افتتاحية صحيفة البناء:
بري يتحدى العقوبات ويربح عليها جولة سيادة… ويفاجئ بمهارة إدارته معركة فرنجية والجلسة
51 فرنجية مقابل 51 أزعور لولا انقلاب جنبلاط… و75 لـ فرنجية لو لم ينقلب التيار
فرنجية: 24 نائباً سنياً ومسيحياً… وأزعور: 6 سنّة مع تجرّع السم ولا نائب شيعيّاً
لم تكتمل فرحة نواب القوات اللبنانية وتهليلهم للتلويح بالعقوبات الأميركية على رئيس المجلس النيابي نبيه بري، التي نسبوا إليها دعوة الرئيس بري الجلسة الانتخابية، بعدما تسرّب عن التلويح بالعقوبات إذا لم تنعقد الدورة الثانية بسبب تعطيل النصاب ومشاركة كتلة التنمية والتحرير في تعطيله، فتحدّى بري التلويح بالعقوبات بموقف سيادي وربح الجولة، بينما سجلت له مصادر سياسية ودبلوماسية نجاحه في ظروف التجاذب القاسي الذي سبق ورافق الجلسة الانتخابية مهارته في هندسة التصويت لصالح المرشح سليمان فرنجية من جهة، ومهارته في تجاوز المطبات التي كانت الجلسة معرضة للوقوع فيها من جهة موازية، بينما حلّ التوتر على نواب الفريق المتقاطع على التصويت لصالح أزعور بعد الحديث عن بلوغ الـ 67 صوتاً في بوانتاج الأمس، والضغوط التي مورست على النواب بذريعة أن الفوز قريب والأمر يتوقف على صوت، فجاءت النتيجة المخيّبة تشعل الغيظ والغضب، ويجري الحديث عن تحقيقات يُجريها أركان التقاطع لمعرفة مصدر الخيبة.
في حصيلة نتائج الجلسة الانتخابية تحدثت مصادر نيابية عن مجموعة أرقام قالتها الجلسة، الأولى أنه لو بقي النائب السابق وليد جنبلاط على موقفه المحايد، لنال فرنجية الرقم ذاته الذي ناله أزعور أي 51 لكل منهما، ولو بقي على التزامه الضمني السابق بالتصويت لفرنجية لكانت انقلبت النتيجة 59 فرنجية و51 أزعور، أما لو بقي التيار الوطني الحر على تموضعه الأصلي الذي يضمّ حزب الله وحلفاءه ومنهم فرنجية لكانت النتيجة لصالح فرنجية 75 صوتاً، إذا احتسبت أصوات جنبلاط، أما إذا أضيفت أصوات لبنان الجديد التي يمكن أن تصوّت لصالح فرنجية بمجرد تبلور ظرف إقليمي مساعد، فترتفع حظوظ فرنجية الى رقم الـ 83، ما يعني أنه دون تصويت التيار لصالحه يبقى بأصوات جنبلاط والاعتدال قادراً على الفوز بـ 67 صوتاً.
في الحصيلة أيضاً أن الـ 51 صوتاً لصالح فرنجية جاءت نتيجة تصويت 27 نائباً شيعياً، ما يعني نيل فرنجية 24 صوتاً من النواب السنة والمسيحيين، ويظهر احتساب توزّع أصوات السنة أنه نال منهم 12 صوتاً، بينما نال منافسه أزعور 6 أصوات فقط، منها ثلاثة فقط بالأصالة هي أصوات وضاح الصادق وأشرف ريفي وفؤاد مخزومي، بينما تضاف إليها أصوات بلال عبدالله الاشتراكي، والنائبين ياسين ياسين وإبراهيم منيمنة اللذين وصفا التصويت له بتجرّع السم، وبقي تسعة نواب سنّة خارج الاصطفاف ستة منهم في التصويت للبنان الجديد وثلاثة منهم صوّتوا لصالح زياد بارود، وهكذا يكون فرنجية نال 39 صوتاً من السنة والشيعة مقابل ستة فقط لصالح أزعور منهم اثنان صرّحا أنهما تجرّعا السم. وهذا يكشف ان الشحن الطائفي الذي مورس بوجه فرنجية تحت عنوان الاستنهاض المسيحي لم ينجح بحرمانه من تأييد 12 صوتاً مسيحياً، لكنه وفّر له دعم 12 نائباً سنياً إضافة للـ 27 صوتاً شيعياً، فيما الموقف الاشتراكي والدرزي ضمنه يبقيان على غير اصطفاف تصادمي، رغم تصويتهما لصالح أزعور.
التحقت الجلسة الثانية عشرة بالجلسات الإحدى عشرة التي سبقتها من دون انتخاب رئيس للجمهورية، ولم يستطع فريق المعارضة والحزب الاشتراكي والتيار الوطني الحر مع كل الحشد الإعلامي والسياسي والتهويل والدعم الخارجي والضغوط السياسية والمالية على مجموعة من النواب، تأمين 65 صوتاً لانتخاب الوزير السابق جهاد أزعور. وإن مرّت الجلسة بسلاسة من دون سجالات وإشكالات باستثناء غموض «الصوت الضائع» الذي تبين أنه مغلّف فارغ، لكنها حملت مفاجآت لم تكن في حسبان فريق المعارضة و»التيار»، لجهة تقلص الفارق بعدد الأصوات بين أزعور الذي نال 59 صوتاً فقط، مقابل 51 صوتاً لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية بعدما توقعت المعارضة أن ينال 43 صوتاً، الأمر الذي يخرج أزعور من السباق الرئاسي رغم ادعاء فريق المعارضة بقدرتهم على تأمين أكثرية الـ 65 لانتخابه رئيساً في الدورة الثانية. فيما أثبت الثنائي وفريقه السياسي امتلاكه ثلث المجلس النيابي وقدرته على تعطيل جلسة الانتخاب وبالتالي عجز الفريق الآخر على انتخاب رئيس من دونه في أي جلسة مقبلة.
ووفق معلومات «البناء» فإن الضغوط السياسية والمالية على عدد من النواب المستقلين استمرّت حتى فجر الأربعاء للتصويت لأزعور.
وتساءلت مصادر الفريق الداعم لفرنجية: لماذا لم يستطيعوا تأمين 65 صوتاً لأزعور في الدورة الأولى طالما يدّعون قدرتهم على ذلك في الدورة الثانية؟ ولفتت المصادر لـ«البناء» الى أن «النتائج أثبتت بأن فريق «التقاطعات» فشل فشلاً ذريعاً بإسقاط فرنجية أولاً بتقليص عدد أصواته الى حدود الـ40، ورفع عداد أزعور الى ما فوق الـ60 ليكون هذا الفارق الكبير الذريعة للتصعيد وفرض أزعور وإحراج الثنائي وإخراج مرشحهم من السباق، لكن الذي حصل هو العكس تم تثبيت حضور وقوة فرنجية وأنه يحظى بكتلة نيابية ثابتة وصلبة مع تزايد احتمال زيادة هذا العدد بانضمام كتل معينة صوتت لأزعور أو نواب من الاعتدال الوطني والمستقلين ليصل الى الـ 65 صوتاً، في المقابل الرقم الذي ناله أزعور هو السقف الأعلى فضلاً عن أن أزعور هو المرشح الوحيد الممكن التقاطع عليه بين أطراف المعارضة والاشتراكي والتيار والتغييريين». وتساءلت المصادر: «هل يستطيع أزعور الصمود الى الجلسة المقبلة المرجح أن يطول أمدها؟».
وفق معلومات «البناء» فإن المهلة الممنوحة لأزعور من إدارة صندوق النقد الدولي بتعليق عمله في الصندوق ونيل اجازته السنوية، ليست مفتوحة، ولذلك سيكون هناك موقف لأزعور خلال أيام من هذا الأمر.
وأشار رئيس المجلس إلى أن «بعد جلسة اليوم كفى رمياً بكرة المسؤولية على هذا الطرف أو ذاك في إطالة أمد الفراغ ولنعترف جميعاً بأن الإمعان بهذا السلوك والدوران في هذه الحلقة المفرغة وانتهاج سياسة الإنكار لن نصل الى النتيجة المرجوة التي يتطلع اليها اللبنانيون والأشقاء العرب والأصدقاء في كل أنحاء العالم، الذين ينتظرون منا أداءً وسلوكاً يليق بلبنان وبمستوى التحديات والمخاطر التي تهدّده وأن بداية البدايات لذلك هو الإسراع بانتخاب رئيس للجمهورية، وذلك لن يتحقق الا بالتوافق وبسلوك طريق الحوار… ثم الحوار… ثم الحوار. نعم حوارٌ بدون شروط لا يلغي حق أحدٍ بالترشح». وأضاف «حوار تتقاطع فيه إرادات الجميع حول رؤيا مشتركة لكيفية إنجاز هذا الاستحقاق دون إقصاء أو عزل أو تحدّ أو تخوين. حوار تحت سقف الدستور يحافظ على الميثاقية والشراكة». وختم «آن الاوان لكي يمتلك الجميع الجرأة والشجاعة من أجل لبنان بسلوك هذا الطريق، فهل نحن فاعلون؟».
وبنصاب 128 نائباً للمرة الأولى، انعقدت الجلسة الانتخابية الرئاسية في ساحة النجمة أمس، برئاسة الرئيس بري الذي بدا مرتاحاً لسير عملية التصويت، وأتت نتيجة فرز الأصوات على الشكل التالي: 59 للوزير السابق جهاد أزعور، 51 صوتاً للوزير السابق سليمان فرنجية، صوت لقائد الجيش جوزيف عون، 6 أصوات للوزير السابق زياد بارود، 8 أوراق تحمل عبارة «لبنان الجديد»، ورقة ملغاة كتب عليها جهاد العرب وورقة بيضاء وورقة ضائعة، إلا أن بري أعلن أنها ذهبت لبارود.
وصوّتت لفرنجية كتل التنمية والتحرير والوفاء للمقاومة وكتلة التوافق الوطني وكتلة المردة والنواب جهاد الصمد وجان طالوزيان ومحمد يحيى ونواب حزب الطاشناق وربما صوت لنائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب وبعض النواب السنة المستقلين وفق معلومات «البناء». في المقابل صوّتت لأزعور كتل اللقاء الديموقراطي والقوات والكتائب اللبنانية وتجدّد والتيار الوطني الحر و9 نواب من التغييريين وعدد من المستقلين كغسان سكاف ونعمت أفرام، والاعتدال بشعار لبنان الجديد، وصوّت النواب الياس جرادي وحليمة قعقور وفراس حمدان وتكتل صيدا جزين لزياد بارود، فيما منح النائب إيهاب مطر صوته لقائد الجيش.
وسجلت إشكالية على فرز الأوراق حيث بلغ عددها 127 لا 128 وطالب نواب بإعادة الفرز، إلا أن بري رفض ذلك، وحسم أن الورقة الضائعة هي لصالح بارود، قبل أن يعلن الأمين العام لمجلس النواب عدنان ضاهر أن «هناك مغلفاً فارغاً بين مغلفات التصويت، ومن المؤكد أن نائباً وضع المغلف فارغاً ولم يصوّت». وأضاف: أبلغت ممثلي الكتل النيابية باستعدادي لإعادة الفرز في مكتبي، لكنهم لم يرغبوا في ذلك، لثقتهم بأن الصوت الضائع يعود لوجود مغلف فارغ». وبعد أن انسحب نواب أمل وحزب الله وآخرون من الجلسة بعد الدورة الأولى، أعلن بري رفع الجلسة لفقدان النصاب، ولم يحدّد موعداً لجلسة مقبلة.
وقد ظهرت الصدمة على وجوه نواب المعارضة داخل المجلس وخارجه، وساد التوتر والقلق والغضب في صفوفهم بعد إعلان النتائج، وقد ظهر ذلك في مواقفهم التصعيدية والاتهامية ضد فريق الثنائي ورئيس مجلس النواب نبيه بري لم يسلم منها فرنجية.
وخلال الجلسة غرّد رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية عبر على «تويتر»: كل الشكر للنواب الذين انتخبوني وللرئيس نبيه بري وثقتهم أمانة، كما نحترم رأي النواب الذين لم ينتخبوني وهذا دافع لحوار بنّاء مع الجميع».
ولفت عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله الى أن «كل ما قاموا به على مدى أسبوعين لن يوصلهم إلى نتيجة، بل يزيدون من تعقيد الأزمة وإطالة أمد الفراغ، إن من لديه الحرص على موقع الرئاسة يبحث عن الفرص الحقيقية، وليس عقد التقاطعات الظرفية، للحؤول دون وصول مرشح طبيعي. نحن سنمارس حقنا الدستوري في انتخاب من رأينا فيه المواصفات التي يحتاجها البلد». وأشار الى ان «مرشح التحدي والاستفزاز والفريق الواحد أياً تكن حوله التقاطعات، لا يملك أي فرصة جدية خصوصاً في ظل توازنات المجلس والبلد». وقال: «نحترم رأي كل الفئات اللبنانية ولا نفرض رأينا على أحد ولا نقبل أن يفرض الآخرون رأيهم علينا والحل سيبقى بالحوار غير المشروط والتفاهمات الوطنية، لأن بلدنا محكوم بمنطق الشراكة الوطنية وبصيغة العيش المشترك المكرسة في مقدمة الدستور».
وعلّق رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل على ما حصل في جلسة اليوم، في تغريدة على حسابه عبر تويتر، وقال: «جلسة اليوم أثبتت كما قلنا أمس، إن لا أحد يستطيع تخطّي المكوّن المسيحي في رئاسة الجمهورية وإن لا فرض للرئيس من أحد على أحد، وإن التيار ملتزم ويتبع قناعاته فقط…. كل عناد سيقابله عناد آخر فلا حلّ إلا بالتوافق على البرنامج وعلى الرئيس من دون إقصاء أو تشاطر، ولا نجاح لأي رئيس بلا برنامج متفق عليه. أسقطوا الشروط المسبقة فهذا ليس حوار، وأقلعوا عن نظريات الفرض والتحدّي فهذا ليس لبنان، ولاقونا إلى ورقة الأولويات الرئاسية والأسماء التي تتناسب مع البرنامج السيادي الإصلاحي الخلاصي».
بدوره قال رئيس حزب «القوّات اللبنانيّة» سمير جعجع، عبر «تويتر» «لو جرت الدورة الثانية اليوم كما كان طبيعياً أن يحصل لكان لدينا الآن رئيس للجمهوريّة. ما جرى في مجلس النواب، وبعيداً من التفاصيل، هو تعطيل حقيقي وفعلي ليس لجلسة اليوم فقط لا غير، وإنما لانتخابات رئاسة الجمهوريّة ككل».
إلا أن النائب طوني فرنجية ردّ على جعجع بالقول: «حكيم، لو عقدنا 10 دورات متتالية لما أنتجنا رئيساً! والسبب ببساطة ان من اختار التقاطع على الوزير السابق جهاد أزعور يدرك جيداً ان لا حظوظ له». ورأى فرنجية، عبر حسابه على مواقع التواصل الإجتماعي، أن «كل الغاية من التقاطع على أزعور كانت قطع الطريق على سليمان فرنجية وإقصاءه من السباق، وهذا ما لم ولن يحصل».
وتتجه الأنظار الى ما بعد جلسة الانتخاب التي أظهرت أحجام القوى السياسية وأعطت للقوى الدولية والإقليمية صورة عن موازين القوى النيابية قبل الحراك الدولي المرتقب باتجاه لبنان.
الى ذلك نقلت جهات سياسية لبنانية عن مصدر ديبلوماسي رفيع لـ«البناء» عن ضغوط دولية كبيرة على لبنان لانتخاب رئيس للجمهورية، كاشفة أن الملف اللبناني سيكون من ضمن الملفات التي سيبحثها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان غداً الجمعة في فرنسا، لافتة الى أن وزير الخارجية الفرنسي السابق سيزور لبنان بعد لقاء بن سلمان – ماكرون وبتفويض من اللقاء الخماسي وسيطرح أكثر من حل على الأطراف اللبنانية.
وكشفت مصادر مطلعة لـ«البناء» أن الفرنسيين لم يتراجعوا عن مبادرتهم التي طرحوها أي فرنجية – نواف سلام، وسيعيدون إحياء هذه المبادرة بصيغة أخرى وسيحاول لودريان إقناع أطراف داخلية ومسيحية تحديداً بهذا الطرح، لكنه سيعمل في التوازي على تقريب وجهات النظر بين الأطراف للاتفاق على حل توافقي قد يكون مرشحاً ثالثاً.
وسجلت سلسلة مواقف خارجية تعليقاً على الجلسة، فقد أعلنت الخارجية الأميركية في بيان، بأن «واشنطن منزعجة لمغادرة أعضاء بالبرلمان اللبناني القاعة لمنع التصويت على انتخاب الرئيس».
وأشار وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية اللورد طارق أحمد في تصريح له، الى اننا «نشعر بالإحباط لعدم تمكُّن مجلس النواب اللبناني من انتخاب رئيس جديد، وعرقلة التصويت تؤخر حل الأزمة الاقتصادية في لبنان».
وغرّدت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا عبر حسابها على «تويتر» كاتبة «جلسة انتخاب رئاسية أخرى غير حاسمة اليوم في مجلس النواب. يحتاج قادة لبنان وأعضاء البرلمان إلى اتخاذ خطوات عاجلة لضمان انتخاب رئيس للبلاد لصالح بلدهم وشعبهم. الفراغ المطول يقوّض الممارسات الديمقراطية في لبنان ويزيد من تأخير الإصلاحات والحلول اللازمة التي طال انتظارها لإعادة البلاد إلى مسار التعافي».
على صعيد آخر، استقبل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله مؤسس»حزب الكرامة» في مصر والأمين العام للمؤتمر القومي العربي حمدين صباحي، بحضور مسؤول وحدة العلاقات العربية والدولية في حزب الله عمار الموسوي.
وبحث السيد نصر الله مع صباحي الأوضاع العربية عمومًا وتطورات فلسطين المحتلة والمهام الملقاة على القوى الحيّة في الأمة تجاه هذه القضية المقدسة، بالإضافة إلى أهمية تفعيل الأطر القومية والجامعة لهذه القوى لخدمة هذا الهدف.
***************************
افتتاحية صحيفة الأخبار:
داعمو فرنجية يثبّتونه وأوساط جنبلاط «تنعى» أزعور... وانفجار «التغييريين»: «المتقاطعون» فشلوا في امتحان الـ 65
128 نائباً جلسوا أمس مُقابل «الصندوقة» الزجاجية تحت أعين نائبين (آلان عون وهادي أبو الحسن) أوكِلت إليهما مراقبة عملية إسقاط المغلّفات التي تحتوي على أوراق الاقتراع السري. ومن فوق، مقاعِد خُصّصت لسفراء دول غابوا ما عدا سفيرَيْ بلجيكا والاتحاد الأوروبي. بينما كانت وسائل إعلام محلية وعربية ودولية على الموعد مع جلسة أرادتها القوى السياسية «استطلاع أرقام» بين طرفَي الصراع.
«المنازلة» دارت بين فريق داعم لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية، وآخر متقاطِع ظرفياً حول وزير المال السابق جهاد أزعور. جلسة لم تتطلّب أكثر من ساعة لانعقاد دورتها الأولى التي انتهت إلى توازن سلبي في الحسابات الرقمية، إذ لم ينَل أيّ من المرشحين الـ 86 صوتاً المطلوبة لإعلانه رئيساً. أما في الحسابات السياسية فكانَ كلامٌ آخر.
سقطَ «استعراض القوة»، وطارَ أزعور رغمَ كل الزخم الخارجي والداخلي وعمليات التهويل وحتى الترغيب، ولم ينجح داعموه في تحصيل 65 صوتاً له كما روّجوا منذ اليوم الأول. فيما ثبّت الفريق الآخر مرشحه حاصداً له أكثر مما توقّع الجميع.
تعامل المغالون مع جلسة أمس باعتبارها يوم «الملحمة الرئاسية» في وجه المرشح المدعوم من المقاومة. دخل هؤلاء القاعة، وسبقتهم سجالات وبيانات عالية السقف وتوقّعات أعلى، وممارسة ترهيب على النواب، تحديداً المستقلين والتغييرين. أما داخلها، وقبلَ الاقتراع، فلم يجِد النائب طوني فرنجية مكاناً له في كل القاعة، وجلس محاطاً بزملائه من التيار، أسعد درغام وشربل مارون وجيمي جبور. كانَ الأخير حريصاً على التقاط «سيلفي» مع «صديقه» الزغرتاوي، لكن ليسَ أحرص من النائب جبران باسيل الذي «دردش» طويلاً مع «ابن ابن المنظومة ومرشح منطق الفرض والعنجهية»، وفي الوقت نفسه «أجلسَ» إلى جانبه إبراهيم كنعان وسيمون أبي رميا، في مشهد فسّره كثيرون بأنّه للتثبت من التزامهم بالتصويت لأزعور.
ومن مفارقات الجلسة أيضاً، سلامات مباغتة بين نواب «الأضداد». جميل السيد وأشرف ريفي، باسيل مع نواب من حزب الله، تمتمات بين وضاح الصادق وحسن مراد، مصافحة حارة بين فرنجية الابن ونعمة أفرام وهمس مطوّل بينَ الأخير وعدد من نواب حزب الله وحركة أمل.
في الشكل بدأت الجلسة بضحكات متبادلة بينَ الجميع، قبلَ أن تعود وتنتهي على تجدّد الخصام إثر النتيجة المفاجئة. وبعدَ عملية الفرز التي تولّاها الأمين العام لمجلس النواب عدنان ضاهر، بمشاركة أمينَي السر والمفوّضين الثلاثة، حصد فرنجية 51 صوتاً، وأزعور 59 صوتاً وتوزّعت الأصوات الأخرى بين 6 للوزير السابق زياد بارود، و8 أصوات حملت شعار «لبنان الجديد»، إضافة إلى صوت لقائد الجيش جوزيف عون، وآخر لجهاد العرب (ملغى) وورقة بيضاء وصوت ضائع. احتدم الجو السياسي مجدّداً وحاولَ فريق أزعور التستّر على صدمته من الحصيلة النهائية، بالتفجّع على «عدم دستورية الجلسة» بسبب عدم فرز الأصوات مجدّداً بعد اكتشاف أن عدد الذين صوّتوا هم 127 نائباً، وقد صرّح ضاهر عقب الجلسة أن الصوت الضائع هو مغلّف فارغ لنائب وضعه من دون أن يصوّت.
نتيجة الأمس، تشكّل بداية لجولة جديدة ستدور رحاها خارج أروقة ساحة النجمة، على المستويين الخارجي والداخلي. وفي انتظار لقاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي محمد بن سلمان غداً الجمعة في باريس، وما سيحمله معه المبعوث الفرنسي الجديد إلى لبنان جان إيف لودريان، يُمكن الإشارة إلى عدة نقاط:
- تجدّد الجدال البيزنطي حول حق تطيير النصاب.
- تكريس المعادلة السلبية التي تمنع انتخاب رئيس، بسبب امتلاك كل من الأطراف سلاح تعطيل. فالفريقان يملكان سلاح النصاب، وقد استخدمه داعمو فرنجية أمس لمنع انعقاد الدورة الثانية، تماماً كما استخدمه بعض خصومهم سابقاً. بينما القوى التي تقف في النصف (حتى الكتل التي صوّتت لأزعور قد تتراجع لاحقاً، مثل كتلة اللقاء الديمقراطي) تملك سلاح الثلثين في الدورة الأولى والنصف زائداً واحداً في الدورة الثانية.
- سقوط «استعراض القوة» لفريق أزعور، وفشله في دفع الطرف الآخر إلى التنازل والذهاب نحو خيار ثالث.
- اهتزاز التقاطع الظرفي بين التيار الوطني الحر وبقية فريق «التقاطع» وسط ترجيحات بعودة الخلاف على أي اسم جديد بعدما بات متعذّراً الإكمال بأزعور، كما قال نواب من كتلة وليد جنبلاط.
- تثبّت الاهتزاز داخل التيار الوطني الحر، وسط شكوك بأن نواباً من الكتلة صوّتوا لفرنجية، وهو موضوع سيكون محل نقاش داخل قيادة التيار في الأيام المقبلة.
- أعلن فريق فرنجية أنه أكثر تمسكاً بمرشحه، خاصة بعدَ أن وجدَ أن أي منافس له لن يحظى مع كل الزخم والدعم المسخّر له أكثر مما ناله أزعور. بينما سيبقى لفرنجية بلوك من 51 صوتاً مرجّح للارتفاع مع تبدّل الظروف الخارجية.
وفي ردود الفعل على نتائج الجلسة، كانت لافتة دعوة رئيس حزب الكتائب سامي الجميل الفريق الآخر إلى «ملاقاتنا في منتصف الطريق» من خلال «سحب مرشحه الحالي وطرح اسم آخر»، فيما دعا رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل إلى الحوار ووقف العناد الذي يجرّ العناد. بينما ركّزت القوات على «لا دستورية الجلسة»، في مقابل «وجوه قاتمة لعدد كبير من النواب التغييريين». وقال أحد النواب إن ما جرى «يكفي لإعادة النظر في كل التحالف القائم بين أعضاء الكتلة، لأن الفوارق باتت كبيرة». وأشار إلى «وجود مضبطة اتهام بحق الفريق الذي قادته النائبة بولا يعقوبيان في ممارسة أشكال غير مسبوقة من الضغوط على أعضاء الكتلة لإجبارهم على التصويت لأزعور».
خارجياً، انتقدت الولايات المتحدة «تطيير النصاب» ودعت إلى انتخاب رئيس في أسرع وقت، فيما نُقل عن مصادر دبلوماسية فرنسية أن باريس ستستغلّ نتائج جلسة الأمس لإطلاق جولة جديدة من الاتصالات في لبنان وخارجه للوصول إلى تسوية سريعاً.
*********************************
افتتاحية صحيفة النهار
الغالبية لأزعور: استعادة التوازن في الأزمة المفتوحة
لم يكن التطيير المتوقع وغير المفاجئ من نواب “الممانعة” والنواب الداعمين لرئيس “تيار المردة” #سليمان فرنجية، النصاب في الدورة الثانية للجلسة الثانية عشرة، الدلالة المنتظرة على ردة فعلهم بإزاء تقدم مرشح المعارضة و”#التيار الوطني الحر” والحزب التقدمي الاشتراكي جهاد ازعور وحصده الغالبية بـ 59 صوتا في مقابل 51 لفرنجية، بل ان كل الدلالة تمثلت في “سيناريو” مفتعل لم يقنع تبريره أحدا باخفاء صوت “ضائع” كان يمكن ان يكمل العدد الـ 60 لمصلحة ازعور. واذا كان افضل المواقف التي اطلقت في مواجهة إدارة الجلسة البارحة للنائبة ستريدا جعجع الذي ذهبت الى الطعن في دستورية الجلسة ، فانه على رغم تطابق نتائجها مع التوقعات التي سبقتها بخلاف فارق محدود رفع “سكور” فرنجية بضعة أصوات وحال دون اقتراب ازعور من نصف عدد النواب، بدا من غير الممكن للفريق الداعم لفرنجية التنكر لحقيقة ان جهاد ازعور بات يقيم على رصيد الغالبية التي محضته 59 صوتا فيما توزعت أصوات متفرقة أخرى لتكمل ما مجموعه 77 صوتا مناهضا لمعادلة “مرشحنا او الفراغ “. ذلك ان أحدا لم تساوره الأوهام بان الجلسة الثانية عشرة كانت ستخرق جدار الانسداد الدستوري الذي يتمثل بالحؤول دون انعقاد أي دورة ثانية لاي جلسة انتخابية ما دام الفريق الداعم لفرنجية لن يتراجع عن النمط الانتخابي الذي يمارسه منذ بداية الازمة الرئاسية. ولكن التصويت الاكثري لازعور وتحول الأخير المرشح المحسوم انتخابه رئيسا لو تنعقد الدورة الثانية، احدث تطورا لا يمكن تجاهله وهو ان معادلة توازن نيابي وسياسي جديد ارتسمت امس في مجلس النواب وفي الواقع السياسي الانتخابي داخليا وخارجيا أيا تكن محاولات تضخيم وتكبير تحصين واقع فرنجية ببضعة أصوات إضافية حالت دون “فارق قاتل” يسجله ازعور. هذا التوازن أعاد دفع الفريق الممانع الى نهج استعجال تطيير النصاب ثم محاولة التلاعب “نفسيا ومعنويا” ببعض الجوانب التي منعت معها إدارة رئيس مجلس النواب نبيه بري للجلسة إعادة فرز بديهية للأوراق بعدما “ضاع” صوت ! وهذه الدلالات لن تحجبها مسارعة الثنائي الشيعي الى الدعوات “الحارة” الى الحوار وتجاهل الوقائع الجديدة التي افرزتها غالبية مؤيدة لانتخاب جهاد ازعور علما ان المناخ الداخلي العام يبدو بعد الجلسة مسمرا على انباء الاستعدادات الجارية لانطلاق الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان في مهمته في بيروت، وخصوصا انه قد يصل الأسبوع المقبل معززا بجديد ما ستؤدي اليه المحادثات المهمة التي سيجريها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الذي يقوم بزيارة لفرنسا وسيكون الملف اللبناني من بين الملفات التي ستبحث في محادثاته مع ماكرون .
وعلمت “النهار” ان اجتماعا عقد للنواة الأساسية للمعارضة فور انتهاء الجلسة في بيت الكتائب المركزي في الصيفي جرى خلاله تقويم الجلسة والأرقام التي حصل عليها المرشح جهاد ازعور. وابدى المجتمعون ارتياحهم للنتيجة التي حصلوا عليها رغم الضغوط التي مورست على عدد من النواب واكدوا الاستمرار في ما بدأوه. ولفت المجتمعون الى ان هناك محاولة لاظهار الفريق الفائز بانه خاسر رغم الفوز الواضح وبالأرقام مشددين على ان على الفريق الاخر التخلي عن أسلوب الفرض الذي لم يمر ولن يمر لا اليوم ولا غدا .
خيبات خارجية
وفي الاصداء الخارجية برزت خيبة امل بريطانية اذ عبّر وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا اللورد طارق أحمد عن “إحباطه لفشل مجلس النواب اللبناني مجددًا بانتخاب رئيس للجمهورية”، معتبرًا أنّ “عرقلة التصويت على اختيار رئيس جديد تؤخر حل الأزمة الاقتصادية في لبنان”. وشدد الوزير البريطاني على أنّ “لبنان بحاجة ماسة إلى رئيس لتوحيد البلاد، وتقديم رؤية للإصلاح، ومحاربة الفساد، والدفاع عن سيادة القانون”.
بدورها أعربت الخارجية الأميركية عن انزعاجها وقلقها لمغادرة نواب مبنى البرلمان اللبناني لافشال التصويت على انتخاب رئيس للجمهورية . وشددت على ان “زعماء لبنان ونخبته يجب ان يتوقفوا عن تقديم مصالحهم وطموحاتهم على مصالح الشعب وعلى القادة اللبنانيين وضع حد لحالة الشلل التي يعانيها بلدهم ومواصلة العمل لكسر الجمود السياسي “.
كما علقت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا على نتائج الجلسة فقالت “جلسة انتخاب رئاسية أخرى غير حاسمة. يحتاج قادة لبنان وأعضاء البرلمان إلى اتخاذ خطوات عاجلة لضمان انتخاب رئيس للبلاد لصالح بلدهم وشعبهم. الفراغ المطول يقوض الممارسات الديمقراطية في لبنان ويزيد من تأخير الإصلاحات والحلول اللازمة التي طال انتظارها لاعادة البلاد إلى مسار التعافي”.
حضور “نادر”
اما الجلسة الثانية عشرة فانعقدت وسط توهج سياسي كبير ترجمه حضور كامل نادر لمجموع أعضاء مجلس النواب اذ حضر 128 نائبا للمرة الأولى منذ بداية المهلة الدستورية وبعدها بدء مرحلة الفراغ . وأتت نتيجة فرز الأصوات على الشكل التالي: 59 للوزير السابق جهاد أزعور، 51 صوتا للوزير السابق سليمان فرنجية ، صوت لقائد الجيش جوزف عون، 6 اصوات للوزير السابق زياد بارود، 8 اوراق تحمل عبارة “لبنان الجديد”ورقة ملغاة ورقة بيضاء وورقة ضائعة، الا ان بري اعلن انها ذهبت لبارود من دون تدقيق. وسجلت اشكالية على فرز الاوراق حيث بلغ عددها 127 لا 128 وطالب نواب باعادة الفرز، الا ان بري رفض ذلك، وحسم ان الورقة الضائعة هي لصالح بارود، قبل ان يعلن الأمين العام لمجلس النواب عدنان ضاهر أن “هناك مغلفاً فارغاً بين مغلفات التصويت، ومن المؤكد أن نائباً وضع المغلف فارغاً ولم يصوّت”.
ووسط الجدل الذي اثارته هذه القضية اعتبرت النائبة ستريدا جعجع أن “الجلسة غير دستورية والمرشح جهاد أزعور نال 59 صوتاً، فيما نال سليمان فرنجية 51 صوتاً في ظل وجود ورقة ضائعة” مضيفة “إذا جمعنا كل الأصوات من دون جهاد العرب، تصبح 126 صوتاً ، وطالبنا رئيس مجلس النواب نبيه بري بإعادة التصويت من جديد، لأن ما حصل اليوم لا يليق بالمجلس النيابي. وأن يخرج بري ويقول “ما بتأثّر ورقة واحدة” هذا غير مقبول وكان من المفترض أن يدعو إلى تصويت مجدداً”.
بعد الجلسة
وعقب الجلسة، اصدر بري بيانا قال فيه “لنعترف جميعاً بأن الإمعان بهذا السلوك والدوران في هذه الحلقة المفرغة وإنتهاج سياسة الإنكار لن نصل الى النتيجة المرجوة ، التي يتطلع اليها اللبنانيون والأشقاء العرب والاصدقاء في كل أنحاء العالم ، الذين ينتظرون منا أداءً وسلوكاً يليق بلبنان وبمستوى التحديات والمخاطر التي تهدده وأن بداية البدايات لذلك هو الإسراع بإنتخاب رئيس للجمهوريه وذلك لن يتحقق الا بالتوافق وبسلوك طريق الحوار ثم الحوارثم الحوار. نعم حوارٌ بدون شروط لا يلغي حق أحدٍ بالترشح”.
واكد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع أنّ “ما حصل اليوم أهمّيته القصوى هو أنّ فريق الممانعة مصرّ على تعطيل الاستحقاق وإبقاء البلد على ما هو عليه” مؤكدًا الاستمرار بترشيح الوزير السابق جهاد أزعور الذي “لو حصلت الدورة الثانية لأصبح هو الرئيس”. واضاف جعجع “البعض يخربط عقول الناس بالمفاهيم العامة، لديهم مرشح يطبلون له ويزمرون واستنجدوا بفرنسا والأخيرة استنجدت بالسعودية وبـشق النفس حصل على 51 صوتاً وفي النهاية أفقدوا النصاب في الدورة الثانية فهم يضحكون على أنفسهم وعلى الناس”. ولفت الى أنّ “فريق الممانعة سيستمر بالتعطيل ونحن سنستمر بممارسة الديمقراطية وحضور الجلسات”.
بدوره قال رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل : “جلسة اليوم أثبتت كما قلنا امس أن لا أحد يستطيع تخطي المكوّن المسيحي في رئاسة الجمهورية وان لا فرض للرئيس من أحد على أحد وان التيار ملتزم ويتبع قناعاته فقط كل عناد سيقابله عناد آخر فلا حلّ إلا بالتوافق على البرنامج و على الرئيس من دون إقصاء أو تشاطر، ولا نجاح لأي رئيس بلا برنامج متفق عليه. أسقطوا الشروط المسبقة فهذا ليس حوار، وأقلعوا عن نظريات الفرض والتحدّي فهذا ليس لبنان، ولاقونا إلى ورقة الاولويات الرئاسية والأسماء التي تتناسب مع البرنامج السيادي الإصلاحي الخلاصي”.
وأشار رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل بعد فقدان الجلسة نصابها إلى أن “الانتفاضة اليوم جمعت عددا كبيرا من النواب وأحيي كل من التزم بالتصويت رغم الضغوط والتهديدات التي طالت مجموعة من النواب”. وقال الجميل “نتعرّض لحملة تخوين منذ سنوات وهذا ليس كلاما عابرا بل هو هدر دماء لكل من يخوض هذه المعركة ولبنان ليس ساحة مفتوحة ولسنا قابلين للتهديد”.
********************************
افتتاحية صحيفة نداء الوطن
60 صوتاً لأزعور لولا “الصوت الضائع”… و”الخارجية” الأميركية تُدين تعطيل الجلسة
“الثنائي” المهزوم يعلن “الإنتصار”! وجعجع يطالب بتغيير تركيبة الدولة
خرج “الثنائي الشيعي” امس من الجلسة النيابية الثانية عشرة ليعلن “الانتصار!”. إنها أحجية في عالم الحساب يعجز عن حلها أينشتاين إذا إراد إثبات ان الـ 51 صوتاً التي نالها فرنجية هي أكثر من الـ 59 صوتاً التي نالها أزعور، والذي نال عملياً “الصوت الضائع” الذي لفلفه رئيس المجلس النيابي نبيه بري بطريقة لا علاقة لها بالدستور إطلاقاً.
من تابع وقائع الجلسة النيابية التي انعقدت، بعدما دخل الاستحقاق شهره الثامن من التعطيل الذي بدأه “الثنائي” منذ الجلسة الاولى وواصله امس، تبيّن انه كانت هناك خطة إنسحاب من الجلسة قررتها غرفة العمليات المشتركة في عين التينة وحارة حريك فور إنتهاء الدورة الاولى، فظهر نواب “الثنائي” ينسحبون زرافات ووحدانا من قاعة البرلمان. فما إن إنسحب هؤلاء مع بعض المتعاونين “سراً” ، حتى أعلن بري ان النصاب صار مفقوداً، كي لا تكون هناك دورة ثانية.
ما انتهت اليه الجلسة فتح الباب أمام تجدد بازار التعطيل إياه قبل 8 أشهر، على الرغم من اعتقاد الخارجية الاميركية عشية الجلسة ان بري سيبقيها مفتوحة حتى الوصول الى انتخاب رئيس الجمهورية العتيد. وبعد إنجاز فقدان نصاب الجلسة، سارع بري الى توجيه الدعوة “الى الحوار ثم الحوار ثم الحوار” ولكن على قاعدة أن فرنجية كان ولا يزال”مرشحنا” كما جاهر “حزب الله”.
في المقابل، رد رئيس حزب “القوّات اللبنانيّة” سمير جعجع على سؤال في مقابلة عبر الـ”LBC” عن الحل إذا استمر التعطيل على ما هو عليه، خصوصاً وأنه يبرز مشكلة كبيرة في النظام وبنية هذه الدولة، فقال: “لا يمكن للبنان أن يستمر بتركيبة الدولة الحاليّة، في حال أردنا أن يكون لدينا دولة لبنانيّة فاعلة واحدة وجامعة. والدليل أنه بعد أزمة خانقة قاتلة عمرها 5 سنوات وفراغ رئاسي يدوم منذ 8 أشهر نذهب إلى جلسة انتخابات رئاسيّة تتوافر فيها كل المقومات من مرشحَين لهما الحظوظ الكاملة إلا أنها تنتهي بالتعطيل، فماذا ننتظر بعد؟ وبالتالي نستنتج من جلسة اليوم، عدم إمكانية استمرار الدولة اللبنانيّة في ظل تركيبتها الحاليّة، ونحن بأمس الحاجة إلى تركيبة أخرى تنقذنا من المستنقع الذي نقبع فيه منذ سنوات. فعند كل استحقاق رئاسيّ، ندخل في الفراغ لأشهر طويلة جراء التعطيل، والأمر سيّان عند تكليف رئيس للحكومة أو تشكيل حكومة أو اتخاذ أي قرار في مجلس الوزراء، ما أدى إلى الأزمة التي نعيشها اليوم”.
في واشنطن، أعربت وزارة الخارجية الأميركية عن “قلقها العميق إزاء تصرفات أعضاء البرلمان اللبناني الذين غادروا المجلس، ما يعرقل فعلياً التصويت على انتخاب رئيس للجمهورية. وقد أدت هذه الخطوة إلى تفاقم حالة عدم اليقين السياسي وعدم الاستقرار في البلاد”.
وشددت الوزارة على “أن قادة لبنان ونخبه يجب أن يعطوا الأولوية لمصالح الشعب اللبناني فوق طموحاتهم ومصالحهم الشخصية. والولايات المتحدة تؤمن إيماناً راسخاً بأنه من الأهمية بمكان أن تعطي الشخصيات السياسية في لبنان الأولوية لرفاهية الأمة ومواطنيها”. وسلطت وزارة الخارجية الأميركية الضوء على “الحاجة الملحة كي يعالج القادة اللبنانيون الشلل السياسي المستمر داخل البلاد”.
*********************************
افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط
لبنان: البحث عن هوية 5 نواب صوتوا لفرنجية
شكوك في انتمائهم لـ«الوطني الحر»
مثّل اقتراع 51 نائباً للمرشح المدعوم من «حزب الله» و«حركة أمل» سليمان فرنجية، مفاجأة بالنسبة لمعارضيه، بعد تقديرات أن الأصوات المؤيدة له لن تتخطى الـ44 صوتاً، فيما أثار فرز الأصوات نقاشاً حول قانونية الجلسة، بعدما تبين أن هناك 127 صوتاً من أصل 128 أدلوا بأصواتهم، قبل أن تتبدد القضية بإعلان الأمين العام لمجلس النواب أن هناك مظروفا فارغا.
ودار سجال قبل أن يرفع رئيس المجلس نبيه بري الجلسة بسبب فقدان النصاب، حول نتيجة ورقة اقتراع، حيث أظهرت عملية الفرز نتيجة لـ127 ورقة من أصل 128، وهنا طالب عدد من النواب بإعادة التصويت وطالب البعض الآخر بإعادة فرز الأصوات، لحسم الجدل، إلا أن بري رفض الأمر، وقال إن «ورقة لا تقدم ولا تؤخر في النتيجة»، خصوصا أن النصاب فقد.
وتبين لاحقا أن الورقة الـ128، كانت من نصيب «لبنان الجديد»، وفق ما قال النائب نعمة أفرام، فيما قيل أيضا إن «الصوت الـ128 الضائع» هو مغلف فارغ من أي ورقة. وذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية أن الأمين العام لمجلس النواب عدنان ضاهر أبلغ ذلك لنواب من مختلف الكتل في اجتماع في مكتبه.
ونال الوزير الأسبق جهاد أزعور المدعوم من «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» و«الحزب التقدمي الاشتراكي» و«الكتائب اللبنانية» ومستقلين آخرين، 59 صوتاً، بينما حاز سليمان فرنجية على 51 صوتاً. ووثق الفرز، 6 أصوات لصالح الوزير الأسبق زياد بارود، وحصل قائد الجيش العماد جوزيف عون على صوت واحد، وسجلت ورقة بيضاء واحدة، بينما ألغيت 9 أوراق حملت إحداها اسم جهاد العرب، وثمانية أوراق حملت اسم «لبنان الجديد».
ولم تحصل اختراقات كبيرة في الكتل النيابية الأساسية، حيث التزم معظم نوابها بالتصويت المتفق عليه. وأكد أمين سر كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب هادي أبو الحسن أن اللقاء كان في غاية الوضوح في موقفه الذي عاد وعبّر عنه بعد اجتماعه الأخير، وقال: «كل نواب اللقاء هم على موقف واحد وقرار واحد وصوت واحد، وترجموا ذلك بالتصويت جميعهم للمرشح جهاد أزعور وفق الأسس التي تضمنها بيان اللقاء».
ووسط شكوك بتصويت 5 نواب من «الوطني الحر» لفرنجية، كونها أصوات مجهولة الهوية، قال عضو تكتل «لبنان القوي» النائب غسان عطا الله إن «التيار الوطني الحر» التزم بالتصويت لأزعور. ورجحت وسائل إعلام لبنانية أن يكون هناك بعض النواب من التكتل لم يلتزموا، وهو أمر بقي محل جدل وأنشأ تضارباً بين تصويت 16 نائباً من الكتلة أو 11 نائباً لأزعور، ومن بينهم نائب رئيس البرلمان إلياس بوصعب الذي رفض الكشف عن اقتراعه، على اعتبار أن عدد الأصوات لفرنجية، يشير إلى أن هناك خمسة نواب غير معروفين أعطوه أصواتهم.
وحصل أزعور على كامل أصوات نواب «القوات اللبنانية» (19 نائباً) و«الكتائب اللبنانية» (4 نواب) و«الحزب التقدمي الاشتراكي» (8 نواب) وكتلة «تجدد» (4 نواب) وجزء من كتلة التغيير (8 نواب)، ومستقلين مثل ميشال الضاهر، نعمة أفرام، غسان سكاف، بلال الحشيمي، وجميل عبود.
في المقابل، حصل فرنجية على 51 صوتاً، وضم المقترعون له نواب «حركة أمل» (15 نائباً) وتكتل «حزب الله» النيابي (16 نائباً) و«تكتل الوفاق الوطني» (5 نواب) و«التكتل الوطني المستقل» (4 نواب) ومستقلين مثل جهاد الصمد وكريم كبارة وحيدر ناصر، إضافة إلى نواب «الطاشناق» (3 نواب). وبقيت 5 أصوات مجهولة الهوية.
في المقابل، اقترعت كتلة «الاعتدال الوطني» التي تضم 8 نواب، بشعار «لبنان الجديد»، فيما أعلن النائب إيهاب مطر أنه اقترع لقائد الجيش العماد جوزيف عون. هذا، واقترع نواب مستقلون وينتمي بعضهم لكتلة التغيير لصالح الوزير السابق زياد بارود (6 أصوات)، وسُجلت 3 أصوات بين ملغاة، وورقة بيضاء ومظروف فارغ.
*********************************
افتتاحية صحيفة الجمهورية
الجمهورية : الفشل الـ12 يُسقط أزعور ويُحبط التقاطعات.. باريس لتسوية عاجلة.. بري: للحوار
كما كان متوقّعاً، لم تنجح التقاطعات السياسية المتناقضة في أن توصل مرشّحها جهاد أزعور إلى رئاسة الجمهورية. وبالتالي خرجت جلسة انتخاب رئيس الجمهورية بالفشل الثاني عشر.
هذا الفشل، قدّم إثباتاً اضافياً بأنّ أياً من مكونات في لبنان ومهما بلغت قوته وامتداداته، لا يملك أحادية التحكّم بهذا البلد، او القدرة على نسف الموازين الداخلية وفرض واقع سياسي او رئاسي بمعزل عن المكونات الأخرى. وهذا ما بدا جلياً في جلسة مجلس النواب. وأما العراضات والبهورات والتقاطعات من هنا وهناك، التي طفت على سطح المشهد الرئاسي، فما هي الّا لهو عبثي في الوقت الضائع.
وبمعزل عن النتائج الرقميّة التي انتهت اليها الجلسة، فإنّ نتيجتها الأكيدة، أنّها أعادت خلط الأوراق الرئاسية، وردّت الملف الرئاسي إلى حيث كان قبل ما سُمّيت مرحلة التقاطعات على جهاد أزعور، وأحيت السباق من جديد بين إرادة التوتير والتعطيل التي تحكم بعض العقليات الداخلية، وبين الجهود الرامية إلى ضبط أزمة الرئاسة على إيقاع تسوية تنهيها، يتصدّر الفرنسيون الحراك في اتجاهها.
وعلى الرغم من أنّ المناخ الداخلي بتقاطعاته ومكوناته المتناقضة ينذر بمرحلة متوترة مفتوحة على مديات زمنية طويلة، إلّا أنّ مصادر سياسية معنية بالملف الرئاسي اكّدت لـ«الجمهورية»، انّها ترى ضوءًا في النفق الرئاسي، يعزز الأمل بحصول انفراج رئاسي في المدى المنظور، وثمة معطيات حول الجهود الصديقة والشقيقة، تدفع إلى اعتبار انّ الملف الرئاسي بات امام اسابيع قليلة حاسمة.
ولفتت المصادر، الى انّها تعوّل في هذا السياق على الحراك المنتظر بعد ايام قليلة للممثل الشخصي للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وزير الخارجية السابق جان إيف لودريان، فالفرنسيون وعلى ما بات مؤكّداً يشدّون في اتجاه صياغة «تسوية عاجلة» للملف اللبناني، سبق لباريس أن رسمت خطوطها. وعلى ما تؤكّد مصادر ديبلوماسية لـ«الجمهورية»، فإنّ الأجواء الفرنسية السائدة قبل اللقاء المرتقب بين الرئيس الفرنسي وولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان، تشي بتوجّه لدى الايليزيه لأن يشكّل هذا اللقاء قوة دفع كبيرة لإتمام هذه التسوية.
تسوية ملزمة
وإذا كانت جلسة الأمس قد تمخّضت عمّا كان متوقعاً لها بعدم تمكّن أي من المرشحين من الحصول على الأكثرية النيابية التي تؤمّن وصوله إلى رئاسة الجمهورية، إلّا أنّها بهذه النتيجة، اكّدت بما لا يقبل أدنى شك أنّ انتخاب رئيس للجمهورية في هذا الجو الانقسامي العميق بين المكوّنات السياسيّة مستحيل. وأمام هذه الاستحالة حقيقة وحيدة ثابتة، خلاصتها أن لا انفراج رئاسياً في المدى المنظور في انتظار لحظة ما، او ظروف ما قد تستجد، تسوق التناقضات الداخلية نحو «تسوية ملزمة» تُخرج رئاسة الجمهورية من مغارة الفراغ.
قراءة في الجلسة
لم تكن النتيجة التي انتهت اليها الجلسة مفاجئة لكلّ المتتبعين للملف الرئاسي وتعقيداته، إلّا انّها فاجأت التقاطعات التي صدّعت رؤوس اللبنانيين بالصّخب الذي افتعلته، وبتوظيفها كلّ عدّتها السياسية ومنابرها الإعلامية والدعائية لحسم النتيجة سلفاً، بترويج بوانتاجات أوحت بأنّ مرشّحها جهاد ازعور سيعبر إلى القصر الجمهوري على صهوة اكثرية نيابية تفوق الـ70 صوتاً، وبخّست من نسبة الأصوات التي سينالها الوزير سليمان فرنجية، وحدّدت سقفها دون الاربعين صوتاً، فإذا بصندوقة الاقتراع تبعث رياحاً عاصفة تدفع بسفينة الأحلام والمبالغات الى برّ الواقع، وتكسر منطق البوانتاجات الوهمية والمزايدات التهويلية، وتهبط بالنسبة المفترضة لأزعور 11 صوتاً، فيحصل على 59 صوتاً، وفي المقابل ترتفع أصوات فرنجية الى 51 صوتاً.
من البداية لم تخف التقاطعات هدفها الاول والاخير وهو إقصاء الوزير فرنجية وإخراجه من نادي المرشحين، الّا انّ النتيجة جاءت عكسيّة بإسقاط ورقة أزعور، والصدمة التي كانت شديدة الوضوح على وجوه المتقاطعين، جاءت مزدوجة، من نسبة الاصوات التي نالها ازعور التي لم ترق الى مستوى توقعاتهم، وكذلك من النسبة العالية التي حصدها فرنجية، وحرمتهم من الاحتفال بـ«النصر الكبير» الذي كانوا قد اعدّوا لإقامته بعد الجلسة. وتبعاً لذلك لم يقدروا انّ يضبطوا انفعالاتهم من الخيبة التي مُنيوا بها، وقد ظهر ذلك جلياً على الشاشات.
صحيح انّ فرنجية لم يحصد أكثرية الفوز، الّا انّه ما زال متموضعاً في صدارة الملف الرئاسي، مرشّحاً محصّناً بفريق متماسك معه، وملتف حوله وحاسم لخياره الثابت والنهائي بدعمه لرئاسة الجمهورية، وبالتالي لم تؤثر جلسة الأمس على موقف هذا الفريق.
غير انّ الصورة مختلفة في المقلب الآخر، فالتقاطعات التي تقاطعت على أزعور قدّمت له من البداية شيكاً بلا رصيد وغير قابل للصرف في البنك الرئاسي، فهي نفسها أفصحت على لسان مكوناتها عن أنّ هذا التقاطع مؤقّت ومرحلي، تنتهي مفاعيله مع جلسة 14 حزيران. ما يعني انّ هذه الجبهة المتقاطعة، وبعد فشل تجربة أزعور، خرجت من جلسة الأمس، مهشّمة بمعنوياتها، ودخلت في مرحلة انفراط شملها، وكان لافتاً انّ بعض مكوناتها، بدأ بالتمهيد لتجربة جديدة، مع «ازعور جديد» قادر على أن يجمع، او يجتمع حوله 65 صوتاً.
السؤال الذي يفرض نفسه هنا، يدور حول موقف «القوات اللبنانية»، وأيّ مسار ستنتهجه بعد فشل تجربة أزعور، الذي لم يكن من الأساس خيارها بل تقاطعت عليه مع التقاطعات؟ وبالتالي هل ستطرح بديلاً، أم ستستمر في معركة أزعور برغم انّها معركة، كما بدا جلياً امس انّها بلا أفق؟ وكذلك حول موقف «التيار الوطني الحر»، الذي ليس خافياً أنّه من الأساس نائم على ورقة رئاسية مستورة تزكّي أحد الوزراء السابقين، وتعاطى من البداية مع ترشيح أزعور كورقة محروقة سلفاً، وانّه ليس الشخص الذي يقنعنا؟
على أنّ السّؤال الأكبر، هو على موقف من يسمّون أنفسهم نواباً تغييريين، وموقعهم في مرحلة ما بعد سقوط تجربة ازعور، وخصوصاً انّ هؤلاء باتوا محاطين بهالة كبرى من علامات الاستفهام حول دورهم الذي يؤدّونه، وهالة اكبر من التشكيك بصدقيتهم ونزاهة شعاراتهم وعناوينهم، بعد خروجهم الفاضح على «ثورة 17 تشرين»، وخذلانهم جمهورها بجلوسهم في خندق واحد وعلى مقعد واحد مع جبهة نقيضة للثورة ومبادئها وشعاراتها الاتهامية لما تُسمّى «المنظومة»، وتقديمهم خدمة جليلة لأحزاب وتيارات سياسية كانت جزءًا اساسياً في هذه المنظومة سواء في العهد الرئاسي السابق او العهود السابقة، ومنحهم 9 أصوات لمرشحها جهاد أزعور، الذي لولا تلك الاصوات التسعة لكان ما يحصل عليه لا يتجاوز الـ50 صوتاً موزعة بين نواب «القوات اللبنانية» و»التيار الوطني الحر» و»الكتائب» و»كتلة تجدد» وبعض المستقلين. واستطراداً هنا، فإنّ هذه النسبة نجت من ان تكون اقل بكثير لولا اصوات «اللقاء الديموقراطي» الثمانية التي مُنحت من باب رفع العتب السياسي، والّا لكانت النسبة التي سينالها ازعور 43 صوتاً، اي بما يعادل النسبة التي كان نالها ميشال معوّض في جلسات الاحد عشر فشلاً السابقة؟
كيف توزّعت الاصوات
وكانت جلسة انتخاب رئيس الجمهورية قد افتتحها رئيس مجلس النواب نبيه بري قرابة الحادية عشرة قبل ظهر امس، في حضور 128 نائباً، وجرت عملية التصويت بصورة هادئة أسفرت عن النتائج التالية: 59 صوتاً لجهاد ازعور، 51 صوتاً لسليمان فرنجية، 8 اصوات (لبنان الجديد)، 6 اصوات لزياد بارود، 1 صوت لقائد الجيش العماد جوزف عون، 1 ورقة ملغاة (جهاد العرب)، 1 ورقة بيضاء، مغلف فارغ. المجموع 128 صوتاً.
اما كيف توزعت الاصوات، فهذا امر غير ممكن تحديده بدقّة، بحيث انّ 18 صوتاً كانت خارج الاصطفافين، فيما بقيت 110 اصوات؛ 59 صوتاً لأزعور تجمّعت من كتل؛ «الجمهورية القوية»، «لبنان القوي»، «اللقاء الديموقراطي»، «الكتائب»، «تجدّد»، إلى جانب مستقلّين، ونواب تغييريين (اعلنت بولا يعقوبيان انّ 9 منهم صوّتوا لأزعور). وإذا جمعت اصوات كل هؤلاء فإنّها تفوق الـ59 صوتاً، وثمة من يرجح في هذا السياق انّ «تكتل لبنان القوي» لم يقترع بكامل أعضائه للوزير ازعور.
واما في المقابل، فإنّ الـ51 صوتاً التي نالها فرنجية، توزعت بين 30 صوتاً من ثنائي حركة «أمل» و«حزب الله»، و5 اصوات من كتلة «التوافق الوطني» و4 اصوات من «التكتل الوطني المستقل»، اما الاصوات الـ12 الباقية فتشير بعض التقديرات إلى انّها ضمّت 3 اصوات ارمن، صوتين علويين، جهاد الصّمد، جميل السيد، وعبد الكريم كبارة.
وقد ساد في الجلسة بعض الجلبة، حينما حصل التباس حول مصير ورقة قيل انّه لم يتمّ احتسابها، فيما أبلغ الامين العام للمجلس بعض النواب بأنّ الورقة المقصودة، كناية عن مغلّف فارغ، وخلال هذه الجلبة طار نصاب الجلسة، حيث غادر القاعة نواب «أمل» و»حزب الله»، و»كتلة التوافق»، و«تكتل الاعتدال»، الأمر الذي أفقد الجلسة نصابها، ما حدا بالرئيس بري الى طلب تلاوة محضر الجلسة، وختمها، ومن ثم رفعها من دون ان يحدّد موعداً لجلسة ثانية.
وعلى الرغم من انّ احتساب هذه الورقة لا يقدّم او يؤخّر في النتيجة، فإنّ بعض نواب التقاطعات طالبوا رئيس المجلس بإعادة التصويت، وهو امر لم يستجب له بري، كونه لمس انّ هذه المطالبة لا تخلو من مزايدة لا أكثر، فأكّد انّ «صوت بالزايد او بالناقص ما بيأثّر»، ومن ثم ختم الجلسة، التي لوحظ انّ التقاطعات على أزعور شنّت حملة تصريحات متتالية، تجاوزت فيها الفشل في إيصال ازعور، وركّزت على ما اعتبرته انتصاراً حققته في جلسة الأمس.
بري: الحوار ثم الحوار
وبعد الجلسة بقليل، سارع الرئيس بري الى اصدار بيان قال فيه: «بعد جلسة اليوم، كفى رمياً بكرة المسؤولية على هذا الطرف أو ذاك في إطالة أمد الفراغ، ولنعترف جميعاً بأنّ الإمعان بهذا السلوك والدوران في هذه الحلقة المفرغة وانتهاج سياسة الإنكار لن نصل إلى النتيجة المرجوة، التي يتطلع اليها اللبنانيون والأشقاء العرب والاصدقاء في كل أنحاء العالم، الذين ينتظرون منا أداءً وسلوكاً يليق بلبنان وبمستوى التحدّيات والمخاطر التي تتهدده. وأنّ بداية البدايات لذلك هو الإسراع في انتخاب رئيس للجمهوريه وذلك لن يتحقّق الّا بالتوافق وبسلوك طريق الحوار… ثم الحوار…ثم الحوار».
اضاف: «نعم حوارٌ من دون شروط لا يلغي حق أحدٍ بالترشح. حوار تتقاطع فيه إرادات الجميع حول رؤية مشتركة لكيفية إنجاز هذا الإستحقاق دون إقصاء أو عزل أو تحدٍ أو تخوين. حوار تحت سقف الدستور يحافظ على الميثاقية والشراكة».
وخلص بري إلى القول: «آن الأوان لكي يمتلك الجميع الجرأة والشجاعة من أجل لبنان بسلوك هذا الطريق، فهل نحن فاعلون؟».
فرنجية
وبعد الجلسة، قال الوزير فرنجية في تغريدة له: «كل الشكر للنواب الذين انتخبوني وللرئيس نبيه بري، وثقتهم أمانة. كما نحترم رأي النواب الذين لم ينتخبوني، وهذا دافع لحوار بنّاء مع الجميع نبني عليه للمرحلة المقبلة لإحقاق المصلحة الوطنية.. كل الشكر».
ازعور
وقال الوزير السابق جهاد أزعور في بيان بعد الجلسة: «أتقدّم بالشكر والتقدير من جميع النواب الذين أولوني ثقتهم من خلال تصويتهم لي في الدورة الأولى من جلسة اليوم ( امس)، وأتمنى أن يكون المشهد الجديد حافزاً على التلاقي على خيار إخراج لبنان من الأزمة، من خلال احترام ما عبّرت عنه غالبية النواب».
باسيل
وقال رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل في تغريدة له: «جلسة اليوم (امس) أثبتت كما قلنا امس أن لا أحد يستطيع تخطّي المكوّن المسيحي في رئاسة الجمهورية، وان لا فرض للرئيس من أحد على أحد، وانّ التيار ملتزم ويتبع قناعاته فقط».
اضاف: «كل عناد سيقابله عناد آخر. فلا حلّ إلا بالتوافق على البرنامج وعلى الرئيس من دون إقصاء أو تشاطر، ولا نجاح لأي رئيس بلا برنامج متفق عليه». وتابع: «أسقطوا الشروط المسبقة فهذا ليس حواراً، واقلعوا عن نظريات الفرض والتحدّي فهذا ليس لبنان، ولاقونا إلى ورقة الاولويات الرئاسية والأسماء التي تتناسب مع البرنامج السيادي الإصلاحي الخلاصي».
جعجع
ولفتت في هذا السياق تغريدة لرئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، قال فيها: «لو جرت الدورة الثانية اليوم (امس)، كما كان طبيعياً أن يحصل لكان لدينا الآن رئيس للجمهوريّة». اضاف: «ما جرى في مجلس النواب، وبعيداً من التفاصيل، هو تعطيل حقيقي وفعلي ليس لجلسة اليوم (امس) فقط لا غير، وإنما لانتخابات رئاسة الجمهوريّة ككل».
فرنجية يردّ
وردّ النائب طوني فرنجية على جعجع بتغريدة قال فيها: «حكيم! لو عقدنا 10 دورات متتالية لما انتجنا رئيساً! والسبب ببساطة انّ من اختار التقاطع على ازعور يدرك جيداً ان لا حظوظ له. وكل الغاية من التقاطع على ازعور كانت قطع الطريق على سليمان فرنجية واقصاءه من السباق… وهذا ما لم ولن يحصل».
اما مصادر ثنائي حركة «امل» و«حزب الله»، فقالت: «قمنا بما تمليه علينا مسؤوليتنا، ومارسنا حقنا الذي لا يخرج عن اصول اللعبة البرلمانية والديموقراطية. ثم لماذا يعيبون على غيرهم ما يبيحونه لأنفسهم، اليسوا هم من قالوا علناً انّهم سيعطّلون جلسة مجلس النواب لمنع وصول سليمان فرنجية الى رئاسة الجمهورية»؟
أميركا قلقة
في المواقف الخارجية، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أنّ الولايات المتحدة قلقة من مغادرة أعضاء البرلمان اللبناني للغرفة لمنع التصويت على انتخاب رئيس. وأشارت الوزارة الى أنّ الولايات المتحدة تعتقد أنّ قادة ونخب لبنان يجب أن يتوقفوا عن وضع مصالحهم وطموحاتهم فوق شعب بلادهم. واعتبرت أنّ الشلل السياسي في لبنان في نهاية المطاف هو قضية يجب على القادة اللبنانيين حلها.
بريطانيا محبطة
هذا وعبّر وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا اللورد طارق أحمد، عبر «تويتر»، عن إحباطه لفشل مجلس النواب اللبناني مجددًا بانتخاب رئيس للجمهورية، معتبرًا أنّ «عرقلة التصويت على اختيار رئيس جديد تؤخّر حلّ الأزمة الاقتصادية في لبنان». وقال: «لبنان بحاجة ماسّة إلى رئيس لتوحيد البلاد، وتقديم رؤية للإصلاح، ومحاربة الفساد، والدفاع عن سيادة القانون».
فرونتسكا
وقالت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا عبر «تويتر»: «جلسة انتخاب رئاسية أخرى غير حاسمة في مجلس النواب. يحتاج قادة لبنان وأعضاء البرلمان إلى اتخاذ خطوات عاجلة لضمان انتخاب رئيس للبلاد لصالح بلدهم وشعبهم. الفراغ المطول يقوّض الممارسات الديموقراطية في لبنان ويزيد من تأخير الإصلاحات والحلول اللازمة التي طال انتظارها لاعادة البلاد إلى مسار التعافي».
السفير الايراني
بدوره قال السفير الايراني في لبنان مجتبى أماني عبر «تويتر»: «أكّدنا ودعونا مراراً على انّ الحل الوحيد لإنهاء الفراغ الرئاسي، هو عبر الحوار والتفاهم والإجماع الداخلي».
********************************
افتتاحية صحيفة اللواء
«البازل الإنتخابي» : تلاطم داخل جدران البرلمان
بري يجدِّد الدعوة للحوار وواشنطن تنتقد تعطيل النصاب.. و5 نواب تمرَّدوا على باسيل
يمكن القول أن كل فريق داعم لهذا المرشح أو ذاك، فرحون بما تحقق لديهم في صندوقة الاقتراع: داعمو المرشح سليمان فرنجية مع حلفائهم يتحدثون عن «انتصار» بإبعاد المرشح الخصم، على الرغم من حصول فرنجية على 51 صوتاً، ويذهب النواب ورؤساء الكتل الذين دعموا او تقاطعوا على ترشيح جهاد ازعور، بحصوله على 59 صوتاً الى ان انتصاراً حصل ايضاً، مع قراءة ليست واحدة: فرئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل يعتبر النتيجة انه من غير الممكن تجاهل المكوّن المسيحي.. ورئيس حزب الكتائب، الذي يصف ما حصل بـ«الانتفاضة» لينتهي المطاف برئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، الذي كشف عن الاستمرار بترشيح جهاد ازعور لسبب بسيط هو انه نال من الدورة الاولى 59 صوتاً، ولو حصلت الدورة الثانية لكان بالطبع رئيساً، متهماً فريق الممانعة بأنه مصرٌّ على تعطيل الانتخابات الرئاسية.
على الجهة المقابلة، اعتبر عضو كتلة التنمية والتحرير علي حسن خليل ان هناك طائفة كاملة ترفض ترشيح ازعور، ومحاولة إلغاء مرشحنا (سليمان فرنجية) هو ما يسمى «الفرض».
في هذا التلاطم الانتخابي، حدّد الرئيس نبيه بري الدعوة الى الحوار، رافضاً رمي كرة المسؤولية على هذا الطرف او ذاك في اطالة امد الفراغ، مؤكداً على حوار بدون شروط لا يُلغي حق احد بالترشح.
وقالت مصادر سياسية لـ«اللواء» أن ما خرج عن جلسة الإنتخاب يستدعي التوقف عنده لجهة النتيجة والأصوات التي حصل عليها رئيس تيار المردة النائب السابق سليمان فرنجية والوزير السابق جهاد ازعور والمواقف التي صدرت في اعقابها من الكتل الداعمة للمرشحَيْن، مؤكدة أنه بعدما يجري الأفرقاء قراءاتهم لما ساد الجلسة من مناخات فإن المرحلة المقبلة هي مرحلة تقييم من دون أن يعني أن الملف الرئاسي سيُترك جانبا لاسيما أن فريقي المعارضة والممانعة أعلنا بشكل مباشر وغير مباشر احرازهما التقدم.
وقالت انه لم يُعرف بعد ما إذا كانت هناك من دعوة انتخاب جديدة ام أن هناك فرصة ممنوحة للنواب قبل الخطوة التالية، ولكن السؤال المطروح ما إذا كانت مواقف الكتل ستتبدل في ضوء معطيات جديدة ودخول خارجي على الخط من خلال زيارة الموفد الفرنسي الرئاسي جان إيف لودريان، الذي يُفترض ان يحمل معه خارطة طريق تتبلور مع القمة اليوم في الاليزيه بين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان الذي وصل الى باريس امس في زيارة تستمر لبضعة ايام، وستتناول الملف اللبناني من بين تفاهمات الشرق الاوسط.
تحدّدت صورة «البازل الانتخابي» الذي جرى عند الحادية عشرة من قبل ظهر امس بين جدران البرلمان، عبر تلاطم في الارقام والتموضع، في اتصالات لم تنقطع حتى فجر الاربعاء في رسم السيناريوات، وتحديد المواقع ضمن متابعة دقيقة تناولت توزيع الاصوات الثابتة والمتغيرة..
ولم تخرج النتائج على اللوحة التي رسمتها «اللواء» في عددها في 7 حزيران الجاري اذ اشارت وفقاً للاحصاءات الى حصول المرشح فرنجية على 51 صوتاً، وهذا ما حصل، في حين اشارت الى احتمال وصول المرشح ازعور الى 61 صوتاً، لكنه حصل على 59 صوتاً، فيما بقيت الاصوات الاخرى اي 18 صوتاً موزعة بين لبنان الجديد (8 نواب) هم: أحمد الخير – أحمد رستم – عبد العزيز الصمد – وليد البعريني – محمد سليمان – سجيع عطية – عماد الحوت – نبيل بدر.
زياد بارود (6) وهم: شربل مسعد – أسامة سعد – عبد الرحمن البزري – حليمة القعقور – الياس جرادي – سينتيا زرازير.
العماد جوزف عون 1
النائب إيهاب مطر
وفي ما خصّ الورقة الملغاة والورقة البيضاء والظرف الفارغ يرجح أن يكون التصويت بالورقتين الملغاة والبيضاء والظرف الفارغ، قد حصل بين النواب التالية أسماؤهم: النائب ملحم خلف – النائب جان طالوزيان – فريد البستاني – الياس بوصعب.
وأبلغ الأمين العام لمجلس النواب عدنان ضاهر النواب بأن هناك مغلفاً كان فارغاً ولم يكن بداخله أي ورقة، ومن الممكن أن يكون صاحبه نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب بحسب الترجيحات.
أما كيف توزعت الاصوات، وكيف جاء التصويت: حصل المرشح ازعور على كل اصوات كتلة الجمهورية القوية (19 صوتاً) و4 نواب للكتائب، و4 نواب لتجدد، و7 نواب سنة هم: وضاح الصادق، فؤاد مخزومي، اشرف ريفي، بلال الحشيمي، بلال عبد الله، ابراهيم منيمنة وياسين ياسين و12 نائباً للتيار الوطني الحر هم: جبران باسيل، جورج عطا الله، جيمي جبور، شربل مارون، سليم عون، سامر الثوم، سليم عون، ادغار طرابلسي، نقولا الصحناوي، غسان عطا الله، سيزار ابي خليل وندى البستاني، في حين ان النواب: الياس بو صعب، وابراهيم كنعان، وآلان عون، وأسعد درغام وسيمون ابي رميا صوتوا بمعظمهم لفرنجية.
واللافت ان نواب اللقاء الديمقراطي الـ8 صوتوا لمصلحة ازعور وحرصوا على عدم الظهور الاعلامي والاكتفاء بما حصل مع الدعوة الى التوافق والحوار، وباقي الاصوات أتت من التغييريين 6 نواب والباقي المستقلين (4 نواب) والنائبين غسان سكاف وميشال ضاهر.
اما فرنجية، فالذي لم يحصل على اي صوت درزي، فنال اصوات الشيعة كاملة و9 اصوات للسنة هم: عدنان طرابلسي، جهاد الصمد، نبال الصلح، فيصل كرامي، حسن مراد، محمد يحيى، طه ناجي، كريم كبارة وقاسم هاشم و4 من التكتل الوطني المستقل، وثلاثة نواب ارمن، وبعض اصوات من تكتل لبنان القوي، وهم 5 نواب على الأرجح، ومن الممكن ان يكون بدل احدهم النائب فريد البستاني.
وقائع جلسة الانتخاب
انتهت الجلسة الثانية عشرَة لإنتخاب رئيس الجمهوريّة، امس الأربعاء كسابقاتها بفشل المجلس النيابي في انتخاب رئيس، وشهدت بعض المفاجآت لجهة عدد اصوات المرشحين المعلنين سليمان فرنجية وجهاد أزعور، والمرشح غير المعلن رسمياً الوزير الاسبق زياد بارود.فيما برز صوت واحد لقائد الجيش العماد جوزاف عون.
كانت جلسة انتخاب رئيس الجمهورية التي ترأسها الرئيس بري، مختلفة بالشكل إذ لم يغب عنها أي نائب (حضرجميع اعضاء المجلس 128 نائبا). أمَّا الأهم، فإنها كانت حافلة ببعض المفاجآت لاسيما أن هناك ورقة اقتراع اختفت ولم يُعرف ما هو مصيرها أو ما الذي كُتب عليها. إلا أنه وبعد تدقيق أولي، قيل أنها تضمنت إسم الوزير السابق زياد بارود، لكن هذا الأمر لم يجرِ تأكيده بتاتاً.
أما على صعيد الأرقام البارزة فقد فكانت المفاجأة ان حاز المرشح جهاد أزعور 59 صوتاً خلافاً للتقديرات التي كانت تعطيه ما بين 62 و64 صوتا، مقابل 51 صوتاً لفرنجية بينما كانت التقديرات انه لن يحوز اكثر من 45 او 47 صوتاً.
انطلقت الجلسة عند الساعة 11 صباحاً بحضور جميع الكتل النيابية، إذ لم تُقاطع أي كتلة ما دلّ على حدة الاصطفافات والانقسامات والسعي لتثبيت حضور الكتل الوازنة والمؤثرة، وسط إجراءات أمنية مُكثفة. وبعد تلاوة المواد الدستوريّة الخاصة بانتخاب الرئيس، تمّ توزيع الأوراق على النواب الحاضرين للاقتراع.
وفي مستهلّ الجلسة، وخلال عملية توزيع الأوراق على النواب الحاضرين، طلب النائب ملحم خلف الكلام بالنظام، إلا أنّ بري خاطبه علناً بالقول: «ممنوعٌ مناقشة أيّ أمر». إلا أنّ خلف آثر الإستمرار في كلمته، وقال: منذ 5 أشهر وأنا والنائبة نجاة صليبا نيبتُ في المجلس وأقول إن اللبنانيين تعبوا من الفراغ ومن ألاعيب السياسيين. هنا، قاطع بري خلف بالقول: «مش وقتا ومش عم بسمعك»، لكن الأخير أكمل كلامه قائلاً: أدعو النواب إلى عدم مغادرة القاعة العامة حتى تحقيق إنتخاب رئيس للجمهورية وذلك في جلساتٍ مفتوحة.
وكان لافتاً أيضاً أن بري، ومع بدء توزيع الأوراق على النواب، طلب من أحد الموظفين في البرلمان، قلمَ حبرٍ ليكتب إسم المرشح الرئاسيّ على الورقة، وقال: «معي قلم رصاص أحسن ما يقولوا علامة».
وبعدها، سارت عملية الإقتراع السري لتبدأ مرحلة فرز الأصوات. وهنا، لوحظ توافد مجموعة من النواب من كتل نيابية مختلفة للإشراف على العملية، في خطوةٍ احترازية منهم للمراقبة. فسأل نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب الرئيس بري : «إلن حق النواب الباقيين يطلعوا يتفرجو عالفرز». هنا، وعلى ما يبدو، أجاب بري بعدم الاعتراض على الأمر، والدلالة على ذلك هو إستمرار مواكبة مختلف النواب للفرز.
وإثر ذلك، بدأت عملية الفرز، وجاءت نتيجة جلسة الاقتراع الأولى على النحو التالي:
- سليمان فرنجية: 51 صوتاً
- جهاد أزعور: 59 صوتاً
– لبنان الجديد: 8 أصوات (من كتلة الاعتدال الوطني)
- زياد بارود: 7 اصوات (من نواب التغيير)
– جهاد العرب (ملغاة) صوت واحد
– جوزيف عون: صوت واحد
– ورقة واحدة بيضاء.
وقد غادر بعض نواب كتلة التنمية والتحرير قاعة المجلس، بعد الإدلاء بأصواتهم، عندما بدأت عملية فرز واحتساب الأصوات.
وإثر عملية الفرز، تبيّن أن هناك 127 ورقة تم احتسابها وأن هناك ورقة قد اختفت. وخلال تدقيق أولي تم إجراؤه، قيل إنّ الورقة الـ128 ضمّت صوتاً لبارود.
وحصل سجالٌ علني إذ طالب العديد من النواب بإعادة دورة الانتخاب او اعادة فرز الأصوات لمعرفة ماذا تضمّنت الورقة، لكنّ الرئيس نبيه بري قال: «هذه الورقة لا تُقدّم ولا تؤخر بالنتيجة»، وبالتالي لم تجرِ عمليّة إعادة الفرز.
لكن الأمين العام لمجلس النواب عدنان ضاهر اعلن لاحقاً أن «هناك مغلفاً فارغاً بين مغلفات التصويت، ومن المؤكد أن نائباً وضع المغلف فارغاً ولم يصوّت. وأبلغت ممثلي الكتل النيابية باستعدادي لإعادة الفرز في مكتبي، لكنهم لم يرغبوا في ذلك، لثقتهم بأن الصوت الضائع يعود لوجود مغلف فارغ».
وفي النهاية، رفع رئيس مجلس النواب الجلسة لإنفراط نصابها إثر خروج نواب «الثنائي» منها. ووصفت عضو كتلة الجمهورية القوية النائبة ستريدا جعجع، جلسة انتخاب رئيس الجمهورية بأنها «غير دستورية لانه كان من المفروض اعادة التصويت او احتساب الاصوات. وما حصل لا يليق بكرامتنا».لكن لوحظ ان اياً من نواب المعارضة اعترض على فرط النصاب كأنهم كانوا ينتظرون حصول ذلك بل بحثوا عن صوت اضافي لأزعور عبر الورقة الضائعة.
وبدا من نتيجة الفرز ان لا مؤيدي فرنجية وأزعور حصلوا على مرادهم، ولا رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل فرض ايقاعه الكامل على مجريات الجلسة نتيجة حصول خصمه فرنجية على نسبة اصوات اعلى مما كان مقدراً، وهو رقم كان قابلا للزيادة في حال جرت الدورة الثانية للإقتراع بتصويت عدد من نواب تكتل الاعتدال الوطني وآخرين له.
وفي هذا المجال، أكد عضو كتلة الاعتدال الوطني النائب أحمد الخير، أن الكتلة صوّتت بورقة «لبنان الجديد» خلال جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، اليوم الأربعاء (أمس). وفي تصريح من مجلس النواب، أعلن الخير أن تكتل «الاعتدال» سيصوت في الجلسة الانتخابية المقبلة لمرشح معين، وذلك من الدورة الأولى.
كما اعلن النائب المستقل إيهاب مطر عبر حسابه على «تويتر»: منحت صوتي لقائد الجيش عون.
فرنجية وأزعور يشكران
وبعد الجلسة، غرد فرنجية بعد انتهاء الجلسة: كل الشكر للنواب الذين إنتخبوني وللرئيس نبيه بري وثقتهم أمانة، كما نحترم رأي النواب الذين لم ينتخبوني، وهذا دافع لحوار بنّاء مع الجميع نبني عليه للمرحلة المقبلة لإحقاق المصلحة الوطنية.
كما اصدر الوزير أزعور بياناً قال فيه: أتقدم بالشكر والتقدير من جميع النواب الذين أولوني ثقتهم، من خلال تصويتهم لي في الدورة الأولى من جلسة اليوم (أمس).
مواقف خارجية
وفور انتهاء الجلسة صدرت مواقف عن عدد من ممثلي البعثات الدبلوماسية، فغرد السفير الإيراني مجتبى أماني عبر حسابه على «تويتر»: أكدنا ودعونا مراراً على أن الحل الوحيد لإنهاء الفراغ الرئاسي، هو عبر الحوار والتفاهم والإجماع الداخلي».
وعبّر وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا اللورد طارق أحمد «عن إحباطه لفشل مجلس النواب اللبناني مجدداً بانتخاب رئيس للجمهورية، معتبراً أنّ عرقلة التصويت على اختيار رئيس جديد تؤخر حل الأزمة الاقتصادية في لبنان».
وقال الوزير البريطاني عبر «تويتر«: أنّ لبنان بحاجة ماسة إلى رئيس لتوحيد البلاد، وتقديم رؤية للإصلاح، ومحاربة الفساد، والدفاع عن سيادة القانون.
كماغرّدت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا عبر حسابها على «تويتر» كاتبة :جلسة انتخاب رئاسية أخرى غير حاسمة في مجلس النواب. يحتاج قادة لبنان وأعضاء البرلمان إلى اتخاذ خطوات عاجلة لضمان انتخاب رئيس للبلاد لصالح بلدهم وشعبهم. الفراغ المطول يقوض الممارسات الديمقراطية في لبنان، ويزيد من تأخير الإصلاحات والحلول اللازمة التي طال انتظارها لاعادة البلاد إلى مسار التعافي.
قلق أميركي
دولياً، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أن الولايات المتحدة قلقة من مغادرة أعضاء البرلمان اللبناني للغرفة لمنع التصويت على انتخاب رئيس.
وأشارت الوزارة الى أن الولايات المتحدة تعتقد أن قادة ونخب لبنان يجب أن يتوقفوا عن وضع مصالحهم وطموحاتهم فوق شعب بلادهم.
واعتبرت أن الشلل السياسي في لبنان في نهاية المطاف هو قضية يجب على القادة اللبنانيين حلها.
ملف النازحين
على صعيد متابعة ملف عودة النازحين السوريين، وصل الوزير عبدالله بوحبيب الى بروكسل للمشاركة اليوم ممثلا لبنان في المؤتمرالخاص بموضوع النازحين السوريين، ويحمل ورقة العمل اللبنانية لتنظيم ادارة ملف النزوح السوري التي اتفق عليه في مجلس الوزراء امس الاول.
********************************
افتتاحية صحيفة الديار
هل فتحت «جلسة الاحجام» الأبواب للخيار الثالث ام للفراغ الطويل؟
بري يدعو للحوار والتفاهم… باسيل: لا أحد يستطيع تخطي المكون المسيحي في الرئاسة
لودريان ينقل نتائج لقاء ماكرون وبن سلمان يوم الاثنين الى بيروت – رضوان الذيب
يبدو أن السيناريو المحلي والعربي والدولي الذي رسم لجلسة انتخاب الرئيس، نفذ بحذافيره، ووحدها فرنسا تابعت العملية بشغف، فيما انكفأت واشنطن والرياض وطهران ودمشق، وظهر ذلك من التصويت السني الذي وزع أصواته مما يؤكد على عدم وجود كلمة سر سعودية، والنتائج المتقاربة بين سليمان فرنجية وجهاد ازعور قد تبعدهما عن السباق الرئاسي لمصلحة الخيار الثالث الذي بدا يشق طريقه المقبول من الجميع بعيدا عن لغة العد، فلا المعارضة آمنت الـ ٦٥ صوتا لجهاد ازعور او ٧١ صوتا كما وعدت جمهورها بأن يوم الخامس عشر من حزيران هو يوم جديد في تاريخ لبنان. فيما الثنائي الشيعي اكتفى مع حلفائه بتطيير النصاب في الدورة الثانية عبر مغادرة ٤٧ نائبا الجلسة أثناء فرز الأصوات، رغم ان حلفاء فرنجية نجحوا في رفع نسبة التصويت من ٤٢ نائبا حسب توزيع اصوات الثنائي الشيعي وكتل التوافق الوطني والمستقلين والتكتل الوسطي، إلى ٥١ صوتا، فيما التزمت القوات اللبنانية ونواب التيار الوطني الحر و٩ نواب من التغيريين و٤ مستقلين والاشتراكي بجهاد ازعور وحصل على ٥٩ صوتا، اما نواب الاعتدال الوطني العشرة صوت ٨ منهم للبنان الجديد، فيما عبد الرحمن البزري انتخب زياد بارود مع اسامة سعد وشربل مسعد وحليمة قعقور وسنتيا زرازير والياس جرادة، وأعطى النائب إيهاب مطر صوته للعماد جوزف عون فيما صاحب الورقة البيضاء وورقة جهاد العرب ما زالا مجهولين، اما الصوت الضائع أعطاه الرئيس بري لزياد بارود والبعض أعطاه للبنان الجديد، واخرون أشاروا إلى وجود مغلف فارغ، وطالبت النائبة ستريدا جعجع اعادة التصويت واعتبرت الجلسة غير دستورية وإهانة للعمل الديمقراطي مع عدد من نواب التغيير رد عليها بري «صوت واحد لا بيقدم ولا بياخر» رافعا الجلسة.
والسؤال، هل فتحت جلسة امس الأبواب للخيار الثالث مع دعم معظم الكتل لهذا التوجه، ام يستمر الفراغ الطويل و«تتحلل» الدولة في ظل الكم الكبير من المشاكل الاقتصادية والمالية والصحية والتموينية وغرق المركب فوق رؤوس الجميع، لكن المؤشرات تشير إلى طبخة محلية وعربية ودولية لإنجاز الاستحقاق، وضعت الأسس لها جلسة الأمس.
لغز ٤ إلى ٥ نواب
واللافت ان الجلسة شهدت تباينات داخل الكتلة الواحدة، واعتبرت ستريدا جعجع الجلسة غير دستورية بسبب الصوت الضائع فيما اكد جورج عدوان، «ان الأمر غير مهم مطلقا»، خصوصا بعد موافقة بري على اشراف ممثلين عن جميع الكتل على الفرز، كما كشفت الجلسة عن انقسامات حادة في صفوف التغيريين وحصلت مشادة حادة بين مارك ضو ووضاح الصادق أمام وسائل الإعلام، و اعتبرت بولا يعقوبيان ان حركة امل والقوات اللبنانية هما المستفيدان الوحيدان مما جرى. في مقابل التزام حديدي بالتصويت من الثنائي الشيعي والقوات والارمن وكل حلفاء فرنجية، مع خروقات محدودة في كتلة الاعتدال الوطني. فيما نفى راجي السعد من كتلة جنبلاط اعطاء صوته لفرنجية.
واللافت ايضا، ان حلفاء فرنجية يملكون ٤٢ نائبا، ومع نواب الأرمن الأربعة وجميل عبود يرتفع العدد إلى ٤٧ نائبا. وبقي ٤ نواب مجهولين اعطوا فرنجية، اعتبرهم البعض من النواب المستقلين، اذ أكدت مصادر التيار الوطني الحر للديار أن نواب التيار التزموا جميعاً بالتصويت لأزعور.وكان باسيل غرد قائلا : «اثبتت الجلسة انه لااحد يستطيع تخطي المكون المسيحي في رئاسة الجمهورية، ولافرض للرئيس من احد على احد، وان التيار لايعمل الا قناعاته» «والعناد يقابله عناد» متهما حزب الله بالتدخل في شؤون التيار الداخلية.
ما جرى مع فرنجية ينطبق ايضا على جهاد ازعور إذ تعطيه أصوات القوات والتيار والكتائب والاشتراكي والتغيريين٦٥ صوتا وهناك ٣ اصوات ذهبت لفرنجية و٣ اصوات توزعت بين جهاد العرب والورقة البيضاء والعماد جوزف عون.
لقاء ماكرون – ابن سلمان
الاستحقاق الانتخابي سيسلك مسارا مختلفا بعد جلسة امس، وهناك طباخون ماهرون وايد خفية وإخراج بارع أدوا إلى معادلة لا غالب ولا مغلوب في جلسة الأمس، وهذا ما يفتح مجالا لنزول الجميع عن الشجرة وبدء حوار داخلي وخارجي، ودخول أطراف عربية ودولية على الخط مستفيدة من نتائج الجلسة ووضع ما حصل على طاولة ماكرون وولي العهد السعودي محمد بن سلمان غدا، على ان يحمل نتائجها مبعوث ماكرون إلى بيروت جان ايف لودريان الاثنين لمناقشتها مع المسؤولين اللبنانيين وجميع الإطراف بما فيهم حزب الله. وحسب معلومات مؤكدة تناقلتها قيادات لبنانية، ان الملف الرئاسي طرح بشكل عابر بين وزيري خارجية الرياض ودمشق في اجتماعهما الأخير في الرياض الاسبوع الماضي وتم التشديد على ضرورة الإسراع بانتخاب الرئيس وانحصر النقاش بالعموميات لكن ما حصل مؤشر إيجابي لجهة فتح هذا الملف. كما يصل الموفد القطري الى بيروت منتصف الاسبوع القادم.
بالمقابل ابدى مساعد وزير الخارجية البريطاني لشؤون افريقيا والشرق الادنى اسفه لعدم قدرة المجلس النيابي على انتخاب رئيس معتبرا ان ذلك لايساعد لبنان على الخروج من ازمته الاقتصادية.
موقف بري
وبعد انتهاء الجلسة دعا بري إلى الكف عن رمي كرة المسؤولية على هذا الطرف او ذاك في إطالة أمد الفراغ، ولنعترف جميعا أن الامعان في هذا السلوك والدوران في الحلقة المفرغة وانتهاج سياسة الإنكار لن تصل إلى النتيجة المرجوة، مشيرا الى ان انتخاب الرئيس لن يتحقق الا بالتوافق وسلوك طريق الحوار ثم الحوار، نعم حوار من دون شروط لا يلغي حق أحدا بالترشيح ودون إقصاء او عزل او تحد او تخوين، حوار تحت سقف الدستور.
باسيل: لا احد يستطيع تخطّي المكوّن المسيحي في رئاسة الجمهوريّة
كما علّق رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل على ما حصل في جلسة امس، في تغريدة على حسابه عبر «تويتر»، وقال: «الجلسة أثبتت كما قلنا امس أن لا أحد يستطيع تخطي المكوّن المسيحي في رئاسة الجمهورية، وان لا فرض للرئيس من أحد على أحد، وان التيار ملتزم ويتبع قناعاته فقط… كل عناد سيقابله عناد آخر، فلا حلّ إلا بالتوافق على البرنامح وعلى الرئيس من دون إقصاء أو تشاطر، ولا نجاح لأي رئيس بلا برنامج متفق عليه. أسقطوا الشروط المسبقة فهذا ليس حوارا، وأقلعوا عن نظريات الفرض والتحدّي فهذا ليس لبنان، ولاقونا إلى ورقة الاولويات الرئاسية والأسماء التي تتناسب مع البرنامج السيادي الإصلاحي الخلاصي».
مواقف المرشحين فرنجية – ازعور
اما فرنجية فشكر بري والذين انتخبوه، كما وجه احترامه لمواقف النواب الذين لم ينتخبوه، وهذا دافع لحوار بناء مع الجميع.
اما ازعور فشكر ايضا النواب الذين صوتوا له، وتمنى ان يكون المشهد الجديد حافزا على التلاقي على خيار إخراج لبنان من الازمة من خلال ما عبرت عنه غالبية النواب.
داعمو فرنجية
واعتبر المؤيدون لفرنجية، ان حملات التهويل التي مارسها الفريق الاخر لجهة إخراج فرنجية بالضربة القاضية سقطت وانكشفت الاحجام الحقيقية رغم التقاطع الواسع الذي حصل بين جعجع وجنبلاط وباسيل واغلب التغيريين بدعم أميركي واضح.
ويضيف مؤيدو فرنجية: ان الفريق الاخر تلقى صفعة قوية. وكما انتهى ميشال معوض انتهى جهاد ازعور، بالمقابل حقق حلفاء فرنجية مفاجأة كبيرة عملوا عليها طوال الأسبوعين الماضيين للوصول إلى نتيجة ٥٠+١. كما يعتبر مؤيدو فرنجية ان المعركة انتقلت الى داخل الفريق الاخر وهذا ما ظهر في التصريحات التي اعقبت الجلسة والتفتيش عن بديل لازعور مصحوبة بحملة من الاتهامات والاخفاقات، وسأل المؤيدون لفرنجية، ماذا كسب باسيل من هذه الخطوة؟ خسر حزب الله وخسر ازعور الذي لم يكن مرشحه المفضل ومن المحتمل حصول مشكلة داخل التيار خصوصا ان ما جرى كشف ان التغيريين ليسوا الا مجموعة اضافية من ١٤ آذار.
داعمو ازعور
اما داعمو ازعور فاعتبروا، ان ما جرى يعتبر انتصارا لهم، و لو جرت الدورة الثانية كما كان طبيعيا ان يحصل لكان لدينا الآن رئيس للجمهورية من فريقنا، وما جرى تعطيل حقيقي وفعلي ليس للجلسة وإنما لانتخابات رئاسة الجمهورية، مع تأكيد داعمي ازعور، انهم جاؤوا إلى جلسة الأمس بعنوان المواجهة، واسقطنا محاولات الفرض من فريق معين على الدولة، وانتصرنا، وسألوا، هل يعقل ان مرشحا للرئاسة تنسحب كتلته ونجله من الجلسة؟ وأشار مؤيدو ازعور، ان مشروع الدولة حقق تقدما نوعيا في جلسة الأمس، ولا احد يستطيع فرض رأيه بعد اليوم على النواب الاحرار، معتبرين ان ما حصل هو انتصار للدولة على الدويلة ومن طير النصاب لم يتجرأ ويكمل في دورة ثانية.
حزب الله
اما حزب الله، فقد اكد عبر النائب حسين الحاج حسن، انهم تقاطعوا على مرشح بهندسة معينة وصوتوا له بالتهويل، فيما لبنان يحتاج الى تفاهم وطني وحوار حقيقي، بعيدا عن خطابات الايام الماضية، واكد انفتاح الحزب على كل القوى والحلول. داعيا الى التفاهم على القضايا الكبرى والحوار بعيدا عن التقاطعات للوصول الى انتخاب رئيس للجمهورية مع التمني على باسيل عدم رمي مشاكله على الاخرين.
تحذيرات لبري من رفع الجلسة
وكانت قد سبقت الجلسة، موجة من التسريبات حملت مختلف انواع التهديدات للرئيس نبيه بري عن عقوبات اميركية ودولية ستصدر بحقه غدا عن الإدارة الأميركية في حال اقدامه على رفع الجلسة في الدورة الثانية مصحوبة بتسريبات محلية عن إجراءات من دول مجلس التعاون الخليجي، تبين انها غير دقيقة من خلال الاتصال التي أجرته مساعدة وزير الخارجية الأميركي فيكتور بولاند التي نوهت بدور بري في الدعوة لعقد جلسة لانتخاب الرئيس وضرورة الاسراع في انجاز ذلك.
الخارجية الأميركية
هذا وأعربت ليلاً الخارجية الأميركية في بيان عالي اللهجة وفيما يعتبر بالأصول الدبلوماسية تحذيرا بالمباشر «عن قلقها من مغادرة نواب البرلمان اللبناني لإفشال التصويت على انتخاب رئيس للجمهورية».
ولفتت الى اننا «نعتقد بأن زعماء لبنان ونخبته يجب أن يتوقفوا عن تقديم مصالحهم وطموحاتهم على مصالح الشعب»، مضيفة «على القادة اللبنانيين وضع حد لحالة الشلل التي يعانيها بلدهم ومواصلة العمل لكسر الجمود السياسي».
هل يربط ميقاتي التوقيع على الترقيات بالتمديد للواء عثمان؟
وحسب المتابعين للشان اللبناني، فان الاتصالات بين المعنيين، افضت إلى قرار بالحؤول دون تمدد الفراغ للمراكز العسكرية والمالية عبر تعميم ما حصل في الأمن العام لجهة انتقال المسؤوليات حسب الدستور والقوانين، فنائب حاكم مصرف لبنان وسيم منصوري سيتولى شؤون الحاكمية، وينطبق الأمر على رئاسة المجلس الأعلى للجمارك في أواخر تموز، في حين يحال قائد الجيش إلى التقاعد في ١٥-١-٢٠٢٤ وهنا الطامة الكبرى ومن يتولى شؤون المؤسسة العسكرية مع عدم وجود رئيس للاركان وما اذا كان عضو المجلس العسكري الارثودكسي سيتولى مهام القيادة، كما يحال مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان إلى التقاعد في منتصف عام ٢٠٢٤.
واكدت معلومات ان الرئيس نجيب ميقاتي قد يربط التوقيع على الترقيات العسكرية ودورة الـ ١٩٩٤ بالتمديد لقائد قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان في جلسة الحكومة ألمقررة لبحث الترقيات العسكرية الاسبوع القادم، وهذا ما يؤشر إلى أن المسؤولين يتعاطون مع الملفات على اساس الفراغ الطويل.
*******************************
افتتاحية صحيفة الشرق
بري يسقط مؤامرة الصوت الواحد.. والتيار العوني يتشرذم
«لبنان الجديد» المعتدل والمستقل لا يقوم بلا انتخاب رئيس، والرئاسة لا تُفرض على من لا يريدها، والتصويت لـ»العرب» لا ينم الا عن قلة مسؤولية تجاه الشعب والوطن… باختصار، أثبتت الجلسة الثانية عشرة الرئاسية، أن المسار التصاعدي لـعدّاد الشغور منذ 31 تشرين الاول 2022 لا يستفز كثرا من النواب الذين لم يصوتوا لمرشح فهدروا اصواتهم، إما لأوراق بيضاء او لشعارات لا تنتج رئيسا، والحصيلة فراغ متمادٍ ودفع للتطبيع مع الامر الواقع وحرمان اللبنانيين من فرصة انتخاب رئيس لجمهوريتهم.
لكن جلسة امس، ولئن انتهت من دون انتخاب، الا انها افضت الى خلاصات لا يمكن لأي كان تجاهلها. اولها، خسارة مشروع الدويلة لمصلحة الدولة. 77 «لا» لمرشح الممانعة اثبتتها لغة الارقام، فأكدت رفض اللبنانيين القاطع لمنطق الفرض والسلبطة وفائض القوة وتوقهم الى بناء دولة قانون ومؤسسات ما زال نواب «الثنائي» امل وحزب الله يحولون دون الشروع في اعادة بنائها بمنع انتخاب رئيس من خلال سلاح تطيير النصاب. وثانيها، انتصار مرشح المعارضة والتيار الوطني الحر وبعض التغييريين جهاد اعور على حساب مرشح 8 آذار رئيس تيار المردة سليمان فرنجية. وثالثها استنفار الفريق الممانع بكامل عتاده حضورا للتصويت لفرنجية ثم مغادرةً لمنع انتخاب ازعور.
فرز وصوت ناقص؟
بنصاب كامل حيث حضر 128 نائبا للمرة الاولى، انعقدت الجلسة الانتخابية الرئاسية في ساحة النجمة امس برئاسة رئيس المجلس نبيه بري، وأتت نتيجة فرز الأصوات على الشكل التالي: 59 للوزير السابق جهاد أزعور، 51 صوتا للوزير السابق سليمان فرنجية ، صوت لقائد الجيش جوزيف عون، 6 اصوات للوزير السابق زياد بارود، 8 اوراق تحمل عبارة «لبنان الجديد»ورقة ملغاة ورقة بيضاء وورقة ضائعة، الا ان بري اعلن انها ذهبت لبارود. وسجلت اشكالية على فرز الاوراق حيث بلغ عددها 127 لا 128 وطالب نواب باعادة الفرز، الا ان بري رفض ذلك، وحسم ان الورقة الضائعة هي لصالح بارود، قبل ان يعلن الأمين العام لمجلس النواب عدنان ضاهر أن «هناك مغلفاً فارغاً بين مغلفات التصويت، ومن المؤكد أن نائباً وضع المغلف فارغاً ولم يصوّت». وأضاف: أبلغت ممثلي الكتل النيابية باستعدادي لإعادة الفرز في مكتبي، لكنهم لم يرغبوا في ذلك، لثقتهم بأن الصوت الضائع يعود لوجود مغلف فارغ». وبعدما انسحب نواب امل وحزب الله من الجلسة بعد الدورة الاولى، أعلن بري رفع الجلسة بفعل فقدان النصاب، من دون تعداد الحضور، ولا تحديد موعد لجلسة جديدة.
من صوّت لفرنجية؟!
واذ اثارت الاصوات المرتفعة التي نالها فرنجية، حيث لم يكن متوقعا ان يحصد اكثر من 48 صوتا، جدلا، نفى نواب الطاشناق ان يكونوا اقترعوا له، كما ان التيار الوطني الحر اعلن ان نوابه «الحزبيين» التزموا بالتصويت لازعور. من جانبه أكد أمين سر كتلة اللقاء الديمقراطي النائب هادي أبو الحسن أن اللقاء كان في غاية الوضوح في موقفه الذي عاد وعبّر عنه بعد اجتماعه الأخير، «وكل نواب اللقاء هم على موقف واحد وقرار واحد وصوت واحد، وترجموا ذلك بالتصويت جميعهم للمرشح جهاد ازعور وفق الأسس التي تضمنها بيان اللقاء، ولم يحصل أي توزيع بالاصوات كما حاول البعض إيهام الرأي العام، وليوقف هذا البعض الادوار الملتبسة والمشبوهة الهادفة إلى خلق اشكاليات بغنى عنها». واعلن النائب ايهاب مطر انه صوّت لقائد الجيش. من جهتهم، قال النواب المستقلون اسامة سعد والياس جراده وحليمه القعقور وسينتيا زرازير وشربل مسعد وعبد الرحمن البزري انهم صوتوا لبارود و»لن نساهم في إعادة تدوير هذا النظام الطائفي».
وفي حين بقيت هوية النائب الذي صوت لمصلحة جهاد العرب مجهولة، افيد ان نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب قد يكون من صوت بورقة بيضاء.
المرشحان يشكران
اثر الجلسة، غرد رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية عبر حسابه على «تويتر»: كل الشكر للنواب الذين انتخبوني وللرئيس نبيه بري وثقتهم أمانة، كما نحترم رأي النواب الذين لم ينتخبوني وهذا دافع لحوار بنّاء مع الجميع». بدوره، تقدّم الوزير السابق جهاد أزعور، عقب الجلسة، بـ»الشكر والتقدير من جميع النواب الذين أولوني ثقتهم من خلال تصويتهم لي في الدورة الأولى من جلسة اليوم(امس). وأتمنى أن يكون المشهد الجديد حافزاً على التلاقي على خيار إخراج لبنان من الأزمة، وعلى المضي في العملية الانتخابية من أجل مصلحة الشعب اللبناني». اضاف في بيان «ألفت الانتباه إلى أنني حالياً في اجازة من صندوق النقد الدولي وتخليت موقتاً عن مهامي كمدير لدائرة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، والمواقف التي أدلي بها شخصية ولا تعبّر بالضرورة عن رأي صندوق النقد الدولي».
لخطوات عاجلة
في المواقف الخارجية من الاستحقاق، وفي وقت تنتظر الساحة المحلية وصول المبعوث الفرنسي الرئاسي جان ايف لودريان الى لبنان، غردت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا عبر حسابها على «تويتر» كاتبة «جلسة انتخاب رئاسية أخرى غير حاسمة اليوم في مجلس النواب. يحتاج قادة لبنان وأعضاء البرلمان إلى اتخاذ خطوات عاجلة لضمان انتخاب رئيس للبلاد لصالح بلدهم وشعبهم. الفراغ المطول يقوض الممارسات الديموقراطية في لبنان ويزيد من تأخير الإصلاحات والحلول اللازمة التي طال انتظارها لاعادة البلاد إلى مسار التعافي».
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :