افتتاحيات الصحف المحلية ليوم الاثنين 19 حزيران 2023

افتتاحيات الصحف المحلية ليوم الاثنين 19 حزيران 2023

 

Telegram

 

افتتاحية صحيفة البناء

 

بوريل من القاهرة: لن نشارك بالمبادرة العربيّة نحو سورية قبل رؤية نتائج ملموسة… لكننا منفتحون/ لودريان الأربعاء للاستماع حول المخارج المقترحة… والحوار والانتخابات المبكرة على الطاولة/ الجلسة التشريعيّة تنتظر مشاركة التيار الوطني الحر أو بعض نوابه لتأمين النصاب… والرواتب/

يلتقي الجميع على مراقبة المسار الخاص بالاتفاق النووي بين واشنطن وطهران، وما يرسمه من آفاق جديدة في المنطقة، وسط مناخ تراجعات أميركيّة ظهرت بالتوجّه نحو الصين بالبحث عن منصة سياسية تضع لها بكين شروطاً، أبرزها التزام أميركي بعنوان صين واحدة وترجمته عسكرياً، بوقف الحديث عن تسليح تايوان، ووسط المعلومات المتزايدة عن ما يجري في الميدان الأوكراني، حيث كل شيء يقول بأن التفوق الروسي يرسم مستقبل الحرب، وإن الحديث المتفائل عن فعالية هجوم أوكراني معاكس جرى الترويج له طويلاً، مع تجهيزات عسكرية غربية لأوكرانيا، كان أقرب إلى حملة دعائية منه الى واقع حقيقي، بعد مجزرة الدبابات التي لحقت بأرتال دبابات ليوبارد وابرامز التي أرسلت إلى كييف من كل من واشنطن وبرلين.
إلى جانب هذا المسار الذي يتوقع تتويجه بحدوث انفراجات أميركية في المنطقة على خلفية استباق الفشل الأوكراني الظاهر في الحرب، عبر مزيد من التقدّم في المسار الأميركي الإيراني، والغربي الإيراني، يبدو أن الأميركيين والأوروبيين، ينتقلون من الفيتو المشدّد على كل انفتاح على سورية، الى التموضع عند خيار جديد، عنوانه لا نوافق على المسار العربي الجديد نحو سورية، لكننا سوف نراقب هذا المسار وننتظر تحقيق نتائج ملموسة، سواء في ملف الحل السياسي، أو في مسار الظروف الملائمة لعودة النازحين، وهو ما عبّر عنه مفوض السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل خلال زيارته للقاهرة وتفسيره لإلغاء الاجتماع الأوروبي العربي المشترك المقرّر في 20 حزيران الحالي، بالقول إنه من المبكر المشاركة في اجتماعات يحضرها وزير خارجية سورية قبل أن تظهر للعلن نتائج ملموسة تتصل بالحل السياسي.
على خلفية هذه المناخات الرمادية الدولية تجاه الإقليم، تستكمل الحالة الرمادية سيطرتها على المشهد اللبناني الرئاسي، حيث رجّحت مصادر دبلوماسية فرنسية أن تسيطر على زيارة وزير الخارجية الفرنسي السابق جان ايف لودريان الى بيروت الأربعاء مشاوراته مع الأطراف السياسية بالاستماع إلى المخارج المقترحة من مختلف الأطراف، والتي تتراوح بين دعوة المشاركين في تقاطع ترشيح وزير المالية السابق جهاد أزعور لطي صفحة ترشيحَي أزعور وفرنجية والبحث عن مرشح ثالث، مقابل دعوة حلف ترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية الى الحوار غير المشروط للبحث في مواصفات الرئيس التي تتناسب مع التحدّيات، ومحاولة إسقاطها على الترشيحات دون شروط مسبقة تتصل باستبعاد فرنجية من السباق، وإلا فإن الانتخابات النيابية المبكرة كتقليد ديمقراطي أصيل تصبح مخرجاً وحيداً لكسر الجمود.
نيابياً، يواجه انعقاد الجلسة التشريعية المقررة اليوم تحدي كيفية تأمين رواتب الموظفين، حيث تقف كتل نيابية على ضفة رفض المشاركة، رغم الضرورة بذريعة أولوية انتخاب الرئيس، بينما تتشكل نواة أغلبية كافية لعقد الجلسة بانضمام اللقاء الديمقراطي الى ثنائي حركة أمل وحزب الله وبعض النواب المستقلين والتكتلات الحليفة، بحيث يبدو مستقبل الجلسة متوقفاً على قرار التيار الوطني الحر ونوابه المشاركة في الجلسة، وهو ما يبدو أنه يسير بشكل إيجابي، سواء نحو مشاركة كاملة بقرار موافقته على تشريع الضرورة، أو عبر توفير التغطية الجزئية الكافية لتأمين النصاب اللازم للجلسة عبر حضور عدد كاف من نوابه لهذه الغاية.

يسافر المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي إلى لبنان جان إيف لو دريان الأربعاء إلى بيروت لإجراء محادثات مع المسؤولين السياسيين، وفق مصدر دبلوماسي. وسيبدأ لودريان لقاءاته مما خلص إليه لقاء الاليزية بين الرئيس ايمانويل ماكرون وولي العهد السعودي محمد بن سلمان لجهة إجماع الطرفين على أهمية الإسراع في انتخاب رئيس للبنان وايجاد حل للازمة. وتقول مصادر سياسية متابعة لـ»البناء» إن هناك ارتياحاً فرنسياً لموقف الرياض من الملف اللبناني لا سيما ان ولي العهد لم يدخل في الاسماء، لكنه شدد في الوقت نفسه على البرنامج الذي يفترض أن يتم وضعه من قبل الرئيس والحكومة للمرحلة المقبلة لإنقاذ البلد وترتيب علاقات لبنان مع الدول العربية والمجتمع الدولي. وقد كان ماكرون متفاهماً مع ابن سلمان حيال ضرورة إنجاز لبنان للاصلاحات المطلوبة منه على كل الصعد. وتعتبر المصادر ان فرنسا لا تزال متمسكة بتسوية الوزير السابق سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية.
إلى ذلك، بعد زيارة خاطفة الى قطر، عاد رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل الى بيروت، بعد ان التقى المسؤولين القطريين الذين يتابعون الملف اللبناني. وبحسب معلومات “البناء” فإن زيارة باسيل تأتي في سياق سعي التيار الوطني الحر لتدخل قطري في الملف الرئاسي بعيداً عن قائد الجيش، والتدخل للمساعدة عند حزب الله عبر الإيرانيين، ولفتت مصادر سياسية إلى ان قطر أرجأت زيارة موفدها الى لبنان انسجاماً مع الحراك الفرنسي – السعودي الحاصل اليوم.
ولفت النائب طوني فرنجية الى ان “المبادرة الفرنسية تحمل سلة متكاملة من رئاسة الجمهورية فرئاسة الحكومة بالاضافة الى الإصلاحات الاقتصادية وعودة النازحين السوريين”. وأوضح بأنه “بحال انتخاب فرنجية رئيساً للجمهورية سيمدّ يده لمختلف الأفرقاء لا سيما المسيحيين منهم من أجل المشاركة في إنقاذ البلد”. وأوضح بأن “من صوّت لجهاد أزعور كان يعلم انه من غير الممكن ان يصل للرئاسة، ومن جهة أخرى اعتقد أنه في كلّ مرّة نأتي فيها بقائد جيش رئيساً نضرب مؤسسة الجيش ويصبح كلّ قائد جيش يتصرّف كولي عهد ولا اعتقد اليوم هناك حظوظ متقدمة لجوزيف عون”. وذكر بأنه “لحظة توفر الجدوى من الجلسة الانتخابية الثالثة عشرة، سيدعو الرئيس بري وأعتقد أن هذا سيحصل قريباً”.
وأشار النائب إبراهيم الموسوي، الى أن “الفريق الآخر لم يقدم مرشحاً جدياً وانما مرشح مناورة لإسقاط ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، وهذا النكد السياسي لا يبني وطناً ولا يحل أي ازمة”. وأكد أننا “نحن لدينا مرشح جدّي وهو فرنجية ويشكل ضمانة لكل لبنان لذا يجب على الجميع الحوار لنصل إلى حل يخلص لبنان من هذه الازمة”.
الى ذلك، ينطلق هذا الأسبوع اليوم مع جلسة تشريعية لإنقاذ رواتب القطاع العام، وبحسب معلومات “البناء” فإن النصاب سوف يتوفر في جلسة اليوم، مع مشاركة نواب تكتل لبنان القوي في الجلسة المخصّصة لتأمين رواتب القطاع العام، مع الإشارة الى ان نواب التغيير وتجدّد والكتائب لن يشاركوا في الجلسة، كذلك الأمر بالنسبة الى الجمهورية القوية التي تؤكد مصادرها لـ”البناء” ان الجلسة تخالف الدستور، وان معالجة أزمة الرواتب يمكن ان تحصل من خلال الحكومة التي بإمكانها ان تصدر مراسيم في هذا الشأن.
وعلى المستوى الحكومي، يعقد مجلس الوزراء جلسة الاربعاء لدرس بنود منها ملف النازحين السوريين وموضوع ترقيات ضباط، خاصة أن هناك إجماعاً حكومياً على دراسة هذا الملف بهدوء وحماية المؤسسات العسكرية والأمنية، ولم يستبعد مصدر سياسي حضور قائد الجيش العماد جوزاف عون الجلسة في حال تقرّر أنها ستبحث في سد الفراغ في المجلس العسكري ولم يتم تقديم أسماء من قبل وزير الدفاع موريس سليم.

**************************************

افتتاحية صحيفة الأخبار:

تشريع الضرورة رهن الانقسام السياسي الرئاسي: هل يحمل لودريان حصيلة فرنسية - سعودية - إيرانية؟

تنتظر كل الأطراف السياسية نتائج القمة السعودية - الفرنسية وزيارة وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان لطهران لتستشفّ منها ما جرى بحثه في ما يتعلق بالملف اللبناني. وبدأت قوى بارزة تواصلاً مع الجهات الثلاث لجسّ النبض، حتى قبل وصول الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت بعد غدٍ الأربعاء، في زيارة تستمر ليومين، يلتقي فيها الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي، ويستقبل رئيس تيار المردة سليمان فرنجية وممثلين عن كل القوى السياسية المعنيّة بالاستحقاق الرئاسي في قصر الصنوبر.

ورغم الانقسامات المحلية وجذورها السياسية والطائفية وحتى المصلحية، إلا أن لعواصم كباريس والرياض وطهران تأثيرات كبيرة على لبنان، وأي اتفاق أو خلاف بين هذه العواصم ينعكس بقوة على ساحته.
في ما يتعلق بالفريق الداعم لفرنجية، فإن الرهان هو على «عقلانية» سعودية تسمح بفتح الأبواب الموصدة لدى كتل وشخصيات نيابية مستقلّة، لتثبيت التسوية التي تحمل رئيس تيار المردة إلى قصر بعبدا. وفي المقابل، يراهن الفريق الخصم على برمجة جديدة للاتصالات الخارجية تجعل التسوية بصيغتها الأولى غير قابلة للاستمرار، ويأمل هؤلاء أن تنتج المحادثات الخارجية دعوة إلى سحب ترشيحه مقابل سحب الآخرين مرشحهم، والبحث عن خيار بديل. وبين هؤلاء وأولئك، ثمة من عاد للعمل، بقوة، من أجل ترجيح كفة قائد الجيش العماد جوزيف عون كخيار ثالث ووحيد. ويلعب القطريون بشكل خاص الدور المنسّق لهذه العملية، بتشجيع أميركي. وهم عادوا إلى طرح ترشيح قائد الجيش مع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل أمس.
وعشية وصول الموفد، حضر الملف اللبناني على جدول أعمال القمة التي جمعت في باريس ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وكان لافتاً قطع وزير الخارجية السعودي (الذي رافق بن سلمان إلى باريس) زيارته والتوجه إلى طهران السبت الماضي للقاء نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، قبل أن يعود إلى باريس فجر أمس الأحد حيث التقى لو دريان والمستشار الرئاسي الفرنسي باتريك دوريل.
وقالت مصادر مطّلعة إن «ما دار بين ماكرون وبن سلمان أصبح في عهدة اللجنة المشتركة الفرنسية - السعودية»، مشيرة إلى أن «الكلام عن حوار لبناني برعاية فرنسية وعربية ليس دقيقاً»، وأن «لا أحد من القوى الداخلية يمتلك معطيات حاسمة عمّا دار في باريس، والجميع ينتظر ما سيحمله لو دريان معه، علماً أن غالبية التقديرات تشير إلى أنه سيأتي لاستطلاع الآراء من جديد».

وفي وقت استبعدت مصادر بارزة ما تردّد عن «حسم للملف اللبناني نهاية الشهر الجاري»، إلا أنها لفتت إلى أن «التقدم في العلاقات السعودية - الفرنسية لا بد أن يحمل تطورات إيجابية تساعد لبنان على الخروج من أزمته»، وأن «ما يناقش في الكواليس الخارجية يؤكد أن الملف اللبناني موجود على الرادار الخارجي ولو أنه ليسَ من الملفات الملحّة حالياً». وأكّدت أن «جلسات الانتخاب توقّفت في انتظار الموقف الدولي والحراك الفرنسي والسعودي والقطري، وما سيحمله الموفد الفرنسي».

الجلسة النيابية
وبانتظار تبلور الصورة الخارجية المتصلة بالملف الرئاسي، يُفتتح الأسبوع على مواجهة سياسية جديدة، بعد دعوة الرئيس نبيه بري إلى جلسة تشريعية اليوم، يقتصر جدول أعمالها على قانونين أقرّتهما اللجان النيابية، وسط سجال حول دستورية الدور التشريعي لمجلس النواب، وفي ظل التهديد بحرمان الموظفين في القطاع العام وأساتذة الجامعة اللبنانية من رواتبهم إذا لم يتم إقرار الاقتراحين. ولا يزال مصير الجلسة غير معروف لجهة تأمين النصاب، الذي لا يزال رهن الموقف النهائي لتكتل «لبنان القوي»، بعد إعلان كتلتي القوات اللبنانية والكتائب ونواب مستقلين ومعارضين المقاطعة.
وتساءلت مصادر نيابية في المعارضة عمّا إذا كان التقاطع الظرفي مع التيار الوطني الحر على دعم ترشيح جهاد أزعور سينسحب على الجلسة التشريعية، معتبرة أن «مقاطعة التيار الوطني الحر ستقوّي موقف المعارضة ككل لأنها ستظهر ككتلة صلبة في البرلمان». وهو أمر كان محل تشاور في اجتماع عُقد ليل أمس لكتلة نواب التيار برئاسة باسيل، وسط ضغوط من قواعد التيار بضرورة المشاركة وفصل ملف رواتب الموظفين عن الخلافات السياسية. وقال نائب من التيار إن ملف الرواتب مسألة حيوية لعشرات آلاف العائلات اللبنانية التي لم يعد دخلها يساعد على سدّ حاجاتها، ولا يمكن اعتبار الأمر غير ضروري. لكنّه أشار إلى أن القرار النهائي رهن الاجتماع، علماً أن عدم انعقاد الجلسة يجعل وزارة المالية من دون غطاء قانوني يسمح لها بصرف رواتب موظفي القطاع العام حتى نهاية السنة.

***********************************************************

افتتاحية صحيفة النهار

“في انتظار لودريان” عضّ الأصابع على أشدّه

 

انتظرت القوى السياسية تسرب أي معطيات ملموسة من شأنها ان تحمل “علامات ” توافق او عدم توافق او “ابيض على اسود” او مساحات رمادية ، من محطتي باريس وطهران الأخيرتين ولكن هذا الانتظار المزدوج لم يلق الاستجابة الفورية بل بدا عالقا معلقا في انتظار محطة ثالثة .. وهكذا دواليك!

 

لقاء الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في الاليزيه والذي على أهمية ايلائه الملف اللبناني والازمة الرئاسية أولوية لافتة فيه فانه لم يطلق مؤشرات كافية للقوى اللبنانية حيال امكان توغل المحادثات بين الجانبين الى مقاربة قد تدفعهما الى الانخراط في ملف أسماء المرشحين من باب التفاهم او التنسيق او التمهيد لمهمة المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي الى لبنان جان ايف لودريان . وبعد هذا اللقاء البارز كان الانتظار الثاني اشد اثارة للغموض اذ ان زيارة وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان لطهران ، والتي اكتسبت أهمية مفصلية من زاوية تعزيز العلاقات الثنائية والمضي قدما في تطبيعها ، لم تتسرب عنها أيضا مؤشرات كافية تدل على ان لبنان طرح من ضمن ملفات “الاستقرار الإقليمي” او “عدم التدخل في الشؤون الداخلية” للدول في المنطقة .


 

بذلك ، تميل أوساط ديبلوماسية مطلعة الى الاعتقاد بان الخيبة الخارجية التي تسببت بها الجلسة الثانية عشرة لمجلس النواب بعدم انتخاب رئيس للجمهورية وبتطيير فريق الممانعة للنصاب لدى تقدم المرشح جهاد ازعور على المرشح سليمان فرنجية، لن تقترن بتدخلات حاسمة وسريعة كما راهن على ذلك بعض الافرقاء اللبنانيين ولا سيما منهم من لا يزالون يستبقون وصول المبعوث الفرنسي الى بيروت الأربعاء المقبل ب”الجزم” بان فرنسا لم تتخل بعد عن دعمها لترشيح فرنجية . وتاليا تستبعد هذه الأوساط ان تكون الازمة الرئاسية اقتربت من تبديل جوهري وجدي في المقاربات الخارجية اذ ان “دور لبنان لم يحن بعد” بمعنى إتمام التفاهمات الكبرى وان أسوأ مراحل الازمة الرئاسية تتمثل راهنا في افتعال العقبات والعراقيل الإضافية لمنع انجاز الاستحقاق إنجازا لبنانيا صرفا دونما رهن الازمة وتداعياتها للانتظارات الخارجية العقيمة .


 

ومع ذلك فان الأسبوع الطالع ستتداخل فيه تداعيات التعقيدات وعض الأصابع والتوترات التي تركتها الجلسة الانتخابية الأخيرة مع تجدد التجاذب النيابي والسياسي اليوم حول الجلسة التشريعية التي دعا اليها رئيس مجلس النواب نبيه بري لدرس مشروعي قانونين يتعلقان بتوفيرالاعتمادات لرواتب ومعاشات القطاع العام بكل اسلاكه حتى نهاية السنة ، اذ تقاطع قوى المعارضة ولا سيما منها كتل “الجمهورية القوية” والكتائب و”تجدد” وعدد من النواب التغييريين والمستقلين هذه الجلسة على أساس رفضهم الثابت لانعقاد جلسات تشريعية قبل انتخاب رئيس للجمهورية . وانتظر المؤيدون للجلسة موقف “تكتل لبنان القوي” من المشاركة في الجلسة او عدمها لتبين ما اذا كانت ستعقد اليوم ام لا . ولكن قرار التكتل كان في انتظار عودة رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل الذي توجه امس الى قطر. ووفق معلومات فانه توجه الى قطر للقاء المسؤولين الذين يتابعون الملف اللبناني.

 

 

مهمة لودريان

وفي غضون ذلك وتبعا لما كانت أوردته “النهار” قبل يومين تأكد رسميا في باريس ان المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي إلى لبنان #جان إيف لو دريان سيصل الأربعاء إلى بيروت لإجراء محادثات مع المسؤولين السياسيين، وفق مصدر دبلوماسي، امس. وأكّد المصدر نفسه لوكالة الصحافة الفرنسية أن تاريخ الزيارة في 21 حزيران مؤكد بعدما تحدثت وسائل إعلام لبنانية عن زيارة لو دريان بيروت “الأسبوع المقبل”. وتحدّث مصدر آخر مطّلع على الملف عن زيارة يوم الأربعاء، لكن لم يحدد أيّ من المصدرين المدة التي سيبقى فيها لودريان في بيروت ولا المسؤولين الذين قد يلتقيهم. وأجرى وزير الخارجية الفرنسي السابق جان إيف لو دريان محادثات مع وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا شاركته خلالها معطيات حول المناقشات التي أجرتها في الأشهر الأخيرة مع مسؤولين لبنانيين.وفي اليوم نفسه، كانت الأزمة السياسية اللبنانية في صلب المحادثات بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال مأدبة غداء. وشدّد المسؤولان على “ضرورة وضع حد سريعاً للفراغ السياسي المؤسساتي في لبنان” . وقالت الرئاسة الفرنسية في بيان مساء الجمعة إن عدم انتخاب رئيس منذ ثمانية أشهر “يبقى العائق الرئيسي أمام معالجة الأزمة الاجتماعية الاقتصادية الحادة” التي يعانيها لبنان”. وأفادت معلومات أولية ان لودريان يزمع اجراء جولة واسعة من اللقاءات والمشاورات مع المسؤولين الرسميين والسياسين وان السفارة الفرنسية وجهت دعوات الى عدد وافر من النواب للقاءات مع لودريان في قصر الصنوبر من دون تحديد مهلة زيارته لبيروت التي يرجح ان تستمر لايام .

 

 

“بدم بارد”

وسط الأجواء المكهربة منذ الجلسة الانتخابية الأخيرة تصاعدت المواقف الانتقادية بحدة للكنيسة ممثلة بالبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة #بطرس الراعي وميتروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة . وسآل الراعي امس “كيف نستطيع مع شعبنا، الذي تكويه في الصميم هذه الأزمات، أن نقبل بمهزلة ما جرى في جلسة انتخاب رئيس للجمهوريّة الأربعاء الماضي، بعد ثمانية أشهر من الفراغ والإنتظار، حيث انتُهك الدستور والنظام الديمقراطيّ بدمٍ بارد، وتوسّع جرح الإنقسام والإنشطار، في وقتٍ يحتاج فيه لبنان إلى شدّ أواصر الوحدة الداخليّة؟ أهكذا نحتفل بمئويّة لبنان المميّز بميثاق العيش معًا مسيحيّين ومسلمين، وبالحريّات العامّة، والديمقراطيّة، والتعدّديّة الثقافيّة والدينيّة في الوحدة؟ أهكذا ننتزع من لبنان ميزة نموذجيّته، ونجرّده من رسالته في بيئته العربيّة؟”.

 

وكان البطريرك الراعي اعلن في اختتام سينودس أساقفة الكنيسة المارونية السبت ، وبمناسبة مرور ١٥ سنة على انطلاق اعمال المؤسسة المارونية للانتشار في لبنان وبلدان الانتشار انه “فيما شعبنا يعيش مأساته الإقتصاديّة والماليّة والمعيشيّة والإجتماعيّة، جاءت جلسة انتخاب رئيس للجمهوريّة الأربعاء الماضي بكيفيّة إيقافها عن مجراها الدستوريّ والديمقراطيّ، لتزيده وتزيدنا ألـمًا معنويًّا، وتجرحنا في كرامتنا الوطنيّة، وتخجلنا بوصمة عار على جبيننا أمام الرأي العام العالميّ، لا سيما والجميع يتطلّعون إلى لبنان بأمل انتخاب الرئيس، لكي يتمكّن من الخروج من أزماته”.واكد: “أمّا من جهتنا فلا نفضّل أحدًا على أحد، بل نأمل أن يأتينا رئيس يكون على مستوى التحديات وأوّلها بناء الوحدة الداخليّة، وإحياء المؤسّسات الدستوريّة، والمباشرة بالإصلاحات المطلوبة والملحّة”.


 

ودعا سينودس أساقفة الكنيسة المارونية في ختام اجتماعه النواب “إلى القيام بواجبهم الوطني والدستوري وانتخاب رئيس للجمهورية، ثم الإسراع في تشكيل حكومة مؤهلة وقادرة تمتلك برنامجًا إصلاحيًا ديناميًا بحيث يكتمل عقد السلطات ويتأمّن توازنها وتعاونها بإرادة وطنية جامعة” . وايد “تأييدًا كاملاً” مواقف البطريرك الراعي “الذي يقوم بالمساعي الحثيثة لتعميق التفاهمات بين جميع اللبنانيين. وقد أكدت هذه المساعي من جديد دور البطريرك المؤتمن التاريخي على كيان لبنان ووحدة أبنائه وعلى دور بكركي التي كانت وستبقى دارًا للتلاقي والحوار بين كل الأطراف اللبنانيين. ودعاه إلى متابعة هذه المساعي لجمع اللبنانيين وإقامة الحوار فيما بينهم، لأن هذا الحوار بات ضروريًا من أجل قراءة نقدية لأحداث الماضي وتنقية الذاكرة وفتح الطريق أمام المصالحة الشاملة”. وشدد على “التمسّك بالثوابت الوطنية، أي العيش المشترك والميثاق الوطني والدستور والصيغة التشاركية بين المكوّنات اللبنانية في النظام السياسي وتطبيقها بشكل سليم.”


 

وبدوره قال المطران عودة امس : “إثنتا عشرة جلسة لانتخاب رئيس لم تكن سوى عمليات إجهاض تمنع إنقاذ بلد، يكون وطنا لجميع أبنائه. لماذا هذا الأسر الذي يقبع فيه بعض النواب الذين يفترض بهم أن يكونوا أحرارا، وأصواتا صارخة بصراخ الشعب اليائس؟ النيابة ليست هروبا من المسؤولية بل هي تمثيل الشعب أحسن تمثيل. هل يؤيد الشعب حقا تصرف نوابه وتقاعسهم عن القيام بواجبهم الأول وهو انتخاب رئيس للجمهورية، لا بالطريقة التي يريدونها بل كما يمليه الدستور؟ هل أحسن التصرف من أدلى بصوته وغادر القاعة وكأنه غير مهتم لا بالبلد ولا بنتيجة الإقتراع؟ هل هكذا تكون الممارسة الديمقراطية؟”. وسأل ” هلضياع صوت أمر عادي لا يستحق الوقوف عنده أو الإعتراض عليه؟ ما هذه العبثية المدمرة؟ كيف سيبنى وطن لا يستطيع نواب الشعب فيه احترام الدستور وانتخاب رئيس، بجدية وديموقراطية، رئيس لكل البلد، يشارك في عملية انتخابه جميع النواب، ويكون خادما للشعب بأسره، لا لجماعات محددة فقط؟ ألم يحن وقت التخلي عن الأنانيات والمصالح من أجل إنقاذ البلد؟”.

 

**************************************************************

افتتاحية صحيفة نداء الوطن

 

لودريان يصل الأربعاء بلا مشروع حوار أو “سان كلو” جديد

الراعي: 14 حزيران إنتهاك للدستور بدم بارد

 

أسطوانة الحوار التي انتَظم “الثنائي” في إدارتها بقوة بعد 14 حزيران، صارت من يوميات هذا الفريق. فهو يحاول طمس وقائع الجلسة الثانية عشرة لإنتخاب رئيس جديد للجمهورية، حيث رجحت في تلك الجلسة كفة مرشح التقاطع جهاد أزعور الذي نال 59 صوتاً على مرشح الممانعة سليمان فرنجية الحائز 51 صوتاً، ولو مضت الجلسة في مسارها المفتوح دستورياً، لكان للبنان اليوم رئيس للجمهورية. لكن “الثنائي” آثر أن يأخذ لبنان رهينة التعطيل بطريقة إمتهنها منذ صار “حزب الله” وصياً على لبنان، بدءاً من عام 2005 بعد إنسحاب جيش الوصاية السوري تحت وطأة ثورة الأرز التاريخية.

 

لكن البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي تصدّى لهذا الفصل الجديد من التعطيل السافر، على مدى يومين. فأطل السبت الماضي في قداس ختام سينودس الكنيسة المارونية، لمناسبة مرور 15عاماً على انطلاق اعمال المؤسسة المارونية للانتشار في لبنان وبلدان الانتشار، وأعلن ان جلسة انتخاب رئيس للجمهورية الأربعاء الماضي بكيفية إيقافها عن مجراها الدستوري والديموقراطي، جاءت لـ”تخجلنا بوصمة عار على جبيننا أمام الرأي العام العالمي”.


 

ثم أكمل الراعي موقفه في عظة الاحد، فسأل: “كيف نقبل بمهزلة ما جرى في جلسة انتخاب رئيس للجمهورية، بعد ثمانية أشهر من الفراغ والإنتظار، حيث انتهك الدستور والنظام الديموقراطي بدم بارد، وتوسّع جرح الإنقسام والإنشطار، في وقت يحتاج فيه لبنان إلى شدّ أواصر الوحدة الداخلية”؟

 

وفي هذا الوقت، عاود رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل أسلوب تسليف “الثنائي” التنازلات، كما سيفعل اليوم في إكمال نصاب الجلسة التشريعية، التي تأتي بعد 4 أيام فقط من “مهزلة” فقدان نصاب جلسة أهم إستحقاق دستوري، كما قال البطريرك الراعي. علماً أن التذرع بموضوع رواتب القطاع العام الذي لا يختلف عليه إثنان في لبنان، كان بالامكان معالجته ضمن حكومة تصريف الأعمال، كما اقترح رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع. فهل هناك من توصيف آخر لسلوك رئيس “التيار”. غير أنّ “حليمة ما زالت على عادتها القديمة”؟ ولا يحتاج الامر الى تأكيد المؤكد، ألا وهو ان باسيل إضطر لسياسة “رجل في الفلاحة”، بإنضمامه الاخير الى التقاطع الرئاسي، لكن بقيت له “رجل في البور”، أي عند “حزب الله”، كما سيثبت ذلك في جلسة ساحة النجمة اليوم.


 

ويذكر ان باسيل عاد امس من قطر بعد زيارة إستمرت 24 ساعة التقى فيها المسؤولين الذين يتابعون الملف اللبناني، بحسب مصادره.

 

ويأتي إنسداد الافق الداخلي بفعل “الثنائي المعطّل” مع تطور في الموقف الفرنسي الذي عاد الى واجهة الاهتمام. وسيتجلى ذلك بعد غد الاربعاء، عندما سيبدأ الموفد الفرنسي وزير الخارجية السابق جان ايف لودريان زيارته لبيروت. وتبدو الزيارة وفق المعلومات لـ”نداء الوطن” ذات طابع استطلاعي، تهدف الى الاستماع إلى آراء المعنيين قبل أن ينتقل لودريان إلى المرحلة الثانية من مهمته، وفيها سيقيّم المعطيات قبل وضع الاقتراحات الممكنة للخروج من الأزمة الرئاسية. ولذلك فإنّ الحديث عن طاولة حوار موسّعة ترعاها باريس، لا يزال باكراً وسابقاً لأوانه. كذلك ليس مطروحاً حالياً الحديث عن مؤتمر “سان كلو” جديد على غرار مؤتمر عام 2007، لئلا يتسبب بإرباكات لفرنسا، وبالتالي فإنّ السياسة الفرنسية حيال الملف اللبناني لن تخرج عن إطار سياسة الاستكشاف.


 

كما تشير المعلومات، إلى أنّ ما رشح من الإدارة الفرنسية، يدلّ على أنّ باريس لم تهمل مطلقاً مبادرتها الأولى التي تقوم على أساس ترئيس رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، ولا يزال هذا السيناريو احتمالاً مطروحاً للنقاش، لكنها صارت منفتحة على طروحات وخيارات وترشيحات أخرى انطلاقاً من العقم الذي أصاب مبادرتها. ونفت ما تروّج له جماعة الممانعة في شأن الموقف الفرنسي الرئاسي، فقالت ان “فرنجية بات نصف الحقيقة”.

 

كذلك، إن مهمة لودريان لا تلغي دور مستشار شمال أفريقيا والشرق الأوسط برئاسة الجمهورية باتريك دوريل، المكلّف متابعة الملف اللبناني.

 

وبحسب المعلومات أيضاً، فإن الاميركيين الذين دخلوا في عملية البحث عن حلول للأزمات في لبنان، صاروا في قلب الصورة ولم يعودوا غير مبالين، كما كانوا من قبل. أما الفرنسيون الذين تشاوروا مع السعوديين، في لقاء الرئيس إيمانويل ماكرون مع ولي العهد الامير محمد بن سلمان حول الدور الايراني، قاموا بهذه الخطوة لتوسيع نطاق الحوار الذي يمهد لعودة اللجنة الخماسية إنطلاقاً من التطورات.

 

وبقي الفريق السعودي المتابع للملف اللبناني كما كان، فهو يضم المستشار في الديوان الملكي نزار العلولا والسفير في لبنان وليد البخاري. وقد حصلت أخيراً اجتماعات في فرنسا بين لودريان والمستشار الرئاسي باتريك دوريل من جهة، والمسؤول السعودي العلولا.

 

وفي صلب هذا المشهد الجديد، وإنطلاقاً من الدور الحالي للبطريرك الراعي بعد زيارته الاخيرة للفاتيكان الذي يدفع للحل بقوة في لبنان، صار واضحاً انه لن يكون هناك رئيس في لبنان ضد إرادة مسيحييه.

 

**********************************************************

 

افتتاحية صحيفة الجمهورية

  الحسم بيد الخارج… لودريان يخيّر المُعطّلين: التسليم بحل رئاسي أو واقع مأسوي؟

سواء اقتنعَ المُكابرون والمزايدون والمعطّلون، أو لم يقتنعوا، فإنّ جلسة الفشل الثاني عشر في انتخاب رئيس للجمهورية طَوَت ما قبلها نهائياً، وفَرطت شمل العشاق وفرضت مقاربات جديدة للملف الرئاسي، بعيداً عن منطق التقاطعات المؤقتة التي سقطت مضرّجة بتصدّعات وتفسّخات غير قابلة للترميم، وبإحراجات يستحيل تبريرها أمام جمهور غدرت به مجموعات وقحة استثمَرَت على وجَعه، وعَربشت على أكتافه بشعارات ومحاضرات العفة التغييرية، وفي لحظة الحقيقة، انخرطت في ما ثبت بما لا يقبل أدنى شك أنه موقعها الطبيعي، كأدوات ناسفة لكلّ تلك الشعارات، نازِعة عنها آخر ورقة توت ساترة لكلّ مسار الخداع الذي انتهَجته منذ 17 تشرين الأول 2019.

باتَ الواقع الداخلي مكشوفاً بالكامل، ومفروزاً الى اصطفافات سياسيّة وانقسامات وأجندات متصادمة انسَدّت معها كل الآفاق التي يمكن من خلالها النفاد الى انفراج رئاسي، وعكست نفسها في 12 جلسة انتخابية فاشلة عَقَدها المجلس النيابي. وكذلك في مُسارعة اطرافها الى اعلان رفضها الإنخراط في أي مسار داخلي يُخلي سبيل رئيس الجمهورية ويُخرجه من زنزانة التعطيل، وهو ما عكسته المكابرات التي أحاطت بالدعوة الاخيرة التي وجّهها رئيس مجلس النواب نبيه بري الى الحوار.

 

لا حل داخلياً

 

هذا المنحى، وعلى ما تقول مصادر سياسية معنية بالملف الرئاسي لـ«الجمهورية»، يؤكّد بما لا يرقى اليه الشكّ، انه بات يوجِب الاعتراف وبصورة أكيدة ونهائيّة باستحالة الرّهان على حلّ داخلي يكسر حلقة التعطيل، وانّ الامعان في سياسة دفن الرؤوس في الرمال وإخفاء حقيقة السبب الجوهري وأدوار مكوّنات الفراغ الرئاسي في تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية، خلف الاصابع، ما هو سوى تذخير لهذه المكونات للإستمرار في هذا المنحى المُتسَيّد على المشهد الرئاسي منذ نحو ثمانية اشهر، وتمديده أشهراً اضافية وربما الى سنوات».

 

وإذا كانت مكونات التعطيل الرئاسي متسلحة في مضيّها في هذا المنحى، بتسلّطها على واقع داخلي متراخٍ امامها، او مستسلم لها، ليس فيه من يجرؤ على أن يردعها ويحملها على تغيير هذا السلوك الذي دَفّع لبنان واللبنانيين أثماناً كبرى، ويُنذر استمراره بأكلاف إضافية أشدّ ثقلاً وارهاقا في شتى المجالات. إلّا أنّ تلك المكوّنات، بحسب المصادر السياسية عينها، قد استنفدت كلّ ما لديها، وآخرها ما تَبدّى في جلسة الفشل الثاني عشر، وبالتالي هي بلغت آخر مداها وأدركت حدودها، وتِبعاً لذلك لن تستطيع ان تكمّل في هذا المنحى إلى ما شاء الله.

 

تسوية ملزمة

 

يتقاطَع ذلك مع معلومات موثوقة، قال مرجع مسؤول لـ«الجمهورية» انّها تَبعث على التفاؤل، لافتاً في هذا السياق الى انّ إشارات وصفها بـ«الجدية جداً»، بدأ رَصدها في أجواء حركة المساعي الخارجية تجاه لبنان، وآخرها لقاء الجمعة الماضي بين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان. امّا فحوى تلك الاشارات فلخّصَها المرجع عينه بقوله: في موازاة الافق الداخلي الغارِق في مناخات الفرز والإنقسام وسَدّ كل طرق ونوافذ الانفراج الرئاسي بمتاريس واتهامات وسياسات وشعبويات حاقدة، هناك تسليم خارجي بعُقم واستحالة حلّ لبناني لأزمة الرئاسة. ومن هنا فإنّ المساعي الخارجية التي يتولاها أشقاء لبنان واصدقاؤه تشد بزخم واضح لإلحاق لبنان بمسار الإنفراجات الإقليمية».

 

وكشف المرجع عينه عمّا سمّاها «معطيات ديبلوماسية» نقلها بعض السفراء، تعكس انّ الملف اللبناني بات على نارٍ أكثر حماوة من ذي قبل، وانّ الجهد الذي يبذله الاصدقاء والاشقاء، وفي الصدارة باريس والرياض، قد أطلقَ صفّارة العدّ التنازلي لمقاربة جديدة وأكثر واقعية للملف الرئاسي، تمهّد لحلّ رئاسي من الخارج، عبر ما سمّاها المرجع عينه «تسوية ملزمة» يتولّد عنها رئيس للجمهورية في القريب العاجل».

 

امّا جوهر هذه التسوية، فقال المرجع انه لا توجد اي معطيات حول تفاصيلها، الا ان عنوانها العريض وجوهرها يرتكزان على اولويتين متلازمتين: رئاسة الجمهورية والحكومة. خلاصتهما انه اذا كان انتخاب رئاسة الجمهورية امراً ملحّاً، فإنّ حكومة ما بعد الانتخاب، برئيسها وتركيبتها لا تقل ضرورة وإلحاحاً وإمّا لماذا هذا التلازم، فلأن ثمة خشية لا يُخفيها الفرنسيون من ان عدم حسم الأولوليتين معاً قد يؤدي انتقال الازمة من كونها رئاسية، الى ازمة حكومية، تعقّد تسمية رئيسها وكذلك تأليفها، وتؤخر بالتالي ما هو منتظر منها من خطوات وإجراءات انقاذية واصلاحية تفتح الباب على مساعدات مالية يحتاجها لبنان بشدة، وهذا التأخير معناه مُفاقمة أزمة لبنان أكثر اقتصادياً وماليّاً.

 

مهمة لودريان: قائد الجيش

 

وسط هذه الاجواء، من المقرر أن يصل وزير الخارجية الفرنسية السابق جان ايف لودريان موفداً شخصياً للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ونقلت وكالة «فرانس برس»، عن مصادر، بأنّ لودريان سيجري محادثات مع المسؤولين السياسيين، وقد سبق له ان أجرى محادثات مع وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا شارَكَته خلالها معطيات حول المناقشات التي أجرتها في الأشهر الأخيرة مع مسؤولين لبنانيين.

 

وفيما لم تُشِر الوكالة الى المدة التي سيقضيها في لبنان، ولا الى برنامج لقاءات لودريان، أُفيد بأنّ السفارة الفرنسية وجهت الدعوة الى عدد من رؤساء الكتل والاحزاب اللبنانية للمشاركة في حفل غداء يقيمه لودريان في قصر الصنوبر ظهر يوم الجمعة المقبل.

 

وأبلغت مصادر ديبلوماسية مسؤولة الى «الجمهورية» قولها ان لودريان سيُطلق في لبنان «مهمة الفرصة الاخيرة»، التي تأتي في هذا التوقيت محصّنة بزخم كبير من اللقاء الاخير بين الرئيس الفرنسي وولي العهد السعودي.

 

وكشفت انّ لودريان يحمل معه الى بيروت طرحا جديدا يحظى بدعم دولي حوله، يتمثّل في انتخاب قائد الجيش العماد جوزف عون رئيساً للجمهورية، بعدما ظَهّرت جلسة الانتخاب الاخيرة عجز مختلف الاطراف السياسية في تمرير خياراتها.

 

إلّا انّ مصادر سياسيّة تساءلت عن كيفية عبور هذا الطرح، خصوصاً انّ ثمّة اعتراضات مُسبقة أبدَتها بعض الجهات السياسية، لا سيما حركة «امل» و«حزب الله» الداعمان لترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، ويؤكدان ان انتخاب قائد الجيش يتطلّب تعديلا دستوريا، وكذلك الامر بالنسبة الى التيار الوطني الحر.

 

ولفتت المصادر الى أن مهمّة لودريان تنطلق من ان هناك خيارين وحيدين امام القادة في لبنان، إمّا إدراك مصلحة لبنان وتغليبها على الحسابات السياسية والحزبية والتسليم بحل رئاسي يُفضي الى انتخاب رئيس للجمهورية في وقت قريب جداً يَليه تشكيل حكومة على وجه السرعة، وإمّا «الانتحار الجماعي» عبر البقاء في دوامة التعطيل والانقسام، وهذا معناه فتح الباب واسعا امام سيناريوهات دراماتيكية، لا تهدد بتعميق الازمة المالية والاقتصادية فقط، بل تهدد وجود لبنان وبقاءه كدولة ووطن. ومعلوم في هذا السياق ان لودريان قد أطلقَ تحذيراً للقادة في لبنان مع بدايات الازمة فيه من المنحى الذي يسلكونه ويؤدي الى «الانتحار الجماعي»، في بلد شَبّهَه بسفينة التايتانيك التي تغرق ولكن من دون موسيقى. وأبدى تحوّفا جديا من ان نصل الى وقتٍ، مع تَفاقم ازمة لبنان واستمرار تقاعس القادة السياسيين وعدم قيامهم بواجباتهم تجاه بلدهم، يختفي فيه لبنان ونخسره كدولة ووطن.

 

عاطفة فرنسية وسعودية

 

وسألت «الجمهورية» مصادر ديبلوماسية فرنسية عن نتائج لقاء الرئيس الفرنسي وولي العهد السعودي، فاكتفت بالقول: ان الرئيس ماكرون والامير محمد بن سلمان تباحثا في تفاصيل الوضع في لبنان وتعقيداته، وأسّسا لما يمكن القيام به لمعالجة الازمة في لبنان.

 

وقالت المصادر ان المقاربة اللبنانية تقاطَعت عند عاطفة عبّر عنها الزعيمان تجاه لبنان، وارادة مشتركة بينهما بأنّ الضرورة باتت مُلحّة جداً لإنهاء المأساة التي يعيشها لبنان، والسيّد لودريان سيتحرك في مهمّته في لبنان على هذا الاساس، والتأكيد للقادة اللبنانيين على اختلاف توجهاتهم السياسية بأنه بات من المُلحّ أن يرتقوا الى مستوى مسؤولياتهم في العمل جديا لتعافي لبنان بسرعة، وإخراجه من مأزقه السياسي».

 

الى ذلك، نقلت مصادر ديبلوماسية لبنانية عما سَمّتها مستويات فرنسية مسؤولية تخوّفها وتحذيرها في آنٍ معاً من ان استمرار الوضع في لبنان على حاله من التعطيل لانتخاب رئيس الجمهورية، والتأخير في تشكيل حكومة انقاذ، من شأنهما أن ينحدرا بلبنان الى انفجار ووضع كارثي تشمل عواقبه كل اللبنانيين، وهو ما يضع الايليزيه والرئيس ماكرون كل ثقله في الملف اللبناني لتجنيب هذا البلد من ان ينزلق الى هذا الانهيار.

 

الجلسة التشريعية

 

على الصعيد التشريعي، من المقرر ان يعقد المجلس النيابي اليوم جلسة تشريعية برئاسة الرئيس نبيه بري، لدرس واقرار بنود مالية عاجلة متعلقة بفتح اعتمادات لصرف رواتب موطفي القطاع العام، حيث من دون إقرارها معناه ان لا رواتب للموظفين.

 

 

وكان جدول اعمال الجلسة محور اللقاء الذي عُقد بين رئيس المجلس ورئيس حكومة تصريف الاعمال، وبرغم ان هذه الجلسة مرجّح ان يكتمل نصاب انعقادها، خصوصاً انّ كتلاً اساسية تزيد عن الـ65 نائبا، قررت المسشاركة فيها، ومن بينها نواب التيار الوطني الحر الذي اعلن بعض نوابه انه «اذا كانت ثمة امور طارئة، واذا كان الحل متعذراً لرواتب القطاع العام» فإنّ الحضور ضروري، لوحِظ ان ثمة نوايا لدى بعض المكونات النيابية المعارضة للعمل على تعطيل نصاب الجلسة، حيث استبقوا الجلسة بإعلان عدم مشاركتهم فيها… وبات مؤكداً في هذا السياق عدم مشاركة نواب القوات اللبنانية وكتلة «تجدد».

 

الراعي

 

على صعيد المواقف، قال البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، في عظة قداس الأحد امس، «إنَّ المسؤول الذي لا يصلي لن يسمع كلام الله في ضميره، ولا أنين من هم في دائرة مسؤوليّته. أليس هذا أصل أزمتنا السياسيّة في لبنان وما يتفرّع عنها من أزمات اقتصاديّة وماليّة ومعيشيّة واجتماعيّة وإنمائيّة؟ المسؤوليّة هي نوع من الأبوّة».

 

وسأل الراعي: «كيف نستطيع مع شعبنا، الذي تكويه في الصميم هذه الأزمات، أن نقبل بمهزلة ما جرى في جلسة انتخاب رئيس للجمهوريّة الأربعاء الماضي، بعد ثمانية أشهر من الفراغ والإنتظار، حيث انتُهك الدستور والنظام الديمقراطيّ بدمٍ بارد، وتوسّع جرح الإنقسام والإنشطار، في وقتٍ يحتاج فيه لبنان إلى شدّ أواصر الوحدة الداخليّة؟ أهكذا نحتفل بمئويّة لبنان المميّز بميثاق العيش معًا مسيحيّين ومسلمين، وبالحريّات العامّة، والديمقراطيّة، والتعدّدية الثقافيّة والدينيّة في الوحدة؟ أهكذا ننتزع من لبنان ميزة نموذجيّته، ونُجرّده من رسالته في بيئته العربيّة؟ فلا بدّ من عودة كلّ مسؤول إلى الصلاة والوقوف في حضرة الله بروح التواضع والتوبة والإقرار بخطئه الشخصيّ، لكي يصحّح خطأه، ويتطلّع إلى حاجة الدولة والمواطنين من منظار آخر».

 

وكان البطريرك الراعي قد أكد، في ختام سينودس أساقفة الكنيسة المارونية، أنه «فيما شعبنا يعيش مأساته الإقتصاديّة والماليّة والمعيشيّة والإجتماعيّة، جاءت جلسة انتخاب رئيس للجمهوريّة الأربعاء الماضي بكيفيّة إيقافها عن مجراها الدستوريّ والديموقراطيّ، لِتزيده وتزيدنا ألـمًا معنويًّا، وتجرحنا في كرامتنا الوطنيّة، وتخجلنا بوصمة عار على جبيننا أمام الرأي العام العالميّ، لا سيما انّ الجميع يتطلّعون إلى لبنان بأمل انتخاب الرئيس، لكي يتمكّن من الخروج من أزماته».

 

وختم: «أمّا من جهتنا فلا نفضّل أحدًا على أحد، بل نأمل أن يأتينا رئيس يكون على مستوى التحديات وأوّلها بناء الوحدة الداخليّة، وإحياء المؤسّسات الدستوريّة، والمباشرة بالإصلاحات المطلوبة والملحّة».

 

وفي بيان السنودس، دعا اساقفة الكنيسة المارونية النواب الى «القيام بواجبهم الوطني والدستوري وانتخاب رئيس للجمهورية، ثم الإسراع في تشكيل حكومة مؤهلة وقادرة تمتلك برنامجًا إصلاحيًا ديناميًا بحيث يكتمل عقد السلطات ويتأمّن توازنها وتعاونها بإرادة وطنية جامعة».

وأيّد الاساقفة «تأييدا كاملا مواقف البطريرك الراعي الذي يقوم بالمساعي الحثيثة لتعميق التفاهمات بين جميع اللبنانيين»، ودَعوه الى متابعة هذه المساعي لجمع اللبنانيين وإقامة الحوار فيما بينهم، حوار المحبة في الحقيقة، لأن هذا الحوار بات ضروريًا من أجل قراءة نقدية لأحداث الماضي وتنقية الذاكرة وفتح الطريق أمام المصالحة الشاملة. كما يؤكدون على تمسّكهم بالثوابت الوطنية، أي العيش المشترك والميثاق الوطني والدستور والصيغة التشاركية بين المكوّنات اللبنانية في النظام السياسي وتطبيقها بشكل سليم.

 

عودة

 

اما متروبوليت بيروت وتوابعها لطائفة الروم الارثوذكس المطران الياس عودة فقال خلال قداس الاحد امس: «إن بلدنا يعاني بسبب يد الشر التي تتلاعب به وتتقاذفه غير آبهة إلا بمصالح من استعبدوا أنفسهم لخدمتها. إثنتا عشرة جلسة لانتخاب رئيس لم تكن سوى عمليات إجهاض تمنع إنقاذ بلد، يكون وطنا لجميع أبنائه. لماذا هذا الأسر الذي يقبع فيه بعض النواب الذين يفترض بهم أن يكونوا أحرارا، وأصواتا صارخة بصراخ الشعب اليائس؟ النيابة ليست هروبا من المسؤولية بل هي تمثيل الشعب أحسن تمثيل. هل يؤيد الشعب حقا تصرف نوابه وتقاعسهم عن القيام بواجبهم الأول وهو انتخاب رئيس للجمهورية، لا بالطريقة التي يريدونها بل كما يمليه الدستور؟ هل أحسن التصرف من أدلى بصوته وغادر القاعة وكأنه غير مهتم لا بالبلد ولا بنتيجة الإقتراع؟ هل هكذا تكون الممارسة الديمقراطية؟ وهل ضياع صوت أمر عادي لا يستحق الوقوف عنده أو الإعتراض عليه؟ ما هذه العبثية المدمرة؟ كيف سيبنى وطن لا يستطيع نواب الشعب فيه احترام الدستور وانتخاب رئيس، بجدية وديموقراطية، رئيس لكل البلد، يشارك في عملية انتخابه جميع النواب، ويكون خادماً للشعب بأسره، لا لجماعات محددة فقط؟ ألم يَحن وقت التخلي عن الأنانيات والمصالح من أجل إنقاذ البلد».

 

**********************************************************

افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط

 

الراعي: نواب لبنان ينتهكون النظام بـ«دم بارد»


«حزب الله» حمّل «رافضي الحوار» مسؤولية إطالة الفراغ و«الوطني الحر» يتحدث عن «حملة ممنهجة» ضده

 

رفع البطريرك الماروني بشارة الراعي من وتيرة انتقاداته للنواب اللبنانيين بعد فشلهم في إنهاء الشغور الرئاسي المتواصل منذ 8 أشهر، واصفاً جلسة الانتخاب الـ12 بالـ«مهزلة»، ومؤكداً أن الدستور والنظام الديمقراطيّ «انتُهكا بدمٍ بارد»، في مقابل تأكيد «حزب الله» أن الجلسة «حملت رسالة واضحة وحاسمة بأن لا خيار إلا بالحوار»، محملاً رافضيه مسؤولية الاستمرار بالشغور الرئاسي، في حين قال «التيار الوطني الحر» إنه يتعرض لحملة ممنهجة على خلفية الترشيحات الرئاسية.

 

وفشل البرلمان، الأربعاء الماضي، للمرة الـ12، في إنهاء الشغور الرئاسي، حيث انقسم البرلمان بين قوى مؤيدة للوزير السابق جهاد أزعور، ويأتي في مقدمها «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» و«الحزب التقدمي الاشتراكي» و«حزب الكتائب اللبنانية» وبعض المستقلين والتغييريين، فيما التزم داعمو الوزير الأسبق رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية بالتصويت له، وفي مقدمهم «حزب الله» و«حركة أمل» وحلفاء لهما. وانسحب داعمو فرنجية بعد انقضاء الجلسة الأولى، التي نال فيها أزعور 59 صوتاً، وفرنجية 51 صوتاً، ما حال دون عقد جلسة انتخاب ثانية نظراً إلى فقدان النصاب القانوني (86 نائباً).

 

ويحتاج المرشّح في الدورة الأولى إلى غالبية الثلثين، أي 86 صوتاً، للفوز. وتصبح الغالبية المطلوبة إذا جرت دورة ثانية 65 صوتاً. لكن النصاب يتطلب حضور الثلثين في الدورتين.

 

وسأل الراعي في عظة الأحد: «كيف نستطيع مع شعبنا، الذي تكويه في الصميم هذه الأزمات، أن نقبل بمهزلة ما جرى في جلسة انتخاب رئيس للجمهوريّة الأربعاء الماضي، بعد 8 أشهر من الفراغ والانتظار، حيث انتُهك الدستور والنظام الديمقراطيّ بدمٍ بارد، وتوسّع جرح الانقسام والانشطار، في وقتٍ يحتاج فيه لبنان إلى شدّ أواصر الوحدة الداخليّة؟».

 

 

وأضاف: «أهكذا نحتفل بمئويّة لبنان المميّز بميثاق العيش معاً مسيحيّين ومسلمين، وبالحريّات العامّة، والديمقراطيّة، والتعدّديّة الثقافيّة والدينيّة في الوحدة؟ أهكذا ننتزع من لبنان ميزة نموذجيّته، ونجرّده من رسالته في بيئته العربيّة؟». وأكد الراعي أنه «لا بدّ من عودة كلّ مسؤول إلى الصلاة والوقوف في حضرة الله بروح التواضع والتوبة والإقرار بخطئه الشخصيّ، لكي يصحّح خطأه، ويتطلّع إلى حاجة الدولة والمواطنين من منظار آخر».

وعلى خطى الراعي، قال متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس، المطران إلياس عودة، إن «بلدنا يعاني بسبب يد الشر التي تتلاعب به وتتقاذفه غير آبهة إلا بمصالح من استعبدوا أنفسهم لخدمتها». وقال عودة: «اثنتا عشرة جلسة لانتخاب رئيس لم تكن سوى عمليات إجهاض تمنع إنقاذ بلد، يكون وطناً لجميع أبنائه»، وسأل: «لماذا هذا الأسر الذي يقبع فيه بعض النواب الذين يفترض بهم أن يكونوا أحراراً، وأصواتاً صارخة بصراخ الشعب اليائس؟».

 

«هل يؤيد الشعب حقاً تصرف نوابه وتقاعسهم عن القيام بواجبهم الأول، وهو انتخاب رئيس للجمهورية؟»

 

المطران إلياس عودة


 

وشدد عودة على أن «النيابة ليست هروباً من المسؤولية، بل هي تمثيل الشعب أحسن تمثيل»، وسأل: «هل يؤيد الشعب حقاً تصرف نوابه وتقاعسهم عن القيام بواجبهم الأول، وهو انتخاب رئيس للجمهورية، لا بالطريقة التي يريدونها، بل كما يمليه الدستور؟ هل أحسن التصرف من أدلى بصوته وغادر القاعة، وكأنه غير مهتم بالبلد ولا بنتيجة الاقتراع؟ هل هكذا تكون الممارسة الديمقراطية؟ وهل ضياع صوت أمر عادي لا يستحق الوقوف عنده أو الاعتراض عليه؟ ما هذه العبثية المدمرة؟ كيف سيُبنى وطن لا يستطيع نواب الشعب فيه احترام الدستور وانتخاب رئيس، بجدية وديمقراطية، رئيس لكل البلد، يشارك في عملية انتخابه جميع النواب، ويكون خادماً للشعب بأسره، لا لجماعات محددة فقط؟ ألم يحن وقت التخلي عن الأنانيات والمصالح من أجل إنقاذ البلد؟».

 

ويحول الاختلاف على أسماء المرشحين، وغياب أي أفق للتفاهم، دون إنهاء الشغور المتواصل منذ 8 أشهر، فيما لا يمتلك أي من الفريقين أكثرية نيابية تحسم التصويت. ويتبادل الطرفان شروطاً للحوار، حيث يشترط «حزب الله» أن يكون اسم فرنجية ضمن قائمة الأسماء التي يجب التحاور حولها، فيما يرفض معارضو وصوله ذلك، ويعتبرون أن إدراج اسمه هو شرط مسبق.

 

«حزب الله»: الحوار

وقال عضو المجلس المركزي في «حزب الله»، الشيخ نبيل قاووق، إن «جلسة الأربعاء حملت رسالة واضحة وحاسمة بأن لا خيار إلا بالحوار، ودعمت مسار الحوار بشكل ملموس، وباعدت أولئك الواهمين والحالمين عن شعاراتهم غير الواقعية، وأعادتهم إلى الواقع بأن شعاراتهم أكبر من أحجامهم، وأن البلد لا يحتمل مزيداً من المغامرات غير المحسوبة».

 

وقال، في تصريح له، إن «(حزب الله) و(حركة أمل) يجددان الموقف الوطني الداعي إلى حوار غير مشروط على مستوى المرشحين والمشاركين»، لافتاً إلى أن «(حزب الله) و(حركة أمل) لم يفرضا الشروط على أحد، ولم يطالبا بتخلي الآخرين عن مرشحهم من أجل الحوار، وإنما جماعة التحدي والمواجهة هم من يضعون شرطاً مسبقاً للحوار بأن يتخلى (حزب الله) و(حركة أمل) عن مرشحهما، وهذا هو الفرض بحد ذاته».

واعتبر أن «من يرفض الحوار، يتحمل مسؤولية إطالة أمد الفراغ الرئاسي، ويعمق الأزمة، ولا يتحمل المسؤولية الوطنية في هذه اللحظة التاريخية».

 

وفي السياق نفسه، اتهم «حزب الله» خصومه بأنهم لم يقدموا مرشحاً جدياً، حيث قال النائب إبراهيم الموسوي إن «الفريق الآخر قدّم مرشح مناورة لإسقاط ترشيح الوزير فرنجية، وهذا النكد السياسي لا يبني وطناً ولا يحل أي أزمة، هؤلاء لم يجتمعوا على برنامج أو رؤية للحل من خلال ترشيحهم المزعوم، وكانت نيتهم غير سليمة منذ البداية، وهذا كان سيأخذ لبنان إلى مشكلة كبيرة».

 

انقسام «التغييريين»

ولم تخلُ جلسة الأربعاء من تداعيات على بعض الكتل النيابية، بينها كتلة نواب «التغيير» التي انقسمت بين التصويت لأزعور، والتصويت للوزير الأسبق زياد بارود.

 

ورأى النائب إبراهيم منيمنة أن جلسة الأربعاء «أفرزت إقراراً بالتوازن السياسي داخل المجلس، ما يشكل فرصة للتفكير ملياً بكيفية المضي قدماً، في وقت لم ينجح الفريق الداعم لرئيس (تيار المردة) سليمان فرنجية بتثبيته، بعدما باتت تحيط ترشيحه علامات استفهام عدة»، وقال: «لو كان الأمر محسوماً لصالحه لمضى الرئيس نبيه بري نحو دورة ثانية وانتخابه رئيساً، لكن الوقائع مختلفة، وتثبت عدم القدرة على فرض مرشح».

 

وأيّد منيمنة، في حديث إذاعي، «أي حوار داخل مجلس النواب، عنوانه رئاسة الجمهورية، وفق أجندة واضحة، بعيداً عن التجاذب وصراع النفوذ، مع رفضه المطلق لانتخابات نيابية مبكرة، فالبلد لا يحتمل، والناس في مكان آخر»، داعياً إلى «التركيز على ما يمكن فعله في هذه المرحلة للخروج من المأزق».

 

«الوطني الحر»: حملة ممنهجة

قال «التيار الوطني الحر»، الذي يرأسه النائب جبران باسيل، إنه يتعرض لحملة ممنهجة، وذلك على خلفية التباينات بين أعضاء في تكتله النيابي حول الترشيحات للانتخابات الرئاسية، والاتهامات الموجهة لبعض نوابه بعدم الالتزام بالاقتراع لصالح المرشح الذي تقاطع فيه باسيل مع معارضين آخرين، وهو التصويت لأزعور.

 

وكان مفاجئاً حصول فرنجية على 51 صوتاً، ما دفع البعض للتشكيك بالتزام نواب «تكتل لبنان القوي» بالكامل بالتصويت لأزعور.

 

أكد النائب سيمون أبي رميا التزام نواب «التيار الوطني الحر» بالتقاطع الذي حصل مع القوى الأخرى حول الاستحقاق الرئاسي، داحضاً «كل الافتراءات والأكاذيب التي طالت نواباً من التيار في الانتخابات الرئاسية» يوم الأربعاء الماضي.

 

وفي لقاء مع ناشطين في «التيار الوطني الحر» في منزله في إهمج، قال أبي رميا: «إنها حملة ممنهجة يتعرض لها التيار، وسنتصدى لها بقناعاتنا المرتكزة على مصلحة لبنان ووحدة التيار». وأشار أبي رميا إلى أنه «لا يمكن تخطي الإرادة المسيحية، ولا يمكن فرض مرشح رئاسي بمعزل عن الحوار الصادق مع المكوّنات السياسية في البلد، ليكون لدينا رئيس إنقاذي وإصلاحي».

 

 

**************************************************************

افتتاحية صحيفة اللواء

«توجُّس مسيحي» من مهمة لودريان قبل غداء السفارة!

مصير الرواتب يتقرَّر في الجلسة التشريعيَّة اليوم.. والراعي يصف جلسة 14 حزيران بـ«المهزلة»

 

مع أن الجلسة التشريعية التي دعا الرئيس نبيه بري لانعقادها اليوم، تحمل ما يكفي من المؤشرات لمعرفة مدى إمكان التغلب على طروحات معيقة من هنا او هناك أمام استحقاق الرواتب للعاملين في القطاع العام من عسكريين ومدنيين في الخدمة او متقاعدين بدءاً من «عيدية الأضحى» وما تبقى من العام او فتح الأحوال السياسية امام موجات جديدة من الاضطرابات في السياسة وفي الشارع.

مع هذه الوصفية، فإن الترقب الرسمي والسياسي لمهمة الموفد الرئاسي الفرنسي الشخصي جاك- ايف لودريان، الذي يصل الى بيروت قبل اسبوع من عيد الاضحى المبارك الذي يصادف الاربعاء في 28 الجاري بقي الحاضر الأكبر في عملية اعداد ما يمكن ان يحمله الضيف الفرنسي وما يمكن ان يسهم من هذا المسؤول او ذاك..

وحسب المعلومات المتاحة فإن لودريان لن يغرق في الاستماع الى ما يعرفه جيداً عن اسباب عدم التمكن من انتخاب رئيس جديد للجمهورية، بل سينطلق من رؤية الكتل ورؤساء الاحزاب للمخرج او المخارج الممكنة، قبل ان يعكف على استخلاص النتائج من اوراقه اللبنانية، ووضع تقرير مختصر لإيمانويل ماكرون حول ما يتعين عمله لإنهاء الشغور الرئاسي، في ضوء بعض من التفويض العربي للرئيس الفرنسي، الذي يمكن ان يكون حصل على دعم ايراني مماثل في ما خص انتخابات الرئاسة.

خارج السياق، عاد رئيس تكتل لبنان القوي النائب جبران باسيل من قطر، بعد زيارة استمرت 24 ساعة، تناولت بطبيعة الحال المقاربة القطرية لانهاء الشغور الرئاسي، عبر تجديد طرح العماد جوزاف عون لرئاسة الجمهوري، وهو الامر الذي لم يحظ بعد بقبول باسيل، الذي يروّج القريبون منه انه يتعاطى بحذر مع مهمة لودريان من زاوية المعلومات التي تحدثت عن عدم اسقاط الجانب الفرنسي صيغة ترشيح فرنجية وانتخاب مقابل رئاسة الحكومة ومناصب في الحكومة وحاكمية مصرف لبنان وقطاع النفط.

وحسب المعلومات الديبلوماسية المسرَّبة فإن ماكرون وضع البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي بأنه سيرسل لودريان كموفد شخصي إعراباً عن اهتمامه الشديد بلبنان، وانه سيثير مع الجانب السعودي والايراني كيفية العمل لانجاز هذا الملف..

وكشف مصدر مطلع ان لودريان الذي وضع خارطة طريق لمهمته، سيلتقي الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي، والبطريرك الماروني ورؤساء الكتل، حيث وجَّه الدعوة الى حضور غداء لممثلي الكتل والاحزاب في السفارة الفرنسية يوم الجمعة، شبيه باللقاء الذي عقده الرئيس ماكرون عندما اتى الى بيروت غداة انفجار 4 آب في مرفأ بيروت.

وبعد اللقاء، سيضع لودريان تقريرا حول ما اذا لمس تقاربا في مواقف الكتل ام ان التباعد هو سيّد الموقف في ضوء تمسك الثنائي الشيعي بالنائب سليمان فرنجية، ورفض النائب باسيل والمعارضة المسيحية وعدد من النواب التغييريين بالوقوف ضده، مع اعتراض مسيحي متعدد على العماد جوزاف عون.

هذا في المرحلة الاولى، اما في المرحلة الثانية، فستبدأ عملية التنسيق بين فرنسا والمملكة العربية السعودية عبر لقاء خلية الرئاسة اللبنانية المكونة من المستشار نزار عالولا والسفير في بيروت وليد بخاري، في ضوء ما سمعه ماكرون من الامير محمد بن سلمان من استعداد للتنسيق مع الجانب الفرنسي لإنهاء الشغور الرئاسي.

وعليه، ستكون مهمة لودريان دبلوماسية في الخارج لجهة التفاهم مع كل من الرياض وطهران لوضع تفاهم يؤدي الى ممارسة دور في ما خصَّ الاتفاق على صيغة متكاملة لانجاز انتخاب الرئيس.

وكشف النائب طوني فرنجية انه تلقّى دعوة لغداء السفارة، مشيرا الى ان ما نراه هو استكمال وترسيخ ما بدأ مع دوريل.

وكشفت مصادر سياسية إلى ان لودريان، لن يحمل في جعبته اي اقتراحات حلول جاهزة للازمه حتى الساعة، وخصوصا بعد فشل المبادرة الفرنسية التي روج لها الاعلام المحلي والعربي، والتي ارتكزت بصورة رئيسية على ترشيح فرنجية للرئاسة والقاضي نواف سلام لرئاسة الحكومة من دون، بعد بروز معارضة مسيحية وازنة لها وعدم قدرة الاطرف الداعمة لها لتسويقها.

وتوقعت المصادر ان يتولى لودريان خلال لقاءاته مع الاطراف السياسيين، السماع لآرائهم واقتراحاتهم، في كيفية الخروج من الازمة، ومدى استعدادهم لقبول اي مقترحات جديدة تساهم في الحلول المطروحة للازمة من دون الكشف عن مضمونها، يعمد بعدها الى تدوين تفصيلي لكل ما سمعه، ثم يتولى وضع تقرير شامل على ان يرفعه لاحقا الى الرئيس ماكرون لاتخاذ الخطوة المقبلة، التي يبدو انها محاطة بصعوبات وعوائق عديدة، قد تؤخر اجتراح اي حل مطلوب، اذا بقي الانقسام السياسي الحاد على حاله داخليا.

واشارت المصادر أن محاولة بعض الاطراف الرهان على مهمة المبعوث الرئاسي الفرنسي ايف لودريان لحل ازمة الفراغ الرئاسي وانتخاب رئيس للجمهورية، هي للتهرب من مسؤوليته في تعطيل الانتخابات الرئاسية، كما ظهر بوضوح خلال تهريب نصاب الدورة الثانية من جلسة مجلس النواب التي عقدت الخميس الماضي وسادها تجاوزات دستورية، لم يتم حلها بالطرق الدستورية، ولاسيما وجود الظرف الفارغ من دون اسم اي من المرشحين المطروحين للرئاسة، ما يطرح اكثر من تساؤل عن النوايا المبيتة جراء ذلك، والخشية من اطالة امد الفراغ الرئاسي الى وقت غير معلوم.

في هذه الاثناء يستمر التوتر السياسي الداخلي، بحيث اعلنت كتل الكتائب والقوات اللبنانية و«تجدد» ونائب «التغيير» مارك ضو مقاطعة «جلسة تشريع الضرورة» المقررة اليوم في المجلس النيابي، للبحث في بندي توفير الاعتمادات لرواتب ومستحقات موظفي القطاع العام، لكن لم يعرف موقف باقي نواب التغيير، لا سيما بعد اعلان النائبين حليمة قعقور التي قالت: أنه لم يعد هناك شيء اسمه تكتل نواب التغيير منذ فترة ولم تعد هناك من اجتماعات. وابراهيم منيمنة الذي اعلن «عن خلافات داخل كتلة التغيير، لا سيما حول المقاربات المالية».

كما علمت «اللواء» ان كتلة التيار الوطني الحر عقدت اجتماعاً متأخراً ليل امس لتقرير الموقف من حضور لجلسة او عدمه. فيما قال عضو كتلة اللقاء الديموقراطي النائب الدكتور بلال عبد الله عبر «تويتر»: «أكرر ما قلته في جلسة مناقشة أقتراحات القوانين المطروحة على جدول أعمال الجلسة : كرامة المواطن الموظف المدني او العسكري او المتقاعد وأمنهم الصحي والاجتماعي، في ظل التعثر السياسي، لن تعوضها الدساتير والقوانين والأنظمة التي تستخدم غب الطلب عند الحاجة لتسجيل النقاط.. لا للتعطيل.

وعشية موعدي الجلستين التشريعية اليوم والحكومية غدا او بعده اذا تم التوافق عليها، استقبل الرئيس بري الرئيس ميقاتي، حيث كان عرض للأوضاع العامة والمستجدات السياسية ولا سيما موضوع جلسة التشريع وتوفير الاعتمادات. بعد اللقاء غادر الرئيس ميقاتي دون الادلاء بتصريح. فيما استقبل بري الوزير السابق غازي العريضي، (وبالطبع موفدا من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي المستقيل وليد جنبلاط).

وسأل البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي في عظة قداس الاحد: كيف نستطيع مع شعبنا، الذي تكويه في الصميم هذه الأزمات، أن نقبل بمهزلة ما جرى في جلسة انتخاب رئيس للجمهوريّة الأربعاء الماضي، بعد ثمانية أشهر من الفراغ والانتظار، حيث انتُهك الدستور والنظام الديمقراطيّ بدمٍ بارد، وتوسّع جرح الإنقسام والانشطار، في وقتٍ يحتاج فيه لبنان إلى شدّ أواصر الوحدة الداخليّة؟ أهكذا نحتفل بمئويّة لبنان المميّز بميثاق العيش معًا مسيحيّين ومسلمين، وبالحريّات العامّة، والديمقراطيّة، والتعدّديّة الثقافيّة والدينيّة في الوحدة؟ أهكذا ننتزع من لبنان ميزة نموذجيّته، ونجرّده من رسالته في بيئته العربيّة؟ فلا بدّ من عودة كلّ مسؤول إلى الصلاة والوقوف في حضرة الله بروح التواضع والتوبة والإقرار بخطئه الشخصيّ، لكي يصحّح خطأه، ويتطلّع إلى حاجة الدولة والمواطنين من منظار آخر.

الى ذلك، صدر يوم السبت البيان الختاميّ لسينودس أساقفة الكنيسة المارونية، وتضمن فقرة في السياسة الوطنية جاء فيها: إن تراكم الأحداث في لبنان والأخطاء السياسية والجرائم المالية والتمادي في سياسة الفساد خلال العقود الثلاثة الأخيرة، أدّى إلى تهالك الأخلاق والقيم على صعيد الحياة الاجتماعية والسياسية والإعلامية، وإلى تفكك الدولة.

اضاف: لذا إننا ندعو النواب إلى القيام بواجبهم الوطني والدستوري وانتخاب رئيس للجمهورية، ثم الإسراع في تشكيل حكومة مؤهلة وقادرة تمتلك برنامجاً إصلاحياً ديناميًا بحيث يكتمل عقد السلطات ويتأمّن توازنها وتعاونها بإرادة وطنية جامعة.

وقال: يؤيد الآباء تأييداً كاملاً مواقف البطريرك الراعي، الذي يقوم بالمساعي الحثيثة لتعميق التفاهمات بين جميع اللبنانيين. وقد أكدت هذا المساعي من جديد على دور البطريرك المؤتمن التاريخي على كيان لبنان ووحدة أبنائه، وعلى دور بكركي التي كانت وستبقى دارًا للتلاقي والحوار بين كل الأطراف اللبنانيين. ويدعونه إلى متابعة هذه المساعي لجمع اللبنانيين وإقامة الحوار في ما بينهم، حوار المحبة في الحقيقة، لأن هذا الحوار بات ضروريًا من أجل قراءة نقدية لأحداث الماضي وتنقية الذاكرة وفتح الطريق أمام المصالحة الشاملة.

 

****************************************************

افتتاحية صحيفة الديار

 

لودريان في بيروت الأربعاء…هل ينجح المبعوث الفرنسي «المجرّب» في التقريب بين طرفيّ النزاع؟

 أجواء القمّة الفرنسيّة ــ السعوديّة ستظهر في مُحادثاته… هل تطلب باريس أن يحصل الحوار اللبناني فيها؟

رواتب مُوظفي القطاع العام رهن مُشاركة «التيار الوطني الحرّ» على أساس «تشريع الضرورة» – بولا مراد

 

سيكون اللبنانيون اليوم مع حفلة جديدة من السجالات والاخذ والرد على خلفية الجلسة التشريعية، التي يفترض ان تنعقد لتأمين رواتب موظفي القطاع العام نهاية الشهر الجاري. ففيما اعلنت قوى المعارضة وابرزها «القوات» و«الكتائب» والنواب «التغييريين» ونواب مستقلين، انهم لن يشاركوا في الجلسة لاعتبارهم المجلس النيابي الحالي هيئة ناخبة، لا يصح ان تقوم بأي عمل تشريعي قبل انتخاب رئيس جديد للبلاد، تتجه الانظار الى موقف «التيارالوطني الحر» الذي يفترض انه عقد اجتماعا ليليا لحسم موقفه، لان الجلسة رهن مُشاركته على أساس «تشريع الضرورة». علما ان نصاب الجلسة يفترض ان يكون مؤمنا سواء حضر نوابه او قاطعوا الجلسة.

جلسة بالتيار او بدونه؟

 

وقالت مصادر كتلة «التنمية والتحرير» لـ«الديار» ان «الجلسة لا تندرج باطار تشريع الضرورة، انما باطار الضرورة القصوى، لانه في حال لم تنعقد فانه لن يكون هناك رواتب  للعاملين بالقطاع العام نهاية الشهر الجاري. وبالتالي سواء قرر نواب «لبنان القوي» المشاركة في الجلسة ام لا، فان انعقادها يفترض ان يحصل طالما النصاب القانوني مؤمن».

 

وكان رئيس المجلس النيابي نبيه بري ربط بوقت سابق انعقاد جلسة تأجيل الانتخابات البلدية بحضور احدى الكتلتين المسيحيتين الرئيسيتين اي «القوات اللبنانية» او «التيار الوطني الحر»، لكنه اليوم يبدو انه قد يتجاوز هذا الامر، بحسب احد نواب «التنمية والتحرير»، لاننا هنا نتحدث عن «ضرورة قصوى».

 

اما من جهة «التيار»، فان وجهتي نظر اخّرتا حسم القرار العوني بالمشاركة او المقاطعة، خاصة وان لا موقف مبدئي عوني رافض للتشريع، كما هي الحال مع «القوات» و«الكتائب» و«التغييريين». وتقول وجهة النظر الاولى بوجوب المشاركة، لان الامر ملح وطارىء، وكي لا تقطف القوى المشاركة ثمر الجلسة وتُحمّل القوى المسيحية مسؤولية تطيير الجلسة، في حال قرر بري ذلك. اما وجهة النظر الثانية، فتقول بعدم المشاركة لزيادة الضعوط على «الثنائي الشيعي» لانجاز الاستحقاق الرئاسي، وطرح مخارج قانونية اخرى لصرف الرواتب.

هل ينجح لودريان في التقريب بين طرفيّ النزاع؟

 

من المفترض ان يصل المبعوث الفرنسي الرئاسي جان ايف لودريان الى بيروت يوم الاربعاء المقبل، بمحاولة لاستطلاع المواقف اللبنانية المستجدة بعد الجلسة النيابية الاخيرة التي دعا اليها بري لانتخاب رئيس، كما لتسويق مجموعة جديدة من المرشحين لتحديد ما اذا كان احد منهم يصلح ليكون نقطة تقاطع بين مختلف الفرقاء، هل ينجح المبعوث الفرنسي المجرّب في التقريب بين طرفيّ النزاع؟ مصادر متابعة لزيارة لودريان قالت ان أجواء القمّة الفرنسيّة – السعوديّة ستظهر خلال محادثات لودريان مع المسؤولين اللبنانيين، وكشفت المصادر عن ان هناك توجها فرنسيا لجمع القيادات اللبنانية على اراضيها.

 

وقالت مصادر مواكبة للملف الرئاسي اللبناني لـ«الديار» ان «ما رشح عن لقاء الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان، يفيد بأن المملكة غير مستعجلة لحل على الطريقة الفرنسية، وانها غير مستعدة ان تكون شريكة او ضامنة لاي حل وفق المعطيات والظروف الراهنة، وهي لا تزال عند موقفها القائل بأنها ستتعاطى مع اي رئيس تبعا لمواقفه والاجراءات التي سوف يتخذها، وبخاصة في مسار الاصلاح ومحاربة الفساد». واضافت المصادر: «لذلك فان التعويل على ان تضغط الرياض على قوى ونواب قريبين منها ليصبوا مع هذا الفريق او ذاك، ليس في مكانه ولن يحصل».

حزب الله: لا تراجع عن فرنجية

 

وفي اطار سعيه لقطع الطريق على ما يتم تداوله، عن ان باريس اسقطت المبادرة الفرنسية وتخلت عن ترشيح رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، يؤكد حزب الله لسائليه انه ايا كان الموقف الفرنسي المستجد، فان الحزب متمسك بمرشحه ولن يتخلى عنه. وقالت مصادر مطلعة على موقف الحزب لـ«الديار»: «يُخطىء من يعتقد ان الترويج لهكذا اشاعات قد يؤثر على ترشيح فرنجية، الذي يعتبره «الثنائي» انه بات اكثر متانة، بعدما اكدت الجلسة الاخيرة انه ينطلق من كتلة صلبة من ٥١ نائبا، بخلاف المرشح الثاني الوزير السابق جهاد أزعور، الذي لم يعد يحظى بدعم النواب الـ٥٩ الذين صوتوا له بمجرد خروجهم من مبنى البرلمان».

 

وبحسب معلومات «الديار» ، فان شخصيات سعت لتطلق مبادرات للدفع لحوار للتفاهم على رئيس تراجعت، بعدما تبين لها ان الشروط والشروط المضادة اكبر من امكانية تجاوزها قريبا.

 

ولا تستبعد المصادر الا تنتج زيارة لودريان اي خروقات ملحوظة، لافتة الى ان الملف اللبناني بات على ما يبدو مرتبطا بمصير المفاوضات المستجدة التي قد تؤدي لاحياء الاتفاق النووي الايراني.

 

وخلال خطبة له يوم امس، قال عضو المجلس المركزي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق إن «حزب الله وحركة أمل يجددان الموقف الوطني الداعي إلى حوار غير مشروط على مستوى المرشحين والمشاركين»، لافتاً إلى أن الحزب والحركة «لم يفرضا الشروط على أحد ولم يطالبوا بتخلي الآخرين عن مرشحهم من أجل الحوار، وإنما جماعة التحدي والمواجهة هم من يضعون شرطاً مسبقاً للحوار، بأن يتخلّى حزب الله وحركة أمل عن مرشحهم، وهذا هو الفرض بحد ذاته». واعتبر أن «من يرفض الحوار، يتحمل مسؤولية إطالة أمد الفراغ الرئاسي، ويعمّق الأزمة، ولا يتحمّل المسؤولية الوطنية في هذه اللحظة التاريخية». ورأى أنه «عندما يكون البلد على مسار الانهيار، تكون الأولوية لإنقاذ البلد ووقف الانهيار، وليس لتقاطعات تهدف لتصفية الحسابات».

***************************************************

 

افتتاحية صحيفة الشرق

انعقاد الجلسة التشريعية اليوم أو لا رواتب للقطاع العام

 

من باريس ولقاءاتها الرئاسية الى طهران وحدثها البالغ الاهمية، انتقلت وجهة الرصد اللبناني خلال عطلة نهاية الاسبوع، بحثا عن نقطة ضوء في المحادثات الأقليمية والدولية علّ شعاعها يصل الى بيروت ويفرج عن استحقاقها الرئاسي العالق في نفق مظلم منذ سبعة اشهر ونيف.

فوسط ترقب لمفاعيل اجتماع ماكرون- بن سلمان و»الخلايا الناشطة» الخاصة بأزمة لبنان وما ستفضي اليه زيارة المبعوث الرئاسي جان ايف لودريان المرتقب وصوله الى بيروت منتصف الاسبوع المقبل، استقطبت زيارة وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان إلى العاصمة الإيرانية، الاهتمامات كونها الأولى لوزير خارجية سعودي لإيران منذ أعوام عدة، واثر حرب باردة بين الطرفين وضع حدا لها اتفاق بكين.

ولئن كانت زيارة بن فرحان  تهدف الى اتخاذ إجراءات لإعادة فتح سفارة بلاده، الا ان لقاءه المتوقع مع الرئيس إبراهيم رئيسي، ووزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان، لا بدّ الا ان يتطرق الى ملفات المنطقة الساخنة ووجوب انسحاب البرودة عليها، ولبنان ليس بعيدا منها بطبيعة الحال.

بري وميقاتي

محليا، وفي انتظار ان تلفح بيروت رياح التهدئة، وعشية موعدي الجلستين التشريعية والحكومية، إن انعقدتا، استقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، حيث كان  عرض للأوضاع العامة والمستجدات السياسية. بعد اللقاء غادر الرئيس ميقاتي دون الادلاء بتصريح.واستقبل بري الوزير السابق غازي العريضي.

قرار «التيار»

وفي السياق،أعلن عضو تكتل «لبنان القوي» النائب سليم عون، ان «التيار الوطني الحر» لم يحسم قراره بعد من المشاركة في الجلسة التشريعية الاثنين المقبل، ولكن ثمة أمورا طارئة وإذا كان الحل متعذرا لرواتب القطاع العام فان الحضور ضروري، ولكن بجدول اعمال محصور ببندين وليس فضفاضا». وعلق في حديث اذاعي، على اقتراح نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب القيام انتخابات نيابية مبكرة كمخرج للاستحقاق الرئاسي، ان «شيئا لن يتغير من خلال هذه الخطوة». وطالب بـ»تعديل طريقة انتخاب الرئيس في الدستور من خلال دورتين: في الأولى ينتخب المسيحيون الرئيس وفي الدورة الثانية ينتخب الشعب أحدا من المرشحين اللذين نالا أكثر عدد من الأصوات في الدورة الأولى، حفاظا على مصالح المسيحيين في البلد». وكشف ان نائبا واحدا من تكتل لبنان القوي لم يلتزم بخيار أزعور في الجلسة الثانية عشرة، وهو نفسه من سيعلن ذلك لاحقا.

رئاسيا، أشار عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب قاسم هاشم الى ان الرئيس بري ينتظر تبلور الحراك الخارجي وهناك اتصالات اقليمية وموعد أي جلسة مقبلة هو من يحدده.

الراعي

من جهته، قال البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في اختتام سينودس أساقفة الكنيسة المارونية، وبمناسبة مرور ١٥ سنة على انطلاق اعمال المؤسسة المارونية للانتشار في لبنان وبلدان الانتشار : جاءت جلسة انتخاب رئيس للجمهوريّة الأربعاء الماضي بكيفيّة إيقافها عن مجراها الدستوريّ والديموقراطيّ، لتزيده وتزيدنا ألـمًا معنويًّا، وتجرحنا في كرامتنا الوطنيّة، وتخجلنا بوصمة عار على جبيننا أمام الرأي العام العالميّ، لا سيما والجميع يتطلّعون إلى لبنان بأمل انتخاب الرئيس، لكي يتمكّن من الخروج من أزماته».وختم: «أمّا من جهتنا فلا نفضّل أحدًا على أحد، بل نأمل أن يأتينا رئيس يكون على مستوى التحديات وأوّلها بناء الوحدة الداخليّة، وإحياء المؤسّسات الدستوريّة، والمباشرة بالإصلاحات المطلوبة والملحّة».

الحوار ضروري

وكان سينودس أساقفة الكنيسة المارونية الذي انعقد في دورته العادية من 7 إلى 17 حزيران الجاري في الكرسي البطريركي في بكركي اصدر في ختام اجتماعه، بياناً تناول  الشأن العام، ودعا «السادة النواب إلى القيام بواجبهم الوطني والدستوري وانتخاب رئيس للجمهورية، ثم الإسراع في تشكيل حكومة مؤهلة وقادرة تمتلك برنامجًا إصلاحيًا ديناميًا بحيث يكتمل عقد السلطات ويتأمّن توازنها وتعاونها بإرادة وطنية جامعة….يؤيد الآباء تأييدًا كاملاً مواقف أبيهم صاحب الغبطة والنيافة البطريرك مار بشاره بطرس الراعي الذي يقوم بالمساعي الحثيثة لتعميق التفاهمات بين جميع اللبنانيين. وقد أكدت هذه المساعي من جديد على دور البطريرك المؤتمن التاريخي على كيان لبنان ووحدة أبنائه وعلى دور بكركي التي كانت وستبقى دارًا للتلاقي والحوار بين كل الأطراف اللبنانيين. ويدعونه إلى متابعة هذه المساعي لجمع اللبنانيين وإقامة الحوار فيما بينهم، حوار المحبة في الحقيقة، لأن هذا الحوار بات ضروريًا من أجل قراءة نقدية لأحداث الماضي وتنقية الذاكرة وفتح الطريق أمام المصالحة الشاملة.كما يؤكدون على تمسّكهم بالثوابت الوطنية، أي العيش المشترك والميثاق الوطني والدستور والصيغة التشاركية بين المكوّنات اللبنانية في النظام السياسي وتطبيقها بشكل سليم. فيعملون معًا على بناء دولة حديثة بكل مقوماتها، أي دولة وطنية لبنانية جامعة، دولة قانون وعدالة، دولة مشاركة، ودولة مواطنة يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات، دولة تحترم تنوّع الانتماءات الدينية تحت سقف الانتماء الوطني والولاء للوطن، كما كان يردّد البطريرك الياس الحويك».

ضغط ورفض

في ملف النزوح، وفي وقت اعتبر وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال هيكتور حجّار أن «استخدام المجتمع الدولي والاتحاد الأوروبي لورقة النازحين السوريين في الدول المضيفة كورقة سياسية للضغط بعيدة كل البعد عن الوضع الإنساني الصعب للاجئين السوريين في لبنان»، غرّد النائب جورج عدوان «موقف جوزيب بوريل من السوريين المتواجدين في لبنان مرفوض ويمس بمبدأ سيادة الدولة اللبنانية على أراضيها. على الحكومة الشروع فوراً بتطبيق هذا المبدأ، فلبنان ليس “بلد نزوح” كما نصت مذكرة التفاهم الموقعة مع منسقية الأمم المتحدة عام ٢٠٠٣. أما من اتخذ هذا الموقف فليستقبلهم ويعمل بمقولته».

 

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram