتتاحية صحيفة نداء الوطن
إقفال نوافذ “عين الحلوة” لتهدئة رياح القلق الخليجي
برّي و”حزب الله” لا يتكلّمان لغة رئاسية واحدة
تراجعت أمس المخاوف من أحداث عين الحلوة. كما تراجع أيضاً منسوب القلق من البيانات الخليجية التي توالى صدورها منذ مساء الجمعة الماضي ولغاية أمس. لكن التغيير الذي طرأ على المشهدَين الفلسطيني والخليجي في لبنان، حل مكانه فجأة حضور الملف الرئاسي عند الثنائي الشيعي بشكل أبرز تناقضات بين طرفَيه.
وبدا لافتاً التمايز في كلام كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد عندما قاربا الاستحقاق الرئاسي. فمن ناحية رئيس كتلة «حزب الله» النيابية، فقد لجأ للمرة الأولى الى الحديث عن خيارات أخرى في السباق الرئاسي، على الرغم من استمرار تأييد «الحزب» لرئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية. فهو قال: «هناك الكثير من الأشخاص لم نضع عليهم «فيتو» لأننا نريد التسويات، لكن دون أن يحشرنا أحد أو يأخذنا إلى مكان».
في المقابل، خرج بري عن صمته، للمرة الأولى، ليحدّد موقفاً من الحوار بين «حزب الله» و»التيار الوطني الحر»، فأوضح أنّ الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان تكلم معه نقلاً عن الاجتماع الخماسي الأخير في الدوحة، طارحاً «الحوار الوطني وليس الحوارات المتفرقة».
وعن التهديد الأميركي والأوروبي بفرض العقوبات عليه ووصفه بأنّه امتداد لـ»حزب الله»، قال بري: «أنا امتداد لكل شيء ومتل ما قلت قبل، انا بريّ وما بحلاش عالرص». وأشار الى أنه «مستمر في ترشيح فرنجية حتى النهاية»، وخلص الى القول: «لما يصير في نتائج بموضوع الحوار بين «الحزب» و»التيار» إسألوني اذا كنت مرتاحاً».
وفي معلومات لـ»نداء الوطن»، أنّ ملاحظات بري على الحوار عموماً، وحوار حارة حريك وميرنا الشالوحي خصوصاً، تتصل بموقف «سلبي» لبري من الشروط التي وضعها رئيس «التيار» النائب جبران باسيل، إذ رأى أنّ ما يطرحه باسيل في شأن اللامركزية الادارية والمالية الموسعة، «يتجاوز حدود اتفاق الطائف».
الى ذلك، أتت مواقف بري الرئاسية على هامش استقباله أمس الرئيس السابق للحزب «التقدمي الاشتراكي» النائب السابق وليد جنبلاط. وقد سجّل الرجلان ملاحظات على ما صدر من بيانات تحذير خليجية وما جرى في عين الحلوة فقالا: «لا شيء أمنياً يستدعي ذلك».
وفي موازاة لقاء عين التينة، نفت مصادر حكومية ربط تحذيرات السفارات الخليجية لرعاياها بأي عامل سياسي لجهة الضغط على لبنان، وبحسب ما توافر لديها من معطيات، أشارت الى أنّ هذه الدول كانت تخشى تطور الاشتباك في مخيم عين الحلوة، ولهذا فضلت تحذير رعاياها.
في سياق متصل، أكدت مصادر فلسطينية لـ»نداء الوطن»، أنّ الأوضاع الأمنية في مخيم عين الحلوة ستتجه نحو التهدئة مع الإصرار على تطبيق كامل بنود اتفاق وقف اطلاق النار الذي أعلنته «القوى الوطنية والاسلامية» منذ أيام، ومنه سحب المسلحين من الشوارع وتشكيل لجنة التحقيق لكشف الجناة وتسليمهم إلى العدالة اللبنانية وعودة النازحين الى منازلهم في المخيم.
وأشارت إلى أنّ الاجتماع اللبناني – الفلسطيني الذي عقده رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وعضو اللجنة المركزية لحركة «فتح»، المشرف على الساحة اللبنانية عزام الاحمد موفداً من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، خلص إلى توافق مشترك بضرورة تثبيت وقف إطلاق النار، لأنّ المرحلة دقيقة جداً وتتطلب التهدئة وعدم الوقوع في فخ الاستدراج والتوتير. كما تبيّن أنّ إجراء مصالحات فلسطينية – فلسطينية هدف صعب التحقيق، أقله في الوقت الراهن.
وأبلغ مسؤول في «حماس»، «نداء الوطن»، أنه جرى خلال الاجتماع اتصال بين الرئيس ميقاتي ورئيس المكتب السياسي لـ»حماس» اسماعيل هنية، وجرى البحث في وضع المخيم والاجراءات اللازمة لتثبيت وقف اطلاق النار، والدعوة الى عودة النازحين الى المخيم فوراً ومتابعة مسار التحقيق لتسليم المطلوبين بالتنسيق مع الجهات اللبنانية المختصة.
**************************************
افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط
الأمن في لبنان تحت «المجهر العربي»
نصف مراكز الدولة القيادية شاغرة
وضعت التحذيرات الأمنية، التي توجه بها عدد من السفارات العربية في بيروت لرعاياها، لبنان تحت «المجهر الأمني»، وانعكست إرباكاً في لبنان بعد أيام على اندلاع اشتباكات مسلحة في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في جنوب لبنان.
وكان آخر هذه التحذيرات تلك التي أطلقها كل من دولة الإمارات العربية وقطر وسلطنة عمان أمس (الأحد)، فيما أكد رئيس البرلمان نبيه بري أنه لا شيء أمنياً يستدعي هذه البيانات. وقال في حديث تلفزيوني: «حصر التحذير بمناطق الاشتباك القريبة من عين الحلوة يمكن تفهمه، لكن الدعوة لمغادرة الرعايا غير مفهومة». وفي الملف الرئاسي، أكد بري أنه «مستمر بترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية حتى النهاية».
وينعكس الفراغ في رئاسة الجمهورية فراغاً في مواقع عدة، حيث باتت الدولة اللبنانية تُدار إلى حد بعيد بـ«الوكالة» مع شغور حوالي نصف المواقع القيادية في البلد. ولعل أبرز المواقع التي شغرت بعد سدة رئاسة الجمهورية، وتتم إدارة معظمها بالوكالة، هي المديرية العامة للأمن العام، التي كان يتولاها اللواء عباس إبراهيم، وتسلمها نائبه العميد إلياس البيسري، إضافة إلى رئاسة الأركان الشاغرة، ومديرية الإدارة، والمفتشية العامة في الجيش اللبناني، اللتين تداران بالوكالة، بالإضافة إلى حاكمية مصرف لبنان التي كان يتولاها رياض سلامة منذ 30 عاماً وتسلم مهامها نائبه وسيم منصوري.
وبحسب دراسة لـ«الدولية للمعلومات»، فإن 100 موقع قيادي شاغر حالياً، وهذا الرقم قابل للزيادة إذا طالت الأزمة السياسية، حيث سيطال الشغور في الأشهر المقبلة بشكل رئيسي موقع قيادة الجيش والمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي والمدعي العام للتمييز وقائد وحدة الدرك في قوى الأمن الداخلي.
************************************
افتتاحية صحيفة الجمهورية
الجمهورية: بيان الرياض تعبير عن سخط وانزعاج.. و”عين الحلوة” قيد المعالجات العلمية
إنشغلت البلاد في عطلة نهاية الاسبوع بتعاميم بعض السفارات العربية والاجنبية وبياناتها التي دعا بعضها رعايا دولها الى مغادرة لبنان، والبعض الآخر الى الحذر في التنقلات والابتعاد عن مناطق التوتر، وذلك في عز الموسم السياحي المزدهر الذي تعيشه البلاد هذه الايام، ما طرحَ علامات استفهام كثيرة حول أبعاد هذه التعاميم والبيانات التي أثارت مخاوف من احتمال وجود شيء ما أمني او عسكري يُدَبّر للبلاد فى ظل انهيارها الشامل واستمرار الفراغ الرئاسي وتعذر الاتفاق منذ اكثر من تسعة اشهر على انتخاب رئيس جمهورية جديد، في وقت هدأت الاوضاع في مخيم عين الحلوة وبوشر اتخاذ الاجراءات اللبنانية والفلسطينية لتطويق ذيول ما حصل ومنع تكراره.
كشف مصدر ديبلوماسي غربي كبير لـ»الجمهورية» معلومات على جانب كبير من الاهمية والخطورة تشرح بدقة ما يجري من اشتباك امني – سياسي على الساحتين الدولية والاقليمية ومدى تأثيره الكبير على لبنان والمنطقة في المرحلة الراهنة. كذلك كشف خلفيات البيان السعودي المتعلّق بسحب الرعايا السعوديين من الاراضي اللبنانية في نهاية الاسبوع الماضي وارتباطه بالدعوة الى عقد اجتماع في السعودية للبحث في تطورات الحرب الروسية – الاوكرانية وايجاد حل لها.
وفي التفاصيل، بحسب المصدر نفسه، انّ الاسباب التي أدت الى فرملة تنفيذ الاتفاق الاستراتيجي بين المملكة العربية السعودية وإيران برعاية الصين ودفعت المملكة الى وقف اجراءاتها لفتح السفارتين بين الرياض وطهران تعود الى وقوع المنطقة تحت تأثيرات مستجدات الحرب الاوكرانية.
واوضح هذا الديبلوماسي الكبير لـ»الجمهورية» ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المنزعج من تسليح اوكرانيا بالمسيرات الحربية واسلحة اخرى متطورة، رد بوقف التزامه بتسهيل اتفاقية تصديرالقمح وقصف احد ابرز مخازنها في اوديسا، كذلك صعّد في سوريا والعراق وساندته إيران بالضغط في ملفات بارزة في طليعتها اليمن ما اعاد اجواء التشنّج لتخيّم على الساحة الاقليمية. ففي سوريا عاد موضوع التهريب الى الواجهة في الاسبوعين الماضيين على رغم من الوعد بوقف التهريب الى دول الخليج، وذلك كجزء من الضغط الروسي، مما ازعج المملكة العربية السعودية ودفعها الى المبادرة الى اتخاذ سلسلة خطوات مدروسة للرد.
ويضيف المصدر «ان التشنج في المنطقة له علاقة مباشرة بالاشتباكات المسلحة التي حصلت في مخيم عين الحلوة في جنوب لبنان. وكشف المواقف كالآتي:
1 – تحريض خارجي لقوى مسلحة متشددة في المخيم من اجل محاولة السيطرة عليه وكان من نتيجتها اغتيال مسؤول الامن الوطني الفلسطيني ابو أشرف العرموشي وعدد من رفاقه.
2 – تدخل، في المقابل، من دولة خليجية بارزة لتمويل حركة «فتح» لمنع تمدد المتشددين.
3 – الجيش اللبناني يقوم بمهمات امنية مدروسة جيدا، ومنها تطويق المخيم عند مداخله، وتهدف الى عدم سقوط حركة «فتح» فيه وعدم تسرب اي مسلحين الى خارجه، وحماية طريق الجنوب الحيوية جدا، وبالتالي ابقاء الامور تحت السيطرة.
4 – «حزب الله» يدعم الحفاظ على توازن بين الاطراف المتقاتلة. وقراره يتلخص بعدم التدخل ما دام الجيش مُمسكاً بزمام الامور وطريق الجنوب مؤمنة،
ويقول المصدر الديبلوماسي الغربي ان السعودية، ورَداً على استخدام ورقة المسلحين المتشددين من جهة وتمويل احدى الدول الفريق الآخر من جهة اخرى، وازاء عودة التهريب ومعاودة توتير المنطقة، عبرت عن سخطها وانزعاجها من خلال دعوة الرعايا السعوديين الموجودين في لبنان وعددهم يناهز الـ ٤٠٠ مواطن الى مغادرته، وكان معظم هؤلاء اتوا الى لبنان من خلال تركيا تفادياً لمخالفة قرار بلادهم بمنع السفر اليه. ولذلك ايضا دعت السعودية الى اجتماع في مدينة جدة حول الحرب الاوكرانية.
عين الحلوة والمعالجات
في غضون ذلك تواصلت امس وطوال عطلة نهاية الاسبوع المعالجات السياسية والميدانية للوضع في مخيم عين الحلوة مع ثبات وقف اطلاق النار والتزام الاطراف المتقاتلة به، وفي هذا الاطار وصل الى لبنان أمس عضو اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية عزام الأحمد، حيث استقبله رئيس الحكومة نجيب ميقاتي امس في دارته في حضور المدير العام للامن العام بالانابة اللواء الياس البيسري ومدير المخابرات في الجيش العميد طوني قهوجي ورئيس لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني باسل الحسن، وعن الجانب الفلسطيني أمين سر حركة «فتح» وأمين سر فصائل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان فتحي أبو العردات وسفير فلسطين اشرف دبور. وتم خلال الاجتماع البحث في وضع مخيم عين الحلوة والاجراءات اللازمة لتثبيت وقف اطلاق النار.
وكررت «هيئة العمل الفلسطيني المشترك»، في بيان امس، تشديدها على «تثبيت وقف إطلاق النار الشامل والدائم في مخيم عين الحلوة، وسحب كافة المسلحين من الشوارع وفتح الطرق». ودعت كافة العائلات التي نزحت بسبب الاشتباكات للعودة إلى منازلهام في المخيم.
الامارات وعمان
وفي اطار التعاميم الديبلوماسية على الرعايا والتي افتتحتها السعودية، اصدرت وزارة الخارجية الإماراتية امس بيانا عبر منصة «إكس» اكدت فيه «أهمية التقيد بقرار منع سفر مواطني الإمارات إلى لبنان الصادر سابقاً». وشددت على «ضرورة تواصل المواطنين معها في الحالات الطارئة». فيما دعت سفارة سلطنة عمان لدى بيروت عبر منصة «اكس» ايضا مواطنيها الموجودين على الأراضي اللبنانية إلى «ضرورة توخي الحذر والتقيّد بالإجراءات الأمنية اللازمة بالابتعاد عن المناطق التي تشهد صراعات مسلّحة، مع اتّباع الإرشادات الأمنية الصادرة من جهات الإختصاص. وطلبت السفارة من جميع المواطنين في حال حدوث أي أمر طارىء، الإتصال على الأرقام التالية: 76010037 – 01856555».
على المستوى الحكومي وفي موازاة التحضيرات الجارية لجلستي مجلس الوزراء المقررة هذا الأسبوع، وأولاها عند الثالثة بعد ظهر اليوم لاستكمال البحث في مشروع قانون الموازنة العام للعام 2023 بقيت العين موجهة الى الوضع الامني بعد مسلسل البيانات الديبلوماسية الخليجية والاوروبية التي تراوحت بين دعوة رعاياها لاتخاذ الحيطة وتحاشي التنقل في مناطق غير آمنة او ترك لبنان كما فعل بعضها.
معالجات ديبلوماسية
ديبلوماسياً، يواصل وزير الخارجية عبدالله بوحبيب مشاوراته مع المراجع الديبلوماسية بدءا من اليوم، مُستكملاً ورشة الإتصالات التي بدأها خلال عطلة نهاية الأسبوع مع سفراء الدول المعنية بالترتيبات التي اتخذتها بالنسبة الى مواطنيها في لبنان من أجل فهم الخلفيات التي أدت الى اصدار البيانات الاحترازية الأخيرة.
وقالت مصادر ديبلوماسية ان بوحبيب وحتى الأمس القريب «لم يتبلغ أي معلومات او مخاوف يمكن ان تؤدي الى سلسلة البيانات التي اعتدنا عليها في وقت سابق، خصوصا ان البعض منها كان ربطا بأسباب معروفة وأبرزها تلك التي تلت اكتشاف شبكات تهريب الكبتاغون من خلال الليمون والرمان والشاي المخدر ولكن هذه المرة لم ترصد الوزارة اي سبب مماثل ولو كان امنيا».
مراجعة أمنية
ومن المقرر ان يرأس وزير الداخلية بسام مولوي قبل ظهر اليوم اجتماعاً لمجلس الأمن الداخلي المركزي، وقد دعي اليه قادة الاجهزة الامنية وذلك للبحث في بندين اثنين اساسييين احدهما يتصل بالتطورات الأمنية المتصلة باحداث مخيم عين الحلوة والمراحل التي قطعتها التدابير الميدانية التي اتخذتها قيادة الجيش وحصيلة الإتصالات مع القيادات الفلسطينية وممثلي الفصائل. بالإضافة إلى الأسباب التي يمكن أن تكون قادت الى صدور البيانات التحذيرية لعدد من السفارات الخليجية والاوروبية بغية اتخاذ القرارات المناسبة لضمان حفظ الأمن في البلاد. وسيعقد مولوي مؤتمرا صحافيا يتحدث فيه الى وسائل الاعلام المحلية والعربية والدولية قبل ان ينقل حصيلة الاجتماع الى جلسة مجلس الوزراء بعد الظهر.
وعلم أنّ المدير العام للأمن العام بالوكالة اللواء الياس البيسري سيستقبل صباح اليوم مسؤولي الفصائل الفلسطينية لاستكمال البحث في التدابير الواجب اتخاذها لتحصين الوضع الأمني وضمان الاستقرار في مخيم عين الحلوة.
الاستحقاق الرئاسي
في اطار الاستحقاق الرئاسي وما يحوط به من تطورات سياسية وامنية، وفي الوقت الذي لم يسجل اي تطور ملموس في انتظار عودة الموفد الرئاسي الفرنسي الشهر المقبل زار رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط رئيس مجلس النواب نبيه بري وعرض معه لآخر التطورات. وقال بعد اللقاء: «لم نفهم معاً، انا والرئيس بري، لماذا هذا التخوف لبيانات السفارات. يبدو هناك أمور نجهلها لكن في موضوع مخيم عين الحلوة يبدو الامور محصورة الى حد ما والجهود الفلسطينية واللبنانية ربما ستؤدي الى حل». واضاف: «لم أنفصل عن الرئيس بري، هل المطلوب ان اتحدث عن التاريخ المشترك وعمره عشرات السنوات؟ هل أتحدث عن اسقاط 17 ايار وهذا انجاز وطني وقومي نفتخر به؟».
ومن جهته، استغرب بري في حديث متلفز بيانات السفارات مؤكدا ان «لا شيء أمنياً يستدعي ذلك».
وأشار إلى أن «حصر التحذير بمناطق الاشتباك القريبة من عين الحلوة يمكن تفهمه ولكن الدعوة لمغادرة الرعايا غير مفهومة». وقال: «الوضع في عين الحلوة هادىء منذ 3 أيام فلماذا تلك البيانات التحذيرية؟».
واضاف ان «أحداث عين الحلوة محصورة بمنطقتها الجغرافية ولم تتمدد مكانيا»، وأكد انه تحدث مع جنبلاط عن بيانات السفارات و»لم نفهم سببها». وكشف ان «الموفد الفرنسي جان إيف لودريان تكلم معي نقلا عن اللقاء الخماسي طارحا الحوار الوطني وليس الحوارات المتفرقة»، وأكد انه «مستمر في ترشيح رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية حتى النهاية «ولما يصير في نتائج بموضوع الحوار بين حزب الله و»التيار الوطني الحر» سألوني اذا كنت مرتاح».
ورداً على سؤال حول العقوبات ووصفه بأنّه «امتداد لحزب الله»، قال: «انا امتداد لكل شيء، ومتل ما قلت قبل انا بري وبحلاش عالرص».
على الاميركيين
وفي سياق متصل دعا رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، إلى «مزيد من اليقظة والتنبة لمخاطر ما يساق إليه لبنان من خلال الضغوط التي تُمارس عليه، سواء في الإستحقاق الرئاسي أو بالتهديد بانهياره بكافة مؤسساته»، مشيراً إلى أن «على الأميركيون أن يعرفوا أن هناك من لا يستطيعون تجاوزه في هذا البلد». واعتبر أنه «إذا وقعت حادثة صغيرة في لبنان يحولونها إلى أزمة بلد وتضيع معها الحقائق، فمن يعرف ما الذي حصل في انفجار مرفأ بيروت طالما أن صور الأقمار الاصطناعية مُنعت من أن تصل إلى يد المحقق اللبناني حتى لا يصل إلى الحقيقة». لافتا الى ان «هناك كثيرا من الأشخاص لم نضع عليهم «فيتو» لأننا نريد التسويات، لكن دون أن يحشرنا أحد أو يأخذنا إلى مكان يختارون لنا فيه اشخاصا لا نقبل أن يكونوا حكاماً في هذا البلد لأن تجربتنا معهم كانت مرّة، وكانوا جنباً الى جنب مع العدو الإسرائيلي في غزو بلدنا وفي هتك كرامة مواطنينا، نحن ندرك تماماً ماذا نريد، وإلى أين سنصل».
فساد السياسيين
الى ذلك، أشار البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، في كلمة وجهها إلى شباب لبنان خلال عظة القاها في ختام «الأيام العالمية لشبيبة لبنان» في دير سيدة بزمار إلى أنّهم «القوة التجددية في الكنيسة والمجتمع والدولة». وقال: «سلاحكم صلاتكم، ذخيرتكم الحقيقة والمحبة، لتقوموا إلى نجدة لبنان وتحريره من فساد السياسيين المتفشي في الادارات العامة»، مشددًا على أنّه «منكم يجب أن يخرج مواطنون مخلصون للبنان وحده لإعادة الأمل لإحياء لبنان الذي ضرب سياسيوه كل مفاصل الدولة وإداراتها الرسمية، وقيادات متجردة وواعية، أنتم (الشباب) الأمل في إحياء لبنان».
«المركزي» يمتصّ
وعلى صعيد الازمة النقدية والمالية افادت معلومات لـ»الجمهورية» ان لقاء انعقد امس الاول السبت بعيداً من الاعلام بين ميقاتي وحاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري، في ضوء اصرار الاخير على ضرورة تشريع اي إقراض مالي لتمويل الدولة على ان يكون مشفوعا بضمانات تنفيذية بإعادة الاموال المقترضة الى المصرف المركزي.
وفيما يواظب ميقاتي طمأنة من يراجعه الى ان الامور قيد البحث لإيجاد مخرج، فإنه يرمي الكرة في ملعب المجلس النيابي، علماً ان عدداً من وزراء حكومته عبّروا عن ترددهم في ارسال مشروع قانون للحكومة في شأن الاقتراض، ما يؤكد ان قرار ميقاتي هو وليد رغبة قوى سياسية تشكّل عصب حكومته، بعدم تحمّل كرة الاقتراض.
وعلى رغم من الخضّات الامنية، واعلان دول خليجية موقفاً في شأن عدم سفر مواطنيها الى لبنان ومغادرة الموجودين من بعض هذه الدول، والحديث عن وقف تمويل الدولة، واصل سعر صرف الليرة ثباته في السوق السوداء. وفي المعلومات ان حاكم المصرف بالإنابة ينفذ خطّة مُحكمة لمنع تفلّت سعر العملة، من دون المس بأموال الاحتياط، ولا ضخ الدولارات، وهو نجح في امتصاص كلّ الصدمات التي واجهها لبنان، امنيا وسياسياً وديبلوماسياً ومالياً في الايام الاخيرة، مما ارسى عوامل الطمأنة في إنتظار الاتفاق النيابي السياسي على تشريع الصرف.
وعلمت «الجمهورية» ان رواتب الموظفين وحاجات المؤسسات العسكرية والامنية هي خط احمر، وهي اكبر من قدرة الحكومة او اي فريق لبناني على تحمّل تجميدها او تأخيرها، علماً ان حاكم المصرف المركزي لا يتحمّل مسؤولية في هذا الاطار، بل تقع على عاتق الحكومة، من دون اتضاح آفاق الحل المطلوب بعد.
وأكد متواصلون مع منصوري لـ»الجمهورية» انه مصمم على قراره بوقف تمويل الدولة خارج التغطية القانونية، وانه جاد في تنفيذه اكثر مما يمكن أن يظن البعض. واكد هؤلاء «ان اي إنفاق جديد سيكون محصورا ومحدودا بعد صدور التشريع اللازم الذي يضمن استعادة ما ستقترضه الدولة من المصرف، وذلك عبر آلية واضحة ومهلة محددة».
**********************************
افتتاحية صحيفة اللواء
إعتراض خليجي على التلكؤ بسيادة الدولة.. ومطالبة فلسطينية بالأمن اللبناني لعين الحلوة
طلاق مالي بين «المركزي» والحكومة.. ولا رواتب للقطاع العام بالدولار في أيلول
شكلت بيانات سفارات دول مجلس التعاون الخليجي، بدعوة رعاياها الى الابتعاد عن نقاط التوتر، والذهاب بعيداً عن أماكن الاشتباكات، على خلفية ما حصل في عين الحلوة، والاستعداد للمغادرة، صدمة لدى الأوساط اللبنانية، وحضر هذا الملف في زيارة النائب السابق وليد جنبلاط الى عين التينة ولقاء الرئيس نبيه بري، حيث اعلن بعد اللقاء: «لم نفهم سوياً انا والرئيس بري لماذا هذا التخوف لبيانات السفارات، يبدو هناك أمور نجهلها، لكن في موضوع مخيم عين الحلوة يبدو الامور محصورة الى حد ما، والجهود الفلسطينية واللبنانية ربما ستؤدي الى حل».
وكانت البيانات التي صدرت تباعا عن شعارات المملكة العربية السعودية، ودولة الكويت، ثم دولة قطر، موطنيها بالتزام الحيطة والحذر، ومغادرة الأراضي اللبنانية بسرعة، لكن ألمانيا غردت، انه خلافاً للشائعات لا تطلب من مواطنيها المغادرة.
واعتبرت مصادر دبلوماسية ان الموقف الخليجي يندرج في اطار اعتراض متكرر على تلكؤ السلطة في فرض سيادة الدولة وبسط الامن على كافة أراضيها..
وسارع رئيس حكومة تصريف الاعمال الى التأكيد ان لا خوف من خضات أمنية، وان الاتصالات تسارعت مع الرياض، كما انه سارع لاحتواء استياء الكويت مما قاله وزير الاقتصاد امين سلام عن «شطحة قلم» بشأن موضوع اهراءات القمح في المرفأ.
وإذ شدد على ان اللقاء في الديمان ما يزال قائماً في موعده، متسائلاً كيف يحضر وزراء التيار لقاءات تشاورية في السراي الكبير ويمتنعون عن المشاركة فيها في الديمان، وحول العلاقة مع الرئيس بري، طالب بعدم اعطاء الموضوع اكثر من حجمه، وهناك وجهات نظر مختلفة حول مشروع الاقتراض من مصرف لبنان.
الى ذلك، قالت مصادر سياسية مطلعة لـ «اللواء» أن الملف الرئاسي المغيب عن المناقشات السياسية الواسعة لن يشهد تحريكا إلا في سياق إنجاز الردود على طرح الموفد الرئاسي الفرنسي جان- ايف لودريان الذي يزور لبنان مجددا في الشهر المقبل بشكل مؤكد لاسيما إذا كانت هناك من تحضيرات محددة للحوار مع العلم أن المعلومات متضاربة في هذا الشأن والمواقف النهائية لم تتظهر بعد في حين تتكرر المطالبة من المعارضة بجلسات الانتخاب المتتالية.
ورأت هذه المصادر أن الحكومة تحاول إنجاز الموازنة في السرعة المطلوبة على أن تحيلها إلى مجلس النواب وهنا يتطلق الاشتباك بشأن جلساتها في البرلمان ودستوريتها.
أحزان التمويل
يُفترض ان يكون هذا الاسبوع «خاتمة احزان» أم بداية احزان جديدة، حول مشكلات ازمة القرض الذي تطلبه الحكومة من مصرف لبنان المركزي لتمكينها من الإنفاق على الرواتب والتقديمات والحوافز الموعودة لموظفي الدولة وللصحة والفقراء والاكثر هشاشة في المجتمع اللبناني، والذي تتقاذفه الحكومة والمجلس النيابي والقوى السياسية والمصرف المركزي من مرمى الى مرمى لتسجيل نقاط، وكأنه امر إداري إجرائي عادي ولا يتعلق بمصير وحياة عشرات الاف اللبنانيين.
والمنتظر ان يتم البحث هذين اليومين في هذا الموضوع الشائك، في جلسة مجلس الوزراء اليوم، وفي اتصالات رئيسي المجلس النيابي والحكومة، لكن حتى الان لم يتبين بعد اطار الحل وكيف سيتم وفق اي آلية؟ نيابية عبر اقتراج قانون نيابي، او حكومية عبر مشروع قانون يرسل للمجلس النيابي، ام مختلطة؟ لكن الواضح حسب معلومات «اللواء» ان هناك ضياعا رسميا في معالجة الموضوع، وإن حاكمية المركزي لن تتنازل عن شروطها ولن تقرض الحكومة دولارا واحداً من دون تغطية قانونية وبالضمانات والشروط المعروفة، وهو ما اكدته اوساط منصوري، التي قالت: انه لن يرضخ للضغوط السياسية وغير السياسية ولحملات التهويل التي يمارسها البعض، بحجة ان عدم منح الحكومة القرض سيخلق ازمة رواتب، بينما الرواتب متوافرة في حساب الدولة حسبما تقول الحكومة لكن بالليرة اللبنانية، ولتتحمل الحكومة ورئيسها مسؤولياتهم في توفير النفقات المقبلة اذا لم يتم إقرار القانون.
وذكرت اوساط منصوري: انه غير معني بالاتصال مع وزير المال كما ذكر رئيس الحكومة بعد جلسة مجلس الوزراء الاخيرة، من انه «طلب من وزير المال اجراء الاتصالات اللازمة من اجل اتخاذ كل الاجراءات التي تسهّل عمل حاكمية مصرف لبنان وايجاد الصيغة المناسبة لاقرار ما يجب اقراره في اسرع وقت وان يوافي مجلس الوزراء بالنتيجة تباعا». وبالتالي لم ولن يحصل تواصل بين الوزير يوسف خليل ومنصوري، فالمشكلة عند الحكومة واذا لم تضع مشروع قانون الاقتراض فهذا يعني انها غير محتاجة للمال او لا تحتاج الى آليات لتوفير المال وبالتالي لديها آلياتها، وهذا الامر يريح المصرف المركزي ويخفف عنه اعباء إقراض الدولة والمسؤوليات المترتبة عنه.
وكررت اوساط منصوري انه لم يكن موافقاً على إجراءات الحاكم السابق رياض سلامة في إقراض الدولة بشكل غير قانوني غالباً، وكشفت المصادر ان منصوري يملك كل المستندات والمراسلات التي وجهها نواب الحاكم الى سلامة ورؤساء الحكومة ووزراء المال المتعاقبين منذ سنوات، اعتراضاً على اجراءات سلامة لا سيما تسليف الدولة من دون ضمانات. وقالت: ان منصوري قد يضطر على عقد مؤتمر صحافي آخر يكشف فيه بعض هذه المستندات للرأي العام.
يبقى امام الحكومة تدبير امورها المالية ونفقاتها، ومعالجة التحفظات والاعتراضات الوزارية على مشروع قانون موازنة العام 2023، ومنها رفض الاقتراض من المصرف المركزي واستبداله «بضريبة التضامن الاجتماعي»، و ما يتعلق بزيادة الرسوم والضرائب على الخدمات (زيادة الرسوم بنسبة كبيرة على فواتير الكهرباء من رسم العدّاد وحسب الشطور، وعلى الانترنت). و على بند زيادة 25 بالمئة على ضريبة الدخل على المبالغ من مليارين و400 مليون ليرة وما فوق، فتمت احالة البند لمزيد من الدراسة على المدير العام لوزارة المال لإعادة النظر. كما اعترض وزراء على بند اعفاء السيارات والدراجات الجديدة العاملة بالكهرباء من الرسوم، وطالبوا بأن تشمل السيارات والدراجات المستعملة ايضاً، وسيتم البحث في هذه الامور في جلسة اليوم.
صدمة في عين التينة
وفي الحراك السياسي، عقد عصر امس، لقاء في عين التينة بين الرئيس نبيه بري النائب السابق وليد جنبلاط، استمر زهاء نصف ساعة قال بعده جنبلاط: هذه زيارة طبيعية لصديق ولحليف مشترك يجمعنا نضال مشترك، وكان هناك جولة إستعراض عامة لا أكثر ولا أقل، تكلمنا بكل شيء، بالطقس والسياسة وبالبوادر الإيجابية، ألا وهي ما سيجري آخر الشهر أو الشهر المقبل في موضوع الحفر في الجنوب حول الثروة اللبنانية، وهي بفضل الجهود الكبيرة التي بذلها الرئيس بري، بالرغم من العراقيل التي وضعت أمامه وأمام اللبنانيين، هذا خبر جيد وكما فهمت أيضاً أخيراً، سوف يظهر الصندوق السيادي لجميع اللبنانيين وهذا مهم جدا.
وعن علاقته بالرئيس بري وانفصاله عنه في الموضوع الرئاسي قال جنبلاط: «انا لم انفصل عن الرئيس بري، هل المطلوب ان اتحدث عن التاريخ المشترك، وعمره عشر سنوات، هل أتحدث عن اسقاط 17 ايار، وهذا انجاز وطني وقومي نفتخر به».
وفي حديث لـ «الجديد»، كشف بري ان الموفد الفرنسي جان إيف لودريان تكلم معه نقلا عن اللقاء الخماسي طارحا الحوار الوطني وليس الحوارات المتفرقة.
وحول العقوبات ووصفه بأنّه امتداد لحزب الله قال بري: انا امتداد لكل شيء ومتل ما قلت قبل «انا بَرّي وبحلاش عالرص».
وأشار بري الى انه «مستمر بترشيح فرنجية حتى النهاية «وقال: لما يصير في نتائج بموضوع الحوار بين الحزب والتيار سألوني اذا كنت مرتاح.
تحذيرات خليجية
كرت سبحة دول الخليج التي تطلب من رعاياها عدم السفر الى لبنان او مغادرة الموجودين فيه او الحذر في التنقل، واخر الدول امس، ما اعلنته وزارة الخارجية الإماراتية، حيث اكدت «أهمية التقيد بقرار منع سفر مواطني الإمارات إلى لبنان الصادر سابقا. وشددت الوزارة عبر «تويتر» على ضرورة تواصل المواطنين معها في الحالات الطارئة».
كذلك، دعت سفارة سلطنة عمان لدى بيروت، مواطنيها الموجودين في الأراضي اللبنانية إلى «ضرورة توخي الحذر والتقيّد بالإجراءات الأمنية اللازمة بالابتعاد عن المناطق التي تشهد صراعات مسلّحة، مع اتّباع الإرشادات الأمنية الصادرة من جهات الإختصاص». وطلبت السفارة من جميع المواطنين في حال حدوث أي أمر طارىء، الإتصال على الأرقام التالية: 76010037- 01856555.
وكانت البحرين قد حثّت أمس الاول السبت رعاياها الموجودين في لبنان على المغادرة «حفاظا على سلامتهم»، فيما دعت سفارة قطر لدى لبنان الرعايا القطريين «لتوخي الحيطة والحذر وتجنب مناطق الأحداث الحالية والتقيد بالتعليمات الصادرة عن السلطات المحلية المختصة»، كما اصدرت الكويت بيانا مماثلا، وذلك بعد موقف السعودية التي كانت اول دول الخليج التي تطلب من رعاياها مغادرة لبنان.
يشار ان تصريحات سلام فجرت موجة استياء سياسي لبناني وفي دولة الكويت، قبل ان يحاول عبثاً توضيح ما يقصده بـ «شطحة قلم»، بعدما حث وزير الخرجية الكويتي الشيخ سالم عبد الله الجابر الصباح في بيان وزير الاقتصاد اللبناني في حكومة تصريف الاعمال امين سلام سحب تصريحه الذي يناشد فيه الكويت إعادة بناء اهراءات القمح (وقوله ان الامر يمر بشحطة قلم)، «حرصاً على العلاقات الثنانية الطيبة القائمة بين البلدين الشقيقين».
ولاحقاً، اوضح سلام انه خاطب الكويت من منطق محبة، مشددآً: «لن اقبل ان أكون السبب في ازمة دبلوماسية مع الكويت» (راجع ص 2).
أمن عين الحلوة
وفي اطار تثبيت الهدنة في مخيم عين الحلوة، ولبننة الامن في هذا المخيم، عبر التنسيق بين الجانب الفلسطيني الذي تمثله السلطة الفلسطينية والفصائل المتحالفة معها والحكومة اللبنانية، وصل امس إلى بيروت، عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» والمشرف على الساحة اللبنانية الى لبنان عزام الأحمد. والتقى رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، في حضور المدير العام للامن العام بالانابة اللواء الياس البيسري، ومدير المخابرات في الجيش العميد طوني قهوجي، ورئيس لجنة الحوار اللبناني- الفلسطيني باسل الحسن، وعن الجانب الفلسطيني أمين سر حركة «فتح» وأمين سر فصائل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان فتحي أبو العردات والسفير فلسطيني أشرف دبور. وجرى عرض الوضع في المخيم والاجراءات اللازمة لوقف النار وتثبيته.
ذكرى انفجار 4 آب
وسط ذلك، طالبت الخارجية الفرنسية بتحقيق شفاف في انفجار المرفأ، وكان مئات المواطنين ونشطاء المجتمع المدني أحيوا الذكرى الثالثة لانفجار 4 آب، بمسيرة انطلقت من أمام فوج إطفاء بيروت باتجاه تمثال المغترب مقابل مرفأ بيروت.
ورفع اهالي شهداء المرفأ صور أبنائهم، ولافتات تدعو الى «تحقيق العدالة ومحاسبة المتورطين» بمشاركة نواب وممثلين للقوى السياسية.
ورفع المشاركون في المسيرة الرايات السوداء واتشحوا بدورهم باللباس الاسود، تعبيرا عن الحزن الشديد الذي تمثله الذكرى.
وتقدم المسيرة عدد من سيارات فوج اطفاء بيروت التي اطلقت زماميرها وسط تأثر بالغ من المشاركين، الذين رفعوا لافتات تتهم الدولة بارتكاب الجريمة وعرقلة التحقيق.
وثم تحدثت ميراي خوري فألقت كلمة بالانكليزية هي عبارة عن رسالة الى المجتمع الدولي قالت فيها: «نحن هنا لمناشدة الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان مرارًا وجميع البلدان التي تؤمن بحقوق الإنسان لاصدار قرار من أجل اجراء تحقيق مستقل ومحايد في إطار الأمم المتحدة».
ثم القى وليم نون كلمة قال فيها: «كلنا لبنانيون ونسعى للعدالة في قضية 4 آب، الارهابي معروف، هو الذي قتل منذ 2005 وحتى اليوم الارهابي هو الذي خزن الامونيوم، الارهابي هو كل مسؤول في الدولة لم يقم بمهمته وترك شبابنا يموتون».
************************************
افتتاحية صحيفة الديار
إستنفار لبناني ــ فلسطيني لقطع الطريق على جولة جديدة من العنف في «عين الحلوة»
لا صدى أمني لتحذيرات السفارات لبنانياً… منصوري يتشدّد ويرفض كلّ وساطات ميقاتي – بولا مراد
انشغلت القوى الرسمية اللبنانية والفلسطينية يوم أمس، بمحاولة تثبيت وقف اطلاق النار في مخيم عين الحلوة، بعد تجهيزات وتحركات اوحت باستعداد الفصائل في المخيم لجولة جديدة من العنف، بعد استعادة انفاسها ورص صفوفها. وكثف المسؤولون اللبنانيون، وعلى رأسهم رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي حركتهم، خاصة بعد توالي التحذيرات من عدد من السفارات لمواطنيها، ما اثار مخاوف قسم كبير من اللبنانيين من اهتزاز الاستقرار الامني الهش في البلد، وضرب ما تبقى من موسم سياحي.
مصادر امنية: الوضع الامني ممسوك
وطمأنت مصادر امنية لبنانية من ان بيانات التحذير التي صدرت عن عدد من السفارات وتحذير مواطنيها من البقاء في لبنان، لا تعكس حقيقة الوضع الامني الممسوك في البلاد، لافتة في تصريح لـ«الديار» الى ان كل المعطيات التي بين ايدي الاجهزة الامنية، تؤكد ان لا شيء مقلقا مرتبط بالامن والاستقرار.
ولم تستبعد المصادر ان يكون لهذه التحذيرات، وبخاصة انها اتت دفعة واحدة، ابعاد سياسية لا امنية. واضافت: «اذا كانت هذه التحذيرات مرتبطة بالوضع في مخيم عين الحلوة، فبعد مرور اكثر من 3 ايام على وقف اطلاق النار، يمكن القول ان جولة جديدة من العنف باتت مستبعدة، وحتى لو حصل العكس، فالمعلومات التي بحوزتنا تؤكد ان كل الاجراءات متخذة لعدم امتداد التوتر الى مناطق ومخيمات اخرى».
وما تحدثت عنه المصادر الامنية، تقاطع مع ما اعلنه النائب السابق وليد جنبلاط في تصريح له من عين التينة بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري يوم امس لجهة قوله: «لم نفهم سبب تخوّف السفارات، والأمور في مخيم عين الحلوة إلى حدّ ما محصورة».
اجراءات داخل المخيم
وبمحاولة لقطع الطريق على اي مخطط داخلي كان او خارجي، لتفجير الوضع من جديد داخل «عين الحلوة»، عقد ميقاتي اجتماعا امس مع عضو اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية عزام الأحمد، في حضور المدير العام للامن العام بالانابة اللواء الياس البيسري، ومدير المخابرات في الجيش العميد طوني قهوجي، ورئيس لجنة الحوار اللبناني- الفلسطيني باسل الحسن، كما أمين سر حركة «فتح» وأمين سر فصائل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان فتحي أبو العردات وسفير فلسطين اشرف دبور ، بحيث افيد خلال الاجتماع ان البحث تناول الوضع في المخيم ، والاجراءات اللازمة لتثبيت وقف اطلاق النار.
وبعد هذا الاجتماع، صدر بيان صادر عن «هيئة العمل الفلسطيني المشترك» في لبنان
تم التأكيد فيه على تثبيت وقف اطلاق النار الشامل والدائم، وسحب كافة المسلحين من الشوارع، وفتح الطرقات امام السيارات والمشاة للدخول والخروج من المخيم.
ودعت الهيئة لجنة التحقيق التي شكلتها، للاستمرار في عملها لتحديد المتورطين في عملية اغتيال قائد قوات الامن الوطني الفلسطيني في منطقة صيدا ابو اشرف العرموشي ورفاقه، وكذلك عملية اغتيال عبد الرحمن فرهود، لتسليمهم للقضاء اللبناني.
وقالت مصادر فلسطينية واسعة الاطلاع موجودة في «عين الحلوة»، ان «الظهور المسلح والتحصينات ظلت قائمة حتى ساعات المساء الاولى». من جهتها، قالت مصادر «فتح» لـ «الديار» انه «وللتصدي لجولة عنف جديدة يفترض تسليم قتلة العرموشي، خاصة ان قاتل فرهود كان اصلا سيُسلم قبل اندلاع اعمال العنف في المخيم، وهو اصلا انفضل عن الحركة منذ 6 اشهر». واضافت: «الوضع يسير اكثر فأكثر باتجاه تثبيت وقف اطلاق النار، الا اذا غدر فينا الطرف الآخر».
منصوري يرفض وساطات ميقاتي
في هذا الوقت، ورغم تصدّر المشهد الامني الاهتمامات المحلية، يستمر الكباش والضغوط بين حاكمية مصرف لبنان وميقاتي لتأمين التمويل، الذي تحتاج اليه الدولة نهاية هذا الشهر لتغطية رواتب موظفي القطاع العام والمصاريف الاساسية، في ظل رفض الحاكم بالوكالة وسيم منصوري الاستمرار في سياسة الحاكم السابق رياض سلامة، واشتراطه اصدار قانون يغطي اي صرف من الاحتياطي الالزامي.
ويقول مصدر مطلع على الملف لـ» الديار» ان «ميقاتي يستمر في محاولاته ومساعيه ووساطاته لاقناع منصوري بمواصلة التمويل كما كان يفعل سلامة، الا ان الحاكم بالوكالة ابلغه مباشرة وعبر اكثر من وسيط انه لن يتهاون في هذا المجال، وانه حاسم بموضوع وقف التمويل في غياب قانون يصدر عن مجلس النواب يغطي عملية الصرف».
وتضيف المصادر: «يبدو منصوري ومن خلفه مرجعيته السياسية المتمثلة برئيس المجلس النيابي نبيه بري حاسمين بوجوب تحميل مجلس النواب ومن خلفه القوى السياسية مسؤولياتهم بموضوع المس بالاحتياطي، ووضع حد للخطأ الذي يقارب الخطيئة التي اقترفها سلامة بتحمل كامل المسؤوليات وحيدا». وتنقل المصادر عن منصوري قوله: «لا عودة لسياسة سلامة ايا كان الثمن».
**********************************
افتتاحية صحيفة الشرق
قرار مفاجىء لسفارات عربية وأجنبية يثير القلق
نزاع «الإقتراض» يضع لقمة العيش على المحك
فيما الحقيقة في انفجار المرفأ في ذكراه الثالثة، مجهولة- معلومة، عن سابق تصور وتصميم مِن المنظومة الحاكمة، الاخيرةُ تَسوق البلادَ كلها ، مخفورة، الى المصير المجهول – المعلوم ايضا، وتضع الافَ اللبنانيين أمام خطر الحرمان من الرواتب والدواء والمحروقات والاتصالات، نهاية آب الجاري. وليكتمل هذا المشهد الاسود، ولان «الدولة» تتدخل حيث يجب الا تتدخل- في القضاء مثلا- ولا تتدخل حيث يجب ان تضرب بيد من حديد وتفرض هيبتها والسيادة – في المربعات الامنية والبؤر الخارجة عن الشرعية مثلا – صدر في الساعات الماضية تحذيران امنيان عربيان، سعودي وكويتي، يطلبان من رعاياهما توخي الحيطة في تنقلاتهم، وقد طلبت الرياض من ابنائها مغادرة الأراضي اللبنانية بسرعة ، من دون ذكر اسباب واضحة لهذا الطلب. كل ذلك فيما يتوق لبنان الى اعادة علاقاته الى «زمنها الجميل» مع الدول الخليجية وفي عز موسم السياحة والاصطياف.
متابعة رسمية
استحوذت التطورات «الامنية – الديبلوماسية» على الاهتمام الرسمي في اليومين الماضيين. فقد تابع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مع وزيري الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب والداخلية والبلديات بسام مولوي، التطورات المتصلة بالبيانات التحذيرية الصادرة عن سفارات المملكة العربية السعودية والكويت والمانيا ( ولاحقا قطر وسلطنة عمان ودولة الامارات )لرعاياها في لبنان. وبنتيجة البحث مع القيادات العسكرية والامنية، افادت المعطيات المتوافرة ان الوضع الامني بالاجمال لا يستدعي القلق والهلع ، وان الاتصالات السياسية والامنية لمعالجة احداث مخيم عين الحلوة قطعت اشواطا متقدمة، والامور قيد المتابعة الحثيثة لضمان الاستقرار العام ومنع تعكير الامن او استهداف المواطنين والمقيمين والسياح العرب والاجانب. وكلف ميقاتي بو حبيب التواصل مع «الاشقاء العرب لطمأنتهم الى سلامة مواطنيهم في لبنان». كما طلب من مولوي دعوة مجلس الأمن المركزي للانعقاد للبحث في التحديات التي قد يواجهها لبنان في هذه الظروف الإقليمية المتشنجة، واتخاذ القرارات المناسبة لحفظ الامن في كل المناطق.
الجيش ينفي
من جانبها، قالت قيادة الجيش في بيان «تداول بعض مواقع التواصل الاجتماعي معلومات نقلًا عن مصدر عسكري حول تحضير الجيش لتنفيذ عملية عسكرية في مخيم عين الحلوة». أضافت: يهم قيادة الجيش أن تنفي صحة هذه المعلومات، وتؤكد أنها تتابع بدقة الوضع الأمني في المخيم. كما تشدد على ضرورة العودة إلى بياناتها الرسمية حصرًا للحصول على المعلومات.
تحذيرات عربية
ومع ان الهدوء عاد نسبيا الى مخيم عين الحلوة حيث يشهد التزاما منذ ايام بقرار وقف اطلاق النار، أهابت سفارة دولة الكويت لدى الجمهورية اللبنانية بمواطني دولة الكويت المتواجدين في الجمهورية اللبنانية إلتزام الحيطة والحذر والإبتعاد عن مواقع الإضطرابات الأمنية في بعض المناطق والتقيد بالتعليمات الصادرة عن السلطات المحلية المختصة. بدورها طالبت السفارة السعودية لدى لبنان، المواطنين السعوديين بمغادرة الأراضي اللبنانية بسرعة، محذرة إياهم من الاقتراب من المناطق التي تشهد نزاعات مسلحة. ولم تحدد السفارة المناطق التي يجب الامتناع عن الاقتراب منها، إلا أن المملكة قامت، في أول آب الجاري، بتحديث توجيهات السفر إلى لبنان ونصحت بتجنب «كافة أنواع السفر غير الضروري» إلى مناطق في جنوبي لبنان قرب مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين. في المقابل، غردت السفارة الالمانية: خلافا للشائعات … ألمانيا حاليا لا تطلب من مواطنيها المغادرة.
استياء كويتي
وعلى خط «الدعسات الناقصة» الرسمية تجاه العرب، والتي باتت لا تعد وتحصى، اثارت تصريحات أطلقها وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام في معرض مناشدته دولة الكويت إعادة بناء صوامع القمح التي دمّرها انفجار مرفأ بيروت، اثارت استياءً عارماً في الكويت يُخشى أن تكون له تداعياتٌ سياسية – ديبلوماسية متدحْرجة.
مناشدات شعبية ودولية
على صعيد آخر، كان «المرفأ» الحدث شعبيا وسياسيا، محليا ودوليا، في الساعات الماضية حيث احتلت ذكرى الرابع من آب، صدارة المشهد. فعلى وقع تظاهرة شعبية مُطالبة بالحقيقة والمحاسبة وبلجنة تقصي حقائق دولية، ومُدينة للمعرقلين للتحقيقات، وعلى رأسهم محور الممانعة وحزب الله، كما قال ذوو الضحايا والمشاركون في التحرك الشعبي امس، كانت مواقف دولية مماثلة انتقدت عرقلت التحقيقات وتمييع العدالة، صدر ابرزها من واشنطن ومجموعة الدعم الدولية للبنان، في حين جدد الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وقوفه الى جانب الشعب اللبناني.
رسائل رئاسية
غير ان المناسبة هذه شكّلت فرصة ايضا للتصويب على اداء الطبقة السياسية الحاكمة وعلى معطّلي الاستحقاقات الدستورية ومحاربةِ الفساد في البلاد. في هذا السياق، وجه أعضاء مجلس النواب الأميركي داريل عيسى، ودارين لحود وماكس ميلر، رسالةً إلى وزير الخارجيّة الأميركيّ أنتوني بلينكن، اعربوا فيها عن القلق جرّاء الوضع اللبناني المتردّي، مطالبين الولايات المتحدة باتّخاذ إجراءات حازمة تجاه المعرقلين.
اقراض الدولة
في ظل الجمود السياسي، تتجه الانظار الى مسار الحكومة وقراراتها الاقتصادية والمالية المرتقبة، نظرا الى ما ستكون لها من تداعيات «مصيرية»، على الواقع الداخلي ابتداء من مطلع الشهر المقبل، وهي تعقد جلستين الاثنين والخميس لمتابعة درس موازنة 2023 والوضع المالي.. وفي حين أوقف حاكم مصرف لبنان «الجديد» وسيم منصوري اقراض الدولة واشترط تغطيته بقانون للاستمرار في هذا المسار، تتقاذف الحكومة ومجلس النواب هذه الطابة. واذ تردد ان ثمة توجها لدى عدد من النواب لتقديم اقتراح قانون في هذا الشأن، علما ان كان من المقرر ان يرسل مجلس الوزراء هذا المشروع الى ساحة النجمة، الصورةُ ضبابية ومقلقة، وفق ما تقول مصادر سياسية مطلعة لـ»المركزية»، بما ان الاكثرية اللازمة لاقرار قانون «الاقراض» لا تبدو مؤمنة، ما يعني ان الاموال لصرف الرواتب وتغطية دعم الادوية وقطاع الاتصالات.. لن تكون ايضا مؤمنة، مع قلق على استقرار سعر صرف الدولار.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :