افتتاحيات الصحف المحلية الصادرة اليوم الثلاثاء 4 تموز 2023

افتتاحيات الصحف المحلية الصادرة اليوم الثلاثاء 4 تموز 2023

 

Telegram

 

افتتاحية صحيفة البناء

 

الكيان ينتقل من حرب على إيران إلى تهديد لبنان والتلويح بضرب غزة… وينتهي باقتحام جنين / المقاومة تواجه ببسالة وتكتيكات المناورة بهدف إطالة المعركة وإفشال أهدافه وفتح باب التحوّلات / غزة تستعدّ للدخول في المواجهة وفق توقيت غرفة عمليات جنين… وتوقيت المحور في غزة

 

 

يدرك كيان الاحتلال أن التسليم بالمعادلات المحيطة به تعني الاستسلام للتآكل الذي يصيبه من الداخل ويعمق أزماته وانقساماته، ويعيد طرح مأزق القدرة على البقاء بصفته مأزقاً وجودياً على السطح، فما حوله هو تنامي حضور وقدرات محور المقاومة مجتمعاً وقواه متفرّقة، وصناعة معادلات وحدة الساحات داخل فلسطين، ووحدة الجبهات بين فلسطين والمحور، وتدرك حكومة بنيامين نتنياهو أن كل ما وعدت به مهدّد بالتبخر، ووجودها بالتالي مهدّد بالسقوط، فما تمّ في آخر شهر رمضان من الاستسلام لتهديدات المقاومة وقبول حظر دخول المستوطنين إلى المسجد الأقصى، وما فرضته معادلة معركة ثأر الأحرار، وما تشهده الضفة من فشل أمني للجيش والمخابرات ومن تنامي روح المقاومة وحضورها، واستهداف متزايد للمستوطنين، أسقط نظريات ايتمار بن غفير حول الميليشيا التي تحمي، وقد وقف بن غفير يصرخ طلباً لتدخل الجيش، وأسقط معه نظريات بتسلئيل سومتريتش عن إنشاء مئات المستوطنات لبعثرة جغرافيا الضفة، بعدما ارتفع صراخ المستوطنين طلباً لحماية الجيش ودعوة الجيش الى تجميع المستوطنين لتوفير الحماية لهم، ولذلك تلاقت الحكومة المأزومة مع لحظة قراءة الجيش للحاجة الملحّة لفعل شيء يوقف التدهور.
شهد الشهر الماضي تصريحات وبالونات اختبار عن ضربة لإيران تحت عنوان ملفها النووي، وعن ضربة من نوع مختلف تستهدف سورية وقوى المقاومة فيها، وعن حرب محدودة مع لبنان، ومثلها مع غزة، لكن التدقيق في كل هذه الفرضيات أوصل قيادة الكيان إلى أن الرهان على المجيء من الأكبر إلى الأصغر رغم أنه أشد فعالية في ترميم الردع، لكنه فوق طاقة الكيان، فمن جهة إيران تستعرض صواريخها الجديدة، سورية ترسل رسالة مشفرة برأس صاروخيّ يصل إلى النقب، والمقاومة في لبنان تجدّد رسالة مناورة العبور، وغزة تذكر بثأر الأحرار، فبدأ التراجع عن السقوف العالية للكلام، وعاد الحديث لحملة عسكرية على الضفة، ثم صارت حملة على جنين.
بدأت الحملة وحصدت عشرة شهداء حتى منتصف ليل أمس، وشارك فيها عناصر نخبة جيش الاحتلال وعشرات الدبابات والطائرات المسيّرة والطوافات والدبابات، والحصيلة اعتراف بأن هناك الكثير مما يجب فعله حتى يمكن الحديث عن نجاح العملية، خصوصاً بعدما نجحت جنين بتظهير عبواتها وصواريخها وقدرتها على إسقاط الطائرات المسيّرة خلال الأيام التي مضت.
الاحتلال مستعجل كي لا تخرج الأمور عن السيطرة، والمقاومة في جنين تناور وتجيد استعمال عامل الزمن، لإطالة أمد العملية، بما يفشل العملية ويمنعها من تحقيق أهدافها، ويفتح الباب أمام التحولات الكبرى، وقادة المقاومة في جنين يؤكدون أنهم يسيطرون على الموقف، ويديرون معركتهم ببرود أعصاب وتحكم بالمسارات واقتصاد بالموارد، وتدبّر على درجة عالية من الاحترافية، واحدة تجمع كل الفصائل في إطار عملي واحد تديره غرفة عمليات واحدة.
قوى المقاومة في غزة على جهوزيّة كاملة للتدخل، وقرارها محسوم بأن لا مجال للتسامح مع ترك الاحتلال ينجح بخطته في جنين، وبالتالي في الضفة الغربية، لكن قبل ساعة الصفر للتدخل، يجب أن يترك المجال للضفة أن تدخل على الخط، ولجنين أن تستنفد وقتها في إفشال العملية، وغرفة العمليات المشتركة في غزة على اتصال بغرفة عمليات المقاومة في جنين لتقدير الموقف، وساعة الصفر عند جنين، وفق مبدأ وحدة الساحات، وفي المنطقة محور المقاومة مستنفِر، وعند التزامه بوحدة الجبهات، لكن ذلك يتوقف على تقدير الموقف في غرفة عمليات غزة بالحاجة للتدخل، وهو أمر ينتظر مدى قدرة الاحتلال على مواصلة المواجهة وتوسيع نطاقها، أولاً بترك الأمور تصل إلى تدخل غزة، ولاحقاً بترك الأمور تصل إلى تدخل محور المقاومة.
مشهد جنين خطف الأضواء عن المشهد اللبناني الداخلي فتراجع حضور الملف الرئاسي الى أدنى المراتب بينما كان اللبنانيون يتابعون تداعيات حادثة القرنة السوداء، وعيونهم على ما يجري في جنين وما يمكن أن يتبعه في المنطقة.
وخطفت جريمة بشري الأضواء المحلية في ظل مخاوف سياسية وأمنية من تداعيات وأبعاد هذه الجريمة وما إذا كانت منفصلة عما يجري من أحداث في لبنان والمنطقة أم مرتبطة بها، وما إذا كانت بداية للانفلات الأمني المنتظر بعد إقفال أبواب الحلول للأزمة الرئاسية بعد الجلسة الـ12 للمجلس النيابي التي انتهت بفشل جديد، واصطدام المبعوث الرئاسي الفرنسي بجدار المواقف السياسية الصلبة.
وعلمت «البناء» أن سلسلة اتصالات واجتماعات جرت وتُجرى على مدار الساعة بين مرجعيات وقيادات سياسية ودينية وأمنية وقضائية لاحتواء غضب الشارع من خلال العمل على ثلاثة مسارات:
الأول سياسي – روحي لقطع دابر الفتنة وأي ارتدادات للجريمة على المستوى الوطني.
وفي سياق ذلك أعلن رئيس بلدية بقاعصفرين – الضنية بلال زود، في بيان «الحداد عن روح الفقيدين هيثم ومالك طوق من أبناء جيراننا في بشري، في بلدة بقاعصفرين، وإغلاق المؤسسات الرسمية فيها، وتنكيس الأعلام على مبنى البلدية».
الثاني قضائي عبر إجراء تحقيق شفاف لتحديد المسؤوليات وكشف المجرمين وكل المتورطين في الحادثة النكراء.
وأفيد أن قاضية التحقيق الاول في الشمال، سمرندا نصار، التي تتولى التحقيق شخصياً في حادثة القرنة السوداء، استدعت المدير الطبي لمستشفى بشرّي الحكومي، الدكتور إبراهيم مقدسي، للتحقيق معه اليوم على خلفيّة التصريح الذي أدلى به الأحد الماضي.
الثالث قانوني – عقاري للبحث عن حلول للخلاف العقاري بين المنطقتين على القرنة السوداء وترسيم الحدود بينهما. ويتكفّل محافظ الشمال ورؤساء البلدية والمراجع الأمنيين المعنيين حل هذا الأمر.
واستبعدت معلومات لـ«البناء» فرضية قنص الشابين من آل طوق التي سوّق لها البعض لتوجيه أصابع الاتهام الى أهالي بقاعصفرين – الضنية، موضحة أن أحد الضحايا لا ينتمي إلى حزب القوات اللبنانية بل مؤيّد للنائب وليم طوق.
ولفتت أوساط مطلعة لـ«البناء» الى أن أهالي بقاعصفرين – الضنية منفتحون على أي حل يضمن إنهاء الخلاف العقاري مع بشري، ويؤدي الى إحلال السلم في المنطقة ويرفضون جرهم الى الفتنة، لكن لن يتنازلوا عن حقوقهم العقارية تحت هول وضغط الجريمة وقوة الأمر الواقع ووضعهم في موضع الاتهام بالجريمة.
وتُحذّر مصادر سياسية شمالية من طابور خامس استثمر على الخلاف بين المنطقتين لتحقيق مآرب سياسية وفتنوية تصبّ في صالح أعداء الوطن لضرب أمنه واستقراره وتخدم مشروع الفدرالية وغيرها من الطروحات التقسيمية، مشيرة لـ«البناء» إلى أن الحادثة المستنكرة بغضّ النظر عن الأسباب، ليست منفصلة عن ما يجري من أحداث في لبنان والمنطقة لا سيما الاعتداءات الإسرائيلية على سورية والتهديدات الإسرائيلية للبنان على خلفية التوتر في مزارع شبعا وكفرشوبا. محذّرة من المواقف التي تستثمر على الفتنة ووقوع المزيد من الأحداث المشابهة، أو الاعتداء على أحد من أبناء الضنية.
وكانت بلدةَ بشري وفي ظل أجواء من الحزن والحداد شيّعت الشابين هيثم ومالك طوق، وشهدت إقفالاً عاماً للمحال التجارية والمؤسسات السياحية.
ودعا البطريرك الماروني مار بشارة الراعي «لترسيم الحدود في منطقة القرنة السوداء وإنهاء الفتنة، كما دعا لكشف الفاعل أو الفاعلين في جريمة قتل هيثم ومالك طوق والاقتصاص منهم».
ولفت الراعي خلال عظته من كنيسة السيدة في بشري، الى أننا «نؤمن بالدولة ونعرف حدودنا ونعرف القاتل وهذه ليست مجرد حادثة». وأوضح بأن «شباب بشري يعلنون دائماً استعدادهم للحل، ونحن جميعاً تحت سلطة القانون العادل».
وأكد النائب وليام طوق، بعد مراسم دفن الشابين هيثم ومالك طوق في بشري، على أننا «لا نفرط بدم شهدائنا ولا نساوم على كرامة أرضنا وأهلنا، ودعوتنا الى ضبط النفس لا تعني التساهل او التفريط بدم هيثم ومالك طوق».
بدوره، أكد النائب فيصل كرامي أن «لا قلق على الوحدة الدّاخلية والسلم الأهلي في ظل الوعي الذي يتحلى به الجميع الذين رفضوا الفتنة، ولجأوا الى الأجهزة الأمنية والقضائية». وبالنسبة إلى إنضاج الفراغ الرئاسي من خلال افتعال قلق أمني، قال كرامي في حديث إذاعي «إذا كان هذا الامر صحيحاً فقد دفناه في مهده». ومن جهة أخرى، طالب الحكومة بـ»حل الخلافات العقارية في الجرود»، منتقداً سياسة التمييع، مضيفاً «لا يمكن المراهنة دائماً على وعي الشعب من دون تقديم الحلول وندعو إلى عدم استباق الأمور في انتظار التحقيقات»، رافضاً الربط بين حادثة القرنة السوداء والملفات الخلافية بين بشري والضنية.
كما لفت النائب طوني فرنجيه عبر «تويتر» الى أن «رهبة الموت لا يعلوها أي صوت، وحكمة أهلنا في بشري في التعاطي مع مصابهم الأليم يجب ان تُلاقى بتحقيق جديّ شفاف وسريع جداّ يُحدد المسؤوليات ويظهر الفاعلين ويحقق العدالة. الرحمة لـ«هيثم» و«مالك» طوق والتعازي الحارة لذويهم ولأهلنا في بشري».
على صعيد الاستحقاق الرئاسي لم يسجل أي جديد بانتظار عودة مبعوث الرئاسة الفرنسية جان ايف لودريان الى لبنان والمتوقعة منتصف الشهر الحالي وسط ترقب لما سيحمله في جعبته من مقترحات أو دعوة الأطراف السياسية للحوار.
وتشير معلومات «البناء» الى أن «الملف الرئاسي سيتحرك قبل الزيارة الثانية لمبعوث الرئاسة الفرنسية جان إيف لودريان الى بيروت، وسيشهد لبنان حراكاً ديبلوماسياً عربياً وسعودياً بموازاة التحرك الفرنسي الذي سيتفعل أكثر خلال الفترة المقبلة، ومن غير المستبعد أن يزور مسؤول سعودي يرجّح أن يكون مستشار الديوان الملكي نزار العلولا لبنان بموازاة مساعٍ يقوم بها السفير السعودي في لبنان وليد البخاري باتجاه بعض المراجع السياسية المعنية.
إلا أن مصدراً نيابياً رجح لـ«البناء» أن يطول أمد الفراغ الرئاسي بسبب تعقيدات داخلية وخارجية، ولارتباط الملف اللبناني بملفات عدة في المنطقة لا سيما السوري واليمني والمفاوضات الأميركية – الإيرانية حول الملف النووي فضلاً عن التطورات العسكرية على الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة وفتح الصراع على مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والغجر. ودعا المصدر جميع الأطراف إلى إعادة النظر بمواقفها والتنازل عن مصالحها السياسية والشخصية والتجاوب مع الحوار وتلقف المبادرة الفرنسية والمساعي التي يقوم بها الرئيس الفرنسي ماكرون بالبحث عن تسوية رئاسية تضمن انتخاب رئيس للجمهورية بأوسع توافق وطني وتشكيل حكومة جديدة قادرة على لجم الانهيار بالحد الأدنى وملء الشغور في المؤسسات الأمنية والقضائية والنقدية لا سيما في حاكمية مصرف لبنان والمجلس العسكري.
وجدّد رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، على «دعوته للحوار والتفاهم من أجل إنجاز الاستحقاق الرئاسي بأسرع وقت»، معتبراً أن «ذلك هو المعبر المتاح وطنياً ودستورياً في ظلّ عدم إمكانية أيّ فريق أنّ يؤمن وصول مرشّحه بمعزل عن تعاون الفريق الآخر».
وقال رعد، خلال حفلٍ تأبيني أقيم في بلدة جبشيت: «عندما ندعو الجانب الآخر للحوار إنّما ندعوه بموجب دستوري فضلاً عن الموجب الوطني والأخلاقي في حين نواجه دائماً بالطعن في النيات وتحميل دعوتنا ما لا تحمله وذلك تضليلاً للرأي العام وافتراءً علينا».
وسأل «من لا يريد الحوار ماذا يُريد؟ انه لا يريد رئيساً، بل يريد فراغاً يطول واستقواء بأجنبي يتوهم أن يدعم تعنّته».
على صعيد آخر، نفت مصادر مقربة من السراي الحكومي لـ«البناء» أن يكون رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي طلب صلاحيات استثنائية لاتخاذ قرارات بملفات هامة كالتعيينات إذا طال أمد الفراغ الرئاسي، مشيرة الى أنه عندما كانت الحكومة أصلية لم يطلب هذا الأمر فكيف هو الحال اليوم.. وشددت على أن ميقاتي يقوم بتصريف الأعمال وفق ما ينص عليه الدستور لا أكثر ولا أقل.
وأبلغ ميقاتي وفق مصادر إعلامية الوزراء بنيته تحديد جلسة قريبة لمناقشة مشروع قانون الموازنة على طاولة مجلس الوزراء.
وكشف وزير الأشغال علي حمية أن «إيرادات المطار تناهز نحو 250 مليون دولار «كاش»، ولكن نحن إدارة عامة وكل الإيرادات يتمّ تحويلها إلى الخزينة العامة وتنفق الأموال على سد عجز الموازنة، ورواتب القطاع العام والمتقاعدين والعسكريين والمدنيين والإدارة عامة، وجزء منها يذهب لكهرباء لبنان».
على صعيد آخر، أوضحت مفوضيّة الإعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي في بيان، «أما وأنّ الحكومة اللبنانية غائبة في سُباتها بحثاً عن صلاحيات هنا وهناك، يبدو أنها لم تتنبّه لحقيقة أنّ العدو الإسرائيلي قضم الجزء اللبناني من بلدة الغجر المحتلة دون حسيب أو رقيب. وإذا كانت اهتمامات الحكومة كبيرة طبعاً بالملفات المحلية من التربية والصحة والاتصالات التي تتولاها ببراعة وحرفية، فهل لها أن تمنح بعضًا من وقتها للحدود الجنوبية وتتخذ ما يلزم من إجراءات لمنع وضع أراضٍ لبنانية تحت احتلالٍ تم تنفيذه تحت أعين الجميع».

******************************************


افتتاحية صحيفة الأخبار :

لودريان يحضّر مسوّدة حوار بين اللبنانيين
لودريان يناقش مع اللجنة الخماسية اقتراح ضمّ إيران: «مسوّدة عمل» فرنسية لحوار لبناني - لبناني

 

علمت «الأخبار» أن باريس أجرت تقييماً لنتائج زيارة الموفد الرئاسي جان إيف لودريان لبيروت، الشهر الماضي، وقرّرت إطلاق ورشة عمل على خطين، الأول في اتجاه العواصم المعنية بالملف، والثاني نحو القوى الأساسية في لبنان.

وبحسب المعلومات، فإن الفرنسيين في صدد البدء بمحادثات مع الرياض، سيطرحون خلالها فكرة ضم إيران إلى الاتصالات حول لبنان. كما أن لودريان الذي سيزور الرياض قريباً، يدرس القيام بجولة تشمل قطر ومصر وربما الولايات المتحدة، إضافة إلى اتصالات سيجريها مع طهران.

وتشير المعلومات إلى أن فرنسا تتصرف على قاعدة أن الأزمة الرئاسية باتت تتطلب «حلاً إبداعياً» بسبب السقوف المرتفعة لمختلف الأطراف. وأشارت إلى أن لودريان نفسه كان يفترض وجود صعوبات، إلا أنه فوجئ بأن الصعوبات أكبر مما كان يتوقع، وأن المشكلة تكمن في أن هناك قوى ترفض محاورة الطرف الآخر، وتصر على مواجهة رئاسية واسعة، إذ إنه وصل إلى بيروت على وقع نتائج جلسة 14 حزيران، وكان يفترض أن نتائج الجلسة قد تفتح الباب أمام نقاش من نوع مختلف. إلا أنه غادر إلى باريس مقتنعاً بأن الطرفين في حالة تعادل سلبي، وأن البحث يجب أن يتطرق مباشرة إلى برامج العمل وعدم حصره في اسم الرئيس.

 

وتقول مصادر معنية إن الموفد الفرنسي شعر منذ البداية بأن الحوار يمثل نقطة مهمة، لكنه صُدم بموقف الرئيس نبيه بري الذي قال إنه جرّب حظه بالدعوة إلى الحوار ولم تكن هناك استجابة، وإنه بعد إعلان دعمه المرشح سليمان فرنجية صار طرفاً ولم يعد قادراً على إدارة الحوار. كما صُدم لودريان، مرة أخرى، عندما أبلغه البطريرك الماروني بشارة الراعي بأنه فشل في تنظيم حوار مباشر بين الفرقاء المسيحيين، فكيف يمكنه إدارة حوار وطني.

بناءً على ذلك، ارتأى لودريان أن من الأفضل إجراء الحوار برعاية فرنسا أو اللجنة الخماسية، وهو بادر قبل سفره بسؤال جهات كثيرة أساسية عن موقفها من الحوار، وحصل على إجابات تجعله قادراً على إعداد مشروع جدول أعمال يرسله إلى الأطراف الرئيسية المعنية لمناقشته معها في زيارته الثانية المرتقبة هذا الشهر.

 

وقالت المصادر إن لودريان سيدعو خلال زيارته الثانية المسؤولين اللبنانيين إلى حوار جامع، من دون حسم مسبق لمكانه أو موعده، علماً أن البعض تحدّث عن احتمال استضافة باريس له في حال تعذّر حصوله في لبنان.

وأشارت المصادر إلى أن لودريان ناقش مع وفد حزب الله النقطة المتعلقة بالحوار طويلاً، وأن الحزب لم يكن مؤيداً لفكرة الحوار الموسّع حول النظام، معتبراً أن من الأفضل حصره بالأزمة الرئاسية والملفات المرتبطة بها، ومشدداً على ضرورة الاتفاق على جدول أعمال الحوار قبل الانطلاق به.

كما أن النقاش تطرّق إلى مستوى تمثيل القوى، وسعي فرنسي لرفعه إلى الصف الأول، حتى لا يكون الحوار غير مثمر إذا تم على مستوى موفدين يضطرون في كل مسألة للعودة إلى مراجعهم في بيروت.

من جهة أخرى، يدرس الفرنسيون فكرة ضم إيران إلى اللجنة الخماسية التي تضم فرنسا والولايات المتحدة والسعودية ومصر وقطر. وقالت المصادر إن لودريان سيطرح الأمر على ممثلي الدول الأعضاء في اللجنة الخماسية وعلى طهران أيضاً، وإن القرار النهائي سيكون رهن نتائج اتصالات الفرنسيين مع أطراف اللجنة الخماسية. إلا أن المصادر لفتت إلى ضرورة مراقبة الوضع الداخلي في فرنسا، إذ إن التطورات قد تؤثّر على جدول أعمال الرئاسة الفرنسية، ما قد يبعد الملف اللبناني إلى مرتبة دنيا.

*****************************************

 

افتتاحية صحيفة النهار


الراعي وبشري: تشديد النبرة حيال القضاء والجيش

مشهد يثير التهيب عكسته #بشري امس في وداع #هيثم ومالك طوق قبل ان يجف حبر التحقيقات الأولية الجارية في الجريمة المزدوجة والتي بات من الملح جدا ان تنجلي معها وقائع كثيرة تتداولها المنطقة ومن شأن التاخير في تثبيتها او تصويبها او نفيها ان يزيد أجواء التوتر والتشنج والتعبئة النفسية. فمع ان بشري بدت في اقصى درجات الاستقواء على الجريمة واستهدافاتها من خلال رفض الانجرار الى الفتنة، كما جارتها بقاعصفرين وكل الضنية التي استشعرت خطورة استهداف محتمل خبيث للمنطقة بفتنة تحت غطاء النزاع العقاري والمائي، فان ذلك لم يحجب الاحتقان العميق الذي تصاعد عقب الالتباس الذي ساد وقائع الجريمة الأولى ومن ثم سقوط الضحية الثانية الامر الذي ترجمته مواقف عالية السقف ووتيرة متشددة طبعت مواقف المعنيين مباشرة بالحادث وانعكست هذه الأجواء بقوة على موقف البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي الذي اختصر بحضوره وترؤسه القداس الجنائزي عن روح “شهيدي بشري” وبمضمون كلمته الحازمة حقيقة الأجواء والمناخات والتفاعلات التي خلفها الحادث منذ لحظة وقوع الجريمة الأولى الى لحظة وداع ابني المدينة.

اذ ان الراعي في عظة عالية النبرة دعا الى “ترسيم الحدود في منطقة #القرنة السوداء وإنهاء الفتنة، كما دعا الى “كشف الفاعل أو الفاعلين” في جريمة قتل هيثم ومالك طوق والاقتصاص منهم . ولفت الراعي الى “اننا نؤمن بالدولة ونعرف حدودنا ونعرف القاتل وهذه ليست مجرد حادثة”. واوضح بان “شباب بشري يعلنون دائما استعدادهم للحل، ونحن جميعا تحت سلطة القانون العادل”. وشدد على أنّه “لو قام القضاء بعمله لما كنا وصلنا اليوم إلى مأساة القرنة السوداء”، مشيراً إلى أنّ “الخوف أن يستمرّ القضاء بتخاذله فيفلت المجرمون من يد العدالة وسيشرّع ذلك الأبواب لشريعة الغاب”. وأضاف “نطالب بالعدالة في ترسيم الحدود وإنهاء هذه المسألة الشائكة وبقيام الدولة، ولطالما دافعنا عن أرضنا وقدّمنا الشهداء ونحن من قاومنا كلّ محتلّ ونريد دولة تبسط سلطتها بشكل كامل وشامل”

مواقف

ووسط اجواء الحزن والحداد على مقتل الشابين هيثم ومالك طوق السبت الماضي، ووسط حضور حاشد سياسي وديني وشعبي ودعت بشري فقيديها وشهدت اقفالاً عاماً للمحلات التجارية والمؤسسات السياحية، قبيل الصلاة على راحة نفسيهما عصرا في كنيسة السيدة في البلدة. وفي محاولة لتنفيس الاحتقان السائد، بدا لافتا اعلان رئيس بلدية بقاعصفرين ـ الضنية بلال زود “الحداد عن روح الفقيدين هيثم ومالك طوق من أبناء جيراننا في بشري في بلدة بقاعصفرين، وإغلاق المؤسسات الرسمية فيها، وتنكيس الأعلام على مبنى البلدية”.

 

وفي تصريح مقتضب لدى وصولها الى الكنيسة على رأس وفد كبير من كتلة نواب “القوات اللبنانية ” ومسؤوليها، اكدت النائبة ستريدا جعجع أن “منطقة بشرّي اليوم تواجه، ومتمسّكون بالسلم الأهلي وحريصون على القانون ويهمّنا معرفة الحقيقة وتسليم المجرمين بأسرع وقت”. وأضافت : “إتّصلت بقائد الجيش وأبلغني أنه لا يزال هناك حاجة لإبقاء الموقوفين من بشرّي لبعض الوقت الى حين اتّضاح الصورة “وتابعت: “سنتابع الموضوع حتى النهاية للوصول الى حقنا في قضية القرنة السوداء بالقانون”. كما شكرت المفتي عبد اللطيف دريان “على اتصاله واستنكاره الحادث الكبير كما رئيس الحكومة والنواب ومَن جاء من مناطق بعيدة للوقوف الى جانبنا اليوم على رأسهم البطريرك الراعي”.

 

بدوره اعلن النائب وليم طوق: “لمن لا يعرفنا بعد نحن لا نفرّط بدم شهدائنا ولا نساوم على أرضنا وكرامة أهلنا و”ما تغلطوا” لأن دعوتنا لضبط النفس لا تعني أبداً التساهل وقرارنا واضح بأننا لن نرضى بأقل من توقيف مَن غدر بشهدائنا وحرّض على هذه الجريمة”. وقال “بشري لم تتعوّد بتاريخها على الغدر تماماَ كما لم نتعوّد نحن أن نغدر أحداً ودماؤهما باتت الخط الأحمر لرسم حدود أرضنا التاريخية”.

 

وبدا لافتا البيان الذي اصدرته رابطة ال طوق متضمنا انتقادات حادة للجيش وسأل البيان : “الى متى سنظل ندفع الغالي في بلدٍ يغيب فيه الأمن عن المواطن والقضاء عن إحقاق الحق؟” واعتبر أن “المتسلّحين بفائض القوة للتعدّي على البشر والحجر تطاولوا غدراً على ابننا العزيز هيثم فأردوه قتيلاً على يد قناصٍ محترفٍ متمرّس هم واهمون في تحقيق أهدافهم تبعاً لحماقة رؤوس لا تعي أن هذا الفائض من القوة يهدم الوطن”. كما ذكّر أن “بشرّي عبر كل تاريخها كانت ولا تزال إلى جانب الدولة وخاصةً الجيش اللبناني، ومن المثير للعجب أن هذا الجيش الذي نحترمه ونجلّه في الستينات لم يلعب دور الحكم العادل فقتل بعض شبابنا، وها هو يتكرر الحدث ذاته مع إبننا مالك الذي سقط برصاص الجيش”. وسأل: “لماذا لم يستعمل الجيش اللبناني هذه القوّة والعتاد لضبط الوضع المتأزم في الجرد قبل الحادثة؟ لماذا سُحبت السيارة المصابة من قبل عناصر الجيش؟ وما هي مبرّراته جراء ذلك لا سيما أن هذه السيارة تشكل دليلاً دامغاً على ما حدث؟”

اما إتحاد بلديات الضنية فاعتبر “أن تدخل الجيش قد أنهى الموضوع، وأيا كان المسبب يجب أن ينال جزاءه وعقابه، وإننا نرفض بشدة أن يقول البعض أن هناك مشكلة بين أهل بشري والضنية، خصوصا أن الوضع لم يعد يحتمل هذا النوع من الكلام، ويجب معرفة الفاعل وإعلان الحقيقة للناس مهما كانت، كما نتمنى من كل السياسيين أن يسحبوا هذا الموضوع من البازار السياسي، لأن لبنان لم يعد يحتمل أكثر من ذلك”. واكد ان “وجع أهل بشري هو وجعنا، وحزنهم هو حزننا، ونعتقد أن أهالي بشري يبادلوننا نفس الشعور، وبالطبع إن هذه الحادثة لن تمر مرور الكرام عند أحد، فالجيش هو الضمانة الأولى والأخيرة للأمن والإستقرار في هذا البلد الذي أصبح موبوءا على كل الصعد، ونتمنى أن تكون خاتمة كل الأحزان والفتن التي حدثت بين منطقتين متلازمتين عزيزتين على بعضهما البعض”.

“الحزب” وحواره

بعيدا من ترددات المشهد الشمالي، بدا المشهد السياسي والرئاسي في ركود تام وسط استبعاد أي تطورات جديدة في المدى المنظور. وحده “#حزب الله” مضى في الضرب على معزوفته الجامدة في الدعوات المتكررة الى الحوار. واخر طبعة من هذه الدعوات جاءت على لسان رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد الذي كرر “دعوته للحوار والتفاهم من أجل إنجاز الإستحقاق الرئاسي بأسرع وقت” معتبراً أن “ذلك هو المعبر المتاح وطنياً ودستورياً في ظلّ عدم إمكانية أيّ فريق أنّ يؤمن وصول مرشّحه بمعزل عن تعاون الفريق الآخر”. ولفت الى “اننا عندما ندعو الجانب الآخر للحوار إنّما ندعوه بموجب دستوري فضلاً عن الموجب الوطني والأخلاقي في حين نواجه دائماً بالطعن في النوايا وتحميل دعوتنا ما لا تحمله وذلك تضليلاً للرأي العام وإفتراءً علينا”. وقال: “من لا يريد الحوار ماذا يُريد؟ انه لا يريد رئيساً، بل يريد فراغاً يطول واستقواء بأجنبي يتوهم أن يدعم تعنّته”.

إجراءات للمطار

وفي سياق اخر وبينما يزدحم لبنان ومطاره بالسياح والوافدين الى موسم الاصطياف، رأس رئيس الحكومة نجيب ميقاتي امس اجتماعا في السرايا خصص للبحث في وضع مطار رفيق الحريري الدولي . وتحدث وزير الاشغال العامة والنقل علي حمية عن حركة نحو 36 الف راكب كمعدل وسطي في اليوم وأشار الى انه “تمت دراسة الأمور من محطة الوصول حيث اتخذ قرار من الأمن العام بفرز 12عنصرا للارشاد والتوجيه قبل التدقيق بجوازات السفر من أجل أن تسير العملية بشكل منظم توفيرا للوقت ولأجل التسريع بالتدقيق في جوازات للسفر وحتى لا تستغرق هذه العملية أكثر من ثلث إلى نصف ساعة. وسيقوم الأمن العام بصيانة المستلزمات التقنية والحواسيب في الكونتوارات لكي يقوم باستعمال كل كونتوارات الوصول والمغادرة. أما بالنسبة إلى الجمارك فسيؤمن مسربان للوصول لتخفيف الضغط عن الجمارك وبالنسبة إلى التفتيش فهناك 7 أجهزة سكانر تعمل وسنقوم بصيانة الاجهزة الاخرى ليرتفع العدد إلى 9. أما في ما يتعلق بتكييف المطار فقد اتخذنا اجراءات احترازية وتم تأمين مولد إضافي لعمل المكيفات”.

وأفادت معلومات ان ميقاتي أبلغ الوزراء بنيته تحديد جلسة قريبة لمناقشة مشروع قانون الموازنة على طاولة مجلس الوزراء .

********************************************

افتتاحية صحيفة نداء الوطن

الفتنة جرّبت راشيا… والراعي: نعرف القاتل ونخشى تخاذل القضاء

تحقيقات الجيش تمضي سريعاً وأيام حاسمة تحدّد مصير “القرنة”

 

وفي اليوم الثالث بعد الجريمة المزدوجة التي ضربت بشري وهزّت لبنان، كان السؤال: أين القضاء ليكشف حقيقة ما جرى؟ بعدما ساد القلق لبنان، ولا سيما بشري التي شيعت ولديها هيثم ومالك طوق الى مثواهما الأخير. لكن الجيش، وفق معلومات «نداء الوطن»، بدأ تحقيقاته التي تتسم بوتيرة سريعة وجمع الأدلة لتكوين خارطة طريق الأحداث ورسم صورة لما حصل. كما افادت المعلومات عن توقيف 22 شخصاً. ونفت توقيف اي ضابط من الجيش.

وبدا ان الجيش يثابر على التحقيق في الجريمة المزدوجة متصدياً لأي تحريف في هذا المسار. ومن نماذج هذا التحريف، الكلام المتعجّل عن «مسافة قريبة» أطلقت منها النار على الضحية الاولى، أي هيثم طوق. وسرعان ما تبين ان المسافة التي أطلقت منها الرصاصات الجانية، تبلغ 200 متر. وهذا المعطى يعزّز مجدداً فرضية القنص والقتل المتعمد عن سابق تصوّر وتصميم.

وشرحت اوساط واسعة الاطلاع لـ»نداء الوطن» الظروف المحيطة بما جرى في القرنة السوداء، فقالت إنه نتيجة الحوادث التي كانت تحصل في الاعوام الماضية، وتجنباً لحوادث كبيرة جداً في هذه المنطقة، بُذل جهد كبير كي يصدر قرار رسمي عن الحكومة بتكليف الجيش بإنفاذ القانون، وهذا ما يفترض أنه حصل بدءاً من شباط الماضي. لكن منذ ذلك الوقت، وقعت حوادث عدة جانبية وثانوية، وكان يفترض الا تقع، ما ولّد إنطباعاً بأن لا قرار رسمياً صدر بعد عن الحكومة، وبالتالي لم يتسلمه الجيش. علماً ان منطقة القرنة السوداء وعرة جداً الى درجة ان قوى الامن لا تستطيع الصعود اليها. ويبقى الجيش هو الوحيد القادر على كشف من ارتكب الجريمتَين. لكن الخوف هو عدم تمكن الجيش من توقيف هؤلاء المرتكبين، ما سيؤدي الى دخول المنطقة في كرّ وفرّ خصوصاً ان قتل هيثم طوق كان نتيجة استهداف.

وتخلص الاوساط نفسها الى القول: «إذا لم يتم خلال الساعات الـ 48 المقبلة، او في الايام القليلة المقبلة، توقيف القتلة فهناك خطورة ان تذهب الامور الى مكان آخر».

ووسط هذا المشهد المشدود، جاء كلام البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي خلال ترؤسه امس مراسم جنازة الضحيتين، ليبلغ أعلى مراتب الوضوح والصراحة، إذ دعا إلى «ترسيم الحدود في منطقة القرنة السوداء وإنهاء الفتنة». وقال: «إننا نؤمن بالدولة ونعرف حدودنا ونعرف القاتل وهذه ليست مجرد حادثة». لكنه تخوّف من «أن يستمرّ القضاء بتخاذله فيفلت المجرمون من يد العدالة وسيشرّع ذلك الأبواب لشريعة الغاب».

وفي ملاقاة الموقف الواضح والصريح للبطريرك الراعي، ظهر تصميم في المقلب الجغرافي الآخر لبشري أي بقاعصفرين، التي تقاسمت وبشري عبء الجريمة المأسوية. فشددت بلديتها على وأد الفتنة بإعلان الحداد متضامنة مع جارتها بشري. كما طالب إتحاد بلديات الضنية، وبينها بقاعصفرين، بإعلان حقيقة ما جرى وانزال العقاب بمرتكبي الجريمتين.

وكي لا يكون دفن الشابين هيثم ومالك طوق، هو أيضا بمثابة عملية دفن للمسار القضائي، كشفت مصادر سياسية لـ»نداء الوطن» عن معطيات على درجة كبيرة من الأهمية، لم يمضِ عليها سوى أيام فقط، تندرج تحت عنوان «معالجة الاشكال الذي حصل بين عدد من شبان منطقة البيرة – راشيا إثر حادث سير وخلافات شخصية». ووفق هذه المعطيات، تبيّن ان الحادث الذي وقع في 30 حزيران الماضي، كاد ان يفضي الى توتر مذهبي درزي – سني. لكن مرجعيات الطائفتين تنبهت الى أبعاد هذا التوتر الذي يستشف منه فتنة مذهبية، فسارعت الى ضبط ردود الفعل. واستعادت المصادر مشهد ردود الفعل بعد جريمتي القرنة السوداء، فرأت تماثلاً مع ما جرى في راشيا لجهة مسارعة القيادات الأساسية في الطائفتين المارونية والسنيّة الى محاصرة حريق الفتنة قبل انتشاره في هشيم الغضب والحزن في بشري.

ودعت المصادر الى التنبه الى ما سمّته «الفتنة المتنقلة» التي تريد إيجاد بؤر توتر على امتداد لبنان في مناطق الطوائف التي تشكل البيئة الحاضنة للمعارضة التي تقف في مواجهة جماعة الممانعة ومشروعها للهيمنة على لبنان. ولفتت المصادر نفسها الى وجود خيوط تؤدي الى توجيه اصابع الاتهام الى طرف إقليمي يسعى الى إرباك لبنان بمسلسل «الفتنة المتنقلة» كي يدفع الطائفة السنيّة تحديداً الى الالتحاق سياسياً به.

*******************************************

افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط

 

بلدة بشري اللبنانية تشيّع ابنيها بغضب وحزن

الراعي: نعرف القاتل ونحذّر من استمرار تخاذل القضاء

 

شيّعت بلدة بشري (شمال لبنان) اليوم (الاثنين)، بغضب وحزن ابنيها هيثم ومالك طوق اللذين قُتلا في القرنة السوداء السبت في إطلاق للنار، في وقت لا تزال فيه المواقف تشدد على أهمية عدم الانزلاق إلى فتنة طائفية.

وفي حين تتجه الأنظار إلى نتائج التحقيقات التي يجريها الجيش اللبناني، ترفض مصادر عسكرية الردّ على ما وصفتها بـ«الإشاعات»، لا سيما لجهة اتهام عناصر من الجيش بالمسؤولية عن مقتل الشابين أو أحدهما. وتقول المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «التحقيقات مستمرة، وهناك عدد من الموقوفين من بقاعصفرين وبشري»، نافية المعلومات التي أشارت إلى توقيف عسكريين وضباط، وداعية إلى انتظار ما ستظهره النتائج.

والقرنة السوداء هي أعلى مرتفع جبلي في لبنان، تشهد نشاطا لمزارعين يتحدرون من منطقتي بشري (ذات الغالبية المسيحية) وبقاعصفرين (ذات الغالبية السنية) ، لا سيما في فصل الصيف، للاستفادة من مياه الري التي تقف بشكل أساسي خلف الإشكالات التي تُسجّل دورياً بين الطرفين وتصل أحياناً إلى تبادل لإطلاق النار، في ظل غياب أي قرار من السلطات المعنية للفصل بين الحدود.

وشاركت بقاعصفرين بشري في حدادها. ففي حين كانت بشري تغرق في حزنها وسط إقفال تام للمحال التجارية والمؤسسات السياحية، أعلن رئيس بلدية بقاعصفرين – الضنية بلال زود، في بيان، «الحداد على روح الفقيدين هيثم ومالك طوق من أبناء جيراننا في بشري، اليوم في البلدة، وإغلاق المؤسسات الرسمية فيها، وتنكيس الأعلام على مبنى البلدية». وختم: «رحم الله الفقيدين، وحمى وطننا من الفتن ما ظهر منها وما بطن».

وترأس البطريرك الماروني بشارة الراعي الجناز الذي أقيم لهيثم ومالك طوق في بشري، حيث صعّد من مواقفه قائلاً: «نعرف القاتل»، ومحذراً من «استمرار القضاء بتخاذله». ودعا إلى «ترسيم الحدود في منطقة القرنة السوداء وإنهاء الفتنة كما الكشف عن الفاعل أو الفاعلين والاقتصاص منهم».

وأضاف: «نؤمن بالدولة ونعرف حدودنا ونعرف القاتل وهذه ليست مجرد حادثة». وأوضح أن «شباب بشري يعلنون دائما استعدادهم للحل، ونحن جميعاً تحت سلطة القانون العادل».

وشدد الراعي على أنّه «لو قام القضاء بعمله لما كنا وصلنا اليوم إلى مأساة القرنة السوداء»، مشيراً إلى أنّ «الخوف أن يستمرّ القضاء بتخاذله فيفلت المجرمون من يد العدالة وسيشرّع ذلك الأبواب لشريعة الغاب». وطالب بـ«العدالة في ترسيم الحدود وإنهاء هذه المسألة الشائكة وبقيام الدولة»، قائلاً: «لطالما دافعنا عن أرضنا وقدّمنا الشهداء، ونحن من قاومنا كلّ محتلّ ونريد دولة تبسط سلطتها بشكل كامل وشامل».

جعجع وكرامي

من جهتها، أعلنت النائبة ستريدا جعجع (حزب «القوات اللبنانية») خلال مشاركتها في التشييع أنها اتّصلت بقائد الجيش (العماد جوزف عون)، وأبلغها أنه لا تزال هناك حاجة إلى إبقاء الموقوفين من بشرّي لبعض الوقت إلى حين اتّضاح الصورة، مشددة على أنها ستتابع الموضوع حتى النهاية «للوصول إلى حقنا في قضية القرنة السوداء بالقانون». وأكدت «التمسك بالسلم الأهلي والحرص على تطبيق القانون معرفة الحقيقة وتسليم المجرمين بأسرع وقت».

كذلك، جدّد النائب عن طرابلس فيصل كرامي تأكيده أن «لا قلق على الوحدة الدّاخلية والسلم الأهلي في ظل الوعي الذي يتحلى به الجميع الذين رفضوا الفتنة، ولجأوا إلى الأجهزة الأمنية والقضائية». وطالب الحكومة بـ«حل الخلافات العقارية في الجرود» (جرود القرنة السوداء)، منتقداً «سياسة التمييع». وقال كرامي، في حديث إذاعي: «لا يمكن المراهنة دائماً على وعي الشعب من دون تقديم الحلول، وندعو إلى عدم استباق الأمور في انتظار التحقيقات»، رافضاً الربط بين حادثة القرنة السوداء والملفات الخلافية بين بشري والضنية.

من جهته، أثنى النائب طوني فرنجية (نجل زعيم «تيار المردة» سليمان فرنجية) على حكمة أهالي بشري، وكتب بعد تقديمه العزاء في الشابين، عبر حسابه «تويتر»: «حكمة أهلنا في بشري في التعاطي مع مصابهم الأليم يجب أن تُلاقى بتحقيق جديّ شفاف وسريع جداّ يُحدد المسؤوليات ويظهر الفاعلين ويحقق العدالة».

وكتب النائب إلياس حنكش (حزب «الكتائب») عبر حسابه على «تويتر» قائلاً: «المطلوب من القوى الأمنية والسلطة القضائية استكمال التحقيقات بأسرع وقت ممكن في جريمة قتل الشابين مالك طوق وهيثم طوق غدراً في بشري وتوقيف المجرمين ومحاسبتهم».

وأدان «المجلس الوطني لرفع الاحتلال الإيراني عن لبنان» و«لقاء سيدة الجبل» في اجتماعهما المشترك عند الحادثة، “الأحداث الأليمة التي أودت بحياة كل من هيثم ومالك طوق في منطقة قرنة السوداء». ودعوا الجميع إلى «التروي بانتظار نتائج التحقيق لتحديد المسؤولية الجرمية وتسليم المجرمين للقضاء»، رافضين في الوقت عينه، أي استثمار سياسي أو طائفي لهذا الموضوع الأليم. وأدانا من جهة أخرى «تلكؤ الدولة اللبنانية وعجزها في استكمال أعمال المساحة والتحديد للمناطق العقارية بين الأقضية والقرى؛ مما سبب الكثير من الدماء في كثير من المناطق وآخرها في القرنة السوداء ومنطقة جرد القمّوعة بين فنيدق وعكار العتيقة».

******************************************

افتتاحية صحيفة الجمهورية

“الجمهورية”: الجمود عنوان المرحلة الرئاسية ولا مبادرات خارجية… ومخاوف على الأمن والطائف

سؤال يفرض نفسه مع بداية الشهر التاسع من الفراغ في رئاسة الجمهورية: هل سينضَم شهر تموز الجاري الى مسلسل الوقت الضائع المستمر منذ بداية تشرين الثاني 2022، أم انّه سيشهد تطوّرات تكسر حلقة التعطيل ويسلك معها الملف الرئاسي طريق الإنفراج وانتخاب رئيس للجمهوريّة؟

لا شيء في الأفق يَشي بانعطافة ايجابية، بل على العكس إنّ كلّ المؤشرات المحيطة بالملف الرئاسي وتعقيداته تَشي باستعدادات على كلّ المفاصل والجبهات السياسيّة، للتعايش مع فترة من الجمود حُبلى باحتمالات وسيناريوهات مجهولة، تمهّد لها إرادة التوتير والتصعيد الحاكمة لمواقف وتوجّهات قوى سياسية ثَبتَ بالملموس أنّها تعتاش على الفراغ وتهرب من الانخراط في أيّ مسار حواري أو تفاهمي يَستولِد رئيساً للجمهورية ويؤسّس لعودة انتظام الحياة السياسية في لبنان.

حضرَ الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان، كان الرهان أن تحقن جولته الملف الرئاسي بجرعة إنعاش للآمال في أن يتمكن من احداث خرق في جدار التعطيل، ولكنه غادر من دون أن يتبدّل في واقع الحال اللبناني شيء، وليس ما يؤشّر إلى تبدّل ولو طَفيف في المدى المنظور، وهو واقع يبقى فيه لبنان معلقاً على حبل التوتير والتصعيد، ويدخل في سباق قسري مع المجهول وما يُخبّئه من أحداث وربما صدمات.

جمود طويل الأمد

داخلياً، تبقى المراوحة السلبية هي العنوان الطاغي سياسيا ورئاسيا، والتواصل مقطوع بشكل نهائي بين المعنيين بالملف الرئاسي، ولغة التصعيد المتبادلة أعدمَت حظوظ اجراء حوار حول رئاسة الجمهورية لا الآن ولا في المدى المنظور. ما يعني انّ الملف الرئاسي محكوم بإقامة طويلة الامد في دائرة التعطيل.

هذه المراوحة تعبّر عن نفسها في الخواء السياسي الذي تدور فيه مواقف الاطراف المعنية بالملف الرئاسي في المربع ذاته، فعلى الرغم من انعدام الفرص امام مرشح التقاطعات جهاد ازعور، ما زالت بعض اطراف هذه التقاطعات تعتبره المخرج الأفضل لرئاسة الجمهورية، ويَتشارك في ذلك حزب «القوات اللبنانية» وبعض حلفائه مِمّن يسمّون أنفسهم سياديين ومستقلين وتغييريين، الذي سبق لهم أن انخَرطوا في التصويت السابق للنائب ميشال معوض، وبعض هؤلاء يواصلون زيارات خارجية توسّلاً لضغط خارجي دَعماً لمرشحهم. فيما انصرفَ التيار الوطني الحر الى البحث عن مرشح جديد، يحمل ما يعتبره البرنامج الذي يلاقي او يتقاطع مع برنامجه الرئاسي، من دون ان يعثر عليه حتى الآن. والامر نفسه ينطبق على الحزب التقدمي الاشتراكي الذي تؤكد مصادره لـ»الجمهورية» انّ «الخَيار الاسلم هو الجلوس على طاولة الحوار تَوصّلاً الى التوافق على مرشح لا يشكل استفزازا او تحديا لأي طرف، ومن دون ذلك سيبقى الملف الرئاسي في دائرة التجاذب والاخذ والرد التي لن نصل فيها الى اي نتيجة سوى إبقاء البلد عُرضة للمفاجآت وفي مهب الاوهام».

الثنائي: الحوار

وفي المقابل لا يبدو ثنائي حركة «امل» و»حزب الله» انهما في وارد الاستجابة لأي طلب او دعوة ايّاً كان مصدرها للتخلّي عن دعم رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، وبحسب معلومات موثوقة لـ»الجمهورية» فإنّ الجانبين أبلغا اجوبة مباشرة وصريحة بذلك إلى بعض الموفدين، الذين سَعوا الى جسّ نبضهم حيال ما اذا كانوا قد يوافقون على خيار آخر، اذا ما سُدّت الآفاق امام المرشح الذي يدعمونه. حيث اكدا ان التزامهما بدعم فرنجية نهائي ولا رجعة عنه تحت اي ظرف.

واكدت مصادر الثنائي لـ»الجمهورية» انّ ثمة طرحا قديما قدّمه الفرنسيون ويقوم على مُعادَلة فرنجية رئيساً والسفير نواف سلام رئيسا للحكومة، ووافقنا عليه، هناك من يقول ان هذه المعادلة سقطت، ولكن حتى ولو صدق هذا السقوط، فذلك لا يغيّر في موقفنا، الثابت على ان انتخاب رئيس الجمهورية لا بد أن يتم وفق معادلة يكون فيها فرنجية رئيسا للجمهورية. وهذا ما قلناه للموفد الرئاسي الذي كان مُتفهّماً لهذا الموقف.

وفي موازاة تأكيد «الثنائي» على الحوار، دعا رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد الى الحوار والتفاهم من اجل انجاز الاستحقاق الرئاسي بأسرع وقت، معتبراً ان ذلك هو المعبر المُتاح وطنيا ودستوريا في ظل عدم تَمكّن اي فريق من ان يؤمّن وصول مرشحه بمعزل عن تعاون الفريق الآخر.

وفي كلمةٍ له في جبشيت، أوضحَ رعد انه «عندما ندعو الطرف الآخر الى الحوار انما ندعوه بموجب دستوري فضلاً عن الموجب الوطني والاخلاقي، في حين نواجه دائماً بالطعن في النوايا لتحميل دعوتنا ما لا تحمله، وذلك تضليلاً للرأي العام وافتراء علينا».

وخلص الى القول: «من لا يريد الحوار، ماذا يريد؟ انه لا يريد رئيسا، بل فراغ يطول، واستقواء بأجنبي يتوهّم ان يدعم تَعَنّته».

مُراوَحة

على أن هذه الفترة من الجمود والمراوحة تبدو طويلة الأمد، على ما يقول مرجع مسؤول لـ»الجمهورية»، وما يخشى منه في رأيه هو «أن يصطدم الداخل بوقائع غير محمودة النتائج على كلّ المستويات».

ويُبدي المرجع عينه خوفا كبيرا على مصير البلد، ويقول: «مصير لبنان بات على المحك، فما من شك انّ حسم الملف الرئاسي بانتخاب رئيس للجمهورية يشكّل الوصفة العلاجيّة الوحيدة للأزمة الراهنة بكل تشعباتها، ولكن أخطر ما يَتهدّد واقعنا المأزوم هو أنّ المسألة ليست إمعاناً في تعطيل انتخاب رئيس الجمهورية، بِقَدر ما هي دفعٌ من قبل بعض الاطراف إلى تفجير البلد وإحلال واقع كارثي يهدّد بنيته وكيانه ونسيجه الاجتماعي، والفلتان السياسي القائم، بدأت تتسرّب منه نُذر فلتان أوسَع قد لا يستثني المجال الامني، حيث انّ مختلف المناطق اللبنانية تعيش حالاً من القلق، ليس فقط من ارتفاع معدلات الجريمة بكلّ انواعها، بل من فلتان السلاح».

وردّاً على سؤال عمّا يعنيه دَفع لبنان الى التفجير، اكتفى المرجع بالقول: «المسار القائم تتراكم فيه كل اسباب التفرقة، ونلاحِظ التَموضعات كيف تتمترَس خلف الجبهات. الوضع أشبَه ما يكون على حافة الهاوية، ولم يسبق لي أن كنتُ خائفاً على الطائف كما انا اليوم. ويُخطىء من يعتقد اننا اذا، لا سمح الله، بَلغنا لحظة الانهيار، فإنه يمكن لنا ان نقوم من جديد».

الوضع تحت السيطرة

في هذه الاجواء اكد مرجع أمني لـ»الجمهورية» ان الوضع الامني في البلاد دقيق جدا على كل المستويات.

ولفتَ الى أربعة عوامل مؤثرة على الوضع الامني، أوّلها موضوع النازحين الذي بات يشكل عبئا كبيرا جدا لِتنامي الإرتكابات والاشكالات التي تحصل فيما بينهم، وكذلك مع محيط مخيماتهم وأماكن انتشارهم. وثانيها ملف الارهاب في ظل الخشية المُتزايدة من اعادة تنشيط وتحريك الخلايا الارهابية النائمة، وثالثها ملف فلتان العصابات والمخدرات الذي وَضعَ الجيش وسائر الاجهزة الامنية في مواجهاتٍ شِبه يومية معها، ورابعها وهو الاخطر، يتجلّى في الاشكالات التي تحصل في الكثير من المناطق وظهور السلاح بشكل عشوائي، وتؤدي الى قتلى وتوترات وتداعيات ذات طابع طائفي او مناطقي.

الا انّ المرجع عينه اكد ان الوضع بشكل عام ما يزال تحت السيطرة، والجيش وسائر الاجهزة الامنية في كامل الجهوزية والحضور للتصدي لأي طارىء ضمن الامكانات المُتاحة. وقال: «كل هذا الوضع مرهون بالوضع السياسي، فاستقرار الوضع سياسياً يُشعِر المواطن بالحد الادنى من الأمان، لا نقول انه يزيل كل الشوائب بكبسة زر، بل انّه يخفف العبء الاكبر منها ويساعد على احتواء ما تبقّى مهما كان حجمه او نوعه».

لا مبادرات خارجية

اما على مستوى الحراك الخارجي تجاه لبنان، فقد شكلت زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان آخر محطاته العملية، وكما هو معلوم لم تصل الى اي نتيجة يبني عليها لودريان لإنجاح المرحلة الثانية من مهمته التي عَنونها بنيته تسهيل إجراء حوار بين اللبنانيين لإنضاج حل يُفضي الى انتخاب رئيس للجمهورية.

وعلى الرغم من سيل التكهنات التي سالت على سطح المشهد السياسي في الآونة الأخيرة، وافترَضَت حراكات مباشرة تجاه لبنان، لا سيما من قبل الفرنسيين والسعوديين، الا ان مصادر سياسية موثوقة اكدت لـ»الجمهورية» ان لا معلومات تؤكد وجود اي مبادرات خارجية في الوقت الراهن حول الملف الرئاسي في لبنان. فالاميركيون مُنكفئون عن هذا الملف، ولا حراك مباشرا او غير مباشر من قبلهم تجاه الملف الرئاسي. اما الجانب السعودي فكما هو معلوم، ليس في موقع الضغط المباشر على اي طرف داخلي، بل هو في موقع المُساعد والمُشجّع للبنانيين على انجاز استحقاقهم الرئاسي، الا انه ليس لدى المملكة اي خطة او مبادرة او برنامج تحرّك خاص تجاه لبنان، وما يُشاع عن تحرّك سعودي وشيك في هذا المجال لا يعدو اكثر من فرضيات في غير محلها.

اما الجانب الفرنسي، فأولويته حالياً هي الداخل الفرنسي، ولا شيء آخر أبعد من الحدود الفرنسية. وإذا كان لودريان قد اعلن خلال زيارته بيروت انه عازم على العودة الى بيروت خلال تموز الجاري، فإنّ المستويات السياسية في لبنان لن تتبلّغ حتى الآن ما يؤكد حصول الزيارة او العدول عنها، خصوصاً ان شكوكاً أُثيرَت حولها في الآونة الاخيرة ورجّحت عدول الموفد الرئاسي الفرنسي عن هذه الزيارة.

في هذه الاجواء، ابلغت مصادر فرنسية الى «الجمهورية» قولها انّ الاحداث التي تسارعت في باريس في الايام الاخيرة، من الطبيعي ان تفرض تعديلاً في اجندة الاولويات الفرنسية، التي تتصدرها اولوية مواجهة الاحداث التي شهدتها العاصمة الفرنسية وتداعياتها.

ولم تؤكد المصادر عودة لودريان الى بيروت في المدى المنظور، الا انها لفتت الى ان الملف اللبناني ما زال في قائمة الاولويات الفرنسية، الا انّ المستجدات التي شهدتها باريس، تتطلّب مقاربة حثيثة من الايليزيه والحكومة الفرنسية وصرف الجهد لاحتوائها، وترسيخ الامن والاستقرار في البلاد قبل اي امر آخر».

بشري تودّع الضحيتَين

من جهة ثانية، ووسط إقفال عام وحداد، شَيّعت بلدة بشري امس في مأتم مهيب، الشابّين هيثم ومالك طوق بعد الصلاة على نفسَيهما في كنيسة السيدة في البلدة.

وخلال ترؤسه الجنّاز، دعا البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الى «ترسيم الحدود في منطقة القرنة السوداء وإنهاء الفتنة»، والى «كَشف الفاعل أو الفاعلين في جريمة قتل هيثم ومالك طوق والاقتصاص منهم».

ولفت الى اننا «نؤمن بالدولة ونعرف حدودنا ونعرف القاتل، وهذه ليست مجرد حادثة». واوضح انّ «شباب بشري يُعلنون دائماً استعدادهم للحل، ونحن جميعاً تحت سلطة القانون العادل».

 

وشدد الراعي على أنّه «لو قام القضاء بعمله لَما كنّا وصلنا اليوم إلى مأساة القرنة السوداء»، مشيراً إلى أنّ «الخوف أن يستمرّ القضاء في تَخاذُله فيفلت المجرمون من يد العدالة، وسيُشَرّع ذلك الأبواب لشريعة الغاب».

 

وقال: «نطالب بالعدالة في ترسيم الحدود وإنهاء هذه المسألة الشائكة وبقيام الدولة، ولطالما دافَعنا عن أرضنا وقَدّمنا الشهداء. ونحن مَن قاوَمنا كلّ محتلّ، نريد دولة تَبسط سلطتها بشكل كامل وشامل».

******************************************

افتتاحية صحيفة اللواء

 

قلق متزايد من توسُّع الضربات الإسرائيلية.. ومن نسف عودة النازحين

بشري تدفن الفتنة مع ضحايا «القرنة السوداء».. وترتيبات مالية انتقالية في مصرف لبنان

 

تكاد الأحداث والمواقف المحيطة بلبنان، لا تشغل فقط اللبنانيين بالانعكاسات غير المريحة على أوضاعهم غير المستقرة، بل تعطي الانطباعات بأن ما يجري على أرض فلسطين، حيث تواجه المقاومة الفلسطينية جحافل جنود الاحتلال في جنين والبيرة ونابلس، يترك صداه ليس في المخيمات الفلسطينية، بل أيضاً في الجنوب الذي يسوده الحذر عند الحدود، وبأن ما نقل عن الرئيس السوري بشار الاسد لجهة الشروط المتعلقة بعودة النازحين الى بلادهم، يوحي بأن هذه العودة محفوفة بمخاطر انتظار طويل حتى اعادة الاعمار وتوفير البنى التحتية، على الرغم من استعداد الوفد الرسمي الوزاري الاداري بالتوجه الى سوريا في اطار السعي لإعادة النازحين التنسيق مع الجهات السورية المختصة.

ولا يقتصر القلق من انعكاسات اوضاع الخارج على هشاشة الوضع في الداخل، بل ان الحوادث الامنية المتنقلة في المناطق ذات الحساسيات العشائرية والطائفية تزيد من المخاوف، على الرغم من الحرص الوطني المشترك على تجاوز الاوضاع الشاذة، والاجراءات السريعة التي تقوم بها القوى العسكرية والامنية لاحتواء الاحداث وضبط الامن والاستقرار.

على وقع هذه المعطيات، تراجع سعر صرف الدولار في السوق السوداء، كما تراجع سعر «صيرفة» الى 85500 ل.ل.، في وقت تتجه فيه الانظار اليوم الى اجتماع المجلس المركزي في مصرف لبنان، للتداول في مصير التعاميم من 151 الى 158 و161، فضلاً عن التعميم 165، وسعر صيرفة، مع بدء العد التنازلي لانتهاء ولاية الحاكم رياض سلامة التي استمرت لعقود حيث يغادر المصرف عند الساعة صفر من ليل 31 تموز- 1 آب، على ان يتسلم مهامه النائب الاول وسيم منصوري الذي يفترض ان يكون عاد من رحلة استشكاف مالية الى واشنطن.

وفي محاولة لإحتواء مخاطر الضغوطات على حركة المسافرين في مطار رفيق الحريري الدولي، خصص اجتماع السراي الذي ترأسه الرئيس نجيب ميقاتي، بحضور الوزراء المعنيين: علي حمية (الاشغال)، بسام مولوي (الداخلية والبلديات)، والسياحة (وليد نصار) ومديرا الامن العام والطيران المدني اللواء الياس البيسري وفادي الحسن ورئيس مجلس ادارة والمدير العام لشركة طيران الشرق الاوسط محمد الحوت.

وحسب ما سمع احد الوزراء الذين شاركوا في الاجتماع، فإن الرئيس نجيب ميقاتي ذكر انه بصدد دعوة مجلس الوزراء لجلسة قريبة، وعلى جدول هذه الجلسة مشروع الموازنة للعام 2023.

‎وقالت اوساط سياسية لـ«اللواء» أن غياب جلسة لمجلس الوزراء هذا الاسبوع لا يعني ان لا جلسات حكومية قريبة، ولفتت إلى أنه عندما تتصدر ملفات ضرورية البحث وتتطلب النقاش فإن المجلس سينعقد موضحة أن حكومة تصريف الأعمال هي مؤسسة دستورية تعمل وتبت في القضايا الملحة كما جرى في عدة محطات.

‎وقالت إن معارضي إجراءاتها يواصلون مواقفهم في حين أن بعض الملفات قد تبقى من دون قرار لاسيما تلك التي تتطلب حضور رئيس الجمهورية.

‎إلى ذلك رأت هذه الأوساط أن هناك استحقاقات تحتاج إلى بت وهناك مخارج سيصار إلى اللجوء إليها وهذا ما قد يتوضح قريبا.

وفي السياق، لم يتقرر حتى يوم امس عقد اي جلسة لمجلس الوزراء على الاقل هذا الاسبوع، لكن الاتصالات قائمة من اجل ترتيب جدول اعمال لجلسة قريبة لا يثير اعتراضات كبيرة، لا سيما بعد المعلومات عن رغبة الرئيس ميقاتي في توسيع مهام حكومة تصريف الاعمال ومنحها صلاحيات استثنائية وإجراء بعض التعيينات العسكرية وربما في حاكمية مصرف لبنان، وتمرير العديد من الامور التي برأيه تُسهّل عمل الوزارات، وهو ما كان مثار اعتراضات سياسية ونيابية لا سيمامن قوى مسيحية وحتى من قوى مستقلة.

في غضون ذلك، سيطر الهدوء على منطقتي بشري والضنية، بعد الحادثة المؤلمة التي اودت بحياة شابين من آل طوق، لكن خيم الحداد العام على بشري وبقاعصفرين، وتم تشييع الفقيدين في مأتم حاشد. لكن السياسة كانت لا تزال في ثلاجة الانتظار فلاحراك ولا مبادرات حول معالجة ازمة الاستحقاق الرئاسي وسط استمرار تكرار المواقف ذاتها من الموضوع.

لقاءات السرايا

فور عودة ميقاتي من مكّة، قام فوراً بجولة تفقدية في مطار بيروت شملت العديد من الاقسام، واستمع من المواطنين الى ملاحظاتهم واقتراحاتهم، ودوّن مشاهداته التفصيلية، وذلك بعد تلقّيه العديد من الرسائل والشكاوى بشأن الاجراءات المتخذة والواقع الاداري في المطار.

وبناء على ذلك دعا ميقاتي الى اجتماع وزاري عقد امس في السرايا الحكومي، للبحث في وضع مطار رفيق الحريري الدولي، شارك فيه وزراء الداخلية والبلديات بسام مولوي، السياحة وليد نصار، الأشغال العامة والنقل علي حميه، المدير العام للامن العام بالانابة اللواء الياس البيسري، المدير العام للطيران المدني فادي الحسن، ورئيس مجلس إدارة والمدير العام لشركة طيران الشرق الأوسط محمد الحوت.

وقال الوزير حمية : تمت بداية دراسة الأمور من محطة الوصول حيث اتخذ قرار من قبل الأمن العام بفرز 12 عنصراً للارشاد والتوجيه قبل التدقيق بجوازات السفر من أجل أن تسير العملية بشكل منظم توفيراً للوقت ولأجل التسريع بالتدقيق في جوازات للسفر وحتى لا تستغرق هذه العملية أكثر من ثلث إلى نصف ساعة.

ثانياً: سيقوم الأمن العام بصيانة المستلزمات التقنية والحواسيب في الكونتوارات لكي يقوم باستعمال كل كونتوارات الوصول والمغادرة.

ثالثاً: أما بالنسبة الى الأحزمة، فلا مشكلات تقريبا إنما هناك مشاكل في عدد عربات نقل الحقائب وتم البحث في هذا الموضوع وستقوم شركة طيران الشرق الأوسط بالتواصل مع شركة «ميز» لزيادة عدد العربات.

رابعاً: أما بالنسبة إلى الجمارك فسيؤمن مسربان للوصول لتخفيف الضغط عن الجمارك وتم التواصل من قبل رئيس الحكومة مع المدير العام للجمارك وهناك اتفاق على ايجاد مسربين لتخفيف الزحمة.

خامساً: بالنسبة إلى التفتيشات فهناك 7 أجهزة سكانر تعمل وسنقوم بصيانة الاجهزة الاخرى ليرتفع العدد إلى 9. أما في ما يتعلق بتكييف المطار فقد اتخذنا اجراءات احترازية وتم تأمين مولد إضافي لعمل المكيفات».

ومع الشلل السياسي، والابتعاد عن اي جهد تواصلي داخلي، إلتقى رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل في مقر رئاسة الوزراء في لندن، نائب مستشار الأمن القومي لشؤون الشرق الاوسط أجاي شرما، ومسؤول الشرق الاوسط في رئاسة الوزراء جورج بومان، يرافقه سفير لبنان في انكلترا رامي مرتضى ونائب رئيس البعثة مروان فرنسيس.

وغرّد باسيل عبر حسابه على «تويتر» انه «جرى البحث في ضرورة تعميم مناخ الاستقرار في المنطقة، وفي دور المملكة المتحدة في هذا الصدد وتأثيره الايجابي على لبنان».

وضع بشرّي

الى ذلك، شهدت بلدة بشري امس، اقفالاً عاماً للمحلات التجارية والمؤسسات السياحية بعدما اعلنت يوم امس حداداً عاماً على مقتل الشابين هيثم ومالك طوق في القرنة السوداء. بإنتظار نتائج التحقيقات التي تجريها مديرية المخابرات في الجيش والقضاء، والمفترض ان تظهر خلال ايام قليلة نظرا لحساسية ودقة وخطورة الموضوع.

وإحتُفل بالصلاة لراحة نفسي الشابين هيثم ومالك عند الخامسة عصراً في كنيسة السيدة في البلدة.حيث ترأس القداس والجناز البطريرك الماروني بشارة الراعي الموجود في المقر الصيفي في الديمان. والقى عظة دعا فيها «الى ترسيم الحدود في منطقة القرنة السوداء وإنهاء الفتنة، كما دعا لكشف الفاعل أو الفاعلين في جريمة قتل هيثم ومالك طوق والاقتصاص منهم».

وقال الراعي: اننا نؤمن بالدولة ونعرف حدودنا ونعرف القاتل وهذه ليست مجرد حادثة. واوضح بأن «شباب بشري يعلنون دائما استعدادهم للحل، ونحن جميعا تحت سلطة القانون العادل».

وأضاف: أنّه لو قام القضاء بعمله لما كنا وصلنا اليوم إلى مأساة القرنة السوداء. إنّ الخوف أن يستمرّ القضاء بتخاذله فيفلت المجرمون من يد العدالة وسيشرّع ذلك الأبواب لشريعة الغاب.

وقال في العظة: نطالب بالعدالة في ترسيم الحدود وإنهاء هذه المسألة الشائكة وبقيام الدولة، ولطالما دافعنا عن أرضنا وقدّمنا الشهداء ونحن من قاومنا كلّ محتلّ ونريد دولة تبسط سلطتها بشكل كامل وشامل.

وقال النائب وليم طوق في مراسم دفن هيثم ومالك طوق: بشري لم تتعوّد بتاريخها على الغدر، تماماً كما لم نتعوّد نحن أن نغدر أحداً. ودماؤهما باتت الخط الأحمر لرسم حدود أرضنا التاريخية. ولمن لا يعرفنا بعد نحن لا نفرّط بدم شهدائنا ولا نساوم على أرضنا وكرامة أهلنا. و«ما تغلطوا» لأن دعوتنا لضبط النفس لا تعني أبداً التساهل، وقرارنا واضح بأننا لن نرضى بأقل من توقيف مَن غدر بشهدائنا وحرّض على هذه الجريمة.

وقالت النائب ستريدا جعجع من بشرّي: إنّ «المنطقة تواجه، ومتمسّكون بالسلم الأهلي وحريصون على القانون، ويهمّنا معرفة الحقيقة وتسليم المجرمين بأسرع وقت.

اضافت: إتّصلت بقائد الجيش وأبلغني أنه لا تزال هناك حاجة لإبقاء الموقوفين من بشرّي لبعض الوقت الى حين اتّضاح الصورة. وسنتابع الموضوع حتى النهاية للوصول الى حقنا في قضية القرنة السوداء بالقانون.

وقدّم النائب طوني فرنجيه واجب العزاء لأهالي الشابين هيثم ومالك طوق في صالون كنيسة السيدة في بشري. وكتب عبر حسابه الخاص على «تويتر»: رهبة الموت لا يعلوها أي صوت، وحكمة أهلنا في بشري في التعاطي مع مصابهم الأليم يجب ان تُلاقى بتحقيق جديّ شفاف وسريع جداّ يُحدد المسؤوليات ويظهر الفاعلين ويحقق العدالة.

وصدر بيان صادر عن رابطة آل طوق اعلنت فيه: «ان بشري لم ولن تكون مكسر عصا.. وإلى متى سنظل ندفع الغالي في بلد يغيب فيه الامن عن المواطن والقضاء عن إحقاق الحق»؟

بدوره، أعلن رئيس بلدية بقاعصفرين الضنية بلال زود، في بيان، «الحداد عن روح الفقيدين هيثم ومالك طوق من أبناء جيراننا في بشري وإغلاق المؤسسات الرسمية فيها، وتنكيس الأعلام على مبنى البلدية». وقال: رحم الله الفقيدين، وحمى وطننا من الفتن ما ظهر منها وما بطن.

وزار زود امس الرئيس ميقاتي في السرايا، في حضور الامين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء محمد المصطفى والأمين العام للهيئة العليا للاغاثة اللواء محمد خير.

واعلن زود بعد اللقاء: تمحور اللقاء حول موضوع النزاع على القرنة السوداء مع بلدة بشري. ووضعت دولته في الأجواء الراهنة.

وقال إتحاد بلديات الضنية في بيان: إننا نتأسف للحادث الذي حصل مهما كانت أسبابه ومسبباته، ولن ندخل في تفاصيل هذا الحادث وما هو السبب، ومن هو المسبب، لأننا نعتبر أن تدخل الجيش قد أنهى الموضوع، وأياً كان المسبب يجب أن ينال جزاءه وعقابه، وإننا نرفض بشدة أن يقول البعض أن هناك مشكلة بين أهل بشري والضنية، خصوصا أن الوضع لم يعد يحتمل هذا النوع من الكلام، ويجب معرفة الفاعل وإعلان الحقيقة للناس مهما كانت، كما نتمنى من كل السياسيين أن يسحبوا هذا الموضوع من البازار السياسي، لأن لبنان لم يعد يحتمل أكثر من ذلك.

اضاف: يجب ان نعتبر أن ما يسمى بحدود جغرافية بين المنطقتين هو من إختصاص المراجع المولجة بذلك والقضاء المختص، ولن ندخل في سجالات لن تؤدي إلا إلى مزيد من الفتن، وإن مثل هذه الأمور يجب أن تعالج بالطريقة الصحيحة من خلال المراجع المختصة، وحسب القوانين المرعية الإجراء فقط.

الى ذلك، افيد ان «مخفر درك بشري تواصل مع المدير الطبي لمستشفى بشرّي التي نقل اليها القتيلان الدكتور ابراهيم مقدسي، وطلب منه الحضور أمس الى المخفر من دون تحديد سبب الدعوة. لكن ترددت معلومات عن استدعاء المقدسي من قبل قاضية التحقيق الأولى في الشمال سمرندا نصار، على خلفيّة التصريح الذي أدلى به أمس الاول الأحد عن إصابات القتيلين، «والذي من شأنه تضليل التحقيق، ويُعتبر ايضاً خرقاً لسريته». لكن تبين ان هذه المعلومات غير دقيقة.

وفي اطار متابعة تداعيات الحادثة، ترأس محافظ لبنان الشمالي القاضي رمزي نهرا في مكتبه في سرايا طرابلس، اجتماعا طارئا لمجلس الامن الفرعي في الشمال، حضرته قيادات قضائية وامنية من مختلف مناطق الشمال، وبعد الاجتماع، أصدر المجتمعون المقررات التالية:

– تم طرح اقتراحات عدة لحل النزاعات القائمة بين الطرفين في بشري والضنية بقاعصفرين بشكل نهائي وابرزها:

– احالة الى رئاسة مجلس الوزراء اقتراح قانون انشاء محمية طبيعية في منطقة القرنة السوداء ومحيطها المتنازع عليها بعد تحديد مكانها من قبل القاضي العقاري المختص، بمعاونة مديرية الشؤون الجغرافية في الجيش وتحديد الانتفاع بالري من قبل الوزارات المختصة أو تشكيل لجنة لإدارة الري.

– الطلب من وزارة الطاقة والمياه انشاء برك للمياه في المناطق غير المتنازع عليها من الجهتين والطلب من وزارة العدل الاسراع بالبت في النزاع القضائي حول ملكية الأراضي. والاحالة الى رئاسة مجلس الوزراء لاعتبار منطقة القرنة السوداء ومحيطها منطقة تدريب عسكرية».

وشدد المجتمعون على «وجوب المتابعة المستمرة لضبط الوضع الأمني في المنطقة المتنازع عليها، تفاديا لحصول أي إشكالات بين الطرفين مع التقدير لجهود فاعليات المنطقتين لتهدئة النفوس والحفاظ على العيش المشترك».

صواريخ وسرقة ماعز

جنوباً، استمر التوتر الصامت لكن وسط اجراءات معادية عند الحدود، حيث افادت معلومات امنية، عن قيام قوة اسرائيلية مدعومة برافعة ضخمة بتركيز مكعبات اسمنتية بالقرب من السياج الحدودي في منطقة «بوابة حسن» في منطقة مزارع شبعا اللبنانية المحتلة.

كما وأفيد عن قيام دورية اسرائيلية اخرى باختراق الخط الازرق مقابل «رويسات العلم»، حيث عمدت الى مصادرة حوالي 250 رأس ماعز عائدة للمواطن «ن.ع.» من بلدة حلتا واقتادتها الى داخل الاراضي المحتلة بعد ان تمكن صاحبها من الافلات من عناصر الدورية.

من جهة ثانية، أعلن جيش الكيان الإسرائيلي، امس الاثنين، نشر منظومة «القبة الحديدية» على حدود لبنان وقطاع غزة تحسباً لإطلاق صواريخ من هناك، وذلك على خلفية العملية العسكرية التي شنتها قوات الإحتلال ضدّ مدينة جنين الفلسطينية ومخيم اللاجئين فيها، اليوم الإثنين.

وقالت إذاعة جيش العدو: إن المؤسسة الأمنية في إسرائيل تستعد لإمكانية رد فعل الفصائل الفلسطينية في غزة ولبنان، كعلامة على التضامن مع مخيم جنين للاجئين.

وأضافت: تم نشر بطاريات القبة الحديدية، والجيش الإسرائيلي يُجري استعداداتٍ لتصعيد واسع النّطاق وهجمات فلسطينية على أهداف في الضفة الغربية.

ومن جهته، ازال حزب الله احدى الخيمتين اللتين نصبهما في ارض لبنانية في مزارع شبعا، وذكر وقع «واللا» العبري ليل امس الاول، أن «عناصر الحزب نقلوا إحدى الخيمتين اللتين نصبهما قبل اسبوعين من مزارع شبعا إلى داخل لبنان». وقال: تقدر المؤسسة الأمنية في اسرائيل أن «حزب الله يبحث عن وسيلة لمنع المواجهة ونقل الخيمة الثانية إلى الأراضي اللبنانية كذلك. لكن تردد ان الحزب أبقى على جميع مقاتليه داخل الخيمة الثانية التي بقيت مكانها.

وقبل حوالي أسبوعين ونصف، قدم ممثلون عن «وحدة العلاقات الخارجية في الجيش الإسرائيلي شكوى إلى قيادة اليونيفيل حول توسيع موقع حزب الله إلى الأراضي الإسرائيلية في مزارع شبعا التي تُعرف إسرائيليا بـ هار دوف (جبل روس)، على الحدود اللبنانية».

واوضح مسؤول أمني إسرائيلي في ذلك الوقت، إنه «تم نقل رسالة دبلوماسية وعسكرية مفادها أنه إذا لم يتم إخلاء المواقع التي أقيمت على الحدود، فسيتم تنفيذ عملية لتطهير المنطقة». وأضاف أنه «لا توجد نية لتحمل الاستفزاز، وهذا عمل استفزازي آخر من قبل حزب الله».

******************************************

افتتاحية صحيفة الديار

 

تشييع في بشري وقلق من دفن «الحقيقة»… وتعهّدات أمنيّة بتحقيقات سريعة وشفافة

لودريان يُنهي تقريره نهاية الأسبوع… لا مُبادرة… وتوجّه لرعاية حوار يبدو مُتعذراً؟

ترقب لسياسة منصوري في «المركزي»… توتر وإرباك إسرائيلي في مزارع شبعا – ابراهيم ناصرالدين

حجم الحزن في بشري لا يضاهيه الا حجم القلق من دفن حقيقة ما جرى في القرنة السوداء، وحدها العدالة تشفي، وتساهم في خفض منسوب الغضب والتوتر. اما ابقاء الجرح نازفا دون اجوبة شافية، فيُبقي كل الابواب مشرّعة على فتنة قد تطل برأسها في اي مكان او زمان، لتنسف كل الجهود التي عملت على وأدها معظم القوى السياسية والروحية.

مخابرات الجيش بالتعاون مع اجهزة الامنية والقضائية المعنية تعمل على كشف الملابسات، مع وعد بسرعة انجازها وشفافيتها بعد اكتمال خيوطها، حيث تجري عملية تقاطع للمعلومات ميدانيا واستعلاميا، ومطابقتها مع الوقائع المستقاة من الموقفين عقب الحادثة. واذا كان الجميع يجزم انه تحت سقف القانون، الا ان الخوف يبقى ان يتخاذل القضاء مرة جديدة، كما حذر البطريرك بشارة الراعي بالامس خلال تشييع هيثم ومالك طوق، حيث اعتبر ان ما جرى ليس مجرد حادثة!…

في هذا الوقت، الجمود الرئاسي على حاله داخليا، في ظل انكفاء القوى السياسية عن المبادرة لتحريك المياه الراكدة، بانتظار زيارة المبعوث الفرنسي الرئاسي جان ايف لودريان التي ستتحول الى مجرد زيارات مكوكية لتمرير الوقت، في ظل معلومات عن وجود رغبة فرنسية لدعم حوار لبناني يبدو متعذرا.

جنوبا، التوتر يتصاعد بفعل محاولات «اسرائيلية» لتكبير حجم ملف «الخيمتين» في مزارع شبعا، يضاف اليها قيامه بالامس بعدوان واسع ودموي على مخيم جنين في الضفة الغربية، اعلنت على اثرها قيادة الجيش «الاسرائيلي» نشر القبة الحديدية، تأهّبا لأي رد من غزة ولبنان، كما أعلن وزير الحرب يوآف غالنت أن الجيش الاسرائيلي مستعد لأي سيناريو على جميع الجبهات.

التحقيقات مستمرة

في هذا الوقت، وفيما عقد مجلس الامن الفرعي في الشمال اجتماعا بحث خلاله التطورات، لم تكتمل بعد الصورة الكاملة لما جرى في القرنة السوداء، وقد زار فريق من المحققين بالامس المنطقة، واجرى معاينة ميدانية لمطابقتها مع المعلومات المستقاة من الشهود والموقوفين، الذين ارتفع عددهم عند الجيش الى 28 ، بعد ان جرى توقيف 6 في الجرود من قبل المغاوير امس، وتمت مصادرة اسلحة فردية معهم. ولا تزال التحقيقات مفتوحة حتى الساعة على كل الاحتمالات، دون حصرها بخلفية واحدة. وقد جددت المصادر الامنية والعسكرية التأكيد ان التحقيقات تتم بشفافية، وهي قد تعلن في غضون ايام فور اكتمال مجمل خيوط ما حصل، داعية الى وقف التحليلات والاستنتاجات غير الدقيقة وغير الموثقة باي دلائل وترك الامور لمجريات التحقيق.

قضائيا، استدعت قاضية التحقيق الاول في الشمال سمرندا نصار، التي تتولى التحقيق شخصياً في حادثة القرنة السوداء، المدير الطبي لمستشفى بشرّي الحكومي الدكتور ابراهيم مقدسي، للتحقيق معه اليوم على خلفيّة التصريح الذي أدلى به يوم الأحد عن كيفية اصابة القتيلين، والذي يُعتبر خرقاً لسرية التحقيق وقد يرقى الى مستوى تضليله؟

الراعي قلق

في اجواء من الحزن والحداد، شيعت بشري الشابين هيثم ومالك طوق وسط اقفال للمحلات التجارية والمؤسسات السياحية، في كنيسة السيدة في البلدة. وفي محاولة لتنفيس الاحتقان السائد، بدا لافتا اعلان رئيس بلدية بقاعصفرين ـ الضنية بلال زود الحداد عن روح الفقيدين في بلدة بقاعصفرين، وإغلاق المؤسسات الرسمية فيها، وتنكيس الأعلام على مبنى البلدية. ودعا البطريرك الماروني مار بشارة الراعي «لترسيم الحدود في منطقة القرنة السوداء وإنهاء الفتنة»، كما دعا «لكشف الفاعل أو الفاعلين في جريمة قتل هيثم ومالك طوق والاقتصاص منهم»، ولفت الراعي خلال ترؤس الجناز في كنيسة السيدة في بشرّي الى اننا «نؤمن بالدولة ونعرف حدودنا ونعرف القاتل وهذه ليست مجرد حادثة». واوضح ان «شباب بشري يعلنون دائما استعدادهم للحل، ونحن جميعا تحت سلطة القانون العادل». وشدد على أنّه «لو قام القضاء بعمله لما كنا وصلنا اليوم إلى مأساة القرنة السوداء»، مشيراً إلى أنّ «الخوف أن يستمرّ القضاء بتخاذله فيفلت المجرمون من يد العدالة وسيشرّع ذلك الأبواب لشريعة الغاب». وأضاف في العظة «نطالب بالعدالة في ترسيم الحدود وإنهاء هذه المسألة الشائكة وبقيام الدولة، ولطالما دافعنا عن أرضنا وقدّمنا الشهداء، ونحن من قاومنا كلّ محتلّ، ونريد دولة تبسط سلطتها بشكل كامل وشامل».

مواقف ومحاولات تهدئة

اما النائب وليم طوق فقد اكد في مراسم الدفن «ان بشري لم تتعوّد بتاريخها الغدر تماماَ، كما لم نتعوّد نحن أن نغدر أحداً، ودماؤهما باتت الخط الأحمر لرسم حدود أرضنا التاريخية». وقال «لمن لا يعرفنا بعد نحن لا نفرّط بدم شهدائنا، ولا نساوم على أرضنا وكرامة أهلنا، و«ما تغلطوا» لأن دعوتنا لضبط النفس لا تعني أبداً التساهل، وقرارنا واضح أننا لن نرضى بأقل من توقيف مَن غدر بشهدائنا وحرّض على هذه الجريمة». وكانت النائبة ستريدا جعجع قد اكدت التمسك بالسلم الأهلي والحرص على القانون، وقالت «يهمّنا معرفة الحقيقة وتسليم المجرمين بأسرع وقت». فيما صدر عن  «رابطة آل طوق» بيان طالبت فيه قيادة الجيش والقضاء المختص «بكشف ملابسات القضيّة بأقرب فرصة لمعرفة من قتل الشهيدين كي ينال جزاءه المستحق، لأنّه لا نصرة للمظلوم إلّا باحقاق الحق وصون العدالة»،  وحذّرت من أن «تقرع في الغد أجراس النفير»!

وأسف «إتحاد بلديات الضنية»، في بيان، «للحادث المشؤوم الذي حصل في منطقة القرنة السوداء، وتوجه بالتعزية الى أهالي بشري وأهل الضحايا. وقال «لن ندخل في تفاصيل هذا الحادث وما هو السبب ومن هو المسبب، لأننا نعتبر أن تدخل الجيش قد أنهى الموضوع، وأيا كان المسبب يجب أن ينال جزاءه وعقابه، وإننا نرفض بشدة أن يقول البعض إن هناك مشكلة بين أهل بشري والضنية، خصوصا أن الوضع لم يعد يحتمل هذا النوع من الكلام، ويجب معرفة الفاعل وإعلان الحقيقة للناس مهما كانت، كما نتمنى على كل السياسيين أن يسحبوا هذا الموضوع من البازار السياسي، لأن لبنان لم يعد يحتمل أكثر من ذلك».

  لودريان وتمرير الوقت؟!

رئاسيا، وفي ظل الانقطاع التام للتواصل الداخلي بين القوى السياسية «المتقاطعة» والفريق المؤيد لترشيح رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، علمت «الديار» ان مصدرا ديبلوماسيا فرنسيا اكد لمن راجعه، ان زيارة المبعوث الفرنسي الرئاسي جان ايف لودريان الى بيروت لا تزال في موعدها المقرر بعد منتصف الجاري، وقال انه لا تأثيرات مباشرة لاحداث الشغب في المدن الفرنسية على استمرار الاهتمام الفرنسي بالازمة اللبنانية. ووفقا لتلك الاوساط، يفترض ان يسلم لودريان تقريره نهاية الاسبوع الجاري الى الرئاسة الفرنسة والخارجية، لكن حتى الآن لم تتبلور لدى باريس اي صيغة نهائية لطبيعة الخطوة التالية، خصوصا ان حجم التعقيدات الداخلية لا يوازيه خارجيا اهتمام يمكن ان يفكك تلك العقد.

ولهذا من المرجح الا يحمل لودريان معه اي اقتراح جديد، وهو لن يسوق ايضا لمقترح صفقة «السلة» الذي لم يتخل عنه الفرنسيون بعد، وانما سيحمل معه استعدادا من قبل الرئاسة الفرنسية لرعاية حوار داخلي غير محدد في الشكل، ويترك للبنانيين الاتفاق على صيغته، اما المضمون فيختصر بملف الرئاسة والحكومة والاصلاحات، دون مقاربة اي تعديل للنظام السياسي الذي يحتاج الى طاولة دولية واقليمية مستديرة، ظروف انعقادها غير متاحة في الوقت الراهن.

ووفقا لمصادر سياسية مطلعة، فان صدقت تلك المعلومات، فان امد الفراغ سيتمدد الى «ما شاء الله»، وسيعود لودريان ويغادر مرارا وتكرارا دون تحقيق اي تقدم يذكر، لان اقناع القوى السياسية بالجلوس الى طاولة حوارية دونه عقبات كبيرة، وباريس لا تملك «العصا الغليظة» كي تجبر المعترضين على العدول عن رفض فكرة الحوار. ولهذا يمكن القول ان مبادرة لودريان ستتحول الى مجرد زيارات «تقطيع للوقت»، ريثما يحدث متغير دولي او اقليمي يقلب صورة المشهد «راسا على عقب»!

  تهويل اسرائيلي

ميدانيا، اعلنت قيادة الجيش الاسرائيلي استنفارها على الحدود الشمالية تحسبا لاي تطورات عسكرية، لكنها عمدت في المقابل الا تسمي العدوان على مخيم جنين بالعملية العسكرية وانما بالنشاط، لتجنب الضغوط السياسية الدولية، ونقل رسالة لغزة ولحزب الله على نحو خاص، بان العملية ليست موجهة ضدهم، ولانها لا تريد مواجهة تمتد إلى ساحات أخرى تحرص على ابقائهم خارج الصورة، بحسب صحيفة «يديعوت احرنوت»، لكن حدة التوتر والارباك ارتفعت جنوبا مع اصرار قوات الاحتلال على تضخيم مسألة «الخيمتين» في مزارع شبعا، وسط تهويل من قبل الجيش الاسرائيلي الذي يهدد بتحرك عسكري، يخشاه ويحاول تجنبه بتوصية سياسية خشية الانزلاق في «الوحول» اللبنانية.

ازالة خيمة؟

وفي هذا السياق، وفيما يلتزم حزب الله «الصمت» المطبق حيال ما يجري، اعلن مصدر عسكري اسرائيلي امس، ان الحزب ازال احدى الخيم جنوب الخط الازرق، وتوقع ان تتم ازالة الخيمة الاخرى قريبا. ووفقا لموقع «واللا» العبري، فان مقاتلين من الحزب تجمعوا في خيمة واحدة، ولفتت الى ان توقعات الجيش الاسرائيلي تشير الى تحريك مرتقب للخيمة الثانية، ولفت الى ان حزب الله لا يريد اي مواجهة.

توصية بعمل عسكري

وكانت «إسرائيل» حذرت في رسالة ديبلوماسيّة من خلال الأمم المتحدة، من أنّها ستستخدم القوة العسكرية لإخلاء الموقعيْن. وفي هذا السياق، أكّدت دراسة جديدة صادرة عن مركز أبحاث الامن القوميّ، التابِع لجامعة «تل أبيب»، ان حزب الله نجح في زيادة الوعي، ولفتت الى ان خطوة الحزب تعكِس زيادة جرأته وثقته بنفسه وقوّته واستفزازاته وتحرشاته، واستعداده لتحمّل المخاطر في مواجهة «إسرائيل»، بما في ذلك خوض حربٍ على الجبهة الشماليّة. وشدّدّت الدراسة، على أنّه يتحتّم على «اسرائيل» العمل بكلّ الطرق، بما في ذلك العسكريّة، بهدف إزالة الخيمتيْن، لافتةً إلى أنّه يجب أولاً استنفاد السبل الدبلوماسيّة من أجل حلّ هذا الإشكال، ولكن على صُنّاع القرار في تل أبيب أنْ يحددوا فترةً زمنيّةً لهذا النشاط الدبلوماسيّ، لافتةً إلى أنّه إذا لم تُجدِ المساعي الدبلوماسيّة، فعندئذ يجِب اللجوء إلى الخيار العسكريّ، وبكلّ القوّة التي تتمتّع بها «إسرائيل». وخلصت الدراسة الى أنّ ارتفاع الأعمال الاستفزازيّة من قبل حزب الله يدخل في إطار مساعيه لتحسين موقعه في ميزان الردع القائم منذ حرب لبنان الثانية في صيف العام 2006، واعترفت الدراسة بأنّ هذه الفترة هي الحقبة التي نشهد فيها تآكل قوّة الردع الإسرائيليّة مُقابل حزب الله، وهذا العامل خطر جدا من الناحية الاستراتيجيّة.

ترقب لاستراتيجية منصوري؟

في الملف النقدي والمالي، يسود الترقب على اكثر من مستوى في ظل الضبابية التي ستحكم تعامل نائب الحاكم الاول وسيم منصوري مع منصب الحاكمية، الذي سيؤول اليه بعد مغادرة رياض سلامة نهاية الجاري، خصوصا في ظل وجود شكوك حول كيفية تعامله مع المقاربات التي انتهجها الحاكم الحالي، خصوصا منظومة التعاميم الاستثنائية لتنظيم العمليات المصرفية والسحوبات من الودائع خصوصا مصير منصة صيرفة. وفي غياب اي توضيحات من الجهات المعنية، عززت عودة منصوري من زيارته إلى واشنطن فرص توليه المنصب. ووفقا للمعلومات، التقى هناك مسؤولين في وزارة الخزانة الأميركية ومكتب مكافحة تبييض الأموال وآخرين معنيين بملف القطاع المصرفي في لبنان، ويمكن الجزم انه نجح في تجاوز اي «فيتو» اميركي على توليه مهام الحاكم، بعد الاتفاق على التنسيق مع الجهات الأميركية المعنية في ما يتعلق بإدارة القطاع المصرفي والوضعين المالي والنقدي.

 

وفي هذا السياق، لم تنجح محاولات رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي في اقناع «الثنائي» بتوسيع صلاحيات الحكومة لتشمل التعيينات، بما فيها تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان، والمجلس العسكري. ولذلك ابلغ ميقاتي عددا من الوزراء انه سيدعو الى جلسة قريبا لمناقشة الموازنة العامة، دون ان يقارب ملف التعيينات او محاولة الحصول على صلاحيات استثنائية، ولهذا فان تسلّم منصوري مهام الحاكمية، بات تحصيلا حاصلا برأي اوساط مطلعة بعد حصوله على الضوء «الاخضر» الاميركي، لكن تبقى مسألة مقاربته للتعاميم الحالية محط انظار كل المعنيين بالشأن النقدي والمالي، لانها ستترك آثارا مباشرة على مجمل القطاعات.

معالجة الـ«عجقة» في المطار

في هذا الوقت، وفيما يشهد مطار بيروت الدولي زحمة وإقبالاً من السيّاح والمغتربين «بأعداد لم يشهدها منذ العام 2018» وفق ما أعلن وزير الأشغال العامة والنقل علي حمية، عُقد في المطار اجتماع «تقييمي» للخدمات فيه ترأسه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي. وفي هذا السياق، أوضح حميّة أنّ عدد المغادرين أمس الاول وصل «إلى نحو 17 ألف راكب، أما عدد الواصلين فيناهز أحياناً نحو 21 ألف راكب، وبتنا نتكلّم الآن عن نحو 36 ألف راكب كمعدّل وسطي في اليوم».

ولفت حميّة إلى أنّه تمّت دراسة الأمور «من محطة الوصول حيث اتخذ الأمن العام قرارا بفرز 12 عنصراً للإرشاد والتوجيه، قبل التدقيق في جوازات السفر من أجل أن تسير العملية بشكل منظّم توفيراً للوقت، ومن أجل التسريع بالتدقيق في جوازات السفر، وحتى لا تستغرق هذه العملية أكثر من ثلث إلى نصف ساعة». وفي ما يتعلّق بالجمارك، لفت إلى أنّه «تمّ التواصل من قبل رئيس الحكومة مع المدير العام للجمارك وهناك اتفاق على إيجاد مسربين لتخفيف الزحمة». وبالنسبة إلى التفتيش، أكد أنّ «هناك 7 أجهزة سكانر تعمل وسنقوم بصيانة الأجهزة الأخرى ليرتفع العدد إلى 9».

وعن تكييف المطار، قال حميّة: «اتخذنا إجراءات احترازية وتمّ تأمين مولّد إضافي لعمل المكيفات». وعن عدم تخصيص أموال إضافية للموظفين في المطار من أجل حسن سير العمل، قال حميّة إنّ «إيرادات المطار تناهز نحو 250 مليون دولار «كاش»، ولكن نحن إدارة عامة، وكلّ الإيرادات يتمّ تحويلها إلى الخزينة العامة وتنفق الأموال على سد عجز الموازنة، ورواتب القطاع العام والمتقاعدين والعسكريين والمدنيين والإدارة عامة، وجزء منها يذهب لكهرباء لبنان».

********************************************

افتتاحية صحيفة الشرق

تحقيقات القرنة السوداء مستمرّة.. والراعي يطلب العدالة والترسيم

عصر امس طوى فصل اول من فصول فتنة طائفية كادت تشتعل وتشعل معها لبنان. في كنيسة السيدة في بشري ومع جثماني هيثم ومالك طوق دفن رأس الفتنة، مدبّرة كانت ام من غير تدبير، وهو ما يُفترض ان تكشفه التحقيقات العسكرية الجارية ميدانيا على ارض الجريمة في القرنة السوداء. تحقيقات ما زالت نتائجها مفتوحة حتى الساعة على كل الاحتمالات، بدءا من الشخصي مرورا بالخلاف العقاري «المائي» المزمن والمناوشات المستمرة بين اهالي بشري والضنية  وصولا الى الطابور الخامس. الاجواء المحتدمة التي طبعت بلدة «عرين الموارنة» شمالا، بدأت بالانحسار تدريجياً بعدما نفست الاتصالات السياسية الاحتقان العارم وفورة الغضب الشعبي في اعقاب الحادثة، ويبقى انتظار نتائج التحقيقات التي تؤكد مصادر امنية  انها تتم بشفافية على ان تعلن في غضون ايام فور اكتمال مجمل عناصرها. فهل تعلن حقيقة ما جرى في «القرنة» ويطوى نهائيا فصل اسود اريد منه ربما تسخين الوضع لاستهداف رئاسي ما، ام تبقى الحقيقة مجموعة حقائق يغنيها كل على ليلاه؟

حداد عام

جريمة «القرنة السوداء» المزدوجة تربعت في الواجهة امس… فقد لفّت بلدةَ بشري اجواء من الحزن والحداد على مقتل الشابين هيثم ومالك طوق السبت الماضي، وشهدت اقفالاً عاماً للمحال التجارية والمؤسسات السياحية، قبيل الصلاة على راحة نفسيهما عند الخامسة عصر امس في كنيسة السيدة في البلدة. وفي محاولة لتنفيس الاحتقان السائد، بدا لافتا اعلان رئيس بلدية بقاعصفرين ـ الضنية بلال زود، في بيان «الحداد عن روح الفقيدين هيثم ومالك طوق من أبناء جيراننا في بشري، امس في بلدة بقاعصفرين، وإغلاق المؤسسات الرسمية فيها، وتنكيس الأعلام على مبنى البلدية».

رفض الفتنة

وقدّم نواب وشخصيات وفاعليات التعازي بالشهيدين، ومنهم النائب طوني فرنجية  الذي كتب عبر حسابه الخاص على «تويتر»: رهبة الموت لا يعلوها أي صوت وحكمة أهلنا في بشري في التعاطي مع مصابهم الأليم يجب ان تُلاقى بتحقيق جديّ شفاف وسريع جداّ يُحدد المسؤوليات ويظهر الفاعلين و يحقق العدالة. الرحمة لـ»هيثم» و»مالك» طوق والتعازي الحارة لذويهم و لأهلنا في بشري. وأكد النائب فيصل كرامي أن «لا قلق على الوحدة الدّاخلية والسلم الأهلي في ظل الوعي الذي يتحلى به الجميع الذين رفضوا  الفتنة، ولجأوا الى الأجهزة الأمنية والقضائية». وبالنسبة إلى إنضاج الفراغ الرئاسي من خلال افتعال قلق أمني، قال كرامي في حديث اذاعي «إذا كان هذا الامر صحيحاً فقد دفناه في مهده». ومن جهة أخرى، طالب الحكومة بـ»حل الخلافات العقارية في الجرود»، منتقداً سياسة التمييع، مضيفاً «لا يمكن المراهنة دائماً على وعي الشعب من دون تقديم الحلول وندعو إلى عدم استباق الأمور في انتظار التحقيقات»، رافضاً الربط بين حادثة القرنة السوداء والملفات الخلافية بين بشري والضنية.

تضليل التحقيق

في المتابعة القضائية للملف، افيد ان قاضية التحقيق الاول في الشمال، سمرندا نصار، التي تتولى التحقيق شخصياً في حادثة القرنة السوداء، استدعت المدير الطبي لمستشفى بشرّي الحكومي، الدكتور ابراهيم مقدسي، للتحقيق معه اليوم الثلاثاء على خلفيّة التصريح الذي أدلى به اول أمس الأحد عن إصابات القتيلين، والذي من شأنه تضليل التحقيق، والذي يُعتبر ايضاً خرقاً لسريته.

حوار شراء الوقت

على الصعيد السياسي، لا حركة بل جمود وترقب لعودة المبعوث الفرنسي جان ايف لودريان. في الاثناء، التموضعات على حالها. في السياق، قال عضو تكتل الجمهورية القوية النائب غياث يزبك، عن دعوات حزب الله الى الحوار: يستدرجوننا لحوار شراء الوقت، لاتهامنا بعد جلسات عدة من هذا الحوار، بالتعطيل وتجويع اللبنانيين والإصرار على مرشحنا ضد مرشحهم».

وضع المطار

في الغضون، وبينما يزدحم لبنان ومطاره بالسياح والوافدين لموسم الاصطياف، رأس ميقاتي اجتماعا في السرايا خصص للبحث في وضع مطار رفيق الحريري الدولي، شارك  فيه وزراء الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي، السياحة وليد نصار، الأشغال العامة والنقل علي حميه، المدير العام للامن العام بالانابة اللواء الياس البيسري، المدير العام للطيران المدني  فادي الحسن، ورئيس مجلس إدارة والمدير العام لشركة طيران الشرق الأوسط محمد الحوت. وصرح الوزير حمية بعد اللقاء «وصل عدد المغادرين أمس الى نحو 17 الف راكب، اما عدد الواصلين فيناهز احيانا نحو 21 الف راكب، وبتنا نتكلم الآن عن نحو 36 الف راكب كمعدل وسطي في اليوم». اضاف تمت بداية دراسة الأمور من محطة الوصول حيث اتخذ  قرار من قبل الأمن العام بفرز 12عنصرا للارشاد والتوجيه قبل التدقيق  بجوازات السفر من أجل أن تسير العملية بشكل منظم توفيرا للوقت ولأجل التسريع بالتدقيق في جوازات للسفر وحتى لا تستغرق هذه العملية أكثر من ثلث إلى نصف ساعة. ثانيا: سيقوم الأمن العام بصيانة المستلزمات التقنية والحواسيب في الكونتوارات لكي يقوم باستعمال كل كونتوارات الوصول والمغادرة. ثالثا: أما بالنسبة الى الأحزمة، فلا مشكلات تقريبا إنما  هناك مشاكل في عدد عربات نقل الحقائب وتم البحث في هذا الموضوع وستقوم شركة طيران الشرق الأوسط بالتواصل مع شركة «ميز» لزيادة عدد العربات (…) رابعا: أما بالنسبة إلى الجمارك فسيؤمن مسربان للوصول لتخفيف الضغط عن الجمارك وتم التواصل من قبل رئيس الحكومة مع المدير العام للجمارك وهناك اتفاق على ايجاد مسربين لتخفيف الزحمة. خامسا: بالنسبة إلى التفتيشات فهناك 7 أجهزة سكانر تعمل وسنقوم بصيانة الاجهزة الاخرى ليرتفع العدد إلى 9. أما  في ما يتعلق  بتكييف المطار  فقد اتخذنا اجراءات احترازية وتم تأمين مولد إضافي لعمل المكيفات».

 

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram