افتتاحية صحيفة البناء
بوتين يعلن نهاية التمرد ويخير فاغنر بين بيلاروسيا وعقود وزارة الدفاع… والأولوية للحرب جنين تدشن صواريخ قسام جديدة… والمقاومة تستولي على مسيّرة للاحتلال في جنوب لبنان ارتباك تقاطع أزعور تجاه الخطوة التالية: قبول بالحوار أم المخاطرة بالتوجّه إلى جلسة انتخابية
حسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التساؤلات حول الكلام عن تسوية غامضة تمّ بموجبها إنهاء تمرد رئيس شركة فاغنر يفغيني بريغوجين، فأعلن وصفه، دون أن يسمّيه، خائناً للوطن قاد انقلاباً لتخريب المجتمع وتحقيق أهداف النازيين في كييف، وتحدّث بثقة وقوة عن الإمساك بمقاليد الحكم وإدارة الأمن والسياسة، وترأس اجتماعاً لوزراء الدفاع والداخلية والمؤسسات الأمنية والقضائية، ودعا ضباط وعناصر مجموعة فاغنر الذين سجّل لهم تضحياتهم في الحرب وموقفهم برفض سفك الدماء، إلى الاختيار بين الذهاب إلى بيلاروسيا أو القبول بعقود مع وزارة الدفاع، معلناً مجدداً، الأولوية لتحقيق أهداف العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا، والأهداف التي وضعتها القيادة الروسية، بينما كان وزير الدفاع سيرغي شويغو يشرف نهاراً على خطط تنفيذية لتفعيل أداء الجبهات القتالية في أوكرانيا إيذاناً باستعادة التماسك العسكريّ في الجبهات، التي حملت الأنباء الواردة منها تدمير المزيد من دبابات ألمانية من طراز ليوبارد ومدرعات أميركية من طراز برادلي.
في المنطقة صعد إلى الواجهة مشهد الصفعات المتلاحقة التي توجهها قوى المقاومة لجيش الاحتلال وتظهر حجم ارتباكه وعجزه عن المبادرة، حيث تزامن الإعلان عن اختبار كتائب المقاومة في جنين لنسخة جديدة من صواريخ قسام استهدفت ما وصف بمستوطنات غلاف جنين، أسوة بمستوطنات غلاف غزة، إيذاناً بمرحلة جديدة في عمل المقاومة في جنين بعد ظهور العبوات الناسفة بوجه حركة الآليات كما ظهر في مواجهات جنين الأخيرة، مع إعلان المقاومة في لبنان عن الاستيلاء على طائرة مسيّرة لجيش الاحتلال كانت تحلّق وتقوم بأعمال تصوير في أجواء الجنوب فوق وادي الحنيه في قضاء صور، واعترف جيش الاحتلال بفقدان السيطرة على الطائرة المسيّرة، وكان لافتاً صمت القوى اللبنانية التي تتحدّث يومياً عن التزاماتها السيادية، عن هذا الانتهاك للسيادة الذي قام به جيش الاحتلال، والردّ الدفاعيّ عن السيادة الذي قامت به المقاومة.
في الملف الرئاسيّ، تركت مغادرة المبعوث الرئاسي الفرنسي وزير الخارجية السابق جان ايف لودريان، تداعيات وتفاعلات مع كلامه الواضح عن طبيعة مهمته المقبلة، عنوانها السعي لحوار جامع وفاعل، كما وصفه، يهدف للتوافق لإنهاء الشغور في المؤسسات الدستورية، في إشارة إلى أن الأمر أبعد من مجرد التوافق على رئيس للجمهورية وحده، وفيما كانت قوى 8 آذار التي باتت حلف ترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية، تؤكد مواقفها السابقة بالدعوة للحوار والتمسك به طريقاً وحيداً لإنهاء الشغور عن طريق التوافق، ظهر الارتباك في صفوف تقاطع ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور الذي يضمّ قوى 14 آذار والتيار الوطني الحر ونواب التغيير، بين من يدعو لحوار ويريد تبرير تغيير مواقفه بالترويج لوجود تبدّل في موقف حلف فرنجية، والقول إن هذا الحلف قبل مؤخراً بالحوار، ويتصدّر هذا الاتجاه التيار الوطني الحر، ويقابله تمسك بالدعوة لجلسة انتخابية تحت شعار عدم تعطيل النصاب وهو ما تعبّر عنه القوات اللبنانية وحلف ترشيح النائب ميشال معوّض معها، رغم مخاوف من عدم نيل أزعور في جلسة انتخابية مقبلة الأصوات نفسها التي نالها في الجلسة السابقة، وهنا يبرز موقف نواب التغيير الذين استعادوا انقساماتهم بين قابلين بالحوار ودعاة التصويت لغير أزعور ومنضوين مع القوات وحلف معوض.
لم يشهد الملف الرئاسي أي جديد بعد مغادرة المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان لبنان على أن يعود الشهر المقبل لاستكمال مشاوراته مع القوى السياسية، وحتى ذلك الحين سيدخل المشهد الرئاسي في حالة جمود حتى أيلول المقبل فيما يأخذ «المتحاربون» «استراحة محارب» خلال عطلة عيد الأضحىى التي تستمر إلى مساء الأحد المقبل.
وأشارت مصادر «البناء» إلى أهمية الجولة الأولى للموفد الفرنسي، حيث رمت الكرة في ملعب من يرفض التسوية من دون تقديم بدائل، على أن يعود لودريان الى لبنان لأخذ الأجوبة على الأسئلة التي وجهها للأطراف السياسية، وبعدها سيدعو ممثلين عنهم إلى حوار قد يكون في فرنسا أو في دولة عربية مثل السعودية أو قطر، ومن يرفض الحوار ستحمله فرنسا مسؤولية تعطيل الانتخابات الرئاسية وتفاقم الأزمة.
كما علمت «البناء» أن لودريان سيغادر الى السعودية للقاء المسؤولين عن الملف اللبناني في المملكة لاستكمال التشاور بين «خلية الأزمة» السعودية – الفرنسية على أن يناقش مع الإدارة الفرنسية حصيلة لقاءاته في لبنان والسعودية لكي يعود إلى بيروت مزوداً بالتوجيهات للمرحلة المقبلة.
وتشير مصادر مواكبة للحراك الفرنسي لـ»البناء» إلى أن جوهر المبادرة الفرنسية هو تسوية بين رئيس الجمهورية لفريق المقاومة ورئيس حكومة للفريق الآخر، والتفاهم رئيس حكومة وحكومة والوزارات الأساسيّة والتعيينات في المواقع العليا كحاكم مصرف لبنان وقائد الجيش ورئيس مجلس القضاء الأعلى وعلى خريطة إنقاذية في المرحلة المقبلة.
وإذ كشفت مصادر في الفريق الداعم للوزير السابق جهاد أزعور لـ»البناء» أن فريق «التقاطعات» سقط ولم يبق منه إلا القوات اللبنانية والكتائب بعد تراجع الحزب التقدمي الاشتراكي وقوى التغيير عن دعم أزعور، ويجري البحث بين نواب التغيير عن مرشح آخر.
وجدّدت مصادر في التيار الوطني الحر لـ»البناء» رفضها السير بفرنجية، مؤكدة الانفتاح على كافة الخيارات الأخرى والحوار مع كافة الأطراف وخصوصاً مع حزب الله، داعية الجميع لحوار على مرشح توافقي يحظى بتغطية مسيحية واسعة وبدعم أغلبية مجلس النواب ويملك رؤية إصلاحية وعلاقات خارجية.
وعلمت «البناء» في هذا الإطار أن الحوار المباشر مقطوع بين التيار والحزب، والحوار يجري عبر وسطاء ورسل ينقلون بعض الرسائل.
في المقابل، أشارت أوساط الثنائي حركة أمل وحزب الله لـ«البناء» الى أنه سيتجاوب مع أي دعوة للحوار من أي جهة أكانت داخلية أم خارجية، لكن يرفض الشروط المسبقة كالتنازل عن دعم ترشيح رئيس المردة سليمان فرنجية، موضحة أن شرطاً كهذا ينهي الحوار قبل أن يبدأ، مؤكدة أن الحوار يناقش كافة الخيارات ومن ضمنها خيار فرنجية الذي أثبتت الجلسة الأخيرة بأنه المرشح الأكثر جدية والأوفر حظاً ويمتلك كتلة نيابية صلبة وثابتة ومواصفات وطنية وعلاقات عربية ودولية لا سيما مع سورية تتطلبها المرحلة الحالية.
ونفت الأوساط أن يكون لودريان قد طلب من الثنائي التراجع عن خيار فرنجية والبحث بخيارات المرشح الثالث التوافقي، لافتة الى أن لودريان طلب خلال لقائه مع وفد الحزب تزويده بأفكار واقتراحات لاختراق الجمود في الملف الرئاسي، كما أكد أن مهمة انتخاب رئيس للجمهورية صعبة، لكنها ليست مستحيلة ويمكن حلها بالحوار الداخلي بمساعدة خارجية بالتوازي مع استمرار المساعي الفرنسية مع السعودية والولايات المتحدة الأميركية.
وفي سياق ذلك، غرّد نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم عبر حسابه على «تويتر»: «ثمانية أشهر من التمترس والمواجهة كافية لإثبات عدم جدوى هذا المسار لانتخاب الرئيس. ولم يعد من سبيل إلَّا الحوار للتفاهم والتوافق، والقواسم المشتركة مع تغليب المصلحة الوطنية ليست معدومة وهي أفضل من التقاطع الموقت المسدود الأفق».
بدوره قال عضو المجلس المركزي في «حزب الله» الشيخ نبيل قاووق خلال احتفال تأبيني في بلدة كفررمان: «ننصحكم بألا تضيعوا الوقت على اسم جديد ولا تجربوا المجرب لأن الحل والطريق الأقرب والأضمن هو الحوار. حزب الله أكد ولا يزال يؤكد دعوته إلى الحوار غير المشروط وإلى التوافق ليس من موقع الضعيف، إنما من موقع الحرص لأن هذا البلد لا يتحمل تصفية حسابات سياسية أو شخصية ولا يتحمل تعميق الانقسامات الداخلية؟». ختم: «حزب الله أكد للموفد الفرنسي تمسكه بشكل واضح وصريح بدعم ترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية وأن الوصفة المثالية لحل الأزمة ليست إلا بالحوار والتوافق».
من جهته، رأى المكتب السياسي لحركة «أمل» أن «عمليات إطلاق النار السياسي الذي يستهدف المبادرات الدولية والمناخات الإقليمية والدعوات الداخلية للحوار الوطني، لإنجاز عملية انتخاب رئيس للجمهورية، يكون قادراً على جبه التحديات التي تهدد لبنان كياناً ووجوداً، لن توظف إلا في مشروع إسقاط الدولة وتفكيكها. وعليه نرى أنه مهما أبدع المعترضون في سياسات التسويف وهدر الوقت، ليس أمام اللبنانيين إلا خيار الحوار والتوافق».
أما الحزب الاشتراكي فلفت عضو اللقاء الديمقراطي النائب وائل أبو فاعور إلى «أننا وصلنا بعد جلسة الأربعاء الرئاسية إلى خلاصة مفادها أن التفاهم على الرئيس هو الحل الوحيد». واستكمل «لبنان يعيش اليوم حالة انعدام وزن في الملف الرئاسي في ظل انعدام المبادرات الداخلية، والمرحلة تتطلب سكينة وطنية للوصول إلى بر الأمان، وهي مرحلة حقوق الأفراد وليس المجموعات». وأردف «لم نساهم بإقرار أو اعتماد الثلث المعطّل، وإنّما فُرض علينا فرضاً، وقانون الانتخاب الحالي دمّر محاولات إحياء الحياة الوطنية».
الى ذلك، ردّ النائب ميشال المرّ على بيان رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع بشأن زيارة وزير المهجرين عصام شرف الدين دمشق، مشيراً الى أنه «لفتني في هذا الموقف أمران: أولاً، اعتراف بضرورة عودة النازحين بعدما كان أكثر من مسؤول في القوات يرفض الأمر على مدى سنوات! وثانياً، عدم الاعتراض على التواصل مع الحكومة السورية بعدما كان يُخوّن من قبلهم كل من يطرح التنسيق لحل المشاكل التي ترهق لبنان لما فيه مصلحة وطننا».
على صعيد آخر، أعلنت وزارة المالية انها ستحول غداً (اليوم) صباحاً معاشات المتقاعدين مدنيين وعسكرين إلى مصرف لبنان الذي أبلغ وزير المالية أنه سيحوّلها بدوره الى المصارف في اليوم نفسه.
كما أعلنت أنها ستحوّل اليوم رواتب القوى العسكرية الى المصرف المركزي التي تمّ تسلمها، وفور تسلم ما تبقى منها من الجهات المختصة فيها.
وأشار الوزير السابق سليم جريصاتي، في بيان الى أن «تقرير Alvarez & Marsal نتيجة التدقيق المحاسبي الجنائي في حسابات مصرف لبنان كان يفترض أن يصدر ويبلغ من وزير المال في 27 أيلول 2022، الا انه صدر أخيراً ووصل الى يد الوزير المعني، على ما أفادنا به، بعد تأخير ناهز التسعة أشهر تقريباً وبعد ان تقاضت مؤسسة التدقيق مبلغاً وقدره د.أ /2,500,000/ (مليونان وخمسمئة الف دولار أميركي)»، كاشفاً أن «هذا التقرير لا يزال حبيس الأدراج في مكتب وزير المال، على الرغم من المراجعات المتكررة والمملة بشأنه، ولا نعرف من اطلع عليه من المسؤولين ومن حجب عنه».
في غضون ذلك، وبعد المواجهات الأخيرة في مزارع شبعا بين الأهالي وقوات الاحتلال الاسرائيلي أسقط حزب الله مسيّرة إسرائيلية اخترقت الأجواء اللبنانية في وادي العزية قرب زبقين الجنوبية.
أما جيش الاحتلال فأقرّ بأن «مسيرة إسرائيلية تابعة لنا في الأراضي اللبنانية أثناء قيامها بنشاط روتيني ولا خوف من تسرّب معلومات».
ولاحقاً أوضح الإعلام الحربي لـ»حزب الله»، أن «المقاومة الإسلامية أسقطت عند الساعة 12 من ظهر اليوم (أمس) الاثنين، بالأسلحة المناسبة، طائرة مسيّرة إسرائيلية في وادي العزية قرب بلدة زبقين جنوب لبنان»، وكشف الإعلام الحربي، أن «الطائرة المسيّرة خرقت الأجواء اللبنانية من جهة مستعمرة زرعيت شمال فلسطين المحتلة، وحلقت على علوّ متوسط بمدى يصل إلى حوالي 7 كلم داخل الأجواء اللبنانية قبل أن يسقطها المجاهدون».
ولفت الى أن «الصور تُظهِر كيف حاول العدو الإسرائيلي استعادة السيطرة على الطائرة المسيّرة بعد إصابتها من دون أن ينجح بذلك. مواصفات الطائرة المسيّرة: النوع: R – Copter 1000 الطول: 170 سم. العرض: 200 سم. مزوّدة بكاميرتين عاليتي الجودة».
وأشار خبراء في الشؤون العسكرية والأمنية لـ»البناء» الى أهمية هذا الإنجاز الأمني لكونه سيضيق الى حد كبير حرية الحركة الجوية الإسرائيلية فوق لبنان لا سيما المسيرات»، لافتة الى أن «جيش الاحتلال يرسل المسيرات الى لبنان كبديل عن إرسال الطائرات الحربية خشية أن تسقطها المقاومة بعد التهديدات التي أطلقها السيد حسن نصرالله منذ أشهر قليلة».
ولفت الخبراء إلى أن «المسيّرة التي سقطت لا يعني أنها كانت تمهّد لعملية عسكرية أو أمنية، بل مهمتها ضمن عمليات التجسس الروتينية ومسح أهداف للمقاومة في الجنوب لا سيما على طول المنطقة الحدودية في ظل حالة الرعب الذي يعيشها جيش الاحتلال والمستوطنون خصوصاً بعد المناورة التي نفذتها المقاومة في جبل الريحان الشهر الماضي».
********************************************
افتتاحية صحيفة الأخبار:
شكوك حول مصير 92% من الدعم دُفعت لـ NGOS | فرنسا: أين ذهبت مساعداتنا للبنان؟
شكّك ديوان المحاسبة الفرنسي في طريقة إنفاق 214 مليون يورو من المساعدات الفرنسية للبنان بين عامَي 2019 و2021، لافتاً إلى أن الغالبية العظمى من هذه المساعدات صبّت لدى المنظمات غير الحكومية التي تقرّر بعد انفجار المرفأ أن تُعتمد بديلاً من المؤسسات الحكومية، بحجّة أن الفساد ينخرها، ليتّضح أن الـ NGOs ليست أقل فساداً. وأشار الديوان في تقرير أصدره أخيراً إلى أن إنفاق المساعدات التي وصلت عبر منظمات مدنية فرنسية، كان من دون توثيق، وإلى أن التقرير هو مسح أوّلي "يجب أن يكون بدايةً لعمليةٍ شاملة في مراقبة المبالغ المالية الحكومية الواردة إلى لبنان" الذي تسلّم بين 2019 و2021 مساعدات مادية وعينيّة بقيمة 3,7 مليارات دولار، تصدّرتها ألمانيا بنسبة 26% من الإنفاق، تليها الولايات المتحدة بـ 20.4%، فمنظمات الاتحاد الأوروبي بـ 11.9%. وشكّك قاضي الغرفة الرابعة، معدّ التقرير، في "طريقة الإنفاق المالي في لبنان تحديداً"، وتخوّف من فساد في توزيع المساعدات التي "تصل إلى فئة معيّنة من المستفيدين من دون الأخرى".
وعلى مستوى عمل الأجهزة الفرنسية، أشار التقرير إلى "غياب الإجراءات الرسمية المعتمدة عن تجميع البيانات الخاصة بتوزيع المساعدات"، كما شكّك في "فعالية الرقابة المالية على مستوى كلّ الأجهزة والوكالات الفرنسية العاملة في لبنان"، واصفاً الرقابة بـ"غير المضمونة". وسعت الغرفة الرابعة إلى "رسم خريطة التدفقات المالية إلى لبنان، وتعداد المشغلين، ووصف تدخل كلّ منهم".
ومنذ عام 2020، تضاعفت المبالغ الفرنسية المخصصة للبنان 2.7 مرّة، أنفقت على عدد من القطاعات اللبنانية، أبرزها التعليم والتدريب بنسبة 45%، و25% على الصحة، و10% على الزراعة، و10% أخرى لإعادة إعمار المنطقة المحيطة بمرفأ بيروت، وصولاً إلى دعم المجتمع المدني الذي نالت جمعياته 21.4 مليون يورو خلال سنتين (10%). كما أن جهات حكومية أمنية فرنسية أنفقت أموالاً في لبنان، خلال الفترة نفسها، إلا أنّ التقرير لم يأتِ على تفاصيلها، مثل "مديرية الدفاع والتعاون الأمني، والسفارة الفرنسية". ووصف التقرير الجهة الأخيرة بأنّها "صاحبة مساهمات متنوعة كونها على اتصال يومي بالسكّان".
القطاعات الفرنسية التي تصدّت في عملية الدعم، تصدّرتها الوكالة الفرنسية للتنمية التي وزعت خلال عامين 111 مليون يورو، 90% منها تبرعات تجاهر الوكالة بأنّها "لم تمرّ عبر القنوات الحكومية"، ودفعت 92% منها للمنظمات غير الحكومية، وتوجهت بشكل رئيسي لـ"دعم المجتمعات المضيفة للاجئين السوريين". وتلتها وكالة التعليم الفرنسية في الخارج التي أنفقت 33.56 مليون يورو، علماً أنّ هذه الوكالة تدير في لبنان شبكة من 63 مؤسّسة تعليمية معتمدة فرنسياً، يتعلّم فيها أكثر من 60 ألف تلميذ، وتزيد أقساطها بشكل سنوي. وشارك مركز الأزمات والدعم في وزارة الخارجية في إنفاق 14.56 مليون يورو بشكل مباشر، و17.7 مليون يورو على شكل تبرعات عينيّة. وموّلت المديرية العامة للخزينة الفرنسية بـ 7.3 ملايين يورو مشاريع في لبنان، من دون تحديد طبيعتها. ودفعت الجهة نفسها 2.1 مليون يورو في مشاريع البنك الدولي في لبنان. وشاركت الدولة الفرنسية أيضاً بمبلغ 32.5 مليون يورو دفع للمنظمات الدولية والفرنكوفونية، عبر وزارة الخارجية التي بدورها "قامت بتوجيه هذه المساعدات عبر قنوات معيّنة".
وربط التقرير بين زيارات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للبنان وزيادة المساعدات الفرنسية، إذ ارتفع مركز فرنسا بين الجهات المانحة للدولة اللبنانية من المرتبة السادسة، خلال الأعوام 2010 - 2019، إلى المرتبة الرابعة، بمبلغ كلّي وصل إلى 292 مليون دولار. وقطع ديوان المحاسبة الفرنسي أيّ أمل في إعادة إطلاق تعهدات مؤتمر سيدر 2018، بسبب عدم التزام لبنان بالإصلاحات التي طلبت منه وقتها. ووصف النظام المصرفي اللبناني بـ"المعطّل، والسائر في الطريق المسدود"، مشيراً إلى "تضاعف نسبة الفقر في المجتمع اللبناني من 42% عام 2019، إلى 82% عام 2021".
المحسوبيات اللبنانية حضرت أيضاً بين سطور التقرير، فاستنتج الكاتب أنّ "من المنطقي هيمنة النهج السياسي على توزيع المساعدات، فلبنان مسألة حسّاسة". وأوصى المدير العام للخزينة الفرنسية بـ"إنشاء نظام مراقبة شامل للمساعدة التي تقدّمها الدولة للبنان". فالمحكمة لم تتمكّن من "التحقّق من امتثال النفقات للقواعد، والأهداف المحدّدة لها، وفعاليتها على الأرض". كما أكّدت الغرفة المسؤولة عن التقرير في ديوان المحاسبة الفرنسي "وجود نقص في الإدارة المالية الشاملة، إذ واجهت صعوبة في جمع البيانات، وجعلها موثوقة". وطالبت بـ"الحصول على الأدوات اللازمة لإحصاء المساعدات الفرنسية، وتحسين توجيهها نحو احتياجات السكان الحقيقية".
مساعدات لمنظمات فرنسية يدفعها اللبنانيون
تحت شعار مساعدة الشعب اللبناني، تساعد الدولة الفرنسية منظماتها غير الحكومية إمّا عبر القروض التي سيسدّدها الشعب اللبناني عنها، أو عبر تبرعات سخيّة ناهزت الـ 120 مليون يورو خلال سنتين فقط. هذه المنظمات تمثل الذراع الطويلة لتنفيذ سياسات الدولة المستعمرة، إذ تصلها 72% من تقديمات الدولة الفرنسية، فيما 90% من المنظمات المستفيدة من فرنسا في لبنان هي إما فرنسية، أو دولية، وأقل من 6% منها لبنانية.
رغم ذلك، "لم يتخلّف لبنان عن سداد ديونه للدولة الفرنسية، وواصل الدفع للوكالة الفرنسيّة للتنمية حتى عام 2022 مع أنّه ابتداءً من 7 آذار 2020 دخل في حالة تخلّف عن بقية الديون"، بحسب التقرير الذي يصف هذا القرار اللبناني بـ"الانتقائي". إلا أنّ فرنسا لم تقابل ذلك بالحسنى، إذ توقفت عن توجيه القروض والمساعدات للجهات الحكومية اللبنانية، واتخذت توجهاً بالتعامل مع المنظمات غير الحكومية فقط، و"حصلت هذه الأخيرة على 90% من مساعدات الوكالة البالغة 111 مليون يورو، أي 99.95 مليون يورو، بين 2020 و2022 من صندوق مينكا المخصص للتخفيف من أثر الأزمة السورية". ولم يستفد الجمهور اللبناني من مشاريع الوكالة التي اقتصر دعمها على معالجة تداعيات الأزمة السوريّة، والمجتمعات اللبنانية المضيفة للنازحين. وتشير الوكالة الفرنسية للتنمية، في أكثر من مقطع في التقرير، إلى "استحالة منح القروض للدولة اللبنانية"، من دون الإشارة إلى أنّ السبب في ذلك يعود إلى ضعف الدولة، مثلاً، وهي "تعيد هذا التوجّه إلى سياسة حكومية فرنسية عامة".
الأمر نفسه ينطبق على تدخل مركز الطوارئ والدعم الفرنسي الذي أنفق 14 مليون يورو خلال 3 سنوات. إلا أن هذه التقديمات لم تصل إلى المجتمع المستهدف عبر الدولة، أو حتى منظمات أهلية محليّة، بل عبر منظمات غير حكومية فرنسية بنسبة تتجاوز 65%، فحصلت هذه المنظمات على أكثر من 9.5 ملايين يورو لإقامة مشاريع لدعم الشعب اللبناني. اللافت أن التقرير الخاص بمركز الطوارئ والدعم يصف الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي كـ"منظمات غير حكومية (!) تحصل على الدعم الحكومي الفرنسي لتنفيذ المشاريع في لبنان"، و"قد نفذ الجيش 10 مشاريع، وقوى الأمن الداخلي 4"، من دون تحديد طبيعتها.
في المقابل، لا تخصّص فرنسا دعماً للمنظّمات غير الحكومية المحلّية، إذ تشير الأرقام إلى اعتماد الوكالة الفرنسية للتنمية في لبنان على منظمات فرنسية بنسبة 57%، و35% دولية، فيما تحصل المنظمات اللبنانية على 6% من الدعم فقط. وبالتالي، تموّل فرنسا مشاريعها في لبنان بأسلوبين، الأول عبر التعاقد مع منظمة غير حكومية، على الأغلب فرنسية، لتنفيذ المشروع بتمويل على شكل قروض، أو ببساطة تقوم وكالة التنمية بإدارة التنفيذ بنفسها.
في المقابل، تشير الوكالة إلى "نجاحات باهرة يحققها المجتمع المدني"، من دون تحديدها أيضاً، رغم أنّها تذكر أنّ مساعداتها، في القطاع الصحي مثلاً، تذهب مباشرةً إلى ثلاثة مستشفيات حكومية، بيروت الجامعي بشكل أساسي، وبدرجة أقل لمستشفيَي الكرنتينا وطرابلس الحكوميين. أمّا المساعدات للقطاع التعليمي من الوكالة، فهي على شكل وجبات طعام توزّع في المدارس.
أذرع الفرنسيين من مناهج التعليم إلى الحدود الشرقية
لم تترك فرنسا مجالاً في لبنان إلا وتدخلت فيه تحت ستار "مساعدة الشعب اللبناني للخروج من أزمته". حتى الجيش وقوى الأمن، ومهامّهما الأمنية الداخلية، كلُّ ذلك لم يسلم من التدخلات. تجاهر الدولة المستعمرة في تقرير ديوان المحاسبة فيها برغبة مديرية التعاون الأمني والدفاعي، في وزارة الخارجية الفرنسية، إحدى أذرع التدخل الخارجي، بـ"فك ارتباط القوى المسلّحة بشكل تدريجي بمهامها الأمنية الداخلية"، ما يشير إلى رسمها لمهام أخرى مطلوب من الجيش والقوى الأمنية تنفيذها غير تلك المحدّدة التي تحددها الحكومة اللبنانية، منها الانتشار على الحدود على الشرقية، وكأنّ السلطات الفرنسية قرّرت استغلال الأزمة الاقتصادية والاجتماعية للجلوس مكان السلطات التشريعية والتنفيذية في البلاد.
هذا التدخل يغلّف بقفازات "المنظمات غير الحكومية"، المعنيّة بتنفيذ السّياسات الفرنسية في لبنان على كلّ المستويات، الاجتماعية والاقتصادية والتعليميّة وحتى القانونية. فالإدارة الفرنسية تشارك، من دون توضيح الآلية، في كتابة وتعديل قوانين لبنانية، ولا سيّما تلك الخاصة بعمليات البيع والشّراء في الدولة، فتوجه بذلك الاستيراد ليكون من جهة فرنسا بشكل أولي. كما لم يبقَ قطاع الأمن السّيبراني بعيداً عن التدخلات الفرنسية، وهو القطاع الأهم في عالم اليوم، فيرسل لأجله الفرنسيون خبراء لتدريب اللبنانيين على برامج معيّنة خاصة بهم، وبالتالي خلق أبواب خلفية في هذه البرامج للتسلل منها في أيّ وقت نحو "داتا اللبنانيين".
أذرع التدخل الفرنسي كثيرة ومتشابكة، منها ما يتقاطع في وزارة الخارجية، ومنها ما هو "خارج أيّ رقابة" باعتراف التقرير، مثل مديرية الدفاع والأمن. تبدأ التدخلات مع وكالة التنمية الفرنسية AFD، التي تدير مشاريع في شتى مجالات الحياة الاجتماعية والصحية، وحتى القانونية والاقتصادية. من جهتها، تمعن وكالة التعليم الفرنسي في الخارج AEFE بالتدخل، إنّما بصورة أكثر وضوحاً هذه المرّة، فهذه الجهة قادرة على التدخل في المناهج التعليمية لأكثر من 61 ألف تلميذ في لبنان. وهناك مركز الكوارث والدعم، الذي يتدخل تلقائياً في الدول المصابة بالمشكلات، سواء الطبيعية أو الاقتصادية، ولبنان أحد ميادين عمله.
هذا من جهة المراكز المستقلة التابعة للدولة الفرنسية، لكن هناك مديريات في الوزارات تشارك في التدخل، أو التوجيه على الأراضي اللبنانية، مثل المديرية العامة للعولمة، مديرية الخزينة، مديرية التعاون الأمني والدفاعي، ووزارة الثقافة الفرنسية والأجهزة التابعة لها. ويشير التقرير إلى مشاركة الدولة الفرنسية في صناعة سياسات المنظمات الدولية العاملة في لبنان، مثل اليونيسف والبنك الدولي، عبر تقديم الدعم المادي المطلوب لها.
عين باريس على الفرنكوفونيّة والمرفأ
لا يقف التدخل الفرنسي عند حدّ، إذ تذهب مديرية الخزينة أبعد من غيرها، وتشير إلى تدخّلها الصريح في "إعادة تشكيل القوانين اللبنانية، ولا سيّما المتعلقة بالجمارك وإدارة المالية العامة". ويذكر التقرير أنّ أهداف هذه المديرية "بناء المؤسّسات"، وبالتالي، فهي تشارك في كتابة مقترحات القوانين الخاصة بـ"إدارة الموانئ، قانون الشراء العام وتعزيز الشفافية في الموازنة العامة". ولتنفيذ ذلك، أنفقت المديرية المذكورة مليونَي يورو، من دون تحديد أبواب الإنفاق. ويظهر التقرير تدخلاً في عمل الجمارك عبر إنفاق نحو مليونَي يورو على "شراء ماسح ضوئي، وتزويد الجمارك ببرنامج خاص، وتدريب العناصر عليه بمساعدة خبير تقني". وظهر الخبراء التقنيون الفرنسيون مرة أخرى داخل الجمارك، على شكل "خبير في إعادة تنظيم مركز تكنولوجيا المعلومات، وخبير في المكننة والرقمنة"، ما يطرح أسئلة كبيرة حول "الأمان، وسيادة لبنان على معلوماته الخاصة بمرافئه البحرية والبرية والجوية".
على المستوى التعليمي، استغلّت فرنسا الأزمة الاقتصادية، واستفادت من حاجة المدارس غير الناطقة باللغة الفرنسية إلى الدعم كي تدخل عليها من هذا الباب، فرُبط الحصول على المساعدات بإدخال برامج تعليم اللغة الفرنسية. وفي هذا الإطار، يذكر التقرير "المساعدة المقدّمة لأول مرة لصندوق اليونيسيف الهادف إلى تعليم اللغة الفرنسية للمحرومين منها، والذي يتوجّه بشكل خاص إلى المدارس الرسمية".
هنا تدخلت السّفارة الفرنسية مباشرة مرّة أخرى، مع المدارس الرسمية ووضعت "علامة مركز امتياز لتعليم اللغة الفرنسية" لكلّ مدرسة تدخل اللغة الفرنسية على برامجها. كما تمّ توزيع "منح مشروطة بقيمة 50 ألف يورو، كحدّ أقصى، للمدارس المتعثرة"، بحسب توصيف التقرير، والذي لم يذكر عددها، وإنّما أكّد ربطها بالقبول ببرنامج تدريب خاص بالكوادر التعليمية والإدارية في المدرسة. ويشير التقرير أيضاً إلى "استفادة مؤسستَين جامعيتَين من برامج المنح، إذ حصلت جامعة القديس يوسف على 500 ألف يورو عام 2022، والمدرسة العليا للأعمال في بيروت على 300 ألف يورو".
يصف التقرير المدارس اللبنانية الـ 63 التابعة لوكالة التعليم الفرنسي في الخارج بـ"المهد التاريخي". وتستقبل هذه المدارس اليوم 61380 طالباً، وحصلت منذ بداية جائحة كوفيد-19 على مساعدات تقدّر بـ 33.56 مليون يورو، وزعت تحت إشراف السفارة الفرنسية. وتضمّنت المساعدات تقديم معونات مادية غير مباشرة لعائلات لبنانية، عبر دعم الأقساط المدرسية للأولاد، وتدريب الكوادر التعليمية.
*************************************
افتتاحية صحيفة النهار
“الحزب” يستقطع الانتظار بشن مناورات “حوارية”
بدا المشهد السياسي الداخلي قبيل أيام قليلة من طي الشهر الثامن من ازمة الشغور الرئاسي كأنه غرق مجددا في مستنقع الجمود والركود والشلل السياسي والمؤسساتي بالكامل بما كشف معه الواقع الحقيقي الذي تمثل في ان الزيارة الاولى للموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان للبنان لم تكن اكثر من محرك شكلي للازمة التي سرعان ما استعادت الانسداد والانتظار والترقب بعد هذه الزيارة. وكشفت معطيات متوافرة لـ”النهار” ان فترة الانتظار لعودة لودريان الى لبنان في الفصل الثاني من مهمته ستمتد الى ما بين منتصف تموز المقبل والعشرين منه من دون أوهام لدى جهات عديدة في ان تحمل الجولة الثانية معطيات اكثر تفاؤلا نظرا الى ان الموفد الفرنسي لمس بدقة التعقيدات الضخمة التي ستواجهها بلاده في طرح أي مبادرة جديدة نظرا الى عوامل كثيرة من ابرزها فقدان فرنسا نفسها لمقومات الاضطلاع بوساطة فاعلة ومؤثرة بما لا يبقي هامشا واسعا امام حظوظ نجاح مهمة لودريان. ومن المتوقع ان يلتقي لودريان في الأيام القليلة المقبلة في باريس المرشح الرئاسي جهاد ازعور بناء على اتفاق سابق.
ووسط تنامي الشكوك في إمكانات تحقيق أي اختراق في الازمة على يد الموفد الفرنسي، توقفت أوساط معنية برصد تطورات المواقف الداخلية والخارجية من الازمة الرئاسية بما بات يمكن وصفه حملة مركزة متصاعدة ومنهجية يتولاها “#حزب الله” على نحو يومي لافت تصاعد بقوة غداة مغادرة لودريان لبنان تحت عنوان الدعوات المركزة الى “الحوار والتفاهم”، وفي الوقت نفسه التشدد في رفض أي تراجع عن ترشيح رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية، وقالت ان هذه الحملة التي يتولى ترجمتها في شكل خاص رئيس “كتلة الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد الذي اجتمع بلودريان في قصر الصنوبر، ونائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، تكشف الى حد بعيد معالم المناورة الجديدة – القديمة التي يقوم بها الحزب بهدف محاصرة خصومه . ذلك ان هذه الأوساط نفسها تلفت الى ان الحزب لا ينفك ينادي بالحوار فيما هو اسقط كل المحاولات الجدية التي جرت لفتح قنوات الحوار معه ، وكان من ابرز المحاولات التي باءت بالاخفاق تباعا على يد الحزب، مبادرة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط للتفاهم معه، ومن ثم ايفاد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي مطرانين التقيا السيد حسن نصرالله ، وكذلك لقاءات اجراها المرشح جهاد ازعور نفسه مع مسؤولين في الحزب. وتلفت الأوساط الى انه يبدو واضحا ان الحزب، بحملته التي تشبه رمي القنابل الدخانية انما يستهدف ملء الوقت المستقطع حتى عودة لودريان وايهام الرأي العام بانه يسير على سكة المبادرة الفرنسية لتحريك حوار ما وان خصومه هم من يرفضون الحل، في حين ان الحزب لا يأخذ في الاعتبار ان أي فريق لا يعتد بدعواته للحوار ما دام يرفض أي مقاربة حيال مرشحه ويطمح الى إعادة تدجين اطراف بالقبول بفرنجية ولا سيما منهم “التيار الوطني الحر” لا اكثر ولا اقل .
طبعة متجددة
أخر الطبعات “المحدثة” في دعوات الحزب الى “التفاهم” جاءت امس على لسان النائب رعد الذي قال خلال احتفال تأبيني في بلدة عين بوسوار: “اليوم ليس لدينا مشكلة اسمها الاستحقاق الرئاسي الذي يعني خلافا على شخص رئيس الجمهورية بل المشكلة في من لا يريد رئيسا تطمئن المقاومة الى أنه لن يطعنها في ظهرها، وأي شخص يريد”. اضاف: “من يأبى ان يحاورنا لنصل الى رئيس نتفاهم عليه، يقول لا نحاوركم حتى تسحبوا مرشحكم، لماذا نسحب مرشحنا؟ تعالوا نتحاور فإما تقنعوننا بأنه لا يصلح لهذه المرحلة وإما نقنعكم بضرورته في هذه المرحلة. نحن لا نفرض احدا عليكم فترشيح سليمان فرنجية ووصوله الى الرئاسة يمر بصندوق الاقتراع في مجلس النواب. انتم تستطيعون انتخاب الرئيس الذي تريدونه، ونحن نقول لكم تعالوا الى التفاهم ولنأت بالرئيس الذي نتفاهم عليه. بكل بساطة نقول انهم هم المسؤولون عن اطالة امد الشغور الرئاسي، فنحن نقول تعالوا لنتفاهم على رئيس، إذا كنتم تحتاجون الى ما يطمئنكم من سليمان فرنجية فنحن حاضرون، وإذا رفضتم كل ذلك ويمكنكم المجيء بالرئيس الذي تريدونه فاتوا به”.
كما ان الشيخ نعيم قاسم غرد عبر حسابه على “تويتر”: “ثمانية أشهر من التمترس والمواجهة كافية لإثبات عدم جدوى هذا المسار لانتخاب الرئيس. ولم يعد من سبيل إلَّا الحوار للتفاهم والتوافق، والقواسم المشتركة مع تغليب المصلحة الوطنية ليست معدومة وهي أفضل من التقاطع الموقت المسدود الأفق”.
مواقف
في المقابل، لفت عضو “اللقاء الديمقراطي” النائب #وائل أبو فاعور إلى “أننا وصلنا بعد جلسة الأربعاء الرئاسية إلى خلاصة مفادها أن التفاهم على الرئيس هو الحل الوحيد”. واضاف “لبنان يعيش اليوم حالة انعدام وزن في الملف الرئاسي في ظل انعدام المبادرات الداخلية، والمرحلة تتطلب سكينة وطنية للوصول إلى بر الأمان، وهي مرحلة حقوق الأفراد وليس المجموعات”. وأردف “لم نساهم بإقرار أو اعتماد الثلث المعطّل، وإنّما فُرض علينا فرضاً، وقانون الانتخاب الحالي دمّر محاولات إحياء الحياة الوطنية”.
وفي غضون ذلك حض مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ #عبد اللطيف دريان “الأطياف السياسية المعنية بالانتخاب على التعاون والتآلف ونشر روح التسامح والمحبة، ونبذ الفرقة”، مؤكدا ان “لا وطن دون انتخاب رئيس للجمهورية المؤتمن على مصالحه، واستمرار الشغور الرئاسي هو عدم الاستقرار وتجاوز لكل المفاهيم التي نص عليها اتفاق الطائف”. وقال من مكة في بيان عايد فيه اللبنانيين بعيد الأضحى “علينا جميعا رفع الصوت عاليا لنقول لأصحاب القرار في انتخاب رئيس الجمهورية ارحموا لبنان واللبنانيين واتفقوا على الانتخاب والتزام الدستور واتفاق الطائف، وسنقف سدا مانعا أمام الالتفاف حول نصوص الطائف لأن ما يجمعنا كلبنانيين هو الوحدة الوطنية والعيش الواحد واحترام الدستور”. واكد ان “اللبنانيين ضاقوا ذرعاً بالمحاولات المتكررة لعدم انتخاب رئيس عتيد للجمهورية، فانتخاب رئيس مسؤولية وطنية لا ينبغي التهاون بها مهما كان الخلاف السياسي”.
يشار في السياق الداخلي الى ان انتقال رئاسة الحزب التقدمي الاشتراكي الى النائب تيمور جنبلاط واكبها تسخين واسع في الاتصالات بينه وبين قيادات حزبية وسياسية بعد طول ركود او انحسار ولو انها جرت تحت عنوان التهاني . وفي هذا السياق غرد رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، عبر حسابه على “تويتر”قائلا: “من كمال جنبلاط الى وليد وتيمور تبقى المختارة حجر الزاوية لعروبة لبنان. أصدق التمنيات للصديق ابن الصديق تيمور”.
وهنأ رئيس حزب “القوات اللبنانية” #سمير جعجع في اتّصالٍ هاتفيٍّ النائب جنبلاط متمنياً له “التوفيق في مهمّته الجديدة الى جانب النيابة ورئاسة التكتُّل، آملاً تعزيز التعاون بين حزبي القوات والتقدمي الاشتراكي”.
اسقاط مسيرة
بعيدا من الأجواء السياسية اعلن الإعلام الحربي لـ”حزب الله”، امس إسقاط مسيّرة للجيش الإسرائيلي اخترقت الأجواء اللبنانية قرب بلدة زبقين جنوب شرق مدينة صور.
وأعلن الحزب في بيان تفاصيل العملية، مشيرا الى “إن المقاومة الإسلامية أسقطت عند الساعة ١٢من ظهر امس الاثنين، بالأسلحة المناسبة، طائرة مسيّرة إسرائيلية في وادي العزية قرب بلدة زبقين جنوب لبنان” .ولفت إلى أن “الطائرة المسيّرة خرقت الأجواء اللبنانية من جهة مستعمرة زرعيت شمال فلسطين المحتلة، وحلقت على علو متوسط بمدى يصل إلى حوالي7 كلم داخل الأجواء اللبنانية قبل أن يسقطها المجاهدون، وتُظهِر الصور كيف حاول العدو الإسرائيلي إستعادة السيطرة على الطائرة المسيّرة بعد إصابتها دون أن ينجح بذلك”.
من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي سقوط “مسيّرة تابعة لنا في الأراضي اللبنانية أثناء قيامها بنشاط روتيني”، ولفت الى ان ” لا خوف من تسرب معلومات”.
***************************************
افتتاحية صحيفة نداء الوطن
5 أسباب تجعل “الحزب” مأزوماً رئاسياً
90 في المئة من المسيحيين ضد “حزب الله”… وفرنجية
منذ غادر الموفد الرئاسي الفرنسي جان – إيف لودريان لبنان السبت الماضي، إنهمك “حزب الله” بالدعوة الى حوار داخلي حول الاستحقاق الرئاسي، فبدا وكأنه وضع الرهان على المسعى الفرنسي الجديد جانباً. هل هناك معطيات تجعل دعوة “الحزب” المتجددة الى الحوار مجدية هذه المرة، بعد تجارب فاشلة على مدى عقود؟
قبل المضي في البحث عن أسباب “الحزب” الحوارية، توافرت لـ”نداء الوطن” معطيات عن خمسة أسباب تجعل الحزب مأزوماً رئاسياً، دفعته للدعوة الى “الحوار” حالياً. كما قد تأخذه الى دعوات وممارسات تعكس عمق الأزمة التي تتخطى موضوع الانتخابات الرئاسية الى واقع “الحزب” ومستقبله وسط تغييرات في لبنان وخارجه.
نورد الأسباب الخمسة، على النحو الآتي:
فرنسياً، كان “الحزب” مطمئناً الى استمرار الفرنسيين في مبادرتهم التي تقوم على المقايضة (سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية مقابل نواف سلام رئيساً للحكومة)، لكن هذا الاطمئنان تلاشى في الزيارة الاستطلاعية الاولى للودريان، ليتبيّن أنّ الجانب الفرنسي بدأ يغيّر مقاربته للملف الرئاسي في لبنان. وأتى هذا التطور في وساطة باريس نتيجة عزلتها على مستوى اللجنة الخماسية التي تضمها الى واشنطن والرياض والقاهرة والدوحة. فالدول الأربع لم تتبنّ المبادرة الفرنسية ما جعلها مكشوفة خارجياً، كما هي الحال في لبنان حيث كانت المبادرة مكشوفة داخلياً بسبب وقوف غالبية اللبنانيين ضدها.
سعودياً، ظنّ “الحزب” أنّ التقارب الايراني – السعودي الذي انطلق من اتفاق بكين في آذار الماضي سيحقق لـ”الحزب” مراده رئاسياً، لكن رياح العلاقات بين الرياض وطهران لم تجرِ كما تشتهي سفن الضاحية الجنوبية. وهذا ما أكده الرئيس نبيه بري بقوله إنّ الملف الرئاسي ليس أولوية عند السعوديين. وتلاه موقف ولي العهد الامير محمد بن سلمان، كما ورد في صحيفة “لوموند” الفرنسية خلال زيارته الاخيرة لفرنسا، ليثبت أنّ لبنان فعلاً ليس اولوية الرياض حالياً.
وأكثر من ذلك، إكتشف “حزب الله” في الجلسة الـ12 التي انعقدت في 14 حزيران الحالي لانتخاب رئيس للجمهورية، أنّ 10 نواب سنّة صوتوا لمصلحة مرشح تقاطع المعارضة جهاد ازعور، ما جعله يعتقد أنّ تأثيراً سعودياً ما أدى الى هذا التأييد السني الوازن لمرشح المعارضة.
داخلياً، فوجئ “الحزب” بنتائج استطلاع للرأي في المناطق المسيحية، أظهر له أنّ 90 في المئة من المسيحيين يقفون ضده في الموضوع الرئاسي ومحاولته فرض فرنجية رئيساً للجمهورية، متجاهلاً الاجماع المسيحي تقريباً الذي يرفض خيار “الحزب”. وتبيّن له أنّ ما تبقى من المسيحيين ونسبتهم عشرة في المئة، لا يعوّل على حيثيتهم الداخلية. فهؤلاء ينتمون الى مجموعات تؤيد “الحزب” بسبب مصالح ومنافع، كما هي حال تيار”المردة” الذي ينتمي اليه فرنجية. والى جانب “المردة”، هناك شبكة مصالح سمحت لـ”الحزب” بان يفوز بولاءات عدة، ولا سيما على المستوى المسيحي.
قائد الجيش ، سعى “حزب الله” ولا يزال الى عقد تفاهمات مع العماد جوزاف عون، لكنه فوجئ بأنّ الجنرال لم يظهر “تهافتاً” على السير قدماً بما يطرحه عليه “الحزب”، بل فهم وسطاء أنّ عون إذا اراد محاورة “الحزب” فسيفعل الأمر نفسه مع سائر الفرقاء، وبالتالي سقطت محاولات استدراج قائد الجيش الى “صفقة” بعيداً عن الأضواء، وسط إصرار الأخير على أن يكون كل شيء واضحاً منذ البداية.
شيعياً، هناك نقاش داخل “الحزب” عن جدوى اعتماد نهج لم يؤدِ الى أي نتيجة رئاسياً، فكان السؤال:”لماذا حشرنا حالنا في هذا المأزق؟” وللخروج منه يدور البحث داخل “الحزب” في تركيبة النظام اللبناني، والحصة التي يمكن أن تحصل عليها الطائفة الشيعية، مع التأكيد أنّ التغيير في النظام يجب أن يكون “الحزب” مرجعيته دون سواه. وتجرى محاولات كي تصبح مرجعية “الحزب” في تغيير النظام أمراً معلناً ليصبح جميع المعنيين بهذا الملف على بيّنة. ويستهدف هذا التفكير حركة “أمل” تحديداً، علماً أنّ أوساط “الحزب” تعتبر ان ترشيح الرئيس بري لفرنجية، قبل ان يتخذ الامين العام حسن نصرالله موقفاً من هذا الترشيح، كان “متسرعاً”. وضمن هذا التفكير هناك توجه في “الحزب” للعمل سريعاً على أخذ زمام المبادرة في البحث بتغيير النظام من دون انتظار إنتهاء ولاية الرئيس بري التي ما زالت في بداية عامها الثاني من أصل 4 سنوات. وينظر أصحاب هذا التوجه الى أنّ التغيير إذا ما حدث فهو متشعب ويشمل، الى جانب انتخاب رئيس للجمهورية، تعديلات دستورية وتعيينات وتشكيل حكومة وتوزيع حقائب وغيرها.
ومهما كانت ازمة “حزب الله” الرئاسية، يبقى الاستحقاق في قلب الأحداث. وتأكد أمس، ما ذكرته “نداء الوطن” الاسبوع الماضي عن لقاء سيجمع لودريان بمرشح تقاطع المعارضة جهاد أزعور في باريس في الأيام القليلة المقبلة. وكان أزعور في أثناء وجود لودريان في بيروت، تلقى اتصالاً من السفيرة الفرنسية آن غريو لترتيب اللقاء مع المبعوث الرئاسي.
**************************************
افتتاحية صحيفة الجمهورية
جمود رئاسي في الوقت الضائع… تساؤلات تسبق لودريان: سيؤسّس لخرق أم لمراوحة؟
دخلَ المشهد الرئاسي الى مربّع الجمود الكامل، في انتظار الزيارة المقبلة للموفد الفرنسي جان ايف لودريان، الذي قال انه سيعمل خلالها على تسهيل حوار بنّاء وجامع بين اللبنانيين، من أجل التوصّل إلى حلّ يكون في الوقت نفسه توافقيًّا وفعّالًا، للخروج من الفراغ المؤسّساتي والقيام بالإصلاحات الضروريّة لنهوض لبنان بشكل مُستدام، وذلك بالتشاور مع الدول الشريكة الأساسيّة للبنان».
ما لم يَطرأ ما يعطّل زيارة لودريان الثانية أو يؤجلها، فإنّها مرجّحة خلال النّصف الأول من شهر تموز المقبل، واذا كان الهدف منها السّعي الى اطلاق حوار بين اللبنانيين، ممهّداً لذلك بتحذير من «ان الوقت لا يعمل لصالح لبنان»، فإنّ زيارته الأخيرة كانت أشبَه بحوار غير مباشر، قادَهُ بين مختلف الأطراف المعنية بالملف الرئاسي، أصغى فيه للجميع وأجندته طفحت بالملاحظات التي دوّنها، والتي ظهّرت عمق الإنقسام والخلاف فيما بين تلك الاطراف ليس على الملف الرّئاسي فقط، بل مفترقة حتى على أبسط البديهيات والأساسيات.
قال لودريان كلمته، إنّه بالحوار فقط يمكن بناء مساحة رئاسية مشتركة، ومشى موجّهاً الى اللبنانيين رسالة تحذيرية بأنّ الوقت لا يعمل لصالح لبنان، لعلهم يتبصّرون فيها، ولكن ربما فات الموفد الفرنسي ان الوقت ليس وحده الذي لا يعمل لصالح لبنان، بل ان مكونات الصراع الرئاسي فعلت فعلها وزَنَّرَت مسارات الانفراج الرئاسي برهانات وكمائن واحقاد ومختلف الاسباب التعطيلية.
حوار على ماذا؟
على ان السؤال الذي يفرض نفسه في هذا المجال، هل سينجح لودريان في جلب اطراف الانقسام السياسي والرئاسي الى طاولة الحوار؟ وعلى اي اساس سيقوم هذا الحوار؟
لا خلاف على أنّ الحوار، وطرح الأمور الخلافيّة على طاولة البحث والنقاش الموضوعي والعقلاني، يشكّلان المعبر الالزامي لفكفكة ايّ عقد مهما كانت صعبة وشائكة، وتقريب وجهات النظر وفتح الأبواب على حلول مشتركة. إلّا أنّ هذا الحوار لا يبدو أنّه لغة مقبولة حتى الآن في واقعٍ لبناني منقسم على ذاته، ومأسور بعداوات متبادلة بين مكوناته السياسية، أطاحت بسلسلة الدعوات المتتالية التي اطلقها رئيس مجلس النواب نبيه بري منذ ما قبل الشغور في رئاسة الجمهورية، الى الحوار على المستوى الوطني للتوافق على رئيس للجمهورية، وآخرها الدعوة التي أطلقها بعد جلسة الفشل الثاني عشر في انتخاب رئيس للجمهورية. كما اكدت في الوقت نفسه صعوبة الحوار على المستوى المسيحي، واستحالة الوصول الى قاسم مشترك بين اطراف كلّ منها يعتبر نفسه صاحب الأمر والقرار والكلمة العليا في الملف الرئاسي.
مصادر مواكبة للمسعى الفرنسي اكدت لـ«الجمهورية» أنّ لودريان بإعلانه انه عازم على إطلاق حوار بين اللبنانيين، وضع نفسه أمام مهمّة محفوفة بصعوبات كبرى، لا بل بفشل مسبق إن كان الحوار الذي يسعى اليه منطلقا فقط من كونه محاولة لإجلاس اللبنانيين على طاولة الحوار، لعلهم ينجحون من خلالها في تخطي انقساماتهم ويتفقون على مخرج للمأزق الرئاسي. وهو امر دونه مستحيلات مع تناقضات سياسية تسلك مسارات مختلفة مصادمة لبعضها البعض. ولو قُيِّضَ لمثل هذا الحوار ان ينعقد، فإنّ لودريان سيسمع بالجملة داخل غرفة الحوار، ما سمعه من اعتراضات واتهامات وتباينات بالمفرّق خارجها خلال لقاءاته واتصالاته التي أجراها في زيارته الاخيرة والنتيجة الأكيدة لهذا الحوار هي الفشل واستمرار الدوران في الحلقة المفرغة.
ولفتت المصادر الى ان التجربة مع التناقضات اللبنانية تؤكد بما لا يقبل ادنى شك أن لغة التمني والدعوات البيانية من بعيد الى حوار بين التوجهات اللبنانية حول الملف الرئاسي وكل ما يتصل به، لا تسري في هشيم السياسة اللبنانية المعقدة. وبالتالي، لكي يكون هذا الحوار مُستجابا له بلا تردد، ومجديا ومحطة لكسر الانسداد الرئاسي، ينبغي أن يأتي في إطار ملزم يحدّد شكل الحوار، ومستواه، وزمانه ومكانه، وجدول أعماله، أي خريطة عمل تتمتّع أوّلاً بقوة الجذب، والجلب والدفع بالجميع إلى طاولة الحوار من دون شروط مسبقة، وتتمتع ثانياً بقدرة إلزام الجميع على فتح ممرات آمنة للملف الرئاسي تُفضي الى ايجابيات تنهي المأزق الرئاسي.
وردا على سؤال عما اذا كان مثل هذا الحوار ممكنا، قالت المصادر: فلنعترف اولاً انّ باب الحوار الداخلي مقفل، واطراف الداخل جميعها منقسمة على هذا الحوار، وبمعنى أدق كل طرف يريد حوارا يحقق له مشيئته وما يريده، وفي هذا الجو لا يمكن لأي حوار لبناني أن ينتج ولو انتظرنا مئة سنة. وثانياً، اللبنانيون في محطاتهم الاساسية احترفوا مسألة وحيدة هي حرق المراحل والفرص، ولا يذهبون الى الحلول طواعية بل بالاكراه، او بعدما تقع الواقعة ويسقط الهيكل، والامثلة عديدة منذ الطائف وصولاً الى الدوحة. وتبعاً لذلك، فإنّ الحوار المجدي والملزم بنتائجه امر ممكن جدا اذا ما كان إنفاذا لقرار دولي جدي جامع بين الدول الكبرى المؤثرة بلبنان بحسم الملف اللبناني. تتشارك فيه الولايات المتحدة الاميركية وفرنسا ومعهما السعودية وسائر الدول المعنية بهذا الملف.
إنتظارنا سيطول!
واذا كانت بعض المستويات السياسية قد قاربت ما قاله لودريان حول ان خطوته المقبلة ستتم بالشراكة مع الدول الشريكة الاساس للبنان. بكونها ممهدة للقرار الدولي او بندا تنفيذيا له، إلا ان ما هو متوفر من معطيات ومعلومات موثوق بها لدى المطلعين على الاجواء الدولية المرتبطة بلبنان يؤكد عكس ذلك، وبحسب ما أكد هؤلاء لـ«الجمهورية»: انّ اي قرار دولي بِحَسم الملف اللبناني واخراج لبنان من مأزقه لم يُتخَذ بعد، ولا تؤجد اي مؤشرات توحي بذلك، ذلك انّ اولويات الدول واهتماماتها بعيدة عن النطاق اللبناني مسافات زمنية. وعليه، فإن واقع لبنان سيبقى ضمن المراوحة السلبية في التناقضات والتوترات السياسية والتصعيد الى امد بعيد، وتِبعاً لذلك فإن انتظارنا لمساعدة خارجية جدية سيطول لأشهر وربما لسنة او اكثر».
رئيس بعد النووي!
رغم هذا الإنسداد، فإنّ مرجعاً مسؤولا كشف لـ«الجمهورية» عما سمّاهما عاملين قد تكون لهما تأثيرات ايجابية على الملف الرئاسي، الاول هو الجهد الفرنسي الرامي الى احداث اختراق في الجدار الرئاسي، والموفد الفرنسي لودريان عَكسَ وجود ارادة دولية وتحديدا من الدول الخمس المعنية بالملف اللبناني، لتحقيق هذا الخرق، وان زيارته المقبلة الى لبنان ستتضمن خطوات دافعة في هذا الاتجاه من دون ان يحدد ماهيتها، الا انه كان واثقا من انها ستؤسس الى انفراج. وما علينا في هذا السياق سوى ان ننتظر.
أمّا العامل الثاني، فيشير المرجع عينه الى التطورات الدولية المتسارعة، وخصوصا على خط الاتفاق النووي الايراني، حيث ان ثمة مؤشرات جدية توحي بإمكان بلوغ اتفاق حول هذا الامر، وان ادارة الرئيس الاميركي جو بايدن تشدّ في هذا الاتجاه على باب الانتخابات الرئاسية الاميركية. ومن شأن ذلك ان تنسحب ايجابياته على اكثر من ساحة في المنطقة، ولبنان لن يكون خارجها، واهم ثماره تسهيل انتخاب رئيس للجمهورية».
دريان لانتخاب رئيس
الى ذلك، ولمناسبة عيد الاضحى، دعا مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان الأطياف السياسية المعنية بالانتخاب الى التعاون والتآلف ونشر روح التسامح والمحبة، ونبذ الفرقة». واكد ان «لا وطن من دون انتخاب رئيس للجمهورية المؤتمَن على مصالحه، واستمرار الشغور الرئاسي هو عدم الاستقرار وتجاوز لكل المفاهيم التي نص عليها اتفاق الطائف».
وقال: «علينا جميعاً رفع الصوت عاليا لنقول لأصحاب القرار في انتخاب رئيس الجمهورية ارحموا لبنان واللبنانيين واتفقوا على الانتخاب والتزام الدستور واتفاق الطائف، وسنقف سدا مانعا أمام الالتفاف حول نصوص الطائف لأن ما يجمعنا كلبنانيين هو الوحدة الوطنية والعيش الواحد واحترام الدستور». واكد ان «اللبنانيين ضاقوا ذرعاً بالمحاولات المتكررة لعدم انتخاب رئيس عتيد للجمهورية، فانتخاب رئيس مسؤولية وطنية لا ينبغي التهاون بها مهما كان الخلاف السياسي».
وأعربَ المفتي دريان عن «تقديره للمملكة العربية السعودية والدول الصديقة على ما تقوم به في لبنان من مساعدة للحفاظ على استقراره وسلامته ووحدته بخاصة في الظروف الصعبة التي يمر بها».
قاسم: الحوار
الى ذلك، قال نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم عبر حسابه على «تويتر»: «ثمانية أشهر من التمترس والمواجهة كافية لإثبات عدم جدوى هذا المسار لانتخاب الرئيس. ولم يعد من سبيل إلَّا الحوار للتفاهم والتوافق، والقواسم المشتركة مع تغليب المصلحة الوطنية ليست معدومة وهي أفضل من التقاطع الموقت المسدود الأفق».
جعجع: عودة النازحين
على صعيد آخر، قال رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، في بيان: على أثر ما سُرِّبَ عن ايجابية أجواء زيارة وزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال عصام شرف الدين إلى دمشق، والذي تبلّغ من وزير الداخليّة السوري استعداد الجانب السوري تلبية ما يطلبه اللبنانيّون في شأن عودة النازحين السوريين إلى بلدهم، أضحى لزاماً على حكومة تصريف الأعمال وضع روزنامة عمليّة واضحة حول عودة كل النازحين السوريين إلى ديارهم قبل نهاية هذا العام».
واعتبر جعجع «أنّ أيّ تأخير من قبل هذه الحكومة في هذا الخصوص، لن يكون مبرَّرًا وبالتالي سيُعتَبَرُ تواطؤاً لجهة محاولة توطين اللاجئين السوريين في لبنان». ودعا الى وجوب تحمّل القوى التي تتشكّل منها الحكومة الحالية ولا سيما «حزب الله» وحركة «أمل» و«التيار الوطني الحر» مسؤوليّاتها ووضع خطة جليّة لعودة هؤلاء النازحين بأسرع وقت ممكن».
المر يعلّق
وعلّق النائب ميشال المر على موقف جعجع، فقال: «لفتني في هذا الموقف أمران: أولاً، اعتراف بضرورة عودة النازحين بعدما كان اكثر من مسؤول في «القوات» يرفض الأمر على مدى سنوات! وثانياً، عدم الاعتراض على التواصل مع الحكومة السورية بعدما كان يُخوّن من قبلهم كل من يطرح التنسيق لحل المشاكل التي تُرهِق لبنان لما فيه مصلحة وطننا»!
إسقاط مسيّرة
من جهة ثانية، برز في الساعات الماضية تطور امني لافت في الجنوب، تمثل في اسقاط مسيّرة اسرائيلية كانت تجوب في الاجواء اللبنانية.
وتبنى «حزب الله» اسقاط المسيّرة، وقال في بيان لـ«المقاومة الاسلامية» انه تَمّ اليوم الاثنين (أمس) وبالاسلحة المناسبة، إسقاط المسيرة الاسرائيلية في وادي العزية قرب بلدة زبقين جنوب لبنان».
ولفت البيان الى ان الطائرة خرقت الاجواء اللبنانية من جهة مستعمرة زرعيت شمال فلسطين المحتلة، وحلّقت على علو متوسط بمدى بصل الى حوالى 7 كيلومترات داخل الاجواء اللبنانية، قبل ان يسقطها المجاهدون. وقد حاول العدو الاسرائيلي استعادة السيطرة على الطائرة المسيرة بعد اصابتها من دون ان ينجح في ذلك. والطائرة من نوع «R-Copter 1000» طولها 170 سنتيمتر وعرضها 200 سنتيمتر مزوّدة بكاميرتين ذات جودة عالية».
وقد اكتفى الناطق باسم الجيش الاسرائيلي بالاعلان عن «انّ مسيرة تابعة لنا سقطت في الأراضي اللبنانية أثناء قيامها بنشاط روتيني ولا خوف من تسرب معلومات».
***************************************
افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط
وزير المهجَّرين اللبناني متفائل بعودة النازحين السوريين
تحدث إلى «الشرق الأوسط» بعد مناقشته الملف في دمشق
كارولين عاكوم
يُبدي وزير المهجَّرين اللبناني عصام شرف الدين، تفاؤله بإمكانية البدء بالخطوات العملية لعودة النازحين السوريين من لبنان إلى بلادهم، وذلك بعد الزيارة التي قام بها لدمشق يومي السبت والأحد، بتكليف من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي.
ومع تأكيد شرف الدين أن زيارته سوريا كانت إيجابية، من المتوقع أن تُطرح قضية عودة النازحين على طاولة الحكومة الأسبوع المقبل، بعد عودة رئيسها من أداء فريضة الحج والاطلاع من شرف الدين على تفاصيل الزيارة ونتائجها.
زيارة إيجابية
ويصف شرف الدين في تصريح لـ«الشرق الأوسط» زيارته دمشق بـ«الإيجابية والموفقة»، مشيراً إلى أن «الخطوة التالية ستكون عبر تواصل وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بوحبيب، مع الدولة السورية لتشكيل وفد لبناني وزيارة دمشق لاستكمال بحث هذه القضية»، آملاً أن «تسير الأمور بشكل جيد».
ويتحدث وزير المهجَّرين، المحسوب على رئيس الحزب «الديمقراطي اللبناني» طلال أرسلان، عن ثقةٍ بين الطرفين وجهوزيةٍ للبدء باستقبال أعداد كبيرة من النازحين، بحيث قد تصل في المرحلة الأولى إلى 180 ألفاً إذا اعتُمدت منهجية جديدة وفق مبدأ الإعادة الآمنة. وقال: «نتوجه نحن إلى مخيمات النازحين ونتواصل معهم بشكل مباشر لإطلاعهم على الأوضاع والأجواء الحقيقية في ظل حملة التضليل التي يقوم بها الغرب ومحاولة وضع المزيد من العراقيل لعدم عودتهم».
لجنة ثلاثية
ويلفت شرف الدين إلى أنه «جرى بحث تشكيل لجنة ثلاثية بين لبنان وسوريا ومفوضية شؤون اللاجئين، ما من شأنه أن يساعد في إيجاد حلول كثيرة، على أن تنبثق من هذه اللجنة لجان فرعية في قرى العودة تقوم بمتابعة أوضاع النازحين أمنياً واقتصادياً واجتماعياً».
وفي موازاة ذلك، يشير شرف الدين إلى بحث مستمر مع مفوضية شؤون اللاجئين في إمكانية تقديم المساعدات للاجئين داخل سوريا بدل أن تقدَّم لهم في لبنان، لا سيما أن هناك توجهاً دولياً نحو دعم سوريا وتحريك عودة النازحين بشكل جدي.
من هنا يؤكد أن «القرار السياسي في لبنان اتُّخذ لعودة النازحين، ويبقى لقاء الوفد الرسمي مع الجهات الرسمية في سوريا، حيث يفترض أن يليه وضع بروتوكول بين البلدين وآلية لعودتهم».
«القرار السياسي في لبنان اتُّخذ لعودة النازحين… ويبقى لقاء الوفد الرسمي مع الجهات الرسمية في سوريا»
وزير المهجَّرين اللبناني عصام شرف الدين:
المساجين السوريين
وأشار شرف الدين إلى أن البحث في دمشق تطرق أيضاً إلى موضوع المساجين السوريين الذين يرغبون في استكمال محاكمتهم في بلدهم، وهو الأمر الذي سيتولاه وزيرا الداخلية بسام مولوي، والعدل هنري الخوري، وذلك بعدما كانت الحكومة قد وضعت خطّة لترحيل السجناء السوريين إلى بلدهم، عبر تكليف وزير العدل هنري الخوري، بحث «إمكانية تسليمهم لبلدهم مع مراعاة القوانين والاتفاقيات ذات الصلة وبعد التنسيق بهذا الخصوص مع الدولة السورية».
مع العلم أن تنفيذ هذا الأمر لن يكون سهلاً، لا سيما أن القانون اللبناني يمنع ترحيل أي شخص أجنبي ارتكب جريمة على الأراضي اللبنانية إلّا بعد انتهاء محاكمته، وانقضاء مدة العقوبة المحكوم بها، إلّا إذا شكّل هذا الأمر خطراً على حياة الشخص وجعله عُرضة للاعتقال والتصفية الجسدية.
ويمكث في السجون اللبنانية 1800 سوري ممن ارتكبوا جرائم جنائية، 82 في المائة منهم لم تُستكمل محاكماتهم ولم تصدر أحكام بحقهم حتى الآن، و18 في المائة منهم صدرت أحكام بحقهم ويُمضون مدة عقوبتهم.
وكان شرف الدين قد التقى في دمشق وزير الإدارة المحلية والبيئة المهندس حسين مخلوف، المكلّف ملف النازحين السوريين، ووزير الداخلية اللواء محمد الرحمون، حيث كان قد بحث هذا الملف تحضيراً للزيارة الرسمية المرتقبة للوفد الوزاري إلى سوريا.
وأكد شرف الدين أنّ الزيارة تأتي استكمالاً للزيارات السابقة وللتطورات الحاصلة، مشدداً على أن «التواصل مع الدولة السورية واجب وضروري للوصول إلى تحقيق خرق جدّي وسريع في هذا الملف، انطلاقاً من الخطّة التي وضعناها وقدمناها لمجلس الوزراء، والتي نعمل على تحديثها وتعديلها بغية تسهيل العودة الآمنة والكريمة للنازحين».
جعجع: روزنامة عملية
وبانتظار الخطوات العملية، دعا رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، الحكومة اللبنانية إلى وضع روزنامة لعودة كل النازحين إلى سوريا قبل نهاية العام.
وقال في بيان له: «على أثر ما سُرِّبَ عن إيجابية أجواء زيارة وزير المهجَّرين إلى دمشق، والذي تبلّغ من وزير الداخليّة السوري استعداد الجانب السوري لتلبية ما يطلبه اللبنانيّون بشأن عودة النازحين السوريين إلى بلدهم، أضحى لزاماً على حكومة تصريف الأعمال ووضع روزنامة عمليّة واضحة حول عودة كل النازحين السوريين إلى ديارهم قبل نهاية هذا العام».
وشدد على أن «أيّ تأخير من هذه الحكومة في هذا الخصوص، لن يكون مبرَّراً وبالتالي سيُعد تواطؤاً لجهة محاولة توطين اللاجئين السوريين في لبنان»، داعياً «إلى وجوب تحمّل القوى التي تتشكّل منها الحكومة الحالية ولا سيما حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر مسؤوليّاتها ووضع خطة جليّة لعودة هؤلاء النازحين بأسرع وقت ممكن».
كانت الحكومة اللبنانية قد اتخذت قراراً ببدء العمل جدياً ورسمياً على إعادة اللاجئين إلى بلدهم رغم اعتراض مفوضية شؤون اللاجئين والمجتمع الدولي على هذه العودة، معتبرين أن الأوضاع الأمنية لا تزال غير آمنة، في وقت بدأ فيه التضييق على إقامة السوريين في لبنان لا سيما على من يقيمون بطريقة غير شرعية، فيما سُجّلت إعادة قسرية لعدد منهم.
وأعلنت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أنها سجلت إعادة قسرية لما لا يقل عن 874 لاجئاً سورياً في لبنان، وذلك منذ مطلع أبريل (نيسان) حتى يونيو (حزيران) 2023، بينهم 86 سيدة و104 أطفال، مشيرةً إلى أن معظمهم قامت مفرزة الأمن العسكري التابعة لقوات النظام السوري باعتقالهم في منطقة المصنع الحدودية، وحمّلت بذلك الحكومة اللبنانية المسؤولية القانونية لما يتعرض له المعادون قسراً من تعذيب وقتل وإخفاء قسري وغير ذلك من الانتهاكات على يد النظام السوري، إلى جانب مسؤوليته المباشرة عن هذه الانتهاكات.
***********************************
افتتاحية صحيفة اللواء
البلاد تدخل إجازة العيد: أفراح يتيمة ودعوات فارغة قبل عودة لودريان
المالية تستدرك خطيئة الرواتب.. وبوادر اشتباك وزاري حول ارتفاع أسعار الخدمات
يضع اللبنانيون بدءاً من اليوم، وحتى مطلع الاسبوع المقبل في 3 تموز هموم الرئاسة والتعاسة والكياسة جانباً، ويتفرغون لتمضية أيام عيد الأضحى المبارك الممتدة على خمسة أيام موصولة بعطلة «الويك أند»، بما تيسر من مشتريات وحلوى وألعاب كان ينتظرها الكبار قبل الاطفال من عام لعام، على الرغم من المنغصات، فيما يمضي الأطراف المعنيون إلى المعايدات، وكيل النصائح ورسم خرائط الخروج من المأزق، التي وضعها خبير التطبيق، إما مباشرة أو بالواسطة الموفد الخاص للرئيس ايمانويل ماكرون الوزير الأسبق جان ايف لودريان، وهو يتأمل فنجان الانتخابات الرئاسية اللبنانية المملوء بالمؤشرات إلى الشيء ونقيضه في الوقت نفسه، قبل عودته المنتظرة بعد العاشر من تموز، ومعه لآليء الحل وكنوز الافراج عن الرئيس، الذي خاض ضده أو لأجله حرب وان كانت باردة، حتى ولو دام الشغور الرئاسي إلى ما شاء الله.
وحسب ما رشح ، من المتوقع أن يلتقي لودريان المرشح الرئاسي الوزير السابق جهاد ازعور في باريس، مع الاشارة إلى أنه لم يستبعد عن اللقاءات، بل حال عدم وجوده في لبنان من عدم لقائه في بيروت بالموفد الرئاسية الفرنسي الذي طلب من السفيرة آن غاريو ترتيب موعد فاتصلت به ليعتذر بسبب تواجده في الخارج.
إذاً يدخل لبنان اعتباراً من اليوم مدار عطلة عيد الاضحى المبارك، ما يعني تعطيل الحياة العامة بشكل كامل والسياسية الى حد كبير حتى يوم الاثنين المقبل، حيث وصل رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي امس الى مدينة مكة المكرمة لأداء فريضة الحج. بينما اصيبت الحركة السياسية بحالة من الشلل التام فلا لقاءات ولا تواصل، حيث بقيت حلول ازمة الشغور الرئاسي مؤجلة حتى إشعار آخر يطول او يقصر بإنتظار ظهور مؤشرات او نتائج مشاورات الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان مع الدول الخمس المعنية بالوضع اللبناني اضافة الى ايران.
وظهر ان جولة لودريان على القوى السياسية اسهمت في تهدئة الوضع السياسي، بعد دعوته الجميع بشكلغير مباشر الى الحوار والتوافق والتفاهم، مستبعداً حسب المعلومات اي طرح حالياً حول تغيير النظام السياسي، لا سيما بعد المواقف افرافضة للمس باتفاق الطائف ودستوره. لكن ظهرت ايضاً دعوات لأن تشمل الاتصالات والتوافقات ان حصلت ليس انتخاب الرئيس فقط انما كل الملفات المتصلة بها من تشكيل الحكومة وبرنامج الرئيس والحكومة والقضايا الكبرى المختلف عليها، وهو امر مؤجل الى ما بعد التوافق على اسم الرئيس التوافقي اولاً.
لكن يبدو ان لغة الحوار بدأت تطفو على السطح بشكل ظاهر اكثر بعد اقتناع اغلب القوى السياسية بما فيها بعض قوى المعارضة، بأن لاحل لأزمة الشغور الرئاسي سوى بالتوافق على قواسم مشتركة، وهوما كرره امس، نائب الأمين العام لـ»حزب الله» الشيخ نعيم قاسم عبر حسابه على «تويتر» بالقول: ثمانية أشهر من التمترس والمواجهة كافية لإثبات عدم جدوى هذا المسار لانتخاب الرئيس. ولم يعد من سبيل إلَّا الحوار للتفاهم والتوافق، والقواسم المشتركة مع تغليب المصلحة الوطنية ليست معدومة وهي أفضل من التقاطع الموقت المسدود الأفق.
وقال رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد خلال احتفال تأبيني في بلدة عين بوسوار: من يأبى ان يحاورنا لنصل الى رئيس نتفاهم عليه، يقول لا نحاوركم حتى تسحبوا مرشحكم، لماذا نسحب مرشحنا؟ تعالوا نتحاور فإما تقنعوننا بأنه لا يصلح لهذه المرحلة وإما نقنعكم بضرورته في هذه المرحلة. نحن لا نفرض احدا عليكم فترشيح سليمان فرنجية ووصوله الى الرئاسة يمر بصندوق الاقتراع في مجلس النواب. انتم تستطيعون انتخاب الرئيس الذي تريدونه، ونحن نقول لكم تعالوا الى التفاهم ولنأت بالرئيس الذي نتفاهم عليه.
وقال المكتب السياسي لحركة «أمل» بعد اجتماعه الدوري: أن عمليات إطلاق النار السياسي الذي يستهدف المبادرات الدولية والمناخات الاقليمية والدعوات الداخلية للحوار الوطني، لإنجاز عملية إنتخاب رئيس للجمهورية، يكون قادراً على جبه التحديات التي تهدد لبنان كياناً ووجوداً، لن توظف إلا في مشروع إسقاط الدولة وتفكيكها. وعليه نرى أنه مهما ابدع المعترضون في سياسات التسويف وهدر الوقت، ليس أمام اللبنانيين إلا خيار الحوار والتوافق.
كذلك اعلن عضو اللقاء الديمقراطي النائب وائل أبو فاعور «أننا وصلنا بعد جلسة الأربعاء الرئاسية إلى خلاصة مفادها أن التفاهم على الرئيس هو الحل الوحيد. وقال: لبنان يعيش اليوم حالة انعدام وزن في الملف الرئاسي في ظل انعدام المبادرات الداخلية، والمرحلة تتطلب سكينة وطنية للوصول إلى بر الأمان، وهي مرحلة حقوق الأفراد وليس المجموعات.
دريان: للتعاون والاتفاق
من جهته، حضّ مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان «الأطياف السياسية المعنية بالانتخاب على التعاون والتآلف ونشر روح التسامح والمحبة، ونبذ الفرقة»، مؤكدا ان «لا وطن من دون انتخاب رئيس للجمهورية المؤتمن على مصالحه، واستمرار الشغور الرئاسي هو عدم الاستقرار وتجاوز لكل المفاهيم التي نص عليها اتفاق الطائف».
وقال من مكة في بيان عايد فيه اللبنانيين بعيد الأضحى: علينا جميعا رفع الصوت عاليا لنقول لأصحاب القرار في انتخاب رئيس الجمهورية ارحموا لبنان واللبنانيين واتفقوا على الانتخاب والتزام الدستور واتفاق الطائف، وسنقف سداً مانعاً أمام الالتفاف حول نصوص الطائف، لأن ما يجمعنا كلبنانيين هو الوحدة الوطنية والعيش الواحد واحترام الدستور.
واكد ان «اللبنانيين ضاقوا ذرعاً بالمحاولات المتكررة لعدم انتخاب رئيس عتيد للجمهورية، فانتخاب رئيس مسؤولية وطنية لا ينبغي التهاون بها مهما كان الخلاف السياسي».
استدراك الخطيئة
حياتياً استدركت وزارة المال الخطيئة التي روجت لها بأن لا رواتب قبل الاضحى وأعلنت في بيان لها أنها بدءاً من اليوم الثلثاء ستحول الرواتب إلى مصرف لبنان، على أن يحولها المصرف بدوره، وفي اليوم نفسه إلى المصارف لتصبح في حسابات المتقاعدين، والعسكريين في الخدمة، أما سائر الموظفين فعلى الارجح بعد العيد.
اشتباك حول الخدمات
في سياق حياتي آخر، من المتوقع أن تشكل كلفة الخدمات اليومية من ماء وكهرباء واتصالات مادة تجاوب داخل مجلس الوزراء، عندما يعود إلى الانعقاد، على خلفية الكلفة، التي تحتاج إلى دراسة عن الجدوى وكيفية الانفاق والتحصيل، ووفقاً لوزير الاشغال العامة في حكومة تصريف الاعمال علي حمية.
وكانت مؤسسة كهرباء لبنان أعلنت أنه في ضوء الكشف على مخارج نزع التعديات على شبكة الكهرباء، ليصبح عدد ساعات التغذية بالتيار بدءاً من أول أيام العيد (الاربعاء 28/6/2023) 6 ساعات بزيادة ساعتين تغذية، تستفيد منها:
راس بيروت – المنارة – قريطم – جزء من الحمرا – عين التينة – السادات – الروشة – الاونيسكو – السوليدير – الاشرفية – السيوفي – كرم الزيتون – الجعيتاوي – النهر – أوتيل ديو – الناصرة – مار متر – مار مخايل – العدلية – بدارو – راس النبع – الكرنتينا.
واعتراضاً على الفواتير المرتفعة نفذ رؤساء بلديات واتحادات البلدية ومخاتير عدد من بلدات البقاع الغربي اعتصاماً أمام مركز مؤسسة كهرباء لبنان في مشغرة، احتجاجاً على «تعرفة الكهرباء المرتفعة».
وتحدث رئيس اتحاد بلديات البحيرة رئيس بلدية القرعون المهندس يحيى ضاهر فطالب بـ «اعادة النظر بهذه التعرفة التي تضر بالاقتصاد الوطني ومصالح المواطنين».
وطالب أحد أصحاب المصالح محمد كرام الدين ب_ «وضع تعرفة خاصة بالصناعيين، فيما طالب رئيس بلدية عين زبدة شر بل نهرا بـ «دعم الكهرباء وتفعيل الجباية».
وحذر المعتصمون من «خطوات تصعيدية، بمشاركة أبناء المنطقة، في حال عدم ايجاد حل لهذه المشكلة الكبيرة التي تؤرق كل المواطنين».
تطورجنوبي «مُسيّر»
وفي تطورجنوبي جديد، أفاد الإعلام الحربي لحزب الله في بيان، أن «المقاومة الإسلامية أسقطت بالأسلحة المناسبة، مسيّرة إسرائيلية، كانت قد اخترقت الأجواء اللبنانية في وادي العزية قرب زبقين، جنوب لبنان».
واوضح ان الطائرة المُسيّرة خرقت الأجواء اللبنانية من جهة مستعمرة زرعيت شمال فلسطين المحتلة، وحلقت على علو متوسط بمدى يصل إلى حوالي 7 كلم داخل الأجواء اللبنانية قبل أن يسقطها المجاهدون.
واضاف البيان: ان “العدو الإسرائيلي حاول إستعادة السيطرة على الطائرة المسيرة بعد إصابتها دون أن ينجح بذلك”.
بدوره، قال المتحدث باسم جيش العدو الإسرائيلي، عبر تويتر: “خلال نشاط روتيني لقوات الجيش سقطت طائرة مسيرة تابعة للجيش داخل الأراضي اللبنانية قبل قليل، ولا يوجد خوف من تسريب معلومات”.
وبقيت الدعوات للحوار والتلاقي والتفاهم تدور في حلقة مفرغة وقالت فيه اوساط سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن التواصل الجديد بين التيار الوطني الحر وحزب الله سجل على خلفية إزالة التشنج، بالتالي لم يمهد هذا الأمر إلى عودة العلاقة بينهما إلى سابق عهدها، وتحدثت مصادر مواكبة أن ما من شيء جديد على صعيد تفاهم سياسي معين وهو مستبعد لا سيما رئاسيا مع العلم أن هناك ممن يسعى للتحضير للقاءات متواصلة بين الفريقين ْلى ان مواقف النائب باسيل الأخيرة دللت على إمكانية المباشرة بجهد جدي من خلال الدائرة المقربة له من بعض النواب وتحمل عناوين محددة، داعية إلى ترقب الخطوات المقبلة من الطرفين.
************************************
افتتاحية صحيفة الديار
المقاومة تثّبّت قواعد الردع جواً: إسقاط مُسيّرة «إسرائيليّة» مُتطوّرة بـ«كمين جوي»
مُقترح فرنسي بضمّ طهران الى «الخماسيّة»… ولودريان يُحاول تفكيك «لغمين» داخليين
قلق من حوار على «الساخن»… ورهان على دخول واشنطن في لعبة «المقايضة»؟ – ابراهيم ناصرالدين
نجحت المقاومة بالامس، بتعزيز قوة الردع الجوية عبر «كمين جوي محكم» لاحدى المسيّرات «الاسرائيلية» المتطورة التي اخترقت الاجواء اللبنانية.
سياسيا، جاءت عطلة عيد الاضحى في توقيت اكثر من مناسب لمختلف القوى السياسية، كي تستخدمها «شماعة» لتبرير الجمود رئاسيا، فيما يدرك الجميع ان ما بعد عطلة العيد ستكون كما قبلها، بانتظار ان يجد الجانب الفرنسي «الترياق» لحالة الاستعصاء السياسي، دون آمال كبيرة بحصول التقدم المأمول سريعا، لاسباب خارجية اكثر منها داخلية، بعدما ثبت ان التقدم في حل الملفات العالقة بين السعودية وايران يتم بهدوء ودون استعجال، سواء في اليمن او العراق وحتى في سوريا، ولهذا لن يكون لبنان استثناء.
وحتى ذلك الحين، فان الحل لهذا الانسداد في الواقع الداخلي المتعثر سياسيا ورئاسيا واقتصاديا، سيبقى رهنا بالظروف والتطورات التي قد تستجد في الخارج، فاما يأتي جان ايف لودريان بكلمة السر عبر تسوية اقليمية- ودولية، او تفرض وقائع من خارج السياق على الارض موازين قوى مغايرة، يمكن من خلالها فرض امر واقع جديد، يخشاه الفرنسيون، وعندها يصبح الحديث عن رئيس الجمهورية تفصيلا صغيرا، في حال باتت الازمة اكثر عمقا وتتعلق بازمة نظام، كما حذر حزب الله بالامس، وهي قد تفضي الى نتائج غير مرضية لجميع الاطراف في حال تمت التسوية على «الحامي» وليس على «البارد».
«خمسة زائد واحد»؟
ولهذا سمع بعض المسؤولين اللبنانيين كلاما واضحا عبر قنوات ديبلوماسية اقليمية تنصح بعدم الركون للمواعيد التي يضربها البعض للتسوية، لانها مجرد تكهنات «وابر مورفين» لا تتسق مع اي معطيات جدية. وفي هذا السياق، علمت «الديار» ان المبعوث الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان لا يملك اي تصور جاهز لكيفية الخروج من المأزق الراهن، وتقريره المفترض للرئاسة الفرنسية يوصف طبيعة الخلافات غير المفاجئة والمعروفة سلفا داخليا، لكن الجديد تبلور قناعة فرنسية بان اي حوار داخلي جدي يحتاج الى رعاية اقليمية ودولية، بغض النظر عن شكله ومكانه، ولهذا ستكون ضمن اقتراحاته ضم ايران الى «طاولة» «الخماسية» عبر صيغة 5 زائد واحد، لتجنب صعوبة جمع واشنطن وطهران على طاولة واحدة، حيث تلعب باريس دور المنسق في هذه الصيغة، وهذا يمنح كافة اطراف النزاع في لبنان الضمانات التي تحتاجها في اي عملية تسوية مقبلة، كما تمنح دول «الخماسية» ما تحتاجه من ضمانات، على اعتبار ان اي اتفاق مفترض يحظى بدعم ايراني رسمي مباشر على عبر قناة ثالثة ممثلة بحزب الله.
مضمون الحوار
هذا الاقتراح سيكون على بساط البحث في الايام المقبلة فرنسيا مع دول الخماسية وطهران، حيث ستعمل باريس على «جس نبض» تلك الدول قبل الانطلاق في صياغة شكل ومضمون الحوار المفترض، واذا حصل توافق على الصيغة الجديدة التي يرى الفرنسيون انها ستمنح الحوار فرصة اكبر للنجاح، سيحمل لودريان في جولته المقبلة ما هو ابعد من الازمة الرئاسية، وسيحاول طرح مقترحات تتعلق بحل جذري لمعضلة الاستعصاء اللبناني عبر ايجاد صياغة جديدة لتجنب المشاكل الدستورية الحالية من داخل النظام الحالي، وليس عبر الانقلاب عليه.
رهانات فرنسية
واذا كانت باريس تدرك جيدا حدود تأثيرها على القوى اللبنانية، فهي تأمل بحصول تقدم اكبر في مسار العلاقات السعودية –الايرانية، كي يستفيد لبنان من المناخات الايجابية، لكن الفرنسيين لم يخفوا قلقهم من تاريخ مقلق لحل النزاعات اللبنانية التي لم تحصل الا على «الساخن»، فلا الطائف جاء بحوار بارد ولا الدوحة، ولهذا فهم قلقون من عامل الوقت، وسيبذلون جهودا مضاعفة كي يتم اسقاط التوافق الخارجي على الافرقاء اللبنانيين، قبل ان «يحدث شيء ما» من خارج السياق يؤدي الى تعديل الموازين الداخلية، ويكون حينها التفاهم باثمان كبيرة. ولهذا باتت القناعة جلية وواضحة لدى لودريان، ان التسوية لن تحصل الا بواحدة من اثنتين، ضغط خارجي جدي من القوى الفاعلة على القوى اللبنانية يكسر الجمود الحالي، ويكون اتفاقا على تسوية شاملة باتت تعرف «بالسلة»، وتشمل الرئاسة الاولى والحكومة ورئيسها، وقيادة الجيش، وحاكمية مصرف لبنان، او بحدث ما يغير قواعد اللعبة داخليا، وهو حل محفوف بمخاطر كبيرة تعمل باريس على تجنبها.
تفكيك «لغمين»
ووفقا لاوساط مطلعة، سيكون امام لودريان حل معضلتين جوهريتين قبل عودته المقبلة، وهما بمثابة «لغمين» سيطيّرا جهوده اذا لم ينجح في فكفكتهما، وهي ستكون مدار بحث مع الرئاسة الفرنسية اولا، ولاحقا مع مجموعة خمسة زائد واحد، على اعتبار ان باريس لن تغيّب طهران عن الحدث اللبناني سواء رضيت باقي الاطراف، او رفضت انضمامها رسميا الى المحادثات:
– المعضلة الاولى: سلبية المعارضة اللبنانية في طروحاتها لجهة رفضها الحوار مع «الثنائي»، وعدم تقديم بدائل واضحة وجدية للتفاوض، مشترطة تراجع الطرف الآخر عن دعمه لرئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية قبل اي نقاش، وهو شرط لاغ لاي حوار.
– المعضلة الثانية: تتعلق باصرار «الثنائي» وخصوصا حزب الله على حوار يتجاوز مسألة ترشيح فرنجية الذي هو ثابتة ولا تتزحزح، وما يعرضه الحزب يتعلق بحوار حول الضمانات التي يمكن ان يمنحها فرنجية للاطراف الاخرى لتسهيل وصوله الى بعبدا…
لبنان محاصر بالفوضى
وفي هذا السياق، تخشى باريس من استمرار عدم مبالاة الدولة المعنية في الملف اللبناني، بسبب وجود قضايا ذات اولوية ملحة، واذا كانت واشنطن مهتمة بانجاز اتفاق نووي مؤقت مع ايران، ومهتمة بالصراع في اوكرانيا والوضع في روسيا، فانها تبدو قلقة اكثر على ما يجري في «اسرائيل» التي تدهورت إلى حالة فوضى لا حدود معروفة لها، فهي بحسب توصيف الاعلام «الاسرائيلي»، دولة تفككت إلى قبائل لا تتفق على جوهر القانون. الفاشيون يسمون المحتجين ضد الدكتاتورية فوضويين، الأمر الذي يدل على أنه لا يوجد في «إسرائيل» حوار في هذه الأثناء. الجميع يتفقون على أن «إسرائيل» تضج بالفوضى. لا احتمالية لإجماع على مسألة ما هو القانوني ومن الذي يضع القانون. لا يوجد في «إسرائيل» قانون واحد أو أخلاق واحدة. وفي ظل غيابها، سيتم حسم الصراعات الداخلية الوطنية على الأغلب بحرب أهلية. وهو نموذج تخشى ان يعمم في المنطقة، ولبنان ليس بعيدا عنها في ظل رفض الدعوات للتحاور.
تغيير موقف واشنطن!
ولفتت اوساط مطلعة، ان احد المؤشرات المنتظرة يتعلق بالموقف الاميركي، الذي لن يبقى في دائرة «السلبية» طويلا، لان الاشهر القليلة المقبلة ستكون مهمة للغاية اميركيا. وثمة رهان في باريس على انخراطها جديا في التسوية من خلال حشرها في زاوية استحقاقات تهمها، فهي ستكون مستعجلة لانجاز الاستحقاق الرئاسي وانتخاب رئيس سريعا قبل نهاية الصيف، خشية تمدد الفراغ الى المناصب المالية والامنية والعسكرية والقضائية، وهي معنية بالتفاوض على حاكم المركزي وقائد الجيش، وهذا له في المقابل اثمان. فهل ستكون الادارة الاميركية جاهزة لدفعه؟ وهل ستكون مستعدة لاجراء «المقايضة»؟
هل يتحول موقف «التيار»؟
وفي الانتظار، علمت «الديار» ان «ورقة» تفاوضية جديدة ستكون على «الطاولة» من خارج السياق المعلن حاليا، وقد تغير في مزاج بعض القوى السياسية، وتتعلق بملف اعادة الاعمار في سوريا الذي يسير على قدم وساق، من خلال اتصالات سورية – سعودية على ارفع المستويات. وقد حصل تواصل رفيع المستوى بين قيادة «التيار الوطني الحر» والقيادة السورية، بوساطة السفير السابق علي عبد الكريم علي، لفتح مكتب علاقات عامة «للتيار» يعنى بشؤون الاعمار والاستثمار في بعض القطاعات.
ووفقا للمعلومات، لم تكن الاجواء السورية «مقفلة»، بل سمع المعنيون انفتاحا على التجاوب مع الطرح، دون ان يتحول بعد الى امر واقع. واذا كانت القيادة السورية لم تربط الملف مباشرة باي موقف سياسي «للتيار»، الا ان هذا الحوار المستجد قد يفتح «الابواب» امام نقاشات تتعلق بالملف الرئاسي، كما تأمل مصادر مطلعة على مسار العلاقات السورية مع «البرتقالي»، والتي توجت بلقاء الرئيس السابق ميشال عون مع الرئيس بشار الاسد في دمشق مؤخرا.
ازمة نظام؟
وفيما راى نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، أنّ «ثمانية أشهر من التمترس والمواجهة كافيةٌ لإثبات عدم جدوى هذا المسار لانتخاب الرئيس»، وقال عبر «تويتر»: «لم يعد من سبيل إلَّا الحوار للتفاهم والتوافق، والقواسم المشتركة مع تغليب المصلحة الوطنية ليست معدومة وهي أفضل من التقاطع المؤقت مسدود الأفق»، وحذر النائب علي فياض من أن يجد اللبنانيون أنفسهم أمام أزمة نظام وليس أزمة رئاسة فقط، وأضاف: «إن إصرار البعض على «التعامي» عن هذا المسار العقلاني، لا يعني سوى نتيجة واحدة، وهي إطالة أمد الفراغ وتفاقم الأوضاع سوءاً وتدهوراً، وعندها ليس من المستبعد أن يجد اللبنانيون أنفسهم أمام أزمة نظام وليس أزمة رئاسة فقط».
بدوره رأى عضو المجلس المركزي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق أنّ «الانتخابات الأخيرة ثبتت موازين للقوى داخل المجلس النيابي وهذه التوازنات تقطع الطريق على أي فريق من أن يفرض مرشحا للرئاسة». وأشار إلى أن «تسعة وستين نائبا رفضوا التصويت لمرشح التقاطعات المتجزأة، أي أكثر من نصف النواب من كل الطوائف»، لافتًا إلى أنّ «جهة بارزة في جماعة التقاطع تعتبر أن ورقة مرشح التقاطع قد احترقت ،وأنهم بدأوا يفتشون عن أسماء جديدة». وأضاف: «ننصحكم بألا تضيعوا الوقت على اسم جديد، ولا تجربوا المجرب لأن الحل والطريق الأقرب والأضمن هو الحوار، حزب الله أكد ولا يزال يؤكد دعوته إلى الحوار غير المشروط وإلى التوافق ليس من موقع الضعيف، إنما من موقع الحرص لأن هذا البلد لا يتحمل تصفية حسابات سياسية أو شخصية ، ولا يتحمل تعميق الإنقسامات الداخلية». وختم: «حزب الله أكد للموفد الفرنسي تمسكه بشكل واضح وصريح بدعم ترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية، وأن الوصفة المثالية لحل الأزمة ليس إلا بالحوار والتوافق».
«الاشتراكي» يدعو للتفاهم
في المقابل، لفت عضو «اللقاء الديموقراطي» النائب وائل أبو فاعور إلى «أننا وصلنا بعد جلسة الأربعاء الرئاسية إلى خلاصة مفادها أن التفاهم على الرئيس هو الحل الوحيد». واستكمل «لبنان يعيش اليوم حالة انعدام وزن في الملف الرئاسي، في ظل انعدام المبادرات الداخلية، والمرحلة تتطلب سكينة وطنية للوصول إلى بر الأمان، وهي مرحلة حقوق الأفراد وليس المجموعات». وأردف «لم نساهم بإقرار أو اعتماد الثلث المعطّل، وإنّما فُرض علينا فرضاً، وقانون الانتخاب الحالي دمّر محاولات إحياء الحياة الوطنية».
«كمين جوي»
جنوبا، وفي تطور نوعي، أعلن الإعلام الحربي التابع للمقاومة، أنّ المقاومة الاسلامية أسقطت مسيّرة «إسرائيلية» اخترقت الأجواء اللبنانية في وادي العزية قرب بلدة زبقين الجنوبية مستخدمة «الاسلحة المناسبة». وقد اعترف جيش العدو من ناحيته بإسقاط الطائرة، وقال: إنّ «مسيّرة تابعة لنا سقطت في الأراضي اللبنانية أثناء قيامها بنشاط روتيني»، وزعم انه «لا خوف من تسرّب معلومات».
ووفقا للمعلومات، فان طائرة مسيرة «اسرائيلية» وقعت في «كمين جوي»، بعد ان رصدت المقاومة مسارها لـ7 كيلومترات واسقطتها بالوسائل «التقنية» المناسبة، وهي مسيّرة متطورة تحمل نوعين من الكاميرات بجودة عالية، ويمكن لمشغليها السيطرة عليها من اماكن بعيدة، وهي تحمل مخاطر امنية عالية، كونها قادرة على التحليق المنخفض يصل الى مستوى الارض مباشرة، وهي قادرة على القيام بمهام تجسسية عالية الدقة.
تعزيز المعادلة الجوية
وهذا التصدي، يأتي في سياق اعلان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بأن الهدف الاعلى من اسقاط طائرات الاستطلاع أو إبعادها من الاجواء اللبنانية «هو تنظيف الأجواء اللبنانية من الخروقات الإسرائيلية»، هذه القاعدة تجسدت ايضا في الرسالة المصوّرة التي وزعها الاعلام الحربي لاسقاط «المسيرة»، والتي تشير بوضوح الى أن الطائرات الاسرائيلية قد تحوّلت الى أهداف جدية، والتعامل معها يتم بالاسلحة المناسبة عندما تخترق الاجواء اللبنانية. وهي معادلة يعمل حزب الله على فرضها من خلال استخدام قدرات فعالة، وبشجاعة في اتخاذ القرار، دون اي خشية من رد الفعل «الاسرائيلي».
والنتائج الاهم لما حصل بالامس، يرتبط بتذكير «الاسرائيليين» ان حركتهم الجوية باتت مقيدة في الاجواء اللبنانية ، وهو امر يفرض قيودا على نشاطاتها التجسسية، في ضوء التقنيات المتطورة التي يستخدمها حزب الله، والتي اثبتت قدرتها على اسقاط الطائرات المتطورة من خلال «كمائن جوية» خطيرة.
اخفاق «اسرائيلي»
ووفقا لمصادر معنية بالملف، ان ما حصل سينعكس حالة تخبط في المؤسسة الامنية «الاسرائيلية»، في ظل اخفاق الخيارات المضادة في مواجهة استراتيجية حزب الله. فـ«اسرائيل» معنية بعدم منح الحزب القدرة على فرض قواعد ردع تمنعها من الاستمرار بنشاطها التجسسي في لبنان، وفي المقابل تخشى ان تصاب في كمائن موجعة كما حصل بالامس.
وفي الخلاصة، نجح الحزب بفرض توازن في الجو، ورسم معادلة جديدة تكبح الاستباحة «الاسرائيلية» للاجواء اللبنانية، والتي تراجعت على نحو كبير باعتراف القيادات الامنية والعسكرية «الاسرائيلية».
****************************************
افتتاحية صحيفة الشرق
عطلة الاضحى ترجئ البحث الرئاسي والاستحقاق الى ايلول
ميقاتي في السعودية .. ودريان: لا وطن من دون رئيس
في مدار عطلة عيد الاضحى دخلت البلاد اعتبارا من الامس. سكون سياسي اعقب مغادرة المبعوث الفرنسي جان ايف لودريان بيروت. وحدها المواقف التي تُكرر مقاربات الاطراف المتنازعين، ملأت الساحة المحلية، في انتظار مستجد ما يحرك المياه الراكدة رئاسياً. شأن لا يبدو قريبا في ضوء معلومات مستقاة من دوائر القرار الفرنسية عن احتمال ارجاء الاستحقاق الرئاسي الى شهر ايلول المقبل ، ولكنه لن ينجز قبل اجراء جولات حولرية جديدة.
التقاطع مسدود الافق
وفي ظل الهدوء الرسمي السياسي، غرّد نائب الأمين العام لـ»حزب الله» الشيخ نعيم قاسم عبر حسابه على «تويتر»: «ثمانية أشهر من التمترس والمواجهة كافية لإثبات عدم جدوى هذا المسار لانتخاب الرئيس. ولم يعد من سبيل إلَّا الحوار للتفاهم والتوافق، والقواسم المشتركة مع تغليب المصلحة الوطنية ليست معدومة وهي أفضل من التقاطع الموقت المسدود الأفق».
التفاهم حل وحيد
في المقابل، لفت عضو اللقاء الديموقراطي النائب وائل أبو فاعور إلى «أننا وصلنا بعد جلسة الأربعاء الرئاسية إلى خلاصة مفادها أن التفاهم على الرئيس هو الحل الوحيد». واستكمل «لبنان يعيش اليوم حالة انعدام وزن في الملف الرئاسي في ظل انعدام المبادرات الداخلية، والمرحلة تتطلب سكينة وطنية للوصول إلى بر الأمان، وهي مرحلة حقوق الأفراد وليس المجموعات». وأردف «لم نساهم بإقرار أو اعتماد الثلث المعطّل، وإنّما فُرض علينا فرضاً، وقانون الانتخاب الحالي دمّر محاولات إحياء الحياة الوطنية».
صنع في لبنان
من جانبه، دعا النائب ملحم خلف في حديث اذاعي الى «ضرورة العودة الى الدستور في موضوع انتحاب رئيس الجمهورية بعدما وصلنا الى حال عدمية»، معتبرا أن «اختزال النواب برؤساء كتلهم المرتهنين بدورهم الى الخارج يجب ان يتوقف، والمطلوب تطبيق الدستور عبر انتخاب رئيس داخل مجلس النواب صنع في لبنان». وأشار إلى أن «ممارسة الطبقة السياسية التقليدية تحملنا الى التفكير بإعادة النظر بالقوانين والدستور، الذي بات وجهة نظر في ظل غياب مبدأ المساءلة ومعايير الديموقراطية».
لا وطن دون رئيس
دائما على الخط الرئاسي، حض مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان «الأطياف السياسية المعنية بالانتخاب على التعاون والتآلف ونشر روح التسامح والمحبة، ونبذ الفرقة»، مؤكدا ان «لا وطن دون انتخاب رئيس للجمهورية المؤتمن على مصالحه، واستمرار الشغور الرئاسي هو عدم الاستقرار وتجاوز لكل المفاهيم التي نص عليها اتفاق الطائف». وقال من مكة في بيان عايد فيه اللبنانيين بعيد الأضحى «علينا جميعا رفع الصوت عاليا لنقول لأصحاب القرار في انتخاب رئيس الجمهورية ارحموا لبنان واللبنانيين واتفقوا على الانتخاب والتزام الدستور واتفاق الطائف، وسنقف سدا مانعا أمام الالتفاف حول نصوص الطائف لأن ما يجمعنا كلبنانيين هو الوحدة الوطنية والعيش الواحد واحترام الدستور». واكد ان «اللبنانيين ضاقوا ذرعاً بالمحاولات المتكررة لعدم انتخاب رئيس عتيد للجمهورية، فانتخاب رئيس مسؤولية وطنية لا ينبغي التهاون بها مهما كان الخلاف السياسي».
واعرب المفتي دريان عن «تقديره للمملكة العربية السعودية والدول الصديقة على ما تقوم به في لبنان من مساعدة للحفاظ على استقراره وسلامته ووحدته خصوصا في الظروف الصعبة التي يمر بها».
وشكر «خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان والحكومة السعودية الرشيدة على رعايتهم حجاج بيت الله الحرام وتقديم التسهيلات والخدمات لهم لأداء مناسكهم بأمن واستقرار وطمأنينة».
واجرى المفتي دريان اتصالا برئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط وبالرئيس الحالي للحزب النائب تيمور جنبلاط مهنئا بانتخابه بالتزكية، ومتمنيا له» التوفيق في مهامه الجديدة».
ميقاتي في المملكة
الى ذلك، وصل رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي امس الى مدينة مكة المكرمة لأداء فريضة الحج.
اسقاط مسيرة
أمنيا، أفاد الاعلام الحربي ان حزب الله أسقط مسيّرة اسرائيلية اخترقت الاجواء اللبنانية في وادي العزية قرب زبقين الجنوبية. اما الجيش الإسرائيلي فقال «سقطت مسيرة تابعة لنا في الأراضي اللبنانية أثناء قيامها بنشاط روتيني ولا خوف من تسرب معلومات».
جعجع والنزوح
على صعيد آخر، رأى رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، أن «على أثر ما سُرِّبَ عن ايجابية أجواء زيارة وزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال عصام شرف الدين إلى دمشق، والذي تبلّغ من وزير الداخليّة السوري استعداد الجانب السوري تلبية ما يطلبه اللبنانيّون في شأن عودة النازحين السوريين إلى بلدهم، أضحى لزاماً على حكومة تصريف الأعمال وضع روزنامة عمليّة واضحة حول عودة كل النازحين السوريين إلى ديارهم قبل نهاية هذا العام». واعتبر في بيان، أنّ «أيّ تأخير من قبل هذه الحكومة في هذا الخصوص، لن يكون مبرَّرًا وبالتالي سيُعتَبَرُ تواطؤا لجهة محاولة توطين اللاجئين السوريين في لبنان». ودعا جعجع الى «وجوب تحمّل القوى التي تتشكّل منها الحكومة الحالية ولا سيما حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر مسؤوليّاتها ووضع خطة جليّة لعودة هؤلاء النازحين بأسرع وقت ممكن».
الادارة العامة
حياتيا، أعلنت الهيئة الإدارية لرابطة موظفي الإدارة العامة في بيان أنه «نظرا لبدء عطلة عيد الأضحى المبارك يوم الأربعاء في 28 الجاري يمدد الإضراب خلال يومي الاثنين والثلاثاء 26 و27 منه، على أن يصدر بيان يحدد الخطوات المقبلة».
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :